رواية شط بحر الهوي الفصل الواحد والثلاثون 31 بقلم سوما العربي
جلست على ارضية الغرفة الباردة تضم قدميها بين ذراعيه تستند بذقنها على ركبتيها المضمومه لصدرها تحتضن نفسها و هى تبكى .
+
تبكى نفسها و تبكى وحدتها و يتمها.. لأول مرة تشعر بكم هى ضعيفة و لا وزن لها و لا قوه.
أنها لا تزن ريشه حقا... ما كانت به لم يكن سوى قوه مزعومة، قشره خارجيه فقط.
+
هى وحيده وضعيفه لا أحد لها و لا أحد معها.
+
شردت متذكره كل تصرفات ماجد من محاوطته لها و تدليلها و إلحاحه عليها بحبه .
+
دلاله و تحمله كل تقلباتها و أفعالها قربه بعض الشيء منها.. حتى أنها أصبحت تعشق مناكفاتهما معا و رفضها الصريح الذى يقابله بالتقبل و راحبة الصدر .
+
خوفه عليها و كذلك غيرته كل هذه الأشياء كادت أن تتحول الى شئ جميل.. شئ جيد قد يجمع بينه و بينها.
+
لكنه و بعدما فعل لن أصبحت تكرهه أكثر من أى شخص على الأرض.
+
بما فعل أنساها كل الحلو و ذكرها فقط بالبشع.. حتى انساها عمر و ما فعل ، لا تفكر فى خديعته حتى مطلقاً.
+
ماجد جعلها تنسى الدلال و الصبر و التحمل و تضحياته التى يزعمها .
+
أطرقت برأسها أرضاً و قد أظلمت عيناها و كل شيء يعاد على ذاكرتها كأنه شريط فيديو متسلسل.
+
فأى تضحيات و هو قد عاش بالعيشه التى تستحق مع العائله التى كان من المفترض أن تكن لها هى.
+
نام بفراشها الدافئ بينما هى تغو بجوار جثث الموتى ليلا ... درس فى احسن المدارس بينما هى كانت تذهب لما لا يمكنها تلقيبه حتى بالكتاب . .. حتى أنها لم تستطع أخذ أى درس خصوصي فلم تكن تملك تكلفتها.
+
ليالى من الجوع و البرد القارس و الحرمان و هو ببيت الذهبى يحيا مكانها.
+
و عندما ظهرت قام بتكذيبها و تزوير اوراق تثبت عكس الحقيقة كى يظل محتفظا بوضعه و تلقى هى بالشارع... يقول إنه يعشقها و سيتزوجها.
+
كيف... ف بعد تلك الصوره التى رأتها اليوم منه تكاد تجزم انه يريدها عشيقه لا أكثر.
ف بأى منطق كان سيفاتح عائلته برغبته فى الزواج من الفتاه التى ثبت أنها جاءت للنصب عليهم؟!
+
أيقنت آلان انه اتخذ العشق وسيله كى يزيحها من طريقه و لم يستسلم بسهولة إلا بعدما اثبتت بالدليل القاطع أنها ابنة محمود.
+
ليأتى بعدها و يخبرها أنه يريد الزواج منها ، كيف هااا؟! كيف؟!
+
إنه نفس المنطق... فكيف سيتقدم ليطلب يدها من الاسره التى ستكتشف انه ظل طوال خمسه و ثلاثين عاما يخدعها .. بل و ظل معهم ببيتهم يعشق ابنتهم يحضنها و يتقرب منها تحت اعينهم و هم غافلين على أساس أنها شقيقته؟!
+
رفعت عيناها تنظر أمامها ... كل شيء خدعه.. خدعه كبيره عاشت بها بل و كادت أن تصدقها.
+
لا تعلم ما هى نواياه او مسعاه.. ربما أراد الاحتفاظ بباقى أموال الذهبى لو تزوجها و ربما أراد خديعتها مجددا.
+
لا تستطيع تحديد أعراضه بدقه لكن ما تستطيع الجزم به حد اليقين أنه خدعها .
+
بل و الأكثر انه اتهمها بشرفها و لم يؤمن بها او ببرائتها و لو لثانيه واحده.
+
أدمعت عنياها أخيراً بعد تماسك طال لفتره لتبدأ بعدها بالنحيب و البكاء الهستيرى تعود لها تلك الحاله التى تملكتها حينما دلفت لبيت الذهبى أول مره.
+
فتقف من مكانها تتحرك بغوغائيه تحاول فتح الباب فتجده محكم الغلق من الخارج.
+
لتزداد هستيريا بكاءها و تبدأ في قذف أى شىء تطاله يدها و هى تصرخ بغضب و عجز شديد.
