رواية اغلال الروح الفصل التاسع 9 بقلم شيماء الجندي
فصل التاسع " صاعقة ! "
إلى الآن لا تُصدق ما بين يديها ، رغم أن الأوراق تؤكد ظنونها إلا أنها تتألم لأجل هذا الرجل و تلك الصغيرة الجميلة !!! كيف تُخبر ذاك السيد المغرور أن الصغيرة "نورهان" ليست ابنه "عاصم " هي هًنا لأجل هذا الرجل !!!!! تلك الرقيقة ليست صغيرته ؟!! ماذا تفعل بتلك الكارثة إذًا ؟!! هل ترحل عن تلك العائلة إلى الأبد ؟ أم تتحدث إليه و تخبره أن سبب تواجدها هنا ماهو إلا ظلم كبير لهذا الرجل المسكين الذي يرى العالم بأكمله داخل فتياته ، مرت صورة أبيها أمام عينيها حين كان ينظر إليهن و يمدح جمال طلاتهن معًا بالرغم أن شقيقتها كانت صغيرة للغاية !
وضعت رأسها بين يديها و عقدت حاجبيها حين ظهر رقم "سامح" فوق شاشتها أجابت ترفع الهاتف إلى أذنها تستمع إلى صوته الملهوف بفرحة عارمة يقول :
- سديم !!! شوفتي الحظ !!!! شوفتي الورق اللي معانا !!!
اجابته بدهشة وهي ترفع حاجبها الأيسر باستنكار واضح :
- أنت بتتكلم عن ورق بنت أميرة ؟
صاح ضاحكًا بقوة :
- الله ينور عليكِ ياااقلب خالك !! عايزك دلوقت تروحي بقاا على الفطار بتاعهم و يتقلب نكد ! عرفي الكل أن الصغيرة الأمورة دي مش بنته ، أنتِ مش متخيلة ثروة عاصم كلها اللي هتبقا بين إيديكِ دي شكلها إيه !!!
ثروة "عاصم" !!!!! ظهرت نواياه الآن هي هُنا لأجل الاستحواذ على ثروة رجل بعمر أبيها ! بل بأخلاقه !! هي ليست مجرد محتالة تنفذ رغبة "آسر" ! "آسر" محق بمخاوفه ، خالها يرغب في نهب ثرواتهم !!!! و إن اقسمت أنها لا تعلم لن يصدقها ، بمنظوره هي المحتالة "سديم" !!
وقفت بمحلها تقول بصدمة واضحة :
- أنت عايزني اخرج اقوله دي مش بنتك دا ممكن يتجلط فيها ! عايزني اشوه الطفلة الصغيرة دي ؟ أنت اتجننت !!! ثروة إيه أنت عايزني انهب الراجل ؟
استمعت إلى صوته الساخر يقول :
- نعم !!! إيه الصعبانيات دي ياسديم !! أنا مالي بالبت وأبوها و بعدين ماهو لو حصله حاجه هتاخدي كل حاجه و نطلع من الحوار دا بقاا و يبقوا يسجنوا ابنهم اللي نصب عليهم ولو على الشيكات نرميله فلوسها دي ثروة عاصم ياحبيبتي عارفة يعني إيه ؟!!! فوقي ياسديم إحنا مش شيوخ ياحبيبة قلبي ، أنتِ عندك عشان تنفذي اتفاقنا !
صاحت غاضبة ولازالت الصدمة تُسيطر عليها و قالت :
- أنا متفقتش معاك على الكلام الفارغ دا أصلًا !!!!
أتاها الرد يقول بضحكة خفيفة :
- و الظروف اتغيرت و الاتفاق اتغير ياسديم الحظ في مصلحتنا المرة دي يبقا نلحق نفسنا قبل ما أميرة تغدر بينا بقا هي و أم البنت الحقيقية !!!
طرق الباب أحدهم فأسرعت تضع الأوراق داخل حقيبتها و هي تقول :
- روح دلوقت فيه حد بيخبط !
ثم أغلقت على الفور تسمح للطارق بالدخول و قد كانت الصغيرة الجميلة تجلب بين يديها علبة صغيرة و تتجه إليها ببسمة مشرقة تضع العلبة فوق ساقيها ببهجة و تقول بصوتها الطفولي الناعم :
- ديمي ، عاوزة زي امبارح !!
نظرت إليها لحظات ، رُباه كيف لها أن تطعن تلك اللطيفة الجميلة ، كيف تشوه طفولتها و بسمتها المشرقة ، لقد أتت الصغيرة إليها تطالبها أن تصفف خصلاتها مثل كل يوم كما اعتادت ، وثقت بها الصغيرة و شاركتها في بضع أيام جميع أسرارها التي تخشى أن تخبر أمها بها ، لقد وثقت تلك الجميلة ذات القلب الطاهر بشيطانة عليها أن تُدمر طفولتها بيضع كلمات ، كيف عليها أن تفعل تلك الجريمة الشنعاء بهذه البريئة ، التي منحتها محبة خالصة و ذكرتها بجمال طفولتها حين كانت تجلس بين يدي أمها تصفف خصلاتها ، عجزت عن التحكم بدموعها بتلك اللحظة و حين وجدت الطفلة تحدق بوجهها بأعين متسعة و ترفع يدها إلى وجنتها تقول بحنو تألمت بشدة لأجلها و الآن هي نادمة أنها رفضت الخروج من هذا المكان حين طالبها بالابتعاد عن عائلته داخل المصعد !!!! :
- ديمي بتعيطي ؟!!
هزت رأسها بالسلب و وضعت العلبة فوق الفراش بجانبها ترفع جسد الصغيرة فوق ساقيها و احتضنتها تقبل جبهتها و خصلاتها و تقول بألم و قد رفعت أناملها لإزالة دموعها لكن رفضت الصغيرة و رفعت يديها تجفف دموع "سديم" و فور أن انتهت وضعت بركبتيها الصغيرتين فوق ساقيها و أحاطت عنقها تضم رأسها لصدرها وتمسح بيدها الصغيرة فوق خصلاتها تقول بلطف :
- أنا هعمل زيك أهو !
أحاطت "سديم" جسد الصغيرة و أجهشت بالبكاء المرير ما هذا الدفئ الذي يجافيها منذ أعوام ؟!!! كيف تبث تلك الصغيرة هذه المشاعر داخلها مرة اخرى ؟!! لحظات و هدأت وعادت إلى صوابها ترفع رأسها و تمسح دموعها وتقول ببسمة هادئة و هي تمسح دموع الصغيرة :
- طيب بتعيطي ليه معايا ؟
اجابتها الصغيرة بحزن :
- عشانك !!!
لطافتها و براءتها سلاح مدمر لها بتلك اللحظات ، كورت "سديم" وجهها و قبلتها تجفف دموعها و تهمس لها ببسمة جميلة :
- لا أنا كنت تعبانة و خفيت خلاص !
ثم أكملت بوعد خفي :
- ومش هخليكِ تعيطي بسببي أبدًا تاني !
احتضنتها و ربتت فوق جسدها ثم بدأت تعبث بعلبتها لتنفذ رغبتها بتصفيف شعرها و هي تهمس لحالها :
- محدش هيقرب منك طول ما أنا هنا ! أنا لو عملت كل المصايب مش ممكن أعمل سديم تاني !!! كفاية أوي لحد هناا !
أنهت تصفيف خصلاتها و هبطت الصغيرة من فوق ساقيها و قالت بلطف :
- ديمي مش هقول لأي حد إنك عيطتي !
عقدت "سديم" حاجبيها و تسائلت قائلة :
- اشمعنا ؟
ابتسمت لها الصغيرة و أجابت بتوضيح :
- عشان أنتِ أول مرة تعملي كدا ، و محدش معانا هنا يعني دا سر بيني و بينك ! صح كدا ؟
قبلتها فوق خديها و همست لها بمحبة :
- صح كدا ! يلاا عشان اوصلك النهاردة كمان !
اتسعت عينيها و قالت بحماس :
- بجد ؟!!!!
هزت رأسها بالإيجاب تقول بعبث :
- كدا كدا هروح متأخر يبقا أتأخر عشان سبب حلو زيك !
