رواية اغلال الروح الفصل الخامس 5 بقلم شيماء الجندي
الفصل الخامس "ذكرى!"
شعرت بالاختناق داخل تلك الغرفة و رفعت يديها تسير فوق عنقها بحركات خفيفة و شعرت بمرارة حلقها و دموعها الحبيسة داخل مقلتيها تُهددها بالسقوط نظرت إلى تلك الشجرة اليافعة من خلف الزجاج و قد إلتفت حولها الأزهار بشكل جميل ، خرجت من غرفتها وسارت بخطوات هادئة إلى أن وصلت إليها وجلست أرضًا تراقب المنزل من بعيد ، حاولت تنظيم أنفاسها و وضعت يدها أعلى صدرها ثم أغمضت عينيها وتركت نسمات الهواء تداعب خصلاتها و تتراقص معها كيفما أرادت !
تدريجيًا هدأ روعها و أرخت جسدها ثم فتحت عينيها و بدأت تتأمل المشهد من حولها ، المنزل جميل و هادئ و منزله المنفصل مميز و رائع وهي هنا لفترة مؤقتة و سوف تنتهى كما أنهت جميع مهامها من قبل لما تلك الحالة إذًا ؟ ما سبب انسياقها خلف بضعة مشاعر سوف تقودها إلى الهلاك ؟ منذ متى و هي تهتم لنظرات من حولها هل أنقذتها النظرات حين كان أبيها طريح الفراش ، لقد تركه الجميع الأصدقاء و الأحبة و العمل أيضًا تدهورت حالته النفسية و الصحية بشكل كبير هي ليست آسفة على مافعلته منذ أعوام من أجله لقد كانت مدللة أبيها تحيا بسلام بين عائلة جميلة أم حنون و أب رائع عطوف و شقيقة صغيرة مشاكسة تسر الناظرين و بين ليلة وضحاها أصبحت هي مصدر طاقة العائلة و مصدر قوتها ! طريق مُلبد بالغيوم سارت داخله الصبية اليافعة و الآن تُكمله الأنثى المحتالة كما لقبها هذا الآسر ! منذ أعوام وضعها الخال باختيار إما هي أو شقيقتها داخل الطريق و أكد تهديده حين فقدت والدتها الحركة و أصبح علاجها الباهظ على نفقته و أيضًا مستقرها داخل منزله برغبة واضحة من والدتها ولا تعلم إن كانت رغبتها أم إجبار منه ولا يشغلها الآن سوى مصير شقيقتها الصغيرة !
أغلق المحتال "سامح" جميع طرق العودة بوجهها و لقد أخبرها حين قررت الابتعاد بشكل واضح وصريح أن تلك أحلام لن تتحقق !
Flash back ...
- أنا مش عايزة أكمل ياخالو ! اللي بنعمله دا اسمه نصب ، كنت بعمل كدا عشان بابا و هو دلوقت مش موجود !
وقف "سامح" يراقب ملامح ابنه شقيقته المُجهدة ثم نظر إلى عينيها التى يتراقص داخلها ألم الفقد و ثورة غضب تعلمت جيدًا إخفائها لكنها الآن في أسوأ حالاتها على الإطلاق كان على يقين أن وفاة والدها لن تمر عليه مرور الكرام و لكن كيف يفقدها هي لقد أصبحت فتاة أخرى في عامين فقط لقد أصبحت ابنته التي لم ينجبها أصبحت كما أراد منذ أن قابلها أول مرة !
تعلمت متى ومتى تصمت و كيف تتمكن من إخفاء مشاعرها بل و إظهار النقيض منها ، علمها الكثير و لم يبخل عليها يومًا ما ، ماهرة و ذكية و سريعة البديهة بشكل كبير حققت له ما يتمناه فقط في عامين هل تظن أن يتنازل عنها هكذا ببساطة ؟
تنهد و وضع يديه فوق كتفيها يقول بلطف :
- سديم ياحبيبتي ، مش محتاجة اقولك أن بابا كان متعذب و أنتِ كنتِ مشتتة وقتها دلوقت الأمور أحسن وشغلنا تمام ومفيش عقبات قدامك مالك بقاا !
سقطت دموعها و قالت بغضب واضح :
- بابا عمره ماكان عقبة ليا !!! أنا اللي دمرته لما عرف أنا بعمل إيه ، أنا اللي ضيعت كل تعبه لما مشيت وراك و سمعت كلامهااااا !
أنهت كلماتها وهي تُشير إلى والدتها التى جلست فوق الأريكة تبكي بألم شديد ابنتها محقة لقد فعلت كل هذا لأجل زوجها و بناتها لكنها فقد الأب والآن تفقد فتاتها الكبرى التي أصبحت على علم بكل ما يدور من حولها ، وأن أبيها كان على صواب منذ أعوام و أن أسباب امتناعهن عنه كان لأفعاله المشينة و ليست كما أخبرتها والدتها لأجل الزواج و كل هذا الهراء !
صمتت "نبيلة" ونكست رأسها تضع يدها أعلى شفتيها تكتم شهقاتها و تستمع إلى اخيها يقول :
- ولما مشيتي ورايا عملتي ملايين في سن زي دا و بتتعلمي أحسن تعليم و لغات و ومزيكا و مدارس رقص و أماكن لا يمكن كنتِ تقدري تجربيها و أنتِ معاه !
انتفضت "نبيلة" و هرعت تجاه ابنتها التي صرخت بعنف و اهتز جسدها بقوة و هي توبخه بنبرة لاذعة قائلة :
- إيااااك تتكلم عنه نهااائي ! أنا مطلبتش كل داااا ، انتوااا اللي كنتوا عاوزين الفلوس و النوادي والأماكن دي !
ثم نظرت إلى أمها و عاتبتها ببكاء مرير و نظرات لوامة وهي تبتعد عن أحضانها :
- أنتِ السبب !! أنتِ وعدتيني هيبقاا كويس ! قولتيلي اعمل كدا عشان نقدر نجيب العلاج ! قولتيلي أنه هيشوف وهيقوم يمشي ، أنتِ استغلتيني أكتر منه و أنا كنت عارفة دا ومحبتش ازود وجعك على بابا عشان عارفة إنك بتحاولي عشاني و عشانه وعشان نيرة وللأسف قبلنا كلنا كان عشان نفسك ! أنتِ استغنيتي عني ووافقتي إني اشتغل منغير حتى ما تعرفي تفاصيل الأماكن اللي هروحها ولا الناس اللي هتعامل معاها ! أنتِ كبرتيني وأنا لسه صغيرة بنت كل حلمها خروجة مع صحباتها بقى كل همها هتكدب إزاي النهاردة على أقرب واحد ليها في الدنيااا ! خلتيني اكدب على اللي عملني الصراحة ! و شوهتيني وبقيت مكسوفة من اللي بعمله ، سيبت أصحابي ومدرستي و مكاني و دخلت الأماكن اللي اختارتوها وأنا فاكرة إني بنقذه ، كنت فاكرة إني هبقا السبب في حياته و بقيت السبب في موته ! أنا دمرته و مش هستنى لما تدمريني أنا اختى !!!!
