رواية ذئاب لا تعرف الحب الفصل التاسع 9 بقلم منال سالم
ذئاب لا تعرف الحب
الفصل التاسع :
في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،،
بداخل مكتب السكرتارية ،،،،،
جلس عُدي على طرف مكتب السكرتيرة راندا ، ووضع يده بداخل جيب بنطاله ، وأمسك باليد الأخــرى ملفاً ما في يده ، ثم ..
-عدي متسائلاً بنبرة عادية : يعني هما معادهم معانا على الأسبوع الجاي
-راندا بنبرة هادئة وهي توميء برأسها : أيوه يا فندم ، واحنا مجهزين كل حاجة
-عدي وهو يمط شفتيه في هدوء : طيب كويس ، نكون كمان رجعنا من سفرية أسبانيا ...
-راندا بنبرة جادة ، ونظرات دقيقة : التذاكر والتأشيرات هتكون جاهزة على مكتب حضرتك بكرة إن شاء الله ، أنا كلمت مكتب السفريات وخلصت كل حاجة
-عدي بنبرة إعجاب : برافو عليكي يا راندا ، طول عمرك متمكنة من شغلك
-راندا بنبرة ممتنة : العفو يا فندم ، ده واجبي يا فندم ..!
-عدي لنفسه بفضول : أما أشوف الباشا أوس خلص حواراته مع البت البيئة دي ولا ايه النظام ..!
.....................................
بداخل مكتب أوس ،،،،،
حاولت تقى أن تتحرر من قبضتي أوس المحكمتين حولها ، وظلت تقاومه بحدة رغم ضعفها أمامه ، فإزداد رغباً بها ، و..
-أوس بنبرة ماكرة : متحاوليش ، مش هاتعرفي تهربي مني !
-تقى وهي تصر على أسنانها في قوة مصطنعة : ابعد وإلا قسماً بالله هصوت وأفضحك وألم عليك الناس
ضحك هو بضحكات عالية مستهينة بما قالته مما زاد من حنقها أكثر ، ثم شــد قبضته عليها أكثر ، ونظر مباشرة في عينيها بعينية القويتين ، و...
-أوس بنبرة متحدية : صوتي ، اضربي ، اعملي كل اللي انتي عاوزاه ، محدش هايقدر يعملك حاجة ، ولا هاينجيكي مني
-تقى بصراخ حــــاد : ابعــــــــد عني ، الحقووووني .. !
................................
في نفس اللحظة قام عــدي بفتح باب الغرفة ، وتسمر مكانه حينما رأى كلاهما على تلك الوضعية ..
حاولت تقى أن تستغيث مجدداً ، ولكن كان أوس الأسرع في تكميم فمها بكف يده بعد أن أرخاه عن معصمها ، و...
-أوس بصوت آمـــر وهو يشير بعينيه : اقفل الباب
-عدي متسائلاً بتوجس : في ايه اللي بيحصل هنا ؟؟!!
-أوس بحدة ، ونظرات نارية : اقفل الباب ، مش هاعيد كلامي كتير يا عُدي
-عدي على مضض : طيب
أوصـــد عدي الباب بالمفتاح ، بينما ظلت تقى تتلوى بجسدها مقاومة ذراعي أوس ، ومحاولة تخليص نفسها ، ولكن دون جدوى
اقترب عدي من أوس الذي لم يكف عن إلصاق تقى به ، ثم رمقه بنظرات حادة قبل أن يردف بـ ...
-عدي بنبرة منزعجة : انت اتجننت يا أوس ، ايه اللي بتعمله ده
-أوس بعدم اكتراث : محدش ليه حاجة عندي ، أنا أعمل اللي أنا عاوزه في أي وقت ، وفي أي مكان
-عدي بقلق واضح : بس كده غلط
-أوس بنفاذ صبر : يووووه .. وإهدي انتي كمان
كانت كل ذرة في كيان تقى ترتجف بذعـــر جلي ، خاصة وأنها تجهل ما قد يحدث لها ، هي لم تتوقع أن تكون في أحضان هذا المتوحش ، وعلى مرآى ومسمع من رفيقه الذي ربما يعاونه في الإعتداء عليها ..
مجرد توهم ما قد يصير لها جعلها تنتفض أكثر ، وتقاومه بكل ما أوتيت من قوة حتى لا تنهار في لحظة ، وتخسر الشيء الوحيد الذي تملكه .. الشيء الذي لا يمكن أن يعوض أبداً ..
إنزعج عــدي من تهور أوس والذي قد يؤدي إلى كارثة ما إن لم يتدخل فوراً ، لذا بدون تفكير قـــام بإمساك قبضتي أوس وأبعدهما عن تقى مما جعله يثور غاضباً ، و...
-أوس بنبرة هادرة : انت اتجننت ، إزاي تمسك إيدي كده !!
استغل عــدي جسده في الحــول بينه وبين تقى ، وقــام بدفعه نوعاً ما إلى الخلف بعيداً عنها ، و..
-عدي بنبرة قوية : فوق يا أوس ، اللي بتعمله ده مايصحش هنا ، انت عارف كويس احنا فين
تلاحقت أنفاس تقى ، وشحب لون وجهها بعد الذي عانته للحظات ، ووضعت يدها على صدرها تتحسس نبضات قلبها المتسارعة ..
كادت أن تسقط بعد أن شعرت بأن ساقيها لا تقويان على حملها ، ولكنها قاومت هذا الشعور بالإنهيار .. وأجبرت نفسها على التماسك حتى تهرب من هذا المكان ..
استغلت هي الفرصة ، وركضت في اتجاه الباب ، ثم أدارت المفتاح ، وفتحه ، وهرولت للخـــارج ووجهها يكاد يوحي بأنها رأت شبحاً للتو
...............................
تعجبت السكرتيرة من هيئة تلك الفتاة شعبية المظهر ، ونادت عليها بعد أن نهضت من على مقعدها بـ ...
-راندا بنبرة عالية وهي تشير بيدها : انتي يا .. يا آآ.. استني هنا
لم تستمع إليها تقى ، بل ركضت بأقصى سرعتها إلى الخــارج ، فأشارت راندا إلى حارس الأمن بإصبعها ، و...
-راندا بلهجة آمرة : روح وراها ، واتأكد إنها طلعت برا الشركة
-حارس الأمن بنبرة متشفية : أوامرك يا استاذة
كانت تقى ترتطم بكتفها بكل من تقابله في طريقها ، ورغم نظرات الاشمئزاز والاحتقار لها ، وكذلك بعض التوبيخات الحادة لتصرفها ، إلا أنها لم تهتم ، فشاغلها الأكبر هو الهروب من ذلك المكان ، والإبتعاد عن ذلك المتوحش الهمجي ..
نجحت تقى في الوصـــــول إلى بوابة الشركة ، وهناك تنفست الصعداء ، وشعرت إلى حد ما بأن روحها قد ردت إليها .. نظرت إلى هيئتها ، وتفحصت جسدها ، وتأكدت أن ملابسها لاتزال كما هي غير ممزقة و تغطي جسدها ، وأن حجابها – رغم ما حدث – مازال يخفي شعرها .. نظرت إلى معصميها فوجدت أصابع ذلك البغيض تاركة أثارها عليهما ، فظلت تفركهما بتشنج لكي تمحي تلك الآثار ....
.................................
بداخل مكتب أوس ،،،،
استشاط أوس غضباً بسبب ما فعله عدي ، وكاد يلكمه في وجهه ، ولكن نجح الأخير في تفاديه ، والسيطرة على غضبه ، و...
-عدي بحدة : أنا عاوز مصلحتك
-أوس بزمجرة غاضبة : وانت مالك باللي بأعمله ، انت بعمايلك خليت الزفتة دي تفلت مني ، وأنا كنت عاوز أكسرها
-عدي بضيق : الكلام ده احنا بنعمله برا ، مش هنا في الشركة
-أوس بصوت هــادر : يوووه ، أنا حـــر ، محدش يقدر يراجعني في اللي بأعمله
تنهد عــدي في إرهـــاق ، ثم أحنى رأسه للأسفل و...
-عدي بهدوء حذر : خلاص .. اهدى ، ماحصلش حاجة لكل ده
-أوس بضيق جلي : غبي ..
ظل أوس يزفر في غضب ، وجاب غرفته ذهاباً وإياباً وهو يحك رأسه المشتعل ، ثم توقف عن الحركة حينما لمح حافظة نقود بجوار الباب ، فســـار في اتجاهها ، ثم انحنى بجذعه للأسفل ، وأمسك بها ، وظل يتفحصها بنظرات دقيقة ، و...
-أوس بخفوت لنفسه : أكيد دي بتاعتها
سلط عدي بصره على أوس ، وأخذ يراقب أفعاله ، و...
-عدي متسائلاً بفضول : في حاجة ؟
استدار أوس بجسده ، ورمق عدي بنظرات نارية ، و..
-أوس بإقتضاب : مافيش .. أنا ماشي
ثم اتجه ناحية الأريكة ، وجذب سترته من عليها ، و مشى بخطوات أقرب للركض خارج غرفة مكتبه ....
.............................
لم تعرف تقى كيف ستعود إلى حارتها مجدداً ، فقد تخبطت في الطرقات ، وضلت الطريق ، فجلست على أحد الأرصفة ، ودفنت وجهها بين راحتي يدها ، وأخذت تجهش بالبكاء المرير ..
رأتها إحدى السيدات الوقورات ، فاقتربت منها ، و...
-سيدة ما بنبرة رقيقة : مالك يا بنتي
رفعت هي رأسها ، ونظرت إلى تلك السيدة بعينيها المنتفختين ، و...
-تقى ببكاء حـــار : ماليش .. ماليش
ثم دفنت رأسها مجدداً ، واستمرت في البكاء .. فربتت السيدة على كتفها ، و...
-سيدة ما بهدوء : اهدي يا بنتي ، كل مشكلة وليها حل
-تقى بتشنج : إلا مشكلتي ، مالهاش حل ، خلاص ، كل حاجة راحت ، كل حاجة ضاعت .. أمي والبيت ، وحتى أنا
-سيدة ما بنبرة إشفاق : لا حول ولا قوة إلا بالله ، يا بنتي خلي إيمانك بربنا كبير ، ربنا دايماً بيحب يختبر عبده ، عشان يشوف إن كان هيرضى ويحمده ، ولا هيغضب ويسخط ..
-تقى بنبرة منتحبة : بس .. بس احنا معملناش حاجة لحد ، إحنا غلابة أوي وراضين بحالنا ، بس آآ...
-سيدة ما مقاطعة بنبرة صافية : معلش يا بنتي ، اصبري واحتسبي عند الله ، وإن شاء الله كل حاجة هتتحل
حاولت تلك السيدة أن تخرج تقى من تلك الحالة البائسة ، ثم عرضت عليها مبلغاً من المال ، ولكنها آبت أن تأخذه ، و...
-سيدة ما بإصرار : يا بنتي ده مال الله طالع لله
-تقى بنبرة عنيدة : أنا مش عاوزة فلوس ، أنا عاوزة أمي تطلع من الضيقة اللي هي فيها
-سيدة ما بنبرة متفائلة : إن شــاء الله هاتطلع ، ادعي انتي ربنا ، واكيد هايستجيب ، ماهو سبحانه وتعالى بيقول أنا عند حسن ظن عبدي بي
-تقى بخفوت : ونعم بالله ...
قدمت تلك السيدة الطيبة هذا المبلغ الزهيد إلى تقى والتي أخذته على إستحياء حتى تتمكن من العودة إلى منزلها ، فقد تأخر الوقت ، وأوشك النهار على المغيب ، وهي حتماً لابد أن تعود من أجل أبيها وخالتها المريضة ...
......................................
في قصر عائلة الجندي ،،،،
في غرفة نوم ناريمان ،،،،
تحركت السيدة ناريمان بعصبية في غرفتها وهي ممسكة بهاتفها المحمول ، و...
