رواية احتياج امراة مطلقة الفصل الثاني 2 والاخير بقلم خديجة السيد
رقم الحكاية: الأولي (الفصل الثاني والأخير)
الإسم: روايه احتياج امرأه مطلقة
من سلسلة رغبات ممنوعة
التاريخ: ٧/٩/٢٠٢٤
بقلم: خديجة السيد
التصنيف: ليس اقل من +16
_________________
على طاوله الطعام كانت الأجواء هادئة بالمنزل لذلك بحث الأب عن أولاده واحفاده، متسائلاً بحيرة واستغراب
= امال فين العيال محدش جي ياكل معايا ليه؟ والهانم بنتك الكبيره مش سامعلها صوت يعني
إجابته الأم عواطف بعدم مبالاة وهتفت
=ولادك الاتنين يا اخويا راحوا فرح واحد صاحبهم شباب بقي يعني همنعهم ولا هقعدهم جنبي قلتلهم روحوا فكوا عن نفسكم شويه، وبنتك تلاقيها بتنيم عيالها جوه واكلتهم قبل ما تيجي.. كل أنت بالهنا والشفا.
أشار لزوجته التي يوجه لها الكلام وقال ممتعضا
=مش جالها عريس النهارده! واحد كده على قد حاله فاتح محل حلاقه ومطلق و بيقول ما عندوش ولاد.. بس انا قفلت الموضوع معاه على طول وقلتله ما بتفكرش في الجواز و هتقعد تربي العيال.. ولما سألته شفتها ولا تعرفها منين قالي ولا شفتها ولا اعرف الوليه ام احمد اللي كانت شغاله زمان دلاله شكلها بقت تشتغل خطبه الايام دي وهي اللي قالتله عليها وبتاخد اللي فيه النصيب من كده.
في ذلك الأثناء كانت تقف زبيدة بالخلف بين الستائر وتسمع الحديث الدائر بعدم تصديق، هتفت أمها موجهه حديثها إلي زوجها بضيق شديد
=البشاير هلت اهي، جدع ان انت قلتله كده قال على اخر الزمن البت تتجوز بخاطبه الناس تقول ايه علينا بندور ليها علي عريس تاني... بس غريبه يعني ما عندوش اولاد وعاوز واحده يتجوزها باولاد اصل الخطبه دي بيقولوا ليهم مواصفات معينه وهو أكيد كان قايل ليها كده ولا كان عامل حسابه اننا لو وافقنا ترميلنا العيال نربيهم إحنا .
هز رأسه بعدم اهتمام وهو يرد عليها ناهض
=انتٍ شغلي نفسك ليه احنا مالنا ما قلت لك رفضت وخلاص، يدور بقى مع نفسه على واحده توافق على شروطه بعيد عننا، الحمد لله اعمليلي كوبايه شاي ودخليها جوه
عندما ذهب والدها، اقتربت زبيدة بلهفة من والدتها وقالت بسرعة هاتفه والذنب يطفح على وجهها المنهك
=انتم ازاي يجيلي عريس وترفضه كمان من غير ما حد ياخد رأي؟ اشحال قايله لكم اللي فيها وانا مش عاوزه افضل كده انتم برده مصرين تشيلوني الذنب وتظلموني اكتر! على فكره اللي بتعمله فيا ده حرام وما يرضيش ربنا والمفروض حاجه زي كده كنتوا تاخدوا رايي وانا أوافق او ارفض انا ما بقتش عيله صغيره والبركه فيكم كبرتوني بدري وشيلتوني الهم .
نظرت أمها إليها لتقول موبخها بلهجة قاسية
= تصدقي يا بنت انتٍ مش هتهمدي غير لما امد ايدي عليكي زي زمان عشان تفوقي شويه لنفسك! ده انا ما شفتش في بجاحتك يا بنت فكري في عيالك جواز إيه ده اللي هتموتي عليه ده انتٍ معاكي رجلين يعتبر ربيهم احسن وركزي معاهم عشان في اخرتك ينفعوكي.
بالكاد منعت زبيدة دموعها من النزول على وجنتيها وهي تقول بصوتٍ مرتعش أضعف من أن يقسو
=انا برده اللي بجحه واللي راح رامي عياله واتجوز ده مش بجح! واللي بيبعتلهم كل اسبوعين فلوسهم بالعافيه ده اللي مش بجح! ولا من ساعه ما طلقني ما فكرش يجي يشوفهم ده برده تسميه ايه؟ والاهل اللي طلعوا بنتهم من المدارس عشان يجوزوها لواحد ما لهوش شخصيه وكل ما كان تيجي بتشتكي بيسيبوها ولا يعبروها لحد ما ترجع لوحدها عشان تعرف انها ملهاش الا بيت جوزها اللي في الآخر ياريت عجب وأول ما أمه أمرته نفذ وما فكرش فيا ولا في عياله..
وتقوليلي اقعدي ربي عيالك انا ما قلتلكيش هرميهم وبعدين ليه ما بتفكروش فيا زي ما تحاسبوني على حاجه ماليش ذنب فيها اصلا
ابتلعت غصة وهي تضيف بنبرة خافتة تخفي كل ما تشعر به من احتراق بتلك اللحظة
= ولا انتم بس ماسكين فيا وخلاص! وهاين عليكم تعلقوا ليا المشانق عشان بطلب حقي.. انا مش عارفه بطلب ايه عيب ولا غلط عشان ما حدش راضي يسمعني ليه كل ده؟. يا عالم ده انا عاوزه اتجوز مش بقول همشي في الحرام
نظرت عواطف لها بنفس الملامح المشمئزة
وقالت لها باحتقار
= وزعلانه عشان بقول عليكي بجحه ما تتلمي يا قليله الربايه في واحده محترمه تقول الكلام ده؟ انتٍ عايزه الناس تقول علينا إيه ما عرفناش نربيكي بدل ما تفكر في عيالها و مستقبلهم عماله تفكر في الجواز.. يا بنت عيب اللي بتعمليه ده الناس تقول عليكي ايه؟ وليه ميته على الجواز كده .
هزت رأسها بيأس وبحزن في حين مسحت على الفور دموعها وقالت لها بابتسامة ساخره بألم
=هيقولوا عليا ايه عشان بطلب شرع ربنا زي ما كل الناس بتعمل؟ ما تردي وتفهميني الفكره الغلط اللي هياخدوها الناس عليا وانتٍ كمان عشان بقول لك عاوزه اتجوز واشوف حياتي
انا اصلا مش عارفه اقول لك إيه اكتر من كده؟ ايه اقول لك مثلا أن انا ليا احتياجات زي الراجل بالظبط وعاوزه اتجوز لنفس السبب إللي بيتجوزه الرجاله عشانه ونفسي يكون حد موجود في حياتي ينفذها لي؟ وانتم ولا دريانين بيا ولا بتفكروا في كده..
طفح الذنب على وجه زبيده من أفعالها فهي تحاول بكل عزيمة وإصرار الإبتعاد عن ذلك لكن لا تعرف بسبب افكارهم هتفت بها بقهر يتشعشع داخلها
= لا وكمان شايفين الست اللي بتتجوز بعد ما تطلق زي الراجل بالظبط يبقى حرام انما هو حلال لي وهي تقعد تربي العيال بس وخلاص حياتها تقف لحد كده؟ هو انتم بتجيبوا شرع جديد على مزاجكم ما تفهموا كلام ربنا الأول.. الظاهر ما فيش فايده و بكلم نفسي.
اضطربت حدقتي عواطف وهي تقول بشرود مرتبك
=احتياجاتها!!. البنت دي تقصد ايه تعالي هنا يا بنت وفهميني؟؟ بنت يا زبيدة.
رأت زبيدة أن الحديث معها ليس له فائده كالعاده لذلك تركتها وذهبت بينما ظلت أمها تطرق فوق بابها الخشبي تأمرها بفتحه و لتوضيح كلماتها وما المقصود منها.. إلا أنها تمددّت فوق فراشها و أغمضت عينيها لعلها تستطيع الاسترخاء قليلاً.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين، تنهدت زبيدة الجالسة في غرفتها ببؤس، و حاولت ان تفعل بنصيحه الطبيبه وتشغل نفسها باي شيء حتي لا تفكر في هذه العادات السيئه.. مثل عادات دينيه قراءه القران و الذكر والدعاء دائما بالزوجه الصالح! واشغال نفسها باعمال المنزل أكثر و الخروج للشارع! لكن مع الاسف والدها قد منعها من الخروج بعد انتشار خبر طلاقها بين الناس؟ وكأنها افتعلت جريمه مخجله حتى يمنعها من رؤيه الناس.. فليت يعلمون لما تفعل كل ذلك؟ وأنها تمنع نفسها من ارتكاب الذنوب .
فا محزن ان تطالب باشياء من الأساس و المفترض أنها حقوقك بالحياة ومتاحه لك لكن المجتمع والناس يمنعك عنها، بحجه العادات والتقاليد السخيفة التي لا تنطبق الا على السيدات فقط.
وعند نومها كانت تأخذ الأطفال جانبها، حدَقت مُتبسّمة في أولادها الذي يلقون بتلك الكرات الصغيرة لبعضهم، لقد كانت سعيدة بوجودهم معها طول العمر كَعائلة ولكن لابد للأحلام أن تتحقق ناقصة، بنصف سعادة... فدائما تظن عائلتها بأنها عند زوجها ستتركهم وترحل!.
لكن من المستحيل أن تعيد مأساتها و تظلمهم مثل ما ظلموها، وبالأخص أنهم متعلقين بها أكثر من أي أحد غيرها! فكل اهتمامها معهم فهم كل حياتها بالفعل..
تمددّت على فراشها وهي تاخذ هاتفها من جانبها وصمتت قليلاً تفكر في شيء ما تبحث عنه ثم ضغطت مترددة.
السؤال: ما جزاء من يـ.ـمارس العادة السرية؟
الجواب: فعل حراماً ويستحق التعزير، ويجب أن يتوب ويستغفر الله مع العزم على عدم العودة.
عندما قرأت تلك الكلمات اعتصرت جسدها ودسّت وجهها بين ركبتيها ودمعه حارقة تساقطت على ثوبها ثم اعتدلت وكتبت أسئلة أخرى، ما هو عقاب الذي يشاهد المحرمات؟
ولكن هل تقبل صلاته؟
ورد أن مشاهدة الأفلام الإبـ.ـاحية مما يحرم ممارسته على المسلم وفعله وارتكابه، لذا يجب عليه أن يقلع عنها ويتوب إلى الله -عز وجل-، ويقلع عن ممارستها قبل أن توافيه المنية، و يندم يوم لا ينفع الندم، وإنما صلاة من يفعل المحرمات صحيحة من حيث أحكام الدنيا فلا يطالب بإعادتها.
فمن تاب من الـ.ـزنى، أو غيره توبة مستوفية للشروط، فتوبته مقبولة -إن شاء الله تعالى-، سواء شاهد بعد ذلك أفلامًا إبـ.ـاحية أم لم يشاهد.
فلا يعد مجرد مشاهدة ما ذكرته كفرا، بل هو محرم يجب على كل من ابتلي بذلك الابتعاد عن مشاهدة هذه الأفلام التي تدمر الأخلاق، و تفسد البلاد والعباد. كما تجب المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى
ذرفت عينا زبيدة دموعًا حارقة وأحنت رأسها بخزيٍ وهي تتوسل لربها أن يلهمها الصبر و القوه للتوقف عن تلك الذنوب.. والوقوف امام أسرتها لطلب حقها. ثم استندت لتقف بوهن تحاول الاغتسال والتصرف كأنّ لا شيء حدث متمنية ألا يكون صوت البكاء قبل قليل قد وصل لأحد بالخارج.
رمت جسدها ساجده للصلاه كالعاده ملجاها للتكفير على تلك الذنوب ثم انهارت على الجدار خلفها الذي تتكئ عليه بلا أدنى قوة.. قبل أن تسكن بجلستها اليائسة وتهدأ الدنيا من حولها في صمت أسود فلا تسمع إلا أنفاسها الرتيبة الملتهبة.
❈-❈-❈
بتنهيدة طويلة وقفت عواطف وانتصبت قامتها وقامت بالاقتراب من زوجها تريد ان تتحدث معه بشيء ما، وكلما فتحت ثغرها للتحدث تتحرك بعيداً بقلق لكن في النهايه حسمت أمرها واقتربت منه مردده بتردد
= بقول لك ايه يا ابو زبيدة هو العريس اللي اتقدم من حوالي اسبوعين كده وكان عاوز البنت لسه موجود وعاوزها ولا شاف غيرها؟
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بهجوم
=وبتسالي ليه وانا مالي وماله مش رفضته هروح اساله عاوزها لسه ولا لاء! انتٍ مالك تكونيش بتفكري في كلام بنتك وعاوزه تجوزيها؟
اتسعت عينا عواطف وارتبكت قليلاً ولم تتوقع هذا الرَّد منه الخالي من أيّ موافقه علي طلبها
وقالت بتوتر مبالغ
= انا بقول يعني عشان ما ناخدش ذنبها لو هو كويس وابن حلال وشاريها فعلا ليه لا؟
ظلت الدهشة مسيطرة عليه لثوانٍ قبل أن يقول بنفس النبرة العدوانية
= جري إيه يا عواطف احنا هنعيده تاني احنا شفنا الهم معاها بجوزتها الأولى واديها خارجه بعيلين افرضي حصل واتطلقت تاني هنفضل احنا نشيل القرف ده هي شكلها نصيبها كده تقعد جنب عيالها تربيهم احسن كفايه ان احنا فاتحين البيت ليها، هي اول ولا اخر واحده تطلق وتقعد تربي عيالها .
اقتربت منه أكثر وهي تحاول التأثير عليه مرددًه
=ما احنا برده اللي اتسرعنا انت نسيت ان احنا جوزناها وهي عندها ١٦ سنه عيله برده ما كانتش فاهمه يعني ايه جواز انما دلوقتي اكيد فهمت وعقلها كبر وهي بصراحه برده عملت اللي عليها هو كان الطلاق جي منها ولا من الزفت منعم اللي سمع كلام امه؟ ده انا عرفت انه طلق واتجوز تاني بعد شهر واحد! يعني هو ده كلام رامي العيال عندنا وبنشحت منه فلوسهم بالعافيه وهو يطلق كل شويه ويتجوز ونمنع شرع ربنا للبنت كمان ما يصحش برده .