+
__________سوما العربي______________
+
و أخيراً وصلت غنوة إلى حيها العتيق ، تترجل من سياره الاجرى رفقة أشجان التى تساندها بيد و تحمل حقيب ملابسها باليد الأخرى.
+
ليتقدم منها لفيف من الاهالى رجال و نساء يطمئنوا عليها من بينهم حسن... حسن الذى جلس على باب بيته كالإسد الرابط ينتظر خروج جنيته من الداخل.
+
فمنذ ذلك اليوم و هو لم يرى وجهها ، توقفت عن مهاتفته بعدما كانت هى من تلح فى الاتصال به.
+
هى تقريباً اختفت تماماً.. هذا ما طلبه منها و بادر هو بفعله .
+
قالها لها بمنتهى القسوه و الجفاء ، طلب منها أن تبتعد و تنسى تلك القصه قاطعا أى سبيل للحديث او حتى احتمالية عودة المياه لمجاريها.
1
لفظها بكل قسوه و عنف و هو الآن غاضب..غاضب لأنها فعلت و امتثلت لما أمر و باشر هو و طلب.
+
و كأنها... و كأنها بالفعل كانت ستفعل ذلك مع مرور الوقت.. كأن ما فعلته سهل هين عليها و بضغطة زر نست كل شيء.
+
كأن حديث والدته صحيح و ها هى تنسى بسهوله... لو كل هذا صحيح فهو مازال يريد رؤيتها.
+
يريد رؤيتها ليسألها و يتعلم منها كيف يفعل ، كيف ينساها كما استطاعت هى.
+
جلس داخل البيت بحضور أشجان بوجه أحمر غاضب بشده أمام غنوة التى ترمقه بنظرات صامته متيبسه.
+
و أول ما نطقت به قالت: أد ايه انت بجح.
+
اتسعت عيناه بغضب فرفعت صوتها عليه أكثر رغم ألم جرحها تقول: ده انت تستحق الشنق فى ميدان عام ، عايز تدبح الى قدامك و تتقمص انه عيط.
+
وقفت من مكانها تضغط على جرحها الغائر بيدها لكنها فى حالة من الغل و الغيظ جعلتها تستجمع كل قواها و تهم كى تهجم عليه ، لتتقدم أشجان فى محاولة منها لمنعها تذكرها بجرحها.
+
و هو وقف بأعين متسعه غاضبه لا يتقبل الإهانه و قال بصوت عالى و هياج : كنتى عايزانى أعمل إيه ، عايزانى افضل لما ابقى نسخه تانيه من ابوكى.
+
عند ذكره لتلك السيره المحرمه كأنه قد خطى الحدود الحمراء.
+
فزادت هياج و عصبيه هى الأخرى تردد: أنت اتجننت .. بتجيب سيرة ابويا على لسانك.. أنت تيجى إيه فى أبويا.
+
رد عليها بغضب هو الآخر: لأ مانا جيت خلاص و بقيت مكانه بس انا قدرت الحق نفسى قبل ما أبقى نسخه تانيه منه .
توقفت عن حدتها و تحركاتها هنا و هنا تقف امامه متيبسه كأنها فقدت قدرتها او رغبتها في الحديث .
+
بينما هو يردد: إلى انتى عمرك ما كنتى بتحكيه أنا عرفته.. طول عمرى و أنا بسأل انتى ليه مش بتروحى لأمك وليه مافيش بينك و بينها اى إتصال وليه اول ما ظهرت لك أخت من ناحيتها كانت دى حالتك ، عرفت الحقيقه و عرفت امك و عرفت أنها هوائيه و لعبيه و عرفت قصتها مع ابوكى و أكيد بنتها طالعه زيها و أهو كل الى كنت شاكك فيه و خايف منه حصل ، الهانم أول ما قولت لها امشى مشيت... قدرت تمشى.. عملتها و مشيت... مشيت و سابتنى.
+
وقف يلهس أمام نظرات غنوة التى ترمقه بتشفى و هو يردد بصوت مختنق لاهث: عرفت تمشى و تنسانى ... طب و هى بتعمل كده كانت تعملنى ازاى أنساها أنا كمان.
2
ابتسمت غنوة برضا و هى تراه هكذا و قالت ببساطة: إيه يا سى حسن؟ مش ده كان اتفاقكوا.
+
اخذ يهز رأسه يمينا و يساراً برفض شديد و هو يردد: لأ ماتفقناش على كده.. ماتفقناش توحشنى و ماعرفش أشوفها.
+
التفت غنوة تعود للأريكه التى خلفها و جلست عليها متأوه بألم بينما تحدثت أشجان التى تراقب كل ما يحدث بصمت : غلطان يا حسن و غلطك كبير ، كنت فكراك عندك نظر و ليك نظره فى الى قدامك ، صوابع إيدك مش زى بعضها يا ابنى و البت دى مش كده و أنا أشهد.. سمعت كلام أمك و قولت البت لأمها ؟! غلطان يا حسن ما عندك غنوة أهى مش زى أمها خالص.. انا عارفه أمهم و طول عمرى من أول ما شوفتها لا أطيقها و لا اطيق سيرتها بس من نظرتى لنغم بقولك لأ هى مش زيها ابدا.
