اخر الروايات

رواية ملاذي وقسوتي الفصل التاسع عشر 19 بقلم دهب عطية

رواية ملاذي وقسوتي الفصل التاسع عشر 19 بقلم دهب عطية




19🌹
كانت تقف (حياة) في المطبخ تطهي الطعام
مع مريم الخادمة……
قالت حياة لمريم وهي تقلب في أناء الحساء
“طب اعملي الرز أنتِ يامريم وانا هحمر الفراخ لحسان وقت الغدا قرب….. ”
قالت مريم وهي تبدأ في طهي الأرز ..
“طب خليكِ انتِ ياست حياة وانا هكمل بقيت
الغدا دا انتِ وقفه من الصبح …..”
“لا انا هكمله….”قالت حياة جملتها وهي تبدأ في تحمير الدجاج……
بدأت مريم تطهي الارز وحياة منشغلة هي الاخر
بطهي… بدأت تشعر اثناء وقوفها ان الارض تهتز من اسفلها قد فقدت توازن جسدها سريعاً وكاد ان يغشى عليها و…
“فين ماما ياورد …..”سأل سالم الصغيرة وهو يدلف من باب البيت بعد ان انتهى من روتين عمل اليوم..
كانت الصغيرة تلعب بدميتها في صالة البيت
إشارة نحو المطبخ وهي تقول ببراءة….

“بتعمل الأكل يابابا…..جبتلي الشوكلاته بتاعتي ولا نسيت…..”
ابتسم سالم لها وعلى صوتها الرقيق العذب حملها من على الارض بحب مشاكساً إياها بلطف…
“بصراحه نسيت …..”
عبس وجه الطفله بضيق…. وقالت
“ازاي نسيت انا قولتلك الصبح اني عايزه شوكلاته بيضه……. وكمان قولتلك على سر خطير ….”
ارتفع حاجباه مدعي النسيان ….وقال بعبث..
“سر؟……. سر إيه ده مش فاكر……”
مطت الصغيرة شفتيها باستياء…وقالت
“يابابا انت نسيت اني قولتلك ان ماما بتحب نوع الشوكلاته اللي بتجبها ليا وبنقسمها
سووا ……”
” اي ده بجد ممم انا نسيت السر ده…. على العموم اتفضلي ياورد الجوري…..”اخرج سالم قطعةٍ عريضة مغلفة من الشوكلاتة البيضاء ناعمة المذاق اعطاها لها…. وقال بمزاح..
“يلا انا عايز شكلاته بتاعتي انا كمان…. ”
قبلته ورد من وجنته بحب…
“بحبك اوي يابابا…. وبحب الشوكلاته اللي بتجبها… ”

ضحك بقوة وهو يقول بمزاح….
“الجينات بتثبت انك بنت حسن اخويه كان استغلالي كده برضه وبكاش….”
لم تستمع ورد الى باقي حديثه فقد
هربت سريعاً الى خارج البيت حيثُ الحديقة الصغيرة……
غير اتجاهه نحو المطبخ الذي لم يدلف له يوماً ولكن مع (ملاذه) يرى آلمستحيل في شخصيته يتغير لغير المعتاد عليه…
وصل امام عتبة باب المطبخ وراها تقف تطهي
بثبات ولكن التعب ظاهر على وجهها…. وجهها شاحب وعيناها مهزوزة وكانها تحارب لفتحهم وقدميها ترتجف لا بل أنها ستفقد توازنها الان
واين امام القِدر المليء بزيت الساخن……..
فقدت حياة توازنها في لحظة ولم تسيطر على ثبات قدميها لتجد نفسها تغمض عينيها باعياء…..
“حياة…… “فتحت بُنيتاها ببطء وتعب لتجد سالم يلتقطها قبل سقوطها على الأرض الصلبة….
“سالم…….. انا كويسه متقلقش….. ”
انعقد حاجباه بشدة وهو يمسك خصرها تلقائياً
هامساً بقلباً خافق….. وهو يزفر بضيق
“واضح انك كويسه ياحياة…….. واضح اوي….. ”
حملها وهو يصعد بها الى غرفتهم بدون ان
يلاحظ احد شيء باستثناء مريم التي كانت تراقب
الموقف بخوف من انفعال سالم عليها في الحديث
ولكنه لم يفعل بل كل اهتمامه كان مصوب على تلك العنيدة التي لا تهتم بنفسها ودوماً تبحث عن العناء ولارهاق لها……..