تركتها تبكي و فرت مسرعة و نيران الألم والقهر تكاد تحرق ما تبقى من روحها ، ركضت إلى أن وصلت إلى الطريق وجلست أرضًا تضع يديها فوق وجهها و تبكي بصوت مسموع ثم توالت صرخات الألم مش شفتيها بقوة لكن دون جدوى ، لقد ذهب و ذهبت معه طهارة روحها !!!!
وكأن ذهاب الأحبة يصحبة ذهاب الأرواح و أحيانًا العقول و في حالتها تحل اللعنات أيضًا ، يذهب الأمان حتى وإن كان ساكن بلا حِراك !
#أغلال_الروح
#شيماء_الجندي
أما داخل القصر توقفت "نبيلة" عن البكاء و صرخت بوجه اخيها حين فرت ابنتها و أمسك يدها يمنعها من ملاحقتها قائلًا ببرود :
- سيبيها دا طبيعي هتلف لفتها وترجع تاني !
اتسعت عينيها و هدرت بعنف :
- أنت اتجننت دي بنتييي اسيبها فين و إزاي ، أنت السبب في كل دااا !!!
صاح غاضبًا يقبض على رسغها بعنف و قد أخرجته عن طوره تلك المرة و رأت وجهه الخبيث لأول مرة وهو يقول :
- والله !!! دلوقت بقيت بنتك و أنا السبب !!!!
ثم ضغط بقوة ألمتها وهو يصرخ معنفًا إياها :
- ايواا أنا السبب !!! أنا السبب في العز اللي عشتيه من تاني وفي الفلوس والنوادي و تعليم بناااتك ! ايوااا أنا السبب في كل اللي وصلنا ليه ومش هسمح لأي حد يهد كل اللي بنيته !
نظرت إليه بهلع و ارتعش جسدها من حديثه وهمست بصوت مبحوح :
- قصدك إيه ياسامح !
أمسك ذراعيها بقوة و همس بغضب شديد و أعين مشتعلة :
- اقصد أن سديم بنتي أنا دلوقت اعتبريني اشتريتها بكل اللي دفعته وعملته معاكم من وقت ما جوزك قعد جنبكم زي الحريم وبقا عاجز وجيتي تعيطيلي و رميتي بنتك ليا و أنتِ عارفة كويس انا بعمل إيه ، فوقي من دور الضحية يابنت أبويا ! أنتِ ألعن مني أنا مرمتهاش زيك أنا استقبلتها و بنتك كبرت و التعليم كبر دماغها أكتر و عرفت تفسر اللعبة ماشية إزاي بدري أوي و كرهتك خلاص بعد نقاشك مع أبوها اللي موته ! قفلت خلاص من كل النواحي و ياتبقي معايا و نرجع سديم سوا ياتبقي ضدي و أنا مش هسمح لمخلوق يقفل باب رزقي في وشي !
هيطت دموعها بغزارة حين استمعت إلى كلماته اللاذعة و إن كان على حق لن تضحي بابنتها مرة أخرى لتذهت من هنا و تجمع شتات ما تبقى أفضل كثيرًا من الاستسلام له !
احتدت نظراتها فجأة و هدرت بغضب :
- أنا لا يمكن اسيب بنتي تاني ! كفاية أوي اللي حصل لحد كدا !
استطاعت الإفلات منه و الركض خلف ابنتها الكبرى بعدما اصطحبت الصغيرة من داخل الحديقة الصغيرة المواجهة لبوابة المنزل ، لكن كان "سامح" أَوْج مراحل غضبه مما دفعه إلى الهرع إلى هاتفه و الإتصال بأحدهم قائلًا :
- خرج العربية اللي منغير نمر ، و اعمل اللي اتفقنا عليه هما خرجوا دلوقت مش عايز شعرة من البنات تتضرر ، سامع !
و قد كان و أصبحت معه تلك المرة بالإبتزاز و إلى الآن تجهل أنه هو المتسبب بحالة والدتها و تظن أنه حادث و أنها هي المتسببة به لأنها ركضت إلى الطريق و حاولت أمها ملاحقتها !
وبعد عدة أيام من ترك "سامح" لهن ظهر أخيرًا و دفع مصروفات المشفى و عملية والدتها التي فشلت وحين علم أن "سديم" تحاول البحث عن عمل بجانب الدراسة أغلق الأبواب مُستغلًا علاقاته و رفضت هي أن يُكمل علاج والدتها الباهظ من أمواله الخاصة و عادت مُجبرة بعدما قال جملته الشهيرة " اللي مات مش هيرجع ياسديم و لا حد هيقدر يتكفل بمصاريفك أنتِ و ماما واختك ! وأنا مستحيل افرط فيكِ زي ما قفلت الشغل قدامك مش هسيب طريق واحد ليكِ تمشي فيه منغيري !!! ".
Back ..
جمعت خصلاتها على كتفها الأيمن و مسحت القطرات التي فرت من عينيها ثم عادت برأسها إلى الخلف و انتصر سلطان النوم على جسدها المُنهك و ذهبت في رحلة نوم عميقة ، رفض أن يقاطعها هو حين وجد ظل أحدهم و تبين جسدها كلما اقترب ، والآن يقف أمامها ينظر حوله حائرًا ، هل يوقظها أم يتركها تنعم بساعات راحة ، لقد كانت ليلتها الأولى داخل المشفى إلى الصباح و اليوم اجهدها السعى مع عمه طول النهار ناهيك عن ملابسها تلك كيف يتركها هكذا لأعين العاملين بالمنزل صباحًا !
تنهد و هبط إلى مستواها هامسًا بخفوت :
- سديم !
لم يحصل على اجابه حيث كانت داخل عالمها الخاص تنعم بوقت فريد و نادر حيث الأجواء الهادئة والإرهاق الجسدي والنفسي أنهى على ما تبقى من صمودها اليوم !
حسم أمره ووضع ذراع خلف ظهرها والآخر أسفل ركبتيها و استقام واقفًا يحملها داخل أحضانه ويعود بها إلى غرفتها يضعها فوق الفراش الوثير ، و فور أن ترك جسدها استدارت بتلقائية تحتضن الوسادة و ترفع ساقها فوق الغطاء بعشوائية واضحة تأمل فعلتها العفوية بابتسامة صغيرة لم يتوقع منها ذلك التصرف لقد أسرت الغطاء بشكل حرفي أسفل ساقها !!!
مال بجزعه العلوى قليلًا و مد يده يحاول افلات الغطاء ووضعه فوقها دون ايقاظها و بالفعل بدأ يحركه بهدوء وعينيه على ملامحها الهادئة إلى أن نجح في إخراجه و مال قليلًا يضعه فوق جسدها و لكنه توقف فجأة ينظر إلى عنقها و يضيع عينيه بتركيز ثم هبطت عينيه إلى أصابع يدها و هو يتسائل داخل عقله هل كانت تحاول خنق حالها ؟
هناك علامات ضغط حمراء واضحة وصريحة على نحرها ، و بهدوء جلس بجانبها فوق الفراش شاردًا بملامحها الجميلة الهادئة الخالية من حديثها الفظ و لسانها السليط ، فتاة بتلك الفتنة و هذا العقل الراجح ما الذي يدفعها إلى أمور الاحتيال ؟ وعلى ذكر الفتنة هبطت عينيه إلى شفتيها مرة أخرى منذ ساعتين أو أكثر وفي لحظة جنون منه كاد يظفر بتلك الشفاه ، إن لم يقاطعه "سليم" الذي يحاول لفت انتباهها بالرقصات و الضحك المتبادل ، عقد حاجبيه حين تسرب مشهد رقصها معه داخل عقله ، ما باله ! لتفعل ماتشاء و كيفما تشاء ، إنه أمر لا يخصه من الأساس و من الواضح أن ابن عمه هو من يغازلها و يعبث معها ، و هي ليست فتاة لينة يمكن التلاعب بها !
