اخر الروايات

رواية اغلال الروح الفصل التاسع عشر 19 بقلم شيماء الجندي

رواية اغلال الروح الفصل التاسع عشر 19 بقلم شيماء الجندي


الفصل التاسع عشر " زائر ! "

مرت الأيام قاسية على عائلة "الجندي" خاصة بعد اعتراف "سديم" لـ "يوسف" أنها المتسببة بحالة "عاصم" وأنها مجرد محتالة علمت عن الأمر وقررت اقتناص الفرصة و الاحتيال عليهم وحين استمتعت الجدة إلى الإعتراف حزنت لأجل تعمدها إخلاء سبيل حفيدها من الأمر بل و كان أحد شروط زواجها به أنه لن يخبر أحد أنه خلف تواجدها معهم و حين سألها عن سبب رغبتها تلك أجابته :

- أنا كدا كدا في نظرهم نصابة لكن أنت ابنهم و وقت الزعل و ظهور الحقايق محدش هيدور ورا نواياك ، متخسرش عيلتك أبدًا ياآسر انتوا ميزتكم أنكم ساندين بعض و حرام تشككهم فيك على الفاضي ! دا شرطي و لازم توعدني بيه و أنا هكلم سليم واتفاهم معاه !

لم يعلم أحد عن حقيقة ما حدث ليلة القبض على "سامح"
سوى "سليم" أما باقي أفراد العائلة ألقت لوم غياب "عاصم" و الصغيرة بل و حادثة "أميرة" أيضًا على عاتق المحتالة و قرر كلًا من "سليم" و "آسر" انتظار عودة العم ليبت بأمر زوجته و الصغيرة بنفسه حتى لا يتأزم الموقف أكثر من اللازم ، يكفي ما حدث إلى الآن !!!

قرر "آسر" اصطحابها إلى جواره حيث رأى أنه أنسب الأوقات لها معه ، وبالفعل رغم أن الوقت تجاوز منتصف الليل و لكن كانت الأصوات تتصاعد من منزل العائلة و كأن هناك معركة دائرة دون توقف !!!

وقف الحارس بالخارج ينظر إلى صديقه بدهشة و يهمس له ساخرًا وهو يرفع قدح الشاي الساخن ويرتشف منه :

- كل دا عشان واحدة ؟ الراجل قرب يخسر أبوه جوا بسببها !!

عقد الآخر حاجبيه و تلف حوله بتوتر طفيف ثم أجاب بجدية :

- ملناش دعوة ياعم هما عيلة في بعض لو كلامك وصلهم فيها قطع عيش !!!

قاطع حديثهم إرتفاع صوت "سليم" بغضب واضح موجهًا حديثه إليهم وهو يتجه إلى منزل العائلة :

- انتوا واقفين عندكم بتعملوا إيه ؟!!!

رد أحدهم مسرعًا وهو يرفع قدح الشاي بيده كدليل على صدقه :

- كنا بناخد الشاي ياسليم باشا و راجعين أهو !

أشار إليهم بالرحيل وتوجه إلى الداخل هادرًا بغضب :

- طيب اتفضلوا يلاا ومحدش يقفلي هنا تاني ، كانت نقصاكم !!!

تركهم و توجه إلى منزل "آسر" الذي تتصاعد منه الأصوات وخاصة صوت "رأفت" الذي صاح معنفًا ابنه الأكبر أمام جميع أفراد العائلة ! :

- يعني إيه يا تتجوزها من ورايااا ؟!!! هي عافية فاكر نفسك خلاص ملكش كبير ترجعله !!!! اتجوزت نصااابة !!!

كان يتضح على ملامح ابن عمه أنه على وشك الانفجار و بالفعل استقام واقفًا يهدر بنبرة تحذيرية شديدة اللهجة حين بدأ والده يتطاول عليها رغم ما فعلته لأجل عائلته :

- خد بالك من كلامك عنهااا وافتكر إنها مراتييي و مش هقبل أي إهانة ليهااا من أي مخلوق !

اتسعت عيني "رأفت" و ضرب كفًا بالآخر بقوة هادرًا بغضب وهو يتجه ناحيته كأنه يأكل الأرض بخطواته و قد جن جنونه من دفاع ابنه عنها بل ملامحه تخبره أنه قد يصل إلى مرحلة القتال لأجلها !! لأجل المحتالة !!!! :

- ولو ماأخدتش هتعملي إيه ياآسر ؟!!! هتخسر أبوك عشانهاااا !!!! عشان حتة نصابة عرفت تلعببب عليك زي ما لعبت بعيلة كااملة في صوابعها من أكبرها لأصغرهاا !!!!!

