رواية ملاذي وقسوتي الفصل العشرون 20 بقلم دهب عطية
20
“رايح فين ياسالم ….”هتفت حياة عبارتها وهي تقف امام عتبة باب الخروج …..
هدر بها سالم بحدة وانفعال…
“ابعدي عن طريقي ياحياة الساعادي….”
لم تبالي بحدته في الحديث ولم تهتز وهي تهتف مره اخرى ولكن بعناد….
“لا.. مش هبعد عن طريقك ….انت رايح تعمل إيه يسالم ….. هتقتله ….”
“ايوه هقتله ….وهشرب من دمه كمان…..
ابعدي عني بقه “صرخ بحدة ووجهه كان يتوهج بحمرة الغضب والعصبية المفرطه بعد رأيته لهذا المسجل ومعرفة الحقيقة من خلاله…
نزلت دموعها خوفاً من فقدانه بعد هذا التصريح العنيف ذو النبرة الحاسمة …
“لا… ياسالم عشان خاطري بلاش تضيع نفسك احنا هنسلم الفيديو دا للبوليس وهما يتصرفوه معاه و.. ”
التوت شفتيها بسخرية وهو يرد يقاطعها بسخط..
“البوليس…..ليه شايفه اني مش راجل مثلاً عشان
كده مش عارف اخد حق اخويه من اللي قتله… ”
مسحت دموعها بظهر يداها وهي ترد عليه لإقناعه
بما تفكر به….
“ومين قال ان اللي بيلجأ للحكومه بيبقى ضعيف
او مش راجل ياسالم…. مفيش حد متعلم زيك يقول الكلام ده ياسالم….سيب الكلام ده للجهله وخلينا نمشي بالقانون….. ”
رد عليها بصوت عالٍ غاضب من جدالها معه أمام الجميع …و وقوفه هكذا أمامها ينتظر ويستمع لها
لا ويجادل أيضاً معها في شيء لن يحدث أبداً..
“االقانون اللي عايزاني ألجأ ليه أيد القضية من اربع سنين ضدد مجهول مقدرش يجيب قاتل اخويه ودلوقتي وقع تحت ايدي الدليل اللي عرفت فيه مين هو اللي حرمني من أخويه وحرم بنته منه… لازم اجيب حق اخويه …وبنته.. “ثم نظر لها بحزن قائلاً بصعوبة عنوة عنه…
“وحقك أنتِ كمان ياحياة…… ”
مر بجانبها بعنف ليهتز جسدها في لحظة من آثار
همجيته وعصبيته في السير من جوارها …..
استدارت نحو الجدة راضية ورافت ودموعها تنزل بلا توقف هتفت بانهيار لهم…
“انتو هتسبوه يضيع نفسه…. هتسبيه ياماما راضيه سكتين ليه رد عليا هتسبوه يضيع نفسه… ”
اسلب (رافت)عينيه بانكسار فهو يعلم انه يصعب
على أحداً منهم تغير رأي سالم في شيءٍ مهماً
كآن !، وإذا كان هذا الشيء ثأر أخيه (حسن) الذي
كان بمثابة أبن وصديق قبل ان يكون أخاه
الصغير….
مستحيل ان يستجيب لنداء احد منهم مهما كانت مكانته عند سالم…. نيران الثأر صعب ان تخمد بعدة كلمات …..
اقتربت منها راضية لتعانقها بشفقه وحزن
وهي تقول بحزن…
“ربنا كبير يابنتي ان شاء الله خير….. خير…. ”
نزلت دموع حياة في احضان راضية وهي تقول بخوف عليه…..
“سالم هيضيع ياماما راضيه انا مش هقدر استحمل خساره تانيه ولو كانت الخساره دي سالم يبقى الموت اهون عليا…..انا حبيته او ياماما حبيته وخايفه عليه…… خايفه عليه اوي ”
انهارت في أحضان راضية أكثر واكثر….. نعم هي صادقة المشاعر… حزينه وترتعد داخلها من تلك الحقيقة المزريه مما كان خلف مقتل (حسن)… ولن تنكر انها مزالت تحت تأثير الصدمة ولكن هي تعلم جيداً ان الخوف انقصم داخلها لنصفين والنصف الاقوى عليها هو تهور( سالم) وجنون انتقامه من وليد… ولقتل هو الشيء الوحيد الذي سيأتي في
عقل سالم في لحظة شيطانية متهورة سينفذ ما يملي عليه شيطانه…..
………………………………………………….
“القهوة دي مطلعها لمين ياهنيه…. “قالت خيرية
عبارتها للخادمة……
نظرت الخادمة لي ما تحمله بين يداها وهي ترد عليها بتهذيب…
“دي قهوة لي سي وليد …..”
رفعت خيرية عينيها على التلفاز تتابع محتواه
باهتمام وهي تضع السودني المقرمش في فمها وتقول بفتور…
“طب روحي طلعيها بسرعه قبل ماتبرد وانجزي عشان معاد الغدا…. ”
اومات الخادمة وهي تصعد الى غرفة وليد….
اتت ريهام وجلست بجانب والدتها لتزفر بغضب
وهي تمد يداها في هذهِ المكسرات وتاكل منها بتزمر حاد…..
رفعت خيرية عينيها على ابنتها وهي تقول بإمتعاض
“هتفضلي قعده في وشي كده كتير إيه فرحانه بقعدتك في البيت كده…… وكلام نسوان النجع عليكِ… ”
زمجرت ريهام بحدة قائلة…..
“هو في إيه يامااا هو كل ماقعد جمبك تلقحي
عليا بكلام….. ”
مسمست خيرية بشفتيها بضجر وهي ترد عليها
مُبرره حديثها…..
“ألقح إيه ياقليلة الربايه…. انا كل اللي عايزاه منك ترجعي لطليقك اللي من ساعة ماطلقك وهو حافي ورآكِ ومش قادر على بعدك….. ”
تحدثت ريهام باشمئزاز وتكبر…
“افتكريلنا حاجه عدله…. قال طليقي قال…. ارجع لمين وسيب سالم لبنت الحرام ديه تستفرد بيه لوحدها…. ”
ضاحكة خيرية بتشفي وهي ترد عليها…
“بنت الحرام استفردت بيه من زمان…. شيلي الغمام اللي على عينك ياريهام ….. وعقلي ورجعي
لطليقك وكفايه كلام نسوان النجع علينا…… ”
نهضت ريهام بحدة وهي تتحدث بغضب…
“قطع لسان اي حد يتكلم عليا نص كلمه… هما إيه مش لاقيين غيري يتسلى عليه …قوليلي انهي واحده لسانها جاب سيرتي بالباطل وانا اقص لسانها بايدي … ”
رمقتها خيرية بلؤم وهي تمضغ المكسرات بتبرم
“وفري شرك على اللي خدت منك حبيب القلب وبتتمتع دلوقتي بخيره… واسمها لم بيتقال في قعدت نسوان الكل بيعملها الف حساب من غير حتى مايشوفوها……وكل ده عشان إيه…. عشان مرات سالم شاهين …ماهو اللي عملها هيبه بينهم غير انها مراته….حكم “فور انتهى خيرية من جملتها
مسمست بشفتيها بتبرم…..
عضت ريهام على شفتيها بحقد وغل من حياة ونيران الشر تشتعل وتود لو تحرق النجع بأكمله وحياة اولهم…….
“اااه يناري لو بس كانت الخطه مشيت زي مانا عايزه كان زماني مراته دلوقتي ونايمه في حضنه وحرق دمها ودم نسوان النجع كلهم… بس خيرها في غيرها مانا مش هسيبه ليها بساهل كده…. ”
دلف بكر والد ريهام الى صالون وهو يجلس
بارهاق على مقعده……
اقتربت منه زوجته خيرية وهي تقول بقلق
“مالك يابكر فيك إيه…… ”
رد عليها بنفي….
