رواية وله في ظلامها حياة الفصل الثامن 8 بقلم دينا احمد
فصل الثامن
(إتفاق للتراضي)
شقهت بقوة عندما رأته ليهمس بجانب أذنها قائلاً:
- أظن أنك اخدتي وقت عشان أقدر أتكلم معاكي وأنا مش همشي إلا لما اعرف حقيقة كل اللي حصل.
حاولت الإفلات من محاصرته ولكنه أحكم الإمساك بها ليقول مراد بهدوء:
- هشيل أيدي يا نورا بس مش هسيبك غير لما أعرف الحقيقة منك.
أومأت له برأسها ليسحب يده ببطئ حتي فرق بين شفتيها لتهتف بعصبية:
- عايز ايه يا مراد أظن كدا كفاية لحد هنا وبعدين أنت ازاي تقول الكلام ده قدام شريف.
نظر لها ببرود ثم دفعها بخفة على السرير وجذب كرسي ليجلس هو مقابلاً لها و مدد ظهره على الكرسي وهو يتابعها بعيناه قائلاً بحدة و نفاذ صبر:
- بصيلي بقا ... أي سؤال أسأله تجاوبي عليه بصراحة وبلاش تستفزيني عشان أنا خلاص صبري نفذ.
ابتلعت لعابها من نبرته تلك ولكنها تظاهرت بالبرود لينظر لها مضيقاً عيناه ثم أردف قائلا بحزم:
- كنتي تعرفي أن حازم مدمن مخدرات؟.
اتسعت زرقاوتاها من سؤاله هذا لتُخفض رأسها وهى تنظر ارضاً زفر بحنق ليمسك ذقنها مجبراً إياها على النظر إليه ليقول بصوته الأجش :
- مش هكرر كلامي تاني ردي على السؤال.
وصدت جفينها وهى تتنهد بعمق وقررت أخباره بالحقيقة لتجيبه بإقتضاب:
- أيوا كنت اعرف.
ليسألها بهدوء مخيف وهو يعتصر قبضة يده:
- و طالما كنتي عارفة مقولتيش لحد فينا ليه وانتي شايفاه بيدمر نفسه؟!.
عقدت حاجبيها ثم أطلقت زفيراً لتقول بإنفعال:
- هو أنت بتتكلم معايا على أساس ايه؟! أنت متعرفش أخوك عمل فيا ايه ولا حتي فكرت أنت ولا حد تاني يسأل عليا و بلاش تعمل معايا تحقيق لأنك متعرفش حاجه أصلاً .. أنا هنزل أكل.
نهضت لكي تذهب ليسحبها من يدها و ارغمها على الجلوس مرة ثانية ليقول وهو يصر على أسنانه بغيظ:
- اللي عرفته منه انك خاينة وكنتي مع واحد تاني.
تجمعت الدموع في زرقاوتاها لترفع يدها التي أخذت ترتجف و وضعتها على عيناها في محاولة لكبت دموعها لتقول بهدوء:
- وأنت طبعاً صدقت ... عشان كدا قولت انك تتجوزني عشان تكمل اللي اخوك عمله فيا و تكسرني! ... ويا تري شفت الفيديوهات و الصور اللي كان بيهددني بيها ولا لأ.
رفع أحدي حاجباه ليقول بتهكم:
- أكسرك ! و صور و فيديوهات إيه اللي بتتكلمي عنها؟!.
ابتسمت بإقتضاب وعيناها قد امتلأت بالدموع لتنساب على وجهها و ارتجفت يدها أكثر ليُغمض عيناه في أسي وهو يشعر بتمزق نياط قلبه على حالتها تلك لتقول هي بحدة:
- بعينك يا مراد مش هتجوز منك أبداً على جثتي ده يحصل ... انا هاخد ابني وأبعد من هنا.
تآفف في ضيق ليقول بصرامة:
- تبعدي من هنا يعني تقصدي أنك موافقة على جوازك من الواد الملزق اللي أسمه شريف ده ... اسمعيني بقا أنا معرفش انتي بتتكلمي عن فيديوهات إيه.
صمت لبرهة و أمسك بيدها ثم أردف قائلاً:
- نورا ... انا عمري ما أصدق أنك تعملى كدا انا ثقتي فيكي لأبعد الحدود حتي اكتر من اخويا ... انا عايزك تدافعي عن نفسك و قوليلي هو ليه قال عنك كدا؟.
ابتلعت غصة مريرة في حلقها لتقول بصوت مختنق:
- أخوك اتغير بعد شهر بس من جوازنا بدأ يتعامل معايا بساديا و بطريقة مجنونة ... كان بيضربني و يحبسني في مكان مفيش فيه نور ... كان بيجيب عاهرات و....
صمتت من تلقاء نفسها عندما أدركت ما تفوهت به ليقول وهو يضغط على أسنانه بغضب:
- تعرفي حد كان صاحبه اوي أو هو اللي بيشجعه يعمل كدا.
لم تجيبه إنما انفجرت في البكاء المرير وهي تتذكر تلك الذكريات اللعينة التي سوف تلازمها طوال حياتها وهي تهز رأسها بقوة غير قادرة على الحديث لتتفاجأ به يجذبها إلي أحضانه بقوة وهو يربت على شعرها بحنو ليقول محاولاً تهدأتها:- هششش متعيطيش.
حتي بدأت تستكين داخل أحضانه لتدفعه في أنفعال وهو يتفحص ملامحها بقلق و خوف وبدأ بتجفيف دموعها بأنامله وهي لا تزال تنتحب ليتنهد بضيق ثم نهض ليسحبها من يدها مغادراً من الغرفة وسط أنظارها المصدومة لتقول بتعثلم:
- أنت رايح على فين؟!
ليجيبها هو بإقتضاب:
- أنزلي كلي مش انتي جعانة؟.
أومأت برأسها لتهبط إلى الأسفل ولا يزال مُمسك بيدها لتقول بخفوت:
- خلاص انا هنزل أكل أنا عارفة طريق المطبخ.
نظر لها ببرود ثم أكمل طريقه ليجلسها على أحدي الكراسي ثم ذهب نحو البراد و بدأ بتحضير عدة سندوتشات واعطاها إليها لتنظر له بعبوس طفولى ليقول بتهكم:
- الأكل ده كله يخلص ومش عايز اسمع حسك!
زمت شفتيها بامتعاض من نبرته تلك لتبدأ بالأكل بنهم دون الاكتراث لوجوده ليبتسم هو ثم استعاد هدوءه ليقول:
- الكلام في الموضوع ده مخلصش يا نورا واتمني تفهمي كدا.
تركت الطعام لتنهض ليحضر كوب عصير ثم صاح أمراً إياها:
- استني عندك ... مش هتطلعي ألا لما تشربيه كله.
زفرت بحنق:
- مش عايزة حاجة واتفضل اطلع فوق مش فاهمة هو أنا اتشليت عشان تعمل الحركات دي.
رفع أحدي حاجباه وهو يشير بعيناه إلى الكوب لتأخذه على مضض ثم صعدت إلي الأعلى بخطوات سريعة ليتنهد هو بعمق ليصعد هو الآخر إلي غرفته وما أن فتح حتي وجد ديما تقف أمامه ترتدي فستان احمر شبه عاري وتنظر إلى بابتسامة اغراء لتقترب منه وهي تتمايل ثم اقتربت منه لتحاوط عنقه تقبل إياه.
.............................................................
وفي صباح اليوم الثاني في أحدي الكافيهات:
جلست على الكرسي المقابل له و هي تنظر إليه بجمود فنظر إليها عاصم رافعاً حاجباه في استغراب بسبب صمتها الغير معتاد ليكسر هذا الصمت قائلاً:
- مالك يا يارا ؟!.
ضيقت عيناها وهي لا تزال تنظر له بملامح جامدة غالية من المشاعر لتسأله بهدوء:
- عاصم أنت بتحبني؟.
دلك مؤخرة عنقه ليحمحم وهو ينظر لها بقلق:
- أيوا ... بس ليه السؤال الغريب ده؟!.
أبتسمت أبتسامه باهتة لتقول:
- أصلك محاولتش أبداً تثبت أنك بتحبني بجد ... انا دايماً الطرف اللي بيضحي و اثبت حبي ليك بس مش معني كدا إني هستمر على الوضع ده كتير عمرك ما عبرت عن حبك ليا ... بارد معايا طول الوقت هو أنت للدرجادي لسه بتحبها؟!
تنهد بعمق وتحولت ملامحه للضيق:
- بحبها !! هو انتي لسه بتسألي السؤال ده ... انتي عارفة مكانك عندي ليـ..
قاطعته بعصبية وبدأت وتيرة أنفاسها في التزايد:
- شوف الصور دي و أحكم أنت.
أعطته هاتفها وهي تنظر إليه بغضب ليتفاجأ بالعديد من الصور التي جمعته بحبيبته السابقة وهي ممسكة بيده سرعان ما صدح صوت ضحكاته ارجاء المكان لتشتعل غضباً من استفزازه لها بهذه الطريقة فضربت بيدها على الطاولة لتقول بحنق:
- أنت بتضحك على ايه يا بارد أنت ... انا ماشية.
همت بالنهوض لينظر لها بصرامة لتجلس مرة ثانية وهي تتابعه بعيناه ليقول هو بصوته الرخيم:
- انا اعرف أنك هبلة بس مكنتش اعرف انك غبية بالشكل ده !! يعني هي لما تبعتلك الصور دي يبقي قصدها ايه؟.
نظرت له بتسائل ثم أردف قائلاً:
- الصور دي يا هانم كانت فعلاً الأسبوع اللي فات وهي طلبت تكلمني على أساس أنه موضوع مهم بس كانت تقصد بطلبها أنها تتصور معايا كدا وتبعت الصور لحضرتك والموضوع اللي كانت عايزاني فيه انها ترجع ليا و أنها ندمانة على اللي حصل زمان وانا طبعاً رفضت ... وبعدين انتي لو كنتي واثقة فيا مكنتيش صدقتي اللي حصل و عرفتي انها لعبة غبية.
اشاحت بنظرها بعيداً عنه ليكمل بهدوء:
- انا معرفش اعبر عن حبي ازاي بس صدقيني انا بعشقك وبحب كل حاجة فيكي.
ابتسمت بهيام وهي تنظر إليه وقد توردت وجنتاها.
..............................................................
دلفت قسمت إلى داخل غرفة ابنتها وجدتها دافنة وجهها بالوسادة لترمقها والدتها بحسرة لتقول وهي تقترب منها:
- يوووه بقا يا نسرين هتفضلي على حالتك دي لحد امتا ... دا حتي مراته و أم ابنه معملتش ربع اللي انتي عملاه في نفسك.
نظرت لها نسرين بعيناها المنتفخة من كثرة البكاء لتقول بصوت باكي:
- عايزاني اعمل إيه يا ماما و حب حياتي خلاص راح؟!.
