اخر الروايات

رواية وله في ظلامها حياة الفصل السابع 7 بقلم دينا احمد

رواية وله في ظلامها حياة الفصل السابع 7 بقلم دينا احمد



الفصل السابع

وضعت يدها على فمها محاولة كتم شهقاتها وهى تبحث عن أي شيء حتي يساعدها على الخروج لتصيح ببكاء للفتاة التي بالخارج:
- ساعديني أنا مش عارفة أخرج من هنا.

لتقول الفتاة بقلة حيلة:
- طب قوليلي اعمل ايه مفيش مفاتيح و الإسعاف جت اخدت الاستاذ حازم..

حاولت نورا إخراج صوتها ولكنها شعرت وكأن احبالها الصوتية تمزقت من شدة الصراخ عندما أنهال عليها حازم بالجلدات اللانهائية لتقول بوهن و هي تستند على الباب ببطئ:
- الحقيني و نادي أي حد من الجيران مش قادرة اتنفس.

أمتثلت الفتاة لكلامها لتفعل ما قالته نورا و بالفعل جاء معها رجل مسن وابنه ومعهم البواب الذي أمسك بشيء صلب لكي يكسر به الباب و بعد محاولات عدة استطاعوا فتح الباب ليجدوا تلك المسكينة طريحه الأرض و تنزف..

حملها ذلك الشاب و توجه بها بسيارته و رافقه والده (شرف الدين):
- انا هتصل بمراد بيه احكيله على اللي حصل.

رد ابنه (مازن) :
- بسرعة يا بابا و قوله اننا رايحين على مستشفي الـ......

التقط شرف الدين هاتفه ليحدث مراد و بالفعل أجابه مراد بسرعة قائلاً بقلق:
- حصل حاجة؟!.

ابتلع شرف الدين ريقه ليقول بتوتر:
- الصراحة يا مراد بيه انهارده سمعنا صوت صريخ عالي من بيت حازم واتصلت بحضرتك بس محدش رد وبعدها بشوية بنت جت وطلبت نساعدها و نفتح الباب روحنا فتحنا الباب كانت مدام نورا واقعة على الأرض و بتنزف و دلوقتي احنا في طريقنا لمستشفي الـ..... والبنت اللي طلبت نفتح الباب كانت بتقول أن الأستاذ حازم في نفس المستشفى و حالته خطر بس معرفشـ..

لم يستمع رداً إنما اغلق مراد الهاتف ليخلل شعره في صدمة ثم هرول إلي الأسفل واخبر الجميع بوجود حازم و نورا في المشفي و تركهم مغادراً بسرعة كبيرة.



بعد أن وصلوا جميعاً إلي المشفي..

صعد إلى الطابق المتواجد به غرفة حازم بعد أن أخبره أحدي الأطباء بسوء حالته وتوقف عندما رأي الطبيب يخرج من الغرفة و علامات الأسي تظهر عليه لينظر له مراد بتسائل وهو يبتلع ريقه قائلاً بهدوء:
- حازم النجدي حالته عاملة ايه دلوقتي؟!.

ليقول الطبيب بنبرة خافتة:
- للأسف يا مراد بيه احنا عملنا اللي علينا بس حالة الاستاذ حازم كانت مدمرة و جسمه كله اتسمم ... البقاء لله.

وضع مراد يده على مؤخرة عنقه وهو يهز رأسه بعدم تصديق لينقض على الطبيب ثم أمسكه من تلابيب ملابسه وهو يصرخ:
- أنت بتقول ايه انت اكيد اتجننت !!

بينما صرخ الجميع فزعاً ليقول الطبيب بخوف و توتر:
- أنا آسف بس دا قدره وهو للأسف سحب جرعة هيروين زايدة و مقدرش يستحمل.

وضع رأفت يده على قلبه وهو على وشك الإنهيار لتسنده أسما وهي تنتحب لتقول فاتن وسط بكائها:
- وبنتي ... بنتي فين يا دكتور؟!

أجابها باختصار:
- المدام لسه في أوضة العمليات بيحاولوا يوقفوا النزيف ياما هنخسر الجنين.

شعر مراد وكأن الشتاء جاء ببروده ليبعث الرجفة في قلبه خوفاً عليها...!

وبعد قليل خرج إليهم الطبيب مطمئناً إياهم:
- الحمد لله حالتها استقرت هي و الجنين النزيف اللي حصل بسبب حالتها النفسية و هي تقدر تخرج من المستشفي انهارده..

كان الجميع في حالة صدمة و عدم استيعاب بما حدث !



وفي صباح يوم جديد..

انتهوا من تشييع جثمان حازم و أخذوا العزاء..