اكملت مريم الطعام وهي تلوي شفتيها بتحسر
على حالها…
“اوعدنا يارب بحد نفس المقدير دي…. ”
…………………………………………………..
ابتسم ايمن وهو يقترب منها ببطء ولم يبالي باحد فالمكان مزدحم حولهم ولأصوات حولهم كانت اكثر
صخبٍ من صراخها…..
“طالما عارفه كل حاجه يبقى اكيد فهمتي انا
هنا ليه… ”
ارتجف جسدها مع قلبها ..ولم تشعر بنفسها إلا وهي تلوذ بالفرار منه ركضت بخوف من امامه ولحق
بها( أيمن) سريعاً وسط الزحام……
تركض… وتركض..ركضاً بدون حتى ألتفاته بسيطه منها للخلف ولكن كانت تشعر إنه خلفها مباشرةٍ او
بينهم مسافة ليست قصيرة……
تطلعت للخلف بتردد لتجده يسير خلفها بسرعة يكاد يركض ولكن يحافظ على سرعته في السير حتى لا يلفت الأنظار إليه فهو أصبح خارج الحارة آي في مكان اقل ازدحام……..
وقفت بسنت وهي تتنفس بصعوبة وتنظر خلفها مره آخره وجدت المسافة بينهم بعيده ولكن أيمن عيناه عليها ويسير بسرعة للأمساك بها…..

رفعت( بسنت) عينيها وهي تلهث بشدة من ركضها السريع ….وجدت امامها بعد المحلات المفتوحة للبيع ومخبز صغير بجانبهم مزدحم بكثرة…… نظرت بسرعة نحو أيمن الذي اقترب منها ولا يفصلهم إلا عدة خطوات……
ركضت بسنت الى المخبز المزدحم ودلفت وسط الازدحام بجسد يرتجف رعباً……
زفر ايمن بضيق وهو ينظر عليها وسط ازدحام هذا المخبز الذي اختفت داخله…….
“مالك ياحبيبتي بترتعشي كده ليه….”
سألت (بسنت) بريبه أمرأه سمينة الجسد قصيرة البنية…
ارتجف جسد بسنت بزعر وهي تقول…
“في واحد هنا ماشي ورايا من ساعة مانزلت من البيت وطول السكه وهو بيحاول يضيقني بكلام
مش كويس وكمان حط ايده عليا في شارع ولم جريت منه ودخلت هنا استخبى لحد مايمشي

وقف مستنيني برا لحد ماخرج انا خايفه اوي لحسان يعمل فيا حاجه وحشه…شكله إنسان زباله
وصايع وممكن يأذيني… ”
ترتجل ؟ وماذا تفعل إذاً فهي على وشك الموت
حتماً !…
كان جسدها لا يزال ينتفض بخوف ان لم يساعدها أحد سيبقى الفرار من براثن هذا المجرم صعب..
هتفت المراة بغضب وعينيها تتوهج بالغضب المستديم..
“ازاي يعني يعمل فيكِ كده….وفي عز نهار كده
يتحرش ببنات الناس…اما عيل صايع وعايز
يتربى صحيح… ”
قالت امرأه اخرى بصياح بعد ان سمعت الحديث من بدايته…
“انتِ هتسكتي ياأم وحيد ده لازم يتعلم الأدب عشان يبطلو هو والكلاب اللي شبهه يتعدى على بنات الناس أنتِ مش شايفه شكل البت ولا إيه…. ”
هدرت ام وحيد بدون تردد….
“طبعاً مش هسكت ياام حماده يلا يانسوان منك ليها نربي الكلب ده عشان بعد كده يحسب الف حساب قبل ماينزل من بيته يتحرش بابناتنا…”
قالت ام حمادة لنساء من حولها بصوتٍ عالٍ مماثل لها بضراوة …..
“يلا ياوليه منك ليها اعتبري الغلبانه دي بنتك وواحد بيتحرش بيها بكلام وسخ وكمان ايدي بتتمد على جسمها هتعملي في إيه ساعتها ….. ”
هتف الكل بغضب ولكل يتحدث بجملة مختلفة..
