رواية اجنبية بقبضة صعيدي الفصل السابع عشر 17 بقلم نور زيزو
رأته “حلا” يترجل من سيارته لتدخل ركضًا من الشرفة وتسللت من الغرفة وهى تفتح باب الغرفة برفق حتى لا تستيقظ “هيام” وتمنعها، جميعهم يمنعوها من الحديث معه خوفًا من غضبه لكن “حلا” كانت تملك رأيًا أخر، دلف “عاصم” للغرفة مُنهكًا وألقي بالوشاح على الفراش ليسمح صوت الباب يغلق، ألتف “عاصم” ليراها تقف أمامه مُنذ أسبوع وهو لم يملح طرف أصبعها، تلاشت كدمات وجهها وتقف أمامه مُرتدية بيجامة وردية بشجاعة رغم أنقبض قلبها قلقًا من رد فعله لتقول:-
-عاصم
تأفف بخنق شديد وهو يستمع إلي صوتها وقال بنبرة مُخيفة:-
-أطلعي برا، أنا مانع نفسي عنك بالعافية يا حلا
حاول الأقتراب نحوها لكي يطردها لكنها كانت تملك خطتها فأغلقت الغرفة بالمفتاح وركضت نحو الشرفة وألقت به خارجًا وهى تصرخ بضيق شديد:-
-أنتِ هتسمعنى يعنى هتسمعنى!! بما أنك حكمت عليا ونفذت وطلقتنى يبقي ليا عندك حق أنك تسمعنى، من حقي أدافع عن نفسي وأقول أنى بريئة ومستحيل أخونك…
توقفت هذه المرة عن الحديث عندما وصل أمامها ووضع يده على عنقها ودفعها بالحائط يخنقها وهو يحدق بعينيها وقد دمعت عينيه:-
-أسكتى، أنا مش بس عايز أجتلك يا حلا، أنا عايز أجتل كل واحد منعنى عن طلاجك من جبل وجالي حبها وعيش وياها ….أدينى حبت وجزائي كان الخيانة والكسرة، أنتِ كسرتنى يا حلا، أول مرة فى حياتى أحس أن ضهرى أتجطم
ذرفت دموعها بأنهيار وهى تستمع إليه بحزن شديد ودموعها تتساقط على يديه التى تضغط على عنقها لتتمتم بتعب شديد من قبضته قائلة:-
-لا عاش ولا كان اللى يكسرك، ويبكيك لو أنا فعلًا وفعلًا مصدق أن انا عملت كدة، أقتلنى يا عاصم، أساسًا أنا ميتة من غيرك
ضغط أكثر على عنقها بجنون وعقله يجن جنونه ورأها تلفظ أنفاسها بصعوبة، لفظت انفاسها بصعوبة رغم إيمانه بأنه لن يصيبها بأذي مثل ما يعتقد الجميع وعينها تحدق بعينه بضعف مُستسلمة لما يحدث، ترك عنقها وهو يستدير بعيدًا عنها صارخًا ببكاء وقهرة مما يحرق قلبه وقال:-
-كيف مش أنتِ يا حلا، أحلفلك بعمرى ورحمة أمى وأبويا أنها انتِ ، أنا مستحيل أغلط فيك يا حلا
هزت رأسها بنفي وهى تقول:-
-مستحيل أكون أنا
ألتف إليها غاضبًا بجنونًا ولا يتحمل فكرة كونه ظلمها أو أتهمها زورًا ليقف أمامها مُنفعلًا وشق بيجامتها بقبضته بقوة وهو يصرخ بجنون لا يستوعب ما حدث:-
-كم حد بيعرف أن عندك وحمة فى صدرك يا حلا، حتى أخوكي ميعرفهاش، دى صورك يا حلا مهيش متفربكة ولا متزورة، روحي شوفي الصور وهتلاجي الوحمة واضح فيها وهتعرفي أن دا أنتِ
أقتربت “حلا” منه بضعف وتشبثت بملابسه بخفوت وقالت بهمس:-
-عاصم إذا أنا غلطت طيب، كام مرة أنا أترجيتك ما تتركنى، أنا كام مرة قولتلك أنى ما هتحمل فراقك، كنت عاقبني بأى طريقة بس ما تهجرنى
أخذ نفسًا عميقًا دون أن يتطلع بها وقال:-
-صدجينى حاولت أجتلك يا حلا بس مجدرتش، جلبى مطوعنيش أرفع سلاحي فى وشك، معلون أبو الحب اللى ضعفنى جصادك
وقفت امامه ليتطلع بها وقالت بحيرة:-
-والله لو أنا اللى فى صور لأقتل حالي بيدي، بس معقول أخون حبيبى، أنا ربيت برا وخدت من عادات الغرب كتير بس صدقنى بالحب ما فى شرق وغرب بيكفي أن قلبك يعشق
كانت دموعها تتساقط على وجنتيها ليقول ببرود سافر:-
-متتعبش نفسك من غير ما تجتلي حالك، أنا خدت عزائك يا حلا
لم تصدق كلمته وأتسعت عينيها على مصراعيها من كلمته لتقول بأنكسار:-
-موتني وأنا عايشة يا عاصم، بكرة تندم
نظر إليها بأشمئزاز شديد ثم قال ببرود:-
-اندم!!، حلا أنتِ لو موتي جدام مهطلعش فيكي واصل، أصلا أنت جوايا ميتة
أخرجها من غرفته بعد أن كسر الباب بالقوة وهى مصدومة من كلمته لتضع يدها على بطنها بوجع خيم على قلبها، حسمت أمرها اليوم بعد أن علمت بأنها تحمل طفله فى أحشائها، دلفت للغرفة باكية وحزينة لا تصدق ما سمعته منه، جلست بالفراش وهى تنظر بالصور بحزن شديد تحديدًا لهذه الوحمة لتتساءل بصوت مبحوح وعقلها لا يستوعب هذا:-
-معقول تكون أنا!!
أغمض عينيها وهى لا تتحمل التفكير أكثر وتعتصر عقلها من الفكر…..
حاولت “سارة” إيقاظها صباحًا لتذهب لإمتحانها لكنها كانت مُرهقة جدًا لا تتقوى على فتح عينيها خصيصًا ان أعراض الحمل بدأت تظهر عليها لتغادر “سارة” مع “هيام” وبصحبتهم “فريدة” المُتجهة إلى الشركة إلى حيث ستجد “مازن”….
كانت “ناجية” تحمل الأطباق من فوق السفرة بعد الإفطار لتسقط على الأرض فاقدة للوعي من التعب وتسقط الأطباق من يدها لتترك “تحية” المخبرة من يدها ذعرًا على الطاولة المجاورة للنافذة وهرعت نحوها، لم تستطيع مساعدتها فى أستعادة وعيها لتصرخ بهلع:-
-مُفيدة… ألحقينى يا مُفيدة
نزلت “مُفيدة” من الأعلي ركضًا وقالت:-
-حصل أيه؟
تحدثت “تحية” بذعر قائلة:-
-همي خلينا نوديها المستشفي
أومأت إليها بنعم وصعدت تبدل ملابسها سريعًا ليأخذهم “حمدي” للمستشفي، نزلت “حلا” من الأعلي بعد أن علمت ما حدث، أشمئزت من رائحة البخور وبحثت عن سبب الرائحة، كانت نسمات الهواء تزيد من حرارة الفحم حتى خرجت النيران منه ولمست الستائر، ذعرت “حلا” من رؤية النيران وذهبت ركضًا نحوها لكنها توقفت عندما شعرت بدوران شديد فى رأسها لتتشبث بالداربزين الخاص بالدرج وقالت:-
-عاصم
أخرجت الهاتف من جيبها بصعوبة وجسدها بدأ يهتز من دورانها ولكنه لم يجيب فأخترت أقرب رقم إلي أصبعها وكانت “فريدة” وألتفت كى تغادر المنزل بخوف وهى تمسك رأسها لتلتف قدميها رغم عنها وتسقط أرضًا…..