اعتدل وهو ينظر لها بتعجب ثم تسأل بشك
=انتٍ مالك بقيتي بتتكلمي زيها كده ليه؟ هي من كتر الزن عليكي سمعتي كلامها ولا تكونيش عرفتي حاجه ومخبيها عليا و مخلياكي عاوزه تجوزيها كده بسرعه.
ابتلعت ريقها بوجه محتقن انفعالا والخوف يدب بقلبها فعليًا من الردود إلا أنها حاولت التحلي بشجاعة مزيفة وهي تقول
=هعرف ايه يعني يا أخويا احنا مربيين البنت كويس، انا كل الحكايه خايفه نشيل ذنبها و بعدين هي كبيره دي صغيره لسه عندها ٢٥ سنه وشالت الهم بدري مش ممكن الجدع ده يكون ابن حلال ويشيل معاها المسؤوليه شويه ويريحنا احنا كمان.. طبعا الراي رايك ما فيهاش كلام ولو لقيت في حاجه مش عاجباك فيه أرفض من غير ما تيجي تقولنا واسال عليه المره دي كتير احنا برده الجوازه اللي فاتت اتسرعنا وما سالناش وقلنا دول جيران وهيصونوا البنت.. وهي شالت كتير و استحملت منهم واحنا بنفسنا شاهدين على كده .
صمت قليلاً بتفكير ثم تنهد بضيق شديد وهو يقول بانزعاج
= طب نفرض يعني سمعت كلامك هروح اقول ايه بعد ما رفضته، تعالي اطلب البنت تاني مني وانا هوافق المره دي، لا لا لا الكلام ده ما ينفعش احنا كده بنرخص نفسنا.. الموضوع من البدايه مش نافع اقفلي عليه.
أسرعت تهتف زوجته بصوت ملهوف برجاء
=يعني انت كل مشكلتك كده طب خلاص محلوله انا بالمحسوس كده، هحاول مع الوليه ام احمد اللي جابته من الاول وقالتله علي زبيده أنها لسه ما اتجوزتش وبندور لها على حد مناسب وهفهمها كمان ان احنا هنقعد و نتشرط.. انا متاكده انها هتروح تفتحه تاني لو لسه موجود! ولو لا هتجيب غيره.. وافق بس انت وما تخافش والله هجيبها لها بطريقه غير مباشره من غير ما افهمها ان احنا اللي هنموت ونجوزها وبعدين احنا مش في دماغنا اصلا مش كده؟!.
❈-❈-❈
فتحت زبيدة عينيها واهتزت حدقتيها بلا تصدق تسمع والدتها تقول عده أشياء لا تفهمها ولا تصدقها من الأساس، حاولت التقاط أنفاسها وهي تسألها بصدمة
=هي مين دي اللي في عريس جايه ليها كمان اسبوع انتٍ متاكده تقصديني انا؟ ولا يكونش جي لحد من اخواتي وانتٍ اتلخبطتي ياما
تجلت الصرامة على وجه أمها الغض وقالت بضيق واستياء
=عريس جي يعمل إيه لاخواتك الرجاله يا هبله! واحد عنده ١٦ سنه والثاني ١٩ هجوزهم وهم في السن ده؟ ثم إن اللي بيجيلهم عروسه مش عريس والمفروض هم اللي بيروحوا مش بيجيلهم.. صبرني يا رب ركزي الله يكرمك مش ناقصه غباء مش عارفه بس هتتجوزي ازاي بعقلك اللي طار ده
لتهرول ابنتها نحوها منفرجه الأسارير وهي تستفسر منها و ازدرد ريقها وسألتها بحذر مجدداً
= واحده واحده عليا، ركزي معايا الله يكرمك انا بنتك زبيدة اللي اتطلقت و معاها عيلين جايينلها عريس وانتم موافقين طب ازاي؟؟.
انزعجت ملامح أمها قليلاً لكنها تطلعت نحوها باستياء ثم صاحت بنفاذ صبر
=يا بنت انتٍ اللي ركزي الله يكرمك انا دماغي صدعت ومش ناقصه غباء، مش كنتي هتموتي وتتجوزي اديني اقنعت ابوكي والحمد لله وافق وحظك ان الراجل اللي اتقدملك المره اللي فاتت ما كانش لسه اتجوز ولا لاقي عروسه مناسبه.. ولما عرف ان احنا رجعنا في كلامنا قال تمام وهيجي يطلبك كمان اسبوع
هزت رأسها بعدم تصديق مجدداً.. لتزجرها عواطف والضيق برق من عينيها وهي تتمتم
=يا لهوي هصوت منك؟ دي لسه بتفكر في الكلام هي الصدمه لحد دلوقتي مخلياكي مش قادره تصدقي، ده انتٍ ولا إللي هتتجوز على نفسها بس ما تجيش بعد كده تعيطي جنبي وتقوليلي جوزتيني ليه؟ طب تمام شكلك رجعتي في كلامك لما أروح اقول لابوكي يتصل بالعريس يقول له ما يجيش.
التقطت أخيرًا زبيدة أنفاسها المسروقة ثم زفرتها بعمق كأن الحياة تعود لوجهها الشّاحب.. و تمتمت بصوتٍ واهن بلهفة
=لا لا الله يكرمك تعالي هنا انا لما صدقت خلاص انا فوقت من الصدمه واستوعبت و صدقتك، انا خلاص هتجوز وجايلي عريس هو ده اللي انا فهمته مش كده؟ بالله عليكي قولي أني مش بحلم وانتٍ قلتي كده من شويه
رفعت أمها رأسها ودفعت ابنتها عنها بعُنف و ازدراء.. ثم قامت من مكانها نحو الخارج من نفاذ صبرها، بينما ارتفع حاجبا زبيدة ما إن خرجت أمها دون حديث، وعبست وهي تقول بنبرة حزينة
=ايه ده هي ما ردتش ليه؟ يبقى انا كده كنت بحلم وهي ما قالتليش حاجه هو الموضوع أثر عليا للدرجه دي ومخليني بتخيل كلام ما حصلش ولا حصل ولا في ايه بالظبط.. ياما
ما تيجي تفهميني مين ده اللي جي كمان اسبوع.
❈-❈-❈
تحركت مكانها على استحياء وهي تجلس بمقابلته للعريس، في حين رفع كوب قهوته ليرتشف منها آخر ما تبقي، طالعته هي بتركيز وقالت سؤال رغم سرعته
= تحب اعمل لك قهوه تاني؟ شكلك بتشرب قهوة كتير
ابتسامة تجلت على ملامحه قائلاً بمشاغبة
= ده انتٍ مركزه معايا بقى أهو ولا دي قوة ملاحظة ولا اهتمام ..
التفت زبيدة إليه بنظرات مستفهمة
= هاه!
أفلت ضحكة رجولية يشير عليها مرددًا
= اصلك من ساعه لما قعدتي معايا واهلك سيبونا لوحدنا شويه وانتٍ عماله تتلفتي حواليكٍ و مش راضيه تحطي وشك في وشي بس اهو اول ما القهوه خلصت خدت بالك
أبتعدت ببصرها عنه بخجل، ولاحظ هو ذلك فقال بصوت جاد
= طب خلاص سؤال عادي ما تتوتريش كده ولا تتكسفي! انا بس مش عاجبني السكوت اللي بينا ده، مش احنا برده جايين نتعرف على بعض؟ على العموم يا ستي انا ما ليش في القهوه انما عجبتني أوي اللي عاملها معموله بمزاج! مش انتٍ برده اللي عاملاها ولا الحجه حماتي .
تحمحمت تستند بوجنتيها على كفيها لتداري خجلها وهي ترد
= لا انا اللي عاملاها! اصل انا بحب اشربها كتير عشان كده بعملها حلو .
هز رأسه بالايجاب ثم تمتم بصوتًا خرج عكس ملامح وجهه الجاد
= تسلم ايدك، بس هي فعلا حلوه ذيك.. ده انا حتى من حلاوتها بفكر احطها عندي بالقهوه! اصل محسوبك فاتح محل حلاقه مسمع عندي في المنطقه وكافيه كده على القد.. يعني مع ظروف البلد قلت اعمل حاجه تسند واهي ماشيه.. ولا هتبخلي عليا ومش هتقوليلي سر القهوه بتاعتك بتعمليها ازاي عشان تطلع حلوه كده.
ضغطت على شفتيها وهي تردد بصوت خافت
= ربنا يزيدك، بس مش سر ولا حاجه بعملها عاديه .
تعمق النظر بملامحها وأجاب بإعجاب
= من تواضع لله رفعه، بس يمكن عشان انتٍ اللي عاملاها ونفسك فيها ده اللي مختلف عن القهوه بتاعتي .
ابتسمت ولكن رغماً عنها وهي تخبره بتوتر
= فنجان قهوه عادي يعني انت بتبالغ بس على العموم هروح اعمل لك واحده ثانيه طالما عاجبك أوي كده .
هتف الآخر مرددًا باعتراض بسرعه
= لا لا مش دلوقتي، خليني في اللي جي عشانه ويعني لو حصل قبول كده كده هشربها من ايدك كثير في بيتنا؟ ولا ايه.
هزت كتفها بعدم معرفة، فتنهد محمد وهو يردد بجدية شديدة
= طب ابدأ انا في التعارف مدام عماله فيها ابو الهول ومش عايزه تتكلمي! أنا اسمي محمد عندي 33 سنه اتجوزت ثلاث مرات بس مطلقهم كلهم ما تخافيش ما فيش ولا واحده خلفت منها! في الأول يعني الجلال خدتني وكنت بفتكر العيب منهم والموضوع بسيط مع الوقت هيجي واكبر دماغي واخليها تكشف هي لوحدها لحد ما الموضوع زاد فكل جوازه نفس اللي بيحصل فاضطريت اروح في مره واكشف زي ما الدكتوره طلبت وعرفت اللي فيها ان عمري ما هخلف.. بعدها مراتي الأخيرة طلبت الطلاق مني وراحت شافت حالها وانا قلت اقفل على نفسي شويه لحد ما اللي حواليا فضلوا يزنوا عليا وقوليلي طب ما تشوف واحده تكون كانت متجوزه ومخلفه ولا ارمله وخدها بعيالها بصراحه عجبتني الفكره بس ما عرفتش اسال مين حواليا لحد ما عرفت واحده كده خاطبه وتبقى عارفه المنطقه كلها وكل ستاتها وهي اللي عرفتني عليكي.. ولما رحت افاتح ابوكي في الموضوع في البدايه رفض وقالي انك مش بتفكري في الجواز وعاوزه تربي العيال! وانا احترمت ده وسبته بس بعد كده عرفت انكم رجعتوا في كلامكم وما فيش مانع فقلت اجي اتقدم بقى .
ضيقت عيناها متسائلة باهتمام
= هو ما فيش حد من اهلك جي معاكي ليه هيجوا المره الجايه يعني!
أجاب محمد بصوت هادئ رغم حزنه
= لا انا وحيد اكثريه اهل ماتوا، والباقي ساكنين في محافظه تانيه
تمالكت نفسها لتستطيع منع ابتسامتها من الظهور وهي تتحدث مع نفسها بفرحه وارتياح
= يعني مش هيكون عندي حماه زي الوليه العقربه اللي كنت معاشراها وخليته يطلقني الحمد لله ادي نقطه في صالحي .
ثم أفاقت علي صوته وهو يتسائل باهتمام
= طب ايه، كلميني عن نفسك !!
أشارت إلى نفسها وقالت هاتفة باضطرب
= أنا؟ مفيش حاجة غير اللي عرفتها اتجوزت صغيره وما حصلش نصيب واطلقت، و ماليش غير ماما وابويا و اخواتي الاثنين، واولادي طبعا ودول الاهم..
هز رأسه بالايجاب وقد كسا الألم ملامحه وهو ينطق ببحه رجولية مميزه
= فاهم طبعاً من غير ما تقولي حتى لو ربنا ما رزقنيش عارف يعني ايه اولاد وبنضحي عشانهم قد ايه، انا لمحتهم وانا داخل ربنا يخليهملك شبهك أوي على فكره.. والحمد لله انهم طالعين ليكي و واخدين حلاوتك
دقق النظر بملامحها الخجولة، وضحك قائلاً بتسلية
=معلش لا مؤاخذه اصل انا كده على طول إللي علي لساني لازم اقوله اصل بصراحه كانت هتبقى حاجه وحشه أوي لو شبه ابوهم! وهم قاعدين معايا في خلقتي على طول.. هم على كده بيروحوا لابوهم كل قد إيه ولا ماشيينها إزاي بعد الطلاق
هزت رأسها رافضة وهي تردد بخيبة أمل
= ولا بيشوفها ولا بيعبرهم وابويا بيروح ياخد مصروفهم منه بالعافيه هو اتجوز أصلا عشان كده رميني انا والعيال.
ضيق عيناه يرمقها بنظراته الاستيائية، وقال بغضب
= طب ما يتجوز حد قاله لا بس إيه المانع انه يشوف عياله ويطمن عليهم شكله كده راجل لا مؤاخذه مش تمام! طالما حتي المصاريف بيبعتهالك بالعافيه، طالما مش قد المسؤوليه بيتجوز ليه؟
هزت رأسها بحسرة وهي تقول بضيق
= انت بتقولي انا الكلام ده روح قول للبيه اللي عنده استعداد يتجوز ويطلق ويرمي و احنا نربي مكانه! و اديك جبت المفيد هو مش بتاع مسؤوليه بس هنقول ايه النصيب..