هناكله بسنانا……. هقعد عليه افطس امه… هبعته لمتولي جوزي يشفيه مع الخرفان اللي بيشفيهم….
ثانة ام حمادة وام وحيد ذراع عبائتهم وهم يهتفون بغضب…..
“طب وروني شاطرتكم……”ثم وجهت كلامها الى بسنت وهي تربت على ذرعها…
“شاوري عليه ياضنايا وسيبي الباقي علينا.. ”
إشارة بسنت على (أيمن) بخوف….. لتجد بعدها
اعداد هائلة من النساء يخرجون باتجاه أيمن….
“بقه انت وقف هنا مستني البنيه ولا همك حد يابجحتك….. “قالت ام حمادة عبارتها بغضب في وجه أيمن الذي احتل وجهه علامات عدم إستيعاب
حديثها..
“انا مش فاهم حاجه….. ”
قالت ام وحيد بغضب…
“احنا هنفهمك ياعرة الرجاله….. يلا ياوليه منك ليها عايزه اشوفه حتة قماشة مبقعه….. ”
صاح أيمن بغضب من حديث المرأة ….
“ماتحترمي نفسك ياوليه…. انتو مجانين ولا ايه”
صاحت ام وحيد بجنون للنساء….
“نسوان……………. انا بتشتم …….”
رفعت بسنت مقلتاها بخوف لتجد ايمن أختفى وسط دائرة النساء التي كان يقف داخلها……
ركضت بخوف بعيداً عن المكان لتوقف سيارة اجرة وتصعد بها وهي تهتف بخوف
“اطلع الله يخليك ياسطا محطة مصر…. لازم ألحق القطر اللي هيعدي على نجع العرب….. ”
أخرجت شريحة الهارد من حقيبتها وهي تطبق عليها بين قبضة يدها وههمست بخوف….
“يمكن الهارد كان هيوصل ليك ياسالم والتمن فلوس تعيشني انا وخوخه واهلها مرتحين لكن دلوقتي خوخه ماتت واهلها كمان ماته وانا متهدده
بالقتل في اي للحظه….. يبقى خلاص تمن السر اللي هسلمه ليك يضمنلي الأمان من وليد ابن
عمك ….”اغمضت عيناها بتعب وارتعاد من القادم…
…………………………………………………..
وضعها على الفراش وهو ينظر لها بعتاب
وهي تنظر له بتردد من غضبه القادم….
” أنتِ فطرتي انهارده ياحياة…”سألها وعيناه مشتعلة بغضب منها ومن اهمالها….
اسلبت بُنيتاها في الارض وهي تقول
“ااه فطرت…….”
‘”ممم ده بجد…… “رمقها بشك
نظرت له وهي تفرك في يداها بتوتر كالأطفال
“ااه ………بجد….. ”
أغمض سالم عينيه فوق ملامح شديدة التهكم..
ناظراً لها وهو يقول….
“لي بتكدبي عليا………انتِ مافطرتيش صح… ”
قالت حياة بحرج…
“انا مش بكدب انا فعلاً فطرت بس كلت ربع رغيف كده على الفطار لان مليش نفس …..”
مرر يداه على وجهه بنفاذ صبر….
“طب انا هحاول اتكلم براحه…. انتِ مش واكله الصبح كويس ليه وقفتي في المطبخ مع الخدم وليه بتتعبي نفسك…. ليه ياحياة مش بتسمعي الكلام هتبقي مبسوطه يعني لم يجرالك حاجه ..والحمدلله اني كنت قريب منك في الوقت ده كان ممكن الزيت اللي على النار يقع عليكِ…. ”
“الموضوع مش مستاهل دا كله دا ….. ”
قاطعها بحزم…
“دا؟ هي لسه فيها دا… اسكتي ياحياه اسكتي ربنا يهديكِ… “تحدث وهو ينهض بضيق من امامها ليغير ملابسه بمسافة قريبة منها….
حاولت النهوض وهي تتحدث بضيق
“بطل تعاملني زي العياله الصغيره…. ”
أشار لها بكف يده بضيق وصوت خشن…
“طب خليكي مكانك ياعاقله لحسان توقعي تاني… ”

جلست مكانها مثلما أمر وعقدت يداها بتزمر امام صدرها وهي تقول معاتبه إياه …..