____________________________
هرع “عاصم”من مكتبه بعد أن أتصل الرجال بيه وأخبروا أن المنزل يحترق و”حلا” وحدها بالداخل، كان يقود بسرعة جنونية ولا يتخيل عقله فكرة أصابتها أو أذيتها، وصل للمنزل ليرى الجميع حوله والحريق نشب به حتى ألتهم الطابق الأول كاملًا، نظر بصدمة ألجمته إلى الحريق ويتذكر حديثهما أمس
-اندم!!، حلا أنتِ لو موتي جدام مهطلعش فيكي واصل، أصلا أنت جوايا ميتة
كانت كلمته تتردد فى أذنيه بصدمة تحتل كل أطرافه وعينيه ترى المنزل يحترق أمامه و”حلا” بداخل هذه النيران، لم يستوعب أو يتخيل أن كلمته ستتحقق ليهرع “عاصم” للداخل بذعر شديد رغم محاولة رجاله بمنعه من الدخول وسط النيران، بحث عنها وسط الحريق الذي أكل كل ركن فى منزله صارخًا باسمها:-
-حـــــلا……
أتسعت عينيه على مصراعيها عندما رأها مُستلقية أمام الدرج ليهرع نحوها بخوف شديد وهو يقول:-
-حلا
رفع رأسها على ذراعه لتفتح عينيها بتعب شديد وفور رؤيتها لوجهه تبسمت رغم ألمها وقالت:-
-قلت ما هتطلع فيا…
حملها على ذراعيه بسرعة والنار تزداد فى أرجاء المنزل، بحث حوله عن مخرج بعد أن احتلت النيران باب المنزل ليسمعها تقول بصوت مبحوح:-
-إذا أنا مت جواك، أتركنى هنا وروح
نظر “عاصم” إلى راسها وهو يضمها إليه جيدًا خوفًا من أن تصيبها النيران وتأذيها وقال:-
-أهمل روحي كيف؟
رفعت “حلا” رأسها عن صدره تتطلع به بتعب شديد وقبل أن تلفظ بحرفًا واحدًا سقطت رأسها للخلف وأنقطعت أنفاسها بين ذراعيه، أنتفض قلبه ذعرًا وخرج من الباب الخلفي للمنزل…
أخذها المستشفي وبعد فحصها جيدًا ألجمه الطبيب بكون هذه الفتاة دخلت فى غيبوبة بسبب الدخان الذي احتل رئتيها فنظر جواره بصدمة إلى حيث “حلا” وهى نائمة على فراش المرض والأجهزة الطبية تحتل كل أنش بوجهها وصدرها، لم يصدق ما أصابها لتتسع عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته حين قال الطبيب مُتابعًا:-
-بس الجنين بخير
التف “عاصم” له بصدمة أحتلت عقله ونظر للطبيب وقال بتلعثم:-
-جنين!! هى حبلي
أومأ الطبيب إليه بنعم ثم قال وهو يربت على كتفه:-
-نتمنى تفوج من غيبوبتها فى أسرع وجت……
________________________________
قصت “هيام” ما حدث إلى “جاسمين” ووسط حديثهما، جاء “عمران” و “رقية” إليها لتقول :-
-لو سمحتى
نظروا الأثنين إليها لتفزع “جاسمين” عندما رأت وجه “عمران” وتذكرت ما رأته سابقًا لتبتلع ريقها بينما قالت “هيام”:-
-أتفضلي
تبسمت “رقية” بلطف وهى تقول:-
-إحنا زمايل حلا وكنا حابين نتطمن عليها لأنها مجتش الإمتحانات
أجابتها “هيام” بلطف قائلة:-
-معلش هى تعبانة شوية