-ناريمان هاتفياً بنبرة غاضبة : بقولك هو شاكك إن كان في حاجة بينا
-ممدوح هاتفياً بنبرة واثقة : تخاريف يا نيرموو
-ناريمان بحنق وهي تشيح بيدها : دي مش تخاريف ، دي حقيقة ، ده كان ناقص بس يقولي اني نمت معاك
-ممدوح ببرود مستفز : ومـــاله .. يقول ، والشاطر اللي يصدقه
-ناريمات بحدة : انت مجنون ، عارف لو الكلام ده وصل لمهاب ممكن يعمل فيا إيه ؟
-ممدوح بعدم اكتراث : ولا يقدر يقول لمهاب ، ولا لغيره ، ولا في حاجة هاتحصل ، إهدي انتي بس
-ناريمان بتوتر واضح : مقدرش أهدى يا ممدوح ، دي حياتي ، وأنا مش هاستنى أما تتخرب ، لازم أتصرف
-ممدوح متسائلاً بهدوء وهو عاقد حاجبيه : ناوية تعملي ايه يعني ؟
-ناريمان وهي تبتلع ريقها في ارتباك : ناوية أنهي أي حاجة بينا ، أنا مش ناقصة !
-ممدوح بنبرة محذرة : إياكي يا ناريمان ، احنا اللي بينا مش من امبارح وبس ، لأ ده من سنين من أيام تهاني ، وأظنك فاهمة قصدي كويس
-ناريمان بقلق بالغ : أنا خايفة يا ممدوح ، هاموت من الرعب ، انت مش بتشوف نظراته ليا
-ممدوح بنبرة غليظة : بطلي عبط ، وركزي مع بنتك أحسن ، ماشي
-ناريمان بعدم اقتناع : طيب .. طيب
-ممدوح بهدوء : كلها كام يوم وهارجع مصر ، وساعتها هاحط أوس عند حده
-ناريمان بنبرة متعشمة : اووكي .. أما أشوف
-ممدوح بنبرة مغترة : متقلقيش ، ده أنا ممدوح الصاوي ..!!!
........................................
عــــادت تقى إلى الحارة ، وأطرقت رأسها في خزي وهي تسير بين المــارة ، وبالطبع لم تسلم من التلميحات المسيئة لها ولوالدتها ، وابتلعت - على مضض - كل هذا ، وخبأت وجهها بطرف حجابها ، وركضت مسرعة ناحية بنايتها لتختبيء في منزلها ..
طرقت تقى على باب المنزل عدة طرقات بعد أن قرعت الجرس لكي يفتح لها والدها الباب أو حتى خالتها ، ولكن دون جدوى ، فإنتفض قلبها ذعراً .. وأخذت تطرق على الباب بحدة ، و...
-تقى بنبرة عالية : بابا .. خالتي ، افتحوا الباب ، أنا .. أنا تقى
صمتت للحظة ، واسندت رأسها على الباب لكي تستمع إلى أي صوت ينبئها بوجود أحد بالمنزل ، ولكن كان الصمت هو المسيطر على الأجواء .. فتملكها الشعور بالتوجس الممزوج بالخوف ..
زادت تقى من حدة الطرقات ، و..
-تقى بنبرة مرتفعة : خالتي ... افتحي ( طق .. طق .. طق ) أنا تقى ، يا خالتي لو سمعاني افتحي ( طق .. طق .. طق )
وعلى إثر تلك الطرقات العنيفة ، فتحت الباب المقابل لهما إحدى الجارات ، والتي تدعى الحاجة إجلال ، ونظرت إلى تقى بنظرات متفحصة ، ثم ..
-إجلال بصوت ضعيف : مين اللي بيخبط
استدارت لها تقى بجسدها ، ورمقتها بعينين مرهقتين ، و...
-تقى بنبرة متلهفة : طنط إجلال ماشوفتيش خالتي تهاني ؟
-إجلال وهي تمط شفتيها في آسى : عيني عليها ، الظاهر إنها طفشت
جحظت مقلتي عين تقى الحمراوتين ، وفغرت شفتيها في صدمة ، و...
-تقى بصدمة : ايييه ؟؟ يعني ايه ؟
-إجلال بتنهيدة متعبة : أصل هي خرجت من غير ما حد ياخد باله منها ، وأبوكي طلع بعدها يدور عليها في الحارة كلها ، بس الظاهر إنه لسه ملاقهاش
-تقى بذعر وهي تلطم على وجنتيها : خالتي ضاعت ، يادي النصيبة اللي احنا فيها ، يادي الغلب ، طب أعمل ايه الوقتي ؟
زمت إجلال شفتيها في إشفاق ، ثم ..
-إجلال بصوت خافت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، معلش يا تقى ، نصيبكم كده
-تقى بنبرة منتحبة : أقول لأمي ايه بس ، طب أتصرف أنا ازاي الوقتي
-إجلال بنبرة خافتة : خشي يا بتي شقتك وسبيها على الله ، شوية وتلاقي أبوكي جايبها وجاي
-تقى بنبرة راجية ، ونظرات متعشمة : يا رب أمين
تذكرت تقى أنها فقدت حافظة نقودها ، وليس معاها المفتاح الخاص بمنزلها ، لذا ..
-تقى بتردد : معلش يا طنط إجلال ممكن تشوفيلي شاكوش وأجنة أفتح بيها الباب لأحسن مفتاح نسيته
-إجلال بهدوء : طيب يا بنتي ... ثواني بس أشوف في عدة الحاج اللي جوا
-تقى بتنهيدة إرهاق : خدي راحتك يا طنط
غابت الحاجة إجلال داخل منزلها ، بينما جلست تقى على الدرج ، وأسندت مرفقيها على ركبتيها ، وظلت تطرق بكلتا يديها على رأسها ، وهي تلعن الظروف التي عصفت بحياتها ...
سمعت تقى صوت سيدتان تتحدثان على الدرج وهما تصعدان عليه ، فنهضت من مكانها ، ونفضت عباءتها ، ووقفت إلى جوار باب منزلها ..
وصلت السيدتين إلى الطابق المتواجد به منزل تقى ، وحدقت كلتاهما بها ، و...
