اخر الروايات

رواية وله في ظلامها حياة الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم دينا احمد

رواية وله في ظلامها حياة الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم دينا احمد



الفصل الثامن والعشرون
≈ طغيان ≈

ابتلعت نورهان ريقها في وجل و رعب عندما ارغمها على الالتفات إليه لتنظر محاولة رسم ابتسامة على شفتيها ولكنها فشلت وظلت شفتيها ترتجف من شدة الخوف المتملك بها من نظراته المرعبة تطلق من خلالها سهام حارقة سوف تصيبها لتمزقها إلى فتات

أبتسم مراد ابتسامته السوداء المتوعدة ليخرج صوته كفحيح الأفعى:
- أمشي قدامي يالا مش عايز أسمع حسك.

- مـ ـراد.. متفهمش غلـ ـط والله....

لم تكمل حديثها عندما باغتها بصفعة ألمت فكها للغاية ثم صرخ في وجهها وهو يقتلع شعرها بيداه متجه للداخل:
- جاية تتضحكي عليا.. مفكراني نايم على ودني ولا حتة عيل تقدري تلعبي بيه الكورة.. انا هوريكي يا بنت الـ**** إزاي تاخدوها مني لو لقيت حد لمس منها شعرة واحدة هخلي صراخك أنتي أول وحدة يسمع قبور الموتى فكرك هصدق حتة وسخة زيك على الأقل هي أشرف من مليون واحدة من أمثالك وصنفك الـ***.

- انا معملتش حاجة اسمعـ...

- اخرسي.
قاطعها مرةً ثانية بصفعة أشد عن ذي قبل حتى انسابت الدماء من جانب شفتاها لتبكي بعنف محاولة مواكبة خطواته السريعة ويداه لا تزال تجذب شعرها قائلاً بهدوء مُخيف:
- خسارة! لعبتي معايا لعبة انتي مش قدها.. مممم تفتكري اعمل فيكي ايه؟
الصراحة أنا عندي افكار كتير تليق بوسخة زيك اختاري بقي.. بس الأول قبل ما أبدأ نلعب احنا كمان لعبة صغيرة.

ألقي جسدها أرضاً لتزحف إلى الوراء تنظر إليه بجزع لينحني على ركبتيه لمستواها ثم آخذ الهاتف منها بقوة ليفتحه...
أطلق ضحكة ساخرة وهو ينظر إلى اسم علي المدون في لائحة آخر الإتصالات فأمسكها من فكها بقسوة ضاغطاً على كل حرف يخرج منه:
- اتصلي على الكلب ده وقوليله أنك آخدتي اللي انتي عايزاه واياكى تحاولي توضحي حاجة.

أومأت له وقد انفجرت بالبكاء قائلة بتوسل:
- أبوس أيدك متعملش فيا حاجة هعمل كل اللي تطلبه حتي لو اشتغلت خدامة عندك طول عمري... والله أنا وافقت عشان أسافر برا البلد وابدأ اشتغل شغلانة نضيفة... آسفة، آسفة سامحني أرجوك.

- ردي عليه وبطلي الزن بتاعك ده.. قال شغلانة نضيفة!! هو صنفك ده يعرف يعني ايه شغلانة نضيفة يا بت.. كلميه يالا.

- حاضر.. حاضر

وضع الهاتف على أذنها بعد أن فعل مكبر الصوت حتي يتسمع إلى ما سيقوله

= ايه يا نورهان عملتي ايه؟

- علي!
قالتها بصوت مبحوح ولكن نظرات مراد المحذرة لم ترأف بها ليتأتيها صوت علي المتوتر

= مال صوتك؟! اوعي مراد يكون عرف حاجة!

- لأ لأ انا بس كنت نايمة.

= جرا ايه يا روح امك انتي جاية عشان تنامي ولا ايه عملتي ايه يا بت؟

- هقولك... مممم أصل لقيت الفلاشة ومش.. مش عارفه أتصرف إزاي.

