رواية جوازة ابريل الجزء الثاني الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم نورهان محسن
قلبي وروحي في بحاركً سابحه
وشراع عيني في عيناك ِ ساريه
إني رسمتك في خيالي جناناً عاليه
فيها الطيور بكلِّ لحنٍ صادحه
و الشِّعرُ يروي من عيناك
سحر القوافي للفؤاد مصافحه
كلِّي عشقتك و قد ملكت الفؤاد والمُقل لم يبق منِّي في الجوارح جارحه
وإذا بليت من الأنام بحاسدٍ
أرقيك بالآيات بعد الفاتحه
كن واثقاً بالحبِّ دوماً
للحبِّ يابن النَّاس أيدٍ صالحه
حين القلوب من المحبة ترتوي
تمسي وتصبح للحبيب مسامحه
بالحبِّ تاجر في حياتك كلِّها
إنَّ التِّجارة بالمحبة رابحه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في توقيت الظهيرة
داخل مقر لأزياء العرائس
_اهلا اهلا يا باسم الاتيليه نور ..
قالتها سيدة في الأربعينيات من عمرها ، أنيقة المظهر، بترحيب بالغ ، وهي تنهض من خلف مكتبها لتصافح باسم الذي قال مبتسمًا بلطف : منور بيكي يا كاميليا مبروك علي التجديدات
_وانت كمان الف مبروك علي الخطوبة
أردفت مبتسمة بثناء : عروستك زي قمر ماشاء الله
ابريل بلطافة : ميرسي اوي .. كلك ذوق
تدخل باسم فى الحديث بهدوء ، مشيراً إلى المرأة وهو يضع يده في جيب بنطاله : اشتغلنا كتير مع بعض وهي من احسن تلاتة فاشن ديزاين ناجحين في مصر
ضحكت كاميليا بنعومة ، وهي تمسد علي شعرها قبل ان تقول بامتنان : ميرسي اوي يا باسم .. هو علي طول كدا مجامل بزيادة .. اتفضلو استريحو....
وبعد فترة قصيرة ، انخرطا في أحاديث جانبية قبل أن تستثني كاميليا نفسها منهما بلباقة ودودة : معلش مضطرة اقوم في معاد مع عميلة هخلصو ارجعلكم .. وعلي ماتشربو العصير يكون الكولكشن الجديد عندكم .. وطبعا مش محتاجة اقولكم المكان بتاعكم خدو راحتكم
وفور خروجها ، ارتشفت أبريل من كوب العصير الخاص بها ، وهي توزع نظراتها في المكتب بهدوء ، بينما كان باسم يحدق بها في صمت ، وهو يجلس على الأريكة الجلدية ، وهي في مقعد فردى ، فسمعته يسألها بصوته صوت هادئ : ايه مقعدك بعيد كدا؟ تعالي جنبي عشان نعرف نختار مع بعض..
أومأت ابريل له بالموافقة ، ونهضت من مقعدها ، لتتجه نحوه وحالما وقعت عينيها إلى المكان الصغير في نهاية الأريكة بجانب حافتها حيث يشير إليها ، تجعدت حاجبيها بعدم رضا ، وردت هازئة بخجل : والله ما تاخدني علي رجلك احسن
عبست معالم وجهه الوسيم ، قبل أن يمسك رسغها ، وسحبها نحوه ، في الوقت نفسه تحرك قليلا من مكانه ليهيئ لها مكانا جيدا لتجلس بجانبهد، معلقا على حديثها بوقاحته المعهودة ، وهو يحاوطها بذراعه : دعوة حلوة وجريئة منك بس انا عامل حساب لاحراجك يا ام لسان زي المبرد
بعد قليل
شدة التصقها به
_اخترتي ايه؟
قالها باسم بتساؤل ، فأجابت إبريل بإحباط ، وعيناها تفحصان التصاميم باهتمام : ولا واحد لافت نظري
أشارت الفتاة بيدها نحو المجلة ، مقترحة عليها بذوق : طيب شوفي دا يا انسة .. تصميمه هادي زي ما انتي حابة ومناسب لطولك
أومأت ابريل برأسها مجيبة عليها ، وهي تضم يديها الاثنتين معاً بتوتر : هو موديله شيك و حلو اوي بس مش حاباه
رجع باسم إلى الخلف ، ليتكئ بأريحية على ظهر الأريكة ، ويضع ساقًا فوق الأخرى ، وهو يقول للفتاة بكياسة : ياريت توريلها كولكشن غيره
_تمام يا فندم
التفت باسم نحوها برأسه ، وهو يسألها سؤال مباشر بصوت أجش : بصراحة كدا انتي مش حابة المكان ومش عايزة تنقي الفستان من هنا عشان عايزة نروح لأتيليه اختك؟
رفعت ابريل حاجبيها مستغربة من سؤاله الذي لم تفهم معناه الذى قصده ، إذ هزت رأسها سلبا ، وهي تجيبه بنبرة صادقة : لا خالص .. انا مش حابة اروح هناك
تنهدت ابريل بقوة ، وخاطبت نفسها سراً : بالعكس انت اديتني حجة تعفيني من اني اروح عندها مع انها عارفة الحاجة اللي بفضلها ومناسبة ليا .. بس كدا افضل للكل
_طيب ايه الذوق اللي يناسبك قولي عشان مانضيعش وقت الناس في الفاضي الالوان مش عجباكي..؟
_المشكلة مش في الالوان
تعجب باسم مما سمعه منها اكثر ، ليسألها باندهاش : اومال ايه فهميني بدل الحيرة دي؟!
دحرجت ابريل عينيها عنه بتوتر ، ليراقب هو شفتيها ترتجفان ، وهي تجيب بصوت منخفض متذمر لا يخلو من حرج : كلهم يا كتافهم عريانة .. يا اما بعد رقبة باين اوي
تفاجأت أبريل بصمته ، فنظرت إليه مرة أخرى ، لتجده يتأملها بنظرة غامضة لم تفهمها ، فسألته قائلة : بتبصلي كدا ليه؟
أجابها باسم متنهداً بعد برهة : كل شوية بتفاجئيني بحاجة مش متوقعها
رمشت ابريل بأهدابها عدة مرات قبل أن تقول بإستفسار : زي ايه؟
مط باسم شفتيه ، ثم رد بهدوء يكسو ملامحه : يعني معروف ان البنت في يوم خطوبتها او جوازها بتحب تلبس حاجة ملفتة وجريئة عشان تبان في اجمل صورة
رفعت ابريل ذقنها ، وسألته بخفوت حذر : افهم من كدا انت تقبل ان خطيبتك تقعد جنبك وهي لابسة فستان زي دا كدا؟
_في عريس يوم خطوبته ينفع يجي ناسي يلبس كرفتته؟!
رفعت ابريل كتفيها ، وأجابت ببساطة : لا!!!
نظر باسم إلى داخل فيروزيتيها التي تتلألأ بترقب ، منتظرة كلماته التالية ، ليهدر بثبات مزين بشيء من الحدة : لا ممكن ينفع في حالة واحدة لما اشنق كرامتي بالكرافته قبل ما اجي اخدك من بيت ابوكي بقصاقيص فستان زي اللي في الكتالوج دا
ارتفعت ضحكاتها برقة على تعبيره الساخر ، ثم ردت بحيرة وتهكم : قصاقيص!!! ولما انت معترض كدا كنت بتخليني اتفرج عليهم ليه افرض كان واحد فيهم عجبني وصممت اخده؟!
شقت الابتسامة ثغره ، وهو يدنو منها ، ويجيبها بنبرة واثقة : لو مش واثق انك هترفضي مكنتش خليتها توريهولك..
اهتزت حدقتاها من قربه الذي يخطف أنفاسها ، وشعرت بحرارة قوية تسرى فى جسدها من شدة إلتصاقه بها ، إلى جانب ثقته الغريبة في حديثه ، وعلى الفور أشاحت بوجهها عنه ، وسألت بارتباك ملحوظ : وانت جبت منين الثقة دي؟
أدار وجهها إليه بأطراف أصابعه ، وهو يهمس أمام شفتيها المرتجفتين غامزًا بمكر ممزوج بالغموض : ماقدرش اقولك علي مصادري
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال ذلك الوقت
فى مطعم علي ضفاف النيل
_تحبي تتغدي ايه؟!
أنهى خالد سؤاله باهتمام ، فرفعت كتفيها ببساطة وقالت بصوتها الهادئ : مش جاي علي بالي حاجة معينة اللي هتطلبه هاكل منه
أغلق خالد قائمة الطعام ، ووضعها على الطاولة ، قائلا بابتسامة : خدي وقتك في التفكير وقوليلي حابة ايه؟!
إلتوى فم لميس ببسمة غاية في الجاذبية والسحر تطابقت مع نبرة صوتها الناعمة بمجرد نطقها : قول علي طول انك عايز تعرف انا بحب ايه في الاكل
رفع حاجبيه في تعجب ، وهو يداعب شعره ببعض الإحراج قبل أن يتمتم بصوت رجولى حلو : باين عليا اوي لدرجة دي انا شفاف قدامك
نظرت لميس إليه عدة لحظات قبل أن تهمس بصدق : و دي اكتر حاجة مريحاني من ناحيتك يا خالد
أخفض عينيه الخضراوين مستمتعا بنبرة صوتها التي تنطق حروف اسمه بحنان طبع فى ذاكرته ، وجعله يزفر أنفاسه الساخنة من صدره المثقل بمشاعره القوية تجاهها ، ثم قال بنبرة دافئة مغايرة مع خشونة صوته : خالد حابب يعرف عنك كل حاجة .. من اصغر تفصيلة لأكبر تفصيلة فيكي واكون اقرب ليكي من كل الناس
بللت لميس شفتيها بخجل ، وتحدثت بخفوت رقيق : واحدة واحدة و هنعرف عن بعض كل اللي محتاجين نعرفه ماتستعجلش
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور فترة وجيزة
داخل حجرة صغيرة لقياس الملابس (بروفا)
تقف أبريل تتنفس بإضطراب ، وهي تتذكر بتوتر ما حدث معها هذا الصباح ، عندما أعلن هاتفها عن وصول رسالة نصية على موقع التواصل الاجتماعي.
فور أن قرأت كلماتها شعرت بنبضها يتسارع بعنف خلف قضبان ضلوعها : العقاب لسه في اوله يا ابريل .. كرامتي اللي دوستيها قصادها هيكون اغلي حاجة عزيزة عليكي يا باشمهندسة .. مستقبلك وطموحك اللي كنتي بترسمي و بتتعبي عشان تحققيه ودعيه عشان كل سنين تعليمك وشهادة التخرج بتاعتك اخرها هتتعلق في ركن علي حيطة اوضتك وبس .. نصيحة مني ايأسي ومابتدويش عشان مفيش ولا شركة هتعرفي تحطي رجلك فيها طول ما انا حطك في دماغي
هذه الكلمات السامة المفعمة بالحقد كانت مضمون رسالة مصطفى الشامت لتدرك من خلالها أنه السبب الحقيقي ، لعدم الرد من كل الشركات التي قدمت لها أوراقها.
نفضت ابريل تلك الأفكار من رأسها ، ثم شرعت في ارتداء الفستان ، وبعد عدة دقائق وقفت أمام المرآة الطويلة، تتأمل نفسها شاردة.
خرجت من دوامة الأفكار العاصفة فى عقلها على صوت فتح باب الغرفة الصغيرة من خلفها ، واتسعت عيناها ذهولاً عندما رأته في المرآة ، فالتفتت نحوه بإنصعاق.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في تلك الأثناء
عند خالد
_يارب ذوقي المتواضع يعجبك
أنهى خالد جملته بابتسامة جذابة ، وهو يقدم لها سوارًا ذهبيًا يأتي في منتصفه مشبك عريض على شكل حدوة حصان مرصع بأحجار الزركون الدائرية ، مع مشبك كلاسيكي متصل بطبقات متعددة من السلاسل الرفيعة. فأعجبت بإطلالته الأنيقة والمميزة ، مغمغمة فى إعجاب مذهول : جميل اوي يا خالد
سألها خالد بشك : يعني بجد عجبتك ولا بتجامليني؟
أومأت لميس بجفنيها مؤكدة له ، وهي تردد بلطافة : والله ذوقك رقيق بجد
خالد بحب : مفيش ارق منك .. لما شوفتها فكرتني باول مرة اتقابلنا فيها لما افتكرتيني دكتور وخلتيني اساعدك
تبسمت لميس بإحراج : ايوه ساعتها كنت متغاظة اوي من جدتي وطلعت عينك انت
خالد بنفى محب : ابدا .. دي كانت من احلي لحظات حياتي
شعرت لميس بالغيرة نوعاً ما ، لتتساءل بترقب : وايه هي احلي لحظة في حياتك؟
_اللحظة اللي هتبقي فيها مراتي يا لميس ..
أصيبت نبضات قلبها بالإرتباك من لمسة يده على كفها بحنان مع إجابته المباغتة لها ، لتسرى السعادة فى أوردتها ، وصعدت بنظراتها إليه ، لتجده يحدق بها بعمق ، فلم تتمكن من الرد من الحرج ، مما جعله يخرج عن صمته ويستأنف حديثه بعشق ممتزج بالجدية : انتي ماتعرفيش انتي غالية في عيني قد ايه .. بس انا عايز اكون صريح معاكي من البداية .. انا مابحبش اعتمد غير علي نفسي وشغلي انتي عارفاه كويس وعندي حتة ارض ورث من الحج ابويا الله يرحمه وارادها مكفيني والحمدلله .. يمكن مش هقدر اوعدك انك هتعيشي في نفس المستوي اللي اتعودتي عليه .. بس صدقيني هحاول بكل طاقتي اطور من نفسي عشان اخليكي مش نفسك في حاجة ابدا
ضيقت لميس عينيها ، وعلقت على حديثه بذات الجدية : خالد .. انا عمري مابصيت للحاجات دي ولا دورت عليها خالص كفاية انك تتقي ربنا فيا و تحبني ونكون مبسوطين مع بعض
ارتخت تعابير وجهه بارتياح ، وفور أن زفر أنفاسه قال بنبرة تقطر هياماً تزينت بخشونة : بحبك يا لميس .. انتي النجمة البعيدة اللي اتمنيت اخطفها من السماء واخلي مسكنها في قلبي وجوا عيوني واحافظ عليكي بدمي وروحي .. وصدقيني هحاول بكل طاقتي اطور من نفسي عشان اخليكي مش نفسك في حاجة ابدا
لميس بصوت خجول : ربنا يخليك ليا يا خالد
_و يخليكي ليا يا روح قلب خالد
أضاف خالد بنبرة غلب عليها الحماس : نيجي بقي في للاهم .. شوفي يا ست البنات شقتي جاهزة ومتشطبة بس اي حاجة حابة تغيريها علي ذوقك ابدأي فورا وماتاخديش رأيي حتي
اعترضت لميس برقة لا تخلو من الاندفاع : لا لازم تكون معايا في كل خطوة دا هيبقي بيتنا احنا الاتنين مع بعض
التوى فمه بابتسامة مفعمة بالحب قبل أن يرد بفرحة لم يخفيها : هو دا الكلام الحلو كان فين من بدري
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في هذا الوقت
عند ابريل
_نهارك اسود!!! انت ايه اللي مدخلك ه...!!!
اختنق صوتها المصدوم في حلقها ، وهو يضع يده بسرعة على فمها يكممه ، بينما يهمس بالقرب من أذنها في هسهسة منخفضة : ششش هتفضحينا
_هشيل ايدي واوعي تطلعي صوت!!
أنهى باسم كلامه بتحذير ، لتهز إبريل رأسها بإيماءات صغيرة ، فرفع يده ببطء من فوق فمها ، وهو يحس بملمس شفتيها الناعمة ضد يده الخشنة ، مما جعل جسده يحترق بمشاعر متضاربة ، وهو يبتلع لعابه ويأخذ خطوة إلى الوراء ، يتأمل ملياً فى تفاصيلها فهى لديها جمال طفولي محبب ، لكنها الآن تبدو مختلفة تمامًا عن ذي قبل حيث اعتاد على رؤيتها ترتدي البنطلونات والبلوزات ، لكن ذلك الفستان جعلها أكثر سحرًا وجمالًا ، بالإضافة إلى بشرتها البيضاء الكريمية ، وشعرها المموج الذي تركته منسدلًا على ظهرها بتمرد يليق بصاحبته ، فأضحت أنثى فاتنة للغاية.
اختطفته من أفكاره السابحة بها علي صوتها المصدوم بحدة : انت زودتها اوي افرض كنت لسه بغير؟
باسم بإنزعاج مستفز : مكبرة الدنيا اوي .. يعني كنت هشوف ايه يا شبر واقطع انتي؟
رفعت ابريل سبابتها محذرة إياه ، وهناك احمرار مغرى يكسو ملامحها الرقيقة ، وتلعثمت بحنق : احترم نفسك بليز وماتغلطش .. ها ممكن تفهمني ايه الكارثة الجديدة اللي مخلياك داخل عليا البروفا بالهمجية دا؟
مال باسم بجسده نحوها أكثر رافعا أحد حاجبيه ، وهو ينظر إليها بطريقة تدل على إعجابه بجاذبيتها المذهلة ، فتوافقت أفكاره مع كلماته الهامسة بنبرة دافئة خالية من العبث : و ليه بتحسبيها كارثة؟ ليه مايكونش شوقي هو اللي جابني علي هنا عشان اشوف جمالك في الفستان قبل اي مخلوق .. خصوصا انك ماكنتيش هتخرجي تفرجيني عليه
تململت ابريل بتوتر في وقفتها ، وهي تهدر بخفوت نافذ الصبر : انت هتبطل لف ودوران عليا ولا اااا
تلاشت الحروف من طرف لسانها ، حالما أن اتسعت ابتسامة جذابة على فمه ، وهو يرفع أطراف أصابعه ويداعب خصلات شعرها التي انسدلت على جانب وجهها برقة ، فترنحت نبضاتها بإحساس غريب ، وهو يعلق على كلامها بعتاب حانى : عيب انا خطيبك مايصحش تكلميني كدا
رددت بصوت مرتبك : ومايصحش نفضل في البروفا كدا يقولو علينا ايه..؟
ارتسمت على فمه ابتسامة غامضة ، مستطرداً بصوته الرجولي الهامس الوقح : هيقولو من لهفته علي حبيبته ماطقش يقعد لوحده برا من غيرها وهي ماصدقت تكون في حضنه و...
خرجت من شفتيها شهقة خجولة ، وسرعان ما ضغطت بكفها على فمه لتمنعه من إكمال عبارته الجريئة ، وقالت في دهشة تامة : بس اسكت بس .. انت معجون من مية ابلسة .. خد بالك انت قاعد تعمل حركات مستهبلة من الصبح وانا ساكتة
عقب بمرح ، فور أن خفضت يدها إلى جانبها ، مداعباً إياها بغمزة : السكوت علامة الرضا
تفوهت بإندفاع : دا علامة القرف
حدجها بحاجب مرفوع قبل أن يلتقف خصرها بين يديه ، ويقربها منه ، لترفرف برموشها عدة مرات متتالية ، وإعترتها حالة من الصدمة ومشوبة بالارتباك فور أن تغلغلت رائحة عنقه بعمق في حنايا روحها.
تلقائياً إرتكزت كفيها على صدره محاولةً دفعه ، فإرتعش جسده تحت لمساتها ، وهو يردد بتعبير عابس : قرف!! طيب تيجي نجرب واثبتلك قدام نفسك انك مش حاسة بقرف
جاهدت لإنتشال ذهنها الغائب ، متأثراً بسحر قربه المغناطيسي بصعوبة ، حالما التقطت أذنيها نبرة صوته الهامسة الخطيرة ، بالإضافة إلى نظراته الواثقة ، مما جعلها تهمس محذرة : باسم سيبني!!
وما إن فشلت في تحرير خصرها من أغلال قبضتيه ، حتى تطرقت إلى التحاور معه بطبيعتها المتمردة : طيب انت لو مانزلتش ايدك وبعدت عني هصوت وهلم عليك الاتليه كله..
تبددت الغيوم العبثية من صوته إلى أخرى معاتبة بتيه ، معمقاً النظر بفضيته الجذابة فى خيوط قزحيتها المتلألئة ، وكأنها صاحبة الوصاية على كيانه منذ قديم العهد : الحق عليكي انتي اللي بتستفزيني وساعتها بتهور ومابكونش مسؤل عن اللي بعمله
تزعزعت حصونها الثابتة على الأرض الهلامية بعبارة واحدة منه ، فتجنبت النظر إليه بمشاعر تتجانس مع نطقها المرتبك بحروف خرجت بجهد مضاعف ، مناشدة عقلانيته المفقودة : ماتسميهاش اني بتحداك .. انا بحذرك عشان عشان ماتتهورش وترجع تندم..
_واذا كان عجبني التحدي معاكي بيكون له طعم لذيذ وحلو؟
رفع وجهها بأطراف أصابعه ، وهو لا يعلم إذا كان هذا السؤال موجهاً لها أم له ، بهمسات ناعمة أرسلت في جسدها ذبذبات مربكة تغذيها شدة قربه منها.
خيم عليهم السكون لعدة لحظات ، لم يقطعه إلا قعقعة نبضاتهم ، تبادلا النظرات النافذة إلى الروح ، قاطعتها هى محاولة الحفاظ على رباطة جأشها في قولها التالي : انا بكلمك بكل هدوء اهو .. وبقولك ممكن تشيل ايدك من عليا .. دا مكنش ضمن اتفقنا
_مقاوحتك فيا مابتساعدنيش .. بتجننيني بزيادة يا بندقة
إحتبست أنفاسها في صدرها بمجرد أن أحست بحرارة أنفاسه على بشرتها ، مع همساته القريبة من أذنها ، فافترقت شفتاها في حركة عفوية ، كانت دعوة له منها دون أن تتعمد ذلك ، لكنه لم يآبه إلا إلى تتوقه المنجذب إلى نداء شفتيها المغويتين ، مما جعله يميل نحوها بشكل خطير ليجنى حبتي الكرز من شفتيها بقبلات رقيقة متتالية بتأنٍ ، ليشعر بها بتتجاوب معه بعد لحظات ، أثر إستهداف كيانها رجفة مثيرة ، جعلتها تكافح من أجل استحضار نقيضها فوراً ، لكنها لم تنجح مع خوضه عزفاً احترافياً على أوتارها العاصية ، ليحلق بها بفائض الشوق إلى أعالي السحاب وصولاً إلى عنان السماء ، لتشهد طيور السماء التي حلقت حولهما بغبطة على ثورة عشقية جمعت بينهما ذات غفلة من كلاهما.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور ثلاث أيام
_هو طبعا حاسس ان مجروحة كرامته بعد ماكسرتي غروره برفضك ليه عشان كدا حطك في دماغه وبقي بيطادرك وعمال يقفل عليكي في موضوع الشغل
قالت ريم هذه الكلمات خلال محادثتها الهاتفية مع أبريل بنبرة جادة ، تدل على تمكنها من فهم سيكولوجية النفس بحكم عملها كطبيبة نفسية ، لتتفق الأخرى مع رأيها بضيق : ايوه هو قالهالي هيندمني .. بس اللي قلقني مش كدا .. الخوف يعمل حاجة اكبر من كدا!!
أكدت ريم حديث أبريل ، قائلة بنبرة قلقة عليها : مش بعيد فعلا .. عشان كدا ضروري تقولي لباسم .. هو اللي في ايده يساعدك ويحل مشكلتك مع مصطفي
تغضن حاجبيها ، وهي تفكر في صحة كلامها ، لقد أخفت هذا الشيء عن باسم حتى لا يعرض عليها وظيفة في شركة والده ، لكن ماذا لو خرجت الأمور عن سيطرتها؟ فلم يعد من الممكن التنبؤ بتصرفات مصطفى ، تنهدت بخفة وقالت بصوت هادئ لا يخلو من اضطراب : ربنا يستر .. يلا انا داخلة عليه هقف...ل
تبخرت الكلمة الأخيرة على طرف لسانها تدريجيا ، حالما رأته يجلس في كافتيريا النادي الرياضي مع امرأة على الطاولة ، لذا قادتها خطواتها المتوازنة إلى حد ما نحوهم ، قائلة بسرعة : سلام
أنهت أبريل المكالمة الهاتفية ، تشعر بجمر الغضب يشتعل في أعماقها ، فهى طوال الطريق إلى هنا ، كان يملؤها الحرج والخجل الشديد من نفسها لأنها استسلمت معه باندفاع لعاصفته الهوجاء منذ أيام ، لكن هذا المتبجح يجلس الآن مع امرأة أخرى ، غير مهتم بموعده معها، همست بوعيد وغيظ لنفسها ، وهي تتجه نحوهم : هو انت ايه!! مابتضيعش وقتك ابدا يا وش القرد .. طيب انما وريتك
توقفت أبريل أمام الطاولة ، وأدارت رأسها إلى اليسار ، ونظرت إليه بحاجب مرفوع فى استفهام ، بينما وزع باسم نظراته بينها وبين المرأة الجالسة مقابله ، ثم تمتم بلهجة مشوبة بالقليل من التوتر : ابريل!!