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول باستفسار
= طب وانتم ايه إللي مسكتكم على كده ما ترفعه قضيه عليه وتطلبوا حقكم حتى انتٍ بعد الطلاق ليكي حق والبيت اللي ساكن فيه ده انتٍ حاضنه يعني الشقه كان ممكن تاخديها منه، اصل السكوت للاشكال دي بيخليهم يتمادوا
لوت ثغرها مبررة بضيق عدم رغبة والدها في صد أفعاله الفظة
= قلت الكلام ده كتير لابويا بس هو مش بيحب المشاكل ولا يروح محاكم وقال طالما بيبعتلنا فلوس على القد خلاص نمشي حالنا بيها.. مع أن أبويا كل مره بيروح ياخد منه الفلوس بيرجع مش طايق نفسه عشان بيطلعوا عينه عقبال ما يدوله اصل هو بخيل مع ان على قلب امه قد كده.. وبعدين ده حقي وحق ولادي! ولا هي بس الفلوس بتطلع لما يعوز يتجوز تاني
هز رأسه باعتراض قائلاً وهو يتنفس بعمق
=مش حكايه كده طالما لقياكم مكبرين دماغكم أتأكد ان عمركم ما هترفعوا قضايا ولا تعملوا حاجه قال لما اماطل لحد ما يزهقوا مني وتيجي منهم، بصي انا ممكن اصرفلك عليهم وكل حاجه محتاجينها او تلزالهم تجيلهم لحد عندهم.. بس على رايك ده حقك ولازم تطلبي، اسمعي انا ليا واحد معرفه محامي ممكن يخلصلك الموضوع ده لو عاوزه.. وانا ليا جمايل عليه يعني حتى مش هياخد منكم فلوس.
رفعت زبيدة حاجبيها ثم قالت بامتعاض
= الموضوع مش موضوع فلوس والله ابويا هو اللي دايما بيخاف من الحاجات دي ومش بيحب وجع الدماغ، بس تصدق انا ازاي ما فكرتش في كده انه بيعمل كده متعمد عشان يخلينا نزهق ونبطل نطلب منه انا هفكر في الموضوع واحاول مع أبويا تاني..
ثم أضافت هاتفه بكل بساطه و تلقائية
= ولا ليه احاول ما انا ممكن بعد الجواز أعمل كده وابويا مش هيعرف أني رفعت عليهم قضيه.. بس الخوف انهم يفتكروا ليهم ولاد دلوقتي ويجوا ياخدوهم والله من بعد الطلاق ما بشوف حد منهم
عقد ذراعه على صدره ورفرف قلبه مبتسمًا إليها، ثم أغمض محمد نصف عين وتحدث بمكر
= طالما ما سالوش عليهم زمان يبقى مش لازمينهم! ولو حاولوا حتى انا اللي هقفلهم بنفسي.. اصل على رايك مش هتكوني مراتي ساعتها يبقى خلي كلب يتعرضلك وشوفي هعمل لك فيهم ايه
رمقته مستغربة ردة فعله، وقالت متوتره
= هاه! هو انا قلت امتى اللي انا موافقه؟
تراجع بجسده وابتسامة خلابة تجلت بوجهه
بثقة
= كلامك يا قمر اللي قال كده؟ وما لوش مفهوميه الا كده انك وافقتي صح .
توردت وجنتيها بحمرة الخجل فسحبت بصرها عن مرمى عيناه التي تفترس ملامحها، ثم نهضت لتهرب عندما فضحت أمرها امامه فقالت بحرج
= آآ لا هو آآ أبويا.. قصدي يعني رايي هتعرفه من أبويا مش مني.. عن اذنك .
❈-❈-❈
على مائدة الطعام كان الجميع يتحدث مع بعض بعده اشياء مختلفه حول زواج زبيدة والعريس إلى أن هتف الأب بعدم رضا
=كان نفسي ألاقي عيب واحد في العريس بس مش لاقي! كل الناس بتشكر فيه ومش بتقول غير عيبه أني مش بيخلف عشان كده اتجوز كذا مره لحد ما عرف العيب منه، ومن ساعتها وهو بطل يتجوز وقال يدور على واحده معاها عيال.. عشان ما تكونش دي المشكله بعد كده
هزت عواطف رأسها باعتراض وهي تقول بعبوس
= طب وهو ده عيب اصلا بالنسبه لينا، انا بصراحه شايفه مش عيب على الاقل لما تطلق ثاني ما ترجعلناش بكم عيله قد كده واحنا اللي نشيل .
عقد حاجيبة باهتمام وشعر أنها محقة وهو يقول بتفكير
=انا كمان بدات أفكر في الموضوع طالما ما عندوش مانع يشيلها بالعيال مش هقدر ارفض ده حتي عاوزها بشنطه هدومها ولا هنجهزها و كويس أنها جيت منه انا مش معايا ده انا عليا ديون كتير لسه بسددها اصلا من جوزها الأول ويا ريتها عمرت
هتفت أمها وهي ترمقها بنظرات حادة جعلتها تغضب قليلاً
= خلاص يا حج خليها عليك المره دي! واديك قلت بنفسك الراجل ولا هيكلفنا حاجه و عاوزها بشنطه هدومها والعيال يبقى هنرفض ليه ونقول احنا اللي مش عاوزين، خصوصا الهانم بنتك هتموت على الجواز! بس بعد كده ما ترجعيش وندبي حظك وتقعدي تعيطيلنا
ردت زبيدة بسخرية وهي تنفخ أنفاسها بغيظ
=ما تخافيش مش هيحصل، كنت بعملها زمان في جوازتي الاولى وماحدش منكم اخذ موقف مره واحده معاهم يبقى مش هتفيد حاجه لو جيت اشتكيت وانا اللي عاوزه.. خليني بقى اشتكي لربنا ما ليش غيره لما تحصل حاجه
لوت شفتاها بضيق وأجابت بصوت متهكمًا
= كنتي عاوزانا نعمل لك ايه يا اختي؟ ما انتٍ بنفسك عارفه ان منعم ما لوش كبير وعلى طول تقعدي تقولي ابن امه، كله من الوليه الكبيره امه دي هي السبب ومحدش بيقدر عليها وعلى طول ممشياه حتى اهلها ذات نفسهم تفشوا منها.. احنا بقى اللي كنا هنقدر .
نهضت لترحل لكن توقفت مستديرة إليها عندما استمعت الى تهكمهت فأجابت بمرارة
= لما انتم كنتم عارفين كل ده كنتم رمتوني ليه من الاول؟ انا بتكلم في إيه اصلا خلاص الكلام مش هيفيد ربنا بقى يحاسب كل واحد على نيته.. هو مش سمع ماشوره امه وطلقني واتجوز غيري انا كمان هشوف حياتي ومن حقي!
❈-❈-❈
تمت الخطوبة بالفعل وكانت مهلة الزواج قصيرة لمدة عدة أشهر قليلة ولم يعترض أحد فالجميع كان يريد السرعة، ومرت فترة بالفعل حتى انتهى محمد أخيرًا من تجديد العفش حتى لا تدخل زبيدة على أثاث زوجته السابقة مثل ما اتفقوا وخلال هذه الفترة قد حدث تقارب لطيف بين الإثنين بسبب زيارته و محادثاته معها في الهاتف طول الليل....
وخرجتهم مع أخواتها الشباب وأطفالها حتى يتعودوا على حياتهم الجديدة معه.. حيث كان محمد بالفعل رجل جيد وأحسن التعامل و التصرف معهم وقد كسب ودهم بمدة قصيرة بالهدايا والاهتمام، الذي افتقدوا طول حياتهما من والدهم.
❈-❈-❈
في منزل والد زبيدة،توقف محمد أمامها فجأة حتى اصطدمت بجسده فرفعت كفيها تتشبث بذراعه حتى لا تسقط أبتسم من فعلتها العفوية وهي توترت بقلق وبخجل فابتعدت بسرعه واردف بصوته الأجش
= إيه مالك خفتي كده ليه اكيد مش هعمل فيكي حاجه وحشه يعني واحنا بيت ابوكي! مع أن خلاص كتبنا الكتاب، بس وماله نصبر لما تبقي في بيتي.. أنا كنت عاوزه أسألك على حاجه؟ بما أن خلاص فاضل أسبوع وتبقي معايا تحبي نعمل الدخله سكيتي ولا بفرح!
زوت مابين حاجيبها غير مستوعبة حديثه فتسائلت بعدم تصديق بفرحه
= هو انت ممكن تعمل فرح عادي! رغم ان كل واحد فينا اتجوز قبل كده
اقترب يتكأ على الطاولة وأردف بعدم مبالاة
= والله لو كبرت في دماغي عادي بس خليها حاجه على قدنا ما بحبش يعني اكون محور أنظار الناس وملفتين، فهماني؟
ابتسمت على كلماته، وقالت بتفكير
= يعني مش هتفرق فرح وهيصه وخلاص و كل واحد بيمشي وفلوس بتترمي على الارض بس هو ممكن ألبس فستان فرح! و اوعدك هيكون فستان بسيط مش فستان فرح يعني كبير بس هيكون أبيض وممكن كمان انا اللي أدفع حقه واجره.
احتدت نظراته بضيق شديد وهو يقول بصوت غاضب
= طب بلاش خيابه عشان ما نزعلش من بعض
مش كنا ماشيين حلوين بتقلبيها ليه .
استنكرت رده فعله بالرد وتحدثت بزعل
= خيابه! خلاص بلاش فستان فرح طالما شايفه خيابه، انا اصلي الفرح اللي فات كروتوني كده فما حسيتش ان انا عروسه
تفاجأ محمد من حديثها المبطن بالاتهام ورغم ذلك أبتسم وقال بتوضيح جاد بنبره رجوليه
= ومن قال اني اعتراضي على الفستان ما تلبسي براحتك انا اتضايقت انك بتقولي انتٍ اللي هتشيلي حقه؟ على اي اساس اللي قدامك مش راجل مثلا يقدر يجيبلك اللي عاوزاه ولا كنت طلبت منك تسلفيني .
شعرت زبيدة بحماقة حديثها معه فحاولت الاعتذار، فهي ما زالت لم تعتاد علي الأمور الطبيعيه بأنه المسؤوليه من كفت شيء يجب ان يحملها الرجل وليست المرأة كما كان يحدث مع طليقها السابق، هتفت بأسف مردده
= لا مش قصدي اكيد انا اسفه، شايفك راجل طبعا و حد كويس.. زلت لسان مني ما تزعلش
أردف قائلاً بابتسامة عريضة مغازلها وعيناه تحتضن وجهها الندي بإعجاب كبير
= وماله هعديها لك المره دي يا زلابيه!.
❈-❈-❈
ليلًا.. ارتدت زبيدة منامتها بعدما انتهى من استحمامها، لكن لم تخمد نيران جسدها مع ذلك! تلاشت أنفاسها حتى كادت تخنقها بريقه وهي تعافر كتم رغبتها سواء في مشاهده الافلام السيئة تلك أو الاستسلام الى العاده.. أرجعت رأسها للخلف مهدئه نفسها أنها قد وصلت الى بره الامانه ولم يظل الا القليل! وستكون مع رجل وليست وحيدة.
وهنا صدح وسواس إبليس في أذنها و زين لها ان فعل ذلك الشيء هذه الفترة حتى تتزوج ليس سيء ومعها حجه لذلك، وبعدها تتوقف كما تريد؟ لكن شعرها بالذنب لا يتركها في حالها بالفعل تريد ان تتوقف عن ذلك سواء تزوجت أم لا؟ يكفي الذنب الذي تحمله كل يوم، و تبكي بحرقة تمزق نياط القلوب في صلاتها حتى يغفر لها.
أغمضت زبيدة عينيها بحسرة ودموعها البائسة تنساب على وجنتيها الباردتين حتّى تمنت أن تفقد وعيها حتي الصباح لتتخلص من هذا الجحيم الذي تعيشه الآن ولا يبدو له نهاية..
لم يبقَ في حياتها معنى للحياة وهي بعيدة عن ربها وترتكب ذنب تعرف جيد عواقبه! لذا
تتجرع دموع نهارًا كما تتجرع وسادتها دموع عينيها ليلًا..
نهضت زبيدة باستسلام عندما يأست من نفسها ان تمنع ذلك الشيء! وقبل ان تفعل اي شيء وقفت أمام المراه وأطرقت وجهها أرضًا وهي تعي صحة ما تفعله، وازداد غضبها من نفسها..
فاذا كانت لا تستطيع التطلع على نفسها فكيف ستكون مواجهتها في النهايه امام الله.
هي في نصف العشرينات من عمرها ولا زالت تصرفاتها تشي بتصرفات مراهقة ولا تستطيع السيطره على حالها، لا تفكر بنضج أو رزانة..
فقد تقبل الله دعواتها وارزقها بالزوج الصالح فلما لا تتوقف وتحمد ربها على استجابه دعواتها بدلا من ان يعاقبها ويذهب كما جاء .
أخذت نفسًا آخر وهي تمسح فوق وجهها المتفصد بالعرق، لتحاول بث العزيمه داخلها: سأقاتل من أجل أن أنجو بحياتي لآخر رمق! ثم رددت مع نفسها بصعوبة وأمل
= الجواز مش هو الحل اني ابطل! لازم انا نفسي اللي أوقفه طالما عارفه انه ذنب كبير وحرام.. هحاول المره دي بإصرار كبير واكيد ربنا هيقويني طالما عارف أن بسعى للحلال عشان ابعد عن الذنب ده.
تنهدت وهي تتجه نحو السرير مجدداً لكنها انكمشت فجأة على نفسها عندما أعلنت رغبتها الممنوعة عن نفاذ صبرها وفقدان السيطرة.. لكن مع ذلك ظلت تتلو ذكر الله حتى تنتصر على نفسها....
وعندما جاء الصباح فتحت عينها بسعادة غامرة بأنها انتصرت باول الطريق ربما من الممكن تستسلم مجدداً لكنها ستعود طالبه الرجاء حتى تنتصر بيوم للأبد... جلست تتلو سورة البقرة التي صارت عادتها اليومية في مجابهة أيامها الصعبة التي تعيشها.