لتقول قسمت وهي تضربها بكتفها:
- كفاية يا خايبة ... سي حازم بتاعك اللي كنتي بتعشقيه كان متجوز واحدة غيرك و ابنه هيشرف الدنيا كلها كام يوم و غير كدا ميت شمام.
ظلت نسرين تنتحب وهي تقول بنبرة مختنقة:
- كنت عايزاه يحس بيا انا حبيته اوي يا ماما !.
عقدت قسمت ذراعيها أمام صدرها وهي تقول بحدة:
- كفاية يا عبيطة انتي ... ضاع منك حازم استغلي مراد و حاولي تجذبيه مهو احنا مش هنطلع من المولد بلا حمص.
لتصيح نسرين:
- يولع مراد و اللي عايزينه و اطلعي برا.
نظرت لها قسمت بغضب لتغادر صافعة الباب خلفها تاركة ابنتها تبكي على فقدانها لحبيبها.
...............................................................
في فيلا عائلة عبد الحميد صفوان
صاح عبد الحميد في أنفعال بعدما أخبره شريف بما حدث أمس:
- هو مراد فاكر نفسه محدش يقدر يقف في وشه ولا إيه؟.
ليقول شريف بتهكم:
- اهو ده اللي حصل بقا دا كان تكا و يضربني و بيقول كلامي مع حد كبير.
ليقول بحزم:
- خلص الكلام لحد هنا ... حفيدتي هتعيش معايا هنا وانا اللي هربي حفيدي و اطمن أنت هتتجوزها و اشوف عيالك منها كمان.
تهللت اسارير شريف وهو يتخيل حياته القادمة مع نورا ليهتف بسعادة:
- هقوم اجهز و نروح هناك يا حج.
أومأ له عبد الحميد وهو يُفكر في إسعاد حفيدته مهما كان الثمن.وبعد مرور بعض الوقت
هبط من السيارة و يتبعه شريف أمام قصر عائلة النجدي ليستقبله رأفت و إسماعيل في غرفة الجلوس وبعد مرور بضع دقائق هبط مراد إلي الأسفل واضعاً يده في جيبه بوقار وهو ينظر إلى شريف نظرات فتاكة بينما تتشبث ديما في ذراعه بدلال.
ليبتسم شريف باستخفاف ليجلسوا جميعاً و تبعتهم نورا التي هبطت من الدرج بخطوات بطيئة وهي ممسكة ببطنها بينما كان مراد يتابعها بعيناه لتجلس بجانب والدتها بعد أن صافحت كلاً من جدها و ابن خالها ليرمقها مراد بنظرة ساخطة ثم تحدث عبد الحميد وهو ينظر إلى مراد:
- مراد ... أنا سمعت أنك عايز تتجوز نورا حفيدتي.
لتصرخ ديما بإنفعال:
- نعم !!! أنت بتقول ايه يا راجل يا خرفان أنت؟.
نظر له مراد بحدة اخرستها ليقول بصرامة:
- اتفضلي اطلعي على فوق و متنزليش دلوقتي انا اللي هطلعلك.
ضربت الأرض بقدمها لترمق نورا بحقد و غل ثم صعدت سريعاً و هي تكاد تشتعل غضباً مما سمعته منذ ثواني ليقول مراد ببرود:
- أيوا اللي سمعته هو اللي هيحصل.
ليصيح عبد الحميد وقد أستفزه برود مراد:
- مفيش الكلام ده حفيدتي مش هترتبط بالعيلة دي تاني و ياريت كفاية لحد كدا انت راجل متجوز و مراتك ملهاش ذنب تتجوز غيرها.
رمقه مراد ببرود مرة أخرى ليقول رأفت بصوت حازم:
- الرأي رأي بنتنا و بعدين البيت ده بيتها هي و حفيدي زي ما هو بيتنا كلنا يعني مفيش حاجة اسمها تسيب البيت و هي أم حفيدي يعني الكلام أنتهي خلاص .
نظروا جميعاً نحو نورا التي كانت تشتعل غضباً من كل شيء يحدث حولها لتصرخ بهم:
- كفاااية ... انتوا بتتكلموا ليه ولا كأني موجودة انتي بتقرروا نيابة عني ليه ... لآخر مرة هقول انا مستحيل اتجوز مرة تانية ومش هعيش هنا ولا هناك انا هعيش وحدي أنا وابني.
نادها جدها بصرامة ولكنها لم تعيره اهتمام لتصعد إلي الأعلى وهي ترمقهم جميعاً بنظرات ساخطة ليقول رأفت:
- رأيها وانا هحترمه و ياريت تسبوها دلوقتي البنت لسه أعصابها تعبانة.
لينهض عبد الحميد بإنفعال ثم ذهب رافعاً أنفه بشموخ.
..................................................................
دلفت إلى غرفتها و أغلقت الباب خلفها بالمفتاح لترتمي بثقل جسدها على السرير ثم اجشهت بالبكاء و عقلها يصرخ "سيبيهم أو اهربي منهم محدش بيحبك هما عايزين يخلصوا منك عشان خايفين على سمعة العيلة"
تعالت شهقاتها ليتها لم توافق على الزواج من هذا المختل ليتها لم تكن من تلك العائلة تمنت في داخلها لو غادرتهم جميعاً ولا يتوصل إليها أحد ولكنها تعلم بنفوذ عائلتها وسوف يتوصلوا إليها في لمح البصر.
نهضت من مكانها عندما شعرت ببرودة تسري في جسدها صرخت بأعلى صوتها وهي ترمي أحدي المزهريات على الأرض حتي تحطمت إلي أشلاء لتبدأ بتكسير كل شيء يقابلها وهي لا تزال تصرخ بهستيريا علها تخرج كل ما بداخلها من آلام تعصف بداخلها دون هوأدة.
بينما استمع الجميع إلي صراخها لينتفض مراد واقفاً وهو يشعر بالهلع وفي ثواني كان أمام باب غرفتها و أخذ يطرق عليه بعنف وهو يقول بنبرة يملؤها القلق:
- نورا افتحي الباب ... إيه الجنان بتاعك ده؟!.
لم يجد رداً ليكسر الباب ثم نظر لها ليجدها تغرس يدها في وجهها و شعرها مشعث كأن احد اقتلعه من مكانه ليهرول نحوها بلهفة ثم قبض على يدها لتعض يده بشراسة حتي صاح متأوهاً بألم ثم أزداد تمسكاً بها ليحملها خارج الغرفة لتتوجه نحوهم ديما بخطوات غاضبة لتهتف بعصبية:
- ارميها يا مراد انا عارفة أنها بتعمل العرض ده عشان تكسب تعاطف الكل بس دي واحدة اوفر و حركاتها كلها مجنونة.
ليصرخ بها مراد:
- اخرسي بقولك.
أمّا نورا فظلت تلكمه على صدره ليذهب بها إلى أحدي الغرف ثم ألقاها على السرير لتنهض وهي تنظر بشراسة ليبادلها بنظرة جعلتها ترتجف رعباً ثم اقترب منها بخطوات سريعاً ليمسك مؤخرة عنقها ثم ارتطم وجهها بالحائط وهو يقول بأنفاس لاهثة:
- أسمعي يا بت انتي الحركات اللي انتي عملتيها من شوية اياكي تكرريها تاني والا متلوميش الا نفسك.
ثم أكمل بصرامة:
- فاهمة؟!!!.
هزت رأسها عدة مرات و دموعها تتساقط دون تريث لتقول فاتن ببكاء:
- أبعد عنها يا مراد !
نظر لها وهو لا يزال ممسكاً برأس نورا قائلاً بغضب:
- اطلعي انتي برا انا هتصرف معها.
لتقول نورا بنبرة باكية:
- ابعد يا حيوان.
الصقها أكثر بالحائط لتلفح أنفاسه عنقها وهو يقول:
- أنتي محتاجة تتعلمي الأدب من جديد وانا اللي هعلمك بنفسي.
ابتعد عنها وهو يصيح بصوته الرخيم:
- حسك عينك أعرف أنك عملتي كدا تاني
ثم خرج صافعاً الباب خلفه.
..................................................................
مر اليوم كما هو الحال ظلت المناوشات بين فاتن و مراد و ديما لا تنتهي بينما اخذت نورا أقراص منومة لتذهب في سبات عميق طوال اليوم.
وفي صباح اليوم الثاني في شركة النجدي
جلس مراد على كرسي مكتبه يهز قدمه بعصبية ليضرب المكتب بيده بقوة زاجراً نفسه:
"جرا ايه يا مراد بقا دموعها تأثر عليك بالشكل ده اي شغل المراهقة ده"
قاطع شروده دخول سامر ليقول بمرح:
- اللي واخد عقلك يا سيدي.
عبست ملامح مراد ليقول:
- إيه الجديد؟.
ليجيبه سامر بجدية:
- الشركاء الجدد هيوصلوا كمان ساعتين عشان توقعوا على البنود.
أومأ له مراد بإقتضاب ليوصد عيناه بقوة ثم صدح صوت رنين هاتف سامر ليجيبه و سرعان ما انتفض من جلسته و ظهرت على ملامحه الهلع..
................................................................
استيقظت نورا لتتثاوب بنعاس وشعرت بالألم في جميع أنحاء جسدها بالإضافة إلى شعورها بالدماء التي سالت من وجهها من أثر أظافرها لتتمتم بغضب:
- وديني لهوريك يا مراد.
ثم إلى الحمام و بدلت ثيابها إلى ثياب أخري لتخرج من الغرفة بوجه عابس فوجدت رأفت أمامها ينظر إليها بشفقة و حزن ليهتف بتهكم:
- كويس انك صحيتي لأني عايز أتكلم معاكي في موضوع مهم.
لتقول بندم:
- يا عمي انا مكـ....
قاطعها رأفت بصرامة:
- هششش نفذي الكلام يا نورا.
أومأت له بإقتضاب لتذهب خلفه على مضض ثم جلست أمامه على كرسي مكتبه ليقول هو بهدوء:
- مقدرش الومك على اللي عملتيه امبارح انا مقدر كل اللي انتي فيه بس برضوا ارجع اقولك بلاش تاخدى كل حاجة على أعصابك ... أنتي بنت اخويا و مرات ابني وام حفيدي يعني انا مقدرش استغنى عنك ولا استغني عن حفيدي ومعني أنك تتجوزي شريف إبن خالك وتعيشي معاه كبير بالنسبالي وأنك عايزة تحرميني من حفيدي اللي اتمنيت أشوفه سنين.
ثم لبرهة عندما وجدها منكسة رأسها للأسفل ليكمل:
- انا بطلبك لمراد و صدقيني جوازك منه صوري قدام جدك و الناس ... نفذي طلبي منك الأول والأخير و كفاية أني اتحرمت من ابني الصغير ومات بالطريقة دي، مراد زينة الرجال هيقدر يصونك و يربي إبن أخوه ... فكري يا نورا واختاري اللي هتشوفيه صالح ليكي.
(إتفاق للتراضي)
شقهت بقوة عندما رأته ليهمس بجانب أذنها قائلاً:
- أظن أنك اخدتي وقت عشان أقدر أتكلم معاكي وأنا مش همشي إلا لما اعرف حقيقة كل اللي حصل.
حاولت الإفلات من محاصرته ولكنه أحكم الإمساك بها ليقول مراد بهدوء:
- هشيل أيدي يا نورا بس مش هسيبك غير لما أعرف الحقيقة منك.
أومأت له برأسها ليسحب يده ببطئ حتي فرق بين شفتيها لتهتف بعصبية:
- عايز ايه يا مراد أظن كدا كفاية لحد هنا وبعدين أنت ازاي تقول الكلام ده قدام شريف.
نظر لها ببرود ثم دفعها بخفة على السرير وجذب كرسي ليجلس هو مقابلاً لها و مدد ظهره على الكرسي وهو يتابعها بعيناه قائلاً بحدة و نفاذ صبر:
- بصيلي بقا ... أي سؤال أسأله تجاوبي عليه بصراحة وبلاش تستفزيني عشان أنا خلاص صبري نفذ.
ابتلعت لعابها من نبرته تلك ولكنها تظاهرت بالبرود لينظر لها مضيقاً عيناه ثم أردف قائلا بحزم:
- كنتي تعرفي أن حازم مدمن مخدرات؟.
اتسعت زرقاوتاها من سؤاله هذا لتُخفض رأسها وهى تنظر ارضاً زفر بحنق ليمسك ذقنها مجبراً إياها على النظر إليه ليقول بصوته الأجش :
- مش هكرر كلامي تاني ردي على السؤال.
وصدت جفينها وهى تتنهد بعمق وقررت أخباره بالحقيقة لتجيبه بإقتضاب:
- أيوا كنت اعرف.
ليسألها بهدوء مخيف وهو يعتصر قبضة يده:
- و طالما كنتي عارفة مقولتيش لحد فينا ليه وانتي شايفاه بيدمر نفسه؟!.
عقدت حاجبيها ثم أطلقت زفيراً لتقول بإنفعال:
- هو أنت بتتكلم معايا على أساس ايه؟! أنت متعرفش أخوك عمل فيا ايه ولا حتي فكرت أنت ولا حد تاني يسأل عليا و بلاش تعمل معايا تحقيق لأنك متعرفش حاجه أصلاً .. أنا هنزل أكل.
نهضت لكي تذهب ليسحبها من يدها و ارغمها على الجلوس مرة ثانية ليقول وهو يصر على أسنانه بغيظ:
- اللي عرفته منه انك خاينة وكنتي مع واحد تاني.
تجمعت الدموع في زرقاوتاها لترفع يدها التي أخذت ترتجف و وضعتها على عيناها في محاولة لكبت دموعها لتقول بهدوء:
- وأنت طبعاً صدقت ... عشان كدا قولت انك تتجوزني عشان تكمل اللي اخوك عمله فيا و تكسرني! ... ويا تري شفت الفيديوهات و الصور اللي كان بيهددني بيها ولا لأ.
رفع أحدي حاجباه ليقول بتهكم:
- أكسرك ! و صور و فيديوهات إيه اللي بتتكلمي عنها؟!.
ابتسمت بإقتضاب وعيناها قد امتلأت بالدموع لتنساب على وجهها و ارتجفت يدها أكثر ليُغمض عيناه في أسي وهو يشعر بتمزق نياط قلبه على حالتها تلك لتقول هي بحدة:
- بعينك يا مراد مش هتجوز منك أبداً على جثتي ده يحصل ... انا هاخد ابني وأبعد من هنا.
تآفف في ضيق ليقول بصرامة:
- تبعدي من هنا يعني تقصدي أنك موافقة على جوازك من الواد الملزق اللي أسمه شريف ده ... اسمعيني بقا أنا معرفش انتي بتتكلمي عن فيديوهات إيه.
صمت لبرهة و أمسك بيدها ثم أردف قائلاً:
- نورا ... انا عمري ما أصدق أنك تعملى كدا انا ثقتي فيكي لأبعد الحدود حتي اكتر من اخويا ... انا عايزك تدافعي عن نفسك و قوليلي هو ليه قال عنك كدا؟.
ابتلعت غصة مريرة في حلقها لتقول بصوت مختنق:
- أخوك اتغير بعد شهر بس من جوازنا بدأ يتعامل معايا بساديا و بطريقة مجنونة ... كان بيضربني و يحبسني في مكان مفيش فيه نور ... كان بيجيب عاهرات و....
صمتت من تلقاء نفسها عندما أدركت ما تفوهت به ليقول وهو يضغط على أسنانه بغضب:
- تعرفي حد كان صاحبه اوي أو هو اللي بيشجعه يعمل كدا.
لم تجيبه إنما انفجرت في البكاء المرير وهي تتذكر تلك الذكريات اللعينة التي سوف تلازمها طوال حياتها وهي تهز رأسها بقوة غير قادرة على الحديث لتتفاجأ به يجذبها إلي أحضانه بقوة وهو يربت على شعرها بحنو ليقول محاولاً تهدأتها:- هششش متعيطيش.
حتي بدأت تستكين داخل أحضانه لتدفعه في أنفعال وهو يتفحص ملامحها بقلق و خوف وبدأ بتجفيف دموعها بأنامله وهي لا تزال تنتحب ليتنهد بضيق ثم نهض ليسحبها من يدها مغادراً من الغرفة وسط أنظارها المصدومة لتقول بتعثلم:
- أنت رايح على فين؟!
ليجيبها هو بإقتضاب:
- أنزلي كلي مش انتي جعانة؟.
أومأت برأسها لتهبط إلى الأسفل ولا يزال مُمسك بيدها لتقول بخفوت:
- خلاص انا هنزل أكل أنا عارفة طريق المطبخ.
نظر لها ببرود ثم أكمل طريقه ليجلسها على أحدي الكراسي ثم ذهب نحو البراد و بدأ بتحضير عدة سندوتشات واعطاها إليها لتنظر له بعبوس طفولى ليقول بتهكم:
- الأكل ده كله يخلص ومش عايز اسمع حسك!
زمت شفتيها بامتعاض من نبرته تلك لتبدأ بالأكل بنهم دون الاكتراث لوجوده ليبتسم هو ثم استعاد هدوءه ليقول:
- الكلام في الموضوع ده مخلصش يا نورا واتمني تفهمي كدا.
تركت الطعام لتنهض ليحضر كوب عصير ثم صاح أمراً إياها:
- استني عندك ... مش هتطلعي ألا لما تشربيه كله.
زفرت بحنق:
- مش عايزة حاجة واتفضل اطلع فوق مش فاهمة هو أنا اتشليت عشان تعمل الحركات دي.
رفع أحدي حاجباه وهو يشير بعيناه إلى الكوب لتأخذه على مضض ثم صعدت إلي الأعلى بخطوات سريعة ليتنهد هو بعمق ليصعد هو الآخر إلي غرفته وما أن فتح حتي وجد ديما تقف أمامه ترتدي فستان احمر شبه عاري وتنظر إلى بابتسامة اغراء لتقترب منه وهي تتمايل ثم اقتربت منه لتحاوط عنقه تقبل إياه.
.............................................................
وفي صباح اليوم الثاني في أحدي الكافيهات:
جلست على الكرسي المقابل له و هي تنظر إليه بجمود فنظر إليها عاصم رافعاً حاجباه في استغراب بسبب صمتها الغير معتاد ليكسر هذا الصمت قائلاً:
- مالك يا يارا ؟!.
ضيقت عيناها وهي لا تزال تنظر له بملامح جامدة غالية من المشاعر لتسأله بهدوء:
- عاصم أنت بتحبني؟.
دلك مؤخرة عنقه ليحمحم وهو ينظر لها بقلق:
- أيوا ... بس ليه السؤال الغريب ده؟!.
أبتسمت أبتسامه باهتة لتقول:
- أصلك محاولتش أبداً تثبت أنك بتحبني بجد ... انا دايماً الطرف اللي بيضحي و اثبت حبي ليك بس مش معني كدا إني هستمر على الوضع ده كتير عمرك ما عبرت عن حبك ليا ... بارد معايا طول الوقت هو أنت للدرجادي لسه بتحبها؟!
تنهد بعمق وتحولت ملامحه للضيق:
- بحبها !! هو انتي لسه بتسألي السؤال ده ... انتي عارفة مكانك عندي ليـ..
قاطعته بعصبية وبدأت وتيرة أنفاسها في التزايد:
- شوف الصور دي و أحكم أنت.
أعطته هاتفها وهي تنظر إليه بغضب ليتفاجأ بالعديد من الصور التي جمعته بحبيبته السابقة وهي ممسكة بيده سرعان ما صدح صوت ضحكاته ارجاء المكان لتشتعل غضباً من استفزازه لها بهذه الطريقة فضربت بيدها على الطاولة لتقول بحنق:
- أنت بتضحك على ايه يا بارد أنت ... انا ماشية.
همت بالنهوض لينظر لها بصرامة لتجلس مرة ثانية وهي تتابعه بعيناه ليقول هو بصوته الرخيم:
- انا اعرف أنك هبلة بس مكنتش اعرف انك غبية بالشكل ده !! يعني هي لما تبعتلك الصور دي يبقي قصدها ايه؟.
نظرت له بتسائل ثم أردف قائلاً:
- الصور دي يا هانم كانت فعلاً الأسبوع اللي فات وهي طلبت تكلمني على أساس أنه موضوع مهم بس كانت تقصد بطلبها أنها تتصور معايا كدا وتبعت الصور لحضرتك والموضوع اللي كانت عايزاني فيه انها ترجع ليا و أنها ندمانة على اللي حصل زمان وانا طبعاً رفضت ... وبعدين انتي لو كنتي واثقة فيا مكنتيش صدقتي اللي حصل و عرفتي انها لعبة غبية.
اشاحت بنظرها بعيداً عنه ليكمل بهدوء:
- انا معرفش اعبر عن حبي ازاي بس صدقيني انا بعشقك وبحب كل حاجة فيكي.
ابتسمت بهيام وهي تنظر إليه وقد توردت وجنتاها.
..............................................................
دلفت قسمت إلى داخل غرفة ابنتها وجدتها دافنة وجهها بالوسادة لترمقها والدتها بحسرة لتقول وهي تقترب منها:
- يوووه بقا يا نسرين هتفضلي على حالتك دي لحد امتا ... دا حتي مراته و أم ابنه معملتش ربع اللي انتي عملاه في نفسك.
نظرت لها نسرين بعيناها المنتفخة من كثرة البكاء لتقول بصوت باكي:
- عايزاني اعمل إيه يا ماما و حب حياتي خلاص راح؟!.