_معلش شكلي جيت قطعت اللحظة عليكم
قالت أبريل ذلك باعتذار ساخر ، وعقدت ذراعيها تحت صدرها ، على الفور قام باسم من مكانه ، واتجه نحوها ووقف أمامها ، متسائلاً بمفاجأة وبصوت عالٍ : هو انتي فهمتي ايه .. وبعدين انتي رجعتي تشتغلي هنا تاني من امتي؟
طلب باسم بكياسة من المرأة : معلش ثواني
اتسعت عيناها الفيروزية لعدم فهمها الحقيقي لما يقوله ، ونظرت خلفها بريبة ، لكنها وجدت فجأة أنه إقترب منها للغاية ، وامسك كتفيها بكلتا يديه ، وعيناه الرماديتين أغدقتها بنظرات مليئة بالمشاعر الشغوفة ، هامسًا بنبرة خشنة جذابة أربكتها : وغلاوتك عندي كان قلبي حاسس بوجودك حواليا يا حبيبتي .. عارفة قد ايه حاولت اوصلك .. بس كالعادة كنتي بتهربي مني
ابتسم باسم بغطرسة وتلاعب ، وهو يرى احمرار وجهها القانى بسبب حبسها لأنفاسها من قربه منها ، وهى تفكر أنها كلما أرادت رد الصاغ اليه ، يفاجأها هو بتصرف لا يتوقعه عقلها ، وجدياً يصعب عليها فهم هذا الرجل العابث.
سألت بتوتر وذهول شديد يعبر عن إستنكارها لجملته الأخيرة ، بينما تبعد يديه عنها ، وتراجعت خطوة إلى الوراء : ااا .. انت ايه التخاريف اللي بتقولها دي...
وشراع عيني في عيناك ِ ساريه
إني رسمتك في خيالي جناناً عاليه
فيها الطيور بكلِّ لحنٍ صادحه
و الشِّعرُ يروي من عيناك
سحر القوافي للفؤاد مصافحه
كلِّي عشقتك و قد ملكت الفؤاد والمُقل لم يبق منِّي في الجوارح جارحه
وإذا بليت من الأنام بحاسدٍ
أرقيك بالآيات بعد الفاتحه
كن واثقاً بالحبِّ دوماً
للحبِّ يابن النَّاس أيدٍ صالحه
حين القلوب من المحبة ترتوي
تمسي وتصبح للحبيب مسامحه
بالحبِّ تاجر في حياتك كلِّها
إنَّ التِّجارة بالمحبة رابحه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في توقيت الظهيرة
داخل مقر لأزياء العرائس
_اهلا اهلا يا باسم الاتيليه نور ..
قالتها سيدة في الأربعينيات من عمرها ، أنيقة المظهر، بترحيب بالغ ، وهي تنهض من خلف مكتبها لتصافح باسم الذي قال مبتسمًا بلطف : منور بيكي يا كاميليا مبروك علي التجديدات
_وانت كمان الف مبروك علي الخطوبة
أردفت مبتسمة بثناء : عروستك زي قمر ماشاء الله
ابريل بلطافة : ميرسي اوي .. كلك ذوق
تدخل باسم فى الحديث بهدوء ، مشيراً إلى المرأة وهو يضع يده في جيب بنطاله : اشتغلنا كتير مع بعض وهي من احسن تلاتة فاشن ديزاين ناجحين في مصر
ضحكت كاميليا بنعومة ، وهي تمسد علي شعرها قبل ان تقول بامتنان : ميرسي اوي يا باسم .. هو علي طول كدا مجامل بزيادة .. اتفضلو استريحو....
وبعد فترة قصيرة ، انخرطا في أحاديث جانبية قبل أن تستثني كاميليا نفسها منهما بلباقة ودودة : معلش مضطرة اقوم في معاد مع عميلة هخلصو ارجعلكم .. وعلي ماتشربو العصير يكون الكولكشن الجديد عندكم .. وطبعا مش محتاجة اقولكم المكان بتاعكم خدو راحتكم
وفور خروجها ، ارتشفت أبريل من كوب العصير الخاص بها ، وهي توزع نظراتها في المكتب بهدوء ، بينما كان باسم يحدق بها في صمت ، وهو يجلس على الأريكة الجلدية ، وهي في مقعد فردى ، فسمعته يسألها بصوته صوت هادئ : ايه مقعدك بعيد كدا؟ تعالي جنبي عشان نعرف نختار مع بعض..
أومأت ابريل له بالموافقة ، ونهضت من مقعدها ، لتتجه نحوه وحالما وقعت عينيها إلى المكان الصغير في نهاية الأريكة بجانب حافتها حيث يشير إليها ، تجعدت حاجبيها بعدم رضا ، وردت هازئة بخجل : والله ما تاخدني علي رجلك احسن
عبست معالم وجهه الوسيم ، قبل أن يمسك رسغها ، وسحبها نحوه ، في الوقت نفسه تحرك قليلا من مكانه ليهيئ لها مكانا جيدا لتجلس بجانبهد، معلقا على حديثها بوقاحته المعهودة ، وهو يحاوطها بذراعه : دعوة حلوة وجريئة منك بس انا عامل حساب لاحراجك يا ام لسان زي المبرد
بعد قليل
شدة التصقها به
_اخترتي ايه؟
قالها باسم بتساؤل ، فأجابت إبريل بإحباط ، وعيناها تفحصان التصاميم باهتمام : ولا واحد لافت نظري
أشارت الفتاة بيدها نحو المجلة ، مقترحة عليها بذوق : طيب شوفي دا يا انسة .. تصميمه هادي زي ما انتي حابة ومناسب لطولك
أومأت ابريل برأسها مجيبة عليها ، وهي تضم يديها الاثنتين معاً بتوتر : هو موديله شيك و حلو اوي بس مش حاباه
رجع باسم إلى الخلف ، ليتكئ بأريحية على ظهر الأريكة ، ويضع ساقًا فوق الأخرى ، وهو يقول للفتاة بكياسة : ياريت توريلها كولكشن غيره
_تمام يا فندم
التفت باسم نحوها برأسه ، وهو يسألها سؤال مباشر بصوت أجش : بصراحة كدا انتي مش حابة المكان ومش عايزة تنقي الفستان من هنا عشان عايزة نروح لأتيليه اختك؟
رفعت ابريل حاجبيها مستغربة من سؤاله الذي لم تفهم معناه الذى قصده ، إذ هزت رأسها سلبا ، وهي تجيبه بنبرة صادقة : لا خالص .. انا مش حابة اروح هناك
تنهدت ابريل بقوة ، وخاطبت نفسها سراً : بالعكس انت اديتني حجة تعفيني من اني اروح عندها مع انها عارفة الحاجة اللي بفضلها ومناسبة ليا .. بس كدا افضل للكل
_طيب ايه الذوق اللي يناسبك قولي عشان مانضيعش وقت الناس في الفاضي الالوان مش عجباكي..؟
_المشكلة مش في الالوان
تعجب باسم مما سمعه منها اكثر ، ليسألها باندهاش : اومال ايه فهميني بدل الحيرة دي؟!
دحرجت ابريل عينيها عنه بتوتر ، ليراقب هو شفتيها ترتجفان ، وهي تجيب بصوت منخفض متذمر لا يخلو من حرج : كلهم يا كتافهم عريانة .. يا اما بعد رقبة باين اوي
تفاجأت أبريل بصمته ، فنظرت إليه مرة أخرى ، لتجده يتأملها بنظرة غامضة لم تفهمها ، فسألته قائلة : بتبصلي كدا ليه؟
أجابها باسم متنهداً بعد برهة : كل شوية بتفاجئيني بحاجة مش متوقعها
رمشت ابريل بأهدابها عدة مرات قبل أن تقول بإستفسار : زي ايه؟
مط باسم شفتيه ، ثم رد بهدوء يكسو ملامحه : يعني معروف ان البنت في يوم خطوبتها او جوازها بتحب تلبس حاجة ملفتة وجريئة عشان تبان في اجمل صورة
رفعت ابريل ذقنها ، وسألته بخفوت حذر : افهم من كدا انت تقبل ان خطيبتك تقعد جنبك وهي لابسة فستان زي دا كدا؟
_في عريس يوم خطوبته ينفع يجي ناسي يلبس كرفتته؟!
رفعت ابريل كتفيها ، وأجابت ببساطة : لا!!!
نظر باسم إلى داخل فيروزيتيها التي تتلألأ بترقب ، منتظرة كلماته التالية ، ليهدر بثبات مزين بشيء من الحدة : لا ممكن ينفع في حالة واحدة لما اشنق كرامتي بالكرافته قبل ما اجي اخدك من بيت ابوكي بقصاقيص فستان زي اللي في الكتالوج دا
ارتفعت ضحكاتها برقة على تعبيره الساخر ، ثم ردت بحيرة وتهكم : قصاقيص!!! ولما انت معترض كدا كنت بتخليني اتفرج عليهم ليه افرض كان واحد فيهم عجبني وصممت اخده؟!
شقت الابتسامة ثغره ، وهو يدنو منها ، ويجيبها بنبرة واثقة : لو مش واثق انك هترفضي مكنتش خليتها توريهولك..
اهتزت حدقتاها من قربه الذي يخطف أنفاسها ، وشعرت بحرارة قوية تسرى فى جسدها من شدة إلتصاقه بها ، إلى جانب ثقته الغريبة في حديثه ، وعلى الفور أشاحت بوجهها عنه ، وسألت بارتباك ملحوظ : وانت جبت منين الثقة دي؟
أدار وجهها إليه بأطراف أصابعه ، وهو يهمس أمام شفتيها المرتجفتين غامزًا بمكر ممزوج بالغموض : ماقدرش اقولك علي مصادري
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال ذلك الوقت
فى مطعم علي ضفاف النيل
_تحبي تتغدي ايه؟!
أنهى خالد سؤاله باهتمام ، فرفعت كتفيها ببساطة وقالت بصوتها الهادئ : مش جاي علي بالي حاجة معينة اللي هتطلبه هاكل منه
أغلق خالد قائمة الطعام ، ووضعها على الطاولة ، قائلا بابتسامة : خدي وقتك في التفكير وقوليلي حابة ايه؟!
إلتوى فم لميس ببسمة غاية في الجاذبية والسحر تطابقت مع نبرة صوتها الناعمة بمجرد نطقها : قول علي طول انك عايز تعرف انا بحب ايه في الاكل
رفع حاجبيه في تعجب ، وهو يداعب شعره ببعض الإحراج قبل أن يتمتم بصوت رجولى حلو : باين عليا اوي لدرجة دي انا شفاف قدامك
نظرت لميس إليه عدة لحظات قبل أن تهمس بصدق : و دي اكتر حاجة مريحاني من ناحيتك يا خالد
أخفض عينيه الخضراوين مستمتعا بنبرة صوتها التي تنطق حروف اسمه بحنان طبع فى ذاكرته ، وجعله يزفر أنفاسه الساخنة من صدره المثقل بمشاعره القوية تجاهها ، ثم قال بنبرة دافئة مغايرة مع خشونة صوته : خالد حابب يعرف عنك كل حاجة .. من اصغر تفصيلة لأكبر تفصيلة فيكي واكون اقرب ليكي من كل الناس
بللت لميس شفتيها بخجل ، وتحدثت بخفوت رقيق : واحدة واحدة و هنعرف عن بعض كل اللي محتاجين نعرفه ماتستعجلش
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور فترة وجيزة
داخل حجرة صغيرة لقياس الملابس (بروفا)
تقف أبريل تتنفس بإضطراب ، وهي تتذكر بتوتر ما حدث معها هذا الصباح ، عندما أعلن هاتفها عن وصول رسالة نصية على موقع التواصل الاجتماعي.
فور أن قرأت كلماتها شعرت بنبضها يتسارع بعنف خلف قضبان ضلوعها : العقاب لسه في اوله يا ابريل .. كرامتي اللي دوستيها قصادها هيكون اغلي حاجة عزيزة عليكي يا باشمهندسة .. مستقبلك وطموحك اللي كنتي بترسمي و بتتعبي عشان تحققيه ودعيه عشان كل سنين تعليمك وشهادة التخرج بتاعتك اخرها هتتعلق في ركن علي حيطة اوضتك وبس .. نصيحة مني ايأسي ومابتدويش عشان مفيش ولا شركة هتعرفي تحطي رجلك فيها طول ما انا حطك في دماغي
هذه الكلمات السامة المفعمة بالحقد كانت مضمون رسالة مصطفى الشامت لتدرك من خلالها أنه السبب الحقيقي ، لعدم الرد من كل الشركات التي قدمت لها أوراقها.
نفضت ابريل تلك الأفكار من رأسها ، ثم شرعت في ارتداء الفستان ، وبعد عدة دقائق وقفت أمام المرآة الطويلة، تتأمل نفسها شاردة.
خرجت من دوامة الأفكار العاصفة فى عقلها على صوت فتح باب الغرفة الصغيرة من خلفها ، واتسعت عيناها ذهولاً عندما رأته في المرآة ، فالتفتت نحوه بإنصعاق.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في تلك الأثناء
عند خالد
_يارب ذوقي المتواضع يعجبك
أنهى خالد جملته بابتسامة جذابة ، وهو يقدم لها سوارًا ذهبيًا يأتي في منتصفه مشبك عريض على شكل حدوة حصان مرصع بأحجار الزركون الدائرية ، مع مشبك كلاسيكي متصل بطبقات متعددة من السلاسل الرفيعة. فأعجبت بإطلالته الأنيقة والمميزة ، مغمغمة فى إعجاب مذهول : جميل اوي يا خالد
سألها خالد بشك : يعني بجد عجبتك ولا بتجامليني؟
أومأت لميس بجفنيها مؤكدة له ، وهي تردد بلطافة : والله ذوقك رقيق بجد
خالد بحب : مفيش ارق منك .. لما شوفتها فكرتني باول مرة اتقابلنا فيها لما افتكرتيني دكتور وخلتيني اساعدك
تبسمت لميس بإحراج : ايوه ساعتها كنت متغاظة اوي من جدتي وطلعت عينك انت
خالد بنفى محب : ابدا .. دي كانت من احلي لحظات حياتي
شعرت لميس بالغيرة نوعاً ما ، لتتساءل بترقب : وايه هي احلي لحظة في حياتك؟
_اللحظة اللي هتبقي فيها مراتي يا لميس ..
أصيبت نبضات قلبها بالإرتباك من لمسة يده على كفها بحنان مع إجابته المباغتة لها ، لتسرى السعادة فى أوردتها ، وصعدت بنظراتها إليه ، لتجده يحدق بها بعمق ، فلم تتمكن من الرد من الحرج ، مما جعله يخرج عن صمته ويستأنف حديثه بعشق ممتزج بالجدية : انتي ماتعرفيش انتي غالية في عيني قد ايه .. بس انا عايز اكون صريح معاكي من البداية .. انا مابحبش اعتمد غير علي نفسي وشغلي انتي عارفاه كويس وعندي حتة ارض ورث من الحج ابويا الله يرحمه وارادها مكفيني والحمدلله .. يمكن مش هقدر اوعدك انك هتعيشي في نفس المستوي اللي اتعودتي عليه .. بس صدقيني هحاول بكل طاقتي اطور من نفسي عشان اخليكي مش نفسك في حاجة ابدا
ضيقت لميس عينيها ، وعلقت على حديثه بذات الجدية : خالد .. انا عمري مابصيت للحاجات دي ولا دورت عليها خالص كفاية انك تتقي ربنا فيا و تحبني ونكون مبسوطين مع بعض
ارتخت تعابير وجهه بارتياح ، وفور أن زفر أنفاسه قال بنبرة تقطر هياماً تزينت بخشونة : بحبك يا لميس .. انتي النجمة البعيدة اللي اتمنيت اخطفها من السماء واخلي مسكنها في قلبي وجوا عيوني واحافظ عليكي بدمي وروحي .. وصدقيني هحاول بكل طاقتي اطور من نفسي عشان اخليكي مش نفسك في حاجة ابدا
لميس بصوت خجول : ربنا يخليك ليا يا خالد
_و يخليكي ليا يا روح قلب خالد
أضاف خالد بنبرة غلب عليها الحماس : نيجي بقي في للاهم .. شوفي يا ست البنات شقتي جاهزة ومتشطبة بس اي حاجة حابة تغيريها علي ذوقك ابدأي فورا وماتاخديش رأيي حتي
اعترضت لميس برقة لا تخلو من الاندفاع : لا لازم تكون معايا في كل خطوة دا هيبقي بيتنا احنا الاتنين مع بعض
التوى فمه بابتسامة مفعمة بالحب قبل أن يرد بفرحة لم يخفيها : هو دا الكلام الحلو كان فين من بدري
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في هذا الوقت
عند ابريل
_نهارك اسود!!! انت ايه اللي مدخلك ه...!!!
اختنق صوتها المصدوم في حلقها ، وهو يضع يده بسرعة على فمها يكممه ، بينما يهمس بالقرب من أذنها في هسهسة منخفضة : ششش هتفضحينا
_هشيل ايدي واوعي تطلعي صوت!!
أنهى باسم كلامه بتحذير ، لتهز إبريل رأسها بإيماءات صغيرة ، فرفع يده ببطء من فوق فمها ، وهو يحس بملمس شفتيها الناعمة ضد يده الخشنة ، مما جعل جسده يحترق بمشاعر متضاربة ، وهو يبتلع لعابه ويأخذ خطوة إلى الوراء ، يتأمل ملياً فى تفاصيلها فهى لديها جمال طفولي محبب ، لكنها الآن تبدو مختلفة تمامًا عن ذي قبل حيث اعتاد على رؤيتها ترتدي البنطلونات والبلوزات ، لكن ذلك الفستان جعلها أكثر سحرًا وجمالًا ، بالإضافة إلى بشرتها البيضاء الكريمية ، وشعرها المموج الذي تركته منسدلًا على ظهرها بتمرد يليق بصاحبته ، فأضحت أنثى فاتنة للغاية.
اختطفته من أفكاره السابحة بها علي صوتها المصدوم بحدة : انت زودتها اوي افرض كنت لسه بغير؟
باسم بإنزعاج مستفز : مكبرة الدنيا اوي .. يعني كنت هشوف ايه يا شبر واقطع انتي؟
رفعت ابريل سبابتها محذرة إياه ، وهناك احمرار مغرى يكسو ملامحها الرقيقة ، وتلعثمت بحنق : احترم نفسك بليز وماتغلطش .. ها ممكن تفهمني ايه الكارثة الجديدة اللي مخلياك داخل عليا البروفا بالهمجية دا؟
مال باسم بجسده نحوها أكثر رافعا أحد حاجبيه ، وهو ينظر إليها بطريقة تدل على إعجابه بجاذبيتها المذهلة ، فتوافقت أفكاره مع كلماته الهامسة بنبرة دافئة خالية من العبث : و ليه بتحسبيها كارثة؟ ليه مايكونش شوقي هو اللي جابني علي هنا عشان اشوف جمالك في الفستان قبل اي مخلوق .. خصوصا انك ماكنتيش هتخرجي تفرجيني عليه
تململت ابريل بتوتر في وقفتها ، وهي تهدر بخفوت نافذ الصبر : انت هتبطل لف ودوران عليا ولا اااا
تلاشت الحروف من طرف لسانها ، حالما أن اتسعت ابتسامة جذابة على فمه ، وهو يرفع أطراف أصابعه ويداعب خصلات شعرها التي انسدلت على جانب وجهها برقة ، فترنحت نبضاتها بإحساس غريب ، وهو يعلق على كلامها بعتاب حانى : عيب انا خطيبك مايصحش تكلميني كدا
رددت بصوت مرتبك : ومايصحش نفضل في البروفا كدا يقولو علينا ايه..؟
ارتسمت على فمه ابتسامة غامضة ، مستطرداً بصوته الرجولي الهامس الوقح : هيقولو من لهفته علي حبيبته ماطقش يقعد لوحده برا من غيرها وهي ماصدقت تكون في حضنه و...
خرجت من شفتيها شهقة خجولة ، وسرعان ما ضغطت بكفها على فمه لتمنعه من إكمال عبارته الجريئة ، وقالت في دهشة تامة : بس اسكت بس .. انت معجون من مية ابلسة .. خد بالك انت قاعد تعمل حركات مستهبلة من الصبح وانا ساكتة
عقب بمرح ، فور أن خفضت يدها إلى جانبها ، مداعباً إياها بغمزة : السكوت علامة الرضا
تفوهت بإندفاع : دا علامة القرف
حدجها بحاجب مرفوع قبل أن يلتقف خصرها بين يديه ، ويقربها منه ، لترفرف برموشها عدة مرات متتالية ، وإعترتها حالة من الصدمة ومشوبة بالارتباك فور أن تغلغلت رائحة عنقه بعمق في حنايا روحها.
تلقائياً إرتكزت كفيها على صدره محاولةً دفعه ، فإرتعش جسده تحت لمساتها ، وهو يردد بتعبير عابس : قرف!! طيب تيجي نجرب واثبتلك قدام نفسك انك مش حاسة بقرف
جاهدت لإنتشال ذهنها الغائب ، متأثراً بسحر قربه المغناطيسي بصعوبة ، حالما التقطت أذنيها نبرة صوته الهامسة الخطيرة ، بالإضافة إلى نظراته الواثقة ، مما جعلها تهمس محذرة : باسم سيبني!!
وما إن فشلت في تحرير خصرها من أغلال قبضتيه ، حتى تطرقت إلى التحاور معه بطبيعتها المتمردة : طيب انت لو مانزلتش ايدك وبعدت عني هصوت وهلم عليك الاتليه كله..
تبددت الغيوم العبثية من صوته إلى أخرى معاتبة بتيه ، معمقاً النظر بفضيته الجذابة فى خيوط قزحيتها المتلألئة ، وكأنها صاحبة الوصاية على كيانه منذ قديم العهد : الحق عليكي انتي اللي بتستفزيني وساعتها بتهور ومابكونش مسؤل عن اللي بعمله
تزعزعت حصونها الثابتة على الأرض الهلامية بعبارة واحدة منه ، فتجنبت النظر إليه بمشاعر تتجانس مع نطقها المرتبك بحروف خرجت بجهد مضاعف ، مناشدة عقلانيته المفقودة : ماتسميهاش اني بتحداك .. انا بحذرك عشان عشان ماتتهورش وترجع تندم..
_واذا كان عجبني التحدي معاكي بيكون له طعم لذيذ وحلو؟
رفع وجهها بأطراف أصابعه ، وهو لا يعلم إذا كان هذا السؤال موجهاً لها أم له ، بهمسات ناعمة أرسلت في جسدها ذبذبات مربكة تغذيها شدة قربه منها.
خيم عليهم السكون لعدة لحظات ، لم يقطعه إلا قعقعة نبضاتهم ، تبادلا النظرات النافذة إلى الروح ، قاطعتها هى محاولة الحفاظ على رباطة جأشها في قولها التالي : انا بكلمك بكل هدوء اهو .. وبقولك ممكن تشيل ايدك من عليا .. دا مكنش ضمن اتفقنا
_مقاوحتك فيا مابتساعدنيش .. بتجننيني بزيادة يا بندقة
إحتبست أنفاسها في صدرها بمجرد أن أحست بحرارة أنفاسه على بشرتها ، مع همساته القريبة من أذنها ، فافترقت شفتاها في حركة عفوية ، كانت دعوة له منها دون أن تتعمد ذلك ، لكنه لم يآبه إلا إلى تتوقه المنجذب إلى نداء شفتيها المغويتين ، مما جعله يميل نحوها بشكل خطير ليجنى حبتي الكرز من شفتيها بقبلات رقيقة متتالية بتأنٍ ، ليشعر بها بتتجاوب معه بعد لحظات ، أثر إستهداف كيانها رجفة مثيرة ، جعلتها تكافح من أجل استحضار نقيضها فوراً ، لكنها لم تنجح مع خوضه عزفاً احترافياً على أوتارها العاصية ، ليحلق بها بفائض الشوق إلى أعالي السحاب وصولاً إلى عنان السماء ، لتشهد طيور السماء التي حلقت حولهما بغبطة على ثورة عشقية جمعت بينهما ذات غفلة من كلاهما.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور ثلاث أيام
_هو طبعا حاسس ان مجروحة كرامته بعد ماكسرتي غروره برفضك ليه عشان كدا حطك في دماغه وبقي بيطادرك وعمال يقفل عليكي في موضوع الشغل
قالت ريم هذه الكلمات خلال محادثتها الهاتفية مع أبريل بنبرة جادة ، تدل على تمكنها من فهم سيكولوجية النفس بحكم عملها كطبيبة نفسية ، لتتفق الأخرى مع رأيها بضيق : ايوه هو قالهالي هيندمني .. بس اللي قلقني مش كدا .. الخوف يعمل حاجة اكبر من كدا!!
أكدت ريم حديث أبريل ، قائلة بنبرة قلقة عليها : مش بعيد فعلا .. عشان كدا ضروري تقولي لباسم .. هو اللي في ايده يساعدك ويحل مشكلتك مع مصطفي
تغضن حاجبيها ، وهي تفكر في صحة كلامها ، لقد أخفت هذا الشيء عن باسم حتى لا يعرض عليها وظيفة في شركة والده ، لكن ماذا لو خرجت الأمور عن سيطرتها؟ فلم يعد من الممكن التنبؤ بتصرفات مصطفى ، تنهدت بخفة وقالت بصوت هادئ لا يخلو من اضطراب : ربنا يستر .. يلا انا داخلة عليه هقف...ل
تبخرت الكلمة الأخيرة على طرف لسانها تدريجيا ، حالما رأته يجلس في كافتيريا النادي الرياضي مع امرأة على الطاولة ، لذا قادتها خطواتها المتوازنة إلى حد ما نحوهم ، قائلة بسرعة : سلام
أنهت أبريل المكالمة الهاتفية ، تشعر بجمر الغضب يشتعل في أعماقها ، فهى طوال الطريق إلى هنا ، كان يملؤها الحرج والخجل الشديد من نفسها لأنها استسلمت معه باندفاع لعاصفته الهوجاء منذ أيام ، لكن هذا المتبجح يجلس الآن مع امرأة أخرى ، غير مهتم بموعده معها، همست بوعيد وغيظ لنفسها ، وهي تتجه نحوهم : هو انت ايه!! مابتضيعش وقتك ابدا يا وش القرد .. طيب انما وريتك
توقفت أبريل أمام الطاولة ، وأدارت رأسها إلى اليسار ، ونظرت إليه بحاجب مرفوع فى استفهام ، بينما وزع باسم نظراته بينها وبين المرأة الجالسة مقابله ، ثم تمتم بلهجة مشوبة بالقليل من التوتر : ابريل!!
_معلش شكلي جيت قطعت اللحظة عليكم
قالت أبريل ذلك باعتذار ساخر ، وعقدت ذراعيها تحت صدرها ، على الفور قام باسم من مكانه ، واتجه نحوها ووقف أمامها ، متسائلاً بمفاجأة وبصوت عالٍ : هو انتي فهمتي ايه .. وبعدين انتي رجعتي تشتغلي هنا تاني من امتي؟
طلب باسم بكياسة من المرأة : معلش ثواني
اتسعت عيناها الفيروزية لعدم فهمها الحقيقي لما يقوله ، ونظرت خلفها بريبة ، لكنها وجدت فجأة أنه إقترب منها للغاية ، وامسك كتفيها بكلتا يديه ، وعيناه الرماديتين أغدقتها بنظرات مليئة بالمشاعر الشغوفة ، هامسًا بنبرة خشنة جذابة أربكتها : وغلاوتك عندي كان قلبي حاسس بوجودك حواليا يا حبيبتي .. عارفة قد ايه حاولت اوصلك .. بس كالعادة كنتي بتهربي مني
ابتسم باسم بغطرسة وتلاعب ، وهو يرى احمرار وجهها القانى بسبب حبسها لأنفاسها من قربه منها ، وهى تفكر أنها كلما أرادت رد الصاغ اليه ، يفاجأها هو بتصرف لا يتوقعه عقلها ، وجدياً يصعب عليها فهم هذا الرجل العابث.
سألت بتوتر وذهول شديد يعبر عن إستنكارها لجملته الأخيرة ، بينما تبعد يديه عنها ، وتراجعت خطوة إلى الوراء : ااا .. انت ايه التخاريف اللي بتقولها دي...
إلى متى يا نفسٍ ستظلِ تكتوي بنيران عشق أهوج لم يجلب لنا سوى الشقاء ؟
و ما حيلة هذا القلب العليل الموصوم بـ هوى رجُلًا من دون الرجال عِباء !
يتناثر الحُزن من عيناي جهرةً ولا يَلقى صدى بروحه الجدباء !
و الصمت بات مُضنيًا
و البوح نار موقدة قُدت حروفها من العَناء .
طيف الخديعة بمُقلتيك عابثًا و
طُهر قلبك ماهو الا خديعة و إفتراء .
فلأي جنس تنتمي ؟ و لأي قبلية قد يُنتسب هذا البِغاء ؟
اهداء من صديقتي المبدعة الكاتبة نورهان العشري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_نورتي مملكتك يا احلي عروسة
قال مصطفى بصوته الرخيم ، راسماً على وجهه ابتسامة دافئة أبرزت وسامته الرجولية ، وهو يتنحى بجسده الفاره جانباً بعد أن فتح لها باب المنزل ، ليُفسح لها المجال للدخول أمامه.
بخطوات ثقيلة ، وقلب قلق ، وحدقتيها المهزوزيتين ، جابت زوايا المنزل بتصميماته الحديثة ، لتلهيها عن نوبة الهلع التي جعلت قلبها يقرع كالطبول ، يكاد يقفز من بين ضلوعها من شدة انفعالها على الأرض ، وهي تشد راحتيها على طيات قماش فستان زفافها الأبيض المصنوع بإتقان لتمنع ارتعاشهما من الظهور.
انتبهت ابريل من أفكارها على أصابعه الطويلة تتشابك مع أصابعها بهدوء ، فرفعت رأسها نحوه لتلتقي بها بابتسامة خافتة، ثم حثها على السير معه بعد أن أغلق الباب خلفهما.
جلسا كلاهما على الأريكة الواسعة ، فضغطت على شفتيها بأسنانها بتوتر طفيف ، وخفضت رأسها حين شعرت بنظراته تركز عليها قبل أن تسمعه يهمس لها مفتونًا : مبروك يا قلبي
ابريل بخفوت : الله يبارك فيك
مد مصطفى يده ممسكًا بخصلة من شعرها المنسدل على جانب وجهها الساحر ، مررها بين أصابعه ، مكتشفاً نعومته ، وهو يلعق شفته بطرف لسانه ، ثم حرك أصابعه تحت ذقنها ، ورفع وجهها إليه حتى التقت عيناه المتألقتان بالعاطفة والحنان بعينيها المتلألئتين بالخجل ، وقلبها ينبض بسرعة من الارتباك.
اتسعت الابتسامة على فمه ، وتثبتت عيناه على حركة أسنانها التي تعض على شفتها المرتعشة بإغراء حارق له ، فاتسعت عيناها حين رأته يميل نحوها ، وأظلمت عيناه برغبة في استكشاف شفتيها المغريتين ، لكنها في اللحظة الأخيرة أدارت وجهها للجهة الأخرى قبل أن تنهض متوترة وتتقدم إلى الأمام بخطوات مرتبكة.
أغمض مصطفى جفونه لثوانٍ بأنفاس متقطعة ، ثم مرر أصابعه على مؤخرة عنقه بتنهيدة قبل أن ينهض من مقعده ، ليذهب خلفها ، وهو يفك ربطة عنقه بسرعة محاولاً التنفس بعمق للحد من الحرارة المنبعثة من جسده ، رماها على الأرض بلا مبالاة ، ثم خلع سترته السوداء ، وألقاها على أقرب مقعد مقابل له بإهمال ، بينما استمر في متابعتها حتى الطابق العلوي.
أوقفها مصطفى في بداية الممر، ليحتضنها من الخلف بلهفة ، وهو يستشعر ارتعاش جسدها المتيبس بين ذراعيه القويتين ، ليحني رأسه نحوها ، ويهمس قرب أذنها بنبرة ناعمة خشنة : هربانة مني علي فين؟
سألها مصطفي بصوت هاديء منخفض بجانب أذنها ، فعجزت عن الرد حيث شعرت بحرارة شديدة تشع من صدره الملاصق لظهرها ، إلى جانب أنفاسه الساخنة التي أحرقت جلد رقبتها الملساء بلا رحمة ، مما تسبب لها في ارتعاشة مربكة في جميع أنحاء جسدها الضعيف ، حتى أنها تمكنت أن تهتز رأسها بالنفي بمشقة ، لتحاول أن تجد صوتها بصعوبة ، فخانتها الكلمات ، وخرجت من بين شفتيها المكتنزة بإغراء عفوى متلعثمة من التوتر : عايزة .. اروح .. الحمام
صمتت ابريل للحظات ، وهي تفرك أصابعها بتفكير ، ثم أضافت مبررة بصوت منخفض ناتج عن خجلها : الفستان ضيق عليا ومخليني مش قادرة اتنفس كويس هروح اغيره
طبع مصطفي قبلة رقيقة خلف أذنها ، مما جعل جسدها يرتعش بإضطراب بين ذراعيه المتملكتين ، لتسمعه يهمس بصوت خشن مثير يحتوي على الكثير من المشاعر والرغبات : طيب تحبيني اساعدك في قلعه؟
حركت رأسها في رفض صامت ، وبأنفاسها تكاد تكون مسلوبة من رئتيها ، فحاولت الابتعاد حتى تستعيد ربطة جأشها ، لكنه آبى أن يطلق سراحها ، فتحاملت على نفسها ، لتهمس برقة يتخللها الحرج : مالوش داعي .. ممكن تسيبني!!
اعترض بإصرار حنون ، مشددا على خصرها بكفيه مانعاً عليها أدنى فرصة للهروب منه : بس انا حابب تفضلي كدا جوا حضني شوية
أنهى كلامه غارساً وجهه فى عنقها ، مستنشقاً عبير عطرها المثير لحواسه ، قبل أن يميل أكثر يقضم شحمة أذنها بحرارة ، ولم تكن تعلم أن ما يزيد من رغبته فيها هو تململها المستمر حتى تتمكن من انتشال نفسها من حبس ذراعيه الملتفتين بإحكام حول جسدها الصغير ، مقابل جسده الضخم بطوله وعرضه الجذاب.
نثر عدة قبلات خاطفة بشغف على رقبتها المرمرية الناعمة ، ليتمتم بأنفاس متلاحقة من الرغبة المفرطة وشوقه الصارخ بإلحاح لامتلاكها بتعجل : ماتخافيش يا حبيبتي هكون هادي معاكي .. بس ماتحرمنيش منك انا بحبك اوي يا ابريل بموت فيكي .. وحتي وانتي بين ايديا هموت من كتر شوقي ليكي .. مش متخيلة قد ايه استنيت اللحظة دي من يوم ما عرفتك يا قلبي عايزك اوي اوي
غمغمت باسمه في خجل شديد حد البكاء ، لكنه لم يستطع السيطرة على نفسه إذ أدار رأسها نحوه بغتة ، ورفع وجهها إليه ، وقبل أن تدرك ما سيفعله ، انقض على شفتيها ، يلتهمهما بجوع و بشغف كاتماً أنينها المعترض ، بينما يمرر كفيه بحرية وجرأة على مفاتن جسدها ، الذي تصلب بشدة من هجومه الملحُ طلباً بقربها ، فلم يكن أمامها خيار سوى الاستسلام للغرق فى طوفان مشاعره الهائجة.
بعد لحظات ابتعد عنها قليلاً ، وأمسك وجهها بيديه ، متمتماً بصوت حنون وهو يتأمل كل شبر من وجهها : سامحيني يا حبيبتي مش قادر اشبع منك وماقدرتش اتحكم في نفسي قدام حلاوتك دي كلها .. هسيبك شوية وقت مع نفسك يا روحي
لم تبدِ سوى إيماءة خجولة بالموافقة قبل أن تدخل غرفة النوم وتغلق الباب خلفها ، أطلقت شهقة خفيفة وهي تستدير نحو الجالسة على سريرها ، فسألتها بصوت مصدوم : انتي بتعملي ايه هنا و ازاي دخلتي ...
ردت حنين بإبتسامة باردة : انا هنا في مكاني يا حبيبتي .. في اوضة جوزي انتي اللي مش في مكانك
استقامت من مجلسها وهي تردف بنبره قاسية يتخللها الشماته : دايما الاولي هي اللي في القلب يا ابريل و ليها النصيب والمعزة الاكبر .. يعني ماتخليش اوهامك الساذجة توهمك انك هتكون اهم حد في حياته .. مهما وصلت درجة تعلقه بيكي وخدعك تمسكه بيكي مستحيل هيفضلك علي ام ولاده واول حب في حياته .. انتي حاجة مؤقتة نفسه فيها مش اكتر في الاخر وبعد مايوصلك ويشبع منك هتبقي فعل ماضي
أنهت حديثها مع دخول مصطفى الغرفة ، متسائلا بهدوء : بتعملي ايه عندك يا حنين
حنين بسخرية مبطنة : ولا حاجة يا حبيبي كنت مستنية ابارك للعروسة
_يلا عن اذنكم انا هروح اوضتي
وعندما غادرت ، التفتت إبريل إليه وعلامات التعجب تحوم حول رأسها ، لتسأله بعدم تصديق : اللي هي بتقوله دا حقيقي!!
إقترب مصطفى منها وهو يجيبها بتبرير بارد لا يشفع له : انا مقدر انك مصدومة .. بس اللي احنا فيه وضع طبيعي وبكرا هتخدي عليه صدقيني مش هتحسي بوجودها ..
