رواية جوازة ابريل الجزء الثاني الفصل التاسع عشر 19 بقلم نورهان محسن
الفصل التاسع عشر (ملاذي الملعون) رواية جوازة ابريل 2
كنت كـ طائر الكناري الطليق يتلولب في الهواء ، حيث كان واثباً فوق الشجرة عالية ، ويغني للأغصان بصوته الرائع كل صباح ، فصادف ان شاهدته من بين الاغصان ، فأعجبت به وأنجذبت نحوه ، مم جعلك لا تستطيع ان تقاوم جماله الرقيق ، فأحببت أن تحظى بإمتلاكه ، لذا فكرت بصيده ، فألقيت فتافيت الخبز إليه بمنتهى الرقة والحنان حتى إطمئن إلى يدك الممدوة إليه ، ثم على حين غرة أدخلته في قفص ذهبي وأغلقته بقفل وردي ، حارماً إياه من الغناء والحرية مرة أخرى يا ملاذى الملعون....
أما بعد...!!
نحن لا نقع في الحب باختيارنا ، لكن الابتعاد عن من نحب قرار يمكن اتخاذه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند ريهام
_مش هتحصل مصيبة يا ماما .. ابريل هترجع لمصطفي وقريب اوي
جحظت عينيها بدهشة ، وهي تتساءل بسرعة : هي قالتلك حاجة!؟
رفعت ريهام حاجبها بغطرسة مجيبة اياها بثقة : من غير ماتقولي .. ابريل مش هتكمل مع باسم لان لو مش واخدة بالك هي وافقت علي الخطوبة مش حبا فيه زي ماهي عايزة تقنعنا .. كل الحكايه انها عايزه تضايق مصطفى مش اكتر .. يعني فترة بسيطة وهيسيبو بعض
عبست ملامحها في استنكار ، وأسندت مرفقيها على فخذيها ، وشبكت أصابعها ببعضها البعض ، وهي تتساءل بنفاذ الصبر لا تخلو من الإرتعاب : وانتي جايبة الثقة دي منين؟!
نهضت سلمي من مكانها ، وهي تتحرك ذهاباً وإياباً ، وقصفتها بالمزيد من الاستفسارات التي كانت تتماوج في رأسها بتوتر : ماهي حتي لو سابته هنضمن ازاي انها ترجع لمصطفي .. وتفتكري مصطفي اصلا هيبقي لسه عايزها بعد اللي عملته فيه
وقفت ريهام في وجهها ، ورفعت يديها لتضعهما فوق ذراعين والدتها ، وشرحت لها بنفس النبرة الواثقة ، ممتصة غضبها : دي بقي سيبيها عليا .. انا كلمت مصطفي امبارح ورايحة اقابله انهارده .. ومش بعيد اقدر اخليه يغير رأيه و يتمسك بيها اكتر
أنفرجت اسايرها بتفاجئ ، وقرع قلبها ينبض بأمل جديد ، فهتفت تشجيعا : تبقي بنت امك بصحيح اذا نجحتي في كدا يا ريمو
تعالت ضحكاتها بخبث ، وهي تطمئنها بغرور : ماتخافيش يا ماما الافكار عندي كتير اوي بس محتاجين شوية صبر .. يلا يدوب اروح الاتيليه اخلص اللي ورايا وبليل هروح اقابله اوكي
وهكذا أنهت حديثها معها ، وهي تتحرك من أمامها ، تأخذ حقيبة اليد من فوق طاولة الزينة ، بينما سلمى جالسة على السرير تتنفس الصعداء ، ثم قالت بابتسامة : طيب يا حبيبتي ماتنسيش تطمنيني باخبار كويسة..
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال هذا الوقت
عند عز
تململ في نومه ، وهو يعقد حاجبيه بانزعاج من تلك اللمسات الناعمة ، كما لو كانت تخبره بهدوء أنها بجانبه.
فتح عز عينيه ببطء ، وفوقع بصره على كف يدها ، الذي تداعب به خده صعوداً وهبوطاً بنعومة.
أدار عز رأسه إليها ، فأغلقت عينيها على الفور متظاهرة بالنوم ، تأملها بحاجبين معقودين ، قبل أن تلوح شبه ابتسامة متعجبة على فمه من هيئتها ، عيناها مغلقة ، وإحدى يديها تحت رأسها ، ولا تزال تمرر اطراف أصابعها على لحيته في آن واحد.
ساورها الفضول حيال صمته ، ففتحت عين واحدة ببطء ، لتراه يحدق بها قبل أن يهمس بصوت خشن ممزوج ببحة النعاس : صباح الخير .. بطتي الشقية قايمة من بدري وعمالة تعاكس فيا
نظرت اليه من خلف جفونها نصف المغمضة ، ثم غمغمت بهمس : انا لسه نايمة
_والله .. من يوم ما اتجوزنا دي أول مره أعرف انك بتتكلمى وأنتي نايمه..!!
جاراها عز بذهول ، مستمتعًا بسحر لمساتها الرقيقة ، بالإضافة إلى حركاتها اللطيفة التي تخطف الأنفاس من صدره.
أجابته مني بابتسامة ، وجفونها لا تزال مغلقة : دي غلطتي عشان خبيت عليك مرضي اللي مالوش علاج
رفع أحد حاجبيه الكثيفين في دهشة مما زاده وسامة، ثم غمغم متسائلا : ومن امتي وانتي علي الحال دا؟!
_من اول يوم اتجوزتك فيه
تلقى منها الجواب بنفس الهمس بجانب أذنه ، ثم ما لبث أن مالت بوجهها نحوه ، وقبلت خده بحنان ، مع ابتسامة كسولة علقت على زاوية فمه من حلاوة قبلتها ، فيما عادت للنوم على جانبها كما كانت.
ضم شفتيه معًا في خط مستقيم ، وهز رأسه بخيبة أمل وآسي مصطنعين : لساني مش مطاوعني اقولك ربنا يشفيكي منه .. انا عايزك كدا مريضة بيا علي طول
ابتسمت منى بهيام وهي تراه ينحني عليها ليضع رأسه على صدرها ، ويلف ذراعه حول خصرها مثل طفل يتودد إلى حنان أمه : انا مش بس مريضة بيك انت الميه والهواء والنفس ليا يا حبيبي
بادر عز بسؤال ، وهو يرفع وجهه إليها : يعني تقدري تعيشي من غيري قد ايه كدا بأقصي حد؟
زمت شفتيها المغوتين بتفكير مصطنع ، لتقول بتمتمة ناعمة : يعني يوم او يمكن يومين كدا
_ماتصيعيش تقدري تعيشي من غير ميه اسبوع عادي
قالها بنبرة مرحة ممزوجة بالضحك ، وهو يطبع قبلة خفيفة على شفتيها المزمومتين ، ثم سرعان ما غمس وجهه في صدرها مرة أخرى ، ليصله صوتها المتحشرج من فرط المشاعر التي تعصف بقلبها النابض بقوة تحت رأسه : بس مقدرش استغني عن الهواء لو دقيقة واحدة .. وكل ما يخطر علي بالي .. اني ممكن اصحي في يوم وماتبقاش في حياتي بتجنن واترعب
نظرته العاشقة تركزت على مقلتيها الدامعتين بعد أن رفع نفسه نحوها ، ليهمس لها بحزم حنون : راسك الحلوة دي مش عايزها تفكر في الافكار دي تاني .. احنا هنعيش سوا .. و نكبر سوا ولا تقدر اي حاجة هتبعدني عنك
اتسعت ابتسامتها ، فازدادت جمالا مع إشراقة وجهها الجميل ، وأحاطت وجهه بين يديها قائلة بنبرة منخفضة جعلت انتظام نبضات قلبه يضطرب ولهاً وعشقاً من أجلها : بحبك اوي
اقترب عز متصنعاً عدم سماع همسها ، ليغمغم بجانب شفتيها : ايه .. ماسمعتش؟!
تعالت ضحكاتها بنعومة ، ثم ما لبث ان نطقت بحب : بحبك اوي
التمعت عيناه بغرام جارف ، مجمجماً بنفس اللهجة : علي صوتك اكتر
مررت بأطراف أصابعها علي لحيته قبل أن تطبع فوقها خده بقبلة هادئة ، لتكرر بهمسً مفعم بالعشق : بحبك اوي
أغمض عز جفنيه ، وهو يشعر بالنعيم يغلفه وهي بين ذراعيه ، مستمتعاً بنبرة صوتها الكنارى ، وتنهداته المنتشية تشق فمه ، وهو يعانق جسدها له أكثر : ايوه كدا سمعت
اتسعت عيناه من الصدمة ، وهو ينتشل نفسه من خضم ذكرياته فور أن شعر أنه لا يحتضن سوى الفراغ.
نظر حوله بتيه ، ليكتشف أخيرًا أن ما كان يعيشه قبل بضع ثوانٍ ، لم يكن سوى ذكرى قديمة مدمجة في دفتر ذكرياتهم.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
بعد فترة وجيزة
سمع عز طرقًا على باب الغرفة ، وقبل أن يسمح بالدخول ، وجده ينفتح ، ليظهر باسم بطول قامته خلفه.
وقعت نظراته على الشخص الجالس على السرير ، وتحيط به موجة من الدخان المتصاعد من احتراق سيجارته.
شعر بالأسى على حالته ، فأخذ نفساً طويلاً قبل أن يهتف بنبرته الهازئة ، وعلى فمه ابتسامة جانبية : جرا ايه في الدنيا يا ابو الصحاب كل ما اسأل عليك يقولولي معتكف .. انت لو واخد سويت في اوتيل مش هيجيلك التلت وجبات جوا الاوضة كدا
داس عز بقايا سيجارته في منفضة السجائر الموضوعة على الطاولة قبل أن يلتفت إليه ، صائحاً بصوت منزعج : الله يخليك يا باسم مش ناقصك اخرج واقفل الباب وراك
كتف باسم ذراعيه أمام صدره بعدم رضا ، وقال بصوت ذو مغزى : لحد امتي هتفضل راكب دماغك كدا ومش عارف تهدي من عصبيتك المتخلفة دي شوية
صاح عز بصوت غاضب : استغفر الله العظيم .. باسم انا علي اخري .. يا تتكلم عدل يا تغور برا .. القرف اللي فيا يكفي بلد بحالها
لاحظ باسم نظرات عز الزائغة علي الهاتف بتوتر ، فإتجه إليه ، ليجلس على السرير امامه قبل ان يبادر بسؤاله : عايز تكلمها مش كدا؟!
اندلعت شرارات من اللهب ، يغلفها الشوق الغامر لها في مقلتيه ، وهو يتململ في مقعده كأنه جالس فوق نيران تحرقه ، وأخبره بنبرة معذبة يملؤها الحزن : حايش نفسي بالعافية .. هاين عليا اقوم اروح اجيبها من عند امها ولو بالغصب .. انا اصلا معرفش ازاي فاتو عليا اليومين دول من غير ما اشوفها .. انا مش متخيل اصلا اني عايز اكلمها ومش عارف هكلمها بأنهي وش هقولها ايه .. دماغي هتشت مني!!
هكذا تكلم عز ، والدموع الحارقة تلمع في عينيه ليربت باسم على قدم الآخر بمؤازره ، وهو يخاطبه بجدية : تعالي علي نفسك شوية واستحمل عشانك وعشانها .. سيبها تقعد مع نفسها كام يوم عشان تفكر كويس وتحس بغيابك وتسأل نفسها انت روحت فين وليه ماحاولتش تكلمها او تروحلها ساعتها هي من جواها هتحس لانها محتجالك .. لكن طول ما انت اللي هتفضل تطاردها هي هتهرب منك
هز رأسه له بالموافقة على مضض ، ثم سأله بسرعة بنفاذ صبر : يعني اعمل ايه..؟
تطلع باسم حوله بنظرات غير راضية ، وهو يدلك ذقنه بأطراف أصابعه مفكرًا ، ثم أخبره بهدوء : تطلع من الحالة الكئيبة اللي حاطط نفسك فيها دي .. وقوم البس هتيجي معايا نروح لخالد .. الراجل متخرشم علي الاخر
عقف حاجبيه بإستغراب إحتل سؤاله : ليه هو ايه اللي جراله...!!!
استقام باسم واقفاً ، ليسير ناحية الباب ، معقباً عليه بعجل : انجز انت وفي السكة هبقي احكيلك
أنهي باسم كلامه في نفس الوقت الذي أغلق فيه الباب خلفه.
تنهد عز بقوة ، ونهض من السرير بعد أن أزال الغطاء عنه ، ثم توجه إلى الحمام استعدادًا للخروج.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى الساعة السابعة مساءا
داخل إحدى المقاهى
جلست ريهام أمام مصطفى بمظهرها الأنيق ، وعينيها الزرقاوين تتلألأ ببريقهما الخلاب ، وقالت بابتسامة ساحرة ينخدع بها أعتى الرجال : ميرسي ليك يا مصطفي انك وافقت تيجي و نتقابل
إبتسم مصطفي مجاملاً اياها بهدوء : رغم ان مش راضي وعلي اخري من اللي بيحصل من اختك وابوكي .. بس انتي معزتك عندي كبيرة يا ريهام
بادلته الإبتسامة ، وهي تتحدث بلطف : وانت كمان احنا مش بس قرايب احنا اصحاب وطول عمرنا متربيين مع بعض .. عشان كدا مش عايزاك تاخد قرار متسرع يا مصطفي تظلم ابريل بيه
دلت ملامح وجهه الرجولية التي يكسوها احمرار طفيف إلى استيائه فور انتهاء جملتها ، أعقبه تفوه الغاضب : اختك حولتلي تمن الفستان والدبلة الصبح .. و كل المواقع والاخبار ناشرة صورها في حضنه وتقوليلي ماظلمهاش دا عبث يا ريهام
صمتت ريهام لعدة ثواني ، بحثًا عن إجابة ترد به عليه وهى توبخ ابريل سراً في عقلها ، قبل أن تنظر إليه وقالت بنبرة دبلوماسية : شوف يا مصطفي انا هكون طرف محايد زي ماهي غلطت .. انت كمان غلطت .. ابريل بنت حساسة جدا و كرامتها فوق كل حاجة وانت عارف دا كويس
رمقها بنظره ممتعضة ، هاتفا بنبرة محتدة : حساسة ايه و زفت ايه بقولك في حضن غيري؟!
زمت شفتيها بضيق من لهجته معها ، لكنها بصبر بدأت تنسج خيوط قصتها الخيالية حول ذهنه : الموضوع مش كدا خالص .. دا جارنا من زمان وكانت عينه مني لما صديته حب يستفزني .. وطلب في حفلة اخته ايد ابريل قدام الكل وهي واقفت في لحظة انفعال بعد صدمتها بموضوع جوازك .. لكن هي مابتحبوش ولا تعرف حاجة عنه اصلا
زوى مصطفي حاجبيه بحنق تطابق مع تلفظه : انا كنت عارف انه واحد حقير ومستغل بس ماتصورتش يبقي منحط لدرجة دي .. وانتي ازاي ساكتة عليه .. ماعرفتيهاش الحقيقة وقولتي لباباكي
سأل مصطفى مستفسرا في نهاية عبارته ، عبست ملامحها الفاتنة بحزن مصطنع ينضح بصوتها الناعم المملوء بالمكر الخفى : ماكنتش عايزة اعمل مشكلة بينا وبين عيلته هما اصدقاء لعيلتنا من زمان جدا وكمان بعد اللي حصل هي ثقتها فينا انعدمت مكنتش هتصدقني
هتف مصطفي محتجاً : كل اللي قولتيه ماينفيش انها غلطانة في حقي اكتر ماغلطت في حقها بكتير اختك واتحديتني بكل بجاحة وانا لأخر وقت كنت كويس معاها واستحالة انسالها اللي عملته
طالعته ريهام بقلق بمجرد ظهور غضبه من أبريل مرة أخرى ، وسرعان ما غيرت دفة الحديث بحزن مزيف : باسم انسان خبيث انا خايفة عليها منه ممكن يضحك عليها ويضرها من غير ماتحس
نفخ مصطفي بإستياء قبل ان يرد من بين شفتيه المضغوطتين : انا هعرف بطريقتي اخليه يبعد عنها غصبن عنه
تجعدت ملامحها على الفور من كلامه التهديدي ، من المؤكد أنها لم تكن تريده أن يؤذي باسم ، فغمضت عينيها واستفسرت بصوت يملؤه القلق : يعني ايه .. انت ناوي علي ايه يا مصطفي
ارتشف مصطفى قليلاً من فنجان قهوته قبل أن يجيب بغموض غير مريح : هتعرفي في الوقت المناسب
تجنبت نظراته الثاقبة لها ، حينما نظرت إلى ساعة هاتفها بتوتر ، ثم خاطبته بنبرة لينة : طيب ممكن تيجي معايا علي البيت و نكمل كلامنا هناك بليز يا مصطفي ماما اعصابها تعبانة جدا من بعد اللي حصل وانا قلقانة يجرالها حاجة
اماء مصطفي اليها بالموافقه على مضض
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور ساعة
بداخل غرفة مني
_استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم .. يارب سامحني واغفرلي ذنبي .. انا عارفة اني غلطانة وارتكبت اثم في حق نفسي لما حاولت انتحر .. كانت النتيجة اني خسرت هديتك ليا .. انا استاهل عقابك بس سامحني واهديني للطريق الصحيح يارب .. اشفيني منه وخرج حبه الملعون من قلبي يارب .. دي غلطتي انا اللي حبيته بالشكل دا انا للي اذيت نفسي وانا مش حاسة يارب سامحني وعوضني خير من عندك يا كريم
أنهت مني صلاتها ، وطويت سجادتها قبل أن تنزع الاسدال عنها ، ثم توجهت إلى شرفة غرفتها ، تمسح الدموع عن وجهها بأطراف أصابعها المرتجفة ، إذ لم تفعل شيئاً منذ يومين إلا البكاء على حالها وعلى قلبها الذي كاد أن يتوقف من شدة الحسرة وألم الفقد الذي تشعر به.
جلست مني على المقعد ، وهي تضع يدها لا إراديا تتحسس بطنها بابتسامة مريرة ، هى ليست غافلة عن حقيقة كونها السبب فيما آلت إليه حياتها ، فهي التي تخلت عن أشياء كثيرة لإرضاء زوجها ، قلبها هو الذي لف حبلاً خانقاً حول رقبتها حتى زهدت روحها بإبتسامة عريضة علي وجهها
ابتلعت تلك المرارة التي استقرت في جوفها ، والذكريات تتضارب في ذهنها ، لتغرقها في أعماق بحره العميق.
flash back
كانت منى تجلس في حضن عز على الأريكة في غرفة المعيشة داخل منزلهما ، بينما كانت تتصفح أحد مقاطع الفيديو على هاتفها أثناء مشاهدة عز لأحد البرامج على التلفاز.
جذبت مني انتباه بصوتها المتحمس مشوب بالحنين : شايف يا عز البنوتة السكرة دي جميلة اوي اوي ماشاء الله .. شايف شايف ضحكتها العسل والله دي الواحد مايشبعش منها ابدا طول الوقت
_زي ما انا مش بشبع منك ابدا كدا؟!
همس عز لها بتلك الكلمات بصوت أجش مثير بجانب أذنها ، بينما يميل نحوها ، وعض وجنتها برفق ، فأبعدت رأسها عنه ، وهي تتذمر برقة : يوووه من حركاتك دي يا عز .. الفيديو هنا شوف
أدارت مني وجهه نحو الشاشة بيدها ، فاخذ منها الهاتف وقال بنبرة غاضبة : اشوف ايه بس!! دول شوية ناس مستعبطة اصلا .. مش فاهم ليه بيستعرضو عيالهم بالمنظر دا .. كل دا عشان كام الف لايك و كومنت في الاخر .. انا لما يبقي عندي بنوتة قمر كدا من خوفي عليعا هخبيها عن عيون الناس محدش عارف النفوس شايلة جواها ايه لبعض؟
ابتسمت مني بحبور ، وتسارعت نبضات قلبها شوقا ، سألت بنبرة ثقيلة : يعني انت نفسك في بنت؟
غمز لها عز وهو يحدق بها بنظرة وقحة ، شعرت بأنها عارية أمامه ، وهو يقول بخفوت عابث : جدا انا بموت في البنات هو في احلي منهم
لطمت خده بغيظ ، ووبخته بشفتين مزمومتين ، أثارت فيه رغبات غير اخلاقية : احترم نفسك انا بكلم بجد دلوقتي..
لانت ملامحها ، وأخفضت بصرها ، مع ارتباك شعر به في صوتها فور أن قالت : يعني انت موافق اننا نجيب بيبي يا عز وننهي موضوع تأجيل الخلفة اللي اتفقنا عليه في اول جوازنا!!!
شعرت بقبلته الناعمة على جبينها ، وهو يحرك خصلات شعرها خلف ظهرها ، ليسألها هامساً : انتي مستعدة لكدا؟!
حدقت مني فيه بسرعة ، مبتهجة أسايرها ، وعيناها تتلألأ بوميض متلهف ، ردت مندفعة : اوي يا عز ماتتخيلش قد ايه نفسي اوي اجيب منك بيبي .. ها موافق ؟!
طال عز النظر إلى عينيها بغموض قبل ان يجيبها بجمود : مش عارف لسه حاسس اني هندم اوي لو وافقت
تضاءلت البسمة فوق ثغرها الفاتن ، وهي تسأله بتمهل به لمحة خوف : ليه بتقول كدا!! هو انت مش...
ظهرت البسمه على شفتيه قاطع بقية جملتها بتقبيل خديها بقبلات ناعمة متتالية ، وهو يتمتم ببحته الرجولية الزاخرة بالشغف : انا كمان نفسي اوي في طفل منك.. بس خايف؟!
سألت بعينيها الساحرتين اللتين أذابت روحه في طبقات البندق اللذيذة في مقلتيها ، وسرعان ما لف ذراعيه من حول جسدها أكثر بتملك عاشق ، ليتابع عبارته بنفس النبرة : انا بس متعود ان اهتمامك كله ليا انا لوحدي .. ف علي قد ما انا عايز اخلف منك علي قد ما انا غيران من فكرة انه لما يجي الطفل دا هيشاركني فيكي و ممكن يلهف كل وقتك وتنسيني انا
أنهى عز كلامه بتذمر طفولي حاد مليئ بالتملك ، عقدت حاجبيها من جدية كلامه غير المنطقي ، لكنها في النهاية تعشق هذا الرجل بقلبه العفوي ، فقاربت جسدها منه داخل حضنه ، وشرعت في استرضائه بلطافة : هو انت هتغير من ابنك من قبل ما يجي يا مجنون .. انا وانت هنبقي شركاه في النونو .. هنربيه ونحبه و نهتم بيه مع بعض يا زوز
لمعت عيناه بوميض ملتحفاً بالشغف ، وهو يهز رأسه بالموافقة فيما يسحبها من خصرها، لتعانق رقبته بكلتا ذراعيه بابتسامة مليئة بالفتنة ، فهمس فوق شفتيها بإغواء رجولي جذاب : قدام زوز دي من شفايفك الحلوة تسقط كل اسلحتي وبرفعلك الراية البيضاء بكل حب واستسلام يا بطة قلبي
اقترب عز منها حتى اختلطت أنفاسهما سوياً ، حركت وجهها يميناً ويساراً ، في محاولة للتمنع عليه بدلال ، لكن قبلاته المحمومة بالجنون ، وهمساته لها بهذه العاطفة الجياشة جعلت قلبها يستجيب له بنفس الشغف الملتهب.
back
خرجت من الانغماس في أفكارها عند شعورها بلمسات ناعمة على قدميها.
خفضت نظرتها إلى القطة الصغيرة التي يمتلكها ابن أخيها ، فانحنت والتقطته بلطف من الأرض ، ووضعته في حجرها ، ودبت رأسه الناعم ، وهي تنظرت إلى الأمام مرة أخرى في صمت.
لها هي الآن فقدت بآن واحد جنينها وزوجها الذي أحبته أكثر من حياتها ، حتى باتت تشعر بأنها لا قيمة لها بدونه ، فهو ملاذها ولعنتها في نفس الوقت ، لذا لن تلقي اللوم عليه وحده ، هى أيضا ملامة بشدة ، ولكن تسمح لنفسها بأن يستهلكها الحزن وتظل عالقة بذكرياته إلى الأبد ، عليها أن تتقبل الواقع يكفى عناد ودموع.
أخذت مني نفسًا عميقًا ، وقررت المضي قدمًا وتغيير هذا الشعور المرير إلى شيء إيجابي قريبًا.
ما حدث لن يكون نهاية العالم ، ولن تتوقف الحياة حزناً عليها ، ولن ينفعها الاستمرار في البكاء على الأطلال ، وعند وصولها إلى هذا الحد من التفكير ، قامت من مقعدها عازمة على فعل شيء ما.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في ذلك الوقت
عند ابريل
كانت تجلس على الأريكة في غرفتها ، وفي يدها الكتاب الذي أهداها إياه أخيها.
فجأة أغلقته وانحنت إلى الأمام في مقعدها ، وقدميها متقاطعتان ، وهي تمضغ قطعة الشوكولاتة فى فمها بملامح مستاءة قائلة في دهشة من حالها : هو انا شاغلة دماغي و ملهوفة اني اشوفه كدا ليه اصلا .. وايه القلق اللي حاسة بيه دا!! ما خلاص الجرايد كلها ناشرة صورنا مع بعض .. يعني خلاص بقينا مرتبطين ومايقدرش يخلع
أدارت ابريل مقلتيها بضجر ، وهي تلعب بأطراف ضفيرتها وأردفت بإغتياظ : بس دا باين عليه لعبي وانا مش مطمنة ليه خالص .. يا تري هيكون راح فين!! دا بقاله يومين ولا حاول يجي و لا شوفته في الكومبوند كله .. حتي لما مامته شافتني الصبح ماجبتش سيرة عنه و سألت علي صحتي وخلاص .. اوووف يحصل اللي يحصل بقي انا شاغلة دماغي بيه ليه اصلا!!!
نفخت ابريل وجنتيها بإمتعاض ، ثم تذكرت مكالمتها مع جدتها أمس..
flash back
_ازيك يا سبورة عاملة ايه؟
اختتمت سؤالها بنبره مرحه ، وتلوى شدق صابرين بتذمر زائف قبل أن تضحك بخفة وهي تسأل بمحبة : هعديلك سبورة دي يا كلبة المرة دي .. طمنيني كنا قلقانين عليكي اوي
اجابت ابريل بهدوء : انا تمام والله
رأتها أبريل تجلس بجوار تحية ، وتضع الهاتف على بعد مسافة حتى ظهرت صورة جدتها أمامها وهي تهتف بلهفة : ابريل يا حبيبتي انتي كويسة
ابتسمت ابريل بشوق كبير ، هاتفة بحب : يا توحا وحشتيني اوي
_وانتي يا روح قلب توحا كان قلبي هينخلع من خوفي عليكي
_بعد الشر علي قلبك يا ستي .. ماتعيطيش انا كويسة والله العظيم زي ما انتو شايفين اهو
عارضت تحية بعدم اقتناع نابع من خوفها عليها : كويسة ايه بس انتي لونك مخطوف يا بنتي وصوتك كمان باين عليه التعب
تدخلت صابرين مستفسرة بعدم فهم : ايه اللي حصل يا ابريل؟ ليه تعبتي جامد كدا احنا مش فاهمين حاجة و احمد تليفونه مقفول من امبارح ولا بيرد علينا!!
تجاهلت إبريل الرد على كلامها الأخير ، ولم تخمن كثيرًا ، إذ عرفت أن ذلك بسبب استفزازها له ، لكنها اضطرت لذلك حتى لا يتصاعد النقاش بينهما ، ويؤدي إلى مشاجرة مع باسم ، كان عليها أن تجعله يستيقظ على حقيقة أنها لم تعد بحاجة إليه منذ فترة طويلة.
نفضت ابريب تلك الافكار من ذهنها ، مبررة بكذب : كانو شوية تعب خفاف انتو عارفين تغيير الجو بيأثر عليا و كمان انا فسخت خطوبتي من مصطفي
اتسعت أعينهم من الصدمة ، وقبل أن يطرحوا عليها المزيد من الأسئلة ، بدأت تروي لهم أحداث اليومين الماضيين ، وعندما انتهت صاحت صابرين بإستشاطة : ابن ال...... منه الله اللي معندوش ضمير .. هو فاكر ان بنات الناس لعبة .. وازاي ابوكي ومراته الحربوقة يعملو كدا!!
تحية بقلق : ابريل ارجعي يا بنتي وخليكي هنا معانا ووسطنا .. انا مش هستحمل يجرالك حاجة وانتي معاهم لوحدك .. مابقتش اامن تقعدي مع الناس دول بعد عملتهم السوده دي..
فركت إبريل طرف أنفها متوترة من جدية جدتها في الحديث ، ثم همهمت بخفوت : مش هينفع يا ستي
ردت صابرين بدلا من والدتها بإمتعاض : استني انتي يا ماما .. يعني ايه مش هينفع يا ابريل .. انتي بتفكري ترجعيله ولا ايه!!!
هزت ابريل رأسها بقوة نافية علي الفور : استحالة ارجع للبني ادم دا .. انا بعتله كل حاجته وموضوعه بالنسبالي اتقفل
صابرين بتصميم : يبقي خلاص واحد مافيش حاجة اسمها تفضلي عندهم يوم واحد تاني
ربتت تحية على ذراع صابرين ، حتى تسيطر علي انفعالها قبل أن تتحدث إلى أبريل بحنان : خالتك بتكلم صح يا حبيبتي تعالي وعيشي معانا بقي وبكرا يجيلك عدلك يا حبيبتي وتتهني
ازدردت ابريل بإرتباك وتردد : ماهو في حاجة كدا حصلت لسه ماحكتلكوش عليها...
تكلمت صابرين بعدم ارتياح من تحركات أبريل المضطربة ، التي تعرفها جيدًا كلما ارتكبت كارثة : ايه حصل تاني ماتكلمي علي طول يا مزغودة .. انا اعصابي ساحت منك
فركت ابريل كفيها معًا قبل أن تتحدث بسرعة ، كما لو كانت على وشك أن تُلقى نفسها في البحر : انا هتخطب
صابرين بإنشداه : تتخطبي !! هو انتي لحقتي؟!
ابريل بتذمر : يا ستي ما تسكتيها بقي كل شوية بتقطعني .. ماتسمعي للاخر يا صابرين
لوحت صابرين بكلتا يديها مستاءة بعبوس : اسمع ايه ونيلة ايه!! تفسخي وتتخطبي واهلك معندهمش خبر .. هي دي اخرتها يا جزمة
تضاحكت ابريل بخفة ، وردت بسلاسة : هو انا بقولك اتجوزته!! هو كلم بابا من يومين بس
رمقتها صابرين بزاوية عينيها بنظرة ذات مغزي ، فيما استفسرت الجدة بصوتها الهادئ : ويطلع مين دا يا ابريل؟
ابريل بمراوغة : شاب ابن ناس كويسين ومحترمين اوي جيرانا .. لما تعبت هما اللي اهتموا بيا و جابوني علي المستشفي .. يبقوا جيرانا بالكومبوند هو اصلا بتاعهم وعندهم شركة مقاولات كبيرة ..
صابرين بسؤال مباشر : المهم هو ايه نظامه؟
رددت ابريل بثقة كاذبة : هو كويس ومحترم جدا ووسيم كمان
_يلا انا هقفل شوية عشان استريح وهرجع اكلمكم تاني
back
زفرت أبريل بقوة ، وهي تضرب إحدى كفيها بأخرى ، ساخرة من نفسها : معرفش انا هقصر اكتر من كدا ايه تاني من كتر الكدب اللي عمالة بكدبه من ساعة ما شوفت البني ادم دا
وصل إلى أذنيها صوت غريب من خلف شرفة غرفتها المفتوحة ، فأدارت رقبتها إلى الوراء في دهشة لتعرف ما هذا الصوت.
اتسعت مقلتيها بذعر يدب في قلبها ، حالما رأت ظلا طويلا يتحرك من خلف الستائر البيضاء ، فنهضت من مكانها بهدوء ، وعقلها يتخيل العديد من السيناريوهات السيئة حول هوية ذلك الشخص الذي يختبئ في الظلام ويريد اقتحام الغرفة بهذه الطريقة.
بدأت تفكر بسرعة إذا كان عليها أن تصرخ طلباً للمساعدة ممن في المنزل ، سيمر قدر لا بأس به من الوقت حتى يتمكنوا من الوصول إليها ، مما يمنح هذا الشخص المجهول وقتًا كافيًا لإيذاءها فعليًا ، لذلك ليس أمامها وسيلة للدفاع عن نفسها سوى مهاجمته أولاً ، لتسرع فى خطواتها ، وتلتقط مضرب بيسبول شقيقها بجوار الخزانة ، وتغلق مقبس الكهرباء ، فتغرق الغرفة في الظلام باستثناء شعاع ضوء خافت يتسرب من فتحة الشرفة ، والتي بمجرد أن استدارت نحوها مرة أخرى ، وجدت أنه على وشك الدخول منها ، فمشت على أطراف أصابع قدميها حتى لا تحدث أي ضجيج ، ووقفت خلف الجدار ، بجانب باب الشرفة ، ورفعت المضرب بين يديها ، وفور أن دخل الغرفة ، هبطت على رأسه بكل قوتها فخرج صوت أنين متألم من فمه ، تزامنًا مع سقوطه على الأرض كجثة هامدة.
ركضت إلى الزر الكهربائي ، وضغطت عليه ، ثم عادت إلى مكانها ببطء ، ممسكة بالمضرب بشكل دفاعي ، تريد أن تعرف من هو قبل أن تنادي من في المنزل.
جحظت عيناها بهلع ، وعلامات الصدمة بادية على ملامحها ، وهى تشهق بحشرجة مرتعبة : يااااالهوي!!!!
كنت كـ طائر الكناري الطليق يتلولب في الهواء ، حيث كان واثباً فوق الشجرة عالية ، ويغني للأغصان بصوته الرائع كل صباح ، فصادف ان شاهدته من بين الاغصان ، فأعجبت به وأنجذبت نحوه ، مم جعلك لا تستطيع ان تقاوم جماله الرقيق ، فأحببت أن تحظى بإمتلاكه ، لذا فكرت بصيده ، فألقيت فتافيت الخبز إليه بمنتهى الرقة والحنان حتى إطمئن إلى يدك الممدوة إليه ، ثم على حين غرة أدخلته في قفص ذهبي وأغلقته بقفل وردي ، حارماً إياه من الغناء والحرية مرة أخرى يا ملاذى الملعون....
أما بعد...!!
نحن لا نقع في الحب باختيارنا ، لكن الابتعاد عن من نحب قرار يمكن اتخاذه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند ريهام
_مش هتحصل مصيبة يا ماما .. ابريل هترجع لمصطفي وقريب اوي
جحظت عينيها بدهشة ، وهي تتساءل بسرعة : هي قالتلك حاجة!؟
رفعت ريهام حاجبها بغطرسة مجيبة اياها بثقة : من غير ماتقولي .. ابريل مش هتكمل مع باسم لان لو مش واخدة بالك هي وافقت علي الخطوبة مش حبا فيه زي ماهي عايزة تقنعنا .. كل الحكايه انها عايزه تضايق مصطفى مش اكتر .. يعني فترة بسيطة وهيسيبو بعض
عبست ملامحها في استنكار ، وأسندت مرفقيها على فخذيها ، وشبكت أصابعها ببعضها البعض ، وهي تتساءل بنفاذ الصبر لا تخلو من الإرتعاب : وانتي جايبة الثقة دي منين؟!
نهضت سلمي من مكانها ، وهي تتحرك ذهاباً وإياباً ، وقصفتها بالمزيد من الاستفسارات التي كانت تتماوج في رأسها بتوتر : ماهي حتي لو سابته هنضمن ازاي انها ترجع لمصطفي .. وتفتكري مصطفي اصلا هيبقي لسه عايزها بعد اللي عملته فيه
وقفت ريهام في وجهها ، ورفعت يديها لتضعهما فوق ذراعين والدتها ، وشرحت لها بنفس النبرة الواثقة ، ممتصة غضبها : دي بقي سيبيها عليا .. انا كلمت مصطفي امبارح ورايحة اقابله انهارده .. ومش بعيد اقدر اخليه يغير رأيه و يتمسك بيها اكتر
أنفرجت اسايرها بتفاجئ ، وقرع قلبها ينبض بأمل جديد ، فهتفت تشجيعا : تبقي بنت امك بصحيح اذا نجحتي في كدا يا ريمو
تعالت ضحكاتها بخبث ، وهي تطمئنها بغرور : ماتخافيش يا ماما الافكار عندي كتير اوي بس محتاجين شوية صبر .. يلا يدوب اروح الاتيليه اخلص اللي ورايا وبليل هروح اقابله اوكي
وهكذا أنهت حديثها معها ، وهي تتحرك من أمامها ، تأخذ حقيبة اليد من فوق طاولة الزينة ، بينما سلمى جالسة على السرير تتنفس الصعداء ، ثم قالت بابتسامة : طيب يا حبيبتي ماتنسيش تطمنيني باخبار كويسة..
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال هذا الوقت
عند عز
تململ في نومه ، وهو يعقد حاجبيه بانزعاج من تلك اللمسات الناعمة ، كما لو كانت تخبره بهدوء أنها بجانبه.
فتح عز عينيه ببطء ، وفوقع بصره على كف يدها ، الذي تداعب به خده صعوداً وهبوطاً بنعومة.
أدار عز رأسه إليها ، فأغلقت عينيها على الفور متظاهرة بالنوم ، تأملها بحاجبين معقودين ، قبل أن تلوح شبه ابتسامة متعجبة على فمه من هيئتها ، عيناها مغلقة ، وإحدى يديها تحت رأسها ، ولا تزال تمرر اطراف أصابعها على لحيته في آن واحد.
ساورها الفضول حيال صمته ، ففتحت عين واحدة ببطء ، لتراه يحدق بها قبل أن يهمس بصوت خشن ممزوج ببحة النعاس : صباح الخير .. بطتي الشقية قايمة من بدري وعمالة تعاكس فيا
نظرت اليه من خلف جفونها نصف المغمضة ، ثم غمغمت بهمس : انا لسه نايمة
_والله .. من يوم ما اتجوزنا دي أول مره أعرف انك بتتكلمى وأنتي نايمه..!!
جاراها عز بذهول ، مستمتعًا بسحر لمساتها الرقيقة ، بالإضافة إلى حركاتها اللطيفة التي تخطف الأنفاس من صدره.
أجابته مني بابتسامة ، وجفونها لا تزال مغلقة : دي غلطتي عشان خبيت عليك مرضي اللي مالوش علاج
رفع أحد حاجبيه الكثيفين في دهشة مما زاده وسامة، ثم غمغم متسائلا : ومن امتي وانتي علي الحال دا؟!
_من اول يوم اتجوزتك فيه
تلقى منها الجواب بنفس الهمس بجانب أذنه ، ثم ما لبث أن مالت بوجهها نحوه ، وقبلت خده بحنان ، مع ابتسامة كسولة علقت على زاوية فمه من حلاوة قبلتها ، فيما عادت للنوم على جانبها كما كانت.
ضم شفتيه معًا في خط مستقيم ، وهز رأسه بخيبة أمل وآسي مصطنعين : لساني مش مطاوعني اقولك ربنا يشفيكي منه .. انا عايزك كدا مريضة بيا علي طول
ابتسمت منى بهيام وهي تراه ينحني عليها ليضع رأسه على صدرها ، ويلف ذراعه حول خصرها مثل طفل يتودد إلى حنان أمه : انا مش بس مريضة بيك انت الميه والهواء والنفس ليا يا حبيبي
بادر عز بسؤال ، وهو يرفع وجهه إليها : يعني تقدري تعيشي من غيري قد ايه كدا بأقصي حد؟
زمت شفتيها المغوتين بتفكير مصطنع ، لتقول بتمتمة ناعمة : يعني يوم او يمكن يومين كدا
_ماتصيعيش تقدري تعيشي من غير ميه اسبوع عادي
قالها بنبرة مرحة ممزوجة بالضحك ، وهو يطبع قبلة خفيفة على شفتيها المزمومتين ، ثم سرعان ما غمس وجهه في صدرها مرة أخرى ، ليصله صوتها المتحشرج من فرط المشاعر التي تعصف بقلبها النابض بقوة تحت رأسه : بس مقدرش استغني عن الهواء لو دقيقة واحدة .. وكل ما يخطر علي بالي .. اني ممكن اصحي في يوم وماتبقاش في حياتي بتجنن واترعب
نظرته العاشقة تركزت على مقلتيها الدامعتين بعد أن رفع نفسه نحوها ، ليهمس لها بحزم حنون : راسك الحلوة دي مش عايزها تفكر في الافكار دي تاني .. احنا هنعيش سوا .. و نكبر سوا ولا تقدر اي حاجة هتبعدني عنك
اتسعت ابتسامتها ، فازدادت جمالا مع إشراقة وجهها الجميل ، وأحاطت وجهه بين يديها قائلة بنبرة منخفضة جعلت انتظام نبضات قلبه يضطرب ولهاً وعشقاً من أجلها : بحبك اوي
اقترب عز متصنعاً عدم سماع همسها ، ليغمغم بجانب شفتيها : ايه .. ماسمعتش؟!
تعالت ضحكاتها بنعومة ، ثم ما لبث ان نطقت بحب : بحبك اوي
التمعت عيناه بغرام جارف ، مجمجماً بنفس اللهجة : علي صوتك اكتر
مررت بأطراف أصابعها علي لحيته قبل أن تطبع فوقها خده بقبلة هادئة ، لتكرر بهمسً مفعم بالعشق : بحبك اوي
أغمض عز جفنيه ، وهو يشعر بالنعيم يغلفه وهي بين ذراعيه ، مستمتعاً بنبرة صوتها الكنارى ، وتنهداته المنتشية تشق فمه ، وهو يعانق جسدها له أكثر : ايوه كدا سمعت
اتسعت عيناه من الصدمة ، وهو ينتشل نفسه من خضم ذكرياته فور أن شعر أنه لا يحتضن سوى الفراغ.
نظر حوله بتيه ، ليكتشف أخيرًا أن ما كان يعيشه قبل بضع ثوانٍ ، لم يكن سوى ذكرى قديمة مدمجة في دفتر ذكرياتهم.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
بعد فترة وجيزة
سمع عز طرقًا على باب الغرفة ، وقبل أن يسمح بالدخول ، وجده ينفتح ، ليظهر باسم بطول قامته خلفه.
وقعت نظراته على الشخص الجالس على السرير ، وتحيط به موجة من الدخان المتصاعد من احتراق سيجارته.
شعر بالأسى على حالته ، فأخذ نفساً طويلاً قبل أن يهتف بنبرته الهازئة ، وعلى فمه ابتسامة جانبية : جرا ايه في الدنيا يا ابو الصحاب كل ما اسأل عليك يقولولي معتكف .. انت لو واخد سويت في اوتيل مش هيجيلك التلت وجبات جوا الاوضة كدا
داس عز بقايا سيجارته في منفضة السجائر الموضوعة على الطاولة قبل أن يلتفت إليه ، صائحاً بصوت منزعج : الله يخليك يا باسم مش ناقصك اخرج واقفل الباب وراك
كتف باسم ذراعيه أمام صدره بعدم رضا ، وقال بصوت ذو مغزى : لحد امتي هتفضل راكب دماغك كدا ومش عارف تهدي من عصبيتك المتخلفة دي شوية
صاح عز بصوت غاضب : استغفر الله العظيم .. باسم انا علي اخري .. يا تتكلم عدل يا تغور برا .. القرف اللي فيا يكفي بلد بحالها
لاحظ باسم نظرات عز الزائغة علي الهاتف بتوتر ، فإتجه إليه ، ليجلس على السرير امامه قبل ان يبادر بسؤاله : عايز تكلمها مش كدا؟!
اندلعت شرارات من اللهب ، يغلفها الشوق الغامر لها في مقلتيه ، وهو يتململ في مقعده كأنه جالس فوق نيران تحرقه ، وأخبره بنبرة معذبة يملؤها الحزن : حايش نفسي بالعافية .. هاين عليا اقوم اروح اجيبها من عند امها ولو بالغصب .. انا اصلا معرفش ازاي فاتو عليا اليومين دول من غير ما اشوفها .. انا مش متخيل اصلا اني عايز اكلمها ومش عارف هكلمها بأنهي وش هقولها ايه .. دماغي هتشت مني!!
هكذا تكلم عز ، والدموع الحارقة تلمع في عينيه ليربت باسم على قدم الآخر بمؤازره ، وهو يخاطبه بجدية : تعالي علي نفسك شوية واستحمل عشانك وعشانها .. سيبها تقعد مع نفسها كام يوم عشان تفكر كويس وتحس بغيابك وتسأل نفسها انت روحت فين وليه ماحاولتش تكلمها او تروحلها ساعتها هي من جواها هتحس لانها محتجالك .. لكن طول ما انت اللي هتفضل تطاردها هي هتهرب منك
هز رأسه له بالموافقة على مضض ، ثم سأله بسرعة بنفاذ صبر : يعني اعمل ايه..؟
تطلع باسم حوله بنظرات غير راضية ، وهو يدلك ذقنه بأطراف أصابعه مفكرًا ، ثم أخبره بهدوء : تطلع من الحالة الكئيبة اللي حاطط نفسك فيها دي .. وقوم البس هتيجي معايا نروح لخالد .. الراجل متخرشم علي الاخر
عقف حاجبيه بإستغراب إحتل سؤاله : ليه هو ايه اللي جراله...!!!
استقام باسم واقفاً ، ليسير ناحية الباب ، معقباً عليه بعجل : انجز انت وفي السكة هبقي احكيلك
أنهي باسم كلامه في نفس الوقت الذي أغلق فيه الباب خلفه.
تنهد عز بقوة ، ونهض من السرير بعد أن أزال الغطاء عنه ، ثم توجه إلى الحمام استعدادًا للخروج.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى الساعة السابعة مساءا
داخل إحدى المقاهى
جلست ريهام أمام مصطفى بمظهرها الأنيق ، وعينيها الزرقاوين تتلألأ ببريقهما الخلاب ، وقالت بابتسامة ساحرة ينخدع بها أعتى الرجال : ميرسي ليك يا مصطفي انك وافقت تيجي و نتقابل
إبتسم مصطفي مجاملاً اياها بهدوء : رغم ان مش راضي وعلي اخري من اللي بيحصل من اختك وابوكي .. بس انتي معزتك عندي كبيرة يا ريهام
بادلته الإبتسامة ، وهي تتحدث بلطف : وانت كمان احنا مش بس قرايب احنا اصحاب وطول عمرنا متربيين مع بعض .. عشان كدا مش عايزاك تاخد قرار متسرع يا مصطفي تظلم ابريل بيه
دلت ملامح وجهه الرجولية التي يكسوها احمرار طفيف إلى استيائه فور انتهاء جملتها ، أعقبه تفوه الغاضب : اختك حولتلي تمن الفستان والدبلة الصبح .. و كل المواقع والاخبار ناشرة صورها في حضنه وتقوليلي ماظلمهاش دا عبث يا ريهام
صمتت ريهام لعدة ثواني ، بحثًا عن إجابة ترد به عليه وهى توبخ ابريل سراً في عقلها ، قبل أن تنظر إليه وقالت بنبرة دبلوماسية : شوف يا مصطفي انا هكون طرف محايد زي ماهي غلطت .. انت كمان غلطت .. ابريل بنت حساسة جدا و كرامتها فوق كل حاجة وانت عارف دا كويس
رمقها بنظره ممتعضة ، هاتفا بنبرة محتدة : حساسة ايه و زفت ايه بقولك في حضن غيري؟!
زمت شفتيها بضيق من لهجته معها ، لكنها بصبر بدأت تنسج خيوط قصتها الخيالية حول ذهنه : الموضوع مش كدا خالص .. دا جارنا من زمان وكانت عينه مني لما صديته حب يستفزني .. وطلب في حفلة اخته ايد ابريل قدام الكل وهي واقفت في لحظة انفعال بعد صدمتها بموضوع جوازك .. لكن هي مابتحبوش ولا تعرف حاجة عنه اصلا
زوى مصطفي حاجبيه بحنق تطابق مع تلفظه : انا كنت عارف انه واحد حقير ومستغل بس ماتصورتش يبقي منحط لدرجة دي .. وانتي ازاي ساكتة عليه .. ماعرفتيهاش الحقيقة وقولتي لباباكي
سأل مصطفى مستفسرا في نهاية عبارته ، عبست ملامحها الفاتنة بحزن مصطنع ينضح بصوتها الناعم المملوء بالمكر الخفى : ماكنتش عايزة اعمل مشكلة بينا وبين عيلته هما اصدقاء لعيلتنا من زمان جدا وكمان بعد اللي حصل هي ثقتها فينا انعدمت مكنتش هتصدقني
هتف مصطفي محتجاً : كل اللي قولتيه ماينفيش انها غلطانة في حقي اكتر ماغلطت في حقها بكتير اختك واتحديتني بكل بجاحة وانا لأخر وقت كنت كويس معاها واستحالة انسالها اللي عملته
طالعته ريهام بقلق بمجرد ظهور غضبه من أبريل مرة أخرى ، وسرعان ما غيرت دفة الحديث بحزن مزيف : باسم انسان خبيث انا خايفة عليها منه ممكن يضحك عليها ويضرها من غير ماتحس
نفخ مصطفي بإستياء قبل ان يرد من بين شفتيه المضغوطتين : انا هعرف بطريقتي اخليه يبعد عنها غصبن عنه
تجعدت ملامحها على الفور من كلامه التهديدي ، من المؤكد أنها لم تكن تريده أن يؤذي باسم ، فغمضت عينيها واستفسرت بصوت يملؤه القلق : يعني ايه .. انت ناوي علي ايه يا مصطفي
ارتشف مصطفى قليلاً من فنجان قهوته قبل أن يجيب بغموض غير مريح : هتعرفي في الوقت المناسب
تجنبت نظراته الثاقبة لها ، حينما نظرت إلى ساعة هاتفها بتوتر ، ثم خاطبته بنبرة لينة : طيب ممكن تيجي معايا علي البيت و نكمل كلامنا هناك بليز يا مصطفي ماما اعصابها تعبانة جدا من بعد اللي حصل وانا قلقانة يجرالها حاجة
اماء مصطفي اليها بالموافقه على مضض
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور ساعة
بداخل غرفة مني
_استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم .. يارب سامحني واغفرلي ذنبي .. انا عارفة اني غلطانة وارتكبت اثم في حق نفسي لما حاولت انتحر .. كانت النتيجة اني خسرت هديتك ليا .. انا استاهل عقابك بس سامحني واهديني للطريق الصحيح يارب .. اشفيني منه وخرج حبه الملعون من قلبي يارب .. دي غلطتي انا اللي حبيته بالشكل دا انا للي اذيت نفسي وانا مش حاسة يارب سامحني وعوضني خير من عندك يا كريم
أنهت مني صلاتها ، وطويت سجادتها قبل أن تنزع الاسدال عنها ، ثم توجهت إلى شرفة غرفتها ، تمسح الدموع عن وجهها بأطراف أصابعها المرتجفة ، إذ لم تفعل شيئاً منذ يومين إلا البكاء على حالها وعلى قلبها الذي كاد أن يتوقف من شدة الحسرة وألم الفقد الذي تشعر به.