= كدا عال أوي.. تعرفي يا نونا ليكي حلاوة عندي كبيرة بس نخلص من شريف الأول وبعدها نطير على باريس.. لقتيها فين بقي؟

هز مراد رأسه دليلاً على عدم الإفصاح عن الآمر لتبتلع تلك الغصة المتوقفة في حلقها قائلة بارتباك:
- يا علي بسرعة شوف عايز تاخدها إزاي مراد ممكن يجي في أي لحظة وساعتها كل حاجة هتنكشف.

= بقولك ايه اقفلي دلوقتي شريف الزفت داخل عليا وانا مش عايزه يعرف بأي حاجة هكلمك تاني.

- يا علي بـ...
أغلق المكالمة غير عابئاً لأحاديثها لتنظر نورهان إلى مراد بقلة حيلة وفاضت الدموع من عيناها تتوسله بصمت

سحق أسنانه بغضب وتبدلت الرؤية أمامه ليري نورا ببراءتها، بُكائها الذي يُعذب قلبه، أهذا الوقت المناسب ليتذكرها ويتذكر ابتسامتها العذبة؟ نظراتها، رائحتها، تفاصيلها، دفئ ذراعيها وهي تحتويه أثناء نومهم!! فقط الشئ الوحيد الذي من الممكن أن يشفع لتلك العاهرة هو ذلك التشابه الغريب بينهم! كأنهم توأمين!! عاجزاً على أن يُكمل ما بدأه فهو أراد النيل لحبيبته ولكن ذكرياتها معه تقف أمامه كالمرصاد تنهره عما يفعل

زفر ما برئتيه وقد أصبح في أوج غضبه من نفسه أولاً ثم منها ثم خرج من الغرفة صافعاً الباب بعنف ليحكم إغلاقه بالمفتاح

صرخ منادياً بجميع الخدم بعد أن هبط إلي الأسفل ليجتمعوا جميعاً في غضون ثوانٍ يتهامسون بخوف من مظهر مراد المرعب ليهز صوته الرعدي أرجاء المكان قائلاً:
- الكلبة اللي فوق دي لو عرفت أنها عتبت برا الاوضة او حد اداها اكل ولا شرب كلكم هتتعاقبوا... مفهوووم؟

هز الجميع رأسهم برضوخ و إذعان يقولون بصوت واحد:
- مفهوم يا بيه!!

خرج من المكان كالاعصار ولم ينسي أن يضع الحرس ويكثفهم في كل مكان ثم أخرج هاتفه يتأكد من العنوان من خلال ذلك الخاتم و أجرى مكالمة هاتفية قائلاً بلهفة:
- أمجد أنا محتاجك.

عقد أمجد حاجبيه في تعجب قائلاً بهدوء
= فهمني في إيه؟

سرد له مراد ما حدث وأخبره بتفاصيل وعنوان المكان ليقول أمجد بجدية
= كويس أنك أتصلت قبل اي حاجة ... أنا جايلك حالاً.

وصد عيناه شاعراً بوخزة في قلبه
أبتسم متهكماً فهو يعلم بأنها مختطفة منذ أول ثانية رأي بها تلك العاهرة، الرسالة التي وصلت إليه دليلاً على ابتعاد صاحبة الخاتم أدرك أن شكه يقين..
أشعل محرك سيارته قاصداً مكان معين

**************

- مش راضية تمضي على الورق أعمل معاها ايه؟!
صاح شريف بنفاذ صبر يجوب الغرفة ذهاباً وإياباً ليبتسم علي بسخرية قائلاً:
- معلش.. بس العيب مش عليها أنت برضوا مدلعها شويتين... حطها تحت التهديد مثلاً... أنا عارفها كويس تخاف من خيالها.