-زينات متسائلة بجدية : مش ده بيت الست فردوس
-تقى بإندفاع : أيوه ، دي أمي ، أنتو تعرفوها ؟ هي .. هي كويسة ؟؟ طب هي اللي بعتاكوا ؟؟
-سعدية بنبرة حزينة : لأ يا بنتي ، ده احنا زمايلها في المصنع ، وكنا جايين نسأل عليها
تنهدت تقى في حـــزن ، ثم أطرقت رأسها للأسفل ، و...
-تقى بنبرة مريرة : هي لسه زي ماهي ، محجوزة في القسم
-زينات وهي تزم شفتيها في آسى : ربنا يفك ضيقتها ..
تبادلت كلاً من زينات وسعدية النظرات الغامضة ، ثم فتحت الأخيرة حافظة نقودها ، وأخرجت ورقة بيضاء مطوية ، ومدت يدها في اتجاه تقى و...
-سعدية بجدية : المهم عشان مانضيعش وقتك يا حبيبتي ، ده مبلغ صغير إحنا لمناه من بعض عشان خاطر أمك ، أهوو يساعدكم لحد ما تدبروا حالكم
أبعدت تقى كف يد سعدية ، وهزت رأسها في إعتراض ، و...
-تقى بخفوت : كتر خيركم ، مستورة والحمد لله
-سعدية بإصرار : يا بنتي أمك خيرها على الكل ، نيجي احنا وقت ضيقتها ومانقفش جمبها ، ده حتى عيبة في حقنا
اضطرت تقى آسفة أن تأخذ ذلك المبلغ المالي البسيط من زميلة والدتها ، فهي لا تملك أي شيء لكي توكل حتى محامٍ للدفاع عن والدتها ، وربما يعينها هذا المبلغ في فعل هذا ..
وقبل أن تنصرف كلتاهما ، استدارت زينات برأسها ناحية تقى ، و..
-زينات بنبرة حزينة ومتلعثمة : ومعلش قولي لأمك لما تخرج بالسلامة إن .. إنها تدور على شغل في مصنع تاني ، أصل .. أصلها اتـ.. آآ... اترفدت
أحنت تقى رأسها في خزي أكثر ، وأدمعت عينيها حزناً على مُصاب والدتها .. بينما تابعت زينات بـ ....
-زينات بنبرة راجية : معلش يا بنتي ، ربنا قادر على كل شيء .. سلامو عليكم
ثم أشـــارت لسعدية بعينيها لكي تنصرف كلتاهما ..
ظلت تقى متسمرة في مكانها ، غير مستوعبة كم المصائب الطائلة التي سقطت فوق رأسها ورأس عائلتها ....
خرجت الحاجة إجلال من منزلها بعدما أحضرت الأدوات المطلوبة لفتح باب المنزل ، وتعاونت مع تقى في فتحه ..
...............................
قـــــاد أوس سيارته بسرعة جنونية ، وظل يدور في حلقات مفرغة لكي يفرغ تلك الشحنة الغاضبة التي تسيطر عليه .. فتلك هي المرة الأولى التي تتحداه فتاة أقل ما يُقال عنها أنها لا تليق به .. ولكنها أثارت حنقه ، وأوصلته للجنون ..
ضرب المقود بقبضة يده ، ونظر إلى آثار عضتها المحفورة على كفه ، و...
-أوس بتوعد : مش هاسيبك من غير ما أكسرك ، مش هاسيبك ..!!!
سلط أوس بصره على حافظة نقودها الملاقاة على المقعد المجاور له ، ثم أمسك بها ، وظل يلفها في كل الاتجاهات ، و...
-أوس بنبرة ماكرة : استحالة تهربي مني
صف سيارته بجوار أحد الأرصفة ، وقام بفتح حافظة نقودها ، وتفقد محتوياتها ، فلم يجد إلا مبلغاً زهيداً من المال ، وكذلك بطاقة هويتها الشخصية ، وأيضاً مفتاح صغير ..
أمسك أوس بالمفتاح بإصبعيه ، وظل يقلبه في الهواء ، ثم ظهر شبح ابتسامة شيطانية على زاوية فمه ، و...
-أوس بنبرة لئيمة ، ونظرات متربصة : والفرصة جاتلي لحد عندي ...!
أدار هو محرك السيارة مجدداً ، ثم انطلق بها في اتجاه منزل تقى ...
.................................
في منزل تقى عوض الله ،،،
شكرت تقى الحاجة إجلال على مساعدتها لها ، ودلفت إلى داخل منزلها الذي أصبح موحشاً وكئيباً بعد رحيل جميع من فيه ..
ثم أغلقت باب المنزل بالمزلاج ، واستدارت بجسدها للخلف ، وجابت بعينيها كل ركن من أركان منزلها وهي تتذكر كيف كان ينبض بالحياة حتى الأمس القريب رغم صعوبة الظروف المعيشية الخاصة بهم ..
شعرت أنها غير قادرة على التحمل أكثر من هذا ، فإنهارت باكية بمرارة وآسى على ركبتيها ، وأحنت جسدها أكثر للأسفل ، وأخذت تضرب الأرضية بكفي يدها ...
ثم استسلمت لضعفها ، وتمددت بجسدها كلياً على السجادة القديمة الموضوعة على الأرضية ، وثنيت ركبتيها إلى صدرها ، و...
-تقى ببكاء مختنق : ليه كل ده يحصلنا ، ليه ؟؟ يا رب افرجها علينا ، يا رب ساعدنا ...!
أغمضت تقى عينيها في تعب ، وظلت دموعها تنهمر وتبلل وجنتيها ، ولفت ذراعيها حول نفسها ، وبدأت تغفو في مكانها بعد هذا اليوم المرهق .. ولكن تنبهت حواسها فجـــأة لذلك الصوت الذي يحاول فتح الباب .. ففتحت عينيها على عجالة ، واعتدلت في جلستها ، ثم فركت عينيها بكفي يدها ، ونظرت في اتجاه الباب ..
تأكدت هي بأن هناك من يحاول فتحه ، فعاد الأمــل إليها من جديد حيث ظنت أن والدها قد عــاد ومعه خالتها ، لذا نهضت عن الأرضية ، ونفضت خصرها ، وركضت مسرعة في اتجاه الباب ، ثم وضعت يدها على المزلاج وسحبته للخلف لينفتح الباب ، ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها حينما وجدته أمامها ، و.............................................. !!!