خانته أنامله و فرت إلى خصلاتها المبعثرة و هندمها بهدوء و هو يراقب علامات الارتياح على ملامحها حيث حلت عقدة حاجبيها و دست خدها داخل الوسادة تتنفس بهدوء !
عجز عن إزالة بسمته من أفعالها و بدأ ينسحب من الغرفة بهدوء و هو يغلق الزجاج تاركًا إياها و عقله يعمل على لغز ما الذي يدفع تلك الفاتنة إلى هذه الطرقات السيئة ؟!
________________ *** _________________
استيقظت "سديم" في الصباح الباكر و تمطأت داخل الفراش و رفعت جسدها تستند إلى الوسادة خلفها و تجذب الغطاء فوق جسدها لكنها عقدت حاجبيها و مالت برأسها تستنشق رائحة الغطاء مرة أخرى ثم ضيقت عينيها لحظات و بدأ عقلها يعمل و يترجم الأحداث !
لقد استندت إلى الشجرة و ذهبت بنوم عميق ليلة أمس و الآن عطره الرجولي يخترق أنفها و كأنه يخبرها أنها كانت بين أنامله !!!!!
انتفضت من الفراش و وضعت يدها أعلى جبينها تحاول أن تتذكر ماحدث لكن دون جدوى !!!
أمسكت هاتفها تنظر إلى الساعة التي لم تتجاوز السابعة صباحًا و ألقت الهاتف فوق الفراش لكن لحظة الرائحة لازالت عالقة بها ! رفعت ملابسها قليلًا و استنشقت الرائحة منها أيضًا لتطرق براحة يدها فوق جبينها و تضع الأخرى فوق خاصرتها واغمضت عينيها تقول بغضب :
- يخربيتك ياسديم !!!!
ثم أكملت و هي تضع يديها أعلى وجهها وتهمس بخجل :
- صوابعي علمت على وشه بالقلم الصبح و خليته شالني بليل !!!!!
أسرعت إلى المرحاض لتتخلص من تلك الرائحة أولًا و تحاول ترتيب أفكارها فيما بعد ، يبدو أن ذلك اليوم لن يمر مرور الكرام !!!
أنهت ارتداء ملابسها و قررت الخروج من غرفتها و صنع قهوة صباحية لحالها ، بدأت تبحث عن الأدوات بهدوء و بالفعل وجدت ضالتها لكنها عقدت حاجبيها حين قالت الجدة بهدوء من خلفها بصوتها المُسن العابث :
- طيب قوليلي أشرب فنجان من إيدك !
نظرت إليها ببسمة مشرقة زادتها جمالًا و أجابت بمكر رافعة أحد حاجبيها :
- بس اعرف إنها ممنوعة عنك !
ضحكت الأخرى وقالت بهدوء :
- لاء أنا اللي منعاها عن نفسي من أيام جدك ، أصلي كنت أحب اشربها معاه أوي و هو كان بيحبها من إيدي !
حين أتت بصلة القرابة ، بدأت بسمتها تختفي لكنها قالت بلطف :
- حيث كدا بقا أنا هدوقك قهوتي يمكن ترجعي تشربيها !
هزت رأسها و بدأت تتابعها و هي تعد القهوة بمهارة واضحة ، شعرت "سديم" بوجود أحدهم يتابعها وألتفت فجأة تنظر إلى "أميرة" ببسمة ماكرة ثم رفعت يدها ترحب بها و قالت بسخرية :
- تعالي يا أميرة بدل ما تتفرجي على ضهري وشي أجمل !
رفعت الأخرى حاجبها و دلفت إليها من جهة الباب المُطل على الحديقة وقالت بتوتر طفيف من إحراجها لها :
- أنا مش بتفرج ولا حاجه كنت بجري زي كل يوم الصبح و سمعت حركة هنا قولت اشوف مين و أنتِ بصيتي في نفس اللحظة !
رفعت "سديم" عينيها و نظرت إلى ملابسها الرياضية ثم ابتسمت و ناولت الجدة الفنجان و عادت إلى الخلف تقول بهدوء :
- بس أنا مسألتكيش كنتِ بتعملي إيه ! أنا قولتلك معلومة أن وشي أجمل من ضهري كبرتي الموضوع كدا ليه !
استندت إلى المنضدة الرخامية برشاقة وبدأت ترتشف القهوة بتلذذ واضح بينما ابتسمت الجدة و تابعت "أميرة" التي رفعت حاجبها الأيسر وقالت بغضب :
- موضوع إيه اللي كبرته !!!! البيت دا أصلًا بيتي !!! و أقف زي ما أنا عايزة مين أنتِ عشان تحدديلي اعمل ايه ومعملش ايه ؟
وضعت "سديم" القدح و انفجرت ضاحكة و هي تميل بجسدها إلى الأمام أسفل نظرات الجدة الماكرة و "أميرة" المصدومة ، هدأت تدريجيًا وقالت و هي ترفع الفِنْجَانُ إلى شفتيها بروية :
- بصراحة ياأميرة أنا مش فاهماكِ ، بس ياريت لو بتقعدي كتير مع نورهان تاخدي بالك ، أصلك بصراحة بتدخلي المواضيع في بعض و متسرعة أوي بتردي أي رد يجي في عقلك و دا غلط خالص ، كل دا عشان قولتلك أن وشي أجمل من ضهري ، هاتيلي كلمة واحدة زيادة عن المعلومة دي خرجت مني ، خلاص متزعليش نفسك ضهري هو اللي أجمل من وشي ، ارجعي اتفرجي عليا من ورا تاني !
ضحكت الجدة بقوة تلك المرة و كادت "سديم" ترفع الفِنْجَانُ مرة أخرى لكنها عقدت حاجبيها حين تسللت إلى أنفها رائحته الرجولية و اعتدلت تبحث عنه بعينيها لتجده يقف يضع يديه داخل جيبي بنطاله و ينظر إليهن بهدوء ثم دلف إلى الداخل حين وجد الجدة تُشير إليه بيدها ومستمرة بضحكاتها تقول من بينها :
- تعالى ياآسر ، قهوة سديم طلعت جميلة أوي !
رفع حاجبه مرددًا بدهشة و هو ينظر إلى القدح وهو يميل و يُقبل يدها :
- أنتِ رجعتي تشربي قهوة امتى ؟
ابتسمت له و أشارت بعينيها إلى "سديم" قائلة :
- سديم قهوتها حلوة زيها ! لو كنت جيت بدري شوية كنت دوقتها !
رسم ابتسامه صغيرة و قال وهو ينظر إليها :
- معلش هعوضها متقلقيش ، إحنا مستعجلين دلوقت ولازم نمشي !
عقدت "سديم" حاجبيها و تركت قدحها تنظر إليه بدهشة و لكنها صمتت حين سألت الجدة بدهشة :
- هتروحوا فين بدري كدا !