- لا طبعاً مرضاش ألمس منها شعرة أو اتسبب بأذية ليها، كفاية أني ضربتها بالقلم.
هز شريف رأسه بعدم رضاء لحديث علي ليهمهم له علي يلوي شفتاه بسخرية من ذلك الابلة الجالس معه ولكنه استرعى اهتمامه قائلاً بغموض:
- بس ممكن استخدم خطة تانية.

تحدث علي عاقداً ما بين حاجباه:
- خطة ايه يا ترا؟!

حرك شريف سبابته و إبهامه على شفتيه بتفكير ثم ليزيد علي من عقدة حاجباه في عدم فهم مغمغمًا باستفسار:
- فهمني بتخطط لأيه؟

أجابه شريف بإقتضاب:
- أحطها تحت التهديد زي ما بتقول بس يكون تهديد تصدقه بسرعة... مثلاً أقتل مراد.

- تقتله ايه بس أنت مش فاهم حاجـة.

- لا فاهم مفهمش ليه يعني؟ أنا مش مشكلتي اقتله أو لأ.. هي اللي مشكلتي.. لو عملت فيه حاجة ممكن تكرهني.. افهمني يا علي أنا بحبها وأكره أي حاجة تزعلها أو تأذيها.. بس لو وصل الآمر إنها تختاره وتفضله عني اقتله طبعاً.. بص أنت مش هتفهمني لأني مش فاهم نفسي ولا فاهم أنا بقول ايه.. انا كل اللي كنت عايزه هي عايزاها بكل ما فيها مش معقول حبي ليها رخيص للدرجادي.. طب تعرف حاجة؟ المناقصة متهمنيش ممكن أكسبه واخليه ياخدها بس يسيب نور.. فكرت كتير في نورهان قولت لنفسي ليه مخلهاش نسخة نورا بس برضوا بينهم فرق.. نورهان مجرد عاهرة ممكن تخدعني أو تخوني بس نورا، نورا نقية مميزة حبيتها لأسباب كتير هي محستش بيا أو بحبي لأنها اعتبرتني خازن أسرارها، صاحبها، أخوها!! اعتبرني غيران من مراد.. غيران عشان حبها ليه كتير عليه اتخيلت نفسي مكانه!

مسح شريف تلك الدمعة التي سقطت بغتةً ليكمل بآلم:
- أنا مش وحش.. أنا بس قلبي اتعلق بيها زيادة عن اللزوم.. ممـ ممكن عشان لمست ثقتها فيا.. لما كانت بتحكيلي اللي بيحصل معاها أو تشكي على قد ما كنت ببقي غيران و مضايق من كلامها الكتير عنه بس الفرحة اللي بحسها وهي بتحكي و واثقة فيا عن الكل شعورها جميل... أنسي أني قولتلك الكلام ده.. انا هتصرف في الباقي.

تسائل علي وهو يمثل تأثر ملامحه ببراعة:
- أنت كويس؟ على فكرة عادي لو قعدت وقولت اللي أنت عايزه اعتبرني صاحبك وقول كل اللي في قلبك.

ابتلع شريف ريقه يشعر بقهر شديد داخل أعماق قلبه يتمني لو يزيل حبها ويمضي قدماً في حياته مؤكداً أنه سيتخطى آلامه
نهض مغادراً الغرفة دون التفوه بكلمة أخرى ليذهب نحو شرفته يصارع بكل ما أوتي من قوة حتي لا تتساقط دموعه ويُفضح أمره.....!

************

تنفست بعمق مستمتعة بالهواء المنعش مغمضة عيناها غير عابئة بخصلات شعرها التي تطايرت بفعل تلك الرياح ولا عابئة بذلك الجالس بجانبها ينظر لها كالمراهق لتتحدث بحماس:
- بجد الهوا هنا جميل جداً.. بقالي سنين مجتش آخر مرة لما كنا مع بعض.. بس فكرة حلوة لما نحيي الذكرى قدام النيل
مط شفتيه في تذمر وحرج وقد ازاد صمته أكثر من اللازم لتهتف أسما باستنكار:
- قولت عايز تكلمني في موضوع مهم.. بقالنا اكتر من نص ساعة قاعدين من غير كلام
شهاب لو في حاجة أنت مخبيها عليا أرجوك قولها.

