اخر الروايات

رواية اغلال الروح الفصل السادس 6 بقلم شيماء الجندي

رواية اغلال الروح الفصل السادس 6 بقلم شيماء الجندي


الفصل السادس " اضطراب ! "

وقفت داخل غرفة الكشف بجانبه تتجنب النظر إليه و هو عاري الصدر و عقلها يرسم الأحداث مرة أخرى أمام عينيها ، حادث سيارة جديد ، و هي أيضًا المتسببة به ، أصبحت ابتلاء لجميع من يقترب منها أولًا والدها يليه والدتها التي كانت تحاول الوصول إليها و الآن هذا الرجل إن لم تحاول الفرار من السيارة لن تحدث تلك الكوارث و لم يتعرض إلى الحادث الذي أدى إلى خلع كتفه ناهيك عن السائق الذي يجلس بالغرفة المجاورة لهما و كان موجود داخل الشاحنة لكنها لم تتمكن من رؤية جسده النحيل من فرط فزعها !

استمعت إليه يهمس لها بهدوء قائلًا :

- سديم !

نظرت أرضًا و قالت بهدوء :

- محتاج حاجة ؟

ثم أكملت

- عارفة إني أنا السبب في اللي حصلك المرة دي كمان وفر أي كلام دلوقت .

استغل المسافة الصغيرة بينهما و أمسك يدها بيده السليمة يقول بامتنان : شكرًا !

رفعت حاجبها الأيسر ونظرت إليه بدهشة ثم إلى يده التي أمسكت يدها و ضغط بخفة عليها مانعًا إياها من إفلاتها !

كادت تتحدث ساخطة و لكن دلف كلًا من "يوسف" و "سليم" يهرولان تجاههما و قد أفلتت يدها بتوتر و لكن قد لاحظها "يوسف" بطرف عينه وهو يقول بأعين متسعة :

- ايه اللي حصلك ياآسر !! الدكتور برا قال كتفك اتخلع !!

دلف باقي أفراد العائلة و أسرع "رأفت" إلى ابنه يستكشفه بهلع بينما اتجه "عاصم" إلى ابنته ينظر إليها بتوتر قائلًا :

- إيه اللي حصلكم ؟!!

ربتت "سديم" فوق كتفه وقالت بهدوء :

- آسر كتفه اتخلع من خبطة العربية و جينا على هنا اسعفـوه و ردوا الكتف.

تحدث أخيرًا وقال :

- أنا تمام متكبروش الموضوع أنا مش عارف قولتي ليه ياسديم ما أنا كنت هروح معاكِ أنتِ و رائف !

نظرت إليه بغضب حين شعرت أنه لازال يُسيئ الظن بها ثم أردفت بدهشة:

- ومين قال إني أنا اللي قولت أصلًا !

أجابها رافعًا حاجبه الأيسر :

- يمكن عشان مفيش غير حضرتك معاياا !!!

صاح "رائف" بتوتر :

- أنا اللي قولت بصراحة !

كاد "آسر" يتحدث لكنها ردت ساخرة :

- ماهو لو تعبت نفسك و سألت قبل ماتتكلم مش هيحصل أي مشكلة لكن إزاي سديم سبب كل المصايب في نظرك !!

استمع الجميع إلى ضحكة "أميرة" الساخرة و قالت حين تحولت النظرات حولها :

- إيه ماهو لو بيفكر كدا يبقا عنده حق ، من مرة واحدة ركوب عربية دخل المستشفى و أمجد من يومين دخل على إيدها برضه واضح إن وشك حلو زي ماقولتي الصبح !

صاح "عاصم" غاضبًا :

- أميرة !!!

لكن ابتسمت "سديم" و قالت بهدوء :

- لو كنتِ صبرتي دقيقة واحدة ياأميرة كنت هكمل كلامي و هقول إن عنده حق أنا فعلًا ببقا مصيبة على دماغ أي حد بيضايقني ! مش برضه امبارح قالك متتحشريش في حاجه متخصكيش !

رفعت حاجبها و صاحت بإنفعال :

- شايف بنتك ياااعاصم بتهددني قدامك !!!! عشان مكنتش مصدقني الصبح !

اتجه "عاصم" إلى زوجته و أمسكها من ذراعها إلى خارج الغرفة يقول بحرج :

- أنا آسف يابني عملنا إزعاج ليك !

ليقول "يوسف" فور خروجهما وهو يضرب كف بالآخر :

- دي أكبر ذنب في حياة عمي عاصم والله !

بينما توجهت "سديم" إلى المقعد تسحب حقيبتها وترتديها بصمت وغادرت الغرفة !

تابعها "سليم" بعينيه وهو يوجه حديثه إلى "يوسف" قائلًا بعبث :

- بس سديم مبترحمش برضه !! عندها رد على أي حرف يتقال !

وافقه "رأفت" و قال هامسًا :

- مش هستغرب لو أميرة اتجننت قريب !

ضحك الجميع و ابتسم هو بهدوء و قد غادر عقله معها حين غادرت الغرفة خاصة حين وجد عيني ابن عمه عليها بجراءة أثارت حفيظته !

خارج غرفــة "آسر" قد أصر " عاصم" على عودة زوجته إلى المنزل بعد حلقة من الجدال الواسع والذي انتهى بما أراده ، قرر أن يمر إلى قسم المحاسبة وقد كان !

جلس على المقعد بعد أن أبلغ الموظفة ببيانات الحادث و بحثت عن ضالتها على الحاسوب قالت :

- الحساب مدفوع يا مستر عاصم !

عقد حاجبيه و حاول تصحيح المعلومة ببسمة هادئة وقال :

- لأ أنا عاوز حساب السواق اللي كان مع آسر مش آسر الجندي !

هزت رأسها بالإيجاب و قالت بتأكيد :

- ايواا حساب أوضة "محسن عبد الرحيم" ! مدفوع يا مستر عاصم ، دفعته الآنسة سديم حتى كانت هنا من دقايق أنا افتكرتها !

ابتسم لها و استقام واقفًا يقول بامتنان :

- تمام شكرًا جدًا !

وخرج من الغرفة عاقدًا حاجبيه من فعلة ابنته الغريبة واهتمامها بأمر السائق رغم ما يدور حولها ، لها أسلوب غريب مثير للدهشة و العجب و هو على يقين أن تلك السمات من المحال أن تزرعها الكندية الماكرة إذًا من أين لها هذا ؟! زفر بإجهاد وعاد إلى غرفة "آسر" وهو يظن أنها لازالت مع العائلة !!!

________________ *** _________________

أتت السيارة التي طلبتها من خالها "سامح" و جلست بمقعد السائق ثم بدأت القيادة و هي تنظر بالمرآة إلى المشفى خلفها ببسمة صغيرة و تهمس لحالها :

- شكل أميرة نفسها في زيارة مني !

ثم تابعت القيادة بحذر خلف سيارة "أميرة" التي كانت تعرج من عدة طرقات و كأنها تخشى مراقبة أحدهم لها ، وانتهى بها المطاف داخل مطعم ردئ و صغير بزواية ما بعد مدة تفوق الساعة من القيادة !

لم تحاول سديم الدخول لكنها استطاعت إلتقاط صورة سريعة لهيئة السيدة الجالسة أمامها و كأنها رأتها في مكان ما لكن من الصعب استكشاف الأمر من هنا كما أن حديثهم غير مسموع لها ، وضعت الهاتف داخل الجيب الأمامي ببنطالها بخفة حين شعرت بحركة خلفها و بالفعل وجدت ذلك الرجل الغاضب يقول بحدة :

- أنتِ مين ؟!!!

استدارت إليه و قالت بهدوء وهي تنظر حولها عاقدة حاجبيها :

- كويس إني لقيت حد أخيرًا كنت لسه هدخل المطعم دا ! حضرتك من هنا ؟

نظر إليها عاقدًا حاجبيه وعينيه تستكشف هيئتها التي تصرخ بالثراء وقال باقتضاب :

- لأ ، بس أي مساعدة ؟

هزت رأسها بالإيجاب وقالت بلطف وهي تجمع خصلاتها المترتقصة بالهواء :

- آه أنا كنت بدور على بيت حد من مساعدين بابا عشان محتاجين نوصله حاجة يعني و للأسف شكلي توهت لقيت العربيات دي واقفة قولت اسأل هنا !

ملامحها صادقة و هيئتها الراقية وحديثها المُقنع دفعه كل ذلك إلى الثقة بها وقال بانبهار وهو قد ارتكزت عينيه على بسمتها المغرية فوق شفتيها :

- لأ أنتِ أكيد تايهة البيوت هنا كلها مهجوة ارجعي بقا لورا شوية كدا يمكن تلاقي البيت في البدايات هناك ، تحبي أوصلك !

نظرت حولها و ابتسمت له بمجاملة وهمست بلطف : لأ دا قريب أوي أهو بعد إذنك !