لتقول قسمت وهي تضربها بكتفها:
- كفاية يا خايبة ... سي حازم بتاعك اللي كنتي بتعشقيه كان متجوز واحدة غيرك و ابنه هيشرف الدنيا كلها كام يوم و غير كدا ميت شمام.
ظلت نسرين تنتحب وهي تقول بنبرة مختنقة:
- كنت عايزاه يحس بيا انا حبيته اوي يا ماما !.
عقدت قسمت ذراعيها أمام صدرها وهي تقول بحدة:
- كفاية يا عبيطة انتي ... ضاع منك حازم استغلي مراد و حاولي تجذبيه مهو احنا مش هنطلع من المولد بلا حمص.
لتصيح نسرين:
- يولع مراد و اللي عايزينه و اطلعي برا.
نظرت لها قسمت بغضب لتغادر صافعة الباب خلفها تاركة ابنتها تبكي على فقدانها لحبيبها.
...............................................................
في فيلا عائلة عبد الحميد صفوان
صاح عبد الحميد في أنفعال بعدما أخبره شريف بما حدث أمس:
- هو مراد فاكر نفسه محدش يقدر يقف في وشه ولا إيه؟.
ليقول شريف بتهكم:
- اهو ده اللي حصل بقا دا كان تكا و يضربني و بيقول كلامي مع حد كبير.
ليقول بحزم:
- خلص الكلام لحد هنا ... حفيدتي هتعيش معايا هنا وانا اللي هربي حفيدي و اطمن أنت هتتجوزها و اشوف عيالك منها كمان.
تهللت اسارير شريف وهو يتخيل حياته القادمة مع نورا ليهتف بسعادة:
- هقوم اجهز و نروح هناك يا حج.
أومأ له عبد الحميد وهو يُفكر في إسعاد حفيدته مهما كان الثمن.وبعد مرور بعض الوقت
هبط من السيارة و يتبعه شريف أمام قصر عائلة النجدي ليستقبله رأفت و إسماعيل في غرفة الجلوس وبعد مرور بضع دقائق هبط مراد إلي الأسفل واضعاً يده في جيبه بوقار وهو ينظر إلى شريف نظرات فتاكة بينما تتشبث ديما في ذراعه بدلال.
ليبتسم شريف باستخفاف ليجلسوا جميعاً و تبعتهم نورا التي هبطت من الدرج بخطوات بطيئة وهي ممسكة ببطنها بينما كان مراد يتابعها بعيناه لتجلس بجانب والدتها بعد أن صافحت كلاً من جدها و ابن خالها ليرمقها مراد بنظرة ساخطة ثم تحدث عبد الحميد وهو ينظر إلى مراد:
- مراد ... أنا سمعت أنك عايز تتجوز نورا حفيدتي.
لتصرخ ديما بإنفعال:
- نعم !!! أنت بتقول ايه يا راجل يا خرفان أنت؟.
نظر له مراد بحدة اخرستها ليقول بصرامة:
- اتفضلي اطلعي على فوق و متنزليش دلوقتي انا اللي هطلعلك.
ضربت الأرض بقدمها لترمق نورا بحقد و غل ثم صعدت سريعاً و هي تكاد تشتعل غضباً مما سمعته منذ ثواني ليقول مراد ببرود:
- أيوا اللي سمعته هو اللي هيحصل.
ليصيح عبد الحميد وقد أستفزه برود مراد:
- مفيش الكلام ده حفيدتي مش هترتبط بالعيلة دي تاني و ياريت كفاية لحد كدا انت راجل متجوز و مراتك ملهاش ذنب تتجوز غيرها.
رمقه مراد ببرود مرة أخرى ليقول رأفت بصوت حازم:
- الرأي رأي بنتنا و بعدين البيت ده بيتها هي و حفيدي زي ما هو بيتنا كلنا يعني مفيش حاجة اسمها تسيب البيت و هي أم حفيدي يعني الكلام أنتهي خلاص .
نظروا جميعاً نحو نورا التي كانت تشتعل غضباً من كل شيء يحدث حولها لتصرخ بهم:
- كفاااية ... انتوا بتتكلموا ليه ولا كأني موجودة انتي بتقرروا نيابة عني ليه ... لآخر مرة هقول انا مستحيل اتجوز مرة تانية ومش هعيش هنا ولا هناك انا هعيش وحدي أنا وابني.
نادها جدها بصرامة ولكنها لم تعيره اهتمام لتصعد إلي الأعلى وهي ترمقهم جميعاً بنظرات ساخطة ليقول رأفت:
- رأيها وانا هحترمه و ياريت تسبوها دلوقتي البنت لسه أعصابها تعبانة.
لينهض عبد الحميد بإنفعال ثم ذهب رافعاً أنفه بشموخ.
..................................................................
دلفت إلى غرفتها و أغلقت الباب خلفها بالمفتاح لترتمي بثقل جسدها على السرير ثم اجشهت بالبكاء و عقلها يصرخ "سيبيهم أو اهربي منهم محدش بيحبك هما عايزين يخلصوا منك عشان خايفين على سمعة العيلة"
تعالت شهقاتها ليتها لم توافق على الزواج من هذا المختل ليتها لم تكن من تلك العائلة تمنت في داخلها لو غادرتهم جميعاً ولا يتوصل إليها أحد ولكنها تعلم بنفوذ عائلتها وسوف يتوصلوا إليها في لمح البصر.