أومأ لها برأسه في حركة ضغيفة ثم تنهد مطولاً ليقول بنبرة جادة:
- أنا آسف.

هتفت أسما محركة رأسها بعشوائية:
- أنت بتتآسف على ايه؟ مش فهماك الصراحة!

رغم أن الحروف تتصارع للخروج من جوفه ولكن توتره سيطر عليه ليقول بتعثلم:
- مـ مش عارف.. أبدأ منيـن.

أبتسمت له ابتسامتها المرحة قائلة:
- لا والنبي قول اللي عايز تقوله.. طنط فاتن متصلة من شوية وبتقول آدم مبهدل الدنيا هناك عايز تشيز كيك..!

تنحنح وهو يستعيد رباطة جأشه مغمغماً بتهكم:
- طبعاً انتي عارفة انى كنت خاطب قبل كدا..
أسمها جميلة وهي فعلاً جميلة أنا حبيتها وحبيت تفاصيلها مش بس لأنها تعتبر بنت صاحب أبويا بس اول ما شوفتها خطفتني كدا !
اتقدمت ليها واكتشفت أنها بتبادلني نفس الشعور
وافقت على فكرة خطوبتنا وبدأت أنا وهي نخطط لحياتنا بعد الجواز وموعد جوازنا كان قرب خلاص
فجأة جت في يوم كنت قاعد مع اخوها في البيت بنحدد خلاص ميعاد الفرح اتصدمت من شكلها وفستانها اللي اتقطع ودم عذريتها اللي لطخ فستانها.. لما جاسر أخوها قرب منها يسألها عن اللي حصل فضلت تصرخ وتعيط لحد ما اغمى عليها
انا فضلت قاعد وجسمي اتشل من الصدمة، الدكتور كشف عليها وقال إنها حالة اغتصاب ودخلت صدمة عصبية.. اتمسكت بفكرة حبي ليها وقولت هعوضعها عن اللي حصل وانتقم من اللي عمل فيها كدا
انتحرت!! انتحرت بطريقة بشعة مستنتش لما أقعد معها وافهمها انى هفضل معاها....
مقدرتش اتحمل فكرة موتها وسبت البلد كلها ومشيت.. اتصل عليا جاسر وكان ساعتها بيعيط بيقول اللي عمل فيها كدا كان حازم رآفت النجدي!

أنفرج فاهها بصدمة مما قاله لتهتف بعدم تصديق:
- حازم!! حازم ايه؟ أنت اكيد متقصدش أخويا صح؟

- لأ اقصد اخوكي يا أسما
متفكريش أنه ملاك.. دا اكبر شيطان شوفته في حياتي وانا كنت هبقي زيه عارفة ليه؟
عشان أول ما عرفت أنه اخوكي قولت انتقم منه فيكي!
أيوا فيكي.. يعني كنت عايز اعمل اللي عمله في جميلة
جبت معلومات عنك
عرفت عنك كل حاجة.. متجوزة مين، بتحبي ايه، بتكرهي ايه.. بس الحمد لله كان عندي شوية ضمير لسه صاحيين.. كنت هأذيكي أذي كبير اوي انا نفسي مش مصدق اني فكرت فيكي كدا.. فضلت الغربة وحبيت استقر هناك بس لما رجعت وكنتي أول حاجة أشوفها صحيتي مشاعر كتير جوايا..

ازدرد ريقه وهو يمسك يدها قائلاً بصدق:
- أسما انا بحبك.

سحبت يدها من يده بخواء قائلة بارتعاش:
- يا بجاحتك يخي.. أقولك على حاجة.. سافر عشان عمرى ما هقبل بـ حُبك.. انا اللي آسفة انى سمعت لواحد زيك.