سارت باتجاه السيارة و دلفت إليها و عينيها تجوب المنطقة المليئة بالخدمات و رغم ذلك بالفعل المنازل مغلقة و الناس تتحرك حولها إلى بداية الشارع كما قال ، إذًا هذا المكان الغريب لقضاء الخدمات فقط و من الواضح أن أغلبها خدمات وهمية مثل خدمة "أميرة" و صديقتها المجهولة !!!!

تحركت بالسيارة بالفعل ووجدت الرجل الذي تحدث معها يتابعها بعينيه و كأنه لازال يحاول التأكد أنها تائهة لتبتسم بسخرية و تردف بنظرات مُتسلية :

- دي لعبتي ياأهبل !

وغادرت المكان و أرسلت الصور إلى "سامح" ثم شقت الطريق بسرعة إلى القصر الخاص به !!

دلفت السيارة من البوابة الإلكترونية و تراقب التجديدات التي صنعها الخال بفتور و ملل ثم ترجلت من السيارة و تحركت إلى الداخل وقد ظهرت بسمتها حين وجدت شقيقتها تهبط الدرج مسرعة و قد ألقت جسدها داخل أحضانها تقول بإشتياق :

- سديييم ! و حشتيني أوي !!!!

أحاطت "سديم" جسدها و ربتت فوق خصلاتها بحنو وأجابتها بعد أن وضعت قُبلة صغيرة فوق جبينها و وجنتها :

- و أنتِ أوي ياروح قلب سديم ! جيت اهو زي ما وعدتك !!

هزت رأسها بالإيجاب وهي داخل أحضانها تحيط خصرها بقوة و كأنها تخشى فرارها وقد اتجهت "سديم" إلى أقرب أريكة وجلست و لازالت "نيرة" داخل أحضانها تقول ببهجة :

- هتقعدي معانا شوية صح ؟!!!

آثرت الصمت و هي تستمع إلى صوت "سامح" الماكر يقول :

- لا سديم جاية ساعتين و هتمشي يانيرو وهاخدها منك شوية المكتب وبعدها براحتك خالص ياروحي !

لم تفك أسر شقيقتها بل قالت بلطف :

- طيب خليها معايا شوية كمان !

كاد يجيبها لكن قالت "سديم" بلطف فور أن قبلت خصلاتها :

- نخلص كلام في الشغل وهرجعلك ياحبيبتي !

وافقت شقيقتها وتركتها أخيرًا و تابعتها "سديم" و هي تبتعد و تصعد الدرج بخفة ليقول "سامح" بفخر :

- كبرت نيرة و شاطرة أوي في مدرستها لعلمك ! أنا متابعها بنفسي زي ماعملت معاكِ !

رفعت حاجبها الأيسر و قد أدركت مقصده الخبيث و اعتدلت تقول ببرود ساخرة :

- و أنت شاطر أوي في المتابعة خلينا في المهم عملت ايه في الصور ، ومتتكلمش عن نيرة تاني كدا !!!

اتجهت إلى المكتب و تبعها هو ثم أغلق الباب جيدًا و قال بدهشة :

- أنتِ من امتى بتيجي هنا ياسديم في وقت الشغل ؟

عقدت ذراعيها أسفل صدرها وقالت بنبرة حادة :

- عرفت إيه عن أميرة ياسامح خلاك متوتر كدا !!!

تنهد و أردف باستسلام :

- اللي كانت معاها دي أم سيلا الحقيقية !! و اللي وصلت ليه أن هما معرفة من سنين !

عقدت "سديم" حاجبيها وقالت بدهشة :

- يعني زي ماتوقعت أميرة تعرف عني حاجه !

هز رأسه بالسلب و أردف :

- لا هي بتحاول توصل لأي معلومة عنك بس مش عارفة متقلقيش أنا مغطيكِ كويس محدش هيعرف يوصلك بس أكيد تعرف إنك مش سيلا نفسها !

ابتسمت ساخرة و أجابت :

- مغطيني !! بلاش أنت في موضوع التغطية دا ياسامح !

تجاهلت نظرات الاستياء التي يقذفها بها و جلست فوق المقعد و شردت تكمل بتفكير مسموع :

- لو الكندية لسه في حياتهم بمعرفتهم لايمكن آسر كان هيجيبني أمثل على أهله ! يبقا هي اللي جوزت أميرة لـعم آسر !!!!! طيب ولما هي عرفت اني بنصب عليهم باسم بنتها ليه مظهرتش عشان تكشفني !!!

عقد "سامح" حاجبيه وقال بدهشة :

- بتفكري في إيه ياسديم !!