حدق بعينيه التي اشتد بهما الغضب ثم واصل ضاحكًا بسخرية وهو يقف أمامه مباشرة على بعد مسافة صغيرة :

- إيه هي دي إهانة مش المدام نصابة برضه ؟ دخلت عيلتك و نصبت علينا قوله يايوسف !!!! قوله هي بنفسها اعترفتلك بإيه ساعة تعب عمك عاصم و بعدها على طول حادثة مرات عمك دي أميرة كانت هتموت بسببها !!!!!

جز بقوة على أسنانه و لعن عهده لها بعدم الحديث عن اتفاقيته معها و عقد "سليم" أيضًا حاجبيه و طرأ على عقله الأفكار ذاتها و صرف وجهه بعيدًا عنهما غاضبًا من شعور صمته الإجباري لأجل عهده لها لكنها هي أيضًا على حق إن أدركت العائلة الحقائق تحطمت الروابط و فقد الجميع ثقتهم بابن عمه لن يبحث الجميع عن مبررات خاصة في مثل تلك الأوقات !!

عاد من شروده على صوت "يوسف" الذي أردف بامتعاض مؤكدًا حديث أبيه :

- بصراحة ياآسر هي بنفسها اللي قالت كدا و قصة الجواز منها دي صعبة و مش عارف اتقبلها و مستغرب إنك عملت كدا !

كور يديه بقوة محاولًا كظم غضبه المسيطر على جميع خلاياه بتلك اللحظة و لكنه نظر إلى جدته التي تتابع الحديث بصمت تام وكأنها تراقب مشهد بالتلفاز و هذه هي أولى مرات سلبيتها في أمور عظيمة كهذه تحكم بنبرته الساخرة مما يدور حولها و سألها بخشونة :

- وحضرتك كمان عندك اعتراض ؟

تنهدت بحزن شديد و جابت عينيها ملامحه المشتعلة بغضب بالغ مما يدور حوله من أفراد العائلة لكنها على يقين أن النيران الحقيقية تشتعل الآن داخل قلبه نظرت له بتعاطف وأردفت بهدوء :

- لا ياآسر دا قرار وأنت المسؤول عنه !

عقد "رأفت" حاجبيه و أردف بصدمة :

- أنتِ موافقة ياماما على الجنان دا ؟!!! موافقة على دخول النصابة بيتك !!!!

طفح الكيل و لم ينتظر إجابه الجدة و أخرج شحنة غضبه بالزجاج بجانبه حيث اندفعت يده المتكورة بقوة بالغة تجاهه يحطمه بعنف ليهبط فوق الأرض الرخامية متناثرًا إلى أشلاء صغيرة بينما ارتفع معدل صوته و صرخ بوالده وهو يتحرك تجاهه :

- قولتلكككك مش هقبل كلمة في حق مرااااتي ، و البيت دا بيتييي أنا عملته من تعبي ومجهودي و لو مش عايزني فيه معنديش مشكلة !!!

وقف كلًا من "سليم" و "يوسف" حائلًا بينهما و أردف "سليم" محاولًا تهدئة الأجواء حيث وجد عمه يحدق بالزجاج بذهول و عقله يهمس له أن الأمر شديد الخطورة وأن تلك الفتاة قد تمكنت من عقل ابنه و استطاعت ممارسة حيلها الرخيصة و لكن اخترقت كلمات "سليم" أذنه حين قال :

- أنا شايف إن الأمور مش بتتحل كدا ياجماعة اللي حصل حصل و كلامنا دلوقت مش هيغير حاجة !

احتدت نظرات "رأفت" و أردف بترقب وهو ينظر إلى ابنه الثائر :

- لأ كل حاجة هتتغير لو الباشا خد بعضه و راح طلقها دلوقت !

صاح به "آسر" بغضب أهوج : أنا محدش بياخد قرارات ليا يا تقبلني أنا وهي مع بعض يا هاخد بعضي وامشي و مش هتشوفني تاني !!!

