رواية جوازة ابريل الجزء الثاني الفصل السادس عشر 16 بقلم نورهان محسن
الفصل السادس عشر (جاء فى أوانه) جوازة ابريل 2
مرت سنوات عديدة قارنتها بحماقة بالنساء اللواتي عرفتهن ، النساء اللواتي خذلنك ، والنساء
أولئك الذين خذلتهم...
لقد فات الأوان لإدراك كم كانت مختلفة..
وكم كان حضورها يغنيك عن جميع النساء الأخريات..
مرت سنوات وأنت تفكر مراراً وتكراراً
كيف فقدتها ولماذا رحلت ، وتبحث عن مبررات لهجرانها لك ، ثم تتهمها بالجبن والخيانة رافضاً الاعتراف بأن السبب الحقيقي هو أنت وانك كنت ضعيفا...
أضعف من أن تحتوي امرأة بجنونها وحنانها
تقف الآن مندهشًا أمام امرأة ذات ملامح صلبة
بالماضى كنت ترى ملامحها في وجهك
وضحكتها على شفتيك
وعيونها تتألق في عينيك
كيف يمكنك الآن هزيمة حصونها المنيعة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فى المنصورة
عند أحمد فى منزل زينب
_يعني ايه راحت لأمها من غير ما تعرفني .. ازاي تخرج برا بيتها منها لنفسها كدا تستأذني
زمجر بغضب وبلهجة حادة ، وهو يتحرك بين الأثاث في غرفة المعيشة يكاد أن ينفجر أمام والدته التي كانت تراقبه بتوتر ثم صدح صوتها : استهدي بالله يا احمد يا بني هي برده معذورة
رفع أحمد حاجبيه مستنكرا كلامها الذي لم يعجبه ، معقباً بصوت ساخط : معذورة ايه و قرف ايه بس..
زينب بنبرة معاتبة : ايوه معذورة هي واخدة علي خاطرها و ساكتة وشايلة في قلبها ومابتشتكيش طبيعي يبقي فاض بيها عايزها يعني تقعد محروق دمها و هي عارفة انك رايح ملهوف علي ست ابريل يا ابن بطني
تضخمت عروق حلقه حنقاً عند ذكر سيرتها ، إذ كان لا يزال يشعر بالغضب المشتعل في أوردته ، كلما ترددت كلماتها المسمومة في فضاء عقله ، يضاهي لهيب سيجارته المشتعلة بين أصابعه ، قبل أن سرد عليها بقسوةر، مدركا المعنى الخفي وراء كلماتها : دا مالوش دعوة بدا يا ماما .. ماتخلطيش الامور ببعضها مهما كان السبب ليها راجل تعرفه خط سيرها مش من دماغها تمشي و دا كان بيحصل وانا مسافر مش كدا؟!
سرعان ما أجابت زينب علي سؤاله بالنفى : ابدا ورب الكعبة يا بني دي اول مرة .. هي لا بتروح ولا بتيجي وحتي عدت عليا واستئذنتني ساعتها حتي خالتك كانت عندي لو مش مصدق اتصلك عليها واسألها..
نفث الدخان من سيجارته بضيق ، فهذا هو الشيء الوحيد الآن الذي يجعله يشعر بالصبر قليلاً حتى لا يفعل شيئاً سيندم عليه لاحقاً ، بينما زينب تابعت برجاء : بالله عليك سايق عليك النبي واهل بيته تروح وتراضي مراتك وترجعها لبيتها .. ماتسيبهاش مكسورة الخاطر كدا دي مهما كان مراتك و ام بنتك .. انت لو لفيت الدنيا مش هتلاقي في اصلها ومحبتها ليك
نبس بنبرةٍ هادئة بعض الشيء ، وهو ينهض من مقعده : هشوف ربنا يسهل انا طالع دلوقتي استريح من السفر
سألته بلطف : طيب يا حبيبي مش عايز تاكل لقمة اتلاقيك علي لحم بطنك
_ماليش نفس
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في غرفة ابريل
كانت أصابعها تعبث بوشاح جدتها الحبيبة ، وهي لا تزال مسترخية على ظهرها ، وأفكارها تسبح في بحر مظلم ، لم تكن تتخيل في حياتها أنها ستقع في فخ كهذا ، لتتمركز أفكارها عند اللحظة التي رأته فيها ، حيث كان الأمر بمثابة مفاجأة إضافية لصدمات هذا اليوم الطويل ، لكن بالنسبة لهذا اللقاء على وجه الخصوص ، لم تكن مُستعدة له على الإطلاق ، فهي تشعر بإحساس مثقل بالألم يتغلغل فى قلبها ، وتشكل الدموع الكثيفة سحبًا بلورية فوق عينيها ، كلما تذكرت كلماته.
ألم يكن كافياً إستنزف طاقتها وروحها ، ليأتي ظهوره ويطيح بما تبقى من صمودها الضعيف ، مما يجعل عقلها يستحضر التفاصيل الكاملة لهذا الحدث؟
flash back
منذ بضعة ساعات
داخل سيارة باسم
نظر إليها بزاوية عينه أثناء قيادته ، ثم أشار إليها وهو يتمتم بنبرة آمرة : اربطي الحزام : اربطي الحزام
حاولت سحب حزام الأمان من مكانه ، لكنها لم تنجح لأن أعصابها كانت متوترة ، فقالت بضيق : مش بيطلع معايا
_اوعي ايدك ...
نبس باسم بهدوء بعد أن أوقف السيارة على جانب الطريق ، وانحنى نحوها واضعا حزام الأمان عليها.
أخفضت بصرها بعد أن حبسها بين ذراعيه ، تشعر بمراقبته لملامحها الناعمة بنظرات جعلت نبضها يرتفع من شدة قربه ، بينما لم يفوته الشعور بتوترها ، ليسألها بهمس رجولي خبيث : اومال فين اعصابك
رفعت إليه فيروزيتها ، وأجابت بصوت منخفض ، وعيونها مليئة بالسخرية ، لتغطي خجلها : قطعو تذكرة هجرة علي المريخ من بعد ما شوفتك علي طول
ضحك باسم بلؤم : وزعلانة اكيد عشان مش هتعرفي تحصليهم وباسبورك تحت ايدي
دفعته بعيدا وهتفت بغيظ يلوح في نظرتها ، بالإضافة إلى لهجتها المستنكرة : تصدق انت واحد مستفز
عاد ليجلس منتصبا في مقعده ، مقلما بغطرسة ياقة قميصه ، وهو يمطرها بنظراته الماكرة بعد أن نجح في إغاظتها وإثارة غضبها، وهو ما يروقه جدا.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
بعد فترة قصيرة ، كانا لا يزالان على قارعة الطريق
_ابريل هاتي تليفونك عايز العب عليه جيم
حدقت إبريل عبر المرآة بأسف ، ووجهت حديثها إلى عمر الذي كان يجلس في المقعد الخلفي للسيارة : التليفون مش معايا
أدار الطفل عينيه بضجر ، ثم مد ذراعه إلى الأمام إلى حيث يوجد مشغل الموسيقى في السيارة ، وبسرعة أبعد باسم أصابعه عن الجهاز وهو يحذره ببرود : عيب يا حبيبي
تذمر عمر بملل : زهقان عايز اسمع حاجة تسلينا
تنهد باسم تنهيدة عميقة نشير إلى مدى إرهاقه ، مصاحبة لصوته بالرفض : مفيش حاجة هتشتغل انا مصدع
ساد صمت قصير قبل أن يقطعه عمر الذى قال : عايز اعمل التويلت
باسم ببلاهة : توليت؟!
هز عمر رأسه مؤكدا : ايوه ودلوقتي حالا
وجه باسم نظره الحائر إلى أبريل التي كانت تحبس ضحكتها بصعوبة قبل أن يسألها مستاء : ما انت كنت في المستشفي من عشر دقايق ماعملتهاش هناك ليه
رفع عمر كتفيه ، وأجاب بعفوية استفزت حواس باسم : ماجاش علي بالي .. يلا بسرعة عشان مابعرفش امسك نفسي
ضرب باسم المقود بغضب ، مما جعلها تبتعد عنه قليلا خوفا من ردة فعله ، بينما نظر إليها بحاجب مرفوع وتمتم بتجهم : مش طالعلك صوت ليه ماتشوفي حل ؟!
لوحت ابريل بيديها فى الهواء بإرتباك ، وهتفت بقلة حيلة : اصلها مالهاش غير حل واحد .. ماتفضلش مصدوم كدا .. الحق قبل مايبدلك العربية
أحس بالسخرية في لهجتها ، حك فروة رأسه بعنف ، وتمتم بكلمات غاضبة غير مفهومة ، مما جعل أبريل تضع كفها على فمها لتخفي ضحكاتها حتى لا يتفاقم الموقف اكثر .
بعد مرور فترة وجيزة
تسألت ابريل بذهول ، وهى تلتفت إليه : انت وقفت هنا ليه ..؟
تنقل باسم ببصره خارج السيارة ، وهو يجيبها بفظاظة : بدور علي اي زنق يصرف نفسه فيه
ضيقت ابريل عيناها بإستنكار ، وهدرت بتوبيخ : انت اتهبلت عايزو يعمل كدا في الشارع .. وعاملي فيها مخرج و شياكة و حركات طلعت بتتصرف زي الكلاب والقطط في الخربات
اقترب منها لا إرادياً ، وهو يشعر بأنه على حافة الجنون ، تقلصت ملامحها وهو يزمجر باستياء ، مشيراً إلى أنفه : عايزاني اعمل ايه يعني!؟ انا روحي بقت هنا منك ومش مستحمل اسمع صوت كفاية اللي استحملته منك لحد دلوقتي فاا لسانك هيطول كمان هـ...
قاطع عمر تلك المشاجرة بينهما ، مذكراً اياهم بتذمر طفولى : ممكن تتخانقو وقت تاني انا عايز اروح التويلت دلوقتي هنعمل ايه
نظر إليه باسم بانزعاج ، قبل أن يقلب عينيه عليها عندما قالت باحتجاج عنيد يتناقض مع ارتعاشها الداخلي خوفاً من فورة غضبه : مبدأيا كدا ماتشوحليش في وشي تاني وايدك تفضل جنبك لو سمحت .. و بعدين ما الماركات في كل حتة اقف عند اي ماركت قريب مش قصة هي
تجاهلها متمتماً بإستشاطة : اللهم طولك يا روح
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور دقائق
داخل إحدى متاجر التسوق
دخل باسم عنوة إلى دورة مياه الرجال مع الطفل الصغير بعد مشاجرة كلامية مع خالته صعبة المراس ، التي سارت بين الرفوف العالية تتفحص مختلف المنتجات بذهن شارد ، حتى سمعت صوتا ينادي باسمها جعل جسدها يتسمر مكانه بسبب وقع الصدمة ، ثم استدارت تزامناً مع حبسها أنفاسها فور ان وجدت حالها تواجه أحمد مباشرة الذى قال بصوت منخفض أجش : لسه علي عنادك ومش عايزة تتحجب
رمشت بعينها دون أن تركز على أقواله ، وكأنها جاءت من بعيد ، وشعرت أن لسانها مقيّد من الدهشة التي سيطرت على ملامحها الجميلة ، لم تصدق أنها ترأه واقفاً أمامها ، وهو يطوف ملامحها ، وعيناه تلمعان بلهفة ، ليتحدث بنبرة تشتعل في ثناياها بنيران حنينه الغامر : وحشتيني يا توته .. وحشني كل حاجة فيكي رغم ان كلك علي بعضك مطبوعة بختم من نار جوا قلبي اللي مابيفكرش غير فيكي
تغيرت ملامحها المشدوهة إلى حجرية ، وهي تخرج من عباءة الصمت لتسأل بحاجب مرفوع : احمد!!! انت هنا بتعمل ايه؟
ظهرت على وجهه ابتسامة ساحرة ، وهو يميل رأسه إلى الجانب ، وينظر إليها بعمق وشوق كبير فأضافت أبريل بثقة : دي مش صدفة انت...
بلل شفتيه بطرف لسانه ، ليرد بهدوء : جيت وراكي من المستشفي علي هنا
عاودت ابريل تسأل ، وهي لا تزال تشعر بالريبة نحوه : و ازاي عرفت مكاني اصلا؟
احمد بإختصار : اللي شغالين في بيت ابوكي
أومأت ابريل بفهم ، فأردف بإهتمام ممتزج بالحيرة : انا اللي عايز افهم ايه اللي حصلك خلاكي تدخلي المستشفي و ازاي يكتبو عنك كلام زي دا مين اللي عمل كدا!!؟
زفرت الهواء بتهمل ، لتفرغ رئتيها بعد أن أحست بضيق فيها وردت بنبرة ثقيلة الحروف : شوية تعب وراحو لحالهم .. وبخصوص المكتوب .. بإختصار انا ومصطفي فسخنا الخطوبة و منافسين له هما سربوا الخبر دا بالقصد عشان يبوظوا شغل مصطفي يعني مجرد اشاعات و اتكذبت خلاص
_مين اللي كان خارج شايلك من المستشفى؟!!!
طفى غضبها على السطح فى سؤالها المتبادل بغطرسة : وانت دخلك ايه؟!
دحرجت قلبه داخل فوهة بركان على وشك الانفجار بمجرد سماعه ردها ، نفث شيطان الغيرة النار على بارود أفكاره المتضاربة ، ليهتف بإصرار شديد : محدش له دخل بيكي قدي و مش دا المكان اللي هناقش فيه كلام زي دا .. بس دي الناهية يا ابريل انا سيبتك براحتك كتير اوي .. كفاية لحد كدا انتي مالكيش مكان عند فهمي وهترجعي معايا ابعدي عن القرف دا كله بقي كفاياكي عناد .. احنا هنتجوز واعملك فرح ماتعملش لبنت قبلك وهتعيشي معززة مكرمة معايا وهحميكي منهم واذا علي نادية مش هتحسي بوجودها نهائي في حياتنا انا بوعدك
انفلتت منها ضحكة ساخرة ، ليعقد حاجبيه بإنزعاج ، بينما تقول هي بإستنكار : انت بناءا علي ايه بتخطط و ترسم مسارات لحياتي و عايز تنفذها كمان .. انت مين قالك اصلا اني لسه بفكر فيك او عايزاك يا احمد .. احنا انتهينا من سنين
تلألأ العذاب داخل عدستيه ، وقال بصوت مخنوق : دي جزاتي دا اللي استاهلو منك عشان بحبك ولسه عايزك يا ابريل
صرخة رفض مع شعور غريب بالنفور ارتفع في أعماقها و ظهر فى صوتها بمجرد أن هسهست بقوة نابعة من قلب مقهور : انت لا عمرك حبتني ولا قدرت تعرفني كويس .. كل مرة بنتكلم فيها بتأكدلي انك ماتفرقش حاجة عن ابويا .. نفس انانيته بالظبط
تنبهت حواسه لحديثها الذى جعل أنفاسه تتضارب في صدره ، ولأول مرة يجد صورته تنعكس في عينيها بهذا التعكر والقتامة نضحت في قولها بصوت زاخر بالخيبة : ولأخر مرة بقولك ماتدخلش في حياتي بأي شكل .. اللي اتخلي عني زمان مستحيل اصدق انه هيبقي ليا دلوقتي سند
صعقت من وقاحته بمجرد أن منعتها قبضته من الفرار ، فارتبكت أنفاسها أمام نظراته السوداء الغاضبة قبل أن يهسهس بحدة خطيرة : رايحة علي فين .. ايه الكام سنة اللي عشتيهم مع ابوكي نسوكي سنين عمرك كله في حضني ..