ابتسمت لها و احتضنت خصرها بحماس ثم ركضت إلى الخارج وهي تقول :
- هجيب حاجتي بسرعة أوعي تمشي !!
اختفت بسمتها تدريجيًا مع اختفاء تلك الجميلة و تنهدت ثم مالت تجمع متعلقاتها التي تركتها خلفها داخل علبتها الصغيرة ، لكنها عقدت حاجبيها حين وجدته يطرق فوق الزجاج بهدوء و يقول عاقدًا حاجبيه :
- هتوصلي نورهان بجد ؟
لم تنظر تجاهه بل قالت بفتور و هي تضع العلبة فوق الطاولة الصغيرة و تتجه إلى غرفة الملابس :
- أكيد مش هكدب على طفلة !
توقفت محلها و استدارت تقول بسخرية :
- أنا تخصص نصب على كبار بس !
ثم انصرفت تحضر حذائها و أغلق هو الباب الخاص بالغرفة يتجه خلفها قائلًا بنبرة حادة :
- سديم ! بلاش الأسلوب دا معايا لأنه فعلًا بيخرجني عن شعوري و بقولك كلام متمناش تسمعيه مني !
ضحكت ساخرة و أجابت و هي تتجاهل تواجده و تعبث بهاتفها :
- عادي اللي مش بتقوله بشوفه في عينيك و أنت بتكلمني ! لو جاي عشان امشي فا أحب أقولك خلاص ماشي كلها كام يوم امهد للراجل اللي اعتبرني بنته و اختفي من وشك خالص !
كادت تمر من المسافة المتاحة لها بينه و بين الحائط لكنه قبض على رسغها يقول بصدمة عاقدًا حاجبيه :
- أنا مقولتش تمشي و سايبك بقالي كذا يوم تهدي !
رفعت حاجبيها بصدمة و قالت :
- إيه ؟!!!! أنت عندك شيزوفرينيا أكيد بقاا ! اومال مين اللي كان على وشك يقتلني في الاسانسير من كام يوم !!!! وبعدين حتى ولو رجعت في كلامك أنا مش هرجع و همشي كفاية أوي اللي حصل لحد كدا !
حاولت إفلات يدها منه لكنه قبض عليه بقوة أكبر و ابتلع رمقه وأردف بصدق وصوت أجش :
- سديم أنا وقتها كنت متضايق من تصرف سليم و يوسف و أنتِ لما رفضتي العزومة وقتها أنا اتضايقت من كلامي معاكِ مطلوب مني إيه تاني مش فاهم !
رفعت حاجبها وقالت بغضب :
- مطلوب منك تسيب أيدي ومتلمسنيش نهائي ، دا غير إني مرفضتش عزومات أنا أجلتها للنهاردة وهخرج مع الكل بليل أودع عيلتك و اختفي من حياتكم !
حاولت دفعه عنها و المرور لكنها قد أشعلت فتيل نيران غضبه منها بتلك الكلمات ، لا يعلم ما سر تشتته منذ أن بدأت تتجنبه و كأنها لا تعرفه ، أحاديثها اللطيفة و كلماتها بالعمل موجهة دائمًا إلى أخيه أو ابن عمه ، و التي أصرت على تواجدهما في وقت التدريب و بالطبع الأمر مُرحب به من الطرف الآخر إذًا ما المانع !!! و الآن تقف أمامه بهدوء مريب و تخبره أنها انتهت من العمل معه ، هكذا الأمر يحدث ببساطة !
عقد حاجبيه و قال بغضب :
- مش بمزاجك ياسديم ومش هتمشي من هنا إلا لما أنا أقول ، فيه عقد بيني و بين خالك و كلامي معاه !
تركها بحالة من الفزع أن يحادث "سامح" و يفسد ما تفعله لأجل الصغيرة ، توقف عند الفراش الخاص بها حين هرعت إليه و أمسكت ذراعه السليم تقول بغضب :
- هو إيه اللي تكلم سامح هو أنا لعبة معاك ! تعالي روحي !
عقد حاجبيه و ردد خلفها :
- سامح !!!!
لفظت اسمه كما اعتادت بدون ألقاب و لكن ليس هذا ما يشغلها الآن الأهم هي الصغيرة ، ركزت على هدفها و أغمضت عينيها لحظات تقول محاولة التفاوض معه :
- أنا عايزة افهم إيه اللي يخليك عايز تحتفظ بواحدة زيي نصابة و بتضر عيلتك ! أنا اللي بقولك إني مش مضمونة ! و لو مش عايزني انزل مع يوسف و سليم مش نازلة ممكن تسيبني بقاا اخرج من حياتكم !
عقد حاجبيه من إصرارها و قال غاضبًا :
- وأنا مش تحت مزاجك و هتقعدي لحد ما أقرر تمشي و معنديش أي كلام تاني !
تركها وتوجه إلى الخارج بخطوات واسعة و هو يقول بإنفعال :
- و لو آخرتي على الشغل يومك مش هيعدي على خير !!!
زفرت بغضب و جزت على أسنانها بقوة تقول بإنفعال :
- غبي !! أنا لو قعدت يوم واحد كمان عيلتك هتتدمر !!!!
أسرعت خلفه و قبضت على ذراعه ليتوقف عن السير و ينظر إليها عاقدًا حاجبيه ينتظر حديثها بملامح يتراقص فوقها الغضب لتردف بحزن :
- هو أنت بتعمل كدا عشان فلوس عمك ؟ يعني جايبني هنا عشان وصية عمك بس ؟
حدق بها بصمت و قال بنبرة جافة : ليه ! هيفرق عندك !!!
كيف تخبره أن لديها العديد من الأسرار و اليوم أصبحت أسرار ثقيلة لا يمكنها حملها بمفردها ، زوجة عمه على صلة قوية بوالدة "سيلا" الحقيقة و ابنه عمه هي ابنه غير شرعية و هي الآن خائفة ثباتها الزائف على وشك الانهيار لأجل هذه الصغيرة و لأجله أيضًا !!!!
تنهدت و قالت بحزن : هيفرق عندك أنت ياآسر مش عندي !
ضيق عينيه باستفام و كاد يواصل حديثه لكن قاطعه "رائف" الذي اقتحم الحوار و قال بدهشة حين وجد ملامح وجهه لا تبشر بالخير :
- فيه إيه كل دا بتأكد عليها تأخر النهارده !
وكأنها تنتظر فرصة الفرار من براثن عينيه الثاقبة و تخشى رد فعله تجاه الصغيرة و تجاه ما لديها من حقائق و تخشى هذا الصديق المتهور من وجهة نظرها أسرعت إلى الداخل و تركتهم بينما نظر في أثرها و لولا كبريائه و نظرات صديقه لـتبعها في التو والحال و سألها عن سر رهبتها التي تصرخ بها عينيها كلما حدقت به !!!
هدر "آسر" فجأة بغضب شعر أن صمته طال و انتظار صديقه يجعله بحالة من التوتر :
- عايزة تمشي ونلغي اتفاقنا !!!
اتسعت عيني صديقه وصاح بصدمة :
- ياألف نهار أبيض ماهو دا اللي إحنا عايزينه !
عقد "آسر" حاجبيه و نظر بهاتفه قائلًا :
- اتحرك يارائف خلينا نشوف اللي ورانا !
تنهد "رائف" ودلف إلى السيارة ليبدأ القيادة صامتًا يتابع بعينيه الطريق و يراقب صديقه الذي رفع الهاتف إلى أذنه يقول بنبرة رادعة :
- ايوا ياسامح !! أنت بتستهبل ؟!! واخد مني الفلوس دي كلها عشان تلعب معايااا !!!!!
أكمل صديقه بإنفعال واضح :
- ملكش دعوة اهدا ولا اتعصب ، شوف بنت أختك و خليك عارف إنها لو نفذت اللي هي عايزاه و سابت شغلي قبل ما أنا أقول حسابي هيبقا معاك أنت !