اجايها بهدوء و هو يتابع مغادرة زوجة عمه الغاضبة :
- هنروح الشركة مش عمي عاصم قال كدا من امبارح ؟ و هي هتتدرب معايا يبقا نروح بدري احسن بدل ما أخد من وقت شغلي !
ثم نظر إليها يقول بتساؤل :
- مش يلا ولا مستنية سليم وأروح أنا !
رفعت حاجبها الأيسر و قالت و هي تغادر المكان :
- استنى هروح اجيب حاجتي !
انتظر مغادرتها و نظر إلى قدحها ثم إلى الجدة و سألها :
-القهوة عجبتك ؟
ابتسمت بمكر و لم تتحدث لكنها رفعت القدح ترتشف منه بروية و عينيها تنظر إليه بصمت تام !!!
ظلت تعبث بهاتفها طوال الطريق و تضحك بين حين و آخر ثم وجدها تبدأ تسجيل صوتي داخل التطبيق الشهير "واتساب" وتقول :
- لا التاني أحلى عليكِ و كفاية بقاا عشان تلحقي المدرسة أنا لازم اقفل دلوقت و متنسيش تحذفي الشات ياروحي !
عبثت قليلًا بالهاتف ثم وضعته فوق فخذها و نظرت من النافذة صامتة وكأنها فقدت النطق معه هو فقط ! ، عقد حاجبيه من تجاهلها له بتلك الطريقة هل تلك الساخرة التي كانت تكيل الكلمات إلى زوجة عمه منذ قليل ؟!
فاجئها حين سأل بغضب طفيف :
- هو أنا مش نبهت عليكِ في موضوع أميرة ؟ ممكن افهم احتكيتي بيها ليه من شوية ؟
كانت تنوي تجاهل حديثه لكنها قررت استفزازه بطريقة أفضل حيث أصبحت تعلم نقاط غضبه جيدًا و قالت ببرود :
- أميرة ! اه قصدك الحرباية دي ؟
ضحكت ثم أكملت ببرود :
- متخلنيش أغير نظرتي فيك طيب هي غبية و عرفنا أنت بقا زيها !
عقد حاجبيه و قال بغضب واضح :
- افندم !!!!
هزت كتفيها بلامبالاة و أجابت ببرود :
- اه أصل أنت بتقول احتكيتي بيها وأنا كل اللي عملته قولت معلومة عن نفسي إيه اللي مش مفهوم في كدا !
أوقف السيارة و هدر بغضب :
- أنا مبحبش الطريقة دي في الكلام اتكلمي عدل ياااسديم !
رفعت حاجبها الأيسر و قالت ببرود :
- و أنت شايفني بتكلم من رجلي ولا إيه ما أنا بتكلم زيك أهو !
اشتعلت فتيل غضبه بالفعل و ضرب طرف مقعدها بقبضته يقول بإنفعال :
- أنا حقيقي بندم على أي لحظة بنزل فيها لمستوى نصاابة زيك و بتكلم معاهاااا ، هستنى إيه من واحدة شغلتها من وهي في اللفة النصب و اللعب بالناس !
قبض على رسغها بقوة مبالغ بها و اعتصره وهو يهدر بغضب مُكملًا :
- إياكِ وعيلتي ياسديم ، و لو لمحتك بتتعرض لأي واحد منهم تاني أنا اللي هتصدرلك ، اوعي تفكري أن اللي حصل مع أميرة امبارح دا عشان سواد عيونك ، اللي حصل دا كان عشان سيلا ، اللي أنتِ واخدة فلوس عشان تمثلي دورها لكن أنتِ نكرة ! متفرقيش مع حد و حتى مع خالك اللي عارف إنك عايشة في بيت كله شباب و مين عارف عملتي إيه قبل مااعرفك ألعن من كدا !
نظراتها الجليدية الباردة بمنظوره الخاص ماهي إلا اعتياد و أن الإهانة كانت خير الحلول لوقاحتها معه ، لكنها اشعلته حين ابتسمت ببرود و قالت بنبرة معتدلة :
- لو هو وحش عشان سابني اقعد في بيت كله شباب و أنا وحشة أوي عشان قبلت دا فتوصف نفسك بايه و أنت اللي طالب مني دا ؟
ثم رفعت جانب فمها بسخرية و أكملت :
- ياملاك الرحمة !
فتحت باب السيارة في لحظة غفلة منه وهبطت منها تصفعه بقوة ثم قالت و هي بالخارج :
- أنا أنضف و أعلى إني اركب مع واحد منافق بوشين زيك !
نظر إلى أثرها بصمت لحظات ثم جز على أسنانه بقوة و قد أدرك سخافة حديثه لأول مرة معها ! هبط من السيارة و ركض خلفها بسرعة وهو يصرخ باسمها و هي تتعمد تجاهله و حين شعرت أنه يقترب منها وقفت محلها و اعتدلت تصرخ به لأول مرة بغضب كبير وشموخ :
- متمشيششش ورايااااا و روح اخبط راسك أنت واللي اتفق معاك على القرف دا في أكبر حيط !!!!!
هز رأسه بالإيجاب و هو يعتذر حين وجدها بأوج غضبها و اشتعالها منه قائلًا بندم :
- أنا آسف مكنش ينفع أقول كدا !
صرخت به و هي تدفعه بقوة بعيدًا عنها ليرتد جسده إلى الخلف من الغفلة و استمع إليها تهدر :
- امشييي من وشييي عشان متشوفش وش هيكرهك في كل البنات طول عمرك يامعقد أنت !!!
ثم سارت بخطوات أشبه بالركض و تقول بصوت مرتفع :
- الإتفاق ملغي بيناا و آآ
صمتت حين استمعت إلى صوت تصادم شديد الإرتفاع يليه صرخة قوية من شفتيه و استدارت تنظر خلفها بأعين متسعة و رعب واضح ووجدته قد سقط أرضًا و سيارته التي على بعد أميال قليلة محطمة حيث اصطدمت بها سيارة نقل محملة بالبضائع و قد عادت السيارة إلى الخلف إثر الدفع و اصطدمت بجسده بقوة بالغة وهو يميل بجزعه العلوي يلتقط مفتاحه الذي سقط منه ليسقط أرضًا يصرخ بألم و رفع يده إلى كتفه !
اتسعت عينيها حين و جدت السيارات ليست مستقرة ومن الممكن أن يتفاقم الأمر و تهبط البضائع فوق الطريق خالي من حولها و الأمر يزداد سوء أسرعت إليه و هبطت بجانبه تقول بخوف :
- حاول تقوم معاياا بسرعة نبعد عن هنا شوية !!
عقد حاجبيه حين وجدها لم تنظر رد منه بل بدأت ترفع يده بهدوء عن كتفه و تلف ذراعه حول عنقها و ذراعها الأيمن يحيط خصره و يدها تسنده من الأمام تجاه صدره ليعاونها بالوقوف و يسير معها ضامًا شفتيه بقوة كاتمًا صرخات الألم و حين ابتعدت به مسافة كبيرة عاونته بالجلوس أرضًا و بدأت تبحث عن هاتفها داخل حقيبتها الصغيرة لكن دون جدوى لقد سقط منها أثناء هبوطها من السيارة !!!!!!
الطريق فارغ و هاتفها غير متواجد و هاتفه بالتأكيد داخل السيارة و هو أمامها يكاد يعض الأرض من الألم وسائق الشاحنة غير موجود !!!!!!