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
خرج عمر من المرحاض ، وهو يهندم ملابسه قائلا بإبتسامة : علي فكرة انت عجبتني
باسم بعدم فهم : عجبتك في ايه؟!
أخبره عمر بحماس مقلداً اياه : لما ضربت اونكل مصطفي كنت جامد اوي .. بتعملها ازاي دي
باسم بضحكة : انت شمتان فيه كدا ليه .. مابتحبوش ولا ايه؟!
عمر بتعبيرات عابسة : لا مابحبوش .. هتعلمني الحركة دي
ضيق عيناه بشكل غريب من تلك النخزة المفاجئة التي أصابت قلبه بالانزعاج ، حاول أن يصرفها بسرعة وهو يداعب شعر الصبي بخفة ، ويحثه على الحركة وهو يتمتم بهدوء : هعلمهالك يا لمض زي خالتك
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
عند ابريل
سرعان ما استعادت وعيها ، وأزاحت يده وارتدت خطوتين إلى الوراء ، وقالت بين أسنانها بصوت منخفض لا يسمعه إلا هو : مش هسمحلك تشقلبلي حياتي .. لمجرد اني جيت علي بالك فجأة وجاي تشوفني .. لأخر مرة بقولك بالذوق امشي من هنا وسيبني في حالي
تجاهل حديثها بالكامل ، وأبرز الضوء علي الكلمة الأخيرة ، ممسكاً معصمها وهو يتحدث بجنون ، لعله ينجح في كسر الجليد الذي يغلف مشاعرها تجاهه : انا حالك .. مين بقي حالك غيري .. ماتردي مين؟ انتي ماحبتيش غيري يا ابريل و بطلي تعملي عبيطة انتي متأكدة اني هسيبك بالبساطة دي
ابعدت يده عنها بحدة صدحت فى صوتها الهامس : ممكن توطي صوتك الناس بدأت تتفرج علينا .. انت عايز توصل لإيه باللي بتعمله دا؟
احمد بصرامة : عايزك ترجعي معايا علي المنصورة حالا
أمسكت لسانها في اللحظة الأخيرة حتى لا تشتبك معه ، فلا تنقصها فضيحة أخرى ، فالفضائح التي تلقتها اليوم كانت كافية لها ، لذا أجابت بإستخفاف : مش كل حاجة هتعوزها لازم تحصل
ثبتت بجوابها الغامض سكين مسنون بالحيرة على رقبته ، لكنه رد بعبوس يشوب ملامحه : لا هيحصل انا مش هسيبك تاني هنا لوحدك
_هي مش لوحدها!!
صدح صوت باسم باردًا من خلفهم فإنقبض فك أحمد بشدة حالما التفت إليه ، وهو يشاهد عمر يندفع نحو أبريل ، ويقف بجانبها قبل أن يسأل بحدة : وتطلع مين سيادتك .. يبقي من قرايب ابوكي!!!
_باسم
منعت باسم من الرد بمجرد أن نطقت اسمه بنعومة متعمدة ، وأذهلت من نفسها ، فلم تتوقع أنها ستسعد برؤيته هكذا من قبل ، ربما لأنه جاء في الوقت المثالي لتتحرك تلقائيًا نحوه ، ثم أضافت بنفس النبرة الرقيقة : باسم خطيبي وشبكتنا كمان كام يوم و..
باسم الذي يلعب دور المراقب في هذا المشهد الغامض بالنسبة له ، استطاع أن يلاحظ مدى غضب أحمد الواضح فور أن قاطعها باستهجان مصعوق : نعم خطيبك يعني ايه ؟! ازاي بتفسخي وبتتخطبي كدا علي كيفك من غير ما تعرفي حد من اهلك
ارتفعت حواجب باسم ، وزاد شعوره بالريبة تجاه هذا الشخص قبل أن يخرج عن صمته ، وهو يستفسر بخشونة رجولية : اهلها اللي هما مين .. ويا تري بقي بصفتك ايه تقف وتحاسبها بالعشم دا كله؟!
رد احمد عليه بنبرة أجش واثقة : اهل امها...
ارتسمت على شفتيها الممتلئتين ابتسامة زائفة تخفي الضيق وراءها الذي يستوطن قلبها، وقالت بتوتر حاولت إخفاءه وهي تضغط بخفة على أصابع عمر الذي كان واقفاً هناك لا يفهم شيئاً : دا .. دا ابن خالي يا باسم ..
رفعت فيروزيتها نحو أحمد ، واستطردت بصوتها الواثق ، مصحوبًا بضحكة مرحة : كل حاجة حصلت بسرعة اوي تخيل لسه امبارح كانت هتتحدد قراية فتحتي .. ولسه لسه انا كنت هعرف ستي .. بس مالحقتش ودخلت المستشفي
عقد أحمد حاجبيه بعبوس أكبر من كلامها وحركاتها المدللة نحو هذا الشخص الفارع الطول بجوارها ، مما جعله يشيح بوجهه جانبا دون رد حتى لا يرتكب جريمة القتل العمد فيهم ، فأكملت مبررة بعدم اكتراث : معلش يا باسم .. اصل احمد كان مسافر برا مصر و لسه واصل وبقالنا سنين ما تقابلناش عشان كدا كان مستغرب
هز باسم رأسه وهو يسأل مرتاباً : هو الاغرب الصدفة دي
رد أحمد سريعا ، موجهاً لأبريل رسالة مبطنة بالتحدي : لا كنت جاي مخصوص عشانها من المنصورة .. جدتها بعتتني اجيبها هي مش هتطمن عليها الا لما تشوفها قدامها و..
استقبلت حديثه بذكاء : ستي انا هكلمها و اطمنها عليا .. وكمان عشان اقولها علي معاد شبكتي وتيجي تحضرها..
ابتسمت له متظاهرة بالود ، لكن البرود كان واضحا في صوتها بمجرد إضافتها : صحيح اذا قاعد شوية في مصر ياريت تحضر انت كمان .. وتجيب نادية مراتك معاك هنستناكم
عض أحمد باطن خده بقسوة ، ليردع ردا لاذعا بسبب استفزازها الصريح له ،كان الأمر كما لو أنها ترمي عود ثقاب في فم البركان داخل قلبه ، فتفجرت حمماً حارقة غير مرئية ، العلامة الوحيدة على حالته هي انعكاس نظرته المظلمة التي تعادل طلقات نارية يريد أن يفرغها في صدورهم.
back
غفلت ابريل مكانها من شدة التفكير والارهاق
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في نفس التوقيت بالمنصورة
انطلقت صرخات نادية ، وهي تهرع الي غرفة والدتها : ماما الحقي
انتفضت مرجانة من مكانها ، ونظراتها المذعورة تتوافق مع نبرة صوتها المتسائل : جرا ايه يا بنت المسروعة حرامي نط علينا؟؟
رددت نادية من بين لهاثها : احمد احمد
عقدت مرجانة حاجبيها ، وهتفت بتعجب : يخربيت سنينه ماله المحروس ايه بعتلك ورقتك ولا ايه؟!
نادية بشهقة : لالا تفي من بوقك يا مرجانة .. دا انا لاقيته اتصل بيا يجي اربع مرات لما كنت بحمي زينب .. ولاقيته بيقولي هيجي هنا هو في السكة دلوقتي وعايزني اجهز حاجاتي انا وبس وهنسيب البت معاكي هنا
هزت مرجانة رأسها بعجز أمام جنون ابنتها ، وجلست بتعب وقالت بتشدق ساخر : مش كنت لسه بقولك يا بنت الهبلة اول ما هيكلمك هتروحي تجري عليه
التفتت نادية في حيرة حول نفسها ، رددت كلمات مبعثرة من شدة سعادتها : مش وقته مش وقته يا ماما جوزي جاي يصالحني وانا لسه عايزة اخد دوش والبس
هتفت بريبة من خلفها : استني هنا هو عايز ياخدك لوحدك ليه!! مصيبة يا بت لا يكون ناويلك علي نية سوده
نادية بإستنكار : ماتبطلي تخاريف اخر الليل دي يا مرجانة
مرجانة بخوف : انا مش مطمنة لابن زينب والفار بيلعب في عبي انتي مابتسمعيش عن الجرايم اللي مالية الدنيا يمكن يعمل فيكي حاجة يا بت
نادية بإستعجال : انتي هتقلقيني ليه بس .. يالهوي الوقت بيجري هجيبلك زوزو علي ما اخلص يا ماما
فرت من امامها فور انتهائها من الحديث ، فضربت مرجانة يدًا بيد ، وتمتمت بأنشداه : يا مهبوشة والله انتي اللي هتجيبلي الشلل ربنا يسترها معانا
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في صباح اليوم التالى
داخل شقة ذات طراز حديث
_اسفة يا ريم اني جبتلك بدري كدا بس ماقدرتش استني معاد العيادة .. بجد حاسة اعصابي تعبانة ومابقتش عارفة اعمل ايه .. حاسة اني تايهة
أنهت أبريل كلامها بقشعريرة ، إذ شعرت أنها على وشك الانهيار.
قدمت لها ريم ، الطبيبة النفسية ، فنجانًا من القهوة ليساعدها على الاسترخاء ، وقالت بلطف : اشربي دا هيهديكي
جلست ريم بالمقعد المقابل لها ، قائلة بصوتها الهادئ : شوفي لازم تاخدي المهدأ اللي كتبته ليكي دا هيريحك .. و تواظبي علي كورس التأمل اللي ماشيين عليه عشان تصفي ذهنك والصداع دا يروح..
ابريل مغمغمة : حاضر
رفعت حدقتاها الدامعتين إليها ، وأردفت بتساءل مقلق : بس انتي شايفة اني اتسرعت في فسخ خطوبتي من مصطفي شكلي اتهورت لما عملت كدا وورطت نفسي
خاطبتها بحنان ، في محاولة للتخفيف من القلق الواضح على ملامحها الرقيقة : مش مهم خالص اللي انا شايفة .. المهم اللي انتي حاسة بيه
_انا حاسة ان في حاجة جوايا استريحت بعد ماطلعت كل اللي في قلبي و جرحته .. بس دلوقتي بعد ما هديت حاسة اني قاسية حاسة احساس وحش انا ماشوفتش حاجة وحشة من مصطفي طول السنة اللي عرفته فيها بالعكس كان كويس معايا ..بس فكرة انه يخبي عليا موضوع مهم زي انه متجوز و عنده ولاد صدمتني وخليتني بجرحه من قهرتي وصدمتي فيه .. ياريته هو للي جه و صارحني ..
صمتت لعدة ثواني تجمع أنفاسها المسلوبة ، والعبرات الساخنة تتساقط بهدوء على خديها ، لكنها أكملت بخفوت حزين : بس اللي حسيته من كلام مراته انه ممكن جدا يرجعو لبعض .. وقتها كل احساس بالراحة والامان اللي كنت برسمهم لحياتي معاه اتبخروا .. والاكيد مابقتش اقدر اثق في اي كلام هيقوله ولا قدرت احطله اي اعذار
استمعت إليها ريم باهتمام ، وأعطتها الوقت الكافي لتقول كل ما لديها دون مقاطعة حتى تفرغ شحنة الحزن الذي كان يجثو على صدرها ، بينما تابعت بمرارة تجرح حلقها : دا غير صدمتي في اهلي .. ازاي قدروا يخبوا حاجة مهمة زي دي عليا طول الفترة دي..
زينت شفتي ريم ابتسامة رزينة وهي تقول : اول حاجة احمدي ربنا انك عرفتي كل دا في الوقت المناسب قبل الفاس ماكنت وقعت في الراس واتورطتي ورطة اكبر
واصلت حديثها بنبرة اكثر جدية : ثانيا انتي من جواكي لازم تتقبلي فكرة ان الراجل المتجوز من حقه يتجوز علي مراته دا شرع ربنا وحلال .. بس كمان ربنا سبحانه و تعالي قال حقه يتجوز في حالات معينة .. و لازم يكون الزوجة الاولي عندها علم و التانية عندها علم برده وموافقة تبقي ضرة .. واكيد انا معاكي طبعا في انك مش عايزة تحسي بقلة قيمة ولا عدم كرامة وتقللي من نفسك ولا تسمحي لحد يدوس عليكي .. كل دا تمام بس انتي جرحتي كرامته جدا لما وافقتي علي العريس اللي انتي برده حشرتيه في قصتك من غير اي ذنب
ابريل بمعارضة : ايوه بس هو كمان استغلني يا ريم و...
قاطعتها ريم ، وهي تخبرها بإبتسامة واثقة : وماتنكريش ان جزء كبير منك كان مبسوط بحمايته ليكي رغم افعاله الجريئة معاكي
عضت ابريل شفتيها بحرج ، لتستكمل ريم برزانة : ابريل محدش هيجي من برا يحل مشاكلك يا حبيبتي .. سواء احمد او مصطفي و حتي باسم كمان لازم تواجهيهم وتطلعي اللي جواكي وتبطلي تنسحبي في صمت .. بمعني اصح بطلي تهربي لمجرد ان الدنيا خربت لأن دايما في حلول .. بدل ماتهربي دوري علي حل واتناقشي مرة واتنين يمكن تلاقي اسباب عندهم تعذريهم بيها .. ماتظلميش حد مالوش ذنب في مشاكلك النفسية اللي سببوها مامتك وباباكي ليكي من طفولتك .. انهي كل علاقة فيهم بشكل سليم بعد ماتدي نفسك فرصة تفكري كويس في اللي انتي عايزاه فعلا
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في فيلا الشندويلي
داخل غرفة باسم
استيقظ باسم على صوت رنين هاتفه بإسم خالد ، فأجاب بصوت نائم : الدنيا اتهدت عشان تصحيني من النجمة كدا؟!
انتفض من نومه ، وهو يمسح آثار النعاس عن وجهه براحة يده ، ليتساءل في حيرة مشوشة : بتقول ايه !! مستشفي ايه؟
اتسعت مقلتيه بتفاجئ ، وغمغم بتعجب : حادثة!!
استمع إلى صوته المتعب عبر الهاتف قبل أن يردد بإستنكار : و لميس بتعمل ايه معاك من امبارح يا خالد؟!!
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
عند ابريل
أوقفها صوت رجولي ينادي باسمها فور خروجها من منزل ريم.
التفتت ابريل في ذهول ، لتجد ثلاثة رجال بأجساد عملاقة يحدقون بها بنظرات غامضة قبل أن يشرع أحدهم في التحدث بصوت غليظ رغم هدوءه : تسمحي تتفضلي معانا بهدوء ومن غير شوشرة
تسارع نبضها مع قلق أنجلي من سؤالها بعد أن ابتلعت ريقها بصعوبة : اتفضل معاكو علي فين .. انتو عايزين مني ايه؟!!