“بطل طريقتك دي….. ”
نظر لها وهو عاري الصدر…
“مالها طرقتي دي….. ”
“رخمه…. رخمه اوي ومستفزه….. “نظرت له وهي ترى تأثير حديثها عليه ليقترب سالم منها ببطء وهو يقول يجدية….
“يعني انا رخم ومستفز….. ”
هزت راسها بتردد….
“مش انت طبعاً دي طريقتك…. ”
اصبح امامها مباشرةً وعيناه لا تحيد عنها مالى
عليها اكثر وقال بمراوغه……
“يعني أنا طرقتي رخمه ومستفزه… طب وبنسبه ليا
انا شبه طرقتي برضه…. “نظر لها بشك..
بعثر أنفاسه الرجولية على صفحة وجهها الحمراء خجلاً… أغمضت عيناها بضعف وهي تستنشق رائحته
الرجولية بادمان….
“سكته ليه ما تردي عليا انا كمان مستفز ورخم.. ”
“بالعكس دا انتَ قمر…” قالتها وهي مغمضة العين
حاول كبح ضحكته وهو يهز رأسه بانتشاء لصراحتها…
“بجد ……. واي كمان…. ”
“و.. يعني كل حاجه فيك حلو وتجنن و… آآآى سالم…… “افلت تأوه خافت من وسط حديثها فتحت بُنيتاها بحرج ليقابلها بقواتم عينيه الئيمة…
“العضه دي عشان كدبك عليا من شويه …. وبنسبه لإعجابك بيه فأحب اقولك انك مش اول واحده تصارح باعجابها ده “انتهى حديثه بغمزة خبيثة…
مررت يدها على عنقها بضيق بعد ان أشعل نار الغيرة بداخلها من هذا الحديث البغيض…
نهضت بغضب لتقف امامه وقالت بتبرم….
“ومين بقه اللي ضحك عليك وفاهمك إنك حلو…. ”
رفع حاجبه الايمن…. وهو يسالها بصدمة
“ضحك عليا….. إيه ده انت اتعميت ياوحش
ولا إيه ….”
هدرت بغيرة وغضب….
“لا مش عاميه ….انت مش حلو اصلاً ”
إنكماشت ملامحه بتمثيل بارع ثم لم يلبث الا قليلاً ليقول بعدها بمزاح…
“أنتِ بتغيري مني ياحياة اعترفي اعترفي وانا
هصدقك…… بس بلاش تكتمي جواكِ لحسان
تنفجري……. ”
انفجرت ضاحكة على حديثه لتنسى غيرتها وضيقها من فظاظة حديثه دوماً معها …..
حاوط خصرها وهي مزالت في دومات كلماته
تكركر بقوة….. همس لها بحب….
“يخربيت ضحكتك…..”قبلها من وجنتيها بحب…
ابتسمت بخجل وهي تنظر له بهيام…
“أفضل انتَ ثبتني كده بكلامك….وانا زي الهبله بصدقك… ”
قبل عنقها وهو يقول بحب…
“أنا مبعرفش أثبت انا بقول اللي جوايا وبس …”
ابتعد عنها وهو يحدج بعينيها بحنو…
” انا هدخل اخد دوش كده وأنتِ خليكِ مكانك على سرير هنتغدى في اوضتنا انهارده… و هخلي مريم تطلع ورد عندك عشان انا متاكد انك مش هترتحي غير لم تاكليه بايدك…. زي مانا هعمل معاكِ كده بظبط…. “ثم ابتسم وقبل ان يغلق باب
المرحاض قائلاً بمراوغه ….
“حضر نفسك ياوحش هزغتك زي البط…. ”
غمز لها بعبث وهو يغلق الباب…..
إبتسمت حياة بسعادة وهي تقف امام المرآة
ناظرة الى حمرة عنقها اوثار أسنانه عليها…
هزت رأسها باستياء…
“ياربي دا انا متعلم عليا بطريقه غير طبيعيه …”
إبتسمت بعدها بخجل.. وهي تتذكر شيئاً ما…
“بس انا شكلي بستهبل انا بتعمد اكدب عشان اوصل لنتيجه ديه…….”تنهدت بهيام..
” بجد انا ضعت في حبك ياسالم.. ”
جلست ورد بجانب حياة وسالم على المقعد بجانبهم بالقرب من حياة وصنية الطعام في
اوسطهم على طاولة الصغيرة……
“يلا كُلي ياورد…. افتحي بوقك يلا ….”