❈-❈-❈
في يوم الزفاف، أطلقت نوال عده زغاريد بحماس شديد واقتربت تحتوي صديقتها وابنه خالتها هاتفه بسعادة
= مبروك يا عروسه ايه القمر ده بس كنتي مخبيه الجمال ده كله فين لا و اهلك ما كانوش عاوزين يجوزوكي و يدفنوكي قال.
أبتعدت عنها وجاش صدرها بالغضب وأجابت بصوتٍ مكتوم
= قوليلهم احسن انا شايفها منهم لحد دلوقتي في نظراتهم من غير مايتكلموا محسساني اني واحده مش كويسه وما عنديش دم عشان اتجوزت ومعايا عيال مع اني مش هسيبهم وبرده كان نفسهم اقعد اربيهم وما اشوفش نفسي بس ابوهم عادي..
ثم قالت زبيدة وهي تخرج المرأة الشرسة المقاتلة في داخلها
= بس اقول لك في داهيه ولا فارق ليا رايهم طالما مش بعمل حاجه حرام وربنا وحده اللي عالم انا بسعي للخطوه دي ليه؟ بس خلاص اتعلمت بعد كده طالما ليا حق هدافع عنه حتى لو هقف قصاد أهلي نفسهم .
اقتربت نوال منها تعدل لها طرحه فستان الزفاف وأردفت ساخرة حتي تخرجها من تلك الاجواء
= لا ده إحنا اتغيرنا خالص وبقينا ما نخافش، بس معلش على راي المثل الرفسة اللي ماتموتش بتقوي
قالت زبيدة باستفسارات وقد عقدت حاجبيها متسائلة
= الضربة قصدك
هزت رأسها برفض وهي تأكد علي حديثها بنبرة حانقة
= الرفسة اسمعي مني احنا بنتعامل مع بهايم الأيام دي.
ضحكت زبيدة بشدة وهي تردد بسعادة
= والله انتٍ مشكله يا نوال، بس والله ما انسى انك شجعتيني على الخطوه دي وهدعيلك في صلاتي دايما ان ربنا يرزقك بالزوج الصالح زيي و اللي احسن كمان.
تجهمت ملامحها فجاءه و تمتمت نوال بوجوم
= مش سمعت أن المعدول طليقك اتجوز للمره الثالثه وبرده طلقها بعد ما اخلف منها بس الاخيره شكلها مش سهله ورافعه عليه قضايا قد كده.. عشان تجيب حقها رغم انهم كانوا عاوزين الصلح بس هي صممت ان اللي عملوا فيها واستحملته منه هتطلعه عليه في المحاكم ومصممه تسجينه لو ما دفعلهاش
هنا لم ترتبك ملامحها بل على العكس ارتسم على وجهها الاستياء وهي ترد بامتعاض شرس
= يستاهل ده ذنبي وذنب عياله، ممكن ربنا عمل كده عشان يحرم كل شويه يتجوز و يطلق ويخلف! بس كويس انك قلتلي عشان انا كمان كده اخش بقلب جامد واسمع كلام محمد جوزي وارفع عليه قضيه عشان اطالب بحق ولادي صدقيني أمه مش هتستحمل وهتدفع كل اللي معاها والفلوس دلوقتي هتطلع عشان ما يتسجنش.. بعد ما كانت حرماني انا والعيال وبتديني بالقطاره الفلوس بالعافيه.. هي دي ناس عندها دم .
تطلعت الأخري لها تقول بحنق بالغ
= ده إبن امه يا حبيبتي وقالوها لينا زمان ابن امه بنسيبه لامه اذا كان الجيش سابه انتٍ إللي هتاخدي.. هو انا برده اللي هقول لك .
ضحكت علي كلماتها بتسلية ثم هزت رأسها هاتفه بنبرة سعيدة
=على رايك، بس خلاص مش عاوزه افكر في القديم تاني ولا اسمع سيرته من هنا ورايح، انا عاوزه اركز مع حياتي الجديده واللي عاوزه أبداها على نظافه .
❈-❈-❈
في غرفة الزوجية، بعد انتهاء الزفاف! أخذت زبيدة وقتها كاملا في الداخل وهي تعد نفسها ومحمد لم ينادي عليها وتركها على راحتها حتى تستعد جيدا.. وبمجرد أن دخل حتى استنشقت رائحة عطرها الشهية وهنا رفع محمد عينيه نحوها لتتجلى بوضوح الدّهشة عليه.. شعرت بنظراته تتفحصها بانبهار..
استمر في التحديق بها دون أن يركز فيما حوله قبل أن يقترب يقف خلفها مرددًا بأنفاس ماخوذه من سحر جمالها
=بقالك كتير قاعده القعده دي قدام المرايه وسرحانه؟ مع انك مش محتاجه حاجه انتٍ جميله وحلوه أوي من غير مكياج.. ما لوش لازمه كل اللي بتعمليه؟ ده انتٍ طلعتي احلى ما كنت متخيل بكتير
إستمرت تنظر اليه في المراه والسعادة تتجلى بملامحها هاتفة بعذوبة
=هو انتٍ كنت بتتخيلني؟! ويا ترى كنت بتتخيلاني وحشه ولا حلوه
أَمَال محمد رأسه نحو أذنيها ليهمس بأنفاس تتسارع على نحو جنونه وهو يستنشق رائحتها أعلي رقبتها من الخلف باستمتاع
=وحشه ايه بس! انا ما شفتش في جمالك ولا هشوف.. ده انتٍ بطل
اجابته بدلال ألهب مشاعره بالانتشاء
= ده انت عشان عيونك الحلوين! وحلو فبتشوف الناس كلها حلوه زيك .
تأوه بصوت شديد الخشونة وهو يشعر بالرضا والاحتياج من المزيد
=بجد انتٍ شايفاني حلو! قولي يا زبيدة تاني ما تحرمنيش من الكلام الحلو ده، اللي كنت محروم منه زمان.. وبسبب اني ما بخلفش كنت بحس أني معيوب ومش راجل .
ابتسم برضا عندما استمع إلى صوتها تقول بصرامة
=فشر! قطع لسان اللي يقول كده، ده انت راجل وسيد الرجاله.. وأنت إللي ما فيش زيك اتنين، انا ما شفتش راجل زيك ولا هشوف
عشان مالي عيني .. يا راجلي.
حدق فيها لثوانٍ أخرى بلهاث لا يظهر كأنه يستوعب ما يراه ويحدث ثم أزاح خصلاتها الداكنة الكثيفة خلف أذنها وهمس يداعبها بشغف، فزوجاته الآخرين منهم من كان يرحل بهدوء عندما يعرف مشكله الإنجاب لدي ومنهم من يجرحه ويطعنه برجولته! وهو لم يعيش تلك اللحظات الرومانسيه والعاطفيه من قبل مع زوجاته رغم احتياجه الشديد الا مع زبيده قد غيرت القانون.. لكن بالطبع اعجبه ذلك.
شرد بعينيه قليلاً يردف بصراحة
= قولي كمان يا زبيدة، افضلي قوليلي كمان كلام ذي ده عشان أحبك أكثر و كل طلباتك هتكون مجابه.. طول ما انتٍ شايفاني مالي عينك وتحت طوعي.
وقفت الأخري وهو علي الفور اقترب منها يحتضنها و تاه في رائحتها الخلابة فراح يستنشقها بقوة وكأنها اكسير الحياة، بينما هي ابتسمت بداخلها فهي وصلت إلى مرادها أخيراً و تعلم جيداً مدى تأثيرها عليه بتلك اللحظه فرفعت يدها وداعبت وجنته برقة وتحدثت بعتاب لطيف
= انا أخرج تحت طوع راجلي برده وحبيبي وسندي واماني! واللي ما ليش غيره ومالي عيني ما يصحش طبعا وعمري ما هفكر في كده.. هتفضل طول عمرك كبير واللي يفكر يقلل منك قبل ما تفكر تحاسبه أنت هكون واكلي بسناني.. عشان ما حدش يستجرا يزعل حبيبي ولا يدوسلك على طرف طول ما انا موجوده .
كانت تتحدث وهي تدنو منه حد الخطر حتى طبعت قبـلة خفيفة فوق وجنته فجعلته يرتجف بداخله، وهمس بعدم تصديق
= طلعتي مش سهله يا زبيدة وعرفتي توصليلي إزاي، وتكملي اللي ناقصني .
نكست زبيدة رأسها باستحياء فأبتعد محمد قليلاً قبل أن يمد يده ويمسك ذقنها ويرفعها،
ثم هدر لها بعاطفة حازمه
= ما فيش حاجه هتحتاجيها من هنا ورايح طول ما انا موجود يبقى خلي حد يقربلك حتى اهلك بس نفسهم وانا هقفلهم! حتى اهل طليقك هجيبلك حقك منهم.. بس خليكي فعلا قد كلامك واثبتي كل كلمه قلتيها وانك شايفاني كده.. وأنه مش مجرد كلام بتاخديني بيه على قد عقلي.
لا تستطيع إنكار بأنها تعلمت من تجربتها السابقه ولم تكن زبيدة الفتاه البسيطه بعد الآن انما ماكره في أمور علاقتها بزوجها حلالها لتكتسبه وتكون له الى الأبد طالما هو الزوج الجيد، فلم تترك بعد الآن ما يعكر صفوها أو يتحكم فيها لدرجه سيئه ستمسك هي زمام الأمور لكن ستجعله بنفس الوقت يشعر بأنه المتحكم، فابتسمت له مجيبة بنعومة
= معاش ولا كان اللي ياخدك على قد عقلك يا سيد الناس انا قاصده كل كلمه يا محمد وحياه ولادي ما بكدب، طول ما انت فعلاً حميني وسندي اعتبرني خدامتك وتحت رجلك وعمري ما هخرج عن طوعك.
فقرب تلك الصغيرة منه يجعلها في عالم آخر فوجد نفسه تلقائيا يعترض وهو يتحدث بحزم جعلها تقفز عينها وقلبها بسعادة
=انتٍ اللي ست الناس كلها ما تقوليش على نفسك كده.. و انا اعتبريني من اللحظه دي بقيت بعشقك يا زبيدة! ومش هرفضلك طلب طول ما انتٍ محافظه على اسمي!
ابتسمت بامتنان له وشردت بعينيها قليلاً وهي تتحدث بصراحه ليس كامله أو واضحها تكشف فيها عن احتياجتها واسرارها.
= تعرف يا محمد انا طلباتي طول عمرها بسيطه يبقيلي بيت احس انه ملكي مش اي حد يدخل عليا فيه غير جوزي حتى لو اهله! واحس اني متجوزه راجل بجد لي كلمه مش غيره يمشي حتى لو طلب منه يطلقني، ويهتم ويصرف على عياله ويشيل المسؤوليه معايا.. يعمل كل احتياجاتي طول ما بطلب حاجه لا عيب ولا حرام! شفت انا احلامي كانت بسيطة إزاي بس كنت بحس بصعوبه وان الكل واقف قصادي كل ما اطلب حقي..
شعرت بآلام بل كاد قلبها أن يشق صدرها لكنها أكملت له بهمس عن احتياجاتها البسيطه
= وده كان واجعني أوي ان غيري ممكن يعمله عشان اسمه راجل وانا لا.. انا عشت بنت للأسف ودي معناها في المجتمع أني محرومه من كل حاجه حتى الأمان كان نفسي أوي أحس بيه في حياتي، ونفسي الاقيه معاك وانا اوعدك من بعدها هكون ملكك وبين ايديك .
لمعت عيناه وتحولت ابتسامته عند لتجاوب شغوف، وهتف قائلاً بوعد
=بس كده اعتبري أحلامك ده كلها حصلت حتى طليقك لسه عند كلمتي وهخلي المحامي يجيبلك فلوس ولادك منه بالغصب، رغم اني اقدر اصرف عليهم بس على رايك ده حقك وما ينفعش تسيبيه..
نظر لها كنسر يتأهب للانقضاض على فريسته.. فهدر بصوتٍ خطير متلاعب
= بس هو احنا هنقضيها كلام كثير ولا ايه.
ابتسمت له ابتسامة تبث فيها وعدها له قبل أن ترد بصراحه جريئة
= ما تقول لنفسك انا خلاص رفعت الرايه البيضاء وقلتلك انا كل ملكك اول ما احس بالأمان في حضنك.!!
طوقها بلهفة حتى أصبحت بين ذراعيه ثم حملها فجاه بينما شهقه عالياً خرجت منها بدهشة ليقول لها بعنف عاطفته التي توقّدت به على نحو كبير
= كأنك انتٍ اللي هتعمري معايا يا بنت اللذينه مش بيقولوا الثالثه ثابته! بس انا حاسس انك هتنسيني كل جوازاتي اللي فاتت أو مش هيبقى في غيرك قدامي.. ولا ايه يا زلابيه
ضحكت زبيدة بخفوت وهي تحيط رقبته بيديها ولا تزال بين يديه، وشعرت بأنها تريده أن يضمها طويلاً وتشعر بنفس احتياجها واكثر التي كانت تنتظره وسعت إليه كثيرة.. تريد تلك العواطف والحنان والعطف والاحتواء الذي يضرمها فيها، حتى أن يحتل روحها ويصهرها في روحه.
بصعوبة كتمت ضحكة خافتة منها فقالت له
مع شعور السعاده
= زلابيه! تعرف عمر ما حد دلعني الدلع ده بس عجبني! حلو عشان منك.
توجه محمد بها نحو السرير ليضعها هناك بهدوء فوقه وصعد جانبها، بمجرد أن أبتعد حتى اعتدلت على استحياء وهو اقترب
هادرا بصوتِ أجش
= يبقى من النهارده مش هناديلك غيره واي حاجه هتعجبك هتكون ملكك، زي ما انا هملكك دلوقتي يا زلابيه!
ضحكت بسعادة كبيرة فلقد تحررت من هواجسها السلبية التي تشعرها بأنها أقل من أي رجل أي كان منعم طليقها أو غيره ولا تناسب أن تكون زوجه مجدداً.. لكن محمد لقد أشعرها براحة متناهية فما ألذ من شعور أن تكون في حماية رجل حقيقي تستند عليه..