“مافيش دماغي مصدعه شوية…. اعمليلي شوية شاي تقيل….يمكن الصداع يروح… “فرك برأسه
بتعب…
ردت عليه خيرية وهي تذهب باتجاه المطبخ
“عيني ياخويه…..هدخل اعملهالك حالاً ”
صدح رنين جرس الباب بقوة وإصرار ولم يلبث الطارق ثواني واطرق بكل قوة وعنف على الباب
ذات الرفوع الحديدية والزجاج الذي يكسوها…
“شوفي مين ياريهام بيخبط كده … “دلفت خيرية الى المطبخ بعد ان امرت ريهام بتلك
الجملة….. وضعت ريهام الحجاب على شعرها
بإهمال….
فتحت الباب الكبير ليطل منه سالم بوجه يرعب الأعين.. وعيناه تشتعل بنار شديدة اللهيب هالة مُخيفة لا تبشر بالخير….
ابتسمت ريهام بسعادة وهي تهتف بأسمه بوقاحه
“سالم معقول انت هنا……”
عض على شفتيه بغضب وهو يسالها سؤال محدد
“اخوكي هنا ……”
ابتسمت بسعادة مُبتعده عن الباب وهي تجيبه
بنعومة…
“ااه هنا أدخل ياسالم…هو بس في اوضته استنى اناديلك عليه …..”
لج لداخل سريعاً لكنه وقف في بهو البيت ورفع عينيه المُشتعلة على عمه بكر بسخط….
وهو يرد على ريهام بتهكم ساخراً…….
“لا خليكي مرتاحه جمب ابوكي ….انا هطلع اشوفه بنفسي …”
نظر له بكر بستفهام وهو يساله بــ
“هو في إيه ياسالم انت عايز وليد ليه في شغل
بينكم …..”
ابتسم سالم بتهكم مره اخره..
وهو يضع هاتفه على الطاولة ويشغل هذا المسجل الذي صخب صوته في أرجاء البهو….وهو يقول بسخرية……
“التسجيل ده هيعرفك انا عايز ابنك في إيه
بظبط…….”
صعد على السلالم بسرعة وشياطين تلاحق به…
خرجت خيرية وهي تمسك في يداها صنية عليه كوب الشاي لتسمع اعتراف وليد من هذا المسجل يقول
(لا قتل حسن كان سهل أوي لعبت في فرامل العريبة بتاعته وهو بقه سقها وكمل الباقي… “صدحت ضحكته وهو يكمل “… ومش بس كده لا دا انا لعبت الحكومه على الشناكل لحد ما ملف القضيه اتايد
ضد مجهول…….)
وقعت الصنية من يدلها وهي تهتف باسم ابنها بخوف……
“وليد………. ابني…… ”
كانت تقف ريهام مصدومة ومشحوبة الوجه وكل ما تفكر بها الان ان فرصة زواجها من سالم قد تبخرت للأبد بعد ان أصبحت شقيقة قاتل حسن……..
ام بكر والدهم لم يتحمل سماع باقي التسجيل وتفصيل الذي يضفها وليد بعد قتل حسن او حتى قبل ان يدبر الحادث الشنيع…… ليقع بكر على الارض مُمسك قلبه بتعب……
ركضت عليه ريهام بخوف وكذالك خيرية زوجته
“ابو وليد….. ابو وليد رد عليه…… رد عليه….
هاتي مايه ياريهام……… هاتي مايه ”
ركضت ريهام نحو المطبخ بهلع……
____________________________________
مسك وليد الهاتف وهو يقف في شرفة غرفته بعصبية قائلاً بحدة…
“يعني إيه ياايمن هربت منك حتة بت زي دي تعدي من تحت ايدك ازاي…. يعني إيه في المستشفى وعضمك مفشفش… البت دي لازم تدور عليها ابعت حد من رجالتك يدور عليها البت دي لو وصلت لسالم يبقى انا هيتقري عليا الفاتحه….. ”
“و ازاي الفاتحه تتقري على واحد وسخ زيك .. ”
هتف سالم بعبارته وهو يغلق باب غرفة وليد بقوة
تحشرج صوت وليد ناظراً الى سالم بخوف
“سالم أنت هنا ..اا…جاي ليه……. ”
اقترب منه سالم ببطء ليقف امامه وجهاً لوجه
مُجيب إياه بنبرة خالية من المشاعر….
“عشان حسن …… طار اخويه …..هو انتَ مش ناوي تدفع اللي عليك ولا إيه… “لكمه بقوة في أنفه …
…………………………………………………..
“جبت السلاح….. “نطق غريب الصعيدي جملته
وهو ينظ لابن عمه….
وضع راجح السلاح في يداه وهو يقول باستفهام
“ناوي على إيه ياولد عمي….. ”
أمسك غريب السلاح بين يداه وهو يهتف بغضب
“ناوي اجتل اللي خد مني حجي وغصبني إني
امضي على نص املاكي لايهاب اخوي….. ”
“اهاه انت جولت بلسانك اخوك…. يعني ملزماش دم وسلاح عاد ياولد عمي… ده مهم كان سالم شاهين… وبعدين كيف يجي في بالك انك تضرب عليه نار في الضلمه…. أجده بتكون خدت بطارك منيه …. كده مش رجوله ياولد عمي…. وسالم مش مستحق آزيت حد واصل منك او من اهل النجع…… ”
هدر به غريب بغضب شيطاني…
“انت معايا ولا معاه ياراجح….. خليك في حالك واياك تفكر ولو حتى دماغك تحدفك ناحيت انك
تسلمني لسالم شاهين انا بحذرك ياراجح ….
انا في الخيانه مش هرحم اين كان يكون…. ”
اتسعت أعين راجح بصدمة ليهتف بعدم استيعاب
“انت بتهددني ياولد عمي…… ”
“سميها زي متسميها طاري من ولد رافت شاهين مش هاهمله وحج فلوسي وتمن حجزه ليا في المخزن بتاعه كماااان …انا مش هستريح غير لم اخد روحه بيدي اتنين……. “تحدث وهو يقبض على كف
يداه بغضب وكأنه يقبض على شيء وهمي… لكن ذهنه كان يتخيل روح سالم تغادر الحياة
على يداه …
هتف راجح بسأم..
“انت حُر ياولد عمي…واضح ان الكلام ممنوش فيده معاك…”
…………………………………………………..
اقترب منه سالم ببطء ليقف امامه وجهاً لوجه
مُجيب إياه بنبرة خالية من المشاعر….
“عشان حسن …… طار اخويه …..هو انتَ مش ناوي تدفع اللي عليك ولا إيه… “لكمه بقوة في أنفه…..
طاح وليد ارضاً بعد عدة لكمات اصابة وجهه
الذي كان سالم يصب غضبه في تلك المرحلة
الأولى على وجهه الذي أصبح يكسوه الدماء ولورم
ليلكم سالم معدته بقوة وجانبيه الإثنين بقوة ويسدد له بعض ركلات بقدميه مابين ساقيه ليتأوه وليد بقوة ويزيد عذاب الألم أكثر…
هدر سالم بغضب وصوت عالٍ وهو يركل وليد في معدته بعد ان وقع في لارض من آثار همجية سالم وعنف ضرباته عليه….
“قتلته ليه قتلته ليه…. عمل إيه حسن عشان يموت بسببك… اذاك فإيه…. دا كا بيعملك كأخ تاني ليه اذآآآك في إيه ياوليد عشان تقتله قتلته ليه…ليه…. ”
وبرغم من كل مايشعر به وليد من آلَاماً مبرح في ذاك الوقت العصيب ….رد عليه بجنون شيطاني…
“عملت كده عشان اشوفك قدامي مكسور …ونفسك تعيط زي الحريم على فراق اخوك….. ”
توقف سالم عن ركله وضربه العنيف لينزل الى مستواه ويهتف باحتقار…
“دموع والحزن عمرهم ماكانو من نصيب الراجل الضعيف….. وعشان انت شايف ان الضعيف بس هو اللي بيعيط على فرق اغلى الناس ليه… انا كمان هكسرك وهخليك تعيط على الحاجه اللي تميزك عن
الحريم… ”
اتسعت اعين وليد بخوف من تلميحه…
“قصدك إيه …. ”
ابتسم سالم بسخرية….