+
رفع حسن عيناه لأشجان ثم لغنوة التى رمقته بمقت و نفور ثم قالت بإزدراء : قوم روح لأمك قوم.
+
ظل بمكانه ينظر لها بأعين متسعه من إهانتها الساخره المبطنه لتكمل مردده و هى تشيح بيدها على الخارج: قوم يا حبيبي روح لأمك لا تستعوقك.. أنا مش فضيالك.
+
رفعت عيناها للسماء بقلب متعب تردد: يا ترى انتى فين دلوقتي يا نغم.
+
عاودت النظر له تقول: بقولك أخفى من قدامى ده انت ما عندكش دم ، البت ماتعرفش حد غيرنا هنا ياترى راحت فين بس.
+
أشجان : لا تكون سافرت تانى.
+
اغضمت غنوة عيناها بألم ، هل صحيح غادرت و تركتها بعدما اعتادت وجود شقيقه من دمها بحياتها؟
+
إن صدمت فى حسن فما ذنبها هى؟
بينما حسن وقف منتصبا فى مكانه يردد: مش هسيبها... هى مفكره نفسها ايه و مفكره قلوب الناس ايه لعبه فى أيدها.. أقسم بالله ما سايبها أنا مش شويه فى البلد.
6
إستدار ينوى المغادره لكنه التف بغضب يناظر غنوة مرددا: قسما بعزة جلال الله لاعمل الى صالح ماعرفش يعمله، مش أنا الى واحده تدخل حياتى تقلبها و تمشى كده عادى .. هجيبها و هقصقص جناحتها لو فكرت تطير ، هى مفكره الدنيا سايبه.
+
غادر سريعاً بخطوات مبعثره متخبطه ، لا يعرف اين يذهب ولا من اين يبدأ كى يصل لها
+
و غنوة تشيعه بنظرات ممتعضه غير راضيه ، كل ما تفكر به هو اين ذهبت نغم الآن.
+
_________ سوما العربي_________
+
كان يقف مقابل صديقه ينظر له بنفاذ صبر يتوقع ما أكتشفه الآن و يريده من أجله ، مستعد لمواجهة غضبه فلو طال الزمن او قصر بالتأكيد كان سيعرف كل ما فعله ، و هو لديه الكثير و الكثير من المبررات التي يعتقدها كافيه كى يصمت هارون.
+
لكن الأهم ألان هو العوده سريعاً لعند حبيبته المظلومة ، مرعوب من فكرة أنه ظلمها و أهانها يعملها علم اليقين و يخشى رد فعلها... يعلم فيروز لن تمرر ما حدث.
+
لم يكن رعب من رد فعلها وحسب ، بل قلبه ملتاع يؤلمه و هو يتذكر ما وضعها به من إتهام مهين ، ظلمها و لم يؤازرها أو يظهر ولو حتى كذباً ثقته الا متناهيه بها ، بل كان الشك هو أقرب شئ لقلبه .
+
يعصر عيناه بغضب و هو يتذكر كيف سحلها أرضاً يجرها على السلم رافضا حتى إستخدام المعصد بل تعمد سحقها و جرها خلفه حتى تمزقت ثيابها و انخدش جسدها .
+
للأن يتردى صوتها فى أذنه و هى تتعوده صارخه بأنها لن تنسى له ما فعل و سيندم أشد الندم.
+
أجفل على لكمه عنيفه سددت له من قبضة يد هارون.
+
اطبق جفناه بغضب يحاول تمالك عصابه و تحمل نوبة غضب صديقه فهى مبرره جدا و هو يعلم .
+
صك أسنانه يحاول كظم غيظه و غضبه يضع يده على وجنته مكان لكمة هارون ثم تحدث بصوت غاضب: قولتلك سيبنى امشى دلوقتي انا عملت مصيبه و لازم الحقها و بعدين نبقى نتحاسب.
+
لكن ما قاله هكذا ببساطة لم يفعل بهارون شئ سوى أن من غيظه و غضبه ليهجم عليه بلكمه اخرى على الناحيه الثانيه من وجنته.
+
اخذ ماجد يلهث بشده يحاول التماسك فقد بدأ غضبه يتفاقم و بدأ الجميع فى المكان يتجمهرون بينهما ، و أمام لكمات هارون الشديده رفع ماجد قبضه يده يسدد له لكمه هو الآخر مرددا: أهدى يا بنى ادم و اسمعنى الناس بتتفرج علينا.