أومأت “رقية” إليها بنعم ثم غادروا لتقول “جاسمين” بذعر:-
-دى زميل أختك
نظرت “هيام” إلى قلقها والتوتر واضح بملامحها لتقول:-
-فى أيه يا جاسمين؟
تحدثت “جاسمين” بغضب سافر قائلة:-
-مش فاكر الولد اللى جولتك انه بيهدد بنت بصورها، هو دا
رفعت “هيام” نظرها إلى “عمران” وهو يغادر وبدأت تستجمع روابط ما يحدث، لتخمن أحتمال مؤكد ان يكون هو نفسه من فعل هذا بأختها، رن هاتف “هيام” بأسم “مازن” وقال:-
-أنتِ فين؟ أنا جصاد كليتك
وقفت بحماس شديد وأخذت “جاسمين” من يدها فبعد ما حدث قرر “مازن” أن يأتي لأخذ أخواته بنفسه من الجامعة وصلت أمامه مع “جاسمين” وهى تلهث ثم قالت:-
-جوليله
نظر “مازن” إليها بأستفهام وهو لا يفهم شيء لتصرخ “هيام” بضيق شديد من توتر صديقتها وخوفها:-
-ما تنطجي وتجوليله اللى جولتهولي
قصت “جاسمين” ما رأته إلى “مازن” وقالت:-
-أنا بخمن مجرد تخمين أن يكون عمل فى أختك كدة ما دام هى يعنى تعرفه
أستشاط “مازن” غيظًا وغضبًا مما يحدث ويستوعب ما حدث لكن قاطعه رنين “مُفيدة” لتخبره بما حدث ليهرع للخارج مع “هيام” رغم أنتظار “أدهم” لها فى المكتبة بما أنه اليوم الأخير فى الإمتحانات لكن بعد ما حلت هذه الكارثة لن يكن هناك لقاء……
____________________________
كان “عاصم” جالسًا جوارها بالمستشفي ويأخذ يدها فى راحة يده ويحاول جاهدًا كبح دموعه عن التساقط ويقول بحزن:-
-متهملنيش لحالي يا حلا، حتى لو أنا هملتك متعملهاش أنتِ
رفع يده إلى رأسها ليمسح عليها بلطف وقلبه مفتورًا بالوجع ويتألم حتى أحرق صدره مع نيران ألمه وفراقها وتابع حديثه:-
-ليه دمرتى حياتنا وكسرتي جلبى، أنا مظلمتكيش يا حلا لو تعرفي أنى فكرت فى كل الأحتمال وأنا جايلك يومها، فكرت أن ممكن تكون متفربكة بس كيف يا حلا والخلجات خلجاتك والوحمة اللى فى جسمك، كيف متكنش أنتِ ، فكرت ان ممكن تكون خدعة وحد طمعان فى فلوس منى بس أنا محدش طلب منى جنيه واحد، كيف تأذي جلبي أكدة علمتينى الحب والجهر يا حلا، بس معلش أنا مسامح، مسامح والله بس ما تروح منى، وغلاوة عاصم عندك ما تهملينى لحالي وتروحي
ذرفت دمعته بضعف لينظر إلى بطنها بخوف شديد ولمسها بأنامله وهو يقول:-
-معجول تهملوني أنتوا الأتنين لحالي، جوي أمك وجولها أن بابا مستنيكم هنا
فتح باب الغرفة على سهو ودلف “مازن” و”هيام” بذعر بعد ما سمعه بهذا الخبر ليدير رأسه يجفف دموعه بينما هرعت “هيام” إلى “حلا” لا تصدق ما تراه وقالت:-
-حلا….
تطلع “مازن” بها بعد أن أخبره الطبيب بأنها فى غيبوبة ولا يعلم أحد متى ستستيقظ وتعود للحياة، مسح جبينه بعجز ولا يستوعب ما حدث …..