جلست مني على المقعد ، وهي تضع يدها لا إراديا تتحسس بطنها بابتسامة مريرة ، هى ليست غافلة عن حقيقة كونها السبب فيما آلت إليه حياتها ، فهي التي تخلت عن أشياء كثيرة لإرضاء زوجها ، قلبها هو الذي لف حبلاً خانقاً حول رقبتها حتى زهدت روحها بإبتسامة عريضة علي وجهها
ابتلعت تلك المرارة التي استقرت في جوفها ، والذكريات تتضارب في ذهنها ، لتغرقها في أعماق بحره العميق.
flash back
كانت منى تجلس في حضن عز على الأريكة في غرفة المعيشة داخل منزلهما ، بينما كانت تتصفح أحد مقاطع الفيديو على هاتفها أثناء مشاهدة عز لأحد البرامج على التلفاز.
جذبت مني انتباه بصوتها المتحمس مشوب بالحنين : شايف يا عز البنوتة السكرة دي جميلة اوي اوي ماشاء الله .. شايف شايف ضحكتها العسل والله دي الواحد مايشبعش منها ابدا طول الوقت
_زي ما انا مش بشبع منك ابدا كدا؟!
همس عز لها بتلك الكلمات بصوت أجش مثير بجانب أذنها ، بينما يميل نحوها ، وعض وجنتها برفق ، فأبعدت رأسها عنه ، وهي تتذمر برقة : يوووه من حركاتك دي يا عز .. الفيديو هنا شوف
أدارت مني وجهه نحو الشاشة بيدها ، فاخذ منها الهاتف وقال بنبرة غاضبة : اشوف ايه بس!! دول شوية ناس مستعبطة اصلا .. مش فاهم ليه بيستعرضو عيالهم بالمنظر دا .. كل دا عشان كام الف لايك و كومنت في الاخر .. انا لما يبقي عندي بنوتة قمر كدا من خوفي عليعا هخبيها عن عيون الناس محدش عارف النفوس شايلة جواها ايه لبعض؟
ابتسمت مني بحبور ، وتسارعت نبضات قلبها شوقا ، سألت بنبرة ثقيلة : يعني انت نفسك في بنت؟
غمز لها عز وهو يحدق بها بنظرة وقحة ، شعرت بأنها عارية أمامه ، وهو يقول بخفوت عابث : جدا انا بموت في البنات هو في احلي منهم
لطمت خده بغيظ ، ووبخته بشفتين مزمومتين ، أثارت فيه رغبات غير اخلاقية : احترم نفسك انا بكلم بجد دلوقتي..
لانت ملامحها ، وأخفضت بصرها ، مع ارتباك شعر به في صوتها فور أن قالت : يعني انت موافق اننا نجيب بيبي يا عز وننهي موضوع تأجيل الخلفة اللي اتفقنا عليه في اول جوازنا!!!
شعرت بقبلته الناعمة على جبينها ، وهو يحرك خصلات شعرها خلف ظهرها ، ليسألها هامساً : انتي مستعدة لكدا؟!
حدقت مني فيه بسرعة ، مبتهجة أسايرها ، وعيناها تتلألأ بوميض متلهف ، ردت مندفعة : اوي يا عز ماتتخيلش قد ايه نفسي اوي اجيب منك بيبي .. ها موافق ؟!
طال عز النظر إلى عينيها بغموض قبل ان يجيبها بجمود : مش عارف لسه حاسس اني هندم اوي لو وافقت
تضاءلت البسمة فوق ثغرها الفاتن ، وهي تسأله بتمهل به لمحة خوف : ليه بتقول كدا!! هو انت مش...
ظهرت البسمه على شفتيه قاطع بقية جملتها بتقبيل خديها بقبلات ناعمة متتالية ، وهو يتمتم ببحته الرجولية الزاخرة بالشغف : انا كمان نفسي اوي في طفل منك.. بس خايف؟!
سألت بعينيها الساحرتين اللتين أذابت روحه في طبقات البندق اللذيذة في مقلتيها ، وسرعان ما لف ذراعيه من حول جسدها أكثر بتملك عاشق ، ليتابع عبارته بنفس النبرة : انا بس متعود ان اهتمامك كله ليا انا لوحدي .. ف علي قد ما انا عايز اخلف منك علي قد ما انا غيران من فكرة انه لما يجي الطفل دا هيشاركني فيكي و ممكن يلهف كل وقتك وتنسيني انا
أنهى عز كلامه بتذمر طفولي حاد مليئ بالتملك ، عقدت حاجبيها من جدية كلامه غير المنطقي ، لكنها في النهاية تعشق هذا الرجل بقلبه العفوي ، فقاربت جسدها منه داخل حضنه ، وشرعت في استرضائه بلطافة : هو انت هتغير من ابنك من قبل ما يجي يا مجنون .. انا وانت هنبقي شركاه في النونو .. هنربيه ونحبه و نهتم بيه مع بعض يا زوز
لمعت عيناه بوميض ملتحفاً بالشغف ، وهو يهز رأسه بالموافقة فيما يسحبها من خصرها، لتعانق رقبته بكلتا ذراعيه بابتسامة مليئة بالفتنة ، فهمس فوق شفتيها بإغواء رجولي جذاب : قدام زوز دي من شفايفك الحلوة تسقط كل اسلحتي وبرفعلك الراية البيضاء بكل حب واستسلام يا بطة قلبي
اقترب عز منها حتى اختلطت أنفاسهما سوياً ، حركت وجهها يميناً ويساراً ، في محاولة للتمنع عليه بدلال ، لكن قبلاته المحمومة بالجنون ، وهمساته لها بهذه العاطفة الجياشة جعلت قلبها يستجيب له بنفس الشغف الملتهب.
back
خرجت من الانغماس في أفكارها عند شعورها بلمسات ناعمة على قدميها.
خفضت نظرتها إلى القطة الصغيرة التي يمتلكها ابن أخيها ، فانحنت والتقطته بلطف من الأرض ، ووضعته في حجرها ، ودبت رأسه الناعم ، وهي تنظرت إلى الأمام مرة أخرى في صمت.
لها هي الآن فقدت بآن واحد جنينها وزوجها الذي أحبته أكثر من حياتها ، حتى باتت تشعر بأنها لا قيمة لها بدونه ، فهو ملاذها ولعنتها في نفس الوقت ، لذا لن تلقي اللوم عليه وحده ، هى أيضا ملامة بشدة ، ولكن تسمح لنفسها بأن يستهلكها الحزن وتظل عالقة بذكرياته إلى الأبد ، عليها أن تتقبل الواقع يكفى عناد ودموع.
أخذت مني نفسًا عميقًا ، وقررت المضي قدمًا وتغيير هذا الشعور المرير إلى شيء إيجابي قريبًا.
ما حدث لن يكون نهاية العالم ، ولن تتوقف الحياة حزناً عليها ، ولن ينفعها الاستمرار في البكاء على الأطلال ، وعند وصولها إلى هذا الحد من التفكير ، قامت من مقعدها عازمة على فعل شيء ما.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في ذلك الوقت
عند ابريل
كانت تجلس على الأريكة في غرفتها ، وفي يدها الكتاب الذي أهداها إياه أخيها.