1
رد له هارون الضربه يردد :خليهم يتلموا و يتفرجوا عليا و أنا بضرب صاحبى ، إلى كنت فاكره صاحبى ، ضهره فى ضهرى طلع هو بيعمل اييه.
+
وجه ماجد رغماً عنه لكمه لهارون و هو يردد: قولت هفهمك أنا عملت كده ليه؟ ماتكبرش الموضوع و بلاش نخسر بعض
+
زادت أعين هارون قتامه و هو يردد بهياج: نعم.. ما اكبرش الموضوع؟!
+
قبض على ملابسه و سحبه يمسح به سطح البار حتى ارتد على اثره فى نهايته و ارتمى أرضاً ليقع عند أقدام بعض زبائن الكازينو.
+
تقدم منه هارون يقبض على ملابسه بمهانه يوقفه رغماً عنه و ماجد يردد بأنف ينزف دما : أسمع يا غبى و افهم كان لازم اعمل كده عشان ده كان شرط مختار عشان الصفقة الى كلمتك عليها و انت طنشت.
+
زاد غيظ هارون و مال عليه يبرحه ضربا و هو يردد : بعت صاحبك يا واطى ، قالك أخلص منه وانت نفذت، و بتتكلم ببرود عادى و لا كأنك عملت حاجه .
+
كان يردد كل كلمه بكلمه و هو يزاد وحشيه يردد: بتحاول تقتلنى... تقتلنى انا ؟
+
اتسعت أعين ماجد ينفض يده عنه بغضب و يجابهه بلكمه قويه و هو يصرخ فيه بجنون : قتل إيه الى بتتكلم عنه ، أنت جرى لمخك حاجه.
+
ضربه هارون فى معدته بعدما سدد له ضربه من قدمه مال على أثرها جسد ماجد لاسفل متألما و بعدها باغته بلكمه جعلته يترنح أرضاً .
+
و صرخ هارون : كفايه بقا كدب و خيانه و بجاحه ، أنا ازاى عمرى ما شكيت فيك ، كل مره كان بيحصلى حاجه كنت بتبقى انت الوحيد اللي معايا فيها ، بلف أسلمك ضهرى و أنا مطمن لك، و عارف إنك حامى ضهرى ، لييييه ؟؟ عملت كده ليه؟
+
كان ماجد يتلقى ضرباته و قد توقف عن رد ضربات هارون ، هل يتهمه هارون بأنه هو من يحاول إغتياله من فتره؟!
+
فصرخ به : ايه الى بتقولوا ده ، أنا ماعملتش كده و لا عمرى افكر أعملها.. كل الى عملته هو أنى أخدت شوية شغل مهم منك و وقعت الصفقه الاخيره عشان مختار و أنا عارف إن مش ده اللي يهدك يعنى ولا يوقعك.. لكن قتل إيه الى أنت بتتكلم عنه ، أنت اتجننت أكيد.
+
تحدث هارون بغيظ : كفايه بقا بطل تمثيل كفايه.. كفايه.. كفايه أوى لحد كده.
1
توقف عن ضربه ينظر له بنفور و تقزز يردد: مش عارف اصدق أنك عملت كده ، بس فعلا كان لازم ابقى متوقع كده من واحد مالوش أصل زيك.
+
أتسعت أعين ماجد و توقف به الزمن عند جملة صديقه الاخيره بعدما عايره بأصله .
+
وقف ماجد من على ارضيه المكان و الكل من حولهما يتابع .
+
ظل كل منهما يتنفس بسرعه من شدة الغضب فقال ماجد : بتعايرنى بأصلى يا هارون ، يا ابن الأصول و الحسب و النسب.
هارون : و ندمان على سنين عمرى إلى كنت فيها مصاحب واحد زيك.
+
ماجد بجمود : عندم دليل واحد على تهمتك ليا؟
صرخ به هارون: كل حاجه دليل لوحدها مافيش مره اتعرضت فيها لمحاولة قتل إلا وكنت معايا و فى الاخر طلعت متتفق مع مختار ، أنا مش هرحمك ، هعيشك جهنم على الأرض ، هعرفك أنك غلط غلطت عمرى لما فكرت تلعب معايا.
+
رفع هاتفه كى يأمر رجاله بالدخول لتقييده و أخذه لكنه تفاجئ بوصول الشرطه بعدما ابلغ صاحب المكان عن نشوب عراك بالداخل.
+
لتأتى الشرطه كى تفض الأمر خصوصا بعدما علموا بمكانة هارون و ماجد .
+
لكن تفاجئ كل منهما و هما يجدان الشرطه تلقى القبض على ماجد يخبره أنه متورط في قضية مقتل مختار.
+
خرج من المكان و عقله يضج بالفكر ، ما علاقته بموت مختار و لما يتهمه هارون أنه وراء محاولات قتله.
+