صاحت "نريمان" التي كانت تراقب الوضع بصمت منذ فترة :

- لأ بقاا ياآسر مش هتوصل لكدا !!! هتخسر أهلك كلهم عشانهااا !!! ماتتكلم ياأمجد عاجبك اللي بيحصل ؟

توترت الأجواء بشدة حين أردف "أمجد" بحيادية واضحة :

- أنا كلامي مش هيعجب حد يانريمان يعني لو قولت دلوقت إن آسر مش عيل صغير و عارف هو بيعمل إيه رأفت هيضايق و في نفس الوقت هو أب وحقه يخاف على ولاده !

اتسعت عيني "رأفت" و اتجه إلى أخيه صائحًا بإنفعال :

- يعني إيييييه ؟!!! لو سليم دخل عليك بيهاا كنت هتوافق !!!! هتقبل بالجوازة دي ياأمجد ؟

عقد "أمجد" حاجبيه من إتهام شقيقه المبطن و لكنه قال بعقلانية محاولًا تهدئته :

- يارأفت أنا كل قصدي إننا منعرفش ظروفهم إيه يعني البنت دي هي نفسها اللي لحقتني من الأزمة و أنقذت ابنك مرتين ، ولو كانت نيتها شر مكنتش هتعترف لابنك يوسف وتمشي و تسيب المكان كله ده غير إنها صارحت عاصم نفسه بحقيقتها !!!

تفاقم الغضب داخله و صاح بغضب و هو يتلفت حوله :

- انتوا عاوزين تجننوني ؟!!!! طيب بللااش فكرتوا في عاصم ؟!!! إحنا حتى منعرفش البنت دي قالتله إيه خلاه ياخد بنته و يمشي !!! عاوزينه يعيش مع اللي نصبت عليه في بيت واحد !!!!

نظر حوله ليجد ملامح الجميع متوترة و أدرك أنه داخل معركة غير متكافئة مع ابنه حيث أن العائلة التي أمامه تخشى تكرار تجربة "عاصم" و قد ورث ابنه منه العناد حيث وقف يراقبه بصمت و عينيه تخبره أنه قد أصدر قرار نهائي و لن يتراجع عنه !!!

هز "رأفت" رأسه عدة مرات بالإيجاب و أردف بامتعاض وهو يتحرك تجاهه باستسلام :

- تمام كلكم شايفين إن اللي حصل حصل و مرحبين بيها في العيلة مش كدا ؟!

وقف ينظر إليه لحظات و سرعان ما اكتسبت نبرته التحدي السافر له وهو يقول :

- مراتك المصون بقاا فين دلوقت ؟!!

عقد حاجبيه و تبادل النظرات مع "سليم" ثم أجاب زافرًا أنفاسه بملل :

- في بيتها هي و أختها !

سأله مباشرة و قد اتسمت نبرته بالسخرية :

- ومجتش معاك ليه ؟ مكسوفة مننا مثلًا !! والله أزعل منها دا إحنا حتى أهل ! و لا يمكن حضرتك قررت تعمل روزاليا جديدة في العيلة تمشي بمزاجها و تلف على الكل !!!!

أدرك أنه أصاب هدفه حين رأى نيران غضبه تتراقص داخل عيني ابنه الذي سرعان ما سيطر على إنفعالات جسده كابحًا جماح غضبه بصعوبة قائلًا بهدوء ظاهري :

- أنا قولت أبلغكم إن مراتي هتيجي تعيش معايا هنا و لازم أمشي دلوقت ياريت لما أجي يكون الاجتماع دا خلص !!!

غادر المنزل مسرعًا وصعد سيارته متحركًا بها وشياطين غضبه تلاحقه حيث تمكن والده من طعن نقطة ضعفه ببراعة ألا وهي صناعة نسخة جديدة من قصة "روزاليا"و"عاصم" و رغم أنه يعلم أن زواجها منها على الأوراق فقط وقد عاونه الحظ وحدث الأمر سريعًا و مفاجئًا لأجل إنقاذ شقيقتها لكنه يعلم أيضًا أنه يميل إليها كل الميل رغم رفض العقل و المنطق والعائلة اجتماعه بها لكن لقلبه رأي آخر و لن يقاوم رغبته تلك المرة بل سوف يقتنص فرصته معها و حين وصلت أفكاره إلى هنا غير مساره وتوجه إلى منزلها !!!