فتحت الصغيرة فمها بجزع من اهتمام والدتها المبالغ فيه…..
أبتسم سالم عليهم…. ليضع المعلقة في الأرز ويرفعها إتجاه فم حياة رفعت عينيها عليه وقطبت حاجبيها
باستفهام…
رفع حاجبيه قائلاً بأمر …
“افتحي بوقك عشان أأكلك….. ”
ضحكت ورد بخفوت ناظرة الى حياة وهي تضع كفها الصغير تكبح ضحكتها الخافته …..
ابتسمت حياة وهي تنظر الى ابنتها بتسأل
ممازح إياها..
“أنتِ بتضحكي على إيه أنتِ كمان…. ”
ردت الصغيرة بفتور.. وهي مزالت تضحك…
“مش عارفه….. ”
هزت حياة رأسها وصوبت بُنيتاها الداكنة
على سالم قائلة بهدوء…..
“طب كُل انت ياسالم وانا هبقى أكل ا….. ”
توقفت عن الحديث بعد ان وضع سالم محتوى المعلقة في فمها وهي تتحدث بتلك العبارة
احتقن وجهها وهي ترمقه بضيق بدلها النظرة
قائلاً ببرود..
“برفو عليك ياوحش بتسمع الكلام… يلا ابلع
بقه عشان الأكل ميوقفش في زورك…. ”

مضغت الطعام على مضض وهي تنظر له بتزمر…
هتفت ورد بطفولتها المعتادة متسائله..
“بابا هو مين الوحش اللي انت بتقول عليا ده… ”
نظر سالم نحو حياة بعبث ثم غمز لها بخبث
وإجابة الصغيرة بـ…
“دا موضوع كبار بس ممكن اقولك ان الوحش ده
حاجه كده مش بتكرر كتير …اصل وجود وحش في
حياتك برضه يعني تحسيه كده دمار شامل… ”
كان يتحدث وهو ينظر الى حياة وكان الحديث
لها هي وحدها….
سألته ورد ببراءة..
“دمار شامل…. ليه يابابا هو دمر إيه….”
نظر سالم الى حياة بعبث وقال بمراوغه. ..
“دمر سالم شاهين….. وقلب سالم شاهين…..”
عضت على شفتيها بخجل من تلميحة الصريح عنها…
زمت الصغيرة شفتيها قائلة….
“انا مش فاهمه حاجه ….”
كانت عيناه مصوبة على حياة ولكن ابعد انظاره
عنها بعد ان سمع حديث ورد ليرد عليها بحنان …ُ “قولتلك كلام كبار ….كلي ياروح بابا… وتعالي
نتكلم عن الحضانه والمذكره ….”
بعد ان انتهى الجميع من طعامه ….خرجت ورد من الغرفة للهو خارج البيت حيثُ الحديقة …..
خرج سالم من المرحاض بعد ان غسل يداه و كان يقف يجفف يده بالمنشفة….ناظراً الى حياة التي
تضع يدها على معدتها بتزمر……
“اول مره اشوف واحده زعلانه انها قامت شبعانه
من على الأكل….. “قال عبارته وهو يشعل صديقته
الودوة ( السجائر) جلس امامها على المقعد وهو يخرج الهواء الرمادي الناعم في الهواء……
“امته هتبطل العاده ديه….. “قالتها وهي ترمقه بسخط….
اخرج الدخان الرمادي من فمه مرة آخره قائلاً
بحب…
“ممكن احاول عشان خاطرك…..”
ابتسمت ببساطه وهي تنظر له بعشق صارخ
ولكن انتصارا عليها لسانها برغم المشاعر لتقول
“تعرف انك اجمل بكاش شافته عنيه….. ”
ابتسم وهو ينظر لها وعض على شفتيه قائلاً بغرور
“يعني بذمتك سالم شاهين بكاش…. ”
“سالم شاهين ده اكبر بكاش خطفني… “ردت بجرأة عليه وكان صراحة مشاعرها أمامه أصبحت الأسهل عليها…….
غمز لها وهو مزال يجلس في مكانه…..