الفصل التاسع :
في المقر الرئيسي لشركات الجندي للصلب ،،،،،
بداخل مكتب السكرتارية ،،،،،
جلس عُدي على طرف مكتب السكرتيرة راندا ، ووضع يده بداخل جيب بنطاله ، وأمسك باليد الأخــرى ملفاً ما في يده ، ثم ..
-عدي متسائلاً بنبرة عادية : يعني هما معادهم معانا على الأسبوع الجاي
-راندا بنبرة هادئة وهي توميء برأسها : أيوه يا فندم ، واحنا مجهزين كل حاجة
-عدي وهو يمط شفتيه في هدوء : طيب كويس ، نكون كمان رجعنا من سفرية أسبانيا ...
-راندا بنبرة جادة ، ونظرات دقيقة : التذاكر والتأشيرات هتكون جاهزة على مكتب حضرتك بكرة إن شاء الله ، أنا كلمت مكتب السفريات وخلصت كل حاجة
-عدي بنبرة إعجاب : برافو عليكي يا راندا ، طول عمرك متمكنة من شغلك
-راندا بنبرة ممتنة : العفو يا فندم ، ده واجبي يا فندم ..!
-عدي لنفسه بفضول : أما أشوف الباشا أوس خلص حواراته مع البت البيئة دي ولا ايه النظام ..!
.....................................
بداخل مكتب أوس ،،،،،
حاولت تقى أن تتحرر من قبضتي أوس المحكمتين حولها ، وظلت تقاومه بحدة رغم ضعفها أمامه ، فإزداد رغباً بها ، و..
-أوس بنبرة ماكرة : متحاوليش ، مش هاتعرفي تهربي مني !
-تقى وهي تصر على أسنانها في قوة مصطنعة : ابعد وإلا قسماً بالله هصوت وأفضحك وألم عليك الناس
ضحك هو بضحكات عالية مستهينة بما قالته مما زاد من حنقها أكثر ، ثم شــد قبضته عليها أكثر ، ونظر مباشرة في عينيها بعينية القويتين ، و...
-أوس بنبرة متحدية : صوتي ، اضربي ، اعملي كل اللي انتي عاوزاه ، محدش هايقدر يعملك حاجة ، ولا هاينجيكي مني
-تقى بصراخ حــــاد : ابعــــــــد عني ، الحقووووني .. !
................................
في نفس اللحظة قام عــدي بفتح باب الغرفة ، وتسمر مكانه حينما رأى كلاهما على تلك الوضعية ..
حاولت تقى أن تستغيث مجدداً ، ولكن كان أوس الأسرع في تكميم فمها بكف يده بعد أن أرخاه عن معصمها ، و...
-أوس بصوت آمـــر وهو يشير بعينيه : اقفل الباب
-عدي متسائلاً بتوجس : في ايه اللي بيحصل هنا ؟؟!!
-أوس بحدة ، ونظرات نارية : اقفل الباب ، مش هاعيد كلامي كتير يا عُدي
-عدي على مضض : طيب
أوصـــد عدي الباب بالمفتاح ، بينما ظلت تقى تتلوى بجسدها مقاومة ذراعي أوس ، ومحاولة تخليص نفسها ، ولكن دون جدوى
اقترب عدي من أوس الذي لم يكف عن إلصاق تقى به ، ثم رمقه بنظرات حادة قبل أن يردف بـ ...
-عدي بنبرة منزعجة : انت اتجننت يا أوس ، ايه اللي بتعمله ده
-أوس بعدم اكتراث : محدش ليه حاجة عندي ، أنا أعمل اللي أنا عاوزه في أي وقت ، وفي أي مكان
-عدي بقلق واضح : بس كده غلط
-أوس بنفاذ صبر : يووووه .. وإهدي انتي كمان
كانت كل ذرة في كيان تقى ترتجف بذعـــر جلي ، خاصة وأنها تجهل ما قد يحدث لها ، هي لم تتوقع أن تكون في أحضان هذا المتوحش ، وعلى مرآى ومسمع من رفيقه الذي ربما يعاونه في الإعتداء عليها ..
مجرد توهم ما قد يصير لها جعلها تنتفض أكثر ، وتقاومه بكل ما أوتيت من قوة حتى لا تنهار في لحظة ، وتخسر الشيء الوحيد الذي تملكه .. الشيء الذي لا يمكن أن يعوض أبداً ..
إنزعج عــدي من تهور أوس والذي قد يؤدي إلى كارثة ما إن لم يتدخل فوراً ، لذا بدون تفكير قـــام بإمساك قبضتي أوس وأبعدهما عن تقى مما جعله يثور غاضباً ، و...
-أوس بنبرة هادرة : انت اتجننت ، إزاي تمسك إيدي كده !!
استغل عــدي جسده في الحــول بينه وبين تقى ، وقــام بدفعه نوعاً ما إلى الخلف بعيداً عنها ، و..
-عدي بنبرة قوية : فوق يا أوس ، اللي بتعمله ده مايصحش هنا ، انت عارف كويس احنا فين
تلاحقت أنفاس تقى ، وشحب لون وجهها بعد الذي عانته للحظات ، ووضعت يدها على صدرها تتحسس نبضات قلبها المتسارعة ..
كادت أن تسقط بعد أن شعرت بأن ساقيها لا تقويان على حملها ، ولكنها قاومت هذا الشعور بالإنهيار .. وأجبرت نفسها على التماسك حتى تهرب من هذا المكان ..
استغلت هي الفرصة ، وركضت في اتجاه الباب ، ثم أدارت المفتاح ، وفتحه ، وهرولت للخـــارج ووجهها يكاد يوحي بأنها رأت شبحاً للتو
...............................
تعجبت السكرتيرة من هيئة تلك الفتاة شعبية المظهر ، ونادت عليها بعد أن نهضت من على مقعدها بـ ...
-راندا بنبرة عالية وهي تشير بيدها : انتي يا .. يا آآ.. استني هنا
لم تستمع إليها تقى ، بل ركضت بأقصى سرعتها إلى الخــارج ، فأشارت راندا إلى حارس الأمن بإصبعها ، و...