فما شعور السعاده أن تسعى للحلال حتى تستغني عن الحرام .
الـنـهـايــــة.
الإسم: روايه احتياج امرأه مطلقة
من سلسلة رغبات ممنوعة
التاريخ: ٧/٩/٢٠٢٤
بقلم: خديجة السيد
التصنيف: ليس اقل من +16
_________________
على طاوله الطعام كانت الأجواء هادئة بالمنزل لذلك بحث الأب عن أولاده واحفاده، متسائلاً بحيرة واستغراب
= امال فين العيال محدش جي ياكل معايا ليه؟ والهانم بنتك الكبيره مش سامعلها صوت يعني
إجابته الأم عواطف بعدم مبالاة وهتفت
=ولادك الاتنين يا اخويا راحوا فرح واحد صاحبهم شباب بقي يعني همنعهم ولا هقعدهم جنبي قلتلهم روحوا فكوا عن نفسكم شويه، وبنتك تلاقيها بتنيم عيالها جوه واكلتهم قبل ما تيجي.. كل أنت بالهنا والشفا.
أشار لزوجته التي يوجه لها الكلام وقال ممتعضا
=مش جالها عريس النهارده! واحد كده على قد حاله فاتح محل حلاقه ومطلق و بيقول ما عندوش ولاد.. بس انا قفلت الموضوع معاه على طول وقلتله ما بتفكرش في الجواز و هتقعد تربي العيال.. ولما سألته شفتها ولا تعرفها منين قالي ولا شفتها ولا اعرف الوليه ام احمد اللي كانت شغاله زمان دلاله شكلها بقت تشتغل خطبه الايام دي وهي اللي قالتله عليها وبتاخد اللي فيه النصيب من كده.
في ذلك الأثناء كانت تقف زبيدة بالخلف بين الستائر وتسمع الحديث الدائر بعدم تصديق، هتفت أمها موجهه حديثها إلي زوجها بضيق شديد
=البشاير هلت اهي، جدع ان انت قلتله كده قال على اخر الزمن البت تتجوز بخاطبه الناس تقول ايه علينا بندور ليها علي عريس تاني... بس غريبه يعني ما عندوش اولاد وعاوز واحده يتجوزها باولاد اصل الخطبه دي بيقولوا ليهم مواصفات معينه وهو أكيد كان قايل ليها كده ولا كان عامل حسابه اننا لو وافقنا ترميلنا العيال نربيهم إحنا .
هز رأسه بعدم اهتمام وهو يرد عليها ناهض
=انتٍ شغلي نفسك ليه احنا مالنا ما قلت لك رفضت وخلاص، يدور بقى مع نفسه على واحده توافق على شروطه بعيد عننا، الحمد لله اعمليلي كوبايه شاي ودخليها جوه
عندما ذهب والدها، اقتربت زبيدة بلهفة من والدتها وقالت بسرعة هاتفه والذنب يطفح على وجهها المنهك
=انتم ازاي يجيلي عريس وترفضه كمان من غير ما حد ياخد رأي؟ اشحال قايله لكم اللي فيها وانا مش عاوزه افضل كده انتم برده مصرين تشيلوني الذنب وتظلموني اكتر! على فكره اللي بتعمله فيا ده حرام وما يرضيش ربنا والمفروض حاجه زي كده كنتوا تاخدوا رايي وانا أوافق او ارفض انا ما بقتش عيله صغيره والبركه فيكم كبرتوني بدري وشيلتوني الهم .
نظرت أمها إليها لتقول موبخها بلهجة قاسية
= تصدقي يا بنت انتٍ مش هتهمدي غير لما امد ايدي عليكي زي زمان عشان تفوقي شويه لنفسك! ده انا ما شفتش في بجاحتك يا بنت فكري في عيالك جواز إيه ده اللي هتموتي عليه ده انتٍ معاكي رجلين يعتبر ربيهم احسن وركزي معاهم عشان في اخرتك ينفعوكي.
بالكاد منعت زبيدة دموعها من النزول على وجنتيها وهي تقول بصوتٍ مرتعش أضعف من أن يقسو
=انا برده اللي بجحه واللي راح رامي عياله واتجوز ده مش بجح! واللي بيبعتلهم كل اسبوعين فلوسهم بالعافيه ده اللي مش بجح! ولا من ساعه ما طلقني ما فكرش يجي يشوفهم ده برده تسميه ايه؟ والاهل اللي طلعوا بنتهم من المدارس عشان يجوزوها لواحد ما لهوش شخصيه وكل ما كان تيجي بتشتكي بيسيبوها ولا يعبروها لحد ما ترجع لوحدها عشان تعرف انها ملهاش الا بيت جوزها اللي في الآخر ياريت عجب وأول ما أمه أمرته نفذ وما فكرش فيا ولا في عياله..
وتقوليلي اقعدي ربي عيالك انا ما قلتلكيش هرميهم وبعدين ليه ما بتفكروش فيا زي ما تحاسبوني على حاجه ماليش ذنب فيها اصلا
ابتلعت غصة وهي تضيف بنبرة خافتة تخفي كل ما تشعر به من احتراق بتلك اللحظة
= ولا انتم بس ماسكين فيا وخلاص! وهاين عليكم تعلقوا ليا المشانق عشان بطلب حقي.. انا مش عارفه بطلب ايه عيب ولا غلط عشان ما حدش راضي يسمعني ليه كل ده؟. يا عالم ده انا عاوزه اتجوز مش بقول همشي في الحرام
نظرت عواطف لها بنفس الملامح المشمئزة
وقالت لها باحتقار
= وزعلانه عشان بقول عليكي بجحه ما تتلمي يا قليله الربايه في واحده محترمه تقول الكلام ده؟ انتٍ عايزه الناس تقول علينا إيه ما عرفناش نربيكي بدل ما تفكر في عيالها و مستقبلهم عماله تفكر في الجواز.. يا بنت عيب اللي بتعمليه ده الناس تقول عليكي ايه؟ وليه ميته على الجواز كده .
هزت رأسها بيأس وبحزن في حين مسحت على الفور دموعها وقالت لها بابتسامة ساخره بألم
=هيقولوا عليا ايه عشان بطلب شرع ربنا زي ما كل الناس بتعمل؟ ما تردي وتفهميني الفكره الغلط اللي هياخدوها الناس عليا وانتٍ كمان عشان بقول لك عاوزه اتجوز واشوف حياتي
انا اصلا مش عارفه اقول لك إيه اكتر من كده؟ ايه اقول لك مثلا أن انا ليا احتياجات زي الراجل بالظبط وعاوزه اتجوز لنفس السبب إللي بيتجوزه الرجاله عشانه ونفسي يكون حد موجود في حياتي ينفذها لي؟ وانتم ولا دريانين بيا ولا بتفكروا في كده..
طفح الذنب على وجه زبيده من أفعالها فهي تحاول بكل عزيمة وإصرار الإبتعاد عن ذلك لكن لا تعرف بسبب افكارهم هتفت بها بقهر يتشعشع داخلها
= لا وكمان شايفين الست اللي بتتجوز بعد ما تطلق زي الراجل بالظبط يبقى حرام انما هو حلال لي وهي تقعد تربي العيال بس وخلاص حياتها تقف لحد كده؟ هو انتم بتجيبوا شرع جديد على مزاجكم ما تفهموا كلام ربنا الأول.. الظاهر ما فيش فايده و بكلم نفسي.
اضطربت حدقتي عواطف وهي تقول بشرود مرتبك
=احتياجاتها!!. البنت دي تقصد ايه تعالي هنا يا بنت وفهميني؟؟ بنت يا زبيدة.
رأت زبيدة أن الحديث معها ليس له فائده كالعاده لذلك تركتها وذهبت بينما ظلت أمها تطرق فوق بابها الخشبي تأمرها بفتحه و لتوضيح كلماتها وما المقصود منها.. إلا أنها تمددّت فوق فراشها و أغمضت عينيها لعلها تستطيع الاسترخاء قليلاً.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين، تنهدت زبيدة الجالسة في غرفتها ببؤس، و حاولت ان تفعل بنصيحه الطبيبه وتشغل نفسها باي شيء حتي لا تفكر في هذه العادات السيئه.. مثل عادات دينيه قراءه القران و الذكر والدعاء دائما بالزوجه الصالح! واشغال نفسها باعمال المنزل أكثر و الخروج للشارع! لكن مع الاسف والدها قد منعها من الخروج بعد انتشار خبر طلاقها بين الناس؟ وكأنها افتعلت جريمه مخجله حتى يمنعها من رؤيه الناس.. فليت يعلمون لما تفعل كل ذلك؟ وأنها تمنع نفسها من ارتكاب الذنوب .
فا محزن ان تطالب باشياء من الأساس و المفترض أنها حقوقك بالحياة ومتاحه لك لكن المجتمع والناس يمنعك عنها، بحجه العادات والتقاليد السخيفة التي لا تنطبق الا على السيدات فقط.
وعند نومها كانت تأخذ الأطفال جانبها، حدَقت مُتبسّمة في أولادها الذي يلقون بتلك الكرات الصغيرة لبعضهم، لقد كانت سعيدة بوجودهم معها طول العمر كَعائلة ولكن لابد للأحلام أن تتحقق ناقصة، بنصف سعادة... فدائما تظن عائلتها بأنها عند زوجها ستتركهم وترحل!.
لكن من المستحيل أن تعيد مأساتها و تظلمهم مثل ما ظلموها، وبالأخص أنهم متعلقين بها أكثر من أي أحد غيرها! فكل اهتمامها معهم فهم كل حياتها بالفعل..
تمددّت على فراشها وهي تاخذ هاتفها من جانبها وصمتت قليلاً تفكر في شيء ما تبحث عنه ثم ضغطت مترددة.
السؤال: ما جزاء من يـ.ـمارس العادة السرية؟
الجواب: فعل حراماً ويستحق التعزير، ويجب أن يتوب ويستغفر الله مع العزم على عدم العودة.
عندما قرأت تلك الكلمات اعتصرت جسدها ودسّت وجهها بين ركبتيها ودمعه حارقة تساقطت على ثوبها ثم اعتدلت وكتبت أسئلة أخرى، ما هو عقاب الذي يشاهد المحرمات؟
ولكن هل تقبل صلاته؟
ورد أن مشاهدة الأفلام الإبـ.ـاحية مما يحرم ممارسته على المسلم وفعله وارتكابه، لذا يجب عليه أن يقلع عنها ويتوب إلى الله -عز وجل-، ويقلع عن ممارستها قبل أن توافيه المنية، و يندم يوم لا ينفع الندم، وإنما صلاة من يفعل المحرمات صحيحة من حيث أحكام الدنيا فلا يطالب بإعادتها.
فمن تاب من الـ.ـزنى، أو غيره توبة مستوفية للشروط، فتوبته مقبولة -إن شاء الله تعالى-، سواء شاهد بعد ذلك أفلامًا إبـ.ـاحية أم لم يشاهد.
فلا يعد مجرد مشاهدة ما ذكرته كفرا، بل هو محرم يجب على كل من ابتلي بذلك الابتعاد عن مشاهدة هذه الأفلام التي تدمر الأخلاق، و تفسد البلاد والعباد. كما تجب المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى
ذرفت عينا زبيدة دموعًا حارقة وأحنت رأسها بخزيٍ وهي تتوسل لربها أن يلهمها الصبر و القوه للتوقف عن تلك الذنوب.. والوقوف امام أسرتها لطلب حقها. ثم استندت لتقف بوهن تحاول الاغتسال والتصرف كأنّ لا شيء حدث متمنية ألا يكون صوت البكاء قبل قليل قد وصل لأحد بالخارج.
رمت جسدها ساجده للصلاه كالعاده ملجاها للتكفير على تلك الذنوب ثم انهارت على الجدار خلفها الذي تتكئ عليه بلا أدنى قوة.. قبل أن تسكن بجلستها اليائسة وتهدأ الدنيا من حولها في صمت أسود فلا تسمع إلا أنفاسها الرتيبة الملتهبة.
❈-❈-❈
بتنهيدة طويلة وقفت عواطف وانتصبت قامتها وقامت بالاقتراب من زوجها تريد ان تتحدث معه بشيء ما، وكلما فتحت ثغرها للتحدث تتحرك بعيداً بقلق لكن في النهايه حسمت أمرها واقتربت منه مردده بتردد
= بقول لك ايه يا ابو زبيدة هو العريس اللي اتقدم من حوالي اسبوعين كده وكان عاوز البنت لسه موجود وعاوزها ولا شاف غيرها؟
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بهجوم
=وبتسالي ليه وانا مالي وماله مش رفضته هروح اساله عاوزها لسه ولا لاء! انتٍ مالك تكونيش بتفكري في كلام بنتك وعاوزه تجوزيها؟
اتسعت عينا عواطف وارتبكت قليلاً ولم تتوقع هذا الرَّد منه الخالي من أيّ موافقه علي طلبها
وقالت بتوتر مبالغ
= انا بقول يعني عشان ما ناخدش ذنبها لو هو كويس وابن حلال وشاريها فعلا ليه لا؟
ظلت الدهشة مسيطرة عليه لثوانٍ قبل أن يقول بنفس النبرة العدوانية
= جري إيه يا عواطف احنا هنعيده تاني احنا شفنا الهم معاها بجوزتها الأولى واديها خارجه بعيلين افرضي حصل واتطلقت تاني هنفضل احنا نشيل القرف ده هي شكلها نصيبها كده تقعد جنب عيالها تربيهم احسن كفايه ان احنا فاتحين البيت ليها، هي اول ولا اخر واحده تطلق وتقعد تربي عيالها .
اقتربت منه أكثر وهي تحاول التأثير عليه مرددًه
=ما احنا برده اللي اتسرعنا انت نسيت ان احنا جوزناها وهي عندها ١٦ سنه عيله برده ما كانتش فاهمه يعني ايه جواز انما دلوقتي اكيد فهمت وعقلها كبر وهي بصراحه برده عملت اللي عليها هو كان الطلاق جي منها ولا من الزفت منعم اللي سمع كلام امه؟ ده انا عرفت انه طلق واتجوز تاني بعد شهر واحد! يعني هو ده كلام رامي العيال عندنا وبنشحت منه فلوسهم بالعافيه وهو يطلق كل شويه ويتجوز ونمنع شرع ربنا للبنت كمان ما يصحش برده .
اعتدل وهو ينظر لها بتعجب ثم تسأل بشك
=انتٍ مالك بقيتي بتتكلمي زيها كده ليه؟ هي من كتر الزن عليكي سمعتي كلامها ولا تكونيش عرفتي حاجه ومخبيها عليا و مخلياكي عاوزه تجوزيها كده بسرعه.
ابتلعت ريقها بوجه محتقن انفعالا والخوف يدب بقلبها فعليًا من الردود إلا أنها حاولت التحلي بشجاعة مزيفة وهي تقول
=هعرف ايه يعني يا أخويا احنا مربيين البنت كويس، انا كل الحكايه خايفه نشيل ذنبها و بعدين هي كبيره دي صغيره لسه عندها ٢٥ سنه وشالت الهم بدري مش ممكن الجدع ده يكون ابن حلال ويشيل معاها المسؤوليه شويه ويريحنا احنا كمان.. طبعا الراي رايك ما فيهاش كلام ولو لقيت في حاجه مش عاجباك فيه أرفض من غير ما تيجي تقولنا واسال عليه المره دي كتير احنا برده الجوازه اللي فاتت اتسرعنا وما سالناش وقلنا دول جيران وهيصونوا البنت.. وهي شالت كتير و استحملت منهم واحنا بنفسنا شاهدين على كده .
صمت قليلاً بتفكير ثم تنهد بضيق شديد وهو يقول بانزعاج
= طب نفرض يعني سمعت كلامك هروح اقول ايه بعد ما رفضته، تعالي اطلب البنت تاني مني وانا هوافق المره دي، لا لا لا الكلام ده ما ينفعش احنا كده بنرخص نفسنا.. الموضوع من البدايه مش نافع اقفلي عليه.
أسرعت تهتف زوجته بصوت ملهوف برجاء
=يعني انت كل مشكلتك كده طب خلاص محلوله انا بالمحسوس كده، هحاول مع الوليه ام احمد اللي جابته من الاول وقالتله علي زبيده أنها لسه ما اتجوزتش وبندور لها على حد مناسب وهفهمها كمان ان احنا هنقعد و نتشرط.. انا متاكده انها هتروح تفتحه تاني لو لسه موجود! ولو لا هتجيب غيره.. وافق بس انت وما تخافش والله هجيبها لها بطريقه غير مباشره من غير ما افهمها ان احنا اللي هنموت ونجوزها وبعدين احنا مش في دماغنا اصلا مش كده؟!.
❈-❈-❈
فتحت زبيدة عينيها واهتزت حدقتيها بلا تصدق تسمع والدتها تقول عده أشياء لا تفهمها ولا تصدقها من الأساس، حاولت التقاط أنفاسها وهي تسألها بصدمة
=هي مين دي اللي في عريس جايه ليها كمان اسبوع انتٍ متاكده تقصديني انا؟ ولا يكونش جي لحد من اخواتي وانتٍ اتلخبطتي ياما
تجلت الصرامة على وجه أمها الغض وقالت بضيق واستياء
=عريس جي يعمل إيه لاخواتك الرجاله يا هبله! واحد عنده ١٦ سنه والثاني ١٩ هجوزهم وهم في السن ده؟ ثم إن اللي بيجيلهم عروسه مش عريس والمفروض هم اللي بيروحوا مش بيجيلهم.. صبرني يا رب ركزي الله يكرمك مش ناقصه غباء مش عارفه بس هتتجوزي ازاي بعقلك اللي طار ده
لتهرول ابنتها نحوها منفرجه الأسارير وهي تستفسر منها و ازدرد ريقها وسألتها بحذر مجدداً
= واحده واحده عليا، ركزي معايا الله يكرمك انا بنتك زبيدة اللي اتطلقت و معاها عيلين جايينلها عريس وانتم موافقين طب ازاي؟؟.
انزعجت ملامح أمها قليلاً لكنها تطلعت نحوها باستياء ثم صاحت بنفاذ صبر
=يا بنت انتٍ اللي ركزي الله يكرمك انا دماغي صدعت ومش ناقصه غباء، مش كنتي هتموتي وتتجوزي اديني اقنعت ابوكي والحمد لله وافق وحظك ان الراجل اللي اتقدملك المره اللي فاتت ما كانش لسه اتجوز ولا لاقي عروسه مناسبه.. ولما عرف ان احنا رجعنا في كلامنا قال تمام وهيجي يطلبك كمان اسبوع
هزت رأسها بعدم تصديق مجدداً.. لتزجرها عواطف والضيق برق من عينيها وهي تتمتم
=يا لهوي هصوت منك؟ دي لسه بتفكر في الكلام هي الصدمه لحد دلوقتي مخلياكي مش قادره تصدقي، ده انتٍ ولا إللي هتتجوز على نفسها بس ما تجيش بعد كده تعيطي جنبي وتقوليلي جوزتيني ليه؟ طب تمام شكلك رجعتي في كلامك لما أروح اقول لابوكي يتصل بالعريس يقول له ما يجيش.
التقطت أخيرًا زبيدة أنفاسها المسروقة ثم زفرتها بعمق كأن الحياة تعود لوجهها الشّاحب.. و تمتمت بصوتٍ واهن بلهفة
=لا لا الله يكرمك تعالي هنا انا لما صدقت خلاص انا فوقت من الصدمه واستوعبت و صدقتك، انا خلاص هتجوز وجايلي عريس هو ده اللي انا فهمته مش كده؟ بالله عليكي قولي أني مش بحلم وانتٍ قلتي كده من شويه
رفعت أمها رأسها ودفعت ابنتها عنها بعُنف و ازدراء.. ثم قامت من مكانها نحو الخارج من نفاذ صبرها، بينما ارتفع حاجبا زبيدة ما إن خرجت أمها دون حديث، وعبست وهي تقول بنبرة حزينة
=ايه ده هي ما ردتش ليه؟ يبقى انا كده كنت بحلم وهي ما قالتليش حاجه هو الموضوع أثر عليا للدرجه دي ومخليني بتخيل كلام ما حصلش ولا حصل ولا في ايه بالظبط.. ياما
ما تيجي تفهميني مين ده اللي جي كمان اسبوع.
❈-❈-❈
تحركت مكانها على استحياء وهي تجلس بمقابلته للعريس، في حين رفع كوب قهوته ليرتشف منها آخر ما تبقي، طالعته هي بتركيز وقالت سؤال رغم سرعته
= تحب اعمل لك قهوه تاني؟ شكلك بتشرب قهوة كتير
ابتسامة تجلت على ملامحه قائلاً بمشاغبة
= ده انتٍ مركزه معايا بقى أهو ولا دي قوة ملاحظة ولا اهتمام ..
التفت زبيدة إليه بنظرات مستفهمة
= هاه!
أفلت ضحكة رجولية يشير عليها مرددًا
= اصلك من ساعه لما قعدتي معايا واهلك سيبونا لوحدنا شويه وانتٍ عماله تتلفتي حواليكٍ و مش راضيه تحطي وشك في وشي بس اهو اول ما القهوه خلصت خدت بالك
أبتعدت ببصرها عنه بخجل، ولاحظ هو ذلك فقال بصوت جاد
= طب خلاص سؤال عادي ما تتوتريش كده ولا تتكسفي! انا بس مش عاجبني السكوت اللي بينا ده، مش احنا برده جايين نتعرف على بعض؟ على العموم يا ستي انا ما ليش في القهوه انما عجبتني أوي اللي عاملها معموله بمزاج! مش انتٍ برده اللي عاملاها ولا الحجه حماتي .
تحمحمت تستند بوجنتيها على كفيها لتداري خجلها وهي ترد
= لا انا اللي عاملاها! اصل انا بحب اشربها كتير عشان كده بعملها حلو .
هز رأسه بالايجاب ثم تمتم بصوتًا خرج عكس ملامح وجهه الجاد
= تسلم ايدك، بس هي فعلا حلوه ذيك.. ده انا حتى من حلاوتها بفكر احطها عندي بالقهوه! اصل محسوبك فاتح محل حلاقه مسمع عندي في المنطقه وكافيه كده على القد.. يعني مع ظروف البلد قلت اعمل حاجه تسند واهي ماشيه.. ولا هتبخلي عليا ومش هتقوليلي سر القهوه بتاعتك بتعمليها ازاي عشان تطلع حلوه كده.
ضغطت على شفتيها وهي تردد بصوت خافت
= ربنا يزيدك، بس مش سر ولا حاجه بعملها عاديه .
تعمق النظر بملامحها وأجاب بإعجاب
= من تواضع لله رفعه، بس يمكن عشان انتٍ اللي عاملاها ونفسك فيها ده اللي مختلف عن القهوه بتاعتي .
ابتسمت ولكن رغماً عنها وهي تخبره بتوتر
= فنجان قهوه عادي يعني انت بتبالغ بس على العموم هروح اعمل لك واحده ثانيه طالما عاجبك أوي كده .
هتف الآخر مرددًا باعتراض بسرعه
= لا لا مش دلوقتي، خليني في اللي جي عشانه ويعني لو حصل قبول كده كده هشربها من ايدك كثير في بيتنا؟ ولا ايه.
هزت كتفها بعدم معرفة، فتنهد محمد وهو يردد بجدية شديدة
= طب ابدأ انا في التعارف مدام عماله فيها ابو الهول ومش عايزه تتكلمي! أنا اسمي محمد عندي 33 سنه اتجوزت ثلاث مرات بس مطلقهم كلهم ما تخافيش ما فيش ولا واحده خلفت منها! في الأول يعني الجلال خدتني وكنت بفتكر العيب منهم والموضوع بسيط مع الوقت هيجي واكبر دماغي واخليها تكشف هي لوحدها لحد ما الموضوع زاد فكل جوازه نفس اللي بيحصل فاضطريت اروح في مره واكشف زي ما الدكتوره طلبت وعرفت اللي فيها ان عمري ما هخلف.. بعدها مراتي الأخيرة طلبت الطلاق مني وراحت شافت حالها وانا قلت اقفل على نفسي شويه لحد ما اللي حواليا فضلوا يزنوا عليا وقوليلي طب ما تشوف واحده تكون كانت متجوزه ومخلفه ولا ارمله وخدها بعيالها بصراحه عجبتني الفكره بس ما عرفتش اسال مين حواليا لحد ما عرفت واحده كده خاطبه وتبقى عارفه المنطقه كلها وكل ستاتها وهي اللي عرفتني عليكي.. ولما رحت افاتح ابوكي في الموضوع في البدايه رفض وقالي انك مش بتفكري في الجواز وعاوزه تربي العيال! وانا احترمت ده وسبته بس بعد كده عرفت انكم رجعتوا في كلامكم وما فيش مانع فقلت اجي اتقدم بقى .
ضيقت عيناها متسائلة باهتمام
= هو ما فيش حد من اهلك جي معاكي ليه هيجوا المره الجايه يعني!
أجاب محمد بصوت هادئ رغم حزنه
= لا انا وحيد اكثريه اهل ماتوا، والباقي ساكنين في محافظه تانيه
تمالكت نفسها لتستطيع منع ابتسامتها من الظهور وهي تتحدث مع نفسها بفرحه وارتياح
= يعني مش هيكون عندي حماه زي الوليه العقربه اللي كنت معاشراها وخليته يطلقني الحمد لله ادي نقطه في صالحي .
ثم أفاقت علي صوته وهو يتسائل باهتمام
= طب ايه، كلميني عن نفسك !!
أشارت إلى نفسها وقالت هاتفة باضطرب
= أنا؟ مفيش حاجة غير اللي عرفتها اتجوزت صغيره وما حصلش نصيب واطلقت، و ماليش غير ماما وابويا و اخواتي الاثنين، واولادي طبعا ودول الاهم..
هز رأسه بالايجاب وقد كسا الألم ملامحه وهو ينطق ببحه رجولية مميزه
= فاهم طبعاً من غير ما تقولي حتى لو ربنا ما رزقنيش عارف يعني ايه اولاد وبنضحي عشانهم قد ايه، انا لمحتهم وانا داخل ربنا يخليهملك شبهك أوي على فكره.. والحمد لله انهم طالعين ليكي و واخدين حلاوتك
دقق النظر بملامحها الخجولة، وضحك قائلاً بتسلية
=معلش لا مؤاخذه اصل انا كده على طول إللي علي لساني لازم اقوله اصل بصراحه كانت هتبقى حاجه وحشه أوي لو شبه ابوهم! وهم قاعدين معايا في خلقتي على طول.. هم على كده بيروحوا لابوهم كل قد إيه ولا ماشيينها إزاي بعد الطلاق
هزت رأسها رافضة وهي تردد بخيبة أمل
= ولا بيشوفها ولا بيعبرهم وابويا بيروح ياخد مصروفهم منه بالعافيه هو اتجوز أصلا عشان كده رميني انا والعيال.
ضيق عيناه يرمقها بنظراته الاستيائية، وقال بغضب
= طب ما يتجوز حد قاله لا بس إيه المانع انه يشوف عياله ويطمن عليهم شكله كده راجل لا مؤاخذه مش تمام! طالما حتي المصاريف بيبعتهالك بالعافيه، طالما مش قد المسؤوليه بيتجوز ليه؟
هزت رأسها بحسرة وهي تقول بضيق
= انت بتقولي انا الكلام ده روح قول للبيه اللي عنده استعداد يتجوز ويطلق ويرمي و احنا نربي مكانه! و اديك جبت المفيد هو مش بتاع مسؤوليه بس هنقول ايه النصيب..