“مانت فهمت قصدي ايه وعارف ان بلمح
لإيه… ”
امسك به من عنق جلبابه وهو يرفعه للأعلى
وهو يقول بحدة…
“لازم تعرف انك مش هتشوف نور ربنا تاني… وقبل ماقتلك بأيدي لازم اشفي غليلي منك الأول..وحق أخويه هاخده منك تالت ومتلت ولازم أحرق دم أهلك عليك زي ماحرقت قلبنا عليه…”
ارتعد وليد وهو يسيل الدماء منه ليرد عليه بخوف
“سلمني للحكومه وهما هياخدو حق اخوك
مني……”
رمقه سالم بشر وهو يرد عليه بقساوة…
“مش قاضي نجع العرب اللي يروح للحكومه
عشان ياخدو حقه …. انا اقدر اخد حقي بايدي
و وفر على نفسك الكلام…….. لان الحساب بدأ …”
أنهى جملته وهو يصدم رأسه به ليفقد وليد توازنه ويقع ارضاً مغشياً عليه…..
قذف سالم عليه مابي فمه بتقزز ونفور من هذا
الوجه البغيض، رفع الهاتف على أذنيه قائلاً ببرود
“حضرت العربيه ياجابر….. طب أطلع خد الكلب
ده….اخلص عشان لسه هنطلع على المخزن
حضر إسماعيل الحكيم ورجاله….. تمام ”
بعد دقائق معدودة كان ينزل سالم بشموخ على سلالم بيت بكر شاهين نهض بكر بعد ان استعاد
وعيه من إغماءه منذ قليل……
رفع عينيه على وليد الذي يحمله جابر كشوال البطاطس وهو فاقد الوعي ووجهه يسيل منه الدماء وملامح وجهه اختفت تماماً من آثار ضرب سالم له…
“ابني…. ابني…… “ركضت خيرية إتجاه سالم وهي تبكي بخوف وتترجى سالم بهلع على ابنها الذي حدث له كل هذا من خلال نصف ساعة وماذا سيحدث له بعد ان ياخذهُ سالم معه ؟!…..
“ابوس ايدك ياسالم يابني سيب وليد سيبه ابوس ايدك انا……… انا محلتيش غيره…… ”
أشارا سالم بيداه الى جابر بذهاب وكان جابر في هذا الوقت يحمل وليد وتمنع مروره خيرية الواقفة امام سالم تبكي وتترجى …
ابعد جابر عنها ليمر من جانبها بقوة حيثُ الخارج…
صاح صوتها بهلع….
“بلاش تموته بلاش ابوس ايدك سيب وليد
سبوه…..”
رمقها سالم بسخرية وهو يرد بفظاظة معتاد اتقانها….
“متقلقيش وليد هيرجعلك تاني عشان تدفنيه
جمب الحبايب اللي بتروحي تقري عليهم الفاتحه
كل عيد…… ”
مسكت كف يداه برجاء وهي تنهار انهيار أم …
“لا… ابوس ايدك ياسالم ارحمه ده مهم كان ابن عمك ارحمه يابني ارحمه……انا مليش غيره”
نفض يداه بعيداً عنها بقسوة قائلاً ببرود…
“وهو رحم أخويه لم خطفه مننا وهو في عز شبابه
ويتم بنته ورمل مراته اربع سنين …انتِ ببترجيني
اني اسيب ابنك يعني حتى مش قادره تقوليلي من
باب العقل ابني قتل ولازم يتعاقب وسلمه للبوليس
بس بلاش تاخد حقك بإيدك…”ابتسم بسخط..
“بس انا هستغرب ليه مانتِ طول عمرك كده يامرات عمي حتى بعد ما عرفتي ان ابنك قتل اخويه كل اللي في دماغك إني اسيبه ورجعه ليكي بدمعتين
من بتوعك لا وكمان اسامحه ونرجع زي السمنه على العسل…مش كده يامرات عمي …”صمت ببرود وهو يقول…
“حضري تربة إبنك وقري عليه الفاتحه من دلوقتي.
دا لو حفظاها…”رمقها بسخط هي وعمه بكر وريهام المتسعت الأعين بدهشة وذهول من هول خروج الماضي بكل هذا السواد الذي كأن بطله الوحيد وليد شقيقها الذي افسد كل شيء كانت تنوي وتتمنى فعله……
خطى سالم عدة خطوات إتجاه باب الخروج اوقفته (خيرية) مرة أخرى محاولة استعطف قلبه نحو ابنها..
“انت راجل عارف ربنا وعارف ان حسن عمره انتهى لحد كده يعني بوليد او من غير وليد كان هيموت فى معاده….. ”
لم ينظر لها توقف وهو يوليها ظهره التوت شفتيه
بسخط من وقاحة هذهِ المرأة ليرد عليها بحزم
“انتِ صح حسن مات في معاده وكل واحد ليه
معاد هيروح بيه للخلقه….. ”
ابتسمت خيرية بأمل…….
تابع سالم حديثه قائلاً بنزق…
“وابنك جه معاده خلاص…. وكلنا لها……
حضري الكفن……. يامرات عمي….. ”
خرج سالم واصدر صوت وقود السيارة صوتٍ عالٍ
يخبرهم بمغادرته للمكان……
لطمت خيرية على وجهها وهي تهتف بعويل وبكاء
حاد…..
“ابني هيضيع ابني هيضيع يابكر إبنك هيروح على ايد ابن اخوك لازم تصرف لازم تعمل حاجه اتصرف يابكر اتصرف ….. ”
كان بكر يقف مكانه بثبات وعيناه مثبتة عليها بجمود…
اقتربت منه وهي تسأله بعويل وبكاء حاد
“انت ساكت ليه…… ابنك خلاص راح وليد خلاص هيروح مننا…… ”
هز راسه بقلة حيله وهو يهتف بصعوبة تلك
الحقيقة التي كان دوماً يهرب منها …
“مافيش فايده ياخيريه ابنك قتل ولي قتله ده يبقى ابن عمه اخو سالم شاهين ….. يعني ابنك مات من
ساعادي و محدش هيقدر يقف قدام سالم ياخيرية محدش هيقدر يمنع سالم من انه يأخد حق أخوه من إبنك..”
هبط على المقعد بقلة حيلة وحزن على أبنه
وخذلانه من تلك الجريمة التي اقترفها ابنه …
مهما كان الشر وطباع الطمع والمصالح الذي تسير في دماء (بكر شاهين) يبقى القتل ادنس الأشياء في عيون اي رجل وكبائر الأكبر هنا صعوبة انه قتل ابن عمه شخص من دماءه …وكان هذا بسبب الحقد والكره الذي ربى ابناءه عليه !..
…………………………………………………..
كانت حياة تجلس في صالون وعينيها لا تتوقف
عن البكاء أحمرت عينياها بكثرة وشحب وجهها باصفرار من آثار ضغطها على نفسها خوفاً وتفكيراً …
جلست بجانبها ريم التي اتت لهم منذ نصف ساعة
حين علمت الخبر من حياة عبر الهاتف….
“حياه ممكن تهدي… عينك ورمت وحمرت من كتر العياط دا غير وشك اللي الدم انسحب
منه… ”
انحدرت دموعها بغزرة على وجنتيها وهي تهتف وسط انهيار روحها…..
“مش قادره ياريم انا خايفه على سالم اوي ده ممكن يقتله ويروح فـ…. “شهقت وهي تكتم حديث تخشى حدوثه…..
احتضنتها ريم وهي تبكي في أحضانها بحرج منها ومن سالم ومن عمها وجدتها راضية فهي أخطأت حين اتت لهم في تلك اللحظة وهي على يقين ان وجودها غير مرحب به بسبب فعلت شقيقها الشنيعه
ولكنها اتت في هذا الوقت فقط من أجل حياة
خوفاً عليها ….حياة بنسبة لريم الأخت الكبرى الصديقة الوحيدة وصادقة في حياتها.. فلم لا
تكن بجوارها في تلك الأوقات العصيبه وهي
تحتاج لمن يهون عليها خوفها من القادم على
يد زوجها…
“ان شاء الله خير ياحياة خير…… ”
كانت راضية تمسك المصحف بين يداها وتقرأ به
بتركيز وتنحدر آلدموع من عينيها بخوف من ضياع الحفيد الوحيد لديها… والعوض على الحفيد الثاني
الذي قتل وافسد في لارض ذنوبٍ بسبب حقده
وغيرته من اولاد عمه (حسن)…. و(سالم) الذي تخشى من فقدانه هو أيضاً…….