-راندا بلهجة آمرة : روح وراها ، واتأكد إنها طلعت برا الشركة
-حارس الأمن بنبرة متشفية : أوامرك يا استاذة
كانت تقى ترتطم بكتفها بكل من تقابله في طريقها ، ورغم نظرات الاشمئزاز والاحتقار لها ، وكذلك بعض التوبيخات الحادة لتصرفها ، إلا أنها لم تهتم ، فشاغلها الأكبر هو الهروب من ذلك المكان ، والإبتعاد عن ذلك المتوحش الهمجي ..
نجحت تقى في الوصـــــول إلى بوابة الشركة ، وهناك تنفست الصعداء ، وشعرت إلى حد ما بأن روحها قد ردت إليها .. نظرت إلى هيئتها ، وتفحصت جسدها ، وتأكدت أن ملابسها لاتزال كما هي غير ممزقة و تغطي جسدها ، وأن حجابها – رغم ما حدث – مازال يخفي شعرها .. نظرت إلى معصميها فوجدت أصابع ذلك البغيض تاركة أثارها عليهما ، فظلت تفركهما بتشنج لكي تمحي تلك الآثار ....
.................................
بداخل مكتب أوس ،،،،
استشاط أوس غضباً بسبب ما فعله عدي ، وكاد يلكمه في وجهه ، ولكن نجح الأخير في تفاديه ، والسيطرة على غضبه ، و...
-عدي بحدة : أنا عاوز مصلحتك
-أوس بزمجرة غاضبة : وانت مالك باللي بأعمله ، انت بعمايلك خليت الزفتة دي تفلت مني ، وأنا كنت عاوز أكسرها
-عدي بضيق : الكلام ده احنا بنعمله برا ، مش هنا في الشركة
-أوس بصوت هــادر : يوووه ، أنا حـــر ، محدش يقدر يراجعني في اللي بأعمله
تنهد عــدي في إرهـــاق ، ثم أحنى رأسه للأسفل و...
-عدي بهدوء حذر : خلاص .. اهدى ، ماحصلش حاجة لكل ده
-أوس بضيق جلي : غبي ..
ظل أوس يزفر في غضب ، وجاب غرفته ذهاباً وإياباً وهو يحك رأسه المشتعل ، ثم توقف عن الحركة حينما لمح حافظة نقود بجوار الباب ، فســـار في اتجاهها ، ثم انحنى بجذعه للأسفل ، وأمسك بها ، وظل يتفحصها بنظرات دقيقة ، و...
-أوس بخفوت لنفسه : أكيد دي بتاعتها
سلط عدي بصره على أوس ، وأخذ يراقب أفعاله ، و...
-عدي متسائلاً بفضول : في حاجة ؟
استدار أوس بجسده ، ورمق عدي بنظرات نارية ، و..
-أوس بإقتضاب : مافيش .. أنا ماشي
ثم اتجه ناحية الأريكة ، وجذب سترته من عليها ، و مشى بخطوات أقرب للركض خارج غرفة مكتبه ....
.............................
لم تعرف تقى كيف ستعود إلى حارتها مجدداً ، فقد تخبطت في الطرقات ، وضلت الطريق ، فجلست على أحد الأرصفة ، ودفنت وجهها بين راحتي يدها ، وأخذت تجهش بالبكاء المرير ..
رأتها إحدى السيدات الوقورات ، فاقتربت منها ، و...
-سيدة ما بنبرة رقيقة : مالك يا بنتي
رفعت هي رأسها ، ونظرت إلى تلك السيدة بعينيها المنتفختين ، و...
-تقى ببكاء حـــار : ماليش .. ماليش
ثم دفنت رأسها مجدداً ، واستمرت في البكاء .. فربتت السيدة على كتفها ، و...
-سيدة ما بهدوء : اهدي يا بنتي ، كل مشكلة وليها حل
-تقى بتشنج : إلا مشكلتي ، مالهاش حل ، خلاص ، كل حاجة راحت ، كل حاجة ضاعت .. أمي والبيت ، وحتى أنا
-سيدة ما بنبرة إشفاق : لا حول ولا قوة إلا بالله ، يا بنتي خلي إيمانك بربنا كبير ، ربنا دايماً بيحب يختبر عبده ، عشان يشوف إن كان هيرضى ويحمده ، ولا هيغضب ويسخط ..
-تقى بنبرة منتحبة : بس .. بس احنا معملناش حاجة لحد ، إحنا غلابة أوي وراضين بحالنا ، بس آآ...
-سيدة ما مقاطعة بنبرة صافية : معلش يا بنتي ، اصبري واحتسبي عند الله ، وإن شاء الله كل حاجة هتتحل
حاولت تلك السيدة أن تخرج تقى من تلك الحالة البائسة ، ثم عرضت عليها مبلغاً من المال ، ولكنها آبت أن تأخذه ، و...
-سيدة ما بإصرار : يا بنتي ده مال الله طالع لله
-تقى بنبرة عنيدة : أنا مش عاوزة فلوس ، أنا عاوزة أمي تطلع من الضيقة اللي هي فيها
-سيدة ما بنبرة متفائلة : إن شــاء الله هاتطلع ، ادعي انتي ربنا ، واكيد هايستجيب ، ماهو سبحانه وتعالى بيقول أنا عند حسن ظن عبدي بي
-تقى بخفوت : ونعم بالله ...
قدمت تلك السيدة الطيبة هذا المبلغ الزهيد إلى تقى والتي أخذته على إستحياء حتى تتمكن من العودة إلى منزلها ، فقد تأخر الوقت ، وأوشك النهار على المغيب ، وهي حتماً لابد أن تعود من أجل أبيها وخالتها المريضة ...
......................................
في قصر عائلة الجندي ،،،،
في غرفة نوم ناريمان ،،،،
تحركت السيدة ناريمان بعصبية في غرفتها وهي ممسكة بهاتفها المحمول ، و...