رفعت حاجبها الأيسر وابتسمت بانتصار و قالت بعبث :

- أنا عايزة أعرف أميرة قبل ما تدخل العيلة كانت بتعمل ايه بالظبط ؟!

أمسك الورق من فوق المكتب و قال بدهشة :

- دي كل معلوماتها من يوم ما اتولدت ! كانت متجوزة و اتطلقت و بعد سنتين من اختفائها خالص ظهرت واتجوزت عاصم الجندي !

عقدت "سديم" حاجبيها وقالت بهدوء :

- آه لا حيث كدا بقا أنا عايزة اعمل تحليل DNA لنورهان هجييلك العينات وأنت خلصه و كلمني هقولك اخده منك ازاي ، سلام ياسامح !

كادت تغادر لكنه أمسك ذراعها و قال بحزن :

- هترجعي معايا زي زمان أمتى ياسديم ؟

أزاحت يده عنها و قالت بنظرات حادة :

- لما ارجع سديم العيلة اللي لعبتوا بيها و مشيت معاكم مغمضة ولحد دلوقت مش قادرة تفتح ! هتعرف ترجع الزمن ياسامح !!!!

كادت تغادر لكنها توقفت فجأة و قالت بنبرة ساخرة :

- صحيح ياسامح أنت مش قلقان عليا وأنا في بيت زي دا لوحدي ؟

ضحك بقوة و مال بجزعه العلوى إلى الأمام و يقول ساخرًا وهو يضع يده فوق صدره :

- أقلق عليكِ أنتِ ياسديم !!!! دا أنا قلقان عليهم منك ياروحي !

ابتسمت ببرود و تركته تتجه إلى غرفة عذابها النفسي بخطوات سريعة لكنها أبطأت فجأة حين اقتربت بل حين أصبحت على بعد خطوات معدودات و تنفست بصوت مسموع و ابتسمت ساخرة من حالتها المضحكة !! تسأل نفسها بدهشة هل تفر من نيران جشع "سامح" إلى نيران عجز أمها ؟!! كم تكره ذلك المكان وتبغض هذا الشعور !!!!

طرقت الباب و دلفت حين قالت نيرة ضاحكة :

- تعالي ياسديم مامي مش مصدقة !!!!

فتحت الباب و اتجهت إلى بأعين لامعة و أنفاس متوترة و كأنها على وشك تأدية اختبار ، نظرت إلى أمها الجميلة التي راقبت تقدمها منها باشتياق واضح تنتظر أن تحتضنها ابنتها الحانية داخل أحضانها الدافئة تذكرها بأبيها تشببه في ضحكتها التي تُظهر غمازتيها و لكن صوتها ضحكتها الناعم ورثته منها كما ورثت بعض ملامحها الرقيقة و لكنها تخفيها خلف رداء ألمها و غضبها منها لطالما كانت فتاتها هي الخليط الناعم و المميز بينها و بين زوجها أما الخصال كانت من صنع أبيها فقط و منذ أعوام كانت مثل هذا الرجل تمامًا لكنها سعت إلى تغييرها و كانت تلك النتيجة !

احتضنتها و استقامت واققة مرة أخرى تقول بهدوء :

- أنا محبتش أمشي قبل مااشوفك !

وقفت "نيرة" تقول بحزن :

- هتمشي تاني !!! أنا ملحقتش اقعد معاكِ !!! خليكِ معايا النهارده بس ياسديم !

احتضنتها شقيقتها بقوة و أجابت بهدوء و هي تضع يدها على وجنتها :

- حبيبتي أنا قريب أوي هخلص شغلي و اجي أقعد معاكِ أجازة طويلة ! اتفقنا ؟

نظرت إليها بشك و قالت :

- وعد ياسديم !!!

هزت رأسها و أجابت مبتسمة :

- وعد ياقلب سديم !

ثم نظرت إلى أمها التي تنظر إليهما دامعه العينين وقالت بحزن وهي تتهرب بعينيها منها :

- أنا بتابع علاجك مع الممرضة اللي بتيجي ، الفترة دي مش هقدر اتكلم ڤيديو بس نيرة بتطمني كل يوم !

تألمت "نبيلة" لحالة ابنتها التي تظن أنها المتسببة بما أصابها ! سقطت دموعها و نظرت إليها بحزن و شعرت "سديم" بتأنيب الضمير ظنًا منها أن والدتها تتألم من شعور العجز لتجلس أمامها و تحتضنها بقوة و تهمس بحزن شديد :

- سامحيني !!!!

ودت لو صرخت بها أن تغفر لها هي ما اقترفته يداها لكن منعها عجزها عن الحديث داخلها يقول أن صمتها و حديثها نتيجته واحدة وهو عذاب ابنتها !!! لقد خانت عهدها مع رفيق دربها و تدفع الابنة ثمن خيانتها !!!

جميعنا نجهل فن العلاقات إن كان صديق أو حبيب ، يغمرنا التعلق بالأشخاص واختبار ما لذ و طاب من خير المشاعر و ألطفها ، لكن هل نملك جميعنا الأمان ؟! هل نملك العهد ؟! هل نملك من يخبرنا أنه على العهد و الوعد مااستطاع ؟! والعهد من شيم الرجل يا سادة .. إن تحدث عنه صان و إن امتلكه منافق غدر و خان !

#أغلال_الروح
#شيماء_الجندي

________________ *** _________________

أثناء مرورها بالسيارة نظرت إلى قطعة محددة من الطريق و كأن حادث وقع أمس ! كان كلمتها الأخيرة قبل أن تفقد النطق اسمها هي !!!! صرخت حينها بقوة تقول "سديم" ثم ظهرت تلك السيارة اللعينة وطرحتها أرضًا داخل بقعة من الدماء !!!!

ترجلت من السيارة حين شعرت بالاختناق ثم أرسلت موقعها إلى "سامح" و تركت الهاتف داخل السيارة و أمسكت هاتفها الأساسي و حقيبتها الصغيرة و واصلت سيرًا على الأقدام !

في المساء داخل منزل "آل الجندي" ..

جلس "عاصم" يضع رأسه بين يديه صامت تمامًا و "يوسف" يكرر إتصاله الهاتف بها دون جدوى ليقول بأسف :

- مقفول برضه !

استقام "عاصم" صارخًا بـ "أميرة" بقوة و هدر و هو يجذبها بعنف من ذراعها :

- أنتِ السبب !!!!! مش قادرة تسبيهااا في حالها دقيقة وااااحدة بنتييي لو حصلها حاجه بعد السنين دي كلهااا هتشوفي عاصم تاني ياأميرة هكرهككك في اليوم اللي عرفتيني فيه !

ظهر الذعر على ملامحها و تقدم "رأفت" يحاول فك أسرها من براثن أخيه قائلًا :

- مش كداا ياعاصم ليه بتفرض السوء أصلا إحنا لسه الساعة 10 متقلقش كدا !

و قال "سليم" محاولًا تهدئته :

- ياعمي مايمكن حابة تبقى لوحدها شوية و خرجت تتمشى و هي كانت قالتلي إنها عاشت هنا في مصر قبل ما تتعرف علينا يعني تلاقيها قاعدة في مكان مفضل عندها و شوية وهتيجي !

تنهدت الجدة و قالت بحزن :

- الاتنين كانوا خارجين كويسين الصبح آسر راجع عضمه مكسور و سديم تختفي منغير ماتطمنا مش معقول اللي بيحصل دا !!

وقف "أمجد" يقول بهدوء وهو يربت فوق كتف أخيه المشتعل :

- طيب خد عربيتك ياسليم و اخرج لف برا بيها يمكن زي مابتقول راحت مكان ومعرفتش ترجع أو روح اسأل آسر يمكن يعرف مكانها أو قالتله حاجه الصبح وهما سوا و أنا هروح اكلم مدحت صاحبي !

كاد يتحرك لكن اتسعت الأعين حين صاح "عاصم" بلهفة :

- سديم !!!! كنتِ فين ياحبيبتي ؟!!!

عقدت حاجبيها حين وجدت العائلة مجتمعة و تنتظرها و هذا الرجل العطوف يحتضنها بقوة ، ماذا يحدث هنا بالتحديد ؟

ظهرت على ملامحها الصدمة و ربتت فوق ظهره تقول بهدوء :

- هو فيه إيه !

أجابها "يوسف" قائلًا وهو يزفر أنفاسه بارتياح :

- خضتينا عليكِ ياسديم ، خرجتي ومقولتيش لحد واحنا في المستشفى و مش عارفين نوصلك رقمك مقفول !

كان "عاصم" قد اخرجها من أحضانه و قال بحزن :

-رعبتيني يابنتي !

لازالت مأخوذة من اجتماع العائلة هكذا لأجلها !! هذا المشهد رأته منذ أعوام طويلة في منزلها حين تأخرت مع رفيقاتها لكنه لم يتكرر أبدًا !