أغلق الهاتف ونظر من النافذة بصمت و هو يتلاعب بهاتفه بين أنامله بحركة غاضبة أدهشت "رائف" الذي قال محاولًا التفاهم معه و امتصاص غضبه الغير مبرر :
- طيب ما محتاج افهم أنت متمسك بيها ليه دلوقت وكمان بتشتكيها !! ماهي كانت هتخلصنا منها !! ومتقوليش عشان أنا اللي أقول واحدد لأني عارفك ومتأكد إن دا مش أسلوب تفكيرك !
آثر عدم الإجابة لكنه نظر إليه لحظات بتردد ملحوظ وعقله يتحدث إليه ساخرًا منه و يخبره أنه لا يملك مبرر قوي و برهان واضح فقط يشعر باشتعال يكاد يحرقه داخليًا ، بل هو يخشى أن تفعل ما أرادت و تترك المنزل دون إرادته اتسعت عينيه فجأة و قال بصوت آمر :
- لف يارائف و ارجع بسرعة !!!!
عقد حاجبيه بدهشة و قال :
- هو فيه إيه ياآسر ؟ إيه الحكاية !!!
أردف الآخر بتوتر قائلًا :
- هتلف ولا تنزلني هناا ارجع أنا !
عاد كما طلب منه و قد وجدها تقود السيارة بالفعل وتمر من البوابة الإلكترونية بصحبة الصغيرة ، قال مسرعًا و هو يتابعها بعينيه :
- رائف خد عربيتي و روح على الشركة وأنا هحصلك يلا بسرعة !
هبط من سيارته يضرب كفًا بالآخر و قد هبط صديقه أيضًا و اتجه إلى مقعد القيادة و لحظات كان يشق الطريق بسرعة كبيرة خلفها !!!
وصلت إلى مدرسة الصغيرة و هبطت تودعها ثم استدارت وكادت تعود إلى السيارة لكنها وجدته خلفها مباشرة يقف محدقًا بها بغضب شديد أدهشها لتعقد حاجبيها و كادت تسأله لكن ارتفع رنين هاتفها و أجابت على الفور :
- ألو ! ايوا ايوا عارفاكِ ، خير نيرة حصلها حاجه !!
اتسعت عينيها و قالت بصدمة :
- إيه ؟!!! ليه كل داا !!! لا لا متتصليش بسامح أنا جاية حالًا !
عقد حاجبيه و سألها حين وجد الهلع تمكن من ملامحها :
- فيه إيه ؟!
ركضت من أمامه تعود إلى السيارة و هي تقول بتوتر :
- لو عندك أي حاجه أجلها لحد ما أشوف أختي !!
شقيقتها !!! هل تمتلك شقيقة و ذاهبة إليها الآن !!!!! هذه الفتاة عبارة عن كتلة مفاجآت متحركة ! ماذا يفعل ؟ هل يعود إلى عمله أم يذهب معها و يتأكد أنها تراجعت عن فكرة تركه ؟ كان عقله يعمل بالرغم أنه اتجه خلفها مرة أخرى بالسيارة ، و إلى الآن يجهل سر تتبعه لها هل هو فضول لرؤية شقيقتها أم فضول لمعرفة المزيد عنها ، أم هي رغبة داخلية مثلها كمثل رفضه تركها إياه في تلك الفترة !!!
________________ *** _________________
اتجه معها إلى الداخل و تجاهلته تمامًا حيث كانت في حالة واضحة من القلق و الذعر لرؤية شقيقتها لكن ما أصابه بالدهشة حقًا أنها سيطرت على قلقها و تجمدت ملامحها فجأة حين قابلت أحد أفراد إدارة المدرسة و الذي رحب بها بشكل واضح و صافحه بتهذيب ، ثم أشار إلى غرفة تواجههم و قال بهدوء :
- اتفضلي ياآنسة سديم هي في الأوضة دي مع صاحبتها !
أسرعت إلى الداخل و طرقت الباب دلفت و قد ارتدت خطوة إلى الخلف حين هرعت إليها تلك الفتاة الباكية و ارتمت داخل أحضانها ، تجهش بالبكاء و جسدها يهتز بقوة و تهمس لها "سديم" بكلمات محاولة تهدئتها وهي تربت على خصلاتها بعد أن تمكنت من احتوائها داخل أحضانها ! هل تلك المراهقة شقيقتها !!!! هل تمتلك عائلة من الأساس دون "سامح" المحتال !!!!!
نظرت "سديم" إلى رفيقتها وقالت عاقدة حاجبيها :
- إيه اللي حصل ؟
أبعدت المراهقة عينيها عن "آسر" حيث كانت تتأمله بجراءة واضحة و قالت بجهل :
- مش عارفة أنا لقيتها مرة واحدة بتعيط و كانت ساكته خالص مش بتتكلم قبلها !
ازداد قلقها و جلست فوق الأريكة تحاول إخراجها من أحضانها قائلة بلطف :
- نيرة حبيبتي حصل إيه مالك ؟
نظرت إليها أخيرًا ثم إلى صديقتها الواقفة تنتظر بفضول واضح و مرت بعينيها إلى هذا الرجل الوسيم الذي يقف خلف شقيقتها مباشرة و ينظر إليها بترقب واضح وقد لاحظت "سديم" توتر نظرات شقيقتها من تواجدهم لذلك أردفت بهدوء :
- ممكن تسيبونا لوحدنا شوية !
خرجت الفتاة على الفور و وقف هو ينظر إليهن بصدمة للحظات ثم انصرف يستمع إليها تقول بنبرة حانية :
- خلاص حبيبتي بقينا لوحدنا مالك بقا ؟
انتظرت الفتاة إغلاق الباب و قالت بصوت متحشرج رقيق :
- أناا. مـ ..مش عارفة أقول !
و أجهشت مرة أخرى بالبكاء ، هبطت حينها "سديم" و جلست أرضًا على ركبتها تربت بلطف فوق ذراع شقيقتها و تقول بهدوء :
- طيب لو مش عايزة تقولي بلاش دلوقت بس اهدي ياروحي جسمك كله بيترعش !!!
جففت دموعها بظهر يدها و هزت رأسها بالسلب تستجمع شجاعتها قائلة :
- لاء هحكيلك ، أنت قولتيلي اسيب الفون القديم في اوضة مامي و اشغل الـ "recording" ' التسجيل ' عشان نشوف الـ nurse "الممرضة" الجديدة بتعاملها إزاي صح ؟
انصتت "سديم" إلى حديثها باهتمام وهزت رأسها بالإيجاب قائلة :
- ايوا و عملتي كدا ؟!
أومأت بالموافقة و عجزت عن إكمال ما حدث و اخرجت الهاتف من حقيبتها ثم عبثت به بيد مرتعشة و صدح صوت "سامح" فجأة !!!!
Flash back ..
- اووف سوري يانبيلة أصل متعود إنك بتردي و كدا !
قالها وهو ينظر إلى شقيقته التي نظرت إليه بغضب و عقدت حاجبيها بقوة ليبتسم لها ببرود و يتجه إلى النافذة يراقب من خلالها حركة "نيرة" داخل المسبح و هو يقول :
- بصراحة يانبيلة أنا فخور ببناتك ، يعني مثلًا نيرة لطيفة أوي و هادية و مطيعة مش بتسأل كتير و تفتح قصص ، بتستمع بوقتها و ده عامل مشترك بيني وبينها عكس سديم تمامًا ..
عينيها الغاضبة ارتكزت فوقه و كأنها تخبره أن عجزها هو الحائل بينهما بتلك اللحظة لكنها نظرت إليه بخوف حين أكمل :
- بس سديم دي ، ورقة الحظ بتاعتي ، ذكائها و جمالها و طريقتها يغطوا على طول لسانها معايا ، عارفة ليه ، عشان أنا مش عايز منها غير التلاته دول ! سديم قصة و في مكان تاني بعيد عنكم كلكم ، بذمتك مش حرام عليكِ تحرميني منها ؟ طيب ولما حاولتي تعملي كدا كسبتي إيه غير العجز اللي أنتِ فيه ؟ و برضه بناتك معايا !
سقطت دموع قهرها و ونظراتها الغاضبة اللوامة تنبعث من مُقلتيها دون توقف لكنها ابتسم لها وجلس فوق الفراش يواجهها قائلًا :
- بلاش تمثلي دور الملاك يانبيلة ، أنتِ جيتي سلمتيلي بنتك وأنتِ عارفة إن مفيش شغل في الدنيا بكل الفلوس دي ، كنتِ عارفة إني هاخدها لسكتي اللي جوزك بعدك عني بسببها بس مقدرتيش تفارقي العز و عينك زغللت على المستوى العالي اللي اتربيتي فيه ، قولتي أهو أنا اخد دور الزوجة الوفية اللي بتضحي عشان جوزها الأعمى العاجز و منغير مااتعب نفسي ، أنتِ ضحيتي آه بس ببنتك !
استمرت دموع عينيها في الهطول دون توقف و ظهر الندم داخل عينيها ليُكمل ساخرًا :
- اللي خلاك أنتِ استغليتييي بنتككككك مستنية إيه من واحد زييي ؟ هاا مستنية اضيع ثروة زي سديم من إيدي !
ربت فوق صدره وهو يقول بإنفعال :
- أنا اللي وصلتها لكل داا !!! أنا اللي علمتها في أحسن مدارس وجامعات سفرتها العالم كله ، أنا اللي تعبت على سديم و أنا الوحيد اللي ليا حق فيها ، و هاخده حتى لو غصب عنهاااا ! سديم هتنفصل عني بموتييييي ! فاهماااني ؟!
Back ..
والدتها كانت تعلم ؟ و شقيق والدتها "سامح" هو المتسبب بحالتها تلك !!! بل و يضعها داخل قصره ليضمن صمتها !!!! هل فعل كل هذا بشقيقته ؟!!!! تسبب بعجزها و حرمانها من فتياتها ! بل و استغلها هي أيضًا في أعماله !!! لقد تركت والدتها و شقيقتها معه ظنًا منها أنهن في أمان معه !!!!
لم تسقط دمعة واحدة ، بل هى الآن أبعد ما يكون عن طريق البكاء ، وكأن أحدهم يضع يده فوق قلبها و يعتصره بقوة شديدة ، تشعر أنها في ليلة برد قارصة و أقبلت أمها عليها تظنها سوف تحميها بدفئ أحضانها لكنها نزعت عنها الغطاء و بقسوة بالغة ! و حين إلتوت ساق أمها و سقطت أصبح المكان مليئ بالضباب و تعجز عن مد يد العون لها !!!
ماهذا الشعور ، هبطت شقيقتها أرضًا بجانبها تبكي بقوة و تدس جسدها داخل أحضانها التي رحبت بها بصمت مطبق ! لم تتحدث إليها لم تخبرها أنها تحترق داخل النيران بمفردها و لم تضع خطة تلك المرة لكل هذا ، فقط تؤلمها الحقائق ، "سامح" اللعين مُحق ، أمها فرطت بها و تخلت عنها و هي الآن تعجز أن تفعل المثل معها !!! ماذا تفعل مع شقيقتها ؟ هل تتركها داخل منزل هذا المجرم و تصبح ضحية جديدة ضمن سلسلة ضحايا مختل عقليًا يظنها دُميته المفضلة و كاد يقتل شقيقته لأجل الاستيلاء عليها !!!
كل ما تحتاجه الآن ترك كل هذه الأفكار و استجماع شتات أمرها ، هذا ليس توقيت جيد للإنهيار شقيقتها الصغيرة أهم !!!
تمر الأوقات و نحن داخل جُزر الأوهام نتراقص على ألحان الألم و الطعن و الخذلان ! و أنا جزيرتي حملت أيضًا مخاوفي .. مخاوف رد فعل الحاضر .. و مفاجآت المستقبل .. و ألم الماضي الذي وشم قلبي و كنت أظنه تلاشى بمرور الوقت !!!
#أغلال_الروح
#شيماء_الجندي
استقامت واقفة و لازالت تحتفظ بشقيقتها داخل أحضانها ثم اخرجتها تنظر إليها و تأخذ الهاتف من بين أناملها قائلة بنبرة حاسمة :
- اسمعيني كويس أوي يانيرة ، أنا عارفة إنك خايفة على ماما عشان كده لازم ناخد بالنا ، و دلوقت منقدرش نمشي فجأة و نسيبها هناك لازم نخرجها من عنده الأول ، و أنا هاجي معاكِ دلوقت ونقول إنك تعبتي عشان كدا طلبوني و جيت اخدتك ، متتكلميش معاه خالص و أنا هخليه ميقربش من أوضتك ، هما كدا كدا هيبلغوه إني جيت هنا عشان كدا مينفعش نروح أي مكان تاني وأنا هبقا معاكِ متخافيش فاهماني !
هزت رأسها بخوف واضح و أمسكت يدها تقول برعب :
- أنا خايفة أوي ياسديم !!!!! هو ممكن يعمل حاجه تاني ؟
أردفت "سديم" مسرعة :
- لاء ياروحي متخافيش هو مش عايز منكم حاجه هو عاوزني أنا ! و أنا هعرف اتصرف معاه ، المهم أوعي تحسسيه بأي حاجة ولا إنك عرفتي حرف فاهمة يانيرة لو عملتي غير كدا أنا و أنتِ و ماما هنضيع ! أنا واثقة فيكِ ومتأكدة إنك هتعملي كل اللي تقدري عليه صح ؟
ظلت تتحدث إليها فترة وهو يراقب ما يحدث من خلف الزجاج بالخارج محاولًا استنباط ما تتحدثن به و عقد حاجبيه بدهشة حين وجد المراهقة "نيرة" تحتضنها مرة أخرى بعد كل ما حدث ثم توقفت عن البكاء و بدأت تجمع متعلقاتها بمعاونة شقيقتها "سديم" !!!
أدركت تواجده أخيرًا و اغمضت عينيها كأنها تذكرته للتو !!!
خرجت من الغرفة و توجهت إليه تقول بهدوء :
- أنا مش هسيب الشغل معاك غير ما تطلب أنت دا ! روح شوف اللي وراك و متقلقش أوي كدا مني مش محتاج تمشي ورايا !
رفع حاجبه و قال بعدم ثقة :
- وأنا مش هثق فيكِ غير لما سامح يكلمك قدامي !
عقدت حاجبيها وأردفت بدهشة :
- سامح !! أنت كلمته !!!!!!
ضيق عينيه حين توترت ملامحها و ظهر القلق بشكل واضح على معالم وجهها و اتسعت عينيها لحظات ثم عبثت بحقيبتها وأخرجت هاتفها تنظر إليه بصدمة ، بالفعل وجدته اتصل عدة مرات متتالية !! ماذا تفعل الآن لقد أصبحت بين براثنه !!! أمها و شقيقتها مقابل فتاة بريئة صغيرة !!!! تُرى أيهما تختار ؟!
و جميعنا داخل اختبار الحياة نبحث عن الإجابات ؛ و الحال أننا حين نعثر على الإجابة يتغير السؤال !!!
تركها أخيرًا بعد محاولات عدة منها وتصريح بعدم رغبتها في تواجده معها داخل أمر عائلي و لكنها اندهشت من شعورها الغريب حين انصرف بالفعل و استقل سيارته ورحل يتابعها انعكاسها هي و شقيقتها من المرآة الجانبية !
دلفت إلى السيارة مع شقيقتها التي تابعتها بأعين منتفخة من فرط بكائها و همست لها بتعاطف :
- سديم أنتِ كنتِ عارفة ؟
هزت رأسها سلبًا وبللت شفتيها تستأنف القيادة بصمت و تبتلع غصتها بألم و قد بدأت الدموع تتراقص داخل مقلتيها لترفع "نيرة" يدها و تربت بلطف فوق كتفها هامسة بصوت متحشرج :
- أنا أسفة ، بس مكنتش عارفة اعمل إيه و مقدرتش اسكت !
هزت رأسها و ظهرت بسمة مغتصبة فوق شفتيها و همست لها بلطف : نيرة حبيبتي أنتِ اتصرفتي صح ، متخافيش أنا تمام !
تنهدت "نيرة" و فضلت الصمت حين وجدت أنها سوف تصبح وسيلة ضغط إضافية على شقيقتها تركتها تبدأ اتصالاتها الهاتفية بغرض التهرب من لحظات الصمت القاتل بينهما !
إلى الآن لا تُصدق ما بين يديها ، رغم أن الأوراق تؤكد ظنونها إلا أنها تتألم لأجل هذا الرجل و تلك الصغيرة الجميلة !!! كيف تُخبر ذاك السيد المغرور أن الصغيرة "نورهان" ليست ابنه "عاصم " هي هًنا لأجل هذا الرجل !!!!! تلك الرقيقة ليست صغيرته ؟!! ماذا تفعل بتلك الكارثة إذًا ؟!! هل ترحل عن تلك العائلة إلى الأبد ؟ أم تتحدث إليه و تخبره أن سبب تواجدها هنا ماهو إلا ظلم كبير لهذا الرجل المسكين الذي يرى العالم بأكمله داخل فتياته ، مرت صورة أبيها أمام عينيها حين كان ينظر إليهن و يمدح جمال طلاتهن معًا بالرغم أن شقيقتها كانت صغيرة للغاية !
وضعت رأسها بين يديها و عقدت حاجبيها حين ظهر رقم "سامح" فوق شاشتها أجابت ترفع الهاتف إلى أذنها تستمع إلى صوته الملهوف بفرحة عارمة يقول :
- سديم !!! شوفتي الحظ !!!! شوفتي الورق اللي معانا !!!
اجابته بدهشة وهي ترفع حاجبها الأيسر باستنكار واضح :
- أنت بتتكلم عن ورق بنت أميرة ؟
صاح ضاحكًا بقوة :
- الله ينور عليكِ ياااقلب خالك !! عايزك دلوقت تروحي بقاا على الفطار بتاعهم و يتقلب نكد ! عرفي الكل أن الصغيرة الأمورة دي مش بنته ، أنتِ مش متخيلة ثروة عاصم كلها اللي هتبقا بين إيديكِ دي شكلها إيه !!!
ثروة "عاصم" !!!!! ظهرت نواياه الآن هي هُنا لأجل الاستحواذ على ثروة رجل بعمر أبيها ! بل بأخلاقه !! هي ليست مجرد محتالة تنفذ رغبة "آسر" ! "آسر" محق بمخاوفه ، خالها يرغب في نهب ثرواتهم !!!! و إن اقسمت أنها لا تعلم لن يصدقها ، بمنظوره هي المحتالة "سديم" !!
وقفت بمحلها تقول بصدمة واضحة :
- أنت عايزني اخرج اقوله دي مش بنتك دا ممكن يتجلط فيها ! عايزني اشوه الطفلة الصغيرة دي ؟ أنت اتجننت !!! ثروة إيه أنت عايزني انهب الراجل ؟
استمعت إلى صوته الساخر يقول :
- نعم !!! إيه الصعبانيات دي ياسديم !! أنا مالي بالبت وأبوها و بعدين ماهو لو حصله حاجه هتاخدي كل حاجه و نطلع من الحوار دا بقاا و يبقوا يسجنوا ابنهم اللي نصب عليهم ولو على الشيكات نرميله فلوسها دي ثروة عاصم ياحبيبتي عارفة يعني إيه ؟!!! فوقي ياسديم إحنا مش شيوخ ياحبيبة قلبي ، أنتِ عندك عشان تنفذي اتفاقنا !
صاحت غاضبة ولازالت الصدمة تُسيطر عليها و قالت :
- أنا متفقتش معاك على الكلام الفارغ دا أصلًا !!!!
أتاها الرد يقول بضحكة خفيفة :
- و الظروف اتغيرت و الاتفاق اتغير ياسديم الحظ في مصلحتنا المرة دي يبقا نلحق نفسنا قبل ما أميرة تغدر بينا بقا هي و أم البنت الحقيقية !!!
طرق الباب أحدهم فأسرعت تضع الأوراق داخل حقيبتها و هي تقول :
- روح دلوقت فيه حد بيخبط !
ثم أغلقت على الفور تسمح للطارق بالدخول و قد كانت الصغيرة الجميلة تجلب بين يديها علبة صغيرة و تتجه إليها ببسمة مشرقة تضع العلبة فوق ساقيها ببهجة و تقول بصوتها الطفولي الناعم :
- ديمي ، عاوزة زي امبارح !!
نظرت إليها لحظات ، رُباه كيف لها أن تطعن تلك اللطيفة الجميلة ، كيف تشوه طفولتها و بسمتها المشرقة ، لقد أتت الصغيرة إليها تطالبها أن تصفف خصلاتها مثل كل يوم كما اعتادت ، وثقت بها الصغيرة و شاركتها في بضع أيام جميع أسرارها التي تخشى أن تخبر أمها بها ، لقد وثقت تلك الجميلة ذات القلب الطاهر بشيطانة عليها أن تُدمر طفولتها بيضع كلمات ، كيف عليها أن تفعل تلك الجريمة الشنعاء بهذه البريئة ، التي منحتها محبة خالصة و ذكرتها بجمال طفولتها حين كانت تجلس بين يدي أمها تصفف خصلاتها ، عجزت عن التحكم بدموعها بتلك اللحظة و حين وجدت الطفلة تحدق بوجهها بأعين متسعة و ترفع يدها إلى وجنتها تقول بحنو تألمت بشدة لأجلها و الآن هي نادمة أنها رفضت الخروج من هذا المكان حين طالبها بالابتعاد عن عائلته داخل المصعد !!!! :
- ديمي بتعيطي ؟!!
هزت رأسها بالسلب و وضعت العلبة فوق الفراش بجانبها ترفع جسد الصغيرة فوق ساقيها و احتضنتها تقبل جبهتها و خصلاتها و تقول بألم و قد رفعت أناملها لإزالة دموعها لكن رفضت الصغيرة و رفعت يديها تجفف دموع "سديم" و فور أن انتهت وضعت بركبتيها الصغيرتين فوق ساقيها و أحاطت عنقها تضم رأسها لصدرها وتمسح بيدها الصغيرة فوق خصلاتها تقول بلطف :
- أنا هعمل زيك أهو !
أحاطت "سديم" جسد الصغيرة و أجهشت بالبكاء المرير ما هذا الدفئ الذي يجافيها منذ أعوام ؟!!! كيف تبث تلك الصغيرة هذه المشاعر داخلها مرة اخرى ؟!! لحظات و هدأت وعادت إلى صوابها ترفع رأسها و تمسح دموعها وتقول ببسمة هادئة و هي تمسح دموع الصغيرة :
- طيب بتعيطي ليه معايا ؟
اجابتها الصغيرة بحزن :
- عشانك !!!
لطافتها و براءتها سلاح مدمر لها بتلك اللحظات ، كورت "سديم" وجهها و قبلتها تجفف دموعها و تهمس لها ببسمة جميلة :
- لا أنا كنت تعبانة و خفيت خلاص !
ثم أكملت بوعد خفي :
- ومش هخليكِ تعيطي بسببي أبدًا تاني !
احتضنتها و ربتت فوق جسدها ثم بدأت تعبث بعلبتها لتنفذ رغبتها بتصفيف شعرها و هي تهمس لحالها :
- محدش هيقرب منك طول ما أنا هنا ! أنا لو عملت كل المصايب مش ممكن أعمل سديم تاني !!! كفاية أوي لحد هناا !
أنهت تصفيف خصلاتها و هبطت الصغيرة من فوق ساقيها و قالت بلطف :
- ديمي مش هقول لأي حد إنك عيطتي !
عقدت "سديم" حاجبيها و تسائلت قائلة :
- اشمعنا ؟
ابتسمت لها الصغيرة و أجابت بتوضيح :
- عشان أنتِ أول مرة تعملي كدا ، و محدش معانا هنا يعني دا سر بيني و بينك ! صح كدا ؟
قبلتها فوق خديها و همست لها بمحبة :
- صح كدا ! يلاا عشان اوصلك النهاردة كمان !
اتسعت عينيها و قالت بحماس :
- بجد ؟!!!!
هزت رأسها بالإيجاب تقول بعبث :
- كدا كدا هروح متأخر يبقا أتأخر عشان سبب حلو زيك !