“عشان تعرفي اني خطير ومدلعك….. ويابخت اللي سالم شاهين يدلعها…… ”
“ااه ونعم التواضع…… “قفزت بخفة عن جلستها
وهي تقول بخفوت
“انا راحه قعد مع ماما راضية شويه.. ”
لم يرد عليها بل اشار لها بإصبعه ان تأتي بتلك الحركة المتغطرسة …….
“تعالي…. عايزك…..”
ارجعت خصلات من شعرها خلف اذنيها وهي تنظر له بابتسامة ناعمة وبنيتيها تحدج به بفضول…
وقفت امامه وهو جالساً على المقعد مكانه… سحبها من يدها لتجلس على قدميه آي في احضانه مباشرةٍ همهمت وهي تسأله بوقاحة ومزاح…
“شكلك عايز قلة آدب…. ”
ضحك بقوة من حديثها العفوي معه لم يسمى بوقاحة في قاموس( سالم شاهين) العاشق لها بل
يسمى من وجهت نظره عفوية لذيذة المذاق…
رد عليها بوقاحةٍ وعبث …
“قلة آدب؟..حرام عليكي انتِ بتظلمي قلة الأدب معانا…. إحنا عدينا الكلمة دي من زمان.. ”
ضاحكة بخفوت وهي تعلم جيداً انه يسيرها في الحديث الذي من هذا النوع ولكن لن ينول منها
حرف اخر…..
“على فكره بقه انت معطلني وانا عايزه انزل اشوف ورد وماما راضية….. ”
“طب استني” مد يداه في جيب بنطاله واخرج قطعة من الشوكلاته نفس النوع الذي أعطاه لي
ورد منذ ساعات…..
سائلة حياة بشك….
” اي ده…… دي لورد….. ”
مرر يداه على شعرها وهو يقول بحب
“لا ياملاذي دي ليكِ… مش انتِ بتحبي النوع اللي
بشتريه لورد…. بعد كده هجبلك انتِ و ورد مع بعض … ”
شعرت أنه يتحدث لي طفله وليس الى امرأه
برتبة زوجته……
“أنت ليه بتعملني كاني طفله… لا… وساعات بحس انك بتعملني وكاني بنتك….. ”
دفن وجهه في عنقها بحب وهو يقول ببحة خاصة..
“ماهو انا بابا ياملاذي وانتِ بنوتي اللي تستأهل
تاخد عنيا بعد ماخطفت قلبي… ولازم تعرفي اني ابوكي واخوكي وجوزك وحبيبك واي حاجه وكل حاجه تبقى انا…. فهمتيني….. ”
كان يدغدغ عنقها بشفتيه الشهوانية..اغمضت عينيها بضعف وهي تتلذذ بحديثه الحاني المحمل بالمشاعر
العاطفية الجامحة منه…
أبتعد عنها وهي ينظر لعينيها المغمضة..ابتسم بحب وهو يطبع قبله سطحية على شفتيها المفتوحة قليلاً فهي تطالب بالمزيد منه…
سالم دوماً يشعل الرغبة بها لمجرد لمسة حميمية منه او كلام معسول يحمل الكثير من المعاني داخلها ..
بتر لذة المشاعر داخلها جملته الخبيثة..
“حياه… مش ناويه تفتحي الشوكلاته ودوقيني
معاكِ…..”هتف سالم بمكر وهو يكبح ضحكته ويخفي اثار شوقه لها بمهارة كبيرة….
عفواً هل تبخر الإحساس الآن…. نعم تبخر الواضح

ان المشتاق هنا هو انا… انا وليس هو
يريد قطعة من الحلوة وامامه الحلوة بأكملها….
هتفت بخفوت وسأم….
“لا بجد الفصلان ليه ناسُه …. ”
ابتسم بعيداً عن عينيها وهو يرى انكماش ملامحها
باحباط…… تحدث إليها وهو ينظر لها بتسلية
“بتقولي حاجه ياحياة……. ”
كادت ان تكدب ولكن لمحة نظرة تحذير وعيناه تترك عينيها وترسم دائرة صغيرة اخرة على عنقها المرمري…. للصمت غايتين إذا
(اصمتي ياحياة ماذا ستقولي له لم لا تقبلني …
أصبحتي منحرفة يافتاة !…..)
زمجرت داخلها بجزع من وضعها الذي يتبدل امام سالم وعيناه واهات من تلك العيون القاتمة ….