________________ *** _________________

كانت تجلس بجانب شقيقتها النائمة داخل أحضانها وقد زال شحوب وجهها حين اجتمعت بها شردت بماضيها و وصايا والدها الدافئة حين كانت تجلس داخل أحضانه متشبثة بها هكذا مثلما تفعل شقيقتها الآن و على ذكر الدفئ استعادت مشهد ارتمائها داخل أحضانه بالمشفى و حديثها العشوائي عن عائلتها وكأنها في حالة من اللاوعي ، و أيضًا حالتها طرأ على عقلها فكرة الانتقام من خالها بمعاونتخ و موافقته في الحال على الزواج بها رغم شروطها بالإنفصال عنه بعد فترة وجيزة و محددة و أن الزواج فوث الأوراق فقط لكنه وأنها سوف تعيش بمنزلها هنا إلى حين انقضاء الفترة والأهم أن عائلته لن تعلم أنه هو الذي استأجرها لأجل خداعهم !!!

انتفض قلبها حين أعلن باب المنزل عن زائر وعقدت حاجبيها تتحرك بحذر من جانب شقيقتها ثم اتجهت إلى الشاشة الكاشفة لهوية الأشخاص خارج منزلها لتجده هو !!!! ماذا يفعل بهذا التوقيت على باب منزلهااا ؟!!!

أسرعت إلى الباب تفتحه بأعين متسعة مذهولة و تراقب هيئتة المشعثة و خصلاته الغير مهندمة و قميصه الذي فتح أول أزراره بعشوائية أضافت وسامة إلى وسامته تسمرت محلها عاجزة عن الحديث حين دلف إلى الداخل و أغلق الباب خلفه عاقدًا حاجييه يسألها بحدة واضحة :

- أنتِ إزاي تفتحي بالمنظر دا أفرض مكنتش أنا يعني ؟!!!

عقدت حاجبيها تنظر إلى قميصها القصير الكاشف أكثر مما ينبغي وقد أربكتها نظرات عينيه و تقلص المسافة بينهما إلى درجة تدفعها إلى التوتر إضافة إلى تحديقها به الذي اخجلها ودفع الدماء إلى وجهها لكنها حاولت السيطرة على هذا الشعور الغريب و أردفت مدافعة عن نفسها بعفوية تشير إلى جهاز المراقبة :

- أنا شوفتك قبل ماافتح !

اعتاد تلك الطريقة منها حين تصل إلى أقصى مراحل توترها تتهرب بعينيها و تنظر بعيدًا عنه محاولة السيطرة على مشاعرها ليتقدم خطوة منها و ارتسمت بسمة عابثة فوق شفتيه و يهمس لها بمكر :

- يعني لو كان حد غيري مكنتيش هتفتحي كدا ؟

أشار بعينيه إلى جسدها المشكوف و تراجعت إلى الخلف خطوة تهز رأسها بالسلب ثم هبطت عينيها إلى صدره في محاولة يائسة بالهرب من نظراته وليتها لم تفعل لقد فضحت توترها حين رفعت يدها إلى خصلاتها تعبث بها و تنظر حولها باحثة عن مهرب لكنه أدرك نواياها و باغتها حين جذبها من خصرها بقوة لترتطم بصدره و تصدر من شفتيها الناعمة شقهة فزع بينما اتسعت عينيها تحدق به بصدمة سرعان ما تلاشت وحل محلها التوتر حين أسبل عينيه التي سارت فوق ملامحها بروية تزامنًا مع أنفاسه الساخنة التي لفحت بشرتها ودبت الرعشة بجسدها دون توقف وحين عجزت عن مقاومة استسلام رغبتها إلى هذا الدفئ خاصة حين ارتكزت عينيه فوق شفتيها التي بللتها للتو تهمس بنبرة مهتزة متوترة و وضعت يديها فوق صدره تحاول دفعه بقوة واهية :

- إيه ياآسر دا اوعاا من فضـ ..