وقف “مازن” مع “عاصم” بالخارج ثم قصي له ما حدث وحديث “جاسمين” وكان “عاصم” شاردًا ليُتمتم بهدوء:-
-حلا حبلي
نظر “مازن” بصدمة الجمته وعاد بنظره غلى الغرفة حيث تسكن أخته فاقدة الوعي ولا يصدق بأن هذه الطفلة ستصبح أمًا وهى فاقدة للوعي ليسأل “عاصم” بضعف:-
-تفتكر حلا كانت تعرف بالحبل دا
هز “مازن” رأسه بضيق شديد وهو يقول:-
-لا معتجدش، حلا مجنونة إذا كانت تعرف كانت ركضت بالبلد كلتها تجول أنها حامل من الفرحة
نظر “عاصم” أسفل قدمه باستياء شديد من قلبه المفطور وجعًا:-
-لكن لو عرفت بعد الطلاج معتجدش أن دا هيكون رد فعلها
صمت “مازن” ولم يعقب على حديثه ليرفع “عاصم” رأسه بقلق وهو ينظر لصمت “مازن” وقال:-
-ساكت ليه؟
تنحنح “مازن” بخفوت شديد ثم سأل بتلعثم:-
-لتجولي أن حزنك دا لأن الحبل مش منك
عقد “عاصم” حاجبيه بضيق سافر ثم نكز “مازن” فى كتفه بقوة وهو يقول بنبرة حادة:-
-مستحيل، دا ولدي ومفيش شك واحد فى المليون، سامع يا مازن
تنحنح “مازن” بحرج منه ثم قال متسائلًا:-
-هتطلجها لما تولد
نظر “عاصم” للجهة الأخرى بخنق وهو يتذكر كيف لفظ بهذه الكلمة وكم من دموع تساقطت من عينيه بسبب هذا الطلاق ليقول:-
-أطلجها!! أنا لحد دلوجت معرفش كيف نطجتها ولا كيف جدرت أعيش من غيرها سبوع
تبسم “مازن” بلطف رغم حزنه الشديد على حال أخته وقال:-
-هترجعها!!
أعتدل “عاصم” فى وقفته وهو يغلق يده على رأس نبوته وقال بجدية ونظرات مُخيفة:-
-مش جبل ما أرجعها حجها يا مازن
سار خطوتين ليستوقفه “مازن” بقلق شديد حين سأل:-
-هتعمل أيه؟
تبسم بسمة شيطانية وهو يقول:-
-هخليه يشوف كيف هى جذرة أبليس
غادر المستشفي عازمًا أمره بهلاك “عمران” نهائيًا …….
______________________________
كان “أدهم” منتظر بمكتبة الجامعة مُنذ ساعة ونصف ولم تظهر “هيام” ليقف من مكانه مُستشيطًا غضبًا وغيظًا من تأخرها او يمكن كانت تنتقم منه وتكذب، صعد بسيارته وأنطلق من الجامعة وفى طريقه أستوقفه صوت هاتفه مُعلن عن أستلام رسالة ليفتحها أثناء قيادته وكانت من “هيام” تقول:-
-أسفة حصل حادثة لأختي وأضطرت أمشي
تنهد بهدوء ثم أرسل رسالة لها يقول:-
-ولا يهمك، هى عاملة أيه؟
قليلًا وجاءه الرد منها تقول:-
-حالة سيئة جوى دخلت فى غيبوبة والبيت أتحرج
أخذ نفس عميقًا قبل أن يضغط على زر الاتصال ليأتى صوتها المبحوح عبر الهاتف تقول:-
-ألو
أنقبض قلبه قلقًا بعد أن سمع صوتها ليسأل بنبرة هادئة:-
-أنتِ بتعيطي؟
صمتت وهى تزداد فى البكاء كلما نظرت إلى “حلا” وقالت:-
-لا
سمع أنين بكائها فى الهاتف لكن كذبتها جعلته يلتزم الهدوء أكثر ثم قال:-
-أن شاء الله تكون بخير وزينة
تنحنحت “هيام” بقلق ثم قالت:-