شعرت بالاختناق داخل تلك الغرفة و رفعت يديها تسير فوق عنقها بحركات خفيفة و شعرت بمرارة حلقها و دموعها الحبيسة داخل مقلتيها تُهددها بالسقوط نظرت إلى تلك الشجرة اليافعة من خلف الزجاج و قد إلتفت حولها الأزهار بشكل جميل ، خرجت من غرفتها وسارت بخطوات هادئة إلى أن وصلت إليها وجلست أرضًا تراقب المنزل من بعيد ، حاولت تنظيم أنفاسها و وضعت يدها أعلى صدرها ثم أغمضت عينيها وتركت نسمات الهواء تداعب خصلاتها و تتراقص معها كيفما أرادت !
تدريجيًا هدأ روعها و أرخت جسدها ثم فتحت عينيها و بدأت تتأمل المشهد من حولها ، المنزل جميل و هادئ و منزله المنفصل مميز و رائع وهي هنا لفترة مؤقتة و سوف تنتهى كما أنهت جميع مهامها من قبل لما تلك الحالة إذًا ؟ ما سبب انسياقها خلف بضعة مشاعر سوف تقودها إلى الهلاك ؟ منذ متى و هي تهتم لنظرات من حولها هل أنقذتها النظرات حين كان أبيها طريح الفراش ، لقد تركه الجميع الأصدقاء و الأحبة و العمل أيضًا تدهورت حالته النفسية و الصحية بشكل كبير هي ليست آسفة على مافعلته منذ أعوام من أجله لقد كانت مدللة أبيها تحيا بسلام بين عائلة جميلة أم حنون و أب رائع عطوف و شقيقة صغيرة مشاكسة تسر الناظرين و بين ليلة وضحاها أصبحت هي مصدر طاقة العائلة و مصدر قوتها ! طريق مُلبد بالغيوم سارت داخله الصبية اليافعة و الآن تُكمله الأنثى المحتالة كما لقبها هذا الآسر ! منذ أعوام وضعها الخال باختيار إما هي أو شقيقتها داخل الطريق و أكد تهديده حين فقدت والدتها الحركة و أصبح علاجها الباهظ على نفقته و أيضًا مستقرها داخل منزله برغبة واضحة من والدتها ولا تعلم إن كانت رغبتها أم إجبار منه ولا يشغلها الآن سوى مصير شقيقتها الصغيرة !
أغلق المحتال "سامح" جميع طرق العودة بوجهها و لقد أخبرها حين قررت الابتعاد بشكل واضح وصريح أن تلك أحلام لن تتحقق !
Flash back ...
- أنا مش عايزة أكمل ياخالو ! اللي بنعمله دا اسمه نصب ، كنت بعمل كدا عشان بابا و هو دلوقت مش موجود !
وقف "سامح" يراقب ملامح ابنه شقيقته المُجهدة ثم نظر إلى عينيها التى يتراقص داخلها ألم الفقد و ثورة غضب تعلمت جيدًا إخفائها لكنها الآن في أسوأ حالاتها على الإطلاق كان على يقين أن وفاة والدها لن تمر عليه مرور الكرام و لكن كيف يفقدها هي لقد أصبحت فتاة أخرى في عامين فقط لقد أصبحت ابنته التي لم ينجبها أصبحت كما أراد منذ أن قابلها أول مرة !
تعلمت متى ومتى تصمت و كيف تتمكن من إخفاء مشاعرها بل و إظهار النقيض منها ، علمها الكثير و لم يبخل عليها يومًا ما ، ماهرة و ذكية و سريعة البديهة بشكل كبير حققت له ما يتمناه فقط في عامين هل تظن أن يتنازل عنها هكذا ببساطة ؟
تنهد و وضع يديه فوق كتفيها يقول بلطف :
- سديم ياحبيبتي ، مش محتاجة اقولك أن بابا كان متعذب و أنتِ كنتِ مشتتة وقتها دلوقت الأمور أحسن وشغلنا تمام ومفيش عقبات قدامك مالك بقاا !
سقطت دموعها و قالت بغضب واضح :
- بابا عمره ماكان عقبة ليا !!! أنا اللي دمرته لما عرف أنا بعمل إيه ، أنا اللي ضيعت كل تعبه لما مشيت وراك و سمعت كلامهااااا !
أنهت كلماتها وهي تُشير إلى والدتها التى جلست فوق الأريكة تبكي بألم شديد ابنتها محقة لقد فعلت كل هذا لأجل زوجها و بناتها لكنها فقد الأب والآن تفقد فتاتها الكبرى التي أصبحت على علم بكل ما يدور من حولها ، وأن أبيها كان على صواب منذ أعوام و أن أسباب امتناعهن عنه كان لأفعاله المشينة و ليست كما أخبرتها والدتها لأجل الزواج و كل هذا الهراء !
صمتت "نبيلة" ونكست رأسها تضع يدها أعلى شفتيها تكتم شهقاتها و تستمع إلى اخيها يقول :
- ولما مشيتي ورايا عملتي ملايين في سن زي دا و بتتعلمي أحسن تعليم و لغات و ومزيكا و مدارس رقص و أماكن لا يمكن كنتِ تقدري تجربيها و أنتِ معاه !
انتفضت "نبيلة" و هرعت تجاه ابنتها التي صرخت بعنف و اهتز جسدها بقوة و هي توبخه بنبرة لاذعة قائلة :
- إيااااك تتكلم عنه نهااائي ! أنا مطلبتش كل داااا ، انتوااا اللي كنتوا عاوزين الفلوس و النوادي والأماكن دي !
ثم نظرت إلى أمها و عاتبتها ببكاء مرير و نظرات لوامة وهي تبتعد عن أحضانها :
- أنتِ السبب !! أنتِ وعدتيني هيبقاا كويس ! قولتيلي اعمل كدا عشان نقدر نجيب العلاج ! قولتيلي أنه هيشوف وهيقوم يمشي ، أنتِ استغلتيني أكتر منه و أنا كنت عارفة دا ومحبتش ازود وجعك على بابا عشان عارفة إنك بتحاولي عشاني و عشانه وعشان نيرة وللأسف قبلنا كلنا كان عشان نفسك ! أنتِ استغنيتي عني ووافقتي إني اشتغل منغير حتى ما تعرفي تفاصيل الأماكن اللي هروحها ولا الناس اللي هتعامل معاها ! أنتِ كبرتيني وأنا لسه صغيرة بنت كل حلمها خروجة مع صحباتها بقى كل همها هتكدب إزاي النهاردة على أقرب واحد ليها في الدنيااا ! خلتيني اكدب على اللي عملني الصراحة ! و شوهتيني وبقيت مكسوفة من اللي بعمله ، سيبت أصحابي ومدرستي و مكاني و دخلت الأماكن اللي اختارتوها وأنا فاكرة إني بنقذه ، كنت فاكرة إني هبقا السبب في حياته و بقيت السبب في موته ! أنا دمرته و مش هستنى لما تدمريني أنا اختى !!!!
تركتها تبكي و فرت مسرعة و نيران الألم والقهر تكاد تحرق ما تبقى من روحها ، ركضت إلى أن وصلت إلى الطريق وجلست أرضًا تضع يديها فوق وجهها و تبكي بصوت مسموع ثم توالت صرخات الألم مش شفتيها بقوة لكن دون جدوى ، لقد ذهب و ذهبت معه طهارة روحها !!!!