خرج رأفت من باب مكتبه قفزت حياة بسرعة من جلستها واقتربت منه وهي تقول بلهفة…..
“عملت إيه يابابا رافت وصلت لحاجه عرفت سالم
خد وليد على فين…… ”
هز رافت راسه بنفي وهو يقول باحباط
“كلمت كل ألناس اللي ممكن تعرف هو راح فين… لكن مافيش فايده….. الواحيد اللي يعرف هو فين جابر دراعه اليمين هو اكيد معاه دلوقتي…. ”
أغلقت راضية المصحف وهي تنهض وتقول بثبات
“اطلعي على اوضتك ياحياة… خديها ياريم… ”
رفعت حياة عينيها ناظرة الى راضية بعدم فهم
وهتفت بدهشة…..
“أنتِ بتقولي إيه ياماما راضيه….. انتِ ناسيه سالم فين دلوقت.. ”
“لا.. مش ناسيه…. بس كمان سالم راجل ومن ضهر راجل ولوو عمل اي حاجه في وليد يبقى حقه.. ”
هتفت حياة بصياح وانهيار…
“بس ده ممكن يقتله….. ”
زفرت راضية بتعب وصعدت بدون ان تتحدث إليهم فهي لم تقف لتجادل حياة لأنها تعلم عنادها واصرارها على رؤية سالم الآن …وهي متيقنه
ان مهم حدث من كلاهما لن يتنازل سالم عن اخذ ثأره من وليد وهذا مايجعلها لا تقوي على الصمود أمامهم…… لهذا فضلت راضية الجلوس في غرفتها بمفردها….
قال رافت وهو يهم بالخروج من المنزل…..
“انا هروح كده اسأل على جابر او اي حد يعرف هو فين وان شاء الله اوصل لسالم…..اطمني ياحياة يابنتي… ”
خرج رافت تاركاً حياة تنظر للفراغ بحزن…
تجلس بسنت تتابع كل مايحدث بصمت عقلها مشوش تخشى ان يؤذيها سالم بعد ان ينتقم من
ابن عمه او يتهمها بي شيءٍ وهمي مثلاً …هي لا تعلم نواي هذا السالم ولكن هي سلمت له المسجل فقط من اجل ان يضمن لها الأمان من ابن عمه ورجاله المجرمين ..
تمتمت بسنت داخلها بخوف بعد تشتت
الأفكار بها….
“ياترا هيعملو فياا إيه …… ”
بعد مرور ساعة ومزالت حياة على وضعها تبكي بدون توقف وعقلها لم ياخذ قسط وأحد من الراحة
من زوبعات الأفكار المتراكمة داخلها……
كانت ريم تجلس بجانبها تهدأها تارة… وتشرد تارةٍ آخره فالأيام القادمة على كلتاهما والتي لا تبشر بالخير وخصوصاً بعد فتخ بئر الماضي الذي
يهدد الآن باخذ ضحية اخرى قبل إغلاقه…….
اما بسنت مزالت كما هي تجلس صامته ثابتة ناظرة
الى الفراغ أيضاً بشرود والخوف يشتبك معها بإصرار ملازم لتظل كما هي تفكر في أسوء الأشياء الذي ممكن ان تحدث لها في هذا النجع…..
دلف جابر في هذا الوقت وهو يتنحنح بخشونة بعد ان فتحت له الباب الخادمة مريم……
رفعت حياة عينيها عليه كادت ان تفقد ماتبقى من عقلها وتركض عليه… ولكن توقفت بثبات تنتظر القادم منه وماذا يريد وجدت انظاره مثبته على بسنت وهو يقول بإحترام….
“لمؤاخذة ياست حياة ….اصلي جيت عشان اخد الانسه بسنت عشان اروحها بنفسي لبيتها في
قاهره …….”
نهضت بسنت تحت انظارهم وهي تتحدث بصوتٍ
مرتبك خوفٍ …..
“تروحني ….ازاي وراجل اللي ممكن يموتني ده و”
قاطعها جابر قائلاً بخشونه…..
“لا.. متقلقيش سالم بيه بعتني ليكِ عشان يوصلك
رساله ولأمانه ديه …..”
مد جابر يداه لها ببعض الأموال وهو يقول لها بتوضيح ….
“الفلوس دي بعتها ليكِ سالم بيه…
تعويضاً عن اللي حصلك قبل ماتيجي ليه…..وهو كمان بيوصلك انك لو عايزه تفضلي في نجع العرب والامان اللي طلبتيه منه هتاخديه ولو برضو عايزه ترجعي من مكان ماجيتي اعرفي انك بقيتي في امان لان اللي كان مكلف رجالته بموتك هو دلوقتي تحت أيده….. ”
صمتت بسنت وهي تفكر في حديثه وتختلس النظر
الى هذه الحقيبة الصغيرة الموضوع بها الأموال
التي كانت ثمن حياة خوخة وعائلتها… ولكن ماذا
تفعل الآن ؟….لم تتمكن من الجلوس في هذا النجع الذي لا يمس صلة لحياة الأحياء الشعبية التي كانت تقطن بها في المدينة …..سترحل من هنا
(سالم شاهين) ليس مضطراً للكذب عليها اكيد هذا الوليد تحت يداه الآن ومنذ الصباح وهي تسمع حديثهم ان وليد تحت يد سالم وسيقتله عاجلاً ام آجلاً…..
اخذت حقيبة الأموال من جابر وهي تنظر له
قائلة بحرج…..
“خلاص انا جايه معاك…….. ”
استني يابسنت انا كمان جايه معاكِ استنو ثوني
هلبس ونزله….. “هتفت حياة بتلك الجملة بثبات
اتسعت عينا ريم وجابر أيضاً …..ام بسنت فاومات لها بدون أكتراث……
سألها جابر بإحترام….
“لمؤاخذه ياست حياة لكن حضرتك راحه فين مع لانسه بسنت….. ”
رفعت حياة عينيها إليه وهي تهتف بكذب….
“قبل مانت تدخل كان سالم لسه قافل معايا وقال ان بيرن عليك تلفونك غير متاح….. كان عايز يقولك انك توصل بسنت لمحطة القطر…. وتوصلني انا مكان ماهو قعد عشان في اورق مهمه لازم اوصلها ليه. ”
رفع جابر هاتفه وهو ينظر إليه ليرد عليها بتوجس
“ازاي بس التلفون في شبكه وكمان مافيش أتصال
من سالم بيه….. انا هتصل بيه وتاكد من آلكلام ده… ”
رفعت حياة عينيها الى ريم لتنقذها وتساعدتها في هذه الكذبة حتى تتمكن من الوصل لسالم….
خطت ريم إتجاه جابر لتاخذ منه الهاتف وقالت له
بضيق زائف…..
“تتاكد من إيه…. انت بتكدب مرات سالم شاهين
ياجابر… هي هتكدب عليك ليه يعني…. نفذ الاوامر
واسمع كلام ستك حياة…. ”
قال جابر بعتراض….
“بس يست ريم لازم اتصل بالكبير اتاكد منه…. ”
اخذت ريم الهاتف واخفته بين يداها وقالت بجدية
“مش وقت الكلام ده لازم توصل بسنت لمحطة القطر قبل ما القطر يروح عليها وتوصل حياة لسالم عشان تديله الاورق المهمه اللي عايزها…. ”
ثم رفعت ريم عينيها على حياة قائلة بنبرة ذات معنى…..
“يلا ياحياة اطلعي البسي اتأخرتي على سالم…. ”
ابتسمت حياة بامتنان الى ريم وشهامة صديقتها
دوماً معها….. صعدت سريعاً تحت انظار الجميع….
تعلم ان ماستفعله له عواقب كبيرة وقاسية من
(سالم شاهين) ولكن كل ما تفكر به رؤيته ومنعه
مما يود اقترافه ، بقتل هذا الدنيء ذات الدم الدنس……..
يتبع.
“رايح فين ياسالم ….”هتفت حياة عبارتها وهي تقف امام عتبة باب الخروج …..
هدر بها سالم بحدة وانفعال…
“ابعدي عن طريقي ياحياة الساعادي….”
لم تبالي بحدته في الحديث ولم تهتز وهي تهتف مره اخرى ولكن بعناد….
“لا.. مش هبعد عن طريقك ….انت رايح تعمل إيه يسالم ….. هتقتله ….”
“ايوه هقتله ….وهشرب من دمه كمان…..
ابعدي عني بقه “صرخ بحدة ووجهه كان يتوهج بحمرة الغضب والعصبية المفرطه بعد رأيته لهذا المسجل ومعرفة الحقيقة من خلاله…
نزلت دموعها خوفاً من فقدانه بعد هذا التصريح العنيف ذو النبرة الحاسمة …
“لا… ياسالم عشان خاطري بلاش تضيع نفسك احنا هنسلم الفيديو دا للبوليس وهما يتصرفوه معاه و.. ”
التوت شفتيها بسخرية وهو يرد يقاطعها بسخط..
“البوليس…..ليه شايفه اني مش راجل مثلاً عشان
كده مش عارف اخد حق اخويه من اللي قتله… ”
مسحت دموعها بظهر يداها وهي ترد عليه لإقناعه
بما تفكر به….
“ومين قال ان اللي بيلجأ للحكومه بيبقى ضعيف
او مش راجل ياسالم…. مفيش حد متعلم زيك يقول الكلام ده ياسالم….سيب الكلام ده للجهله وخلينا نمشي بالقانون….. ”
رد عليها بصوت عالٍ غاضب من جدالها معه أمام الجميع …و وقوفه هكذا أمامها ينتظر ويستمع لها
لا ويجادل أيضاً معها في شيء لن يحدث أبداً..
“االقانون اللي عايزاني ألجأ ليه أيد القضية من اربع سنين ضدد مجهول مقدرش يجيب قاتل اخويه ودلوقتي وقع تحت ايدي الدليل اللي عرفت فيه مين هو اللي حرمني من أخويه وحرم بنته منه… لازم اجيب حق اخويه …وبنته.. “ثم نظر لها بحزن قائلاً بصعوبة عنوة عنه…
“وحقك أنتِ كمان ياحياة…… ”
مر بجانبها بعنف ليهتز جسدها في لحظة من آثار
همجيته وعصبيته في السير من جوارها …..
استدارت نحو الجدة راضية ورافت ودموعها تنزل بلا توقف هتفت بانهيار لهم…
“انتو هتسبوه يضيع نفسه…. هتسبيه ياماما راضيه سكتين ليه رد عليا هتسبوه يضيع نفسه… ”
اسلب (رافت)عينيه بانكسار فهو يعلم انه يصعب
على أحداً منهم تغير رأي سالم في شيءٍ مهماً
كآن !، وإذا كان هذا الشيء ثأر أخيه (حسن) الذي
كان بمثابة أبن وصديق قبل ان يكون أخاه
الصغير….
مستحيل ان يستجيب لنداء احد منهم مهما كانت مكانته عند سالم…. نيران الثأر صعب ان تخمد بعدة كلمات …..
اقتربت منها راضية لتعانقها بشفقه وحزن
وهي تقول بحزن…
“ربنا كبير يابنتي ان شاء الله خير….. خير…. ”
نزلت دموع حياة في احضان راضية وهي تقول بخوف عليه…..
“سالم هيضيع ياماما راضيه انا مش هقدر استحمل خساره تانيه ولو كانت الخساره دي سالم يبقى الموت اهون عليا…..انا حبيته او ياماما حبيته وخايفه عليه…… خايفه عليه اوي ”
انهارت في أحضان راضية أكثر واكثر….. نعم هي صادقة المشاعر… حزينه وترتعد داخلها من تلك الحقيقة المزريه مما كان خلف مقتل (حسن)… ولن تنكر انها مزالت تحت تأثير الصدمة ولكن هي تعلم جيداً ان الخوف انقصم داخلها لنصفين والنصف الاقوى عليها هو تهور( سالم) وجنون انتقامه من وليد… ولقتل هو الشيء الوحيد الذي سيأتي في
عقل سالم في لحظة شيطانية متهورة سينفذ ما يملي عليه شيطانه…..
………………………………………………….
“القهوة دي مطلعها لمين ياهنيه…. “قالت خيرية
عبارتها للخادمة……
نظرت الخادمة لي ما تحمله بين يداها وهي ترد عليها بتهذيب…
“دي قهوة لي سي وليد …..”
رفعت خيرية عينيها على التلفاز تتابع محتواه
باهتمام وهي تضع السودني المقرمش في فمها وتقول بفتور…
“طب روحي طلعيها بسرعه قبل ماتبرد وانجزي عشان معاد الغدا…. ”
اومات الخادمة وهي تصعد الى غرفة وليد….
اتت ريهام وجلست بجانب والدتها لتزفر بغضب
وهي تمد يداها في هذهِ المكسرات وتاكل منها بتزمر حاد…..
رفعت خيرية عينيها على ابنتها وهي تقول بإمتعاض
“هتفضلي قعده في وشي كده كتير إيه فرحانه بقعدتك في البيت كده…… وكلام نسوان النجع عليكِ… ”
زمجرت ريهام بحدة قائلة…..
“هو في إيه يامااا هو كل ماقعد جمبك تلقحي
عليا بكلام….. ”
مسمست خيرية بشفتيها بضجر وهي ترد عليها
مُبرره حديثها…..
“ألقح إيه ياقليلة الربايه…. انا كل اللي عايزاه منك ترجعي لطليقك اللي من ساعة ماطلقك وهو حافي ورآكِ ومش قادر على بعدك….. ”
تحدثت ريهام باشمئزاز وتكبر…
“افتكريلنا حاجه عدله…. قال طليقي قال…. ارجع لمين وسيب سالم لبنت الحرام ديه تستفرد بيه لوحدها…. ”
ضاحكة خيرية بتشفي وهي ترد عليها…
“بنت الحرام استفردت بيه من زمان…. شيلي الغمام اللي على عينك ياريهام ….. وعقلي ورجعي
لطليقك وكفايه كلام نسوان النجع علينا…… ”
نهضت ريهام بحدة وهي تتحدث بغضب…
“قطع لسان اي حد يتكلم عليا نص كلمه… هما إيه مش لاقيين غيري يتسلى عليه …قوليلي انهي واحده لسانها جاب سيرتي بالباطل وانا اقص لسانها بايدي … ”
رمقتها خيرية بلؤم وهي تمضغ المكسرات بتبرم
“وفري شرك على اللي خدت منك حبيب القلب وبتتمتع دلوقتي بخيره… واسمها لم بيتقال في قعدت نسوان الكل بيعملها الف حساب من غير حتى مايشوفوها……وكل ده عشان إيه…. عشان مرات سالم شاهين …ماهو اللي عملها هيبه بينهم غير انها مراته….حكم “فور انتهى خيرية من جملتها
مسمست بشفتيها بتبرم…..
عضت ريهام على شفتيها بحقد وغل من حياة ونيران الشر تشتعل وتود لو تحرق النجع بأكمله وحياة اولهم…….
“اااه يناري لو بس كانت الخطه مشيت زي مانا عايزه كان زماني مراته دلوقتي ونايمه في حضنه وحرق دمها ودم نسوان النجع كلهم… بس خيرها في غيرها مانا مش هسيبه ليها بساهل كده…. ”
دلف بكر والد ريهام الى صالون وهو يجلس
بارهاق على مقعده……
اقتربت منه زوجته خيرية وهي تقول بقلق
“مالك يابكر فيك إيه…… ”
رد عليها بنفي….
“مافيش دماغي مصدعه شوية…. اعمليلي شوية شاي تقيل….يمكن الصداع يروح… “فرك برأسه
بتعب…
ردت عليه خيرية وهي تذهب باتجاه المطبخ
“عيني ياخويه…..هدخل اعملهالك حالاً ”
صدح رنين جرس الباب بقوة وإصرار ولم يلبث الطارق ثواني واطرق بكل قوة وعنف على الباب
ذات الرفوع الحديدية والزجاج الذي يكسوها…
“شوفي مين ياريهام بيخبط كده … “دلفت خيرية الى المطبخ بعد ان امرت ريهام بتلك
الجملة….. وضعت ريهام الحجاب على شعرها
بإهمال….
فتحت الباب الكبير ليطل منه سالم بوجه يرعب الأعين.. وعيناه تشتعل بنار شديدة اللهيب هالة مُخيفة لا تبشر بالخير….
ابتسمت ريهام بسعادة وهي تهتف بأسمه بوقاحه
“سالم معقول انت هنا……”
عض على شفتيه بغضب وهو يسالها سؤال محدد
“اخوكي هنا ……”
ابتسمت بسعادة مُبتعده عن الباب وهي تجيبه
بنعومة…
“ااه هنا أدخل ياسالم…هو بس في اوضته استنى اناديلك عليه …..”
لج لداخل سريعاً لكنه وقف في بهو البيت ورفع عينيه المُشتعلة على عمه بكر بسخط….
وهو يرد على ريهام بتهكم ساخراً…….
“لا خليكي مرتاحه جمب ابوكي ….انا هطلع اشوفه بنفسي …”
نظر له بكر بستفهام وهو يساله بــ
“هو في إيه ياسالم انت عايز وليد ليه في شغل
بينكم …..”
ابتسم سالم بتهكم مره اخره..
وهو يضع هاتفه على الطاولة ويشغل هذا المسجل الذي صخب صوته في أرجاء البهو….وهو يقول بسخرية……
“التسجيل ده هيعرفك انا عايز ابنك في إيه
بظبط…….”
صعد على السلالم بسرعة وشياطين تلاحق به…
خرجت خيرية وهي تمسك في يداها صنية عليه كوب الشاي لتسمع اعتراف وليد من هذا المسجل يقول
(لا قتل حسن كان سهل أوي لعبت في فرامل العريبة بتاعته وهو بقه سقها وكمل الباقي… “صدحت ضحكته وهو يكمل “… ومش بس كده لا دا انا لعبت الحكومه على الشناكل لحد ما ملف القضيه اتايد
ضد مجهول…….)
وقعت الصنية من يدلها وهي تهتف باسم ابنها بخوف……
“وليد………. ابني…… ”
كانت تقف ريهام مصدومة ومشحوبة الوجه وكل ما تفكر بها الان ان فرصة زواجها من سالم قد تبخرت للأبد بعد ان أصبحت شقيقة قاتل حسن……..
ام بكر والدهم لم يتحمل سماع باقي التسجيل وتفصيل الذي يضفها وليد بعد قتل حسن او حتى قبل ان يدبر الحادث الشنيع…… ليقع بكر على الارض مُمسك قلبه بتعب……
ركضت عليه ريهام بخوف وكذالك خيرية زوجته
“ابو وليد….. ابو وليد رد عليه…… رد عليه….
هاتي مايه ياريهام……… هاتي مايه ”
ركضت ريهام نحو المطبخ بهلع……
____________________________________
مسك وليد الهاتف وهو يقف في شرفة غرفته بعصبية قائلاً بحدة…
“يعني إيه ياايمن هربت منك حتة بت زي دي تعدي من تحت ايدك ازاي…. يعني إيه في المستشفى وعضمك مفشفش… البت دي لازم تدور عليها ابعت حد من رجالتك يدور عليها البت دي لو وصلت لسالم يبقى انا هيتقري عليا الفاتحه….. ”
“و ازاي الفاتحه تتقري على واحد وسخ زيك .. ”
هتف سالم بعبارته وهو يغلق باب غرفة وليد بقوة
تحشرج صوت وليد ناظراً الى سالم بخوف
“سالم أنت هنا ..اا…جاي ليه……. ”
اقترب منه سالم ببطء ليقف امامه وجهاً لوجه
مُجيب إياه بنبرة خالية من المشاعر….
“عشان حسن …… طار اخويه …..هو انتَ مش ناوي تدفع اللي عليك ولا إيه… “لكمه بقوة في أنفه …
…………………………………………………..
“جبت السلاح….. “نطق غريب الصعيدي جملته
وهو ينظ لابن عمه….
وضع راجح السلاح في يداه وهو يقول باستفهام
“ناوي على إيه ياولد عمي….. ”
أمسك غريب السلاح بين يداه وهو يهتف بغضب
“ناوي اجتل اللي خد مني حجي وغصبني إني
امضي على نص املاكي لايهاب اخوي….. ”
“اهاه انت جولت بلسانك اخوك…. يعني ملزماش دم وسلاح عاد ياولد عمي… ده مهم كان سالم شاهين… وبعدين كيف يجي في بالك انك تضرب عليه نار في الضلمه…. أجده بتكون خدت بطارك منيه …. كده مش رجوله ياولد عمي…. وسالم مش مستحق آزيت حد واصل منك او من اهل النجع…… ”
هدر به غريب بغضب شيطاني…
“انت معايا ولا معاه ياراجح….. خليك في حالك واياك تفكر ولو حتى دماغك تحدفك ناحيت انك
تسلمني لسالم شاهين انا بحذرك ياراجح ….
انا في الخيانه مش هرحم اين كان يكون…. ”
اتسعت أعين راجح بصدمة ليهتف بعدم استيعاب
“انت بتهددني ياولد عمي…… ”
“سميها زي متسميها طاري من ولد رافت شاهين مش هاهمله وحج فلوسي وتمن حجزه ليا في المخزن بتاعه كماااان …انا مش هستريح غير لم اخد روحه بيدي اتنين……. “تحدث وهو يقبض على كف
يداه بغضب وكأنه يقبض على شيء وهمي… لكن ذهنه كان يتخيل روح سالم تغادر الحياة
على يداه …
هتف راجح بسأم..
“انت حُر ياولد عمي…واضح ان الكلام ممنوش فيده معاك…”
…………………………………………………..
اقترب منه سالم ببطء ليقف امامه وجهاً لوجه
مُجيب إياه بنبرة خالية من المشاعر….
“عشان حسن …… طار اخويه …..هو انتَ مش ناوي تدفع اللي عليك ولا إيه… “لكمه بقوة في أنفه…..
طاح وليد ارضاً بعد عدة لكمات اصابة وجهه
الذي كان سالم يصب غضبه في تلك المرحلة
الأولى على وجهه الذي أصبح يكسوه الدماء ولورم
ليلكم سالم معدته بقوة وجانبيه الإثنين بقوة ويسدد له بعض ركلات بقدميه مابين ساقيه ليتأوه وليد بقوة ويزيد عذاب الألم أكثر…
هدر سالم بغضب وصوت عالٍ وهو يركل وليد في معدته بعد ان وقع في لارض من آثار همجية سالم وعنف ضرباته عليه….
“قتلته ليه قتلته ليه…. عمل إيه حسن عشان يموت بسببك… اذاك فإيه…. دا كا بيعملك كأخ تاني ليه اذآآآك في إيه ياوليد عشان تقتله قتلته ليه…ليه…. ”
وبرغم من كل مايشعر به وليد من آلَاماً مبرح في ذاك الوقت العصيب ….رد عليه بجنون شيطاني…
“عملت كده عشان اشوفك قدامي مكسور …ونفسك تعيط زي الحريم على فراق اخوك….. ”
توقف سالم عن ركله وضربه العنيف لينزل الى مستواه ويهتف باحتقار…
“دموع والحزن عمرهم ماكانو من نصيب الراجل الضعيف….. وعشان انت شايف ان الضعيف بس هو اللي بيعيط على فرق اغلى الناس ليه… انا كمان هكسرك وهخليك تعيط على الحاجه اللي تميزك عن
الحريم… ”
اتسعت اعين وليد بخوف من تلميحه…
“قصدك إيه …. ”
ابتسم سالم بسخرية….