لم تكتمل جملتها حيث هبط بشفتيه فوق ثغرها الناعم و كأنه حصل لتوه على وجبة شهية يعاونه على إلتهامها عبيرها الآخذ الذي يتراقص الآن داخل أنفه يدفعه إلى إحاطة خصرها بقوة أكبر بين ذراعيه متعمدًا دس جسدها الناعم بين أحضانه بدرجة قد تضل إلى تهشيم عظامها كما هشمت قلبه و دفعته إلى الصراع لأجلها ، عقد حاجبيه حين شعر أنها لازالت تحاول الإفلات منه و رفع يده عن خصرها يضعها خلف ظهرها المكشوف دافعًا إياها تجاهه ومثتبًا جسدها ولم يغفل عن رجفة جسدها و توقفها عن المقاومة حين وضع يده مباشرة فوق بشرتها مقررًا مضاعفة استسلامها و إهلاك أعصابها حيث سار بأنامله برقة ذهابًا و إيابًا فوق عمودها الفقري متلذذًا بانتفاضها بخجل و محاولة فصل شفتيها عن خاصته و قد استجاب لها أخيرًا تاركًا ثغرها ولكنه احتفظ بها داخل أحضانه يسند جبهته إلى جبهتها لحظات إلى أن لملم كلًا منهما شتات أمره ثم أفلتها بلطف و لكن امتدت أنامله إلى الحمالة الرفيعة المتدلية بعشوائية فوق ذراعها معيدًا إياها فوق كتفها ، خافت أن تتوتر مرة أخرى وقبضت على يده تدفعها بعيدًا عنها لكنها توقفت حين تأوه عاقدًا حاجبيه و أفلت يده ينظر إلى الجرح الذي حدث حين حطم الزجاج أثناء غضبه أغمض عينيه بإجهاد حين تذكر غرضه الرئيسي من تواجده هنا و أردف بصوت أجش وهو يتجه إلى الأريكة :

- مكنتش عارف أروح فين !

تعلقت عينيها بجرح يده و رغم صدمتها مما فعله منذ لحظات لكنها الآن متوترة من رؤية جرحه بل و اقشعر بدنها حين أدركت أنها ضغطت عليه بيدها دون قصد ، توجهت إلى المرحاض و أحضرت صندوق الإسعافات ثم عادت بخطوات سريعة تجلس فوق الأريكة بجانبه و تنظر بطرف عينيها إليه و قد ألقى رأسه إلى الخلف و أغمض عينيه يجلس باسترخاء أو إجهاد يرتسم على ملامحه !

تنهدت بضيق من جهلها ما يحدث داخلها و بدأت تضع المطهر فوق القطن ثم اعتدلت تمد يدها إلى يده تقبض على رسغه بخفة وحذر و قد فتح عينيه واعتدل يراقب بمشاعر متضاربة شاردًا بلمساتها الخفيفة فوق يده و قد أردفت متسائلة بتردد ملحوظ و هي تلف حول يده الرباط الطبي الخفيف :

- أنت كنت بتتخانق ؟!

ابتسم حين وجدها تتظاهر بالإنشغال بيده متجنبة النظر داخل عينيه و لكن ما زادها توترها سوى تضاعف افتتانه بها حيث هبطت خصلاتها الناعمة تغطي وجهها و تحجب بها رؤية ما تبقى من ملامحها شعر أن صمته طال و قد تظن أنه لا يرغب في الإجابة لذلك أردف بعبث و قد امتدت أنامله ترفع خصلاتها خلف أذنها :

- يهمك تعرفي ؟

أنهت ماتفعله و بدأت تجمع محتوياتها الصندوق قائلة بحدة حين بدأت تُدرك ما يحدث حولها بل و أنها أيضًا تشاركه بسؤالها عما يمر به :

- لأ ميهمنيش و تستاهل اللي حصلك !

وقفت بغضب لكنه جذبها فجأة متعمدًا إسقاطها داخل فوق ساقيه و إحاطة خصرها هامسًا لها قبل أن تبدأ بمقاومته :

- حتى لو حصلي كدا بسببك !

رفعت حاجبها الأيسر باستنكار و نظرت إليه بتكذيب و هي تحاول فك قبضته من فوق خصرها لكنه تشبث بها مستمعًا إليها وهي تقول بامتعاض :

- أوعى يا آسر سيبني مينفعش كدااا ياتقول حصل كدا إزاي بجد يابلاش !!

مال عليها بجزعه العلوي متعمدًا قربها و أردف بجدية عاقدًا حاجبيه :

- بس أنا بتكلم بجد !

توقفت عن حركتها و سألته بدهشة حين قرأت الصدق داخل مقلتيه : مش فاهمة بسببي إزاي يعني ؟

زفر بضيق شديد ونظر بعيدًا عنها بنقطة وهمية محاولًا انتقاء كلماته بعناية خشية أن يصل إليها شعور نفور والده منها لكن ما بها إن مارس خدعة صغيرة معها !!! حارب البسمة التي كادت تظهر فوق ملامحه و استبدلها بنظرات يشوبها التوتر قائلًا بندم مصطنع :

- سديم أنا معرفتش أقول لعيلتي سبب جوازنا الحقيقي لأن هما لحد دلوقت شايفين أميرة ضحية و محدش يعرف حاجة عن موضوع خالك !

صمتت تنظر إليه بتساؤل يشوبه قلق من نظراته المتوترة النادمة و كأنه طفل صغير أخطأ و يخشى قص الحقيقة على والدته ، ازدردت رمقها و همست حين طال صمته هو أيضًا :

- أومال قولت إيه ؟

أجابها بأسف : قولتلهم أننا اتجوزنا بس منغير إضافات و هما اندهشوا من وجودك هنا لوحدك وعندهم حق أكيد عشان كدا قولتلهم إني أنا اللي طلبت منك كدا و إني هقعد معاكِ لحد ماتهدي و تيجي معايا !

رمشت عدة مرات و بللت شفتيها تسأله ببلاهة : تقعد هنا فين ؟

سيطر على بسمته بصعوبة حين وجد الصدمة دفعتها إلى الذهول وشبه ألجمت مارد غضبها و أجابها باستنكار واضح :

- هيكون فين ياسديم ؟ أكيد هنا !!

ضيقت عينيها و كررت حديثه هامسة له بهدوء مريب :

- أمممم يعني أنت قولت لعيلتك إنك جاي تقعد معايا ؟ و هما قالولك اتفضل ياحبيب قلبي روح و كمان هاتها معاك و أنت جاي ، مش كدا ياآسر ؟!!!

مال برأسه و أغمض عين واحدة مجيبًا بحذر طفيف :

- هو مش كدا بالظبط يعني ، بس دا اللي حصل !

عقدت حاجبيها و انتفضت بجسدها تدفعه عنها بغضب مفاجئ وفور أن استقامت واقفة بعيدًا عنه أردفت برفض قاطع :

- أنت فاكرني هبلة هصدق الكلام دا ياآسر دي عيلتك لو طالت تفجرني مش هتتأخر عن دا ؟!!! دا أنا قولت ليوسف بالحرف إني تعمدت استغلهم لما سمعت عن قصة بنتهم دا غير عمك و هنروح لبعيد ليه أبوك نفسه لو شافني داخله عليه بقوله هاي يا أونكل أنا اتجوزت ابنكم مش بعيد يخليه آخر يوم في عمري ، بلاش شايف الجرح اللي في إيدك من مجرد نقاش معاهم !!! عاوزني أصدق أنهم سكتوا ليك و مرحبين بياا ؟!!! لأ يا آسر مش هاجي و مش هقرب من بيتكم تاني ! و كلها كام يوم نروح نطلق و خلصنا خلاص !

ظل محله يحدق بها بصمت دام للحظات قبل أن تظهر بسمة صغيرة فوق شفتيه و يستقيم واقفًا يحدق بملامحها المشتعلة و المصدومة من رد فعله الغريب و بدأت تتراجع إلى الخلف بتوتر مع كل خطوة يتحركها تجاهها و قد احتلت بسمته الوسيمة وجهه حين رفعت إصبعها بتحذير و أكملت بغضب :

- آسر متحاولش تقرب مني أو تلمسني تااني أنا سكتلك من شوية عشان فاجئتني باللي عملته لكن غير كدا هـ..آآ

قاطعها يجذبها مرة أخرى من خصرها و قد وصلا معًا إلى الحائط لتعقد حاجبيها حين أردف بصوت أجش :

- بس كدا ؟!

عقدت حاجبيها و أردفت بتوتر حين بدأ دفئ قربه يحطم حواجزها الواهية : يعني إيه ؟

همس أمام شفتيها بعبث رافعًا حاجبه بمكر :

- يعني دي كل أسباب رفضك ؟! عبارة عن عيلتي مش رفض تقعدي معايا أنا ، يعني لو ضمنتلك محدش يقرب منك !

عقدت حاجبيها حين راجعت أسبابها التي ذكرتها منذ قليل داخل عقلها ووجدت أنها أفصحت دون قصد عن مخاوفها الحقيقية و همست داخلها بعجب ساخرة من حالها هل يظن أنه ضمن مخاوفها وهي لا تهاب سوى شعور الأمان الذي يحاوطها به لأنها على يقين أنه غير دائم وهاهي عائلته تؤكد ظنونها تنهدت و أجابت بحزن و هي تنكس رأسها متجنبة النظر داخل عينيه :

- أنا مش خايفة على نفسي ياآسر أنا بعرف اجيب حقي ، بس مقدرش أورط نيرة معايا من جديد أنا خوفي كله عليها و مش هعرف اسيبها لعيلتك أنت شوفت بعينك هي مش حمل كل اللي بيحصل حوالينا !!

رفعت يدها إلى صدره تحاول دفعه عنها لكنه رفض و مد أنامله إلى ذقنها يرفعها إليه محدقًا داخل عينيها متسائلًا بترقب :

- و أنتِ ؟!

ازدردت رمقها بتوتر طفيف و زفرت أنفاسها بإنهاك هامسة له بألم اخترق قلبه :

- أنا مش حمل حرب خسرانة ياآسر !

أبعدت يده عنه بهدوء و استسلم لها تلك المرة حين أزاحت جسده بعيدًا عنها ينظر إلى أثرها بألم حين رأى تلك النظرات داخل عينيها ، وشعر أن إجباره لها بتلك الفترة على العودة معه ماهو إلا ظلم عظيم لها ، لقد واصلت الحرب دون هدنة و أبسط حقوقها أن تنعم بسلام و أمان ولكن بين أحضانه هو !!

ومهما طالت حروبي تهزمني فطرتي البشرية الراغبة في السلام ، فـالحرب لاتجلب سلام ياسيدي بل دعني أخبرك أن كثرة صراعاتي جلبت الخراب إلى روحي المحاربة !!!

#أغلال_الروح
#شيماء_الجندي

قبض على يدها قبل أن تفر من أمامه و أردف بعناد :

- خلاص يبقا هقعد أنا مع مراتي لحد مانشوف هيحصل إيه !!

رأى الإعتراض داخل عينيها ليُسرع متعمدًا التلاعب على شعورها بالذنب تجاهه :

- ماهو أنا معنديش أسباب رجوع و لو رجعت لوحدي دلوقت مش بعيد أخسر عيلتي للأبد ، يرضيكِ ؟

زفرت بملل و همست بتردد خشية أن يظن أنها اتخذته وسيلة للحصول على شقيقتها و انتهى الأمر بخسارة عائلته لأجلها !!! :

- يا آسر مش هينفع من فضلك امشي بقا أنا عاوزة أنام أصلًا !

رفع حاجبه باستنكار ولكنه ابتسم فجأة قائلًا بعبث :

- أنا شايف إننا ناخد رأي نيرة !!

عقدت حاجبيها تنظر خلفها إلى ما ينظر إليه لتجد شقيقتها تقف محلها بوجه يحمل معالم النعاس تفرك عينيها بكسل وتسأله بصوت متحشرج رقيق : تاخدوا رأيي في إيه ؟!

اتسعت عيني "سديم" و نظرت إليه بتحذير لكنه أردف بخبث وهو على يقين أنها لم تقص حقيقة زواجها على شقيقتها :

- مفيش يانيرة أختك مش راضية تيجي تعيش معايا و بتتحجج بيكِ بتقول إنك رافضة و مش عايزاها تقعد معايا !

حاولت تصحيح كلماته حين ورطها و قالت و هي تنظر إلى شقيقتها برجاء ألا تخذلها :

- أنا قولت نيرة مش هتوافق تقعد في مكان تاني !

أخطأت "نيرة" فهم نظرات شقيقتها و خشت أن تتسبب بإعاقة سعادتها والتي رأتها بعينيها حين تصبح بجانب هذا الرجل الذي أنقذهن من براثن الخال المحتال لذلك أردفت برغبة واضحة :

- لأ أنا موافقة !!!

اتسعت عيني "سديم" بينما ظهرت بسمة انتصار على شفتيه و رفع حاجبه هامسًا لها بعبث بعد أن استقر بجانبها مباشرة ملتصقًا بها يعقد يديه خلف ظهره :

- واضح إني هتفاهم مع نيرة أوي بعد كدا !!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close