ازدردت رمقها و بدأت تعبث في حقيبتها و أخرجت هاتفها المغلق بالفعل و قالت بأسف :

- سوري مأخدتش بالي فعلًا ، على العموم أنا تمام كنت بتمشى شوية منظر الحادثة الصبح مكنش رايح من دماغي و محبتش اقلقكم فنزلت لوحدى !

وضع "عاصم" قبلة فوق خصلاتها و قال بلطف :

- ولا يهمك ياحبيبتي المهم إنك بخير ، بعد كدا قوليلي عشان اتطمن عليكِ بس اتفقنا ؟

هزت رأسها مبتسمة ثم نظرت إلى الجدة التي احتضنت يدها تقول بنبرة حانية :

- قومي ياحبيبتي ارتاحي أكيد تعبانة من اليوم دا ، و أنا هبعتلك الغدا على اوضتك !

هزت رأسها بالإيجاب و كادت تبدأ بتنفيذ ما قالته لكن وقفت "أميرة" بمواجهتها و قالت بغضب :

- هو إيه الدلع دا ؟!! الصبح تحصل حادثة منعرفش تفاصيلها و محدش يطلع سليم غيرك و دلوقت بعد ما رعبتي البيت كله هتقومي تاكلي و تنامي عادي كدااا ؟

ظهرت بسمة "سديم" العابثة فوق شفتيها و قالت بهدوء وهي تهز كتفيها بلامبالاة :

- خلاص المرة الجاية متترعبيش !

ثم تركتها و غادرت و ابتسمت الجدة و كتم "سليم" و "يوسف" ضحكاتهم من اسلوبها المنتهج مع زوجة عمهم الذي يُشعل فتيل غضب بكلمة واحدة !!!!!

________________ *** _________________

خرجت "سديم" تحيط جسدها بمنشفة و تبحث عن شَاحِن هاتفها حين تذكرت أنها بحاجة إلى مكالمة هامة لكنها توقفت محلها وفرغت فاهها حين وجدته يتمطأ بجسده بأريحية أعلى فراشها !!!!!

اعتدل يجلس فوق الفراش و عينيه تجوب ملامحها المصدومة بتسلية و قد تحركت عينيه بانبهار واضح فوق المنشفة الصغيرة التي بالكاد تصل إلى منتصف فخذيها ! منظرها آخذ للغاية حيث بدأت القطرات تنساب فوق نحرها بهدوء وقد جمعتها فوق كتف واحد و تركت كتفها الآخر لعينيه التي لم تحيد عنها و قد استقام واقفًا و استقر أمامها بل شبه ملتصقًا بها صامتًا ترتكز مقلتيه على شفتيها ! ، اغضبها تأمله بها و قالت بإنفعال وهي تتراجع خطوة إلى الخلف و ترفع يدها تضعها فوق عقدة المنشفة خشية أن تسقط :

- أنت إزاي تدخل بالطريقة دي ؟! هو أنا عشان سكتلك مرة ؟!!!

بلل شفتيه بصمت و ظهرت بسمة عابثة فوق شفتيه حين لاحظ لأول مرة التوتر والخجل فوق ملامح تلك الجريئة المتبجحة !!!

مع كل خطوة تتقهقرها كان يتقدم و تزداد ابتسامته إلى أن حشر جسدها بينه و بين الحائط و همس لها بعبث :

- حقيقي أول مرة تعملي حاجه في صالحي ! موضوع دراع واحد مش حلو أبدًا !

أشار إلى كتفه المصاب و لازالت بسمته الماكرة تُزين محياه ، ادهشتها سعادته تلك ؟ و لم تفهم سرها لكنها تتمنى أن يبتعد عنها الآن بأي وسيلة بل وتتمنى وجهه الغاضب المشتعل منها كعادته لكن تلك الطريقة تجعلها متوترة وهي تكره أن يرى أحدهم توترها مثلما يفعل هذا الرجل الآن ! رفعت إحدى يديها تضعها فوق صدره وتدفعه عاقدة حاجبيها تقول بحِدة :

- أنا مش فاهمة إيه اللي جايبك هنا دلوقت ؟ جاي تكمل غلط فيا !!!

مال عليها يهمس أمام شفتيها :

- أنتِ قلبك أسود على فكرة مش أنا اعتذرت الصبح !

اشاحت بوجهها بعيدًا عنه بخجل واضح و همست بتوتر :

- خلاص و قبلت الاعتذار بتعمل ايه دلوقت ؟

ابتسم و أجابها و هو يمسك ذقنها و ينظر إلى شفتيها الوردية هامسًا :

- جاي اعيد الاعتذار !