-ناريمان هاتفياً بنبرة غاضبة : بقولك هو شاكك إن كان في حاجة بينا
-ممدوح هاتفياً بنبرة واثقة : تخاريف يا نيرموو
-ناريمان بحنق وهي تشيح بيدها : دي مش تخاريف ، دي حقيقة ، ده كان ناقص بس يقولي اني نمت معاك
-ممدوح ببرود مستفز : ومـــاله .. يقول ، والشاطر اللي يصدقه
-ناريمات بحدة : انت مجنون ، عارف لو الكلام ده وصل لمهاب ممكن يعمل فيا إيه ؟
-ممدوح بعدم اكتراث : ولا يقدر يقول لمهاب ، ولا لغيره ، ولا في حاجة هاتحصل ، إهدي انتي بس
-ناريمان بتوتر واضح : مقدرش أهدى يا ممدوح ، دي حياتي ، وأنا مش هاستنى أما تتخرب ، لازم أتصرف
-ممدوح متسائلاً بهدوء وهو عاقد حاجبيه : ناوية تعملي ايه يعني ؟
-ناريمان وهي تبتلع ريقها في ارتباك : ناوية أنهي أي حاجة بينا ، أنا مش ناقصة !
-ممدوح بنبرة محذرة : إياكي يا ناريمان ، احنا اللي بينا مش من امبارح وبس ، لأ ده من سنين من أيام تهاني ، وأظنك فاهمة قصدي كويس
-ناريمان بقلق بالغ : أنا خايفة يا ممدوح ، هاموت من الرعب ، انت مش بتشوف نظراته ليا
-ممدوح بنبرة غليظة : بطلي عبط ، وركزي مع بنتك أحسن ، ماشي
-ناريمان بعدم اقتناع : طيب .. طيب
-ممدوح بهدوء : كلها كام يوم وهارجع مصر ، وساعتها هاحط أوس عند حده
-ناريمان بنبرة متعشمة : اووكي .. أما أشوف
-ممدوح بنبرة مغترة : متقلقيش ، ده أنا ممدوح الصاوي ..!!!
........................................
عــــادت تقى إلى الحارة ، وأطرقت رأسها في خزي وهي تسير بين المــارة ، وبالطبع لم تسلم من التلميحات المسيئة لها ولوالدتها ، وابتلعت - على مضض - كل هذا ، وخبأت وجهها بطرف حجابها ، وركضت مسرعة ناحية بنايتها لتختبيء في منزلها ..
طرقت تقى على باب المنزل عدة طرقات بعد أن قرعت الجرس لكي يفتح لها والدها الباب أو حتى خالتها ، ولكن دون جدوى ، فإنتفض قلبها ذعراً .. وأخذت تطرق على الباب بحدة ، و...
-تقى بنبرة عالية : بابا .. خالتي ، افتحوا الباب ، أنا .. أنا تقى
صمتت للحظة ، واسندت رأسها على الباب لكي تستمع إلى أي صوت ينبئها بوجود أحد بالمنزل ، ولكن كان الصمت هو المسيطر على الأجواء .. فتملكها الشعور بالتوجس الممزوج بالخوف ..
زادت تقى من حدة الطرقات ، و..
-تقى بنبرة مرتفعة : خالتي ... افتحي ( طق .. طق .. طق ) أنا تقى ، يا خالتي لو سمعاني افتحي ( طق .. طق .. طق )
وعلى إثر تلك الطرقات العنيفة ، فتحت الباب المقابل لهما إحدى الجارات ، والتي تدعى الحاجة إجلال ، ونظرت إلى تقى بنظرات متفحصة ، ثم ..
-إجلال بصوت ضعيف : مين اللي بيخبط
استدارت لها تقى بجسدها ، ورمقتها بعينين مرهقتين ، و...
-تقى بنبرة متلهفة : طنط إجلال ماشوفتيش خالتي تهاني ؟
-إجلال وهي تمط شفتيها في آسى : عيني عليها ، الظاهر إنها طفشت
جحظت مقلتي عين تقى الحمراوتين ، وفغرت شفتيها في صدمة ، و...
-تقى بصدمة : ايييه ؟؟ يعني ايه ؟
-إجلال بتنهيدة متعبة : أصل هي خرجت من غير ما حد ياخد باله منها ، وأبوكي طلع بعدها يدور عليها في الحارة كلها ، بس الظاهر إنه لسه ملاقهاش
-تقى بذعر وهي تلطم على وجنتيها : خالتي ضاعت ، يادي النصيبة اللي احنا فيها ، يادي الغلب ، طب أعمل ايه الوقتي ؟
زمت إجلال شفتيها في إشفاق ، ثم ..
-إجلال بصوت خافت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، معلش يا تقى ، نصيبكم كده
-تقى بنبرة منتحبة : أقول لأمي ايه بس ، طب أتصرف أنا ازاي الوقتي
-إجلال بنبرة خافتة : خشي يا بتي شقتك وسبيها على الله ، شوية وتلاقي أبوكي جايبها وجاي
-تقى بنبرة راجية ، ونظرات متعشمة : يا رب أمين
تذكرت تقى أنها فقدت حافظة نقودها ، وليس معاها المفتاح الخاص بمنزلها ، لذا ..
-تقى بتردد : معلش يا طنط إجلال ممكن تشوفيلي شاكوش وأجنة أفتح بيها الباب لأحسن مفتاح نسيته
-إجلال بهدوء : طيب يا بنتي ... ثواني بس أشوف في عدة الحاج اللي جوا
-تقى بتنهيدة إرهاق : خدي راحتك يا طنط
غابت الحاجة إجلال داخل منزلها ، بينما جلست تقى على الدرج ، وأسندت مرفقيها على ركبتيها ، وظلت تطرق بكلتا يديها على رأسها ، وهي تلعن الظروف التي عصفت بحياتها ...
سمعت تقى صوت سيدتان تتحدثان على الدرج وهما تصعدان عليه ، فنهضت من مكانها ، ونفضت عباءتها ، ووقفت إلى جوار باب منزلها ..
وصلت السيدتين إلى الطابق المتواجد به منزل تقى ، وحدقت كلتاهما بها ، و...
-زينات متسائلة بجدية : مش ده بيت الست فردوس
-تقى بإندفاع : أيوه ، دي أمي ، أنتو تعرفوها ؟ هي .. هي كويسة ؟؟ طب هي اللي بعتاكوا ؟؟
-سعدية بنبرة حزينة : لأ يا بنتي ، ده احنا زمايلها في المصنع ، وكنا جايين نسأل عليها
تنهدت تقى في حـــزن ، ثم أطرقت رأسها للأسفل ، و...