-بتمنى تفوج من غيبوبتها، مع ان حياتها تعيسة ومليانة مشاكل بس أحسن كتير عن نومها كدة ومتردش عليا، على الأجل وهى صاحية كانت بترد وتتخانج ويانا
أوقف سيارته جانبًا يستمع إليها لتتابع الحديث:-
-بتمنى أنها تفوج ومتموتش مش أعتراض على جدر ربنا بس مش وهى زعلانة مننا كلنا
تحدث “أدهم” بلطف قائلًا:-
-ربنا يجومها بالسلامة، أنتِ عاملة أيه؟
جهشت “هيام” باكية بحزن شديد وضعف وما زالت لا تصدق ما حدث وتمتمت بصوت مبحوح تكبح ألمها:-
-خايفة وزعلانة وممصدجاش اللى حصل
دلف “مازن” للغرفة لتغلق “هيام” مُسرعة وهى تخفيه فى ملابسها، نظر إلى “حلا” ثم قال بهدوء:-
-يلا يا هيام عشان تروحي
نظرت بذعر إلى “حلا” وقلبها يرتجف قلقًا ثم قالت:-
-مهنأخدهاش ويانا… معجول هنروح من غيرها ونهملها لحالها
أومأ إليها بنعم ليأخذها ويغادر الغرفة، أخذها أى منزل أخر بعد أن أحترق منزلها الكبير وكان الجميع به على غير “عاصم” الذي ظل بمكتبه ينظر “قادر” ومع حلول الساعة الثانية عشر فتح باب المكتب وكان “قادر” فرمقه “عاصم” بعينه ليبتسم “قادر” بسمة أنتصار وهو يهز رأسه بنعم ليأخذ “عاصم” نفسًا عميقًا ثم وقف من مكانه مُمسكًا بنبوته ثم قال:-
-تعال يا جادر
أخذه وذهب إلى منزله المُحترق وما زالت رائحة الدخان تعمه وكان “عمران” على الأرض ووجهه مليانًا بالدماء والكدمات وفور رؤيته لـ “عاصم” وقف من مكانه ذعرًا ليركل “عاصم” قدمه بقوة فصرخ “عمران” بقوة بعد أن سمع الجميع صوت عظامه تُكسر وسقط أرضًا، نزع “عاصم” عباءته المفتوحة عن أكتافه ثم سار نحوه و”عمران” يزحف للخلف بخوف ويستمع لصوت “عاصم” يتحدث بنبرة مُخيفة رغم خفوتها قائلًا:-
-هى كمان هربت من غضبي كيفك أكدة، بس تعرف الفرق اللى بينك وبينها أن جلبي كان واجف بينى وبينها لكن بينى بينك في نار
ركل وجهه بقدمه هذه المرة لترتطم رأسه بالأرض، أتكأ على ذراعيه ليرفع جسده وبصق الدماء من فمه وهو يقول بتذمر:-
-ولما ضربتها ولما تجتلنى هيغير واجع أنها خانتك
لم يتمالك “عاصم” غضبه بعد هذه الكلمة ليغرس رأس الأفعي الموجود فى نبوته فى عين “عمران” اليسرى ليصرخ “عمران” بهلع وألم شديد فمسك “عاصم” رأسه من شعره وهو يقول:-
-كان لازم تسألنى بأدب الأول هى خانتنى ولا لا
صرخ “عمران” وهو يضع يده على عينيه بضيق شديد وغيظ قائلًا:-
-خانتك يا عاصم ومش مرة لا دى كتير
لكمه “عاصم” مرات متتالية لا حصر لها وهو يصرخ بوجهه قائلًا:-
-حلا مستحيل تخون
أبعده “قادر” بصعوبة عن عمران المُلقي على الأرض ليصرخ بجنون قائلًا:-
-هملنى يا جادر …. هجتلك يا عمران ورب العرش وشرف مرتى اللى لعبت به ما هيطلع عليك نهار ولا هتشوف نور الشمس تاني ، هملنى يا جادر