“مانت فهمت قصدي ايه وعارف ان بلمح
لإيه… ”
امسك به من عنق جلبابه وهو يرفعه للأعلى
وهو يقول بحدة…
“لازم تعرف انك مش هتشوف نور ربنا تاني… وقبل ماقتلك بأيدي لازم اشفي غليلي منك الأول..وحق أخويه هاخده منك تالت ومتلت ولازم أحرق دم أهلك عليك زي ماحرقت قلبنا عليه…”
ارتعد وليد وهو يسيل الدماء منه ليرد عليه بخوف
“سلمني للحكومه وهما هياخدو حق اخوك
مني……”
رمقه سالم بشر وهو يرد عليه بقساوة…
“مش قاضي نجع العرب اللي يروح للحكومه
عشان ياخدو حقه …. انا اقدر اخد حقي بايدي
و وفر على نفسك الكلام…….. لان الحساب بدأ …”
أنهى جملته وهو يصدم رأسه به ليفقد وليد توازنه ويقع ارضاً مغشياً عليه…..
قذف سالم عليه مابي فمه بتقزز ونفور من هذا
الوجه البغيض، رفع الهاتف على أذنيه قائلاً ببرود
“حضرت العربيه ياجابر….. طب أطلع خد الكلب
ده….اخلص عشان لسه هنطلع على المخزن
حضر إسماعيل الحكيم ورجاله….. تمام ”
بعد دقائق معدودة كان ينزل سالم بشموخ على سلالم بيت بكر شاهين نهض بكر بعد ان استعاد
وعيه من إغماءه منذ قليل……
رفع عينيه على وليد الذي يحمله جابر كشوال البطاطس وهو فاقد الوعي ووجهه يسيل منه الدماء وملامح وجهه اختفت تماماً من آثار ضرب سالم له…
“ابني…. ابني…… “ركضت خيرية إتجاه سالم وهي تبكي بخوف وتترجى سالم بهلع على ابنها الذي حدث له كل هذا من خلال نصف ساعة وماذا سيحدث له بعد ان ياخذهُ سالم معه ؟!…..
“ابوس ايدك ياسالم يابني سيب وليد سيبه ابوس ايدك انا……… انا محلتيش غيره…… ”
أشارا سالم بيداه الى جابر بذهاب وكان جابر في هذا الوقت يحمل وليد وتمنع مروره خيرية الواقفة امام سالم تبكي وتترجى …
ابعد جابر عنها ليمر من جانبها بقوة حيثُ الخارج…
صاح صوتها بهلع….
“بلاش تموته بلاش ابوس ايدك سيب وليد
سبوه…..”
رمقها سالم بسخرية وهو يرد بفظاظة معتاد اتقانها….
“متقلقيش وليد هيرجعلك تاني عشان تدفنيه
جمب الحبايب اللي بتروحي تقري عليهم الفاتحه
كل عيد…… ”
مسكت كف يداه برجاء وهي تنهار انهيار أم …
“لا… ابوس ايدك ياسالم ارحمه ده مهم كان ابن عمك ارحمه يابني ارحمه……انا مليش غيره”
نفض يداه بعيداً عنها بقسوة قائلاً ببرود…
“وهو رحم أخويه لم خطفه مننا وهو في عز شبابه
ويتم بنته ورمل مراته اربع سنين …انتِ ببترجيني
اني اسيب ابنك يعني حتى مش قادره تقوليلي من
باب العقل ابني قتل ولازم يتعاقب وسلمه للبوليس
بس بلاش تاخد حقك بإيدك…”ابتسم بسخط..
“بس انا هستغرب ليه مانتِ طول عمرك كده يامرات عمي حتى بعد ما عرفتي ان ابنك قتل اخويه كل اللي في دماغك إني اسيبه ورجعه ليكي بدمعتين
من بتوعك لا وكمان اسامحه ونرجع زي السمنه على العسل…مش كده يامرات عمي …”صمت ببرود وهو يقول…
“حضري تربة إبنك وقري عليه الفاتحه من دلوقتي.
دا لو حفظاها…”رمقها بسخط هي وعمه بكر وريهام المتسعت الأعين بدهشة وذهول من هول خروج الماضي بكل هذا السواد الذي كأن بطله الوحيد وليد شقيقها الذي افسد كل شيء كانت تنوي وتتمنى فعله……
خطى سالم عدة خطوات إتجاه باب الخروج اوقفته (خيرية) مرة أخرى محاولة استعطف قلبه نحو ابنها..
“انت راجل عارف ربنا وعارف ان حسن عمره انتهى لحد كده يعني بوليد او من غير وليد كان هيموت فى معاده….. ”
لم ينظر لها توقف وهو يوليها ظهره التوت شفتيه
بسخط من وقاحة هذهِ المرأة ليرد عليها بحزم
“انتِ صح حسن مات في معاده وكل واحد ليه
معاد هيروح بيه للخلقه….. ”
ابتسمت خيرية بأمل…….
تابع سالم حديثه قائلاً بنزق…
“وابنك جه معاده خلاص…. وكلنا لها……
حضري الكفن……. يامرات عمي….. ”
خرج سالم واصدر صوت وقود السيارة صوتٍ عالٍ
يخبرهم بمغادرته للمكان……
لطمت خيرية على وجهها وهي تهتف بعويل وبكاء
حاد…..
“ابني هيضيع ابني هيضيع يابكر إبنك هيروح على ايد ابن اخوك لازم تصرف لازم تعمل حاجه اتصرف يابكر اتصرف ….. ”
كان بكر يقف مكانه بثبات وعيناه مثبتة عليها بجمود…
اقتربت منه وهي تسأله بعويل وبكاء حاد
“انت ساكت ليه…… ابنك خلاص راح وليد خلاص هيروح مننا…… ”
هز راسه بقلة حيله وهو يهتف بصعوبة تلك
الحقيقة التي كان دوماً يهرب منها …
“مافيش فايده ياخيريه ابنك قتل ولي قتله ده يبقى ابن عمه اخو سالم شاهين ….. يعني ابنك مات من
ساعادي و محدش هيقدر يقف قدام سالم ياخيرية محدش هيقدر يمنع سالم من انه يأخد حق أخوه من إبنك..”
هبط على المقعد بقلة حيلة وحزن على أبنه
وخذلانه من تلك الجريمة التي اقترفها ابنه …
مهما كان الشر وطباع الطمع والمصالح الذي تسير في دماء (بكر شاهين) يبقى القتل ادنس الأشياء في عيون اي رجل وكبائر الأكبر هنا صعوبة انه قتل ابن عمه شخص من دماءه …وكان هذا بسبب الحقد والكره الذي ربى ابناءه عليه !..
…………………………………………………..
كانت حياة تجلس في صالون وعينيها لا تتوقف
عن البكاء أحمرت عينياها بكثرة وشحب وجهها باصفرار من آثار ضغطها على نفسها خوفاً وتفكيراً …
جلست بجانبها ريم التي اتت لهم منذ نصف ساعة
حين علمت الخبر من حياة عبر الهاتف….
“حياه ممكن تهدي… عينك ورمت وحمرت من كتر العياط دا غير وشك اللي الدم انسحب
منه… ”
انحدرت دموعها بغزرة على وجنتيها وهي تهتف وسط انهيار روحها…..
“مش قادره ياريم انا خايفه على سالم اوي ده ممكن يقتله ويروح فـ…. “شهقت وهي تكتم حديث تخشى حدوثه…..
احتضنتها ريم وهي تبكي في أحضانها بحرج منها ومن سالم ومن عمها وجدتها راضية فهي أخطأت حين اتت لهم في تلك اللحظة وهي على يقين ان وجودها غير مرحب به بسبب فعلت شقيقها الشنيعه
ولكنها اتت في هذا الوقت فقط من أجل حياة
خوفاً عليها ….حياة بنسبة لريم الأخت الكبرى الصديقة الوحيدة وصادقة في حياتها.. فلم لا
تكن بجوارها في تلك الأوقات العصيبه وهي
تحتاج لمن يهون عليها خوفها من القادم على
يد زوجها…
“ان شاء الله خير ياحياة خير…… ”
كانت راضية تمسك المصحف بين يداها وتقرأ به
بتركيز وتنحدر آلدموع من عينيها بخوف من ضياع الحفيد الوحيد لديها… والعوض على الحفيد الثاني
الذي قتل وافسد في لارض ذنوبٍ بسبب حقده
وغيرته من اولاد عمه (حسن)…. و(سالم) الذي تخشى من فقدانه هو أيضاً…….