ارتفعت يدها صافعة إياه ثم توجهت نحو سيارتها لتنطلق بها بينما ظل هو على حاله واضعاً يده على موضع الصفعة بأعين متسعة...!

***************

نزعت نورا ذلك الخاتم تتطلع إليه بحسرة لا تعلم لما لا تستمر سعادتها؟ لا يمر الوضع مرور الكرام يجب أن يحدث ما يعكر صفو مزاجهم!
أبتسمت ابتسامة صغيرة تنم عن السخرية.. غرفة مختطفة بها.. وما هو المختلف في المرات السابقة؟! لا شئ... حتي أنها اعتادت على الحبس في أبشع الغرف..
ليست خائفة لما ستخاف وهي تعلم بأن مصيرها الموت، سوف تنتظر كرم ربها حتى يزيل عنها البلاء..

ضمت ركبتيها إلى صدرها دافنة رأسها مغمضة عيناها في محاولة بائسة للنوم فهي مستيقظة منذ لقاءها مع شريف ولم يُغمض جفينها منذ ذلك الوقت..

- نوري.
فتحت عيناها بدهشة حتي صوته وهو يناديها لا يزال متعلق بأذنها...!
ارتجف جسدها بفزع عندما شعرت بلمسة على ذراعيها وكادت أن تصرخ حتى كمم فمها بيده مخترقاً طبلة أذنها بهمسه:
- هششش... أنا مراد هشيل أيدي ومتعليش صوتك.. تمام؟

أماءت له بالموافقة وهي لا تصدق بأنه معها!!
سحب يده ببطئ ثم طبع قبلة على أذنها قائلاً بخشونة:
- كل حاجة هتبقي تمام أنا جاي عشان آخدك.. قوليلي الأول حد لمسك أو عملك حاجة؟

أجابته سريعاً بصوت هامس باكي:
- لا والله العظيم محد لمسني... محدش قرب مني شريف بس اللي ضربني بالقلم وشد الطرحة..
شاف شعري يا مراد.

احتضنها بحنو قائلاً بوعيد:
- قسماً عظماً لأكون واخد حقك منهم كلهم يا حبيبتي.. انتي بس تهدى كدا ومتفكريش كتير يا قلب مراد.

تسائلت نورا بخوف و قلق:
- بس أنت دخلت هنا إزاي؟! ممكن يعملوا فيك حاجة انا خايفة عليك منه.

أجابها غامزاً بعبث حتي يخرجها مما هي فيه:
- حبيبة قلبي اللي خايفة عليا..

- يا مراد انا مبهزرش ممكن يقتـ...

قاطعها مراد قائلاً بتلقائية:
- أنا زارع واحد من رجالتي هنا وهو اللي أكد أنك موجودة في المكان ده وهو جاب المفتاح... المهم دلوقتي في رجالة هتقتحم المكان ومنهم واحد هو اللي هياخدك.. عايزك تروحي معاه بسرعة عشان يخرجك وميقدروش يعملوا فيكي حاجة وأنا هتصرف مع الأشكال العرة دى.

- طب ليه تفضل هنا؟؟
لأ مستحيل اسيبك هنا لوحدك... أنت مجنون دول يقتلوك أنا عارفهم كويس !!
قالتها نورا باندفاع ليبتسم بسعادة ثم هتف بحزم::
- نوري واثقة فيا وعارفة أن كلامى لمصلحتها مش كدا؟

هزت رأسها بعنف غير موافقة على فكرة وجوده في هذا المكان وحده قائلة:
- لمصلحتى انا بس أنت..!
أنت ممكن يحصلك حاجة وأنا ساعتها هموت فيها.. مقدرش أبعد عن حد بحبه وأنت خلاص بقيت دنيتي كلها... أنا شايفاك شعاع النور اللي دخل حياتي مينفعش ينطفى حياتي تبقي سودا.