بينما يتردد صوت القرآن الكريم عالياً في أرجاء المكان بينما تجلس الكثير من السيدات متشحات بالسواد يتهامسون وهم ينظرون لتلك التي تجلس ببرود وكأن شيء لم يكن بل و تبتسم غير مبالية بأي شيء يحدث حولها بداخلها تتراقص فرحاً بموت ذلك المريض ثواني وانفجرت في وصلة ضحك لا نهاية لها حتي شعرت بأنسحاب أنفاسها من كثرة الضحك لتضع يدها على صدرها بعد ان شعرت بالألم قاطعتها فاتن زاجراً إياها:
- اطلعي فوق يا نورا عيب كدا الناس تقول ايه!.

لتقول نورا وهي تحاول كبت ضحكتها:
- أساساً القعدة هنا مملة وانا عايزة اطلع.

نهضت وهي ترمق الجميع بنظرات ساخطة و باردة لتسحبها يارا ثم دفعتها بخفة للصعود إلي الأعلى لتقول يارا بحزن على حالة صديقتها بعد أن دلفت بها إلي الغرفة:
- ممكن أعرف هتفضلي على الحالة دي لحد امتا ... ارجوكي خرجي كل اللي جواكي عيطي اعملي اي حاجة بس بلاش اللي انتي بتعمليه ده.

لتجيبها نورا ببرود:
- يا بنتي انا كويسة والله وبالعكس كمان انا حاسة براحة نفسية رهيبة لما الحيوان ده مات.

عقدت يارا حاجباها وهي تقول باستنكار:
- حيوان و ارتحتي؟! نورا انا عايزة اعرف ايه اللي حصل في الشهور اللي فاتت دي؟؟ حاولت اتواصل معاكي و جيت عندك كتير اوي بس ربنا يسامحه بقي كان بيطردني.

ابتسمت نورا قائلة بتهكم:
- باختصار شديد الحيوان ده كان سادي مريض! بيستمتع وهو شايفني بتعذب.

انفجرت بالبكاء المرير عندما توجهت نحو المرآة ونظرت إلي وجهها الذي امتلئ بالعديد من الكدمات وشفتاها المتورمة لتهتف بصوت متحشرج:
- شايفة اللي في وشي ده أقل حاجة عملها معايا انتي مش متخيلة العذاب اللي انا شفته على ايده! ... عمري ما هسامحه و هفضل بكرهه طول حياتي.

توجهت يارا نحوها و تذرف الدموع بحزن على صديقة دربها و ظلت تربت على ظهرها بحنو وهي تحاول تهدأتها لتجفف نورا دموعها بأناملها لتقول بغضب:
- كفاية لحد كدا ... منه لله جسمي متكسر و مش حاسة بنفسي ... انا جوايا حاسة بكسرة من كل اللي حوليا كنت مستنية حد ينقذني منه كنت مستنية حد يطمني و يبعد عني الخوف بس ما شاء الله كلهم زي بعض.

جذبتها يارا لأحضانها و تحولت معالم وجهها للحزن و الأسي على صديقتها:
- وليه مش تدي لنفسك فرصة تانية عشان تقدري تواجهي الكل ... متخليش اللي هو عمله فيكي حافز عشان تفشلي في المستقبل..

ثم أكملت بمرح حتي تخرجها من دوامة حزنها:
- ايه الكلام اللي بقوله ده انتي أصلاً طول عمرك فاشلة ... فاكرة يا بت لما جبتي في أولى ثانوي ٥ من ٢٠ في الكيميا كان شكلك تحفة و المستر بيهزقك.

قهقهت نورا وهي تقول:
- على أساس أنك كنتي متفوقة اوي بسلامتك طب أنا على الأقل جبت خمسة من عشرين وانتي جبتي تلاتة ونص...!

تصنعت يارا العبوس لتقول وهي تضرب نورا بخفة:
- طول عمرك بكاشة كنت أسألك ذاكرتي تقولي لأ و تجيبي دراجات أعلى مني برضوا ... اجهزي بقا عشان احنا خلاص هنكون آخر سنة بس اولدي الأول وانتي شبه البطيخة كدا.

كالعادة اندمجت نورا بالحديث مع يارا الذي يخرجها من دوامة الحزن.

وفي الأسفل.
بدأت ملامح الجميع تتحول إلى الصدمة عندما استمعوا إلى صوت الأغاني و الرقص في الأعلى وفي نفس الوقت كان يسير مراد إلي داخل القصر بتعب و إرهاق ليتفاجأ بالجميع يتهامسون عن مصدر تلك الضوضاء ليرفع أحدي حاجباه بعصبية ثم اقتربت منه فاتن قائلة بتوتر:
- معلشي يا مراد بلاش عصبية و اطلع كلمها بهدوء.

زفرت ديما وهي تقول بضيق بعد أن انضمت إليهم:
- مش معقولة تكون دي تصرفات واحدة عاقلة اكيد اتجننـ..
صمتت من تلقاء نفسها عندما وجدت مراد ينظر لها نظرة أخرستها لتبتلع ريقها بارتباك ... أمّا هو فصعد إلى الأعلى بغضب ليطرق على باب غرفتها عدة مرات وهو يقول بصرامة:
- كفاية جنان يا نورا و اقفلي الزفت ده.

تتآففت بضيق ولم تعيره اهتمام لتجده يفتح باب الغرفة ثم وجه حديثه إلي يارا التي كانت توقفها عما تفعل وهو ينظر إلى نورا بحدة:
- ممكن تسيبينا لوحدنا يا يارا.

أومأت له يارا برأسها ثم خرجت تاركة إياهم ليغلق الباب خلفها وهو لا يزال ينظر إلى نورا لتبلع ريقها ثم صاحت بتعثلم:
- أنت قفلت ليه؟! لو سمحت .. افتح الباب وأخرج برا.
نظر لها باستخفاف:
- وافتح الباب ليه هو انتي مش كنتي جريئة من شوية و مسمعتيش الكلام.

اتسعت زرقاوتاها عندما وجدته يخطو نحوها لتأخذ عدة خطوات إلى الخلف حتي ارتطم ظهرها بالحائط ليهمس وهو يبتعد عنها بضع انشات فقط:
- ايه يا نوري القطة كلت لسانك ولا ايه؟ وبعدين مش لابسة اسود ليه مش المفروض لما تبقي زعلانة على جوزك تفضلي لابسة أسود مدة؟ وايه التصرفات العبيطة بتاعتك دي؟!.

ضيقت عيناها وهي تنظر إليه لتقول بتحفز:
- دا لما اكون زعلانة عشان موته بس بالعكس أنا مبسوطة كدا اوي ... أبعد كدا.

دفعته بقبضتها الصغيرة بينما هو لم يتحرك ولو مقدار أنملة لتزفر هي في انزعاج:
- أنت عايز ايه دلوقتي؟!.

نظر لها بتفحص ثم تحدث بهدوء وهو يمرر سبابته على وجنتها:
- عايزك تبطلي غباء و بلاش تصرفات العيال بتاعتك دي.

لتقول هي بنفاذ صبر:
- غباء و تصرفات عيال لا أنت كدا زودتها أوي و إياك تقرب اكتر من كدا والله اصوت والم عليك اللي في القصر كلهم وانا بقولك اهو انا هعمل اللي انا عايزاه فاهم.
لم يبالي لكلامها إنما ظل ينظر إلى وجهها الذي أصبح يحفظه عن ظهر قلب بتمعن ثم أعطي لها ظهره مغادراً الغرفة لتتنفس نورا الصعداء حتي تهدأ نفسها.

بينما فتح باب غرفته ليجد ديما تغلى من شدة الغيرة وهي تهز قدمها ثم تحدثت بغيرة و حقد مكتوم:
- عيب أوي يا مراد لما تدخل أوضة ست الحسن و الجمال وتقفل الباب لو حد شافك يقول إيه؟.

ليجيبها مراد ببرود وهو يريح جسده على السرير:
- مش مهم كلام الناس و خليكي في نفسك.

تمتمت بحقد:
- حازم الزفت يموت و تظهر العقربة دي كمان بس وديني هخلص منها.
لتذهب من الغرفة عازمة على تتخلص من نورا، توجهت نحو باب غرفتها لتفتحه بقوة دون أن تطرق لتنظر لها نورا بأنزعاج رافعة أحدي حاجبيها:
- ايه قلة الذوق دي انتي ازاي تدخلى بالطريقة دي.

ابتسمت ديما بسخرية قائلة بحدة:
- يعني قلة ذوق بالنسبالي و عادي بالنسبة لمراد ... بلاش شغل السهوكة بتاعك ده و إياكي تفكري مجرد تفكير أنك تقدري تأثري على مراد.

قلبت نورا شفتاها بتهكم قائلة بإنفعال:
- اخرسي ... تأثير ايه اللي بتتكلمي عنه ده انا مليش علاقة بيه أصلاً واياكي انتي تتكلمي معايا بالاسلوب ده تاني اتفضلي اطلعي برا.

أشارت لها بالخروج لتبتسم ديما بخبث مستفزة إياها.



في مكان آخر..

ظل يضحك بصخب و رضاء عندما حقق انتقامه من ذلك الوغد ... اخذ يُثني على ذكاءه وهو يقول بشر:
- واطي زيك كان المفروض يموت اوسخ من كدا ... دلوقتي أقدر احس بجزء من الراحة لما دمرتك يا حازم، الدور على الأستاذ مراد اللي طالع في العالي.