استندت على الطاولة خلفها ، بعد أن شعرت أن قدمها قد تخونها وتسقط على الأرض قبل أن تتحدث معترضة : احنا ماتفقناش علي كدا...
بتر باقى جملتها بلهجة حاسمة ، وهو يقف أمامها مباشرة : ابريل انتي قبلتي تتجوزيني .. خلاص ارضي واتبسطي بأيامنا مع بعض .. بلاش تخربي حياتنا بالتفكير الكتير .. لانك مش هتعرفي تغيري الواقع .. والمصير دا اهون كتير من اني كنت اسيبك يوم فرحك واسيبلك فضيحة ليكي انتي واهلك تلازمكم طول العمر بعد اللي عملتيه معايا واهانتك لرجولتي قدام الناس كلها ..
صمت مصطفى لبرهة ، وهو يحدق فيها بغموض قبل أن يخفض حدة صوته من هوج مشاعره تجاهها ، وهو يميل برأسه نحوها وتكاد شفتاه تلامسان خدها بحرارة : بس يشفعلك اني بحبك وكان نفسي الجمال دا يكون بتاعي ودلوقتي خليني اقطف من شهد جمالك واتمتع بحلاوة طعمه المسكر
دفعته بعيدا عنها ، وهي تشعر بإشمئزاز وهناك شيء يؤلم روحها بقوة تجاوزت حدود صبرها وثباتها ، بينما ارتجف صوتها صارخة بتشنج استهدف باقي جسدها : ابعد عني .. هو انت ازاي طلعت بالحقارة دي؟
ظهرت علامات الاستياء على وجهه ، وهو يقطب بين حاجبيه ليقول بصرامة : طب وليه الغلط دا بقا .. بلاش شغل جنان..
ابريل بتحفز المغادرة : الجنان بجد لو فضلت هنا لحظة كمان خليني امشي
صرخت ابريل مذعورة حين شعرت بيده القاسية تمسك بذراعها تجذبها نحوه قائلاً باستفزاز : تمشي علي فين يا عروسة هو انتي فاكرة الطلوع من هنا بالساهل كدا .. انتي خلاص بقيتي تحت ايدي وحر فيكي اخد حقي منك علي مزاجي
هدرت ابريل بإنفعال : يستحيل افضل مع واحد حقير زيك .. انا بكرهك وبحتقرك
جز مصطفي على أسنانه قبل أن يتمتم بتهديد : لسانك دا هعمله الادب بس خلينا الاول في دخلتنا يا عروسة احسنلك تهدي وتسترخي كدا عشان الليلة تمر علي خير والا هتكون جحيم ووجع عليكي ومتعة ليا في كل الحالات
إرتسم الرعب كل ألوانه الداكنة على ملامحها ، وهي تقاوم قوته الجسدية بعجز ، وهي تصرخ بجنون : سيبني بقولك سيبني...
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
علي متن يخت فى نهر النيل
_بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير
بقلب يتخبط يمينًا ويسارًا من التوتر الشديد داخل ضلوعها ، عادت إلى ارض الواقع من تفاصيل ذلك الحلم الملعون الذي طاردها قبل أيام على صوت المأذون الذي أعلن انتهاء مراسم زواجها من باسم الشندويلي ، الذي نهض من مقعده ، ليتجه نحوها بمظهره الرجولي الأنيق وشفتيه المزينتين بابتسامة رائعة.
قبل ظهر يدها برفق قبل أن يثبت عينيه داخل فيروزيتها المتلألئة ، سارحاً في جمالها الملائكي الهادئ بفستان بيج بتصميم محتشم يناسب قوامها جدًا ، حيث جاء بأكمام طويلة تصل إلى الأرض ، وخصر ضيقًا بحزام رفيع وأنيق ، وجاءت تنورة الفستان بقصّة انسيابية ، وجمع الفستان بين قماش التول والدانتيل المطرز بالورود البيضاء والفضية التي ظهرت في الفستان بأكمله.
التقت أعينهما في صمت ، بينما أرسلت نظراته إليها اهتزازات جعلت قلبها ينبض بقوة حتى استطاعت أن تقطع اتصالهما البصري بأصوات الزغاريد المتصاعدة من حولهما.
لم تمر ثانية حتى اقترب الضيوف منهم ، ليقدموا لهم تهنئتهم الحارة ، فاستقبلتهم بابتسامة مجاملة تخللتها نظرات باهتة إلى حد ما لم يلاحظها سوى نادية التي التقت عيناها بها ، وهي تهنئها بابتسامة غامضة تخفي الكثير من الامتنان لها ، لكن لا أحد سواهما يستطيع فك طلاسمها.
بالإضافة إلى حضور العديد من الشخصيات ، لكن الذين كانا يترصد لها باهتمام ، هم نظرات أحمد ومصطفى ، وفي داخلهما مشاعر متضاربة تغلي بين المعاتبة والاستياء.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
flash back
قبل عقد القران بساعتين
_الف مبروك يا عروسة
التفتت إبريل لتنظر إليه ، رافعة أحد حاجبيها بتعجب ، فاستكمل حديثه بلهجة هازئة : ايه متفاجئة انك شيفاني .. ايه كنتي فاكرة اننا مش هنتقابل انهاردة
أشاحت وجهها بعيدًا عنه بعدم إهتمام تجلى بكلماتها : لا عادي مابقتش اتفاجئ من حاجة .. مستغربة بس ان بعد دا كله قبلت الدعوة وجيت
_لولا اني بفهم في الاصول .. كان هيبقا ليا رد فعل مختلف .. وكنت وريتك من العذاب اشكال والوان عشان اكسر عينك يوم ماتجرأتي وتحدتيني
أكمل مصطفى جملته باستياء خطير ، فرفعت ذقنها متحدية إياه : وفر تهديداتك دي عشان مش هتقدر تخوفني بيها .. ماتهددش انسان معندوش حاجة يخسرها .. لكن انت عندك كتير تخسره و اولها بريستيجك ومكانتك الاجتماعية وسط الناس
ضحك مصطفي بجمود تشابه مع نبرته حالما قال ساخراً : مش قادر انكر اعجابي بثقتك في نفسك وشجاعتك دي .. بس خسارة جت عليكي بالسلب وخلتك تخسري فرص شغل كتير كانت كويسة وكملتي في عنادك معايا
إتسعت عيناها بتعجب مزيف ، ثم استفهمت بسخرية مستفزة : معقولة ماوصلكش الخبر .. كنت فاكرة ان دبة النملة بتوصلك عني .. بس شكلي كنت غلطانة .. بدليل انك ماتعرفش اني اتعينت في شركة محترمة وكبيرة من كام يوم ..
شعرت بالنصر يتراقص بداخلها فور أن رأت إمارات الدهشة ترتسم على وجهه ، قائلة بحسم : ولتاني مرة هقولهالك انا لا كنت و لا هكون محتجالك او ضاغط عليا في اي حاجة .. ونصيحة مني روح اتعالج من مرض التمسك بالاشياء اللي بترفضك لان دا اسمه نقص في الشخصية عن اذنك
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور فترة وجيزة
_ابريل عايزاكي في كلمتين ضروري...
ابريل بإستفهام هادئ : وايه اللي بينا ضروري ممكن يتقال يا نادية!!
نادية بنبرة يغلب عليها الإضطراب : خلينا نبعد عن الدوشة هنا الاول
ابريل بإستسلام : طيب
فى كابينة ابريل داخل اليخت
_اقعدي يا نادية .. عايزة تقولي ايه سمعاكي...!!
جلست نادية مقابلها ، تطالعها بنظرات غريبة قبل أن تبدأ حديثاً غير مترابط : طول عمرك رزينة وبتتكلمي من فوق يا ابريل .. ومحدش يقدر يغلطك في حرف بتنطقيه .. وهيغلطوكي ازاي وانتي لابسة وش الملايكة دا طول الوقت
نظرت ابريل إليها بعدم فهم قبل أن تهتف بلهجة حاسمة : عايزة ايه يا نادية من غير كتر لف ودوران..؟
صاحت نادية بنبرة منفعلة : ما كفاياكي تمثيل بقا يا شيخة ايه مابتزهقيش منه ..
أشارت نادية إلى نفسها ، وارتفع صوتها بإحتدام وهي تستأنف حديثها : انا عملت كل حاجة عشان يشوفني ويحس بيا وكل مرة بتطلع سيرتك قدامه بيتقلب عليا ويجري عليكي .. ماكفاكيش السنين اللي فاتت وانتي بتتمنعي عليه وهو مش قادر يشيلك من دماغه .. قومتي عزمتينا انا وهو عشان تحرقيه وهو شايفك بين ايدين غيرو
استفسرت ابريل بإستنكار : هو انتي بجد للي جاية تعاتبيني وتلومي فيا .. مين فينا يلوم التاني؟! انتي اللي من زمان حطيتي عينك علي اللي مع غيرك وانتي عارفة انه مش شايفك .. وبعد ما بقيتي مراته برده مش شايفك ايه ذنبي في اختيارك انتي
ردت نادية بقهر و إتهام : انتي السبب يا ابريل .. عشان طول ما انتي موجودة في حياته مستحيل هيعرف ينساكي وهيفضل متعلق بيكي .. وصلت بيه انه يطلب من مراته تخطبلو حبيبته ولو رفضتي يبقالك ضرة عادي يطلقني عشان يرضيني
جحظت عينا إبريل صدمة حقيقية من كلماتها ، فتخلت عن ثباتها الواهى ، هادرة بحدة : انتي اللي بني ادمة ضعيفة و سلبية يا نادية .. جاية بترمي اللوم عليا انا لانك جبانة ومش قادرة تواجهي نفسك .. ولا قادرة تواجهي السبب الرئيسي في وجعك
هدرت ابريل مردفة بإزدراء منفعل : ازاي هانت عليكي نفسك اوي كدا!! ازاي قللتي من نفسك كدا .. انتي اتنازلتي عن كل حاجة عشانه و لسه بعد كل وجعك منه .. مش قادرة تعترفي قدام نفسك انه هو اللي غلطان في حقك وجاية تقوليلي ان السبب مني انا
_ايوه منك ..
_لا ماتلوميش غير نفسك انتي اللي بصيتي للي عند صحبتك وروحتي اتجوزتيه و قلبه مع غيرك وانتي عارفة انه مابيحبكيش
_كنت عارفة انه مابيحبنيش وقابلة .. كنت مستحملة بعده عني و سفره شهور ماشوفوش .. بس كنت مصبرة نفسي بعشم كداب ان مافيش امل ترجعو لبعض .. وبقول لنفسي مصيره هيجي اليوم اللي يحبني فيه و ينسي ابريل .. بس محصلش كل مادي عيشتي معاه بتتحول لمرار وعذاب بقيت بسمعه وهو في حضني بيناديني اسمك انتي واتأكد اكتر انه عمري ما شافني..
شهقت نادية تردف بضحكة مقهورة من بين دموعها : ماتنكريش يا ابريل انتى بترضي غرورك وبتنقمي منه وانتي شايفاه بيجري وراكي زي العيل الصغير ومتمسك بيكي .. اياكي تكدبي يا صحبتي وتقولي انك مش عايزاه لو الدنيا صدقتك انا مش هصدق
مسحت إبريل عبراتها عن خديها المبللة بأصابعها ، وأخذت نفساً عميقاً ، لتتحكم في انفعالاتها قبل أن تنظر إليها ، ثم أجابتها بقلب لا يقل قهراً عن الجالسة أمامها : ايوه يا نادية قلبي مانسيهوش .. بس ملعون ابو الحب علي ابو قلبي اللي يذلني عشان راجل قدر يبص لغيري ويفكر في واحدة غيري ويتجوز ويلمس واحدة تانية عشان يعاقبني اني قولتله مش هتنازل عن ان يكون ليا قيمة
شعرت نادية ما إن أنهت إبريل حديثها ، وكأن سكيناً بارد طعن في قلبها ، فرفعت عينيها إليه ، ورغم القسوة الصادرة من كلماتها ، إلا أن نظراتها إليها كانت مليئة بالتعاطف والشفقة ، فتحدثت نادية بارتعاش ممزوج بالحزن : اعمل ايه يا ابريل اعمل ايه انا وسط النار بيتي هيتخرب وحاسة اني مذلولة ومتهانة انا عمري ما هسامحك يا ابريل انتي ماخسرتيش واحد علي عشرة من اللي خسرته
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد حوالى ساعة
_ فهمني ايه اللي بيحصل ومأذون ايه وكتب كتاب مين اللي مامتك بتكلم عنه دا؟!
تدفقت أسئلة إبريل في رأس باسم كالسيل الجارف ، فاستقبلها بثبات ، متظاهراً بعدم معرفته بالأمر : انا اتفاجئت بيها بتقولي ان المأذون موجود معانا علي اليخت وعايزينا نكتب كتابنا مع حفلة الخطوبة بعد ما اخدو موافقة باباكي .. والفرح نقرر معاده براحتنا ماكنش قدامي غير اني اسايرها والا هتشك فينا
كانت تستمع إلى حديثه دون إستيعاب ، قبل أن تتسع عيناها ثم هتفت استنكاراً : يعني ايه تسايرها من غير من غير موافقتي .. تصرفك دا مالوش غير معني واحد انك بتحطني قدام الواقع عشان مضطرة اوافق
رسم باسم الضيق على ملامحه بمهارة ، يخفي وراءه الكثير من المكر الذي لم تلاحظه في صوته حين قال بنبرة تقريع : هجومك عليا بتحسسيني بيه اني مخطط للي بيحصل .. لا يا ابريل .. مش مضطرة توافقي .. وبطلي تبصي للامور علي انك لوحدك اللي واقفة في وش المدفع .. وانا مكنتش عايز اربط نفسي بواحدة مابتفكرش غير في نفسها .. بس لو جزائي انا واهلي تصغرينا اعملي كدا
_وقبل ما تفهمي كلامي علي مزاجك .. انا مش عايزك تتقبلي دا من غير ماتفكري وتاخدي قرارك بنفسك
أسبلت رموشها دون أن تجيبه بكلمة ، وكانت خلايا دماغها تعمل بأقصى سرعة.
مرت عدة لحظات في صمت قبل أن تسمعه يقول بتخابث خفي : خلاص هنخترع ليهم اي حجة ونعدي اليوم
أفرجت عن جفونها رافعة بصرها نحوه لترد بثقة : لا .. انا .. موافقة
back
و ما حيلة هذا القلب العليل الموصوم بـ هوى رجُلًا من دون الرجال عِباء !
يتناثر الحُزن من عيناي جهرةً ولا يَلقى صدى بروحه الجدباء !
و الصمت بات مُضنيًا
و البوح نار موقدة قُدت حروفها من العَناء .
طيف الخديعة بمُقلتيك عابثًا و
طُهر قلبك ماهو الا خديعة و إفتراء .
فلأي جنس تنتمي ؟ و لأي قبلية قد يُنتسب هذا البِغاء ؟
اهداء من صديقتي المبدعة الكاتبة نورهان العشري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
_نورتي مملكتك يا احلي عروسة
قال مصطفى بصوته الرخيم ، راسماً على وجهه ابتسامة دافئة أبرزت وسامته الرجولية ، وهو يتنحى بجسده الفاره جانباً بعد أن فتح لها باب المنزل ، ليُفسح لها المجال للدخول أمامه.
بخطوات ثقيلة ، وقلب قلق ، وحدقتيها المهزوزيتين ، جابت زوايا المنزل بتصميماته الحديثة ، لتلهيها عن نوبة الهلع التي جعلت قلبها يقرع كالطبول ، يكاد يقفز من بين ضلوعها من شدة انفعالها على الأرض ، وهي تشد راحتيها على طيات قماش فستان زفافها الأبيض المصنوع بإتقان لتمنع ارتعاشهما من الظهور.
انتبهت ابريل من أفكارها على أصابعه الطويلة تتشابك مع أصابعها بهدوء ، فرفعت رأسها نحوه لتلتقي بها بابتسامة خافتة، ثم حثها على السير معه بعد أن أغلق الباب خلفهما.
جلسا كلاهما على الأريكة الواسعة ، فضغطت على شفتيها بأسنانها بتوتر طفيف ، وخفضت رأسها حين شعرت بنظراته تركز عليها قبل أن تسمعه يهمس لها مفتونًا : مبروك يا قلبي
ابريل بخفوت : الله يبارك فيك
مد مصطفى يده ممسكًا بخصلة من شعرها المنسدل على جانب وجهها الساحر ، مررها بين أصابعه ، مكتشفاً نعومته ، وهو يلعق شفته بطرف لسانه ، ثم حرك أصابعه تحت ذقنها ، ورفع وجهها إليه حتى التقت عيناه المتألقتان بالعاطفة والحنان بعينيها المتلألئتين بالخجل ، وقلبها ينبض بسرعة من الارتباك.
اتسعت الابتسامة على فمه ، وتثبتت عيناه على حركة أسنانها التي تعض على شفتها المرتعشة بإغراء حارق له ، فاتسعت عيناها حين رأته يميل نحوها ، وأظلمت عيناه برغبة في استكشاف شفتيها المغريتين ، لكنها في اللحظة الأخيرة أدارت وجهها للجهة الأخرى قبل أن تنهض متوترة وتتقدم إلى الأمام بخطوات مرتبكة.
أغمض مصطفى جفونه لثوانٍ بأنفاس متقطعة ، ثم مرر أصابعه على مؤخرة عنقه بتنهيدة قبل أن ينهض من مقعده ، ليذهب خلفها ، وهو يفك ربطة عنقه بسرعة محاولاً التنفس بعمق للحد من الحرارة المنبعثة من جسده ، رماها على الأرض بلا مبالاة ، ثم خلع سترته السوداء ، وألقاها على أقرب مقعد مقابل له بإهمال ، بينما استمر في متابعتها حتى الطابق العلوي.
أوقفها مصطفى في بداية الممر، ليحتضنها من الخلف بلهفة ، وهو يستشعر ارتعاش جسدها المتيبس بين ذراعيه القويتين ، ليحني رأسه نحوها ، ويهمس قرب أذنها بنبرة ناعمة خشنة : هربانة مني علي فين؟
سألها مصطفي بصوت هاديء منخفض بجانب أذنها ، فعجزت عن الرد حيث شعرت بحرارة شديدة تشع من صدره الملاصق لظهرها ، إلى جانب أنفاسه الساخنة التي أحرقت جلد رقبتها الملساء بلا رحمة ، مما تسبب لها في ارتعاشة مربكة في جميع أنحاء جسدها الضعيف ، حتى أنها تمكنت أن تهتز رأسها بالنفي بمشقة ، لتحاول أن تجد صوتها بصعوبة ، فخانتها الكلمات ، وخرجت من بين شفتيها المكتنزة بإغراء عفوى متلعثمة من التوتر : عايزة .. اروح .. الحمام
صمتت ابريل للحظات ، وهي تفرك أصابعها بتفكير ، ثم أضافت مبررة بصوت منخفض ناتج عن خجلها : الفستان ضيق عليا ومخليني مش قادرة اتنفس كويس هروح اغيره
طبع مصطفي قبلة رقيقة خلف أذنها ، مما جعل جسدها يرتعش بإضطراب بين ذراعيه المتملكتين ، لتسمعه يهمس بصوت خشن مثير يحتوي على الكثير من المشاعر والرغبات : طيب تحبيني اساعدك في قلعه؟
حركت رأسها في رفض صامت ، وبأنفاسها تكاد تكون مسلوبة من رئتيها ، فحاولت الابتعاد حتى تستعيد ربطة جأشها ، لكنه آبى أن يطلق سراحها ، فتحاملت على نفسها ، لتهمس برقة يتخللها الحرج : مالوش داعي .. ممكن تسيبني!!
اعترض بإصرار حنون ، مشددا على خصرها بكفيه مانعاً عليها أدنى فرصة للهروب منه : بس انا حابب تفضلي كدا جوا حضني شوية
أنهى كلامه غارساً وجهه فى عنقها ، مستنشقاً عبير عطرها المثير لحواسه ، قبل أن يميل أكثر يقضم شحمة أذنها بحرارة ، ولم تكن تعلم أن ما يزيد من رغبته فيها هو تململها المستمر حتى تتمكن من انتشال نفسها من حبس ذراعيه الملتفتين بإحكام حول جسدها الصغير ، مقابل جسده الضخم بطوله وعرضه الجذاب.
نثر عدة قبلات خاطفة بشغف على رقبتها المرمرية الناعمة ، ليتمتم بأنفاس متلاحقة من الرغبة المفرطة وشوقه الصارخ بإلحاح لامتلاكها بتعجل : ماتخافيش يا حبيبتي هكون هادي معاكي .. بس ماتحرمنيش منك انا بحبك اوي يا ابريل بموت فيكي .. وحتي وانتي بين ايديا هموت من كتر شوقي ليكي .. مش متخيلة قد ايه استنيت اللحظة دي من يوم ما عرفتك يا قلبي عايزك اوي اوي
غمغمت باسمه في خجل شديد حد البكاء ، لكنه لم يستطع السيطرة على نفسه إذ أدار رأسها نحوه بغتة ، ورفع وجهها إليه ، وقبل أن تدرك ما سيفعله ، انقض على شفتيها ، يلتهمهما بجوع و بشغف كاتماً أنينها المعترض ، بينما يمرر كفيه بحرية وجرأة على مفاتن جسدها ، الذي تصلب بشدة من هجومه الملحُ طلباً بقربها ، فلم يكن أمامها خيار سوى الاستسلام للغرق فى طوفان مشاعره الهائجة.
بعد لحظات ابتعد عنها قليلاً ، وأمسك وجهها بيديه ، متمتماً بصوت حنون وهو يتأمل كل شبر من وجهها : سامحيني يا حبيبتي مش قادر اشبع منك وماقدرتش اتحكم في نفسي قدام حلاوتك دي كلها .. هسيبك شوية وقت مع نفسك يا روحي
لم تبدِ سوى إيماءة خجولة بالموافقة قبل أن تدخل غرفة النوم وتغلق الباب خلفها ، أطلقت شهقة خفيفة وهي تستدير نحو الجالسة على سريرها ، فسألتها بصوت مصدوم : انتي بتعملي ايه هنا و ازاي دخلتي ...
ردت حنين بإبتسامة باردة : انا هنا في مكاني يا حبيبتي .. في اوضة جوزي انتي اللي مش في مكانك
استقامت من مجلسها وهي تردف بنبره قاسية يتخللها الشماته : دايما الاولي هي اللي في القلب يا ابريل و ليها النصيب والمعزة الاكبر .. يعني ماتخليش اوهامك الساذجة توهمك انك هتكون اهم حد في حياته .. مهما وصلت درجة تعلقه بيكي وخدعك تمسكه بيكي مستحيل هيفضلك علي ام ولاده واول حب في حياته .. انتي حاجة مؤقتة نفسه فيها مش اكتر في الاخر وبعد مايوصلك ويشبع منك هتبقي فعل ماضي
أنهت حديثها مع دخول مصطفى الغرفة ، متسائلا بهدوء : بتعملي ايه عندك يا حنين
حنين بسخرية مبطنة : ولا حاجة يا حبيبي كنت مستنية ابارك للعروسة
_يلا عن اذنكم انا هروح اوضتي
وعندما غادرت ، التفتت إبريل إليه وعلامات التعجب تحوم حول رأسها ، لتسأله بعدم تصديق : اللي هي بتقوله دا حقيقي!!
إقترب مصطفى منها وهو يجيبها بتبرير بارد لا يشفع له : انا مقدر انك مصدومة .. بس اللي احنا فيه وضع طبيعي وبكرا هتخدي عليه صدقيني مش هتحسي بوجودها ..
استندت على الطاولة خلفها ، بعد أن شعرت أن قدمها قد تخونها وتسقط على الأرض قبل أن تتحدث معترضة : احنا ماتفقناش علي كدا...
بتر باقى جملتها بلهجة حاسمة ، وهو يقف أمامها مباشرة : ابريل انتي قبلتي تتجوزيني .. خلاص ارضي واتبسطي بأيامنا مع بعض .. بلاش تخربي حياتنا بالتفكير الكتير .. لانك مش هتعرفي تغيري الواقع .. والمصير دا اهون كتير من اني كنت اسيبك يوم فرحك واسيبلك فضيحة ليكي انتي واهلك تلازمكم طول العمر بعد اللي عملتيه معايا واهانتك لرجولتي قدام الناس كلها ..
صمت مصطفى لبرهة ، وهو يحدق فيها بغموض قبل أن يخفض حدة صوته من هوج مشاعره تجاهها ، وهو يميل برأسه نحوها وتكاد شفتاه تلامسان خدها بحرارة : بس يشفعلك اني بحبك وكان نفسي الجمال دا يكون بتاعي ودلوقتي خليني اقطف من شهد جمالك واتمتع بحلاوة طعمه المسكر
دفعته بعيدا عنها ، وهي تشعر بإشمئزاز وهناك شيء يؤلم روحها بقوة تجاوزت حدود صبرها وثباتها ، بينما ارتجف صوتها صارخة بتشنج استهدف باقي جسدها : ابعد عني .. هو انت ازاي طلعت بالحقارة دي؟
ظهرت علامات الاستياء على وجهه ، وهو يقطب بين حاجبيه ليقول بصرامة : طب وليه الغلط دا بقا .. بلاش شغل جنان..