- يعني أنتي بجد بتحبيني يا نوري؟

انسابت دموعها بغزارة قائلة بضعف:
- بحبك... كلمة بحبك دي قليلة عليك أنا محبتش ولا اتمنيت حد زيك.. وأنت حمار عشان مش حسيت بيا... وعيت على الدنيا وأنت معايا خطوة بخطوة أبويا وصاحبي وحبيبي و جوزي.

- طب ليه الغلط بقا؟ مش يمكن الحمار قصدي أنا عندي ليكي نفس المشاعر

- عشان أنت غبي مش فاهم انى بحبك طول الوقت ده.. اتجوزت ميس و ديما العقربة سايبني بحسرتي.

ابتسم ابتسامة متسعة تخصها وحدها وتخص اعترافها الذي طرق أبواب قلبه بعنف رافعاً راية عشقه لها مستحوذة عليه بكل جوارحه

أحاط عنقها بيده مقرباً إياها يرتوي من عبيرها بتلك القبلة الحارة المحمومة يبث عن اشتياقه وشغفه بها مندمجين سوياً غير مكترث أياً منهما بما حولهم..

شعر بانتفاضة في جسدها بين يده عندما اندفع الباب بقوة حتى أصدر صوتاً مرتفعاً بسبب ارتطامه بالحائط خلفه لتصدع ضحكة علي المزلزلة قائلاً من بين ضحكاته:
- واضح انى جيت في وقت مش مناسب.. بس أنا بحب دخولي يكون surprise زي نجوم هوليوود كدا.. حقيقي سعيد بالمواجهة دي مش عيب يا راجل اللي بتعمله حبكت هنا يعني؟!

شمر مراد عن ساعديه صائحاً بصوت هادر:
- أنت لو راجل بصحيح مش هتتخبي وتتحامى فيهم زي المرا... عايز تواجه واجه بنفسك يا علي مع أنى عارف أنها مهمة مستحيلة على حثالة.

اغتاظ علي وهو يجز على أسنانه بعنف ثم صاح لرجاله الكثيرين قائلاً من بين أسنانه:
- روقوه وخدوه هو وهي على المخزن.

أبتسم مراد ساخراً:
- وسخ وهتفضل طول عمرك وسخ.

اندفع نحوه الرجال يحاولون تسديد له الضربات أو تكبيله ولكنه امطرهم بوابل من الشتائم الوقحة يتفادى تلك الضربات بخفة وبراعة بل انهال عليهم بالضرب المبرح ليسقط الكثير منهم فاقدين الوعي تماماً ومنهم من فقدوا حياتهم.

اشتعل علي غضباً وغيظاً قائلاً بين نفسه:
- لسه جواه جبروت كأنه جبل محدش يقدر يهزه!!
هنشوف اخرتها معاك ايه.

اختل توازن مراد رغماً عنه محاولاً عدم الاستسلام وفقدان الوعي بسبب تلك العصا الخشبية الثقيلة التى آخذها في رأسه من الوراء لينظر لها نظرة أخيرة وهى تصرخ بإسمه قبل أن يغمض عيناه بآلم وقد ارتطم وجهه بالأرض متمتماً:
- نوري.

قهقه علي بجنون تام قائلاً بتشفي:
- الأسد ماله سكت كدا !! مش سامع صوتك يعني.

صرخ بأحد رجاله مشيراً إلى نورا:
- خدوها هى كمان.

وبحركة مباغتة منها قامت بركل الرجل من ساقيه بقوة كأنها تأخذ ثائرها من ذلك الضخم الذي تجرأ وضرب حبيبها ثم أطلقت سيل من الألفاظ الغير متناسبة مع شخصيتها وقد تحولت لفتاة أخرى..

هوى كف يده على وجهها بصفعة قاسية يصيح بغلاظة:
- ما تمشي بأدبك بدل ما اكسرلك عضمك...