فجأة أغلقته وانحنت إلى الأمام في مقعدها ، وقدميها متقاطعتان ، وهي تمضغ قطعة الشوكولاتة فى فمها بملامح مستاءة قائلة في دهشة من حالها : هو انا شاغلة دماغي و ملهوفة اني اشوفه كدا ليه اصلا .. وايه القلق اللي حاسة بيه دا!! ما خلاص الجرايد كلها ناشرة صورنا مع بعض .. يعني خلاص بقينا مرتبطين ومايقدرش يخلع
أدارت ابريل مقلتيها بضجر ، وهي تلعب بأطراف ضفيرتها وأردفت بإغتياظ : بس دا باين عليه لعبي وانا مش مطمنة ليه خالص .. يا تري هيكون راح فين!! دا بقاله يومين ولا حاول يجي و لا شوفته في الكومبوند كله .. حتي لما مامته شافتني الصبح ماجبتش سيرة عنه و سألت علي صحتي وخلاص .. اوووف يحصل اللي يحصل بقي انا شاغلة دماغي بيه ليه اصلا!!!
نفخت ابريل وجنتيها بإمتعاض ، ثم تذكرت مكالمتها مع جدتها أمس..
flash back
_ازيك يا سبورة عاملة ايه؟
اختتمت سؤالها بنبره مرحه ، وتلوى شدق صابرين بتذمر زائف قبل أن تضحك بخفة وهي تسأل بمحبة : هعديلك سبورة دي يا كلبة المرة دي .. طمنيني كنا قلقانين عليكي اوي
اجابت ابريل بهدوء : انا تمام والله
رأتها أبريل تجلس بجوار تحية ، وتضع الهاتف على بعد مسافة حتى ظهرت صورة جدتها أمامها وهي تهتف بلهفة : ابريل يا حبيبتي انتي كويسة
ابتسمت ابريل بشوق كبير ، هاتفة بحب : يا توحا وحشتيني اوي
_وانتي يا روح قلب توحا كان قلبي هينخلع من خوفي عليكي
_بعد الشر علي قلبك يا ستي .. ماتعيطيش انا كويسة والله العظيم زي ما انتو شايفين اهو
عارضت تحية بعدم اقتناع نابع من خوفها عليها : كويسة ايه بس انتي لونك مخطوف يا بنتي وصوتك كمان باين عليه التعب
تدخلت صابرين مستفسرة بعدم فهم : ايه اللي حصل يا ابريل؟ ليه تعبتي جامد كدا احنا مش فاهمين حاجة و احمد تليفونه مقفول من امبارح ولا بيرد علينا!!
تجاهلت إبريل الرد على كلامها الأخير ، ولم تخمن كثيرًا ، إذ عرفت أن ذلك بسبب استفزازها له ، لكنها اضطرت لذلك حتى لا يتصاعد النقاش بينهما ، ويؤدي إلى مشاجرة مع باسم ، كان عليها أن تجعله يستيقظ على حقيقة أنها لم تعد بحاجة إليه منذ فترة طويلة.
نفضت ابريب تلك الافكار من ذهنها ، مبررة بكذب : كانو شوية تعب خفاف انتو عارفين تغيير الجو بيأثر عليا و كمان انا فسخت خطوبتي من مصطفي
اتسعت أعينهم من الصدمة ، وقبل أن يطرحوا عليها المزيد من الأسئلة ، بدأت تروي لهم أحداث اليومين الماضيين ، وعندما انتهت صاحت صابرين بإستشاطة : ابن ال...... منه الله اللي معندوش ضمير .. هو فاكر ان بنات الناس لعبة .. وازاي ابوكي ومراته الحربوقة يعملو كدا!!
تحية بقلق : ابريل ارجعي يا بنتي وخليكي هنا معانا ووسطنا .. انا مش هستحمل يجرالك حاجة وانتي معاهم لوحدك .. مابقتش اامن تقعدي مع الناس دول بعد عملتهم السوده دي..
فركت إبريل طرف أنفها متوترة من جدية جدتها في الحديث ، ثم همهمت بخفوت : مش هينفع يا ستي
ردت صابرين بدلا من والدتها بإمتعاض : استني انتي يا ماما .. يعني ايه مش هينفع يا ابريل .. انتي بتفكري ترجعيله ولا ايه!!!
هزت ابريل رأسها بقوة نافية علي الفور : استحالة ارجع للبني ادم دا .. انا بعتله كل حاجته وموضوعه بالنسبالي اتقفل
صابرين بتصميم : يبقي خلاص واحد مافيش حاجة اسمها تفضلي عندهم يوم واحد تاني
ربتت تحية على ذراع صابرين ، حتى تسيطر علي انفعالها قبل أن تتحدث إلى أبريل بحنان : خالتك بتكلم صح يا حبيبتي تعالي وعيشي معانا بقي وبكرا يجيلك عدلك يا حبيبتي وتتهني
ازدردت ابريل بإرتباك وتردد : ماهو في حاجة كدا حصلت لسه ماحكتلكوش عليها...
تكلمت صابرين بعدم ارتياح من تحركات أبريل المضطربة ، التي تعرفها جيدًا كلما ارتكبت كارثة : ايه حصل تاني ماتكلمي علي طول يا مزغودة .. انا اعصابي ساحت منك
فركت ابريل كفيها معًا قبل أن تتحدث بسرعة ، كما لو كانت على وشك أن تُلقى نفسها في البحر : انا هتخطب
صابرين بإنشداه : تتخطبي !! هو انتي لحقتي؟!
ابريل بتذمر : يا ستي ما تسكتيها بقي كل شوية بتقطعني .. ماتسمعي للاخر يا صابرين
لوحت صابرين بكلتا يديها مستاءة بعبوس : اسمع ايه ونيلة ايه!! تفسخي وتتخطبي واهلك معندهمش خبر .. هي دي اخرتها يا جزمة
تضاحكت ابريل بخفة ، وردت بسلاسة : هو انا بقولك اتجوزته!! هو كلم بابا من يومين بس
رمقتها صابرين بزاوية عينيها بنظرة ذات مغزي ، فيما استفسرت الجدة بصوتها الهادئ : ويطلع مين دا يا ابريل؟
ابريل بمراوغة : شاب ابن ناس كويسين ومحترمين اوي جيرانا .. لما تعبت هما اللي اهتموا بيا و جابوني علي المستشفي .. يبقوا جيرانا بالكومبوند هو اصلا بتاعهم وعندهم شركة مقاولات كبيرة ..
صابرين بسؤال مباشر : المهم هو ايه نظامه؟
رددت ابريل بثقة كاذبة : هو كويس ومحترم جدا ووسيم كمان
_يلا انا هقفل شوية عشان استريح وهرجع اكلمكم تاني
back
زفرت أبريل بقوة ، وهي تضرب إحدى كفيها بأخرى ، ساخرة من نفسها : معرفش انا هقصر اكتر من كدا ايه تاني من كتر الكدب اللي عمالة بكدبه من ساعة ما شوفت البني ادم دا
وصل إلى أذنيها صوت غريب من خلف شرفة غرفتها المفتوحة ، فأدارت رقبتها إلى الوراء في دهشة لتعرف ما هذا الصوت.
اتسعت مقلتيها بذعر يدب في قلبها ، حالما رأت ظلا طويلا يتحرك من خلف الستائر البيضاء ، فنهضت من مكانها بهدوء ، وعقلها يتخيل العديد من السيناريوهات السيئة حول هوية ذلك الشخص الذي يختبئ في الظلام ويريد اقتحام الغرفة بهذه الطريقة.
بدأت تفكر بسرعة إذا كان عليها أن تصرخ طلباً للمساعدة ممن في المنزل ، سيمر قدر لا بأس به من الوقت حتى يتمكنوا من الوصول إليها ، مما يمنح هذا الشخص المجهول وقتًا كافيًا لإيذاءها فعليًا ، لذلك ليس أمامها وسيلة للدفاع عن نفسها سوى مهاجمته أولاً ، لتسرع فى خطواتها ، وتلتقط مضرب بيسبول شقيقها بجوار الخزانة ، وتغلق مقبس الكهرباء ، فتغرق الغرفة في الظلام باستثناء شعاع ضوء خافت يتسرب من فتحة الشرفة ، والتي بمجرد أن استدارت نحوها مرة أخرى ، وجدت أنه على وشك الدخول منها ، فمشت على أطراف أصابع قدميها حتى لا تحدث أي ضجيج ، ووقفت خلف الجدار ، بجانب باب الشرفة ، ورفعت المضرب بين يديها ، وفور أن دخل الغرفة ، هبطت على رأسه بكل قوتها فخرج صوت أنين متألم من فمه ، تزامنًا مع سقوطه على الأرض كجثة هامدة.
ركضت إلى الزر الكهربائي ، وضغطت عليه ، ثم عادت إلى مكانها ببطء ، ممسكة بالمضرب بشكل دفاعي ، تريد أن تعرف من هو قبل أن تنادي من في المنزل.
جحظت عيناها بهلع ، وعلامات الصدمة بادية على ملامحها ، وهى تشهق بحشرجة مرتعبة : يااااالهوي!!!!