أحس الخوف والحذر من نظراتها الشفافة ، فتحدث بنبرة تحذيرية مفعمة بثقة عالية. : مافيش داعي للخوف يا باشمهندسة .. ولأخر مرة بطلب منك بلطف تركبي معانا
مرت سنوات عديدة قارنتها بحماقة بالنساء اللواتي عرفتهن ، النساء اللواتي خذلنك ، والنساء
أولئك الذين خذلتهم...
لقد فات الأوان لإدراك كم كانت مختلفة..
وكم كان حضورها يغنيك عن جميع النساء الأخريات..
مرت سنوات وأنت تفكر مراراً وتكراراً
كيف فقدتها ولماذا رحلت ، وتبحث عن مبررات لهجرانها لك ، ثم تتهمها بالجبن والخيانة رافضاً الاعتراف بأن السبب الحقيقي هو أنت وانك كنت ضعيفا...
أضعف من أن تحتوي امرأة بجنونها وحنانها
تقف الآن مندهشًا أمام امرأة ذات ملامح صلبة
بالماضى كنت ترى ملامحها في وجهك
وضحكتها على شفتيك
وعيونها تتألق في عينيك
كيف يمكنك الآن هزيمة حصونها المنيعة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فى المنصورة
عند أحمد فى منزل زينب
_يعني ايه راحت لأمها من غير ما تعرفني .. ازاي تخرج برا بيتها منها لنفسها كدا تستأذني
زمجر بغضب وبلهجة حادة ، وهو يتحرك بين الأثاث في غرفة المعيشة يكاد أن ينفجر أمام والدته التي كانت تراقبه بتوتر ثم صدح صوتها : استهدي بالله يا احمد يا بني هي برده معذورة
رفع أحمد حاجبيه مستنكرا كلامها الذي لم يعجبه ، معقباً بصوت ساخط : معذورة ايه و قرف ايه بس..
زينب بنبرة معاتبة : ايوه معذورة هي واخدة علي خاطرها و ساكتة وشايلة في قلبها ومابتشتكيش طبيعي يبقي فاض بيها عايزها يعني تقعد محروق دمها و هي عارفة انك رايح ملهوف علي ست ابريل يا ابن بطني
تضخمت عروق حلقه حنقاً عند ذكر سيرتها ، إذ كان لا يزال يشعر بالغضب المشتعل في أوردته ، كلما ترددت كلماتها المسمومة في فضاء عقله ، يضاهي لهيب سيجارته المشتعلة بين أصابعه ، قبل أن سرد عليها بقسوةر، مدركا المعنى الخفي وراء كلماتها : دا مالوش دعوة بدا يا ماما .. ماتخلطيش الامور ببعضها مهما كان السبب ليها راجل تعرفه خط سيرها مش من دماغها تمشي و دا كان بيحصل وانا مسافر مش كدا؟!
سرعان ما أجابت زينب علي سؤاله بالنفى : ابدا ورب الكعبة يا بني دي اول مرة .. هي لا بتروح ولا بتيجي وحتي عدت عليا واستئذنتني ساعتها حتي خالتك كانت عندي لو مش مصدق اتصلك عليها واسألها..
نفث الدخان من سيجارته بضيق ، فهذا هو الشيء الوحيد الآن الذي يجعله يشعر بالصبر قليلاً حتى لا يفعل شيئاً سيندم عليه لاحقاً ، بينما زينب تابعت برجاء : بالله عليك سايق عليك النبي واهل بيته تروح وتراضي مراتك وترجعها لبيتها .. ماتسيبهاش مكسورة الخاطر كدا دي مهما كان مراتك و ام بنتك .. انت لو لفيت الدنيا مش هتلاقي في اصلها ومحبتها ليك
نبس بنبرةٍ هادئة بعض الشيء ، وهو ينهض من مقعده : هشوف ربنا يسهل انا طالع دلوقتي استريح من السفر
سألته بلطف : طيب يا حبيبي مش عايز تاكل لقمة اتلاقيك علي لحم بطنك
_ماليش نفس
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في غرفة ابريل
كانت أصابعها تعبث بوشاح جدتها الحبيبة ، وهي لا تزال مسترخية على ظهرها ، وأفكارها تسبح في بحر مظلم ، لم تكن تتخيل في حياتها أنها ستقع في فخ كهذا ، لتتمركز أفكارها عند اللحظة التي رأته فيها ، حيث كان الأمر بمثابة مفاجأة إضافية لصدمات هذا اليوم الطويل ، لكن بالنسبة لهذا اللقاء على وجه الخصوص ، لم تكن مُستعدة له على الإطلاق ، فهي تشعر بإحساس مثقل بالألم يتغلغل فى قلبها ، وتشكل الدموع الكثيفة سحبًا بلورية فوق عينيها ، كلما تذكرت كلماته.
ألم يكن كافياً إستنزف طاقتها وروحها ، ليأتي ظهوره ويطيح بما تبقى من صمودها الضعيف ، مما يجعل عقلها يستحضر التفاصيل الكاملة لهذا الحدث؟
flash back
منذ بضعة ساعات
داخل سيارة باسم
نظر إليها بزاوية عينه أثناء قيادته ، ثم أشار إليها وهو يتمتم بنبرة آمرة : اربطي الحزام : اربطي الحزام
حاولت سحب حزام الأمان من مكانه ، لكنها لم تنجح لأن أعصابها كانت متوترة ، فقالت بضيق : مش بيطلع معايا
_اوعي ايدك ...
نبس باسم بهدوء بعد أن أوقف السيارة على جانب الطريق ، وانحنى نحوها واضعا حزام الأمان عليها.
أخفضت بصرها بعد أن حبسها بين ذراعيه ، تشعر بمراقبته لملامحها الناعمة بنظرات جعلت نبضها يرتفع من شدة قربه ، بينما لم يفوته الشعور بتوترها ، ليسألها بهمس رجولي خبيث : اومال فين اعصابك
رفعت إليه فيروزيتها ، وأجابت بصوت منخفض ، وعيونها مليئة بالسخرية ، لتغطي خجلها : قطعو تذكرة هجرة علي المريخ من بعد ما شوفتك علي طول
ضحك باسم بلؤم : وزعلانة اكيد عشان مش هتعرفي تحصليهم وباسبورك تحت ايدي
دفعته بعيدا وهتفت بغيظ يلوح في نظرتها ، بالإضافة إلى لهجتها المستنكرة : تصدق انت واحد مستفز
عاد ليجلس منتصبا في مقعده ، مقلما بغطرسة ياقة قميصه ، وهو يمطرها بنظراته الماكرة بعد أن نجح في إغاظتها وإثارة غضبها، وهو ما يروقه جدا.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
بعد فترة قصيرة ، كانا لا يزالان على قارعة الطريق
_ابريل هاتي تليفونك عايز العب عليه جيم
حدقت إبريل عبر المرآة بأسف ، ووجهت حديثها إلى عمر الذي كان يجلس في المقعد الخلفي للسيارة : التليفون مش معايا
أدار الطفل عينيه بضجر ، ثم مد ذراعه إلى الأمام إلى حيث يوجد مشغل الموسيقى في السيارة ، وبسرعة أبعد باسم أصابعه عن الجهاز وهو يحذره ببرود : عيب يا حبيبي
تذمر عمر بملل : زهقان عايز اسمع حاجة تسلينا
تنهد باسم تنهيدة عميقة نشير إلى مدى إرهاقه ، مصاحبة لصوته بالرفض : مفيش حاجة هتشتغل انا مصدع
ساد صمت قصير قبل أن يقطعه عمر الذى قال : عايز اعمل التويلت
باسم ببلاهة : توليت؟!
هز عمر رأسه مؤكدا : ايوه ودلوقتي حالا
وجه باسم نظره الحائر إلى أبريل التي كانت تحبس ضحكتها بصعوبة قبل أن يسألها مستاء : ما انت كنت في المستشفي من عشر دقايق ماعملتهاش هناك ليه
رفع عمر كتفيه ، وأجاب بعفوية استفزت حواس باسم : ماجاش علي بالي .. يلا بسرعة عشان مابعرفش امسك نفسي
ضرب باسم المقود بغضب ، مما جعلها تبتعد عنه قليلا خوفا من ردة فعله ، بينما نظر إليها بحاجب مرفوع وتمتم بتجهم : مش طالعلك صوت ليه ماتشوفي حل ؟!
لوحت ابريل بيديها فى الهواء بإرتباك ، وهتفت بقلة حيلة : اصلها مالهاش غير حل واحد .. ماتفضلش مصدوم كدا .. الحق قبل مايبدلك العربية
أحس بالسخرية في لهجتها ، حك فروة رأسه بعنف ، وتمتم بكلمات غاضبة غير مفهومة ، مما جعل أبريل تضع كفها على فمها لتخفي ضحكاتها حتى لا يتفاقم الموقف اكثر .
بعد مرور فترة وجيزة
تسألت ابريل بذهول ، وهى تلتفت إليه : انت وقفت هنا ليه ..؟
تنقل باسم ببصره خارج السيارة ، وهو يجيبها بفظاظة : بدور علي اي زنق يصرف نفسه فيه
ضيقت ابريل عيناها بإستنكار ، وهدرت بتوبيخ : انت اتهبلت عايزو يعمل كدا في الشارع .. وعاملي فيها مخرج و شياكة و حركات طلعت بتتصرف زي الكلاب والقطط في الخربات
اقترب منها لا إرادياً ، وهو يشعر بأنه على حافة الجنون ، تقلصت ملامحها وهو يزمجر باستياء ، مشيراً إلى أنفه : عايزاني اعمل ايه يعني!؟ انا روحي بقت هنا منك ومش مستحمل اسمع صوت كفاية اللي استحملته منك لحد دلوقتي فاا لسانك هيطول كمان هـ...
قاطع عمر تلك المشاجرة بينهما ، مذكراً اياهم بتذمر طفولى : ممكن تتخانقو وقت تاني انا عايز اروح التويلت دلوقتي هنعمل ايه
نظر إليه باسم بانزعاج ، قبل أن يقلب عينيه عليها عندما قالت باحتجاج عنيد يتناقض مع ارتعاشها الداخلي خوفاً من فورة غضبه : مبدأيا كدا ماتشوحليش في وشي تاني وايدك تفضل جنبك لو سمحت .. و بعدين ما الماركات في كل حتة اقف عند اي ماركت قريب مش قصة هي
تجاهلها متمتماً بإستشاطة : اللهم طولك يا روح
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور دقائق
داخل إحدى متاجر التسوق
دخل باسم عنوة إلى دورة مياه الرجال مع الطفل الصغير بعد مشاجرة كلامية مع خالته صعبة المراس ، التي سارت بين الرفوف العالية تتفحص مختلف المنتجات بذهن شارد ، حتى سمعت صوتا ينادي باسمها جعل جسدها يتسمر مكانه بسبب وقع الصدمة ، ثم استدارت تزامناً مع حبسها أنفاسها فور ان وجدت حالها تواجه أحمد مباشرة الذى قال بصوت منخفض أجش : لسه علي عنادك ومش عايزة تتحجب
رمشت بعينها دون أن تركز على أقواله ، وكأنها جاءت من بعيد ، وشعرت أن لسانها مقيّد من الدهشة التي سيطرت على ملامحها الجميلة ، لم تصدق أنها ترأه واقفاً أمامها ، وهو يطوف ملامحها ، وعيناه تلمعان بلهفة ، ليتحدث بنبرة تشتعل في ثناياها بنيران حنينه الغامر : وحشتيني يا توته .. وحشني كل حاجة فيكي رغم ان كلك علي بعضك مطبوعة بختم من نار جوا قلبي اللي مابيفكرش غير فيكي
تغيرت ملامحها المشدوهة إلى حجرية ، وهي تخرج من عباءة الصمت لتسأل بحاجب مرفوع : احمد!!! انت هنا بتعمل ايه؟
ظهرت على وجهه ابتسامة ساحرة ، وهو يميل رأسه إلى الجانب ، وينظر إليها بعمق وشوق كبير فأضافت أبريل بثقة : دي مش صدفة انت...
بلل شفتيه بطرف لسانه ، ليرد بهدوء : جيت وراكي من المستشفي علي هنا
عاودت ابريل تسأل ، وهي لا تزال تشعر بالريبة نحوه : و ازاي عرفت مكاني اصلا؟
احمد بإختصار : اللي شغالين في بيت ابوكي
أومأت ابريل بفهم ، فأردف بإهتمام ممتزج بالحيرة : انا اللي عايز افهم ايه اللي حصلك خلاكي تدخلي المستشفي و ازاي يكتبو عنك كلام زي دا مين اللي عمل كدا!!؟
زفرت الهواء بتهمل ، لتفرغ رئتيها بعد أن أحست بضيق فيها وردت بنبرة ثقيلة الحروف : شوية تعب وراحو لحالهم .. وبخصوص المكتوب .. بإختصار انا ومصطفي فسخنا الخطوبة و منافسين له هما سربوا الخبر دا بالقصد عشان يبوظوا شغل مصطفي يعني مجرد اشاعات و اتكذبت خلاص
_مين اللي كان خارج شايلك من المستشفى؟!!!
طفى غضبها على السطح فى سؤالها المتبادل بغطرسة : وانت دخلك ايه؟!
دحرجت قلبه داخل فوهة بركان على وشك الانفجار بمجرد سماعه ردها ، نفث شيطان الغيرة النار على بارود أفكاره المتضاربة ، ليهتف بإصرار شديد : محدش له دخل بيكي قدي و مش دا المكان اللي هناقش فيه كلام زي دا .. بس دي الناهية يا ابريل انا سيبتك براحتك كتير اوي .. كفاية لحد كدا انتي مالكيش مكان عند فهمي وهترجعي معايا ابعدي عن القرف دا كله بقي كفاياكي عناد .. احنا هنتجوز واعملك فرح ماتعملش لبنت قبلك وهتعيشي معززة مكرمة معايا وهحميكي منهم واذا علي نادية مش هتحسي بوجودها نهائي في حياتنا انا بوعدك
انفلتت منها ضحكة ساخرة ، ليعقد حاجبيه بإنزعاج ، بينما تقول هي بإستنكار : انت بناءا علي ايه بتخطط و ترسم مسارات لحياتي و عايز تنفذها كمان .. انت مين قالك اصلا اني لسه بفكر فيك او عايزاك يا احمد .. احنا انتهينا من سنين
تلألأ العذاب داخل عدستيه ، وقال بصوت مخنوق : دي جزاتي دا اللي استاهلو منك عشان بحبك ولسه عايزك يا ابريل
صرخة رفض مع شعور غريب بالنفور ارتفع في أعماقها و ظهر فى صوتها بمجرد أن هسهست بقوة نابعة من قلب مقهور : انت لا عمرك حبتني ولا قدرت تعرفني كويس .. كل مرة بنتكلم فيها بتأكدلي انك ماتفرقش حاجة عن ابويا .. نفس انانيته بالظبط
تنبهت حواسه لحديثها الذى جعل أنفاسه تتضارب في صدره ، ولأول مرة يجد صورته تنعكس في عينيها بهذا التعكر والقتامة نضحت في قولها بصوت زاخر بالخيبة : ولأخر مرة بقولك ماتدخلش في حياتي بأي شكل .. اللي اتخلي عني زمان مستحيل اصدق انه هيبقي ليا دلوقتي سند
صعقت من وقاحته بمجرد أن منعتها قبضته من الفرار ، فارتبكت أنفاسها أمام نظراته السوداء الغاضبة قبل أن يهسهس بحدة خطيرة : رايحة علي فين .. ايه الكام سنة اللي عشتيهم مع ابوكي نسوكي سنين عمرك كله في حضني ..