- علي!!! بتعمل ايه يا حيوان؟
قالها شريف ممسكاً علي من ملابسه ثم رد له الصفعة بصفعة أشد قسوة:
- بقولك زعلان عشان ضربتها تقوم تضربها أنت كمان.. ايه مجنون عشان اسيبك تعمل هبلك ده.

اسودت عيني علي محترقاً بنيران غضبه وحقده ثم غمغم بهدوء وحزن مصتنع:
- بجد مش عارف عملت اللي عملته إزاي.. انا غلطت يا نورا سامحيني كانت أيدي تتقطع قبل ما أمدها عليكي.

رمقتهم نورا باحتقار رافعة يدها داعية:
- يارب كانت اتقطعت وخلصت... منك لله يا شريف أنت وعلي ربنا ياخدكم عشان أرتاح انتوا كتير عليا اوي.

التوي جانب فم شريف ليردف بمسالمة:
- ربنا يسامحك على فكرة الدعوة بترجع لصاحبها يا نورا.. أخاف عليكي يالا قولى أستغفر الله بسرعة.

كبح علي ضحكته فيبدو أن شريف يعانى من انفصام في شخصيته، تارة هادئ وتارة مجنون

ضرب شريف وجهها بخفة قائلاً بابتسامة:
- أمشي معانا ولا خلاص بقيتي مستبيعة ومش فارق معك حبيب القلب، تؤ تؤ تؤ مش معقولة يعني!
تعالى يا برعي اربط الهانم عشان هتشرفنا كمان شوية.

أقترب منها الحارس المسمي بـ برعي ثم أحكم ربط يداها خلف ظهرها بإحدى الاحبال

وبعد مرور بعض الوقت...
انتفض مراد فزعاً عندما سقط دلو مياه فوق رأسه بينما جلس علي و شريف أمامه ليبحث مراد عنها هنا وهناك بعيناه غير مهتم بوجود رؤوس الأفاعى ليجدها تناديه بضعفها مما جعله يهز تلك الأصفاد من حول يده وقدمه محاولاً إزالتها.. زفر بحرقه يتسائل بداخله لما تأخروا.. لو فقط انقض عليهم سيدق عنق كلاً منهما ولكن قوتهم فاقت تحمله ولا يعلم سبب تأخر رجاله الحمقى

أبتسم مراد قائلاً بسخرية لاذعة ضاغطاً على حروف كلماته:
- رجالة أوى في نفسكم وانتوا متحامين بشوية البقر اللي حواليكوا... بس تصدقوا لايقين على بعض تنفعوا couple هايل أنا حتي بيقولوا عني لماح في حكاية اختيار المناسبين لبعض.

زمجر شريف بغضب ثم توجه نحوه ليلكمه بعنف بتلك القبضة الحديدية صارخاً بجنون:
- ما تتهد بقي يا أبن الـ*** إيه محدش مالى عينيك..؟!
اديك شايف نفسك متقدرش تحمى نفسك أو تحميها.. انتوا تحت رحمتى يا ابن النجدي.

أتسعت ابتسامة مراد المستفزة ثم بصق الدماء بوجه شريف قائلاً بتهكم:
- من امتا وأنا تحت رحمة ستات!!
ما تفوقى يا شريفة واعرفي بتتكلمي مع مين.

جُن جنون شريف أكثر بسبب معاملة مراد له كالأنثي ليخرج مسدسه ثم رفعه صوب رأس مراد قائلاً بصوت مرتفع للغاية محذراً:
- نورا... لو مش مضيتي على ورق الطلاق قسماً بربي لأفجر دماغه قدامك... قدامك دقيقتين مش اكتر.

- متعمليش كدا يا نورا... لو قتلوني متعمليش كدا.
صاح مراد بحدة ليتلقي لكمة أخرى من شريف الذي صرخ في وجهه:
- ما تسكت يا جدع.. صدعت راسي انا بقول اقتلك من دلوقتي بدل القرف ده وتبقي أرملة أحسن من مطلقة.