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول باستفسار
= طب وانتم ايه إللي مسكتكم على كده ما ترفعه قضيه عليه وتطلبوا حقكم حتى انتٍ بعد الطلاق ليكي حق والبيت اللي ساكن فيه ده انتٍ حاضنه يعني الشقه كان ممكن تاخديها منه، اصل السكوت للاشكال دي بيخليهم يتمادوا
لوت ثغرها مبررة بضيق عدم رغبة والدها في صد أفعاله الفظة
= قلت الكلام ده كتير لابويا بس هو مش بيحب المشاكل ولا يروح محاكم وقال طالما بيبعتلنا فلوس على القد خلاص نمشي حالنا بيها.. مع أن أبويا كل مره بيروح ياخد منه الفلوس بيرجع مش طايق نفسه عشان بيطلعوا عينه عقبال ما يدوله اصل هو بخيل مع ان على قلب امه قد كده.. وبعدين ده حقي وحق ولادي! ولا هي بس الفلوس بتطلع لما يعوز يتجوز تاني
هز رأسه باعتراض قائلاً وهو يتنفس بعمق
=مش حكايه كده طالما لقياكم مكبرين دماغكم أتأكد ان عمركم ما هترفعوا قضايا ولا تعملوا حاجه قال لما اماطل لحد ما يزهقوا مني وتيجي منهم، بصي انا ممكن اصرفلك عليهم وكل حاجه محتاجينها او تلزالهم تجيلهم لحد عندهم.. بس على رايك ده حقك ولازم تطلبي، اسمعي انا ليا واحد معرفه محامي ممكن يخلصلك الموضوع ده لو عاوزه.. وانا ليا جمايل عليه يعني حتى مش هياخد منكم فلوس.
رفعت زبيدة حاجبيها ثم قالت بامتعاض
= الموضوع مش موضوع فلوس والله ابويا هو اللي دايما بيخاف من الحاجات دي ومش بيحب وجع الدماغ، بس تصدق انا ازاي ما فكرتش في كده انه بيعمل كده متعمد عشان يخلينا نزهق ونبطل نطلب منه انا هفكر في الموضوع واحاول مع أبويا تاني..
ثم أضافت هاتفه بكل بساطه و تلقائية
= ولا ليه احاول ما انا ممكن بعد الجواز أعمل كده وابويا مش هيعرف أني رفعت عليهم قضيه.. بس الخوف انهم يفتكروا ليهم ولاد دلوقتي ويجوا ياخدوهم والله من بعد الطلاق ما بشوف حد منهم
عقد ذراعه على صدره ورفرف قلبه مبتسمًا إليها، ثم أغمض محمد نصف عين وتحدث بمكر
= طالما ما سالوش عليهم زمان يبقى مش لازمينهم! ولو حاولوا حتى انا اللي هقفلهم بنفسي.. اصل على رايك مش هتكوني مراتي ساعتها يبقى خلي كلب يتعرضلك وشوفي هعمل لك فيهم ايه
رمقته مستغربة ردة فعله، وقالت متوتره
= هاه! هو انا قلت امتى اللي انا موافقه؟
تراجع بجسده وابتسامة خلابة تجلت بوجهه
بثقة
= كلامك يا قمر اللي قال كده؟ وما لوش مفهوميه الا كده انك وافقتي صح .
توردت وجنتيها بحمرة الخجل فسحبت بصرها عن مرمى عيناه التي تفترس ملامحها، ثم نهضت لتهرب عندما فضحت أمرها امامه فقالت بحرج
= آآ لا هو آآ أبويا.. قصدي يعني رايي هتعرفه من أبويا مش مني.. عن اذنك .
❈-❈-❈
على مائدة الطعام كان الجميع يتحدث مع بعض بعده اشياء مختلفه حول زواج زبيدة والعريس إلى أن هتف الأب بعدم رضا
=كان نفسي ألاقي عيب واحد في العريس بس مش لاقي! كل الناس بتشكر فيه ومش بتقول غير عيبه أني مش بيخلف عشان كده اتجوز كذا مره لحد ما عرف العيب منه، ومن ساعتها وهو بطل يتجوز وقال يدور على واحده معاها عيال.. عشان ما تكونش دي المشكله بعد كده
هزت عواطف رأسها باعتراض وهي تقول بعبوس
= طب وهو ده عيب اصلا بالنسبه لينا، انا بصراحه شايفه مش عيب على الاقل لما تطلق ثاني ما ترجعلناش بكم عيله قد كده واحنا اللي نشيل .
عقد حاجيبة باهتمام وشعر أنها محقة وهو يقول بتفكير
=انا كمان بدات أفكر في الموضوع طالما ما عندوش مانع يشيلها بالعيال مش هقدر ارفض ده حتي عاوزها بشنطه هدومها ولا هنجهزها و كويس أنها جيت منه انا مش معايا ده انا عليا ديون كتير لسه بسددها اصلا من جوزها الأول ويا ريتها عمرت
هتفت أمها وهي ترمقها بنظرات حادة جعلتها تغضب قليلاً
= خلاص يا حج خليها عليك المره دي! واديك قلت بنفسك الراجل ولا هيكلفنا حاجه و عاوزها بشنطه هدومها والعيال يبقى هنرفض ليه ونقول احنا اللي مش عاوزين، خصوصا الهانم بنتك هتموت على الجواز! بس بعد كده ما ترجعيش وندبي حظك وتقعدي تعيطيلنا
ردت زبيدة بسخرية وهي تنفخ أنفاسها بغيظ
=ما تخافيش مش هيحصل، كنت بعملها زمان في جوازتي الاولى وماحدش منكم اخذ موقف مره واحده معاهم يبقى مش هتفيد حاجه لو جيت اشتكيت وانا اللي عاوزه.. خليني بقى اشتكي لربنا ما ليش غيره لما تحصل حاجه
لوت شفتاها بضيق وأجابت بصوت متهكمًا
= كنتي عاوزانا نعمل لك ايه يا اختي؟ ما انتٍ بنفسك عارفه ان منعم ما لوش كبير وعلى طول تقعدي تقولي ابن امه، كله من الوليه الكبيره امه دي هي السبب ومحدش بيقدر عليها وعلى طول ممشياه حتى اهلها ذات نفسهم تفشوا منها.. احنا بقى اللي كنا هنقدر .
نهضت لترحل لكن توقفت مستديرة إليها عندما استمعت الى تهكمهت فأجابت بمرارة
= لما انتم كنتم عارفين كل ده كنتم رمتوني ليه من الاول؟ انا بتكلم في إيه اصلا خلاص الكلام مش هيفيد ربنا بقى يحاسب كل واحد على نيته.. هو مش سمع ماشوره امه وطلقني واتجوز غيري انا كمان هشوف حياتي ومن حقي!
❈-❈-❈
تمت الخطوبة بالفعل وكانت مهلة الزواج قصيرة لمدة عدة أشهر قليلة ولم يعترض أحد فالجميع كان يريد السرعة، ومرت فترة بالفعل حتى انتهى محمد أخيرًا من تجديد العفش حتى لا تدخل زبيدة على أثاث زوجته السابقة مثل ما اتفقوا وخلال هذه الفترة قد حدث تقارب لطيف بين الإثنين بسبب زيارته و محادثاته معها في الهاتف طول الليل....
وخرجتهم مع أخواتها الشباب وأطفالها حتى يتعودوا على حياتهم الجديدة معه.. حيث كان محمد بالفعل رجل جيد وأحسن التعامل و التصرف معهم وقد كسب ودهم بمدة قصيرة بالهدايا والاهتمام، الذي افتقدوا طول حياتهما من والدهم.
❈-❈-❈
في منزل والد زبيدة،توقف محمد أمامها فجأة حتى اصطدمت بجسده فرفعت كفيها تتشبث بذراعه حتى لا تسقط أبتسم من فعلتها العفوية وهي توترت بقلق وبخجل فابتعدت بسرعه واردف بصوته الأجش
= إيه مالك خفتي كده ليه اكيد مش هعمل فيكي حاجه وحشه يعني واحنا بيت ابوكي! مع أن خلاص كتبنا الكتاب، بس وماله نصبر لما تبقي في بيتي.. أنا كنت عاوزه أسألك على حاجه؟ بما أن خلاص فاضل أسبوع وتبقي معايا تحبي نعمل الدخله سكيتي ولا بفرح!
زوت مابين حاجيبها غير مستوعبة حديثه فتسائلت بعدم تصديق بفرحه
= هو انت ممكن تعمل فرح عادي! رغم ان كل واحد فينا اتجوز قبل كده
اقترب يتكأ على الطاولة وأردف بعدم مبالاة
= والله لو كبرت في دماغي عادي بس خليها حاجه على قدنا ما بحبش يعني اكون محور أنظار الناس وملفتين، فهماني؟
ابتسمت على كلماته، وقالت بتفكير
= يعني مش هتفرق فرح وهيصه وخلاص و كل واحد بيمشي وفلوس بتترمي على الارض بس هو ممكن ألبس فستان فرح! و اوعدك هيكون فستان بسيط مش فستان فرح يعني كبير بس هيكون أبيض وممكن كمان انا اللي أدفع حقه واجره.
احتدت نظراته بضيق شديد وهو يقول بصوت غاضب
= طب بلاش خيابه عشان ما نزعلش من بعض
مش كنا ماشيين حلوين بتقلبيها ليه .
استنكرت رده فعله بالرد وتحدثت بزعل
= خيابه! خلاص بلاش فستان فرح طالما شايفه خيابه، انا اصلي الفرح اللي فات كروتوني كده فما حسيتش ان انا عروسه
تفاجأ محمد من حديثها المبطن بالاتهام ورغم ذلك أبتسم وقال بتوضيح جاد بنبره رجوليه
= ومن قال اني اعتراضي على الفستان ما تلبسي براحتك انا اتضايقت انك بتقولي انتٍ اللي هتشيلي حقه؟ على اي اساس اللي قدامك مش راجل مثلا يقدر يجيبلك اللي عاوزاه ولا كنت طلبت منك تسلفيني .
شعرت زبيدة بحماقة حديثها معه فحاولت الاعتذار، فهي ما زالت لم تعتاد علي الأمور الطبيعيه بأنه المسؤوليه من كفت شيء يجب ان يحملها الرجل وليست المرأة كما كان يحدث مع طليقها السابق، هتفت بأسف مردده
= لا مش قصدي اكيد انا اسفه، شايفك راجل طبعا و حد كويس.. زلت لسان مني ما تزعلش
أردف قائلاً بابتسامة عريضة مغازلها وعيناه تحتضن وجهها الندي بإعجاب كبير
= وماله هعديها لك المره دي يا زلابيه!.
❈-❈-❈
ليلًا.. ارتدت زبيدة منامتها بعدما انتهى من استحمامها، لكن لم تخمد نيران جسدها مع ذلك! تلاشت أنفاسها حتى كادت تخنقها بريقه وهي تعافر كتم رغبتها سواء في مشاهده الافلام السيئة تلك أو الاستسلام الى العاده.. أرجعت رأسها للخلف مهدئه نفسها أنها قد وصلت الى بره الامانه ولم يظل الا القليل! وستكون مع رجل وليست وحيدة.
وهنا صدح وسواس إبليس في أذنها و زين لها ان فعل ذلك الشيء هذه الفترة حتى تتزوج ليس سيء ومعها حجه لذلك، وبعدها تتوقف كما تريد؟ لكن شعرها بالذنب لا يتركها في حالها بالفعل تريد ان تتوقف عن ذلك سواء تزوجت أم لا؟ يكفي الذنب الذي تحمله كل يوم، و تبكي بحرقة تمزق نياط القلوب في صلاتها حتى يغفر لها.
أغمضت زبيدة عينيها بحسرة ودموعها البائسة تنساب على وجنتيها الباردتين حتّى تمنت أن تفقد وعيها حتي الصباح لتتخلص من هذا الجحيم الذي تعيشه الآن ولا يبدو له نهاية..
لم يبقَ في حياتها معنى للحياة وهي بعيدة عن ربها وترتكب ذنب تعرف جيد عواقبه! لذا
تتجرع دموع نهارًا كما تتجرع وسادتها دموع عينيها ليلًا..
نهضت زبيدة باستسلام عندما يأست من نفسها ان تمنع ذلك الشيء! وقبل ان تفعل اي شيء وقفت أمام المراه وأطرقت وجهها أرضًا وهي تعي صحة ما تفعله، وازداد غضبها من نفسها..
فاذا كانت لا تستطيع التطلع على نفسها فكيف ستكون مواجهتها في النهايه امام الله.
هي في نصف العشرينات من عمرها ولا زالت تصرفاتها تشي بتصرفات مراهقة ولا تستطيع السيطره على حالها، لا تفكر بنضج أو رزانة..
فقد تقبل الله دعواتها وارزقها بالزوج الصالح فلما لا تتوقف وتحمد ربها على استجابه دعواتها بدلا من ان يعاقبها ويذهب كما جاء .
أخذت نفسًا آخر وهي تمسح فوق وجهها المتفصد بالعرق، لتحاول بث العزيمه داخلها: سأقاتل من أجل أن أنجو بحياتي لآخر رمق! ثم رددت مع نفسها بصعوبة وأمل
= الجواز مش هو الحل اني ابطل! لازم انا نفسي اللي أوقفه طالما عارفه انه ذنب كبير وحرام.. هحاول المره دي بإصرار كبير واكيد ربنا هيقويني طالما عارف أن بسعى للحلال عشان ابعد عن الذنب ده.
تنهدت وهي تتجه نحو السرير مجدداً لكنها انكمشت فجأة على نفسها عندما أعلنت رغبتها الممنوعة عن نفاذ صبرها وفقدان السيطرة.. لكن مع ذلك ظلت تتلو ذكر الله حتى تنتصر على نفسها....
وعندما جاء الصباح فتحت عينها بسعادة غامرة بأنها انتصرت باول الطريق ربما من الممكن تستسلم مجدداً لكنها ستعود طالبه الرجاء حتى تنتصر بيوم للأبد... جلست تتلو سورة البقرة التي صارت عادتها اليومية في مجابهة أيامها الصعبة التي تعيشها.
❈-❈-❈
في يوم الزفاف، أطلقت نوال عده زغاريد بحماس شديد واقتربت تحتوي صديقتها وابنه خالتها هاتفه بسعادة
= مبروك يا عروسه ايه القمر ده بس كنتي مخبيه الجمال ده كله فين لا و اهلك ما كانوش عاوزين يجوزوكي و يدفنوكي قال.