اتسعت عينيها حين وجدت يده تهبط عن ذقنها و تحتل خصرها يضمها إليه لتقول بصدمة :

- يخربيتك !! أنت بتتحرش بيااا !!!!!

اخرجته من أحلامه و ردد فارغًا فاهه بصدمة رافعًا جانب فمه بسخرية :

- افندم !!!! بتحرش بيكِ !!!!! ده مفهومك عن التحرش !!

حاولت افلات جسدها تقول بتوتر و نبرة محذرة :

- بقولك إيه ابعد عني أنا أصلًا مش طايقة نفسي و لا طايقاك و مش لابسة غير الفوطة دي ولو وقعت من اللي بتهببه ده يومك مش هيعدي معايااا أنا مبحبش السهوكة !!

اتسعت رماديتيه و أردف بصدمة :

- سهوكة !!!!! أنا بتسهوك !!!

هزت رأسها بالإيجاب و أجابت بشجاعة وعفوية مفرطة :

- اه بتتسهوك و تسبل في عينيك الرمادي المستفزة دي وبتضايقني لما بتقرب و بتتكلم كداا !

ابتسم و أردف و هو يقترب بوجهه من وجهها و قد ترك خصرها و لمس طرف المنشفة قاصدًا غضبها :

- قولتي لو الفوطة وقعت هيحصل إيه عشان مكنتش مركز مع كلامك بصراحة كنت مركز مع حاجة تاني !!!

اتسعت عينيها وركلته بركبتها بقوة في باطنه و دفعته عنها و رفعت يدها تتشبث بطرف المنشفة و تفر إلى غرفة الملابس مسرعة بينما هو حل عقد حاجبيه و ابتسم يعود إلى الفراش يجلس فوقه ينتظرها إلى أن تنتهي من ارتداء ملابسها و تخرج له و خرجت ترتدي شورت و قميص قصير أظهر جزء كبير من باطنها المسطحة و لكنها توجهت إليه تضع يديها فوق خاصرتها وتقول بغضب :

- أنت ايه حكايتك بقااا ! الصبح مش طايق اتنفس جنبك وبليل تجيلي الأوضة هو أنت فاكرني إيه بالظبط !!!!

رفع حاجبه بدهشة و ردد :

- فاكرك إيه !!! هكون فاكر إيه يعني كل الحكاية اني مبحبش افتري على حد مش أكتر وكنت جاي اشكرك على اللي عملتيه معايا الصبح أنتِ اللي خارجة بالفوطة دا مش ذنبي بقااا !

رفعت حاجبها و قالت بغضب وتوتر : خارجة بالفوطة ولا منغيرها ده مش مبرر إنك .. تـ . تتصرف بالإسلوب داا !!

ظهرت بسمته العابثة مرة أخرى و قال وهو يقترب منها :

- أي اسلوب بس !!

رفعت اصبعها بوجهه و قالت و هي تعود إلى الخلف :

- بقولك إيه اثبت كدا و كفاية استهبال أنا عارفة انك قاصد توترني باللي بتعمله دااا !

توقف محله و قال بهدوء :

- خلاص متقلقيش مش هقرب منك ، أنا كنت بشغل تفكيرك عن اللي حصل الصبح ، يوسف قالي إنك لسه راجعة دلوقت عشان اتضايقتي من المنظر حبيت اوريكِ إني تمام اهو ومفيش حاجه !

قرر عدم إخبارها أنه تحدث إلى "سامح" حين اختفت و قد ظن أنها تركته ولكن اطمئن أنها سوف تعود إليه كما طالبه بنفقة إضافية ، تُرى هل كانت معه و على علم بما يحدث أم أنها بالفعل لا علاقة لها بالأموال كما اخبره صديقه ! كان ينتظر أن تتجاوب معه و تبتزه الآن لكنها توترت و خجلت ببراءة غريبة لا تليق بأفعالها و عملها المشين ؟ أم أنها تتقن التمثيل في هذا الأمر أيضًا !! حديث دائر بين عقله الذي يخبره أنها محتالة مُدربة جيدًا و قلبه الذي أخبره أنه رأى الخوف داخل عينيها و هي تحاول إسعافه ونقله إلى المشفى !!!

Flashback ...

هرعت "سديم" إلى السيارة تبحث عن هاتفها أو هاتفه أيهما أقرب إلى يدها و بالفعل نجحت بإلتقاط هاتفها بعد عناء و محاولات عدة دامت لدقائق ، وكادت تعود إليه لكنها استمعت إلى صوت أنين يأتي من الشاحنة !!!