جثت نورا على ركبتيها قائلة بتوسل:
- بالله عليك متعملش فيه حاجة.. انا همضي بس سيبه خليه يمشي... شريف لو لسه ليا خاطر عندك متأذيهوش هكرهك والله.

أمسك شريف شعره إلى الوراء ثم جذب معصمها كي تقف وفك قيود يدها قائلاً بحدة:
- مش عايز أسمع كلمة أكرهك... أنتي بتحبيني أنا وبس... امسكي الزفت الورق وامضي الكلب ده ميستهلش واحدة زيك.

- اثبت مكانك يا أمور يا حليوة منك ليه... يالا كل واحد زي الشاطر يحط مسدسه في الأرض حركة زيادة فيها موتة.
صاح أمجد بصوته الأجش وهو يحيط عنق علي بذراعه القوية موجهاً مسدسه هو الآخر صوب رأس علي
*************

عبست ملامح وجهها بحزن وهى تجلس على الأريكة نازعة حجابها بضيق ليجلس جاسر جانبها ثم أجبر ظهرها على الالتصاق بصدره وبدأت أنامله في مداعبة خصلات شعرها ليهمس بأذنها بصوته الرخيم:
- متزعليش نفسك هو أكيد مشغول زي ما بيقولوا... ابقي روحى قابليه مرة تانية.

- أنا مش بس زعلانة عشان مشفتوش.. أنا زعلانة لحاجات كتير ولما شفت ماما نفسيتي تعبت مبحبش أشوف حد يعيط قدامى.

تحدث جاسر بنبرة درامية مقلداً إياها:
- أنا آسفة يا ماما... متبعديش عني تانى أنا مسمحاكي.

همت بالنهوض وهى تتمتم ببعض الكلمات الحانقة من سخريته الدائمة منها سواءً بأفعالها أو أقوالها ولكنها شقهت بقوة عندما جذبها مسرعاً لتتوسد الأريكة بظهرها وما زاد دهشتها عندما اعتلاها مُكبلاً كلتا يداها بيده القوية هامساً بنفس النبرة ولكن هذه حملت بعضاً من الحدة:
- لما أبقي بكلمك متسبنيش.. عمرك ما تسبيني يا رحمة.

تعثلمت وظهر الخوف عليها وهى لا تدري كيف تفلت من قبضته تلك:
- جاسر... لو.. سمحت.. سيبني.. جاسر.. أوعى هيشوفونا.

أبتسم بخبث وقد أحب مرواغة إياها:
- ولو مبعدتش؟

أوشكت على البكاء من شدة ارتباكها و توترها لتهمس بغضب:
- يخربيتك أيدي اتشلت وهى متعلقة كدا !!
أبعد وكفاياك شغل العيال لو حد شافنا هيـ...

ابتلعت باقي جملتها وقد توسعت عسلياتها من تلك القبلات التى بدأ بتوزيعها على سائر وجهها حتى طرف شفتيها ليقول بصوته الأجش:
- مش عايزك تبعدي عني.. أنا محتاجك كل لحظة وثانية معايا... فهماني؟ أنا بحبك اكتر من أي حاجة يا نور عنيا.

انسدل جفينها قائلة بارتجافة:
- جـ جاسر... أبعد.

أكمل ما يفعله يهتف بلوعة وشغف:
- قوليلي أنك بتحبيني.

- آه.
أجابته بخفوت وخجل:
- قوليها.. عايز أسمعها منك.

ابتلعت لعابها بتوتر شديد ثم أردفت بخجل شديد حتى يبتعد عنها:
- بحبك.

التمعت عيناه بالفرح كما لم يحدث من قبل ليقول بعشق:
- وأنا بعشقك يا رحمة نزلت من السما ليا.

أطلق سراح يدها المتعلقة في الهواء ثم نهض ليحملها بغتةً متوجهاً نحو غرفته ليغرقها معه في بحور عشقه سارقاً لحظات من المتعة لا يعلمون ما ينتظرهم....!!

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close