وكأن ذهاب الأحبة يصحبة ذهاب الأرواح و أحيانًا العقول و في حالتها تحل اللعنات أيضًا ، يذهب الأمان حتى وإن كان ساكن بلا حِراك !
#أغلال_الروح
#شيماء_الجندي
أما داخل القصر توقفت "نبيلة" عن البكاء و صرخت بوجه اخيها حين فرت ابنتها و أمسك يدها يمنعها من ملاحقتها قائلًا ببرود :
- سيبيها دا طبيعي هتلف لفتها وترجع تاني !
اتسعت عينيها و هدرت بعنف :
- أنت اتجننت دي بنتييي اسيبها فين و إزاي ، أنت السبب في كل دااا !!!
صاح غاضبًا يقبض على رسغها بعنف و قد أخرجته عن طوره تلك المرة و رأت وجهه الخبيث لأول مرة وهو يقول :
- والله !!! دلوقت بقيت بنتك و أنا السبب !!!!
ثم ضغط بقوة ألمتها وهو يصرخ معنفًا إياها :
- ايواا أنا السبب !!! أنا السبب في العز اللي عشتيه من تاني وفي الفلوس والنوادي و تعليم بناااتك ! ايوااا أنا السبب في كل اللي وصلنا ليه ومش هسمح لأي حد يهد كل اللي بنيته !
نظرت إليه بهلع و ارتعش جسدها من حديثه وهمست بصوت مبحوح :
- قصدك إيه ياسامح !
أمسك ذراعيها بقوة و همس بغضب شديد و أعين مشتعلة :
- اقصد أن سديم بنتي أنا دلوقت اعتبريني اشتريتها بكل اللي دفعته وعملته معاكم من وقت ما جوزك قعد جنبكم زي الحريم وبقا عاجز وجيتي تعيطيلي و رميتي بنتك ليا و أنتِ عارفة كويس انا بعمل إيه ، فوقي من دور الضحية يابنت أبويا ! أنتِ ألعن مني أنا مرمتهاش زيك أنا استقبلتها و بنتك كبرت و التعليم كبر دماغها أكتر و عرفت تفسر اللعبة ماشية إزاي بدري أوي و كرهتك خلاص بعد نقاشك مع أبوها اللي موته ! قفلت خلاص من كل النواحي و ياتبقي معايا و نرجع سديم سوا ياتبقي ضدي و أنا مش هسمح لمخلوق يقفل باب رزقي في وشي !
هيطت دموعها بغزارة حين استمعت إلى كلماته اللاذعة و إن كان على حق لن تضحي بابنتها مرة أخرى لتذهت من هنا و تجمع شتات ما تبقى أفضل كثيرًا من الاستسلام له !
احتدت نظراتها فجأة و هدرت بغضب :
- أنا لا يمكن اسيب بنتي تاني ! كفاية أوي اللي حصل لحد كدا !
استطاعت الإفلات منه و الركض خلف ابنتها الكبرى بعدما اصطحبت الصغيرة من داخل الحديقة الصغيرة المواجهة لبوابة المنزل ، لكن كان "سامح" أَوْج مراحل غضبه مما دفعه إلى الهرع إلى هاتفه و الإتصال بأحدهم قائلًا :
- خرج العربية اللي منغير نمر ، و اعمل اللي اتفقنا عليه هما خرجوا دلوقت مش عايز شعرة من البنات تتضرر ، سامع !
و قد كان و أصبحت معه تلك المرة بالإبتزاز و إلى الآن تجهل أنه هو المتسبب بحالة والدتها و تظن أنه حادث و أنها هي المتسببة به لأنها ركضت إلى الطريق و حاولت أمها ملاحقتها !
وبعد عدة أيام من ترك "سامح" لهن ظهر أخيرًا و دفع مصروفات المشفى و عملية والدتها التي فشلت وحين علم أن "سديم" تحاول البحث عن عمل بجانب الدراسة أغلق الأبواب مُستغلًا علاقاته و رفضت هي أن يُكمل علاج والدتها الباهظ من أمواله الخاصة و عادت مُجبرة بعدما قال جملته الشهيرة " اللي مات مش هيرجع ياسديم و لا حد هيقدر يتكفل بمصاريفك أنتِ و ماما واختك ! وأنا مستحيل افرط فيكِ زي ما قفلت الشغل قدامك مش هسيب طريق واحد ليكِ تمشي فيه منغيري !!! ".
Back ..
جمعت خصلاتها على كتفها الأيمن و مسحت القطرات التي فرت من عينيها ثم عادت برأسها إلى الخلف و انتصر سلطان النوم على جسدها المُنهك و ذهبت في رحلة نوم عميقة ، رفض أن يقاطعها هو حين وجد ظل أحدهم و تبين جسدها كلما اقترب ، والآن يقف أمامها ينظر حوله حائرًا ، هل يوقظها أم يتركها تنعم بساعات راحة ، لقد كانت ليلتها الأولى داخل المشفى إلى الصباح و اليوم اجهدها السعى مع عمه طول النهار ناهيك عن ملابسها تلك كيف يتركها هكذا لأعين العاملين بالمنزل صباحًا !
تنهد و هبط إلى مستواها هامسًا بخفوت :
- سديم !
لم يحصل على اجابه حيث كانت داخل عالمها الخاص تنعم بوقت فريد و نادر حيث الأجواء الهادئة والإرهاق الجسدي والنفسي أنهى على ما تبقى من صمودها اليوم !
حسم أمره ووضع ذراع خلف ظهرها والآخر أسفل ركبتيها و استقام واقفًا يحملها داخل أحضانه ويعود بها إلى غرفتها يضعها فوق الفراش الوثير ، و فور أن ترك جسدها استدارت بتلقائية تحتضن الوسادة و ترفع ساقها فوق الغطاء بعشوائية واضحة تأمل فعلتها العفوية بابتسامة صغيرة لم يتوقع منها ذلك التصرف لقد أسرت الغطاء بشكل حرفي أسفل ساقها !!!
مال بجزعه العلوى قليلًا و مد يده يحاول افلات الغطاء ووضعه فوقها دون ايقاظها و بالفعل بدأ يحركه بهدوء وعينيه على ملامحها الهادئة إلى أن نجح في إخراجه و مال قليلًا يضعه فوق جسدها و لكنه توقف فجأة ينظر إلى عنقها و يضيع عينيه بتركيز ثم هبطت عينيه إلى أصابع يدها و هو يتسائل داخل عقله هل كانت تحاول خنق حالها ؟
هناك علامات ضغط حمراء واضحة وصريحة على نحرها ، و بهدوء جلس بجانبها فوق الفراش شاردًا بملامحها الجميلة الهادئة الخالية من حديثها الفظ و لسانها السليط ، فتاة بتلك الفتنة و هذا العقل الراجح ما الذي يدفعها إلى أمور الاحتيال ؟ وعلى ذكر الفتنة هبطت عينيه إلى شفتيها مرة أخرى منذ ساعتين أو أكثر وفي لحظة جنون منه كاد يظفر بتلك الشفاه ، إن لم يقاطعه "سليم" الذي يحاول لفت انتباهها بالرقصات و الضحك المتبادل ، عقد حاجبيه حين تسرب مشهد رقصها معه داخل عقله ، ما باله ! لتفعل ماتشاء و كيفما تشاء ، إنه أمر لا يخصه من الأساس و من الواضح أن ابن عمه هو من يغازلها و يعبث معها ، و هي ليست فتاة لينة يمكن التلاعب بها !
خانته أنامله و فرت إلى خصلاتها المبعثرة و هندمها بهدوء و هو يراقب علامات الارتياح على ملامحها حيث حلت عقدة حاجبيها و دست خدها داخل الوسادة تتنفس بهدوء !
عجز عن إزالة بسمته من أفعالها و بدأ ينسحب من الغرفة بهدوء و هو يغلق الزجاج تاركًا إياها و عقله يعمل على لغز ما الذي يدفع تلك الفاتنة إلى هذه الطرقات السيئة ؟!
________________ *** _________________
استيقظت "سديم" في الصباح الباكر و تمطأت داخل الفراش و رفعت جسدها تستند إلى الوسادة خلفها و تجذب الغطاء فوق جسدها لكنها عقدت حاجبيها و مالت برأسها تستنشق رائحة الغطاء مرة أخرى ثم ضيقت عينيها لحظات و بدأ عقلها يعمل و يترجم الأحداث !
لقد استندت إلى الشجرة و ذهبت بنوم عميق ليلة أمس و الآن عطره الرجولي يخترق أنفها و كأنه يخبرها أنها كانت بين أنامله !!!!!
انتفضت من الفراش و وضعت يدها أعلى جبينها تحاول أن تتذكر ماحدث لكن دون جدوى !!!
أمسكت هاتفها تنظر إلى الساعة التي لم تتجاوز السابعة صباحًا و ألقت الهاتف فوق الفراش لكن لحظة الرائحة لازالت عالقة بها ! رفعت ملابسها قليلًا و استنشقت الرائحة منها أيضًا لتطرق براحة يدها فوق جبينها و تضع الأخرى فوق خاصرتها واغمضت عينيها تقول بغضب :
- يخربيتك ياسديم !!!!
ثم أكملت و هي تضع يديها أعلى وجهها وتهمس بخجل :
- صوابعي علمت على وشه بالقلم الصبح و خليته شالني بليل !!!!!
أسرعت إلى المرحاض لتتخلص من تلك الرائحة أولًا و تحاول ترتيب أفكارها فيما بعد ، يبدو أن ذلك اليوم لن يمر مرور الكرام !!!
أنهت ارتداء ملابسها و قررت الخروج من غرفتها و صنع قهوة صباحية لحالها ، بدأت تبحث عن الأدوات بهدوء و بالفعل وجدت ضالتها لكنها عقدت حاجبيها حين قالت الجدة بهدوء من خلفها بصوتها المُسن العابث :
- طيب قوليلي أشرب فنجان من إيدك !
نظرت إليها ببسمة مشرقة زادتها جمالًا و أجابت بمكر رافعة أحد حاجبيها :
- بس اعرف إنها ممنوعة عنك !
ضحكت الأخرى وقالت بهدوء :
- لاء أنا اللي منعاها عن نفسي من أيام جدك ، أصلي كنت أحب اشربها معاه أوي و هو كان بيحبها من إيدي !
حين أتت بصلة القرابة ، بدأت بسمتها تختفي لكنها قالت بلطف :
- حيث كدا بقا أنا هدوقك قهوتي يمكن ترجعي تشربيها !
هزت رأسها و بدأت تتابعها و هي تعد القهوة بمهارة واضحة ، شعرت "سديم" بوجود أحدهم يتابعها وألتفت فجأة تنظر إلى "أميرة" ببسمة ماكرة ثم رفعت يدها ترحب بها و قالت بسخرية :
- تعالي يا أميرة بدل ما تتفرجي على ضهري وشي أجمل !
رفعت الأخرى حاجبها و دلفت إليها من جهة الباب المُطل على الحديقة وقالت بتوتر طفيف من إحراجها لها :
- أنا مش بتفرج ولا حاجه كنت بجري زي كل يوم الصبح و سمعت حركة هنا قولت اشوف مين و أنتِ بصيتي في نفس اللحظة !
رفعت "سديم" عينيها و نظرت إلى ملابسها الرياضية ثم ابتسمت و ناولت الجدة الفنجان و عادت إلى الخلف تقول بهدوء :
- بس أنا مسألتكيش كنتِ بتعملي إيه ! أنا قولتلك معلومة أن وشي أجمل من ضهري كبرتي الموضوع كدا ليه !
استندت إلى المنضدة الرخامية برشاقة وبدأت ترتشف القهوة بتلذذ واضح بينما ابتسمت الجدة و تابعت "أميرة" التي رفعت حاجبها الأيسر وقالت بغضب :
- موضوع إيه اللي كبرته !!!! البيت دا أصلًا بيتي !!! و أقف زي ما أنا عايزة مين أنتِ عشان تحدديلي اعمل ايه ومعملش ايه ؟
وضعت "سديم" القدح و انفجرت ضاحكة و هي تميل بجسدها إلى الأمام أسفل نظرات الجدة الماكرة و "أميرة" المصدومة ، هدأت تدريجيًا وقالت و هي ترفع الفِنْجَانُ إلى شفتيها بروية :
- بصراحة ياأميرة أنا مش فاهماكِ ، بس ياريت لو بتقعدي كتير مع نورهان تاخدي بالك ، أصلك بصراحة بتدخلي المواضيع في بعض و متسرعة أوي بتردي أي رد يجي في عقلك و دا غلط خالص ، كل دا عشان قولتلك أن وشي أجمل من ضهري ، هاتيلي كلمة واحدة زيادة عن المعلومة دي خرجت مني ، خلاص متزعليش نفسك ضهري هو اللي أجمل من وشي ، ارجعي اتفرجي عليا من ورا تاني !
ضحكت الجدة بقوة تلك المرة و كادت "سديم" ترفع الفِنْجَانُ مرة أخرى لكنها عقدت حاجبيها حين تسللت إلى أنفها رائحته الرجولية و اعتدلت تبحث عنه بعينيها لتجده يقف يضع يديه داخل جيبي بنطاله و ينظر إليهن بهدوء ثم دلف إلى الداخل حين وجد الجدة تُشير إليه بيدها ومستمرة بضحكاتها تقول من بينها :
- تعالى ياآسر ، قهوة سديم طلعت جميلة أوي !
رفع حاجبه مرددًا بدهشة و هو ينظر إلى القدح وهو يميل و يُقبل يدها :
- أنتِ رجعتي تشربي قهوة امتى ؟
ابتسمت له و أشارت بعينيها إلى "سديم" قائلة :
- سديم قهوتها حلوة زيها ! لو كنت جيت بدري شوية كنت دوقتها !
رسم ابتسامه صغيرة و قال وهو ينظر إليها :
- معلش هعوضها متقلقيش ، إحنا مستعجلين دلوقت ولازم نمشي !
عقدت "سديم" حاجبيها و تركت قدحها تنظر إليه بدهشة و لكنها صمتت حين سألت الجدة بدهشة :
- هتروحوا فين بدري كدا !
اجايها بهدوء و هو يتابع مغادرة زوجة عمه الغاضبة :
- هنروح الشركة مش عمي عاصم قال كدا من امبارح ؟ و هي هتتدرب معايا يبقا نروح بدري احسن بدل ما أخد من وقت شغلي !
ثم نظر إليها يقول بتساؤل :
- مش يلا ولا مستنية سليم وأروح أنا !
رفعت حاجبها الأيسر و قالت و هي تغادر المكان :
- استنى هروح اجيب حاجتي !
انتظر مغادرتها و نظر إلى قدحها ثم إلى الجدة و سألها :
-القهوة عجبتك ؟
ابتسمت بمكر و لم تتحدث لكنها رفعت القدح ترتشف منه بروية و عينيها تنظر إليه بصمت تام !!!
ظلت تعبث بهاتفها طوال الطريق و تضحك بين حين و آخر ثم وجدها تبدأ تسجيل صوتي داخل التطبيق الشهير "واتساب" وتقول :
- لا التاني أحلى عليكِ و كفاية بقاا عشان تلحقي المدرسة أنا لازم اقفل دلوقت و متنسيش تحذفي الشات ياروحي !
عبثت قليلًا بالهاتف ثم وضعته فوق فخذها و نظرت من النافذة صامتة وكأنها فقدت النطق معه هو فقط ! ، عقد حاجبيه من تجاهلها له بتلك الطريقة هل تلك الساخرة التي كانت تكيل الكلمات إلى زوجة عمه منذ قليل ؟!
فاجئها حين سأل بغضب طفيف :
- هو أنا مش نبهت عليكِ في موضوع أميرة ؟ ممكن افهم احتكيتي بيها ليه من شوية ؟
كانت تنوي تجاهل حديثه لكنها قررت استفزازه بطريقة أفضل حيث أصبحت تعلم نقاط غضبه جيدًا و قالت ببرود :
- أميرة ! اه قصدك الحرباية دي ؟
ضحكت ثم أكملت ببرود :
- متخلنيش أغير نظرتي فيك طيب هي غبية و عرفنا أنت بقا زيها !
عقد حاجبيه و قال بغضب واضح :
- افندم !!!!
هزت كتفيها بلامبالاة و أجابت ببرود :
- اه أصل أنت بتقول احتكيتي بيها وأنا كل اللي عملته قولت معلومة عن نفسي إيه اللي مش مفهوم في كدا !
أوقف السيارة و هدر بغضب :
- أنا مبحبش الطريقة دي في الكلام اتكلمي عدل ياااسديم !
رفعت حاجبها الأيسر و قالت ببرود :
- و أنت شايفني بتكلم من رجلي ولا إيه ما أنا بتكلم زيك أهو !
اشتعلت فتيل غضبه بالفعل و ضرب طرف مقعدها بقبضته يقول بإنفعال :
- أنا حقيقي بندم على أي لحظة بنزل فيها لمستوى نصاابة زيك و بتكلم معاهاااا ، هستنى إيه من واحدة شغلتها من وهي في اللفة النصب و اللعب بالناس !
قبض على رسغها بقوة مبالغ بها و اعتصره وهو يهدر بغضب مُكملًا :
- إياكِ وعيلتي ياسديم ، و لو لمحتك بتتعرض لأي واحد منهم تاني أنا اللي هتصدرلك ، اوعي تفكري أن اللي حصل مع أميرة امبارح دا عشان سواد عيونك ، اللي حصل دا كان عشان سيلا ، اللي أنتِ واخدة فلوس عشان تمثلي دورها لكن أنتِ نكرة ! متفرقيش مع حد و حتى مع خالك اللي عارف إنك عايشة في بيت كله شباب و مين عارف عملتي إيه قبل مااعرفك ألعن من كدا !
نظراتها الجليدية الباردة بمنظوره الخاص ماهي إلا اعتياد و أن الإهانة كانت خير الحلول لوقاحتها معه ، لكنها اشعلته حين ابتسمت ببرود و قالت بنبرة معتدلة :
- لو هو وحش عشان سابني اقعد في بيت كله شباب و أنا وحشة أوي عشان قبلت دا فتوصف نفسك بايه و أنت اللي طالب مني دا ؟
ثم رفعت جانب فمها بسخرية و أكملت :
- ياملاك الرحمة !
فتحت باب السيارة في لحظة غفلة منه وهبطت منها تصفعه بقوة ثم قالت و هي بالخارج :
- أنا أنضف و أعلى إني اركب مع واحد منافق بوشين زيك !
نظر إلى أثرها بصمت لحظات ثم جز على أسنانه بقوة و قد أدرك سخافة حديثه لأول مرة معها ! هبط من السيارة و ركض خلفها بسرعة وهو يصرخ باسمها و هي تتعمد تجاهله و حين شعرت أنه يقترب منها وقفت محلها و اعتدلت تصرخ به لأول مرة بغضب كبير وشموخ :
- متمشيششش ورايااااا و روح اخبط راسك أنت واللي اتفق معاك على القرف دا في أكبر حيط !!!!!
هز رأسه بالإيجاب و هو يعتذر حين وجدها بأوج غضبها و اشتعالها منه قائلًا بندم :
- أنا آسف مكنش ينفع أقول كدا !
صرخت به و هي تدفعه بقوة بعيدًا عنها ليرتد جسده إلى الخلف من الغفلة و استمع إليها تهدر :
- امشييي من وشييي عشان متشوفش وش هيكرهك في كل البنات طول عمرك يامعقد أنت !!!
ثم سارت بخطوات أشبه بالركض و تقول بصوت مرتفع :
- الإتفاق ملغي بيناا و آآ
صمتت حين استمعت إلى صوت تصادم شديد الإرتفاع يليه صرخة قوية من شفتيه و استدارت تنظر خلفها بأعين متسعة و رعب واضح ووجدته قد سقط أرضًا و سيارته التي على بعد أميال قليلة محطمة حيث اصطدمت بها سيارة نقل محملة بالبضائع و قد عادت السيارة إلى الخلف إثر الدفع و اصطدمت بجسده بقوة بالغة وهو يميل بجزعه العلوي يلتقط مفتاحه الذي سقط منه ليسقط أرضًا يصرخ بألم و رفع يده إلى كتفه !
اتسعت عينيها حين و جدت السيارات ليست مستقرة ومن الممكن أن يتفاقم الأمر و تهبط البضائع فوق الطريق خالي من حولها و الأمر يزداد سوء أسرعت إليه و هبطت بجانبه تقول بخوف :
- حاول تقوم معاياا بسرعة نبعد عن هنا شوية !!
عقد حاجبيه حين وجدها لم تنظر رد منه بل بدأت ترفع يده بهدوء عن كتفه و تلف ذراعه حول عنقها و ذراعها الأيمن يحيط خصره و يدها تسنده من الأمام تجاه صدره ليعاونها بالوقوف و يسير معها ضامًا شفتيه بقوة كاتمًا صرخات الألم و حين ابتعدت به مسافة كبيرة عاونته بالجلوس أرضًا و بدأت تبحث عن هاتفها داخل حقيبتها الصغيرة لكن دون جدوى لقد سقط منها أثناء هبوطها من السيارة !!!!!!
الطريق فارغ و هاتفها غير متواجد و هاتفه بالتأكيد داخل السيارة و هو أمامها يكاد يعض الأرض من الألم وسائق الشاحنة غير موجود !!!!!!