(كفى) صرخت داخلها ليتوقف هذا العاشق عن غزله بسالم شاهين…….. يكفي خفقاتك المتسرعة دوماً عند قربه او عند سماع أسمه يكفي فانت اغرقت( حياة) في بحر عشق سالم وانتهى الآمر بها مثيرة للشفقة فهي غارقة بإرادتها ! ….
فتحت غلاف الحلوة وهي تضعها امام فمه بهدوء
قائلة باقتضاب ….
“اتفضل…… ”
اخذ قطعة صغيرة ومرر إصبعه على خطوط شفتيها ببطء تحت انظارها التي تصرخ ببلاها عم ينوي فعله الآن ….
وضع سالم قطعة من الشوكلاته الصغيرة بين شفتيها قائلاً بصوت جائع…..
“الشوكلاته مش ببتاكل كده ياحياة…. دي بتتاكل
كده ……”
خطف شفتيها بين شفتيه الرجولية ذأبت ذوبًا بين شفتيها آثار حرارة قبلتهم الجامحة لبعضهم
لينال الاثنين طعمها ونعومة ملمسها…
انغمس كلاً منهم في عالمهم الخاص كانت
يداه تعبث بحرارة في شعرها مثبت راسها بقوة
وبرغم انها مسالمة مع إعصار قُبلته الا انه يخشى
ان تبتعد وتقطع اجمل اللحظات بينهم….. حملها وهو مزال ينهال من شفتيها بعدد قُبلات لا نهائيه…
وأجمل أيقونات العشق الناعم وصاخب أيضاً معه
رقة لمسة يده وحنانه المبالغ معها يماثل اهتمامه وعشقه لها ، وشرارة عنفه من اثار جنون قُبلاته
اللَّوَاتِي يعبر من خلالهم ان رحيق شفتيها هي
(ملاذ الحياة) الخالص له …..
أوقف اللحظات المسروقة من عمرهم بإرادتهم طرق على الباب….. ابتعد سالم عنها ببطء وهو ينظر لها بشوق جائعاً عاشق حد الجنون…..
لم ينطق بحرفٍ عيناه صارحة انها تحتاجها الآن…….
“سالم الباب رد يمكن ماما راضيه او عمي رافت عايزينك في حاجه ….”همست له حياة بخفوت….
زفر بضيق وهو ينهض مُبتعد عنها قائلاً بهمس وقح
“ماشي هشوف مين بس انا لسه ماخدتش حصتي
من الشوكلاته…. “غمز لها بعبث ابتسمت حياة وهي تبتعد بعينيها عنه……
فتح الباب ليجد مريم امامه سألها بفتور
“ايوه يامريم في حاجه…. ”
هتفت الخادمة ببوح…
“في واحده تحت عايزه حضرتك… وشكلها غريبه عن النجع وعماله تعيط وتتلفت حوليها وكانها وراها مصيبه…… ”
ارتفع حاجباه باستفهام ….
“واحده ومش من النجع….. وكمان بتعيط.. “صمت قليلاً ثم قال بهدوء
“طب ثواني وهنزل دخليها عندي في المكتب… ”
ردت مريم عليه بتهذيب….
“حاضر…. بس هي قعده في صالون مع الحاجه راضية والحاج رأفت….”
أغلق الباب بعد ان غادرت الخادمة…
دخل للغرفة مرة آخره وهو يتجه نحو المرحاض فتح صنبور المياة لغسل وجهه وعقله منشغل بتلك الضيفه الغريبه …….وقفت حياة امام
عتابة باب المرحاض تساله بضيق وغيرة تشتعل في بُنيتيها الداكنة….
“مين دي ياسالم…. وعايزه إيه منك…..”
جفف سالم ووجهه بالمنشفة قائلا بحيرة..
“اكيد لو عارف ياحياة هقولك انا لسه نازل اشوف مين ديه ……”كان يتحدث وهو يفتح باب الغرفة
خرج وتركها تعاني من للهيب الغيرة …بعد دقيقة واحده كانت تفتح خزانة ملابسها وتخرج عبائتها
منه وهي تقول بتبرم وغيرة جامحة..
“ومالو اشوف معاك مين الاخت وعايزه منك إيه …”
…………………………………………………..
وقف سالم أمام بسنت في صالون البيت تحت أنظار رأفت ولجدة راضية…. كان يتفحصها من اعلى راسها حتى أسفل قدميها اللتين يهتزان خوفاً وارتباك….