خرج رأفت من باب مكتبه قفزت حياة بسرعة من جلستها واقتربت منه وهي تقول بلهفة…..
“عملت إيه يابابا رافت وصلت لحاجه عرفت سالم
خد وليد على فين…… ”
هز رافت راسه بنفي وهو يقول باحباط
“كلمت كل ألناس اللي ممكن تعرف هو راح فين… لكن مافيش فايده….. الواحيد اللي يعرف هو فين جابر دراعه اليمين هو اكيد معاه دلوقتي…. ”
أغلقت راضية المصحف وهي تنهض وتقول بثبات
“اطلعي على اوضتك ياحياة… خديها ياريم… ”
رفعت حياة عينيها ناظرة الى راضية بعدم فهم
وهتفت بدهشة…..
“أنتِ بتقولي إيه ياماما راضيه….. انتِ ناسيه سالم فين دلوقت.. ”
“لا.. مش ناسيه…. بس كمان سالم راجل ومن ضهر راجل ولوو عمل اي حاجه في وليد يبقى حقه.. ”
هتفت حياة بصياح وانهيار…
“بس ده ممكن يقتله….. ”
زفرت راضية بتعب وصعدت بدون ان تتحدث إليهم فهي لم تقف لتجادل حياة لأنها تعلم عنادها واصرارها على رؤية سالم الآن …وهي متيقنه
ان مهم حدث من كلاهما لن يتنازل سالم عن اخذ ثأره من وليد وهذا مايجعلها لا تقوي على الصمود أمامهم…… لهذا فضلت راضية الجلوس في غرفتها بمفردها….
قال رافت وهو يهم بالخروج من المنزل…..
“انا هروح كده اسأل على جابر او اي حد يعرف هو فين وان شاء الله اوصل لسالم…..اطمني ياحياة يابنتي… ”
خرج رافت تاركاً حياة تنظر للفراغ بحزن…
تجلس بسنت تتابع كل مايحدث بصمت عقلها مشوش تخشى ان يؤذيها سالم بعد ان ينتقم من
ابن عمه او يتهمها بي شيءٍ وهمي مثلاً …هي لا تعلم نواي هذا السالم ولكن هي سلمت له المسجل فقط من اجل ان يضمن لها الأمان من ابن عمه ورجاله المجرمين ..
تمتمت بسنت داخلها بخوف بعد تشتت
الأفكار بها….
“ياترا هيعملو فياا إيه …… ”
بعد مرور ساعة ومزالت حياة على وضعها تبكي بدون توقف وعقلها لم ياخذ قسط وأحد من الراحة
من زوبعات الأفكار المتراكمة داخلها……
كانت ريم تجلس بجانبها تهدأها تارة… وتشرد تارةٍ آخره فالأيام القادمة على كلتاهما والتي لا تبشر بالخير وخصوصاً بعد فتخ بئر الماضي الذي
يهدد الآن باخذ ضحية اخرى قبل إغلاقه…….
اما بسنت مزالت كما هي تجلس صامته ثابتة ناظرة
الى الفراغ أيضاً بشرود والخوف يشتبك معها بإصرار ملازم لتظل كما هي تفكر في أسوء الأشياء الذي ممكن ان تحدث لها في هذا النجع…..
دلف جابر في هذا الوقت وهو يتنحنح بخشونة بعد ان فتحت له الباب الخادمة مريم……
رفعت حياة عينيها عليه كادت ان تفقد ماتبقى من عقلها وتركض عليه… ولكن توقفت بثبات تنتظر القادم منه وماذا يريد وجدت انظاره مثبته على بسنت وهو يقول بإحترام….
“لمؤاخذة ياست حياة ….اصلي جيت عشان اخد الانسه بسنت عشان اروحها بنفسي لبيتها في
قاهره …….”
نهضت بسنت تحت انظارهم وهي تتحدث بصوتٍ
مرتبك خوفٍ …..
“تروحني ….ازاي وراجل اللي ممكن يموتني ده و”
قاطعها جابر قائلاً بخشونه…..
“لا.. متقلقيش سالم بيه بعتني ليكِ عشان يوصلك
رساله ولأمانه ديه …..”
مد جابر يداه لها ببعض الأموال وهو يقول لها بتوضيح ….
“الفلوس دي بعتها ليكِ سالم بيه…
تعويضاً عن اللي حصلك قبل ماتيجي ليه…..وهو كمان بيوصلك انك لو عايزه تفضلي في نجع العرب والامان اللي طلبتيه منه هتاخديه ولو برضو عايزه ترجعي من مكان ماجيتي اعرفي انك بقيتي في امان لان اللي كان مكلف رجالته بموتك هو دلوقتي تحت أيده….. ”
صمتت بسنت وهي تفكر في حديثه وتختلس النظر
الى هذه الحقيبة الصغيرة الموضوع بها الأموال
التي كانت ثمن حياة خوخة وعائلتها… ولكن ماذا
تفعل الآن ؟….لم تتمكن من الجلوس في هذا النجع الذي لا يمس صلة لحياة الأحياء الشعبية التي كانت تقطن بها في المدينة …..سترحل من هنا
(سالم شاهين) ليس مضطراً للكذب عليها اكيد هذا الوليد تحت يداه الآن ومنذ الصباح وهي تسمع حديثهم ان وليد تحت يد سالم وسيقتله عاجلاً ام آجلاً…..
اخذت حقيبة الأموال من جابر وهي تنظر له
قائلة بحرج…..
“خلاص انا جايه معاك…….. ”
استني يابسنت انا كمان جايه معاكِ استنو ثوني
هلبس ونزله….. “هتفت حياة بتلك الجملة بثبات
اتسعت عينا ريم وجابر أيضاً …..ام بسنت فاومات لها بدون أكتراث……
سألها جابر بإحترام….
“لمؤاخذه ياست حياة لكن حضرتك راحه فين مع لانسه بسنت….. ”
رفعت حياة عينيها إليه وهي تهتف بكذب….
“قبل مانت تدخل كان سالم لسه قافل معايا وقال ان بيرن عليك تلفونك غير متاح….. كان عايز يقولك انك توصل بسنت لمحطة القطر…. وتوصلني انا مكان ماهو قعد عشان في اورق مهمه لازم اوصلها ليه. ”
رفع جابر هاتفه وهو ينظر إليه ليرد عليها بتوجس
“ازاي بس التلفون في شبكه وكمان مافيش أتصال
من سالم بيه….. انا هتصل بيه وتاكد من آلكلام ده… ”
رفعت حياة عينيها الى ريم لتنقذها وتساعدتها في هذه الكذبة حتى تتمكن من الوصل لسالم….
خطت ريم إتجاه جابر لتاخذ منه الهاتف وقالت له
بضيق زائف…..
“تتاكد من إيه…. انت بتكدب مرات سالم شاهين
ياجابر… هي هتكدب عليك ليه يعني…. نفذ الاوامر
واسمع كلام ستك حياة…. ”
قال جابر بعتراض….
“بس يست ريم لازم اتصل بالكبير اتاكد منه…. ”
اخذت ريم الهاتف واخفته بين يداها وقالت بجدية
“مش وقت الكلام ده لازم توصل بسنت لمحطة القطر قبل ما القطر يروح عليها وتوصل حياة لسالم عشان تديله الاورق المهمه اللي عايزها…. ”
ثم رفعت ريم عينيها على حياة قائلة بنبرة ذات معنى…..
“يلا ياحياة اطلعي البسي اتأخرتي على سالم…. ”
ابتسمت حياة بامتنان الى ريم وشهامة صديقتها
دوماً معها….. صعدت سريعاً تحت انظار الجميع….
تعلم ان ماستفعله له عواقب كبيرة وقاسية من
(سالم شاهين) ولكن كل ما تفكر به رؤيته ومنعه
مما يود اقترافه ، بقتل هذا الدنيء ذات الدم الدنس……..
يتبع.