-تقى بنبرة مريرة : هي لسه زي ماهي ، محجوزة في القسم
-زينات وهي تزم شفتيها في آسى : ربنا يفك ضيقتها ..
تبادلت كلاً من زينات وسعدية النظرات الغامضة ، ثم فتحت الأخيرة حافظة نقودها ، وأخرجت ورقة بيضاء مطوية ، ومدت يدها في اتجاه تقى و...
-سعدية بجدية : المهم عشان مانضيعش وقتك يا حبيبتي ، ده مبلغ صغير إحنا لمناه من بعض عشان خاطر أمك ، أهوو يساعدكم لحد ما تدبروا حالكم
أبعدت تقى كف يد سعدية ، وهزت رأسها في إعتراض ، و...
-تقى بخفوت : كتر خيركم ، مستورة والحمد لله
-سعدية بإصرار : يا بنتي أمك خيرها على الكل ، نيجي احنا وقت ضيقتها ومانقفش جمبها ، ده حتى عيبة في حقنا
اضطرت تقى آسفة أن تأخذ ذلك المبلغ المالي البسيط من زميلة والدتها ، فهي لا تملك أي شيء لكي توكل حتى محامٍ للدفاع عن والدتها ، وربما يعينها هذا المبلغ في فعل هذا ..
وقبل أن تنصرف كلتاهما ، استدارت زينات برأسها ناحية تقى ، و..
-زينات بنبرة حزينة ومتلعثمة : ومعلش قولي لأمك لما تخرج بالسلامة إن .. إنها تدور على شغل في مصنع تاني ، أصل .. أصلها اتـ.. آآ... اترفدت
أحنت تقى رأسها في خزي أكثر ، وأدمعت عينيها حزناً على مُصاب والدتها .. بينما تابعت زينات بـ ....
-زينات بنبرة راجية : معلش يا بنتي ، ربنا قادر على كل شيء .. سلامو عليكم
ثم أشـــارت لسعدية بعينيها لكي تنصرف كلتاهما ..
ظلت تقى متسمرة في مكانها ، غير مستوعبة كم المصائب الطائلة التي سقطت فوق رأسها ورأس عائلتها ....
خرجت الحاجة إجلال من منزلها بعدما أحضرت الأدوات المطلوبة لفتح باب المنزل ، وتعاونت مع تقى في فتحه ..
...............................
قـــــاد أوس سيارته بسرعة جنونية ، وظل يدور في حلقات مفرغة لكي يفرغ تلك الشحنة الغاضبة التي تسيطر عليه .. فتلك هي المرة الأولى التي تتحداه فتاة أقل ما يُقال عنها أنها لا تليق به .. ولكنها أثارت حنقه ، وأوصلته للجنون ..
ضرب المقود بقبضة يده ، ونظر إلى آثار عضتها المحفورة على كفه ، و...
-أوس بتوعد : مش هاسيبك من غير ما أكسرك ، مش هاسيبك ..!!!
سلط أوس بصره على حافظة نقودها الملاقاة على المقعد المجاور له ، ثم أمسك بها ، وظل يلفها في كل الاتجاهات ، و...
-أوس بنبرة ماكرة : استحالة تهربي مني
صف سيارته بجوار أحد الأرصفة ، وقام بفتح حافظة نقودها ، وتفقد محتوياتها ، فلم يجد إلا مبلغاً زهيداً من المال ، وكذلك بطاقة هويتها الشخصية ، وأيضاً مفتاح صغير ..
أمسك أوس بالمفتاح بإصبعيه ، وظل يقلبه في الهواء ، ثم ظهر شبح ابتسامة شيطانية على زاوية فمه ، و...
-أوس بنبرة لئيمة ، ونظرات متربصة : والفرصة جاتلي لحد عندي ...!
أدار هو محرك السيارة مجدداً ، ثم انطلق بها في اتجاه منزل تقى ...
.................................
في منزل تقى عوض الله ،،،
شكرت تقى الحاجة إجلال على مساعدتها لها ، ودلفت إلى داخل منزلها الذي أصبح موحشاً وكئيباً بعد رحيل جميع من فيه ..
ثم أغلقت باب المنزل بالمزلاج ، واستدارت بجسدها للخلف ، وجابت بعينيها كل ركن من أركان منزلها وهي تتذكر كيف كان ينبض بالحياة حتى الأمس القريب رغم صعوبة الظروف المعيشية الخاصة بهم ..
شعرت أنها غير قادرة على التحمل أكثر من هذا ، فإنهارت باكية بمرارة وآسى على ركبتيها ، وأحنت جسدها أكثر للأسفل ، وأخذت تضرب الأرضية بكفي يدها ...
ثم استسلمت لضعفها ، وتمددت بجسدها كلياً على السجادة القديمة الموضوعة على الأرضية ، وثنيت ركبتيها إلى صدرها ، و...
-تقى ببكاء مختنق : ليه كل ده يحصلنا ، ليه ؟؟ يا رب افرجها علينا ، يا رب ساعدنا ...!
أغمضت تقى عينيها في تعب ، وظلت دموعها تنهمر وتبلل وجنتيها ، ولفت ذراعيها حول نفسها ، وبدأت تغفو في مكانها بعد هذا اليوم المرهق .. ولكن تنبهت حواسها فجـــأة لذلك الصوت الذي يحاول فتح الباب .. ففتحت عينيها على عجالة ، واعتدلت في جلستها ، ثم فركت عينيها بكفي يدها ، ونظرت في اتجاه الباب ..
تأكدت هي بأن هناك من يحاول فتحه ، فعاد الأمــل إليها من جديد حيث ظنت أن والدها قد عــاد ومعه خالتها ، لذا نهضت عن الأرضية ، ونفضت خصرها ، وركضت مسرعة في اتجاه الباب ، ثم وضعت يدها على المزلاج وسحبته للخلف لينفتح الباب ، ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها حينما وجدته أمامها ، و.............................................. !!!