أراح ظهره على الكرسي وهو يبتسم إبتسامة شيطانية ثم أغلق عيناه بقوة متذكراً صورة شقيقته و حالتها التي حطمت قلبه إلى أشلاء عندما وجد ثيابها ممزقة و تبكي بقهر بعد أن تعرضت إلى الاغتصاب على يد حازم ولم تتحمل ما حدث معها لتُنهي حياتها بأبشع الطرق..
امتلئت الدموع في عيناه عندما تذكر صغيرته التي كانت دائماً مفعمة بالحياة و من كانت تهون عليه عدم وجود والده و والدته، ليجز على أسنانه بغيظ ثم حدث نفسه قائلاً:
- مش أنت بس اللي هتموت يا حازم انا هدمر العيلة بتاعتك اللي أنت كنت بتتحامي بيهم في يوم.



بعد مرور ثلاثة أسابيع..ظل الحال كما هو عليه الجميع في حالة حزن و أسي بموت حازم و حالة تلك المسكينة التي لا تخرج من غرفتها أبداً

كانت واقفة في الحديقة أمام المسبح بينما ينظر إليها مراد من خلف النافذة ... وضعت يدها تتحسس على بطنها المنتفخة لتبتسم في مرارة قائلة:
- انا مش عارفة أحدد شعوري ازاي! من جوايا مبسوطة اوي اني حامل وهيكون ليا حد يشغلني و ينسيني كل اللي انا مريت فيه زمان و في نفس الوقت خايفة أوي تكون شبهه ! شبه اكتر حد كرهته في حياتي انا حاسة إني هكون عاجزة وانا بعلمك الصح من الغلط ... بالرغم من كل اللي حصل معايا في الشهور اللي فاتت دي بس يوم ما روحت عند دكتور و عرفت إني حامل في ولد حسيت بشعور جميل اوي ! أوعدني أنك متكونش زيه وانا أوعدك اني هفضل وراك طول حياتي.

شردت مرة ثانية وهي تتخيل حياتها القادمة ليقاطع شرودها مجئ إبن خالها ليقول بابتسامة:
- الجميل سرحان في ايه؟.

بادلته الابتسامة لتقول بهدوء:
- أبدأ انا كويسة اهو ... عامل إيه انت يا شريف؟.

أجابها بخفوت:
- تمام الحمد لله ... تعرفي انا جيت هنا ليه؟!

هزت رأسها بالأنكار ليمسك يدها برقة قائلاً:
- انا جاي اطلب ايدك ... صدقيني انا بحبك من زمان اوي يا نورا وكلمت جدو عشان اخطبكي بس انتي سبقتي وقولتي أن حازم عايز يتجوزكي على قد ما كرهت حازم وحقدت عليه عشان اخدك مني بس كنت عايز اشوفك سعيدة، ابنك هيكون ابني بس انتي وافقي.

نظرت إليه بعين متسعة من الصدمة ليصيح مراد بصوته الرخيم وهو يتوجه نحوهم قائلاً بثقة:
- ما عاش ولا كان اللي ياخد حاجة تخص مراد النجدي ... ألزم حدودك يا شريف وأبعد عن طريق نورا لأنها هتكون مراتي...

اتسعت عيناها بدهشة بينما قال شريف:
- ليه يعني أنت فاكرها سايبة ولا إيه؟!.

وضع مراد يده في جيبه و هو يسير حولهم بشموخ ثم صاح بصوته الأجش:
- اللي أنت سمعته نورا هتبقي مراتي و ياريت تبعد عنها خالص و بلاش تفكر فيها اكتر من انها بنت عمتك أو متفكرش فيها أصلاً عشان مش تندم

لتقول هي بإنفعال:
- بس انتوا الاتنين انا مش هتجوز تاني أصلاً انتوا بتقرروا نيابة عني ليه؟! ايه الجنان ده

تركتهم مغادرة المكان وهي تضرب الأرض بقدمها لينظر مراد إلي شريف بحدة:
- اسمعني بقا ... خرج الموضوع ده من دماغك واضح انك لسه عيل و متعرفش أنت بتتكلم مع مين

ليرد شريف بنبرة ذات مغزى:
- وليه لأ على الأقل انا لسه مش متجوز ... بقولك ايه ركز في حياتك مع مراتك و سيبها هي اللي تختار وانا متأكد انها هتختارني انا.

أشار له مراد بأحدي أصابعه محذراً إياه:
- واضح أنك غبي و مش عايز تفهم كلامي ... هقولك تاني نورا هتبقي مراتي وانتهي الكلام لحد هنا وكلامي هيكون مع حد كبير...

أما هي فما أن دلفت إلي حجرتها حتي شعرت بمن يضع يده على فمها مكبلاً إياها.....


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close