ابتسمت لها و احتضنت خصرها بحماس ثم ركضت إلى الخارج وهي تقول :
- هجيب حاجتي بسرعة أوعي تمشي !!
اختفت بسمتها تدريجيًا مع اختفاء تلك الجميلة و تنهدت ثم مالت تجمع متعلقاتها التي تركتها خلفها داخل علبتها الصغيرة ، لكنها عقدت حاجبيها حين وجدته يطرق فوق الزجاج بهدوء و يقول عاقدًا حاجبيه :
- هتوصلي نورهان بجد ؟
لم تنظر تجاهه بل قالت بفتور و هي تضع العلبة فوق الطاولة الصغيرة و تتجه إلى غرفة الملابس :
- أكيد مش هكدب على طفلة !
توقفت محلها و استدارت تقول بسخرية :
- أنا تخصص نصب على كبار بس !
ثم انصرفت تحضر حذائها و أغلق هو الباب الخاص بالغرفة يتجه خلفها قائلًا بنبرة حادة :
- سديم ! بلاش الأسلوب دا معايا لأنه فعلًا بيخرجني عن شعوري و بقولك كلام متمناش تسمعيه مني !
ضحكت ساخرة و أجابت و هي تتجاهل تواجده و تعبث بهاتفها :
- عادي اللي مش بتقوله بشوفه في عينيك و أنت بتكلمني ! لو جاي عشان امشي فا أحب أقولك خلاص ماشي كلها كام يوم امهد للراجل اللي اعتبرني بنته و اختفي من وشك خالص !
كادت تمر من المسافة المتاحة لها بينه و بين الحائط لكنه قبض على رسغها يقول بصدمة عاقدًا حاجبيه :
- أنا مقولتش تمشي و سايبك بقالي كذا يوم تهدي !
رفعت حاجبيها بصدمة و قالت :
- إيه ؟!!!! أنت عندك شيزوفرينيا أكيد بقاا ! اومال مين اللي كان على وشك يقتلني في الاسانسير من كام يوم !!!! وبعدين حتى ولو رجعت في كلامك أنا مش هرجع و همشي كفاية أوي اللي حصل لحد كدا !
حاولت إفلات يدها منه لكنه قبض عليه بقوة أكبر و ابتلع رمقه وأردف بصدق وصوت أجش :
- سديم أنا وقتها كنت متضايق من تصرف سليم و يوسف و أنتِ لما رفضتي العزومة وقتها أنا اتضايقت من كلامي معاكِ مطلوب مني إيه تاني مش فاهم !
رفعت حاجبها وقالت بغضب :
- مطلوب منك تسيب أيدي ومتلمسنيش نهائي ، دا غير إني مرفضتش عزومات أنا أجلتها للنهاردة وهخرج مع الكل بليل أودع عيلتك و اختفي من حياتكم !
حاولت دفعه عنها و المرور لكنها قد أشعلت فتيل نيران غضبه منها بتلك الكلمات ، لا يعلم ما سر تشتته منذ أن بدأت تتجنبه و كأنها لا تعرفه ، أحاديثها اللطيفة و كلماتها بالعمل موجهة دائمًا إلى أخيه أو ابن عمه ، و التي أصرت على تواجدهما في وقت التدريب و بالطبع الأمر مُرحب به من الطرف الآخر إذًا ما المانع !!! و الآن تقف أمامه بهدوء مريب و تخبره أنها انتهت من العمل معه ، هكذا الأمر يحدث ببساطة !
عقد حاجبيه و قال بغضب :
- مش بمزاجك ياسديم ومش هتمشي من هنا إلا لما أنا أقول ، فيه عقد بيني و بين خالك و كلامي معاه !
تركها بحالة من الفزع أن يحادث "سامح" و يفسد ما تفعله لأجل الصغيرة ، توقف عند الفراش الخاص بها حين هرعت إليه و أمسكت ذراعه السليم تقول بغضب :
- هو إيه اللي تكلم سامح هو أنا لعبة معاك ! تعالي روحي !
عقد حاجبيه و ردد خلفها :
- سامح !!!!
لفظت اسمه كما اعتادت بدون ألقاب و لكن ليس هذا ما يشغلها الآن الأهم هي الصغيرة ، ركزت على هدفها و أغمضت عينيها لحظات تقول محاولة التفاوض معه :
- أنا عايزة افهم إيه اللي يخليك عايز تحتفظ بواحدة زيي نصابة و بتضر عيلتك ! أنا اللي بقولك إني مش مضمونة ! و لو مش عايزني انزل مع يوسف و سليم مش نازلة ممكن تسيبني بقاا اخرج من حياتكم !
عقد حاجبيه من إصرارها و قال غاضبًا :
- وأنا مش تحت مزاجك و هتقعدي لحد ما أقرر تمشي و معنديش أي كلام تاني !
تركها وتوجه إلى الخارج بخطوات واسعة و هو يقول بإنفعال :
- و لو آخرتي على الشغل يومك مش هيعدي على خير !!!
زفرت بغضب و جزت على أسنانها بقوة تقول بإنفعال :
- غبي !! أنا لو قعدت يوم واحد كمان عيلتك هتتدمر !!!!
أسرعت خلفه و قبضت على ذراعه ليتوقف عن السير و ينظر إليها عاقدًا حاجبيه ينتظر حديثها بملامح يتراقص فوقها الغضب لتردف بحزن :
- هو أنت بتعمل كدا عشان فلوس عمك ؟ يعني جايبني هنا عشان وصية عمك بس ؟
حدق بها بصمت و قال بنبرة جافة : ليه ! هيفرق عندك !!!
كيف تخبره أن لديها العديد من الأسرار و اليوم أصبحت أسرار ثقيلة لا يمكنها حملها بمفردها ، زوجة عمه على صلة قوية بوالدة "سيلا" الحقيقة و ابنه عمه هي ابنه غير شرعية و هي الآن خائفة ثباتها الزائف على وشك الانهيار لأجل هذه الصغيرة و لأجله أيضًا !!!!
تنهدت و قالت بحزن : هيفرق عندك أنت ياآسر مش عندي !
ضيق عينيه باستفام و كاد يواصل حديثه لكن قاطعه "رائف" الذي اقتحم الحوار و قال بدهشة حين وجد ملامح وجهه لا تبشر بالخير :
- فيه إيه كل دا بتأكد عليها تأخر النهارده !
وكأنها تنتظر فرصة الفرار من براثن عينيه الثاقبة و تخشى رد فعله تجاه الصغيرة و تجاه ما لديها من حقائق و تخشى هذا الصديق المتهور من وجهة نظرها أسرعت إلى الداخل و تركتهم بينما نظر في أثرها و لولا كبريائه و نظرات صديقه لـتبعها في التو والحال و سألها عن سر رهبتها التي تصرخ بها عينيها كلما حدقت به !!!
هدر "آسر" فجأة بغضب شعر أن صمته طال و انتظار صديقه يجعله بحالة من التوتر :
- عايزة تمشي ونلغي اتفاقنا !!!
اتسعت عيني صديقه وصاح بصدمة :
- ياألف نهار أبيض ماهو دا اللي إحنا عايزينه !
عقد "آسر" حاجبيه و نظر بهاتفه قائلًا :
- اتحرك يارائف خلينا نشوف اللي ورانا !
تنهد "رائف" ودلف إلى السيارة ليبدأ القيادة صامتًا يتابع بعينيه الطريق و يراقب صديقه الذي رفع الهاتف إلى أذنه يقول بنبرة رادعة :
- ايوا ياسامح !! أنت بتستهبل ؟!! واخد مني الفلوس دي كلها عشان تلعب معايااا !!!!!
أكمل صديقه بإنفعال واضح :
- ملكش دعوة اهدا ولا اتعصب ، شوف بنت أختك و خليك عارف إنها لو نفذت اللي هي عايزاه و سابت شغلي قبل ما أنا أقول حسابي هيبقا معاك أنت !
أغلق الهاتف ونظر من النافذة بصمت و هو يتلاعب بهاتفه بين أنامله بحركة غاضبة أدهشت "رائف" الذي قال محاولًا التفاهم معه و امتصاص غضبه الغير مبرر :
- طيب ما محتاج افهم أنت متمسك بيها ليه دلوقت وكمان بتشتكيها !! ماهي كانت هتخلصنا منها !! ومتقوليش عشان أنا اللي أقول واحدد لأني عارفك ومتأكد إن دا مش أسلوب تفكيرك !
آثر عدم الإجابة لكنه نظر إليه لحظات بتردد ملحوظ وعقله يتحدث إليه ساخرًا منه و يخبره أنه لا يملك مبرر قوي و برهان واضح فقط يشعر باشتعال يكاد يحرقه داخليًا ، بل هو يخشى أن تفعل ما أرادت و تترك المنزل دون إرادته اتسعت عينيه فجأة و قال بصوت آمر :
- لف يارائف و ارجع بسرعة !!!!
عقد حاجبيه بدهشة و قال :
- هو فيه إيه ياآسر ؟ إيه الحكاية !!!
أردف الآخر بتوتر قائلًا :
- هتلف ولا تنزلني هناا ارجع أنا !
عاد كما طلب منه و قد وجدها تقود السيارة بالفعل وتمر من البوابة الإلكترونية بصحبة الصغيرة ، قال مسرعًا و هو يتابعها بعينيه :
- رائف خد عربيتي و روح على الشركة وأنا هحصلك يلا بسرعة !
هبط من سيارته يضرب كفًا بالآخر و قد هبط صديقه أيضًا و اتجه إلى مقعد القيادة و لحظات كان يشق الطريق بسرعة كبيرة خلفها !!!
وصلت إلى مدرسة الصغيرة و هبطت تودعها ثم استدارت وكادت تعود إلى السيارة لكنها وجدته خلفها مباشرة يقف محدقًا بها بغضب شديد أدهشها لتعقد حاجبيها و كادت تسأله لكن ارتفع رنين هاتفها و أجابت على الفور :
- ألو ! ايوا ايوا عارفاكِ ، خير نيرة حصلها حاجه !!
اتسعت عينيها و قالت بصدمة :
- إيه ؟!!! ليه كل داا !!! لا لا متتصليش بسامح أنا جاية حالًا !
عقد حاجبيه و سألها حين وجد الهلع تمكن من ملامحها :
- فيه إيه ؟!
ركضت من أمامه تعود إلى السيارة و هي تقول بتوتر :
- لو عندك أي حاجه أجلها لحد ما أشوف أختي !!
شقيقتها !!! هل تمتلك شقيقة و ذاهبة إليها الآن !!!!! هذه الفتاة عبارة عن كتلة مفاجآت متحركة ! ماذا يفعل ؟ هل يعود إلى عمله أم يذهب معها و يتأكد أنها تراجعت عن فكرة تركه ؟ كان عقله يعمل بالرغم أنه اتجه خلفها مرة أخرى بالسيارة ، و إلى الآن يجهل سر تتبعه لها هل هو فضول لرؤية شقيقتها أم فضول لمعرفة المزيد عنها ، أم هي رغبة داخلية مثلها كمثل رفضه تركها إياه في تلك الفترة !!!
________________ *** _________________
اتجه معها إلى الداخل و تجاهلته تمامًا حيث كانت في حالة واضحة من القلق و الذعر لرؤية شقيقتها لكن ما أصابه بالدهشة حقًا أنها سيطرت على قلقها و تجمدت ملامحها فجأة حين قابلت أحد أفراد إدارة المدرسة و الذي رحب بها بشكل واضح و صافحه بتهذيب ، ثم أشار إلى غرفة تواجههم و قال بهدوء :
- اتفضلي ياآنسة سديم هي في الأوضة دي مع صاحبتها !
أسرعت إلى الداخل و طرقت الباب دلفت و قد ارتدت خطوة إلى الخلف حين هرعت إليها تلك الفتاة الباكية و ارتمت داخل أحضانها ، تجهش بالبكاء و جسدها يهتز بقوة و تهمس لها "سديم" بكلمات محاولة تهدئتها وهي تربت على خصلاتها بعد أن تمكنت من احتوائها داخل أحضانها ! هل تلك المراهقة شقيقتها !!!! هل تمتلك عائلة من الأساس دون "سامح" المحتال !!!!!
نظرت "سديم" إلى رفيقتها وقالت عاقدة حاجبيها :
- إيه اللي حصل ؟
أبعدت المراهقة عينيها عن "آسر" حيث كانت تتأمله بجراءة واضحة و قالت بجهل :
- مش عارفة أنا لقيتها مرة واحدة بتعيط و كانت ساكته خالص مش بتتكلم قبلها !
ازداد قلقها و جلست فوق الأريكة تحاول إخراجها من أحضانها قائلة بلطف :
- نيرة حبيبتي حصل إيه مالك ؟
نظرت إليها أخيرًا ثم إلى صديقتها الواقفة تنتظر بفضول واضح و مرت بعينيها إلى هذا الرجل الوسيم الذي يقف خلف شقيقتها مباشرة و ينظر إليها بترقب واضح وقد لاحظت "سديم" توتر نظرات شقيقتها من تواجدهم لذلك أردفت بهدوء :
- ممكن تسيبونا لوحدنا شوية !
خرجت الفتاة على الفور و وقف هو ينظر إليهن بصدمة للحظات ثم انصرف يستمع إليها تقول بنبرة حانية :
- خلاص حبيبتي بقينا لوحدنا مالك بقا ؟
انتظرت الفتاة إغلاق الباب و قالت بصوت متحشرج رقيق :
- أناا. مـ ..مش عارفة أقول !
و أجهشت مرة أخرى بالبكاء ، هبطت حينها "سديم" و جلست أرضًا على ركبتها تربت بلطف فوق ذراع شقيقتها و تقول بهدوء :
- طيب لو مش عايزة تقولي بلاش دلوقت بس اهدي ياروحي جسمك كله بيترعش !!!
جففت دموعها بظهر يدها و هزت رأسها بالسلب تستجمع شجاعتها قائلة :
- لاء هحكيلك ، أنت قولتيلي اسيب الفون القديم في اوضة مامي و اشغل الـ "recording" ' التسجيل ' عشان نشوف الـ nurse "الممرضة" الجديدة بتعاملها إزاي صح ؟
انصتت "سديم" إلى حديثها باهتمام وهزت رأسها بالإيجاب قائلة :
- ايوا و عملتي كدا ؟!
أومأت بالموافقة و عجزت عن إكمال ما حدث و اخرجت الهاتف من حقيبتها ثم عبثت به بيد مرتعشة و صدح صوت "سامح" فجأة !!!!
Flash back ..
- اووف سوري يانبيلة أصل متعود إنك بتردي و كدا !
قالها وهو ينظر إلى شقيقته التي نظرت إليه بغضب و عقدت حاجبيها بقوة ليبتسم لها ببرود و يتجه إلى النافذة يراقب من خلالها حركة "نيرة" داخل المسبح و هو يقول :
- بصراحة يانبيلة أنا فخور ببناتك ، يعني مثلًا نيرة لطيفة أوي و هادية و مطيعة مش بتسأل كتير و تفتح قصص ، بتستمع بوقتها و ده عامل مشترك بيني وبينها عكس سديم تمامًا ..
عينيها الغاضبة ارتكزت فوقه و كأنها تخبره أن عجزها هو الحائل بينهما بتلك اللحظة لكنها نظرت إليه بخوف حين أكمل :
- بس سديم دي ، ورقة الحظ بتاعتي ، ذكائها و جمالها و طريقتها يغطوا على طول لسانها معايا ، عارفة ليه ، عشان أنا مش عايز منها غير التلاته دول ! سديم قصة و في مكان تاني بعيد عنكم كلكم ، بذمتك مش حرام عليكِ تحرميني منها ؟ طيب ولما حاولتي تعملي كدا كسبتي إيه غير العجز اللي أنتِ فيه ؟ و برضه بناتك معايا !