أبتعدت عنها وجاش صدرها بالغضب وأجابت بصوتٍ مكتوم
= قوليلهم احسن انا شايفها منهم لحد دلوقتي في نظراتهم من غير مايتكلموا محسساني اني واحده مش كويسه وما عنديش دم عشان اتجوزت ومعايا عيال مع اني مش هسيبهم وبرده كان نفسهم اقعد اربيهم وما اشوفش نفسي بس ابوهم عادي..
ثم قالت زبيدة وهي تخرج المرأة الشرسة المقاتلة في داخلها
= بس اقول لك في داهيه ولا فارق ليا رايهم طالما مش بعمل حاجه حرام وربنا وحده اللي عالم انا بسعي للخطوه دي ليه؟ بس خلاص اتعلمت بعد كده طالما ليا حق هدافع عنه حتى لو هقف قصاد أهلي نفسهم .
اقتربت نوال منها تعدل لها طرحه فستان الزفاف وأردفت ساخرة حتي تخرجها من تلك الاجواء
= لا ده إحنا اتغيرنا خالص وبقينا ما نخافش، بس معلش على راي المثل الرفسة اللي ماتموتش بتقوي
قالت زبيدة باستفسارات وقد عقدت حاجبيها متسائلة
= الضربة قصدك
هزت رأسها برفض وهي تأكد علي حديثها بنبرة حانقة
= الرفسة اسمعي مني احنا بنتعامل مع بهايم الأيام دي.
ضحكت زبيدة بشدة وهي تردد بسعادة
= والله انتٍ مشكله يا نوال، بس والله ما انسى انك شجعتيني على الخطوه دي وهدعيلك في صلاتي دايما ان ربنا يرزقك بالزوج الصالح زيي و اللي احسن كمان.
تجهمت ملامحها فجاءه و تمتمت نوال بوجوم
= مش سمعت أن المعدول طليقك اتجوز للمره الثالثه وبرده طلقها بعد ما اخلف منها بس الاخيره شكلها مش سهله ورافعه عليه قضايا قد كده.. عشان تجيب حقها رغم انهم كانوا عاوزين الصلح بس هي صممت ان اللي عملوا فيها واستحملته منه هتطلعه عليه في المحاكم ومصممه تسجينه لو ما دفعلهاش
هنا لم ترتبك ملامحها بل على العكس ارتسم على وجهها الاستياء وهي ترد بامتعاض شرس
= يستاهل ده ذنبي وذنب عياله، ممكن ربنا عمل كده عشان يحرم كل شويه يتجوز و يطلق ويخلف! بس كويس انك قلتلي عشان انا كمان كده اخش بقلب جامد واسمع كلام محمد جوزي وارفع عليه قضيه عشان اطالب بحق ولادي صدقيني أمه مش هتستحمل وهتدفع كل اللي معاها والفلوس دلوقتي هتطلع عشان ما يتسجنش.. بعد ما كانت حرماني انا والعيال وبتديني بالقطاره الفلوس بالعافيه.. هي دي ناس عندها دم .
تطلعت الأخري لها تقول بحنق بالغ
= ده إبن امه يا حبيبتي وقالوها لينا زمان ابن امه بنسيبه لامه اذا كان الجيش سابه انتٍ إللي هتاخدي.. هو انا برده اللي هقول لك .
ضحكت علي كلماتها بتسلية ثم هزت رأسها هاتفه بنبرة سعيدة
=على رايك، بس خلاص مش عاوزه افكر في القديم تاني ولا اسمع سيرته من هنا ورايح، انا عاوزه اركز مع حياتي الجديده واللي عاوزه أبداها على نظافه .
❈-❈-❈
في غرفة الزوجية، بعد انتهاء الزفاف! أخذت زبيدة وقتها كاملا في الداخل وهي تعد نفسها ومحمد لم ينادي عليها وتركها على راحتها حتى تستعد جيدا.. وبمجرد أن دخل حتى استنشقت رائحة عطرها الشهية وهنا رفع محمد عينيه نحوها لتتجلى بوضوح الدّهشة عليه.. شعرت بنظراته تتفحصها بانبهار..
استمر في التحديق بها دون أن يركز فيما حوله قبل أن يقترب يقف خلفها مرددًا بأنفاس ماخوذه من سحر جمالها
=بقالك كتير قاعده القعده دي قدام المرايه وسرحانه؟ مع انك مش محتاجه حاجه انتٍ جميله وحلوه أوي من غير مكياج.. ما لوش لازمه كل اللي بتعمليه؟ ده انتٍ طلعتي احلى ما كنت متخيل بكتير
إستمرت تنظر اليه في المراه والسعادة تتجلى بملامحها هاتفة بعذوبة
=هو انتٍ كنت بتتخيلني؟! ويا ترى كنت بتتخيلاني وحشه ولا حلوه
أَمَال محمد رأسه نحو أذنيها ليهمس بأنفاس تتسارع على نحو جنونه وهو يستنشق رائحتها أعلي رقبتها من الخلف باستمتاع
=وحشه ايه بس! انا ما شفتش في جمالك ولا هشوف.. ده انتٍ بطل
اجابته بدلال ألهب مشاعره بالانتشاء
= ده انت عشان عيونك الحلوين! وحلو فبتشوف الناس كلها حلوه زيك .
تأوه بصوت شديد الخشونة وهو يشعر بالرضا والاحتياج من المزيد
=بجد انتٍ شايفاني حلو! قولي يا زبيدة تاني ما تحرمنيش من الكلام الحلو ده، اللي كنت محروم منه زمان.. وبسبب اني ما بخلفش كنت بحس أني معيوب ومش راجل .
ابتسم برضا عندما استمع إلى صوتها تقول بصرامة
=فشر! قطع لسان اللي يقول كده، ده انت راجل وسيد الرجاله.. وأنت إللي ما فيش زيك اتنين، انا ما شفتش راجل زيك ولا هشوف
عشان مالي عيني .. يا راجلي.
حدق فيها لثوانٍ أخرى بلهاث لا يظهر كأنه يستوعب ما يراه ويحدث ثم أزاح خصلاتها الداكنة الكثيفة خلف أذنها وهمس يداعبها بشغف، فزوجاته الآخرين منهم من كان يرحل بهدوء عندما يعرف مشكله الإنجاب لدي ومنهم من يجرحه ويطعنه برجولته! وهو لم يعيش تلك اللحظات الرومانسيه والعاطفيه من قبل مع زوجاته رغم احتياجه الشديد الا مع زبيده قد غيرت القانون.. لكن بالطبع اعجبه ذلك.
شرد بعينيه قليلاً يردف بصراحة
= قولي كمان يا زبيدة، افضلي قوليلي كمان كلام ذي ده عشان أحبك أكثر و كل طلباتك هتكون مجابه.. طول ما انتٍ شايفاني مالي عينك وتحت طوعي.
وقفت الأخري وهو علي الفور اقترب منها يحتضنها و تاه في رائحتها الخلابة فراح يستنشقها بقوة وكأنها اكسير الحياة، بينما هي ابتسمت بداخلها فهي وصلت إلى مرادها أخيراً و تعلم جيداً مدى تأثيرها عليه بتلك اللحظه فرفعت يدها وداعبت وجنته برقة وتحدثت بعتاب لطيف
= انا أخرج تحت طوع راجلي برده وحبيبي وسندي واماني! واللي ما ليش غيره ومالي عيني ما يصحش طبعا وعمري ما هفكر في كده.. هتفضل طول عمرك كبير واللي يفكر يقلل منك قبل ما تفكر تحاسبه أنت هكون واكلي بسناني.. عشان ما حدش يستجرا يزعل حبيبي ولا يدوسلك على طرف طول ما انا موجوده .
كانت تتحدث وهي تدنو منه حد الخطر حتى طبعت قبـلة خفيفة فوق وجنته فجعلته يرتجف بداخله، وهمس بعدم تصديق
= طلعتي مش سهله يا زبيدة وعرفتي توصليلي إزاي، وتكملي اللي ناقصني .
نكست زبيدة رأسها باستحياء فأبتعد محمد قليلاً قبل أن يمد يده ويمسك ذقنها ويرفعها،
ثم هدر لها بعاطفة حازمه
= ما فيش حاجه هتحتاجيها من هنا ورايح طول ما انا موجود يبقى خلي حد يقربلك حتى اهلك بس نفسهم وانا هقفلهم! حتى اهل طليقك هجيبلك حقك منهم.. بس خليكي فعلا قد كلامك واثبتي كل كلمه قلتيها وانك شايفاني كده.. وأنه مش مجرد كلام بتاخديني بيه على قد عقلي.
لا تستطيع إنكار بأنها تعلمت من تجربتها السابقه ولم تكن زبيدة الفتاه البسيطه بعد الآن انما ماكره في أمور علاقتها بزوجها حلالها لتكتسبه وتكون له الى الأبد طالما هو الزوج الجيد، فلم تترك بعد الآن ما يعكر صفوها أو يتحكم فيها لدرجه سيئه ستمسك هي زمام الأمور لكن ستجعله بنفس الوقت يشعر بأنه المتحكم، فابتسمت له مجيبة بنعومة
= معاش ولا كان اللي ياخدك على قد عقلك يا سيد الناس انا قاصده كل كلمه يا محمد وحياه ولادي ما بكدب، طول ما انت فعلاً حميني وسندي اعتبرني خدامتك وتحت رجلك وعمري ما هخرج عن طوعك.
فقرب تلك الصغيرة منه يجعلها في عالم آخر فوجد نفسه تلقائيا يعترض وهو يتحدث بحزم جعلها تقفز عينها وقلبها بسعادة
=انتٍ اللي ست الناس كلها ما تقوليش على نفسك كده.. و انا اعتبريني من اللحظه دي بقيت بعشقك يا زبيدة! ومش هرفضلك طلب طول ما انتٍ محافظه على اسمي!
ابتسمت بامتنان له وشردت بعينيها قليلاً وهي تتحدث بصراحه ليس كامله أو واضحها تكشف فيها عن احتياجتها واسرارها.
= تعرف يا محمد انا طلباتي طول عمرها بسيطه يبقيلي بيت احس انه ملكي مش اي حد يدخل عليا فيه غير جوزي حتى لو اهله! واحس اني متجوزه راجل بجد لي كلمه مش غيره يمشي حتى لو طلب منه يطلقني، ويهتم ويصرف على عياله ويشيل المسؤوليه معايا.. يعمل كل احتياجاتي طول ما بطلب حاجه لا عيب ولا حرام! شفت انا احلامي كانت بسيطة إزاي بس كنت بحس بصعوبه وان الكل واقف قصادي كل ما اطلب حقي..
شعرت بآلام بل كاد قلبها أن يشق صدرها لكنها أكملت له بهمس عن احتياجاتها البسيطه
= وده كان واجعني أوي ان غيري ممكن يعمله عشان اسمه راجل وانا لا.. انا عشت بنت للأسف ودي معناها في المجتمع أني محرومه من كل حاجه حتى الأمان كان نفسي أوي أحس بيه في حياتي، ونفسي الاقيه معاك وانا اوعدك من بعدها هكون ملكك وبين ايديك .
لمعت عيناه وتحولت ابتسامته عند لتجاوب شغوف، وهتف قائلاً بوعد
=بس كده اعتبري أحلامك ده كلها حصلت حتى طليقك لسه عند كلمتي وهخلي المحامي يجيبلك فلوس ولادك منه بالغصب، رغم اني اقدر اصرف عليهم بس على رايك ده حقك وما ينفعش تسيبيه..
نظر لها كنسر يتأهب للانقضاض على فريسته.. فهدر بصوتٍ خطير متلاعب
= بس هو احنا هنقضيها كلام كثير ولا ايه.
ابتسمت له ابتسامة تبث فيها وعدها له قبل أن ترد بصراحه جريئة
= ما تقول لنفسك انا خلاص رفعت الرايه البيضاء وقلتلك انا كل ملكك اول ما احس بالأمان في حضنك.!!
طوقها بلهفة حتى أصبحت بين ذراعيه ثم حملها فجاه بينما شهقه عالياً خرجت منها بدهشة ليقول لها بعنف عاطفته التي توقّدت به على نحو كبير
= كأنك انتٍ اللي هتعمري معايا يا بنت اللذينه مش بيقولوا الثالثه ثابته! بس انا حاسس انك هتنسيني كل جوازاتي اللي فاتت أو مش هيبقى في غيرك قدامي.. ولا ايه يا زلابيه
ضحكت زبيدة بخفوت وهي تحيط رقبته بيديها ولا تزال بين يديه، وشعرت بأنها تريده أن يضمها طويلاً وتشعر بنفس احتياجها واكثر التي كانت تنتظره وسعت إليه كثيرة.. تريد تلك العواطف والحنان والعطف والاحتواء الذي يضرمها فيها، حتى أن يحتل روحها ويصهرها في روحه.
بصعوبة كتمت ضحكة خافتة منها فقالت له
مع شعور السعاده
= زلابيه! تعرف عمر ما حد دلعني الدلع ده بس عجبني! حلو عشان منك.
توجه محمد بها نحو السرير ليضعها هناك بهدوء فوقه وصعد جانبها، بمجرد أن أبتعد حتى اعتدلت على استحياء وهو اقترب
هادرا بصوتِ أجش
= يبقى من النهارده مش هناديلك غيره واي حاجه هتعجبك هتكون ملكك، زي ما انا هملكك دلوقتي يا زلابيه!
ضحكت بسعادة كبيرة فلقد تحررت من هواجسها السلبية التي تشعرها بأنها أقل من أي رجل أي كان منعم طليقها أو غيره ولا تناسب أن تكون زوجه مجدداً.. لكن محمد لقد أشعرها براحة متناهية فما ألذ من شعور أن تكون في حماية رجل حقيقي تستند عليه..
فما شعور السعاده أن تسعى للحلال حتى تستغني عن الحرام .
الـنـهـايــــة.