ابريل بتحفز المغادرة : الجنان بجد لو فضلت هنا لحظة كمان خليني امشي
صرخت ابريل مذعورة حين شعرت بيده القاسية تمسك بذراعها تجذبها نحوه قائلاً باستفزاز : تمشي علي فين يا عروسة هو انتي فاكرة الطلوع من هنا بالساهل كدا .. انتي خلاص بقيتي تحت ايدي وحر فيكي اخد حقي منك علي مزاجي
هدرت ابريل بإنفعال : يستحيل افضل مع واحد حقير زيك .. انا بكرهك وبحتقرك
جز مصطفي على أسنانه قبل أن يتمتم بتهديد : لسانك دا هعمله الادب بس خلينا الاول في دخلتنا يا عروسة احسنلك تهدي وتسترخي كدا عشان الليلة تمر علي خير والا هتكون جحيم ووجع عليكي ومتعة ليا في كل الحالات
إرتسم الرعب كل ألوانه الداكنة على ملامحها ، وهي تقاوم قوته الجسدية بعجز ، وهي تصرخ بجنون : سيبني بقولك سيبني...
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
علي متن يخت فى نهر النيل
_بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير
بقلب يتخبط يمينًا ويسارًا من التوتر الشديد داخل ضلوعها ، عادت إلى ارض الواقع من تفاصيل ذلك الحلم الملعون الذي طاردها قبل أيام على صوت المأذون الذي أعلن انتهاء مراسم زواجها من باسم الشندويلي ، الذي نهض من مقعده ، ليتجه نحوها بمظهره الرجولي الأنيق وشفتيه المزينتين بابتسامة رائعة.
قبل ظهر يدها برفق قبل أن يثبت عينيه داخل فيروزيتها المتلألئة ، سارحاً في جمالها الملائكي الهادئ بفستان بيج بتصميم محتشم يناسب قوامها جدًا ، حيث جاء بأكمام طويلة تصل إلى الأرض ، وخصر ضيقًا بحزام رفيع وأنيق ، وجاءت تنورة الفستان بقصّة انسيابية ، وجمع الفستان بين قماش التول والدانتيل المطرز بالورود البيضاء والفضية التي ظهرت في الفستان بأكمله.
التقت أعينهما في صمت ، بينما أرسلت نظراته إليها اهتزازات جعلت قلبها ينبض بقوة حتى استطاعت أن تقطع اتصالهما البصري بأصوات الزغاريد المتصاعدة من حولهما.
لم تمر ثانية حتى اقترب الضيوف منهم ، ليقدموا لهم تهنئتهم الحارة ، فاستقبلتهم بابتسامة مجاملة تخللتها نظرات باهتة إلى حد ما لم يلاحظها سوى نادية التي التقت عيناها بها ، وهي تهنئها بابتسامة غامضة تخفي الكثير من الامتنان لها ، لكن لا أحد سواهما يستطيع فك طلاسمها.
بالإضافة إلى حضور العديد من الشخصيات ، لكن الذين كانا يترصد لها باهتمام ، هم نظرات أحمد ومصطفى ، وفي داخلهما مشاعر متضاربة تغلي بين المعاتبة والاستياء.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
flash back
قبل عقد القران بساعتين
_الف مبروك يا عروسة
التفتت إبريل لتنظر إليه ، رافعة أحد حاجبيها بتعجب ، فاستكمل حديثه بلهجة هازئة : ايه متفاجئة انك شيفاني .. ايه كنتي فاكرة اننا مش هنتقابل انهاردة
أشاحت وجهها بعيدًا عنه بعدم إهتمام تجلى بكلماتها : لا عادي مابقتش اتفاجئ من حاجة .. مستغربة بس ان بعد دا كله قبلت الدعوة وجيت
_لولا اني بفهم في الاصول .. كان هيبقا ليا رد فعل مختلف .. وكنت وريتك من العذاب اشكال والوان عشان اكسر عينك يوم ماتجرأتي وتحدتيني
أكمل مصطفى جملته باستياء خطير ، فرفعت ذقنها متحدية إياه : وفر تهديداتك دي عشان مش هتقدر تخوفني بيها .. ماتهددش انسان معندوش حاجة يخسرها .. لكن انت عندك كتير تخسره و اولها بريستيجك ومكانتك الاجتماعية وسط الناس
ضحك مصطفي بجمود تشابه مع نبرته حالما قال ساخراً : مش قادر انكر اعجابي بثقتك في نفسك وشجاعتك دي .. بس خسارة جت عليكي بالسلب وخلتك تخسري فرص شغل كتير كانت كويسة وكملتي في عنادك معايا
إتسعت عيناها بتعجب مزيف ، ثم استفهمت بسخرية مستفزة : معقولة ماوصلكش الخبر .. كنت فاكرة ان دبة النملة بتوصلك عني .. بس شكلي كنت غلطانة .. بدليل انك ماتعرفش اني اتعينت في شركة محترمة وكبيرة من كام يوم ..
شعرت بالنصر يتراقص بداخلها فور أن رأت إمارات الدهشة ترتسم على وجهه ، قائلة بحسم : ولتاني مرة هقولهالك انا لا كنت و لا هكون محتجالك او ضاغط عليا في اي حاجة .. ونصيحة مني روح اتعالج من مرض التمسك بالاشياء اللي بترفضك لان دا اسمه نقص في الشخصية عن اذنك
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور فترة وجيزة
_ابريل عايزاكي في كلمتين ضروري...
ابريل بإستفهام هادئ : وايه اللي بينا ضروري ممكن يتقال يا نادية!!
نادية بنبرة يغلب عليها الإضطراب : خلينا نبعد عن الدوشة هنا الاول
ابريل بإستسلام : طيب
فى كابينة ابريل داخل اليخت
_اقعدي يا نادية .. عايزة تقولي ايه سمعاكي...!!
جلست نادية مقابلها ، تطالعها بنظرات غريبة قبل أن تبدأ حديثاً غير مترابط : طول عمرك رزينة وبتتكلمي من فوق يا ابريل .. ومحدش يقدر يغلطك في حرف بتنطقيه .. وهيغلطوكي ازاي وانتي لابسة وش الملايكة دا طول الوقت
نظرت ابريل إليها بعدم فهم قبل أن تهتف بلهجة حاسمة : عايزة ايه يا نادية من غير كتر لف ودوران..؟
صاحت نادية بنبرة منفعلة : ما كفاياكي تمثيل بقا يا شيخة ايه مابتزهقيش منه ..
أشارت نادية إلى نفسها ، وارتفع صوتها بإحتدام وهي تستأنف حديثها : انا عملت كل حاجة عشان يشوفني ويحس بيا وكل مرة بتطلع سيرتك قدامه بيتقلب عليا ويجري عليكي .. ماكفاكيش السنين اللي فاتت وانتي بتتمنعي عليه وهو مش قادر يشيلك من دماغه .. قومتي عزمتينا انا وهو عشان تحرقيه وهو شايفك بين ايدين غيرو
استفسرت ابريل بإستنكار : هو انتي بجد للي جاية تعاتبيني وتلومي فيا .. مين فينا يلوم التاني؟! انتي اللي من زمان حطيتي عينك علي اللي مع غيرك وانتي عارفة انه مش شايفك .. وبعد ما بقيتي مراته برده مش شايفك ايه ذنبي في اختيارك انتي
ردت نادية بقهر و إتهام : انتي السبب يا ابريل .. عشان طول ما انتي موجودة في حياته مستحيل هيعرف ينساكي وهيفضل متعلق بيكي .. وصلت بيه انه يطلب من مراته تخطبلو حبيبته ولو رفضتي يبقالك ضرة عادي يطلقني عشان يرضيني
جحظت عينا إبريل صدمة حقيقية من كلماتها ، فتخلت عن ثباتها الواهى ، هادرة بحدة : انتي اللي بني ادمة ضعيفة و سلبية يا نادية .. جاية بترمي اللوم عليا انا لانك جبانة ومش قادرة تواجهي نفسك .. ولا قادرة تواجهي السبب الرئيسي في وجعك
هدرت ابريل مردفة بإزدراء منفعل : ازاي هانت عليكي نفسك اوي كدا!! ازاي قللتي من نفسك كدا .. انتي اتنازلتي عن كل حاجة عشانه و لسه بعد كل وجعك منه .. مش قادرة تعترفي قدام نفسك انه هو اللي غلطان في حقك وجاية تقوليلي ان السبب مني انا
_ايوه منك ..
_لا ماتلوميش غير نفسك انتي اللي بصيتي للي عند صحبتك وروحتي اتجوزتيه و قلبه مع غيرك وانتي عارفة انه مابيحبكيش
_كنت عارفة انه مابيحبنيش وقابلة .. كنت مستحملة بعده عني و سفره شهور ماشوفوش .. بس كنت مصبرة نفسي بعشم كداب ان مافيش امل ترجعو لبعض .. وبقول لنفسي مصيره هيجي اليوم اللي يحبني فيه و ينسي ابريل .. بس محصلش كل مادي عيشتي معاه بتتحول لمرار وعذاب بقيت بسمعه وهو في حضني بيناديني اسمك انتي واتأكد اكتر انه عمري ما شافني..
شهقت نادية تردف بضحكة مقهورة من بين دموعها : ماتنكريش يا ابريل انتى بترضي غرورك وبتنقمي منه وانتي شايفاه بيجري وراكي زي العيل الصغير ومتمسك بيكي .. اياكي تكدبي يا صحبتي وتقولي انك مش عايزاه لو الدنيا صدقتك انا مش هصدق
مسحت إبريل عبراتها عن خديها المبللة بأصابعها ، وأخذت نفساً عميقاً ، لتتحكم في انفعالاتها قبل أن تنظر إليها ، ثم أجابتها بقلب لا يقل قهراً عن الجالسة أمامها : ايوه يا نادية قلبي مانسيهوش .. بس ملعون ابو الحب علي ابو قلبي اللي يذلني عشان راجل قدر يبص لغيري ويفكر في واحدة غيري ويتجوز ويلمس واحدة تانية عشان يعاقبني اني قولتله مش هتنازل عن ان يكون ليا قيمة
شعرت نادية ما إن أنهت إبريل حديثها ، وكأن سكيناً بارد طعن في قلبها ، فرفعت عينيها إليه ، ورغم القسوة الصادرة من كلماتها ، إلا أن نظراتها إليها كانت مليئة بالتعاطف والشفقة ، فتحدثت نادية بارتعاش ممزوج بالحزن : اعمل ايه يا ابريل اعمل ايه انا وسط النار بيتي هيتخرب وحاسة اني مذلولة ومتهانة انا عمري ما هسامحك يا ابريل انتي ماخسرتيش واحد علي عشرة من اللي خسرته
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد حوالى ساعة
_ فهمني ايه اللي بيحصل ومأذون ايه وكتب كتاب مين اللي مامتك بتكلم عنه دا؟!
تدفقت أسئلة إبريل في رأس باسم كالسيل الجارف ، فاستقبلها بثبات ، متظاهراً بعدم معرفته بالأمر : انا اتفاجئت بيها بتقولي ان المأذون موجود معانا علي اليخت وعايزينا نكتب كتابنا مع حفلة الخطوبة بعد ما اخدو موافقة باباكي .. والفرح نقرر معاده براحتنا ماكنش قدامي غير اني اسايرها والا هتشك فينا
كانت تستمع إلى حديثه دون إستيعاب ، قبل أن تتسع عيناها ثم هتفت استنكاراً : يعني ايه تسايرها من غير من غير موافقتي .. تصرفك دا مالوش غير معني واحد انك بتحطني قدام الواقع عشان مضطرة اوافق
رسم باسم الضيق على ملامحه بمهارة ، يخفي وراءه الكثير من المكر الذي لم تلاحظه في صوته حين قال بنبرة تقريع : هجومك عليا بتحسسيني بيه اني مخطط للي بيحصل .. لا يا ابريل .. مش مضطرة توافقي .. وبطلي تبصي للامور علي انك لوحدك اللي واقفة في وش المدفع .. وانا مكنتش عايز اربط نفسي بواحدة مابتفكرش غير في نفسها .. بس لو جزائي انا واهلي تصغرينا اعملي كدا
_وقبل ما تفهمي كلامي علي مزاجك .. انا مش عايزك تتقبلي دا من غير ماتفكري وتاخدي قرارك بنفسك
أسبلت رموشها دون أن تجيبه بكلمة ، وكانت خلايا دماغها تعمل بأقصى سرعة.
مرت عدة لحظات في صمت قبل أن تسمعه يقول بتخابث خفي : خلاص هنخترع ليهم اي حجة ونعدي اليوم
أفرجت عن جفونها رافعة بصرها نحوه لترد بثقة : لا .. انا .. موافقة
back