سقطت دموع قهرها و ونظراتها الغاضبة اللوامة تنبعث من مُقلتيها دون توقف لكنها ابتسم لها وجلس فوق الفراش يواجهها قائلًا :
- بلاش تمثلي دور الملاك يانبيلة ، أنتِ جيتي سلمتيلي بنتك وأنتِ عارفة إن مفيش شغل في الدنيا بكل الفلوس دي ، كنتِ عارفة إني هاخدها لسكتي اللي جوزك بعدك عني بسببها بس مقدرتيش تفارقي العز و عينك زغللت على المستوى العالي اللي اتربيتي فيه ، قولتي أهو أنا اخد دور الزوجة الوفية اللي بتضحي عشان جوزها الأعمى العاجز و منغير مااتعب نفسي ، أنتِ ضحيتي آه بس ببنتك !
استمرت دموع عينيها في الهطول دون توقف و ظهر الندم داخل عينيها ليُكمل ساخرًا :
- اللي خلاك أنتِ استغليتييي بنتككككك مستنية إيه من واحد زييي ؟ هاا مستنية اضيع ثروة زي سديم من إيدي !
ربت فوق صدره وهو يقول بإنفعال :
- أنا اللي وصلتها لكل داا !!! أنا اللي علمتها في أحسن مدارس وجامعات سفرتها العالم كله ، أنا اللي تعبت على سديم و أنا الوحيد اللي ليا حق فيها ، و هاخده حتى لو غصب عنهاااا ! سديم هتنفصل عني بموتييييي ! فاهماااني ؟!
Back ..
والدتها كانت تعلم ؟ و شقيق والدتها "سامح" هو المتسبب بحالتها تلك !!! بل و يضعها داخل قصره ليضمن صمتها !!!! هل فعل كل هذا بشقيقته ؟!!!! تسبب بعجزها و حرمانها من فتياتها ! بل و استغلها هي أيضًا في أعماله !!! لقد تركت والدتها و شقيقتها معه ظنًا منها أنهن في أمان معه !!!!
لم تسقط دمعة واحدة ، بل هى الآن أبعد ما يكون عن طريق البكاء ، وكأن أحدهم يضع يده فوق قلبها و يعتصره بقوة شديدة ، تشعر أنها في ليلة برد قارصة و أقبلت أمها عليها تظنها سوف تحميها بدفئ أحضانها لكنها نزعت عنها الغطاء و بقسوة بالغة ! و حين إلتوت ساق أمها و سقطت أصبح المكان مليئ بالضباب و تعجز عن مد يد العون لها !!!
ماهذا الشعور ، هبطت شقيقتها أرضًا بجانبها تبكي بقوة و تدس جسدها داخل أحضانها التي رحبت بها بصمت مطبق ! لم تتحدث إليها لم تخبرها أنها تحترق داخل النيران بمفردها و لم تضع خطة تلك المرة لكل هذا ، فقط تؤلمها الحقائق ، "سامح" اللعين مُحق ، أمها فرطت بها و تخلت عنها و هي الآن تعجز أن تفعل المثل معها !!! ماذا تفعل مع شقيقتها ؟ هل تتركها داخل منزل هذا المجرم و تصبح ضحية جديدة ضمن سلسلة ضحايا مختل عقليًا يظنها دُميته المفضلة و كاد يقتل شقيقته لأجل الاستيلاء عليها !!!
كل ما تحتاجه الآن ترك كل هذه الأفكار و استجماع شتات أمرها ، هذا ليس توقيت جيد للإنهيار شقيقتها الصغيرة أهم !!!
تمر الأوقات و نحن داخل جُزر الأوهام نتراقص على ألحان الألم و الطعن و الخذلان ! و أنا جزيرتي حملت أيضًا مخاوفي .. مخاوف رد فعل الحاضر .. و مفاجآت المستقبل .. و ألم الماضي الذي وشم قلبي و كنت أظنه تلاشى بمرور الوقت !!!
#أغلال_الروح
#شيماء_الجندي
استقامت واقفة و لازالت تحتفظ بشقيقتها داخل أحضانها ثم اخرجتها تنظر إليها و تأخذ الهاتف من بين أناملها قائلة بنبرة حاسمة :
- اسمعيني كويس أوي يانيرة ، أنا عارفة إنك خايفة على ماما عشان كده لازم ناخد بالنا ، و دلوقت منقدرش نمشي فجأة و نسيبها هناك لازم نخرجها من عنده الأول ، و أنا هاجي معاكِ دلوقت ونقول إنك تعبتي عشان كدا طلبوني و جيت اخدتك ، متتكلميش معاه خالص و أنا هخليه ميقربش من أوضتك ، هما كدا كدا هيبلغوه إني جيت هنا عشان كدا مينفعش نروح أي مكان تاني وأنا هبقا معاكِ متخافيش فاهماني !
هزت رأسها بخوف واضح و أمسكت يدها تقول برعب :
- أنا خايفة أوي ياسديم !!!!! هو ممكن يعمل حاجه تاني ؟
أردفت "سديم" مسرعة :
- لاء ياروحي متخافيش هو مش عايز منكم حاجه هو عاوزني أنا ! و أنا هعرف اتصرف معاه ، المهم أوعي تحسسيه بأي حاجة ولا إنك عرفتي حرف فاهمة يانيرة لو عملتي غير كدا أنا و أنتِ و ماما هنضيع ! أنا واثقة فيكِ ومتأكدة إنك هتعملي كل اللي تقدري عليه صح ؟
ظلت تتحدث إليها فترة وهو يراقب ما يحدث من خلف الزجاج بالخارج محاولًا استنباط ما تتحدثن به و عقد حاجبيه بدهشة حين وجد المراهقة "نيرة" تحتضنها مرة أخرى بعد كل ما حدث ثم توقفت عن البكاء و بدأت تجمع متعلقاتها بمعاونة شقيقتها "سديم" !!!
أدركت تواجده أخيرًا و اغمضت عينيها كأنها تذكرته للتو !!!
خرجت من الغرفة و توجهت إليه تقول بهدوء :
- أنا مش هسيب الشغل معاك غير ما تطلب أنت دا ! روح شوف اللي وراك و متقلقش أوي كدا مني مش محتاج تمشي ورايا !
رفع حاجبه و قال بعدم ثقة :
- وأنا مش هثق فيكِ غير لما سامح يكلمك قدامي !
عقدت حاجبيها وأردفت بدهشة :
- سامح !! أنت كلمته !!!!!!
ضيق عينيه حين توترت ملامحها و ظهر القلق بشكل واضح على معالم وجهها و اتسعت عينيها لحظات ثم عبثت بحقيبتها وأخرجت هاتفها تنظر إليه بصدمة ، بالفعل وجدته اتصل عدة مرات متتالية !! ماذا تفعل الآن لقد أصبحت بين براثنه !!! أمها و شقيقتها مقابل فتاة بريئة صغيرة !!!! تُرى أيهما تختار ؟!
و جميعنا داخل اختبار الحياة نبحث عن الإجابات ؛ و الحال أننا حين نعثر على الإجابة يتغير السؤال !!!
تركها أخيرًا بعد محاولات عدة منها وتصريح بعدم رغبتها في تواجده معها داخل أمر عائلي و لكنها اندهشت من شعورها الغريب حين انصرف بالفعل و استقل سيارته ورحل يتابعها انعكاسها هي و شقيقتها من المرآة الجانبية !
دلفت إلى السيارة مع شقيقتها التي تابعتها بأعين منتفخة من فرط بكائها و همست لها بتعاطف :
- سديم أنتِ كنتِ عارفة ؟
هزت رأسها سلبًا وبللت شفتيها تستأنف القيادة بصمت و تبتلع غصتها بألم و قد بدأت الدموع تتراقص داخل مقلتيها لترفع "نيرة" يدها و تربت بلطف فوق كتفها هامسة بصوت متحشرج :
- أنا أسفة ، بس مكنتش عارفة اعمل إيه و مقدرتش اسكت !
هزت رأسها و ظهرت بسمة مغتصبة فوق شفتيها و همست لها بلطف : نيرة حبيبتي أنتِ اتصرفتي صح ، متخافيش أنا تمام !
تنهدت "نيرة" و فضلت الصمت حين وجدت أنها سوف تصبح وسيلة ضغط إضافية على شقيقتها تركتها تبدأ اتصالاتها الهاتفية بغرض التهرب من لحظات الصمت القاتل بينهما !