نهضت من مكانها عندما شعرت ببرودة تسري في جسدها صرخت بأعلى صوتها وهي ترمي أحدي المزهريات على الأرض حتي تحطمت إلي أشلاء لتبدأ بتكسير كل شيء يقابلها وهي لا تزال تصرخ بهستيريا علها تخرج كل ما بداخلها من آلام تعصف بداخلها دون هوأدة.
بينما استمع الجميع إلي صراخها لينتفض مراد واقفاً وهو يشعر بالهلع وفي ثواني كان أمام باب غرفتها و أخذ يطرق عليه بعنف وهو يقول بنبرة يملؤها القلق:
- نورا افتحي الباب ... إيه الجنان بتاعك ده؟!.
لم يجد رداً ليكسر الباب ثم نظر لها ليجدها تغرس يدها في وجهها و شعرها مشعث كأن احد اقتلعه من مكانه ليهرول نحوها بلهفة ثم قبض على يدها لتعض يده بشراسة حتي صاح متأوهاً بألم ثم أزداد تمسكاً بها ليحملها خارج الغرفة لتتوجه نحوهم ديما بخطوات غاضبة لتهتف بعصبية:
- ارميها يا مراد انا عارفة أنها بتعمل العرض ده عشان تكسب تعاطف الكل بس دي واحدة اوفر و حركاتها كلها مجنونة.
ليصرخ بها مراد:
- اخرسي بقولك.
أمّا نورا فظلت تلكمه على صدره ليذهب بها إلى أحدي الغرف ثم ألقاها على السرير لتنهض وهي تنظر بشراسة ليبادلها بنظرة جعلتها ترتجف رعباً ثم اقترب منها بخطوات سريعاً ليمسك مؤخرة عنقها ثم ارتطم وجهها بالحائط وهو يقول بأنفاس لاهثة:
- أسمعي يا بت انتي الحركات اللي انتي عملتيها من شوية اياكي تكرريها تاني والا متلوميش الا نفسك.
ثم أكمل بصرامة:
- فاهمة؟!!!.
هزت رأسها عدة مرات و دموعها تتساقط دون تريث لتقول فاتن ببكاء:
- أبعد عنها يا مراد !
نظر لها وهو لا يزال ممسكاً برأس نورا قائلاً بغضب:
- اطلعي انتي برا انا هتصرف معها.
لتقول نورا بنبرة باكية:
- ابعد يا حيوان.
الصقها أكثر بالحائط لتلفح أنفاسه عنقها وهو يقول:
- أنتي محتاجة تتعلمي الأدب من جديد وانا اللي هعلمك بنفسي.
ابتعد عنها وهو يصيح بصوته الرخيم:
- حسك عينك أعرف أنك عملتي كدا تاني
ثم خرج صافعاً الباب خلفه.
..................................................................
مر اليوم كما هو الحال ظلت المناوشات بين فاتن و مراد و ديما لا تنتهي بينما اخذت نورا أقراص منومة لتذهب في سبات عميق طوال اليوم.
وفي صباح اليوم الثاني في شركة النجدي
جلس مراد على كرسي مكتبه يهز قدمه بعصبية ليضرب المكتب بيده بقوة زاجراً نفسه:
"جرا ايه يا مراد بقا دموعها تأثر عليك بالشكل ده اي شغل المراهقة ده"
قاطع شروده دخول سامر ليقول بمرح:
- اللي واخد عقلك يا سيدي.
عبست ملامح مراد ليقول:
- إيه الجديد؟.
ليجيبه سامر بجدية:
- الشركاء الجدد هيوصلوا كمان ساعتين عشان توقعوا على البنود.
أومأ له مراد بإقتضاب ليوصد عيناه بقوة ثم صدح صوت رنين هاتف سامر ليجيبه و سرعان ما انتفض من جلسته و ظهرت على ملامحه الهلع..
................................................................
استيقظت نورا لتتثاوب بنعاس وشعرت بالألم في جميع أنحاء جسدها بالإضافة إلى شعورها بالدماء التي سالت من وجهها من أثر أظافرها لتتمتم بغضب:
- وديني لهوريك يا مراد.
ثم إلى الحمام و بدلت ثيابها إلى ثياب أخري لتخرج من الغرفة بوجه عابس فوجدت رأفت أمامها ينظر إليها بشفقة و حزن ليهتف بتهكم:
- كويس انك صحيتي لأني عايز أتكلم معاكي في موضوع مهم.
لتقول بندم:
- يا عمي انا مكـ....
قاطعها رأفت بصرامة:
- هششش نفذي الكلام يا نورا.
أومأت له بإقتضاب لتذهب خلفه على مضض ثم جلست أمامه على كرسي مكتبه ليقول هو بهدوء:
- مقدرش الومك على اللي عملتيه امبارح انا مقدر كل اللي انتي فيه بس برضوا ارجع اقولك بلاش تاخدى كل حاجة على أعصابك ... أنتي بنت اخويا و مرات ابني وام حفيدي يعني انا مقدرش استغنى عنك ولا استغني عن حفيدي ومعني أنك تتجوزي شريف إبن خالك وتعيشي معاه كبير بالنسبالي وأنك عايزة تحرميني من حفيدي اللي اتمنيت أشوفه سنين.
ثم لبرهة عندما وجدها منكسة رأسها للأسفل ليكمل:
- انا بطلبك لمراد و صدقيني جوازك منه صوري قدام جدك و الناس ... نفذي طلبي منك الأول والأخير و كفاية أني اتحرمت من ابني الصغير ومات بالطريقة دي، مراد زينة الرجال هيقدر يصونك و يربي إبن أخوه ... فكري يا نورا واختاري اللي هتشوفيه صالح ليكي.