وضعت الهاتف بجيب البنطال الخلفي و اتجهت إلى الشاحنة تنظر حولها وتنصت إلى الصوت الذي يرتفع كلما اقتربت و بدأت تصعد بخفة فوق الدرجات القليلة و فتحت الباب تمد يدها إلى الداخل لحظات ثم هبطت مسرعة و استمع إليها تتحدث في الهاتف تخبر الطوارئ بموقعها و أنها لديها حالتين إصابة ثم أسرعت مرة أخرى إليه و جلست أمامه تقول بثقة و لمعة عينيها تخبره أنها بذروة خوفها ! :

- متقلقش هما هيكونوا هنا في دقايق .

ثم جابت عينيها ملامحه المتألمة و قالت بأسف :

- أنا آسفة مكنتش اعرف إنك هتنزل ورايا ، حقيقي آسفة !

كان يجز على أسنانه من فرط الألم لكن هيئتها تلك احزنته ما بالها تعتذر لأجل القدر ؟ شاءت أم أبت كانت الإصابة ستحدث !!!!

بلل شفتيه و قبض فوق ذراعه المصاب ثم ألقى رأسه إلى الخلف واغمض عينيه بقوة تاركًا إياها تعود إلى السائق و تستكشف أمره هو الآخر إلى أن أتت سيارات الإسعاف و بدأت تنقلهم و ركبت معه ثم أمسكت يده وقالت بألم وحزن واضح :

- أنا حقيقي أسفه !

عيناها تتحدث عن رهبتها الداخلية و بالرغم من ألمه إلا أن نبرتها و حديث عيناها كان كافيًا أن يطمئنه و يجعله يهمس متألمًا :

- متسيبنيش !

لم تحاول الاستفهام منه عن معنى حديثه فقط هزت رأسها بالإيجاب و ربتت فوق كفه تهمس ببسمة مغتصبه من شفتيها :

- أنا هنا !!

وأن أقوى المشاعر تكمن داخل أبسط الكلمات !
قُل أنا معك ، أنا بجانبك ، أنا هُنا ! أنا لا أريد قصائد زائفة ، أريد فقط شعور صادق .. !

#أغلال_الروح
#شيماء_الجندي
Back ..

عقد حاجبيه حين أعادته إلى واقعه تقول بدهشة :

- ايييه روحت فين !!! أنا عايزة اكل جعانة من الصبح !

تركته بعدما أشاحت بيدها بلامبالاة و اتجهت إلى الطعام ثم جلست و بدأت تتناوله بشهية ونهم وهو يقف بمحله يحدق بها بصدمة ، لاحظته بطرف عينها و قالت بهدوء فور أن أنهت مضغ طعامها وابتلاعه :

- مبحبش حد يبصلي وأنا باكل ، تعالى كُلّ معايا لو جعان !

توجه إليها و جلس فوق الأريكة مقابلها و قال ساخرًا :

- وهو بالمنظر دا هلاقي حاجة اطفحها !!

نظرت إليه باشمئزاز ثم رددت ساخرة وهي تهز رأسها بيأس : اطفحها ؟ بيئة أوي !

ثم رفعت الشوكة إلي فمها و قالت بعدم اهتمام :

- على العموم لو قعدت ترغي كدا مش هتلاقي لاء !

كاد يتحدث لكن طرقت "أميرة" الباب وقالت بصوت واضح :

- سديم ! صاحية ؟

وضعت الشوكة بغضب و قالت بحنق و هي تنظر إليه :

- عاجبك كدا أهو مش هطفح أنا ، البيت كله معندوش غير سديم صاحية !!!!

رفعت صوتها و هى تراقبه بدهشة حين زفر و أشاح بيده إلى الباب الواقفة خلفه "أميرة" ثم توجه إلى الحديقة :

- صاحية بس مش عايزة اتكلم ! لو عندك حاجه مهمة اجليها لبكرة !

عاد إليها يهمس بخفوت بجانب أذنها :

-قبل ما انسى ، بكرة متروحيش مع سليم لو عدى عليكِ الصبح !

و غادر تاركًا إياها تضرب كف بالآخر عاجزة عن فهم ماحدث و كأنه غريب الأطوار تلك الليلة ؟!! همست لحالها :

- واضح أن الضربة كانت على دماغه مش في كتفه !!!

و كادت تعود إلى طعامها لكن طرقت "أميرة" مرة أخرى بإصرار واضح و همست حينها "سديم" لحالها :

- براحتك بقاا أنا كنت هستنى عليكِ بس جبتيه لنفسك !!!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close