“انتِ مين……… وعايزه إيه….. ”
تطلعت بسنت حولها بخوف وهي تراقب الجالسين
أمامهم…… بللت شفتيها وهي تهمس بصوتٍ
متحشرج..
“ممكن نتكلم لوحدنا….. ”
“وليه تتكلمو لوحدكم في بينك وبينه سر مثلاً….”
هتفت حياة بعبارتها بحدة وهي تدلف الى صالون أمامها ..
ابتسم سالم بجزع وهو ينظر الى توهج عينيها بشرارة الغيرة نحو تلك الفتاة…
ٍهتف حتى تهدأ وتتحلى بصبر قليلاً……
“اسنتي ياحياة نفهم في إيه….. ”
هتفت بسنت بصدمة…
“انتِ حياة ارملة حسن شاهين ….. يبقى اكيد الموضوع اللي هقوله لسالم بيه يخصك أنتِ
كمان.. ”
نظر لها سالم بعدم فهم تبادلا الإثنين النظرات لبرهة
بحيرة مبهمه…
أخرجت بسنت شريحة الهارد الصغيرة وهي تقول بصوت مهزوز….

“الهارد ده عليه حقيقة قاتل اخوك وهو بيعترف
صوت وصوره
” الهارد ده تمنه كان موت صاحبتي وامها واخواتها الصغيرين بعد ما قتلهم اللي قتل اخوك لم عرف
انها معاها الدليل اللي هيلف حوالين رقبته حبل المشنقه … كمان انا كُنت هموت زيها واحصلها هي وأهلها لولا اني هربت من الراجل اللي كان ناوي يقتلني ولو كان حصلي حاجه…. مكنتش هعرف اوصل ليكم بتسجيل ده… ”
نظر لها بصدمة لا هو غير مدرك ما تقوله هذهِ الفتاة…. قاتل حسن وقاتل صديقتها وعائلتها
من اجل مسجل به الحقيقة الذي بحث عنه هو ورجال الشرطة منذ اكثر اربع سنوات وكان القاتل
اكثر ذكاءً ومكراً ولم يترك خلفه اي خيط رفيع ،
ولأن وبعد اربع سنوات تقع تحت يداه الحقيقة باعتراف القاتل صوت وصورة ومن يكون هذا القاتل؟؟
غريب عنه؟ ام احد يعرفه جيداً؟ او يعرف حسن؟ ولكن السؤال هنا الأهم ماذا فعل حسن لهذا المجرم حتى يقرر ان يتخلص منه بكل تلك القساوة الشيطانية….
حرمه من ابنته الوحيدة وأيضاً من زوجته ومن عائلته ومن كل شيء كان ينتمي له (حسن شاهين)
يوماً….
اخرج صوته من أعماق ظلماته وهو يقول لزوجته
“ادخلي هاتي الاب توب من جوا ياحياة.. ”
ذهبت وهي تكاد لا تقوى على السير…وعينيها غامت بحزن مما خلف هذا التسجيل…
كانت راضية تقف هي ورافت وجوههم يكسوها الذهول وصدمة فتح الماضي دوماً يجلب لك
الآلام واي آلاما هذا الذي سيخرج شخصاً اخر
غير (سالم شاهين) الذين يعلمونه جيداً….
من المؤكد ان سالم سياخذ ثأر أخيه بعد ان يعلم
من القاتل وهم أيضاً يسألون داخلهم ذاك السؤال
الغريب…
من هو القاتل…
فتح سالم الجهاز وظهرت شريحة الهارد به وكان الجميع يصوب أنظاره على الشاشة باهتمام و اولهم سالم الذي اسود وجهه من آثار آلتفكير ولغضب بطريقة الذي سياخذ بها ثأر اخيه…….
فتح سالم الفيديو وظهر الفيديو أمامه وكان (وليد)يعترف بكل شيء دبره لحادثة السيارة التي أنقلبت وحسن بداخلها…
شهق الجميع بصدمة……. لتتوهج عينان سالم بنيران تكاد تحرق الأخضر واليابس أمامه…. وهو يهتف كلمة خرجت من الأعماق على شفتيه المنفجرة بصدمة وذهول…
“ولــيـــد ……”


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close