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
خرج عمر من المرحاض ، وهو يهندم ملابسه قائلا بإبتسامة : علي فكرة انت عجبتني
باسم بعدم فهم : عجبتك في ايه؟!
أخبره عمر بحماس مقلداً اياه : لما ضربت اونكل مصطفي كنت جامد اوي .. بتعملها ازاي دي
باسم بضحكة : انت شمتان فيه كدا ليه .. مابتحبوش ولا ايه؟!
عمر بتعبيرات عابسة : لا مابحبوش .. هتعلمني الحركة دي
ضيق عيناه بشكل غريب من تلك النخزة المفاجئة التي أصابت قلبه بالانزعاج ، حاول أن يصرفها بسرعة وهو يداعب شعر الصبي بخفة ، ويحثه على الحركة وهو يتمتم بهدوء : هعلمهالك يا لمض زي خالتك
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
عند ابريل
سرعان ما استعادت وعيها ، وأزاحت يده وارتدت خطوتين إلى الوراء ، وقالت بين أسنانها بصوت منخفض لا يسمعه إلا هو : مش هسمحلك تشقلبلي حياتي .. لمجرد اني جيت علي بالك فجأة وجاي تشوفني .. لأخر مرة بقولك بالذوق امشي من هنا وسيبني في حالي
تجاهل حديثها بالكامل ، وأبرز الضوء علي الكلمة الأخيرة ، ممسكاً معصمها وهو يتحدث بجنون ، لعله ينجح في كسر الجليد الذي يغلف مشاعرها تجاهه : انا حالك .. مين بقي حالك غيري .. ماتردي مين؟ انتي ماحبتيش غيري يا ابريل و بطلي تعملي عبيطة انتي متأكدة اني هسيبك بالبساطة دي
ابعدت يده عنها بحدة صدحت فى صوتها الهامس : ممكن توطي صوتك الناس بدأت تتفرج علينا .. انت عايز توصل لإيه باللي بتعمله دا؟
احمد بصرامة : عايزك ترجعي معايا علي المنصورة حالا
أمسكت لسانها في اللحظة الأخيرة حتى لا تشتبك معه ، فلا تنقصها فضيحة أخرى ، فالفضائح التي تلقتها اليوم كانت كافية لها ، لذا أجابت بإستخفاف : مش كل حاجة هتعوزها لازم تحصل
ثبتت بجوابها الغامض سكين مسنون بالحيرة على رقبته ، لكنه رد بعبوس يشوب ملامحه : لا هيحصل انا مش هسيبك تاني هنا لوحدك
_هي مش لوحدها!!
صدح صوت باسم باردًا من خلفهم فإنقبض فك أحمد بشدة حالما التفت إليه ، وهو يشاهد عمر يندفع نحو أبريل ، ويقف بجانبها قبل أن يسأل بحدة : وتطلع مين سيادتك .. يبقي من قرايب ابوكي!!!
_باسم
منعت باسم من الرد بمجرد أن نطقت اسمه بنعومة متعمدة ، وأذهلت من نفسها ، فلم تتوقع أنها ستسعد برؤيته هكذا من قبل ، ربما لأنه جاء في الوقت المثالي لتتحرك تلقائيًا نحوه ، ثم أضافت بنفس النبرة الرقيقة : باسم خطيبي وشبكتنا كمان كام يوم و..
باسم الذي يلعب دور المراقب في هذا المشهد الغامض بالنسبة له ، استطاع أن يلاحظ مدى غضب أحمد الواضح فور أن قاطعها باستهجان مصعوق : نعم خطيبك يعني ايه ؟! ازاي بتفسخي وبتتخطبي كدا علي كيفك من غير ما تعرفي حد من اهلك
ارتفعت حواجب باسم ، وزاد شعوره بالريبة تجاه هذا الشخص قبل أن يخرج عن صمته ، وهو يستفسر بخشونة رجولية : اهلها اللي هما مين .. ويا تري بقي بصفتك ايه تقف وتحاسبها بالعشم دا كله؟!
رد احمد عليه بنبرة أجش واثقة : اهل امها...
ارتسمت على شفتيها الممتلئتين ابتسامة زائفة تخفي الضيق وراءها الذي يستوطن قلبها، وقالت بتوتر حاولت إخفاءه وهي تضغط بخفة على أصابع عمر الذي كان واقفاً هناك لا يفهم شيئاً : دا .. دا ابن خالي يا باسم ..
رفعت فيروزيتها نحو أحمد ، واستطردت بصوتها الواثق ، مصحوبًا بضحكة مرحة : كل حاجة حصلت بسرعة اوي تخيل لسه امبارح كانت هتتحدد قراية فتحتي .. ولسه لسه انا كنت هعرف ستي .. بس مالحقتش ودخلت المستشفي
عقد أحمد حاجبيه بعبوس أكبر من كلامها وحركاتها المدللة نحو هذا الشخص الفارع الطول بجوارها ، مما جعله يشيح بوجهه جانبا دون رد حتى لا يرتكب جريمة القتل العمد فيهم ، فأكملت مبررة بعدم اكتراث : معلش يا باسم .. اصل احمد كان مسافر برا مصر و لسه واصل وبقالنا سنين ما تقابلناش عشان كدا كان مستغرب
هز باسم رأسه وهو يسأل مرتاباً : هو الاغرب الصدفة دي
رد أحمد سريعا ، موجهاً لأبريل رسالة مبطنة بالتحدي : لا كنت جاي مخصوص عشانها من المنصورة .. جدتها بعتتني اجيبها هي مش هتطمن عليها الا لما تشوفها قدامها و..
استقبلت حديثه بذكاء : ستي انا هكلمها و اطمنها عليا .. وكمان عشان اقولها علي معاد شبكتي وتيجي تحضرها..
ابتسمت له متظاهرة بالود ، لكن البرود كان واضحا في صوتها بمجرد إضافتها : صحيح اذا قاعد شوية في مصر ياريت تحضر انت كمان .. وتجيب نادية مراتك معاك هنستناكم
عض أحمد باطن خده بقسوة ، ليردع ردا لاذعا بسبب استفزازها الصريح له ،كان الأمر كما لو أنها ترمي عود ثقاب في فم البركان داخل قلبه ، فتفجرت حمماً حارقة غير مرئية ، العلامة الوحيدة على حالته هي انعكاس نظرته المظلمة التي تعادل طلقات نارية يريد أن يفرغها في صدورهم.
back
غفلت ابريل مكانها من شدة التفكير والارهاق
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في نفس التوقيت بالمنصورة
انطلقت صرخات نادية ، وهي تهرع الي غرفة والدتها : ماما الحقي
انتفضت مرجانة من مكانها ، ونظراتها المذعورة تتوافق مع نبرة صوتها المتسائل : جرا ايه يا بنت المسروعة حرامي نط علينا؟؟
رددت نادية من بين لهاثها : احمد احمد
عقدت مرجانة حاجبيها ، وهتفت بتعجب : يخربيت سنينه ماله المحروس ايه بعتلك ورقتك ولا ايه؟!
نادية بشهقة : لالا تفي من بوقك يا مرجانة .. دا انا لاقيته اتصل بيا يجي اربع مرات لما كنت بحمي زينب .. ولاقيته بيقولي هيجي هنا هو في السكة دلوقتي وعايزني اجهز حاجاتي انا وبس وهنسيب البت معاكي هنا
هزت مرجانة رأسها بعجز أمام جنون ابنتها ، وجلست بتعب وقالت بتشدق ساخر : مش كنت لسه بقولك يا بنت الهبلة اول ما هيكلمك هتروحي تجري عليه
التفتت نادية في حيرة حول نفسها ، رددت كلمات مبعثرة من شدة سعادتها : مش وقته مش وقته يا ماما جوزي جاي يصالحني وانا لسه عايزة اخد دوش والبس
هتفت بريبة من خلفها : استني هنا هو عايز ياخدك لوحدك ليه!! مصيبة يا بت لا يكون ناويلك علي نية سوده
نادية بإستنكار : ماتبطلي تخاريف اخر الليل دي يا مرجانة
مرجانة بخوف : انا مش مطمنة لابن زينب والفار بيلعب في عبي انتي مابتسمعيش عن الجرايم اللي مالية الدنيا يمكن يعمل فيكي حاجة يا بت
نادية بإستعجال : انتي هتقلقيني ليه بس .. يالهوي الوقت بيجري هجيبلك زوزو علي ما اخلص يا ماما
فرت من امامها فور انتهائها من الحديث ، فضربت مرجانة يدًا بيد ، وتمتمت بأنشداه : يا مهبوشة والله انتي اللي هتجيبلي الشلل ربنا يسترها معانا
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في صباح اليوم التالى
داخل شقة ذات طراز حديث
_اسفة يا ريم اني جبتلك بدري كدا بس ماقدرتش استني معاد العيادة .. بجد حاسة اعصابي تعبانة ومابقتش عارفة اعمل ايه .. حاسة اني تايهة
أنهت أبريل كلامها بقشعريرة ، إذ شعرت أنها على وشك الانهيار.
قدمت لها ريم ، الطبيبة النفسية ، فنجانًا من القهوة ليساعدها على الاسترخاء ، وقالت بلطف : اشربي دا هيهديكي
جلست ريم بالمقعد المقابل لها ، قائلة بصوتها الهادئ : شوفي لازم تاخدي المهدأ اللي كتبته ليكي دا هيريحك .. و تواظبي علي كورس التأمل اللي ماشيين عليه عشان تصفي ذهنك والصداع دا يروح..
ابريل مغمغمة : حاضر
رفعت حدقتاها الدامعتين إليها ، وأردفت بتساءل مقلق : بس انتي شايفة اني اتسرعت في فسخ خطوبتي من مصطفي شكلي اتهورت لما عملت كدا وورطت نفسي
خاطبتها بحنان ، في محاولة للتخفيف من القلق الواضح على ملامحها الرقيقة : مش مهم خالص اللي انا شايفة .. المهم اللي انتي حاسة بيه
_انا حاسة ان في حاجة جوايا استريحت بعد ماطلعت كل اللي في قلبي و جرحته .. بس دلوقتي بعد ما هديت حاسة اني قاسية حاسة احساس وحش انا ماشوفتش حاجة وحشة من مصطفي طول السنة اللي عرفته فيها بالعكس كان كويس معايا ..بس فكرة انه يخبي عليا موضوع مهم زي انه متجوز و عنده ولاد صدمتني وخليتني بجرحه من قهرتي وصدمتي فيه .. ياريته هو للي جه و صارحني ..
صمتت لعدة ثواني تجمع أنفاسها المسلوبة ، والعبرات الساخنة تتساقط بهدوء على خديها ، لكنها أكملت بخفوت حزين : بس اللي حسيته من كلام مراته انه ممكن جدا يرجعو لبعض .. وقتها كل احساس بالراحة والامان اللي كنت برسمهم لحياتي معاه اتبخروا .. والاكيد مابقتش اقدر اثق في اي كلام هيقوله ولا قدرت احطله اي اعذار
استمعت إليها ريم باهتمام ، وأعطتها الوقت الكافي لتقول كل ما لديها دون مقاطعة حتى تفرغ شحنة الحزن الذي كان يجثو على صدرها ، بينما تابعت بمرارة تجرح حلقها : دا غير صدمتي في اهلي .. ازاي قدروا يخبوا حاجة مهمة زي دي عليا طول الفترة دي..
زينت شفتي ريم ابتسامة رزينة وهي تقول : اول حاجة احمدي ربنا انك عرفتي كل دا في الوقت المناسب قبل الفاس ماكنت وقعت في الراس واتورطتي ورطة اكبر
واصلت حديثها بنبرة اكثر جدية : ثانيا انتي من جواكي لازم تتقبلي فكرة ان الراجل المتجوز من حقه يتجوز علي مراته دا شرع ربنا وحلال .. بس كمان ربنا سبحانه و تعالي قال حقه يتجوز في حالات معينة .. و لازم يكون الزوجة الاولي عندها علم و التانية عندها علم برده وموافقة تبقي ضرة .. واكيد انا معاكي طبعا في انك مش عايزة تحسي بقلة قيمة ولا عدم كرامة وتقللي من نفسك ولا تسمحي لحد يدوس عليكي .. كل دا تمام بس انتي جرحتي كرامته جدا لما وافقتي علي العريس اللي انتي برده حشرتيه في قصتك من غير اي ذنب
ابريل بمعارضة : ايوه بس هو كمان استغلني يا ريم و...
قاطعتها ريم ، وهي تخبرها بإبتسامة واثقة : وماتنكريش ان جزء كبير منك كان مبسوط بحمايته ليكي رغم افعاله الجريئة معاكي
عضت ابريل شفتيها بحرج ، لتستكمل ريم برزانة : ابريل محدش هيجي من برا يحل مشاكلك يا حبيبتي .. سواء احمد او مصطفي و حتي باسم كمان لازم تواجهيهم وتطلعي اللي جواكي وتبطلي تنسحبي في صمت .. بمعني اصح بطلي تهربي لمجرد ان الدنيا خربت لأن دايما في حلول .. بدل ماتهربي دوري علي حل واتناقشي مرة واتنين يمكن تلاقي اسباب عندهم تعذريهم بيها .. ماتظلميش حد مالوش ذنب في مشاكلك النفسية اللي سببوها مامتك وباباكي ليكي من طفولتك .. انهي كل علاقة فيهم بشكل سليم بعد ماتدي نفسك فرصة تفكري كويس في اللي انتي عايزاه فعلا
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
في فيلا الشندويلي
داخل غرفة باسم
استيقظ باسم على صوت رنين هاتفه بإسم خالد ، فأجاب بصوت نائم : الدنيا اتهدت عشان تصحيني من النجمة كدا؟!
انتفض من نومه ، وهو يمسح آثار النعاس عن وجهه براحة يده ، ليتساءل في حيرة مشوشة : بتقول ايه !! مستشفي ايه؟
اتسعت مقلتيه بتفاجئ ، وغمغم بتعجب : حادثة!!
استمع إلى صوته المتعب عبر الهاتف قبل أن يردد بإستنكار : و لميس بتعمل ايه معاك من امبارح يا خالد؟!!
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
عند ابريل
أوقفها صوت رجولي ينادي باسمها فور خروجها من منزل ريم.
التفتت ابريل في ذهول ، لتجد ثلاثة رجال بأجساد عملاقة يحدقون بها بنظرات غامضة قبل أن يشرع أحدهم في التحدث بصوت غليظ رغم هدوءه : تسمحي تتفضلي معانا بهدوء ومن غير شوشرة
تسارع نبضها مع قلق أنجلي من سؤالها بعد أن ابتلعت ريقها بصعوبة : اتفضل معاكو علي فين .. انتو عايزين مني ايه؟!!
أحس الخوف والحذر من نظراتها الشفافة ، فتحدث بنبرة تحذيرية مفعمة بثقة عالية. : مافيش داعي للخوف يا باشمهندسة .. ولأخر مرة بطلب منك بلطف تركبي معانا