رواية شط بحر الهوي الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سوما العربي
فى غرفه قديمه الطراز ذات أثاث عتيق و على فراش من خشب الزان الأحمر عليه حشو من القطن يسمى ب ( مرتبه )
+
و مرأة زينه تقريباً لا تحوى عليها شئ ، بجوارها مشجب معلق عليه جلابيب رجاليه من ألوان قاتمه.
+
و ستاره من الشيفون الابيض معلقه على نافذه قريبه من الشارع .
+
رمش بأهدابه عدت مرات و هو يشعر بتخدر نسبى فى مناطق متفرقه من أوصاله .. يشعر أنه لا يستطيع التحرك ... كما لو كان مقيد.
+
فتح عيناه بتشوش يرى اين هو .. فذاك المكان غير مألوف بالنسبة له .
+
لتتسع عيناه من فوره و هو يتذكر أحداث الساعات المارقه.
+
يدرك أنه الآن فى بيت غنوة... زوجته ...
+
فقد قدم ليتزوجها اليوم... سابه نابيه خرجت من بين أسنانه و شفتيه و هو يفكر هل نام بليلة عرسه.
+
يردد بصوت مسموع عليه أثر النوم : نمت يوم فرحك يا أسد.
+
بحركه لا إراديه هم بضرب مقدمة جبهته لكن صدم بكونه مقيد بشئ ما.
+
اتسعت عيناه بإستغراب شديد و ذهول و ارتفع بنصف جسده يحاول أن يرى ماذا هناك.
+
لتزداد دهشته و هو يجد يداه و قدماه مقيدتان فى اساور من حديد موصله بأغلال مربوطه فى طرف الفراش.
+
حاول أن يتحرك كى يخلص نفسه و هو على مشارف الجنان يسأل ما الأمر و ما هذا العبث و اين غنوة و من قيده هكذا... صدره يؤلمه و عقله يعمل فى كل الاتجاهات فهل من يحاول قتله هو من قيده هكذا و أخذ غنوة كى ينتقم منه ... هل أدركوا أن قتله غير كافى فقررو أن يقتلوه ببطء.. إيذاء غنوة لهو أشد أثراً عليه من قتله.
+
عند هذه النقطة هاج فى مكانه و أصبح كمصارع روماني يتصارع مع اغلال.
+
إلى أن شعر بريحها الهادئ الذي يعرفه عن ظهر قلب قادم من خلفه ينبئ بقدومها.
+
لكنه لم يهدأ و يثبت فى مكانه إلا بعدما رأها هى كلها.. أمامه سليمه لم يصبها سوء .
+
هنا هدأ قليلا و قال : ايه يا حبيبتى التكتيفه دى
+
صمت و قد شرد عقله جهة الشمال المحببه و المقربه لفكره و تكونت على زوايا فمه إبتسامة عابثه يرافقها غمزه من إحدى عينيه ثم ردد : مش تقولى إن ليكى ف الجو ده يا بنت اللذينا أنتى.
2
لكن بالمقابل كانت ملامح وجهها ثابته جامده ، و بنفس الجمود و الثبات نطقت بوضوح : نفسك في ايه قبل ما تموت.
+
ضحك و قال : اوووه لا و واثق من نفسك... شرس شرس يعنى..قشطه أنا بحب كده.
3
يبدو أنه للان لم يستوعب للأسف.. و ظل ينظر لها بجوع و رغبه يردد : إيه بقا... هتفضلى بعيد كده مش هتقربى أو فكينى حتى.... ده أنا هموت عليكى من أول يوم شوفتك فيه... فاكره.
ابتسمت بسخرية و قالت : إزاى أنسى يوم زى ده.
+
حمى الدم بعروقه و قال لها بتهور و مجون : بت.. فكينى بقا انا مش قادر بجد.. نفسى احضنك حتى و أحس بيكى.
+
ظلت بمكانها ثابته ... شعر بوجود خطب ما و شئ غير صحيح خصوصاً بجمود ملامحها هذه.
+
فقال : إيه يا غنوة فى ايه... تعالى فكى البتاع ده... لسه قدامنا ليله طويله و محضرلك مفاجأت كتير .
+
لكنها مازالت ثابته بعد.
+
فهتف هارون : غنوة.. يالا بجد... كفايه هزار.
+
غنوة : لسه فاكره هزار يا أبن الصواف ؟
+
نبرة صوتها كانت مغايره... توشى بالكثير.. كأنها تتحدث بجديه .
+
هارون : هو فى ايه.. و بعدين... أنتى أصلا ازاى عرفتى تعملى كده و أنا ما حستش.. اصلا ازاى نمت؟
+
اتسعت عيناه و قد صعقه ما اهتدى له و هى زادته تأكيد بعدما أخذت تهز رأسها مردده : خدرتك.
+
استلقى على الفراش يتسطح بظهره و قد الجمته صدمة الإستيعاب و قال : إيه.. طب ليه.. عملتى كده ليه ؟ أنا مش فاهم و مش قادر استوعب.
+
عاطفه جامحه تحكمت بها للحظه لكنها وئدتها سريعاً وبللت شفتيها ثم قالت : مش قادر تستوعب إيه بالظبط ها.. قولى كده و أنا أجاوبك.
+
هارون : غنوة.. انتى بتتكلمى بجد كده ليه.. ده زى ما تكونى قاصده فعلاً كل حاجه بتعمليها .. ليه كده بجد... انتى المفروض إنك بتحبينى.
+
عادت لتبتسم نفس الابتسامه التى يراها لثانى مره فقط منذ عرفها ثم قالت : و انت ؟ بتحبنى ؟
+
لم يتخذ حتى وقت للتفكير و أخذ يردد بكل جوارحه : أوى.. بحبك اووى يا غنوة.
+
ضحكت بسخرية و ألم ثم قالت : صح.. بدليل إنك كنت عايز تتجوزنى عرفى و لا بدليل إنك كنت بتقول عليا لصاحبك انى أخرى ليله .
+
أتسعت عيناه بصدمه.. مين أين عرفت كل ذلك.. فقد قاله بالفعل لماجد.
+
انتبه لها و هى تكمل : و أنى لو عصلجت هترميلى مليون جنيه و أن ده تمامى عندك و كتير عليا كمان مش هتدفع فيا أكتر من كده... و لا لما قولت له أنى بمثل عليك دور الشريفه العفيفه.
+
بهت وجه هارون لما تسرده على مسامعه و ابتلع رمقه بصعوبه يحاول أن يشرح لها : حبيبتي.. ادينى فرصة أشرح لك انا...
+
قاطعته هى بغضب تقول له : تشرحلى؟! تشرحلى إيه بالظبط... فاكر لما قولت له إنك هتجبنى يعنى هتجبنى... و عارف إزاى توقعنى كمان... و هتخلينى زى اللعبه فى إيدك.
+
ابتعدت خطوه تشير بيديها مردده بتحقير : بس الحقيقة إنك من أول الحكايه و انت إلى لعبه فى أيدى... أنا بطلة الحكايه كلها و انت مجرد شخص فى حكاية غنوة.. حكايتى أنا ... لوحدى أنا إلى بدأتها و كتبتها و إنت يا غلبان فاكر نفسك بطلها.
+