بصق الدماء من فمه وهو يضحك بسخرية ثم قال رغم أن عينه اليمنى تنظر إلى السقف من التعب ولم يعد يقوى على فعل شيء سوى الحديث:-
-مكنتش ضربتها يا كبير لو أنت واثج أنها شريفة هههههه
كز “عاصم” على شفتيه بضيق شديد بأسنانه وقال بتهكم وعينيه يتطاير منها الشرير وقدميه تسير بعيدًا:-
-أنا ضربتها لأنها وثجت فى شيطان كيفك،سمحت لشيطان كيفك يجرب منها
أنحنى ليحمل دلو من البنزين وأعتدل فى وقفته وهو يقول:-
-بس ملحوجة
هلع “عمران” وهو يراه يقترب بهذا الدلو وعقله ترجم ما سيفعله “عاصم” ليقول:-
-أنت هتعمل أيه؟
تحدث “عاصم” بنبرة هادئة مُرعبة:-
-هوديك مكانك الأصلي، شيطان كيفك بيلعب ببنات الناس وشرفهم تفتكر مكانه فين غير الجحيم
أستوقفه “عمران” بهلع وهو يترجاه بألا يفعل ليضع “عاصم” قدمه على صدر “عمران” ثم قال بهوء:-
-عملتها كيف؟ صورت مرتى كيف؟
خرج من المنزل مع “قادر” ثم قال بجدية وهو يصعد لسيارته:-
-لو حد سألك على الجثة جوله أنه واحد من رجالتنا وأتحرج مع الحريق
أومأ “قادر” بنعم لينطلق “عاصم” بسيارته……
______________________________
دق باب منزل “ليام” ليفتح بتذمر من طرقات الباب وهو يقول:-
-طيب هو أنا واقف وراء الباب
أتسعت عينيه على مصراعيها عندما رأى “عاصم” يقف أمامه مُمسكًا بنبوته وحدق به ليقول “ليام” بتلعثم شديد:-
-أنت!!
رسم “عاصم” بسمة شيطانية على وجهه وقال:-
-مفاجأة ..
دلف المنزل وأغلق الباب خلفه مما أرعب “ليام” ……
___________________________
أنحنى “عاصم” يقبل يدها بحنان وما زالت لا تجيبه ولا تستجيب للعالم الخارجي ثم قال:-
-يا حلوتي!! معجول ما أتوحشك
كانت لا تشعر بشيء ولا تجيب عن أسئلته ليقول بنبرة مبحوحة ضعيفًا:-
-حقك على رأسي يا حلوتي، وغلاوتك عندي أنى دفعت كل اللى أذوكي التمن من دمهم …
صمت قليلًا ليتابع حديثه بنبرة مبحوحة بندم شديد قائلًا:-
-أنا… باجى أنا يا حلا، عاجبنى كيف ما تحبي لكن أوعاكِ تروحي منى أنا مهجبلش بالعجاب دا، أنا مستعد لأي عجاب يلا حلا ما عدا دا، بديكي عيني لو طلبتى بس فوجي
دموعه لم تتوقف عن البكاء وقلبه المُرتجف قلقًا وخوفًا، لكن توقف عن الحديث والبكاء عندما شعر بأناملها تتحرك بين راحة يده لينظر مُجددًا ليدها ثم إلى وجهها وتمتم بسعادة وبسمته لم تفارق وجهه:-
-حلا…
فتحت عينيها ببطيء شديد لتراه واقفًا أمامها ومُتشبثًا بيدها لتظل تنظر إلي وجهه مُطولًا فسمعت يقول:-
-وأخيرًا يا حبيبة الجلب
تمتمت بصوت مبحوح قائلة:-
-أنت مين؟………..
أتسعت عينيه على مصراعيها وهو يترك يدها بصدمة الجمته فلم يتوقع نهائيًا أن يكن عقابها على ما فعله بها هو نسيانه تمامًا كأنه لم يكن موجودًا أو ميتًا بداخلها، حدثها عن موتها بداخلها لتقتله هى بداخلها……..
يتبع..
الثامن عشر من هنا