رواية جوازة ابريل الجزء الثاني الفصل الخامس عشر 15 بقلم نورهان محسن
الفصل الخامس عشر (توثيق اللحظة) رواية جوازة ابريل 2
لم يكسرني اكتشاف أن الوجهة كانت خاطئة ، بل الوقت الذي قضيته أمشي فى طريق كنت أظن أنه صحيح ، وطغت الصدمة على ملامحي عندما أدركت مدى حماقتي في اختياراتي ، كم كنت مندفعة وساذجة حينما صدقت أكاذيبهم المنمقة ، كم أخطأت عندما سمحت بتكرار الأخطاء ، لكن من هذه اللحظة فصاعدا ، سأرفض الأشياء التي تحطم قلبي ، والأشياء التي تجرحني ، والأشخاص الذين يتعمدون إيذائي ، سأتقن لغة التمرد وسأختار الانسحاب من المعارك الخاسرة ، ولن أهتم بمن يتهمني بالأنانية وحب الذات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد فترة وجيزة
عند هالة
خرجت هالة من الحمام ، لترى فريد واقفًا بجوار الباب ومتكئًا على الحائط ، وحالما لاحظ طلوعها تقدم منها متأملاً ملامحها الناعمة التي شابها شحوب طفيف بعد أن غسلت وجهها بالماء البارد عدة مرات لتمحو آثار البكا ء، لكن عينيها الزرقاوين كانتا كالنافذتين الشفافتين تعكسان له مدى ضيقها من الذى حدث منذ قليل ، وما شاهده حين خرج من باب المستشفى عازما على الذهاب إلى منزله ، إلا أنه وقف مترددا في التدخل حتى رآه يسحبها بالقوة من ذراعها ، حينئذ لم ينجح في السيطرة على حاله وهرع نحوهما تلقائياً.
افاق فريد من أفكاره محمحماً بهدوء : انتي كويسة
أجابت هالة بصوت رقيق ، متجنبة النظر إليه : الحمدلله تمام
_طيب اتفضلي
حدقت هالة في يده الممدودة بفنجان القهوة ، قبل أن ترفض بأدب : دا بتاعك .. شكرا!!
لم ينكر استنتاجها ، بل فضل عدم إخبارها بأنه أرسل إحدى الممرضات خصيصا لإحضار القهوة لمساعدتها على الهدوء ليخبرها بحزم حنون : امسكي .. انتي محتاجاه اكتر مني
فريد بمرح : ماتقلقيش ماشربتش منه ولسه سخن لحسن حظك
أمسكت به بين يديها ، قائلة بضحكة ناعمة أبرزت جمالها الهادئ : شكرا
أغمضت هالة عيناها ، بينما ترتشف منه قليلاً مستحسنة مذاقه قبل أن تستمع إلى رنين هاتفها في جيب معطفها الطبي ، لكنها فضلت تجاهله ، إذ ليس لديها الآن القدرة على الرد على أحد ، وهذا ما إستشعره ، مما جعله يقترح عليها بلباقة : تحبي نقعد في الكافيتريا شوية وبالمرة تعزميني علي قهوة تانية
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
أثناء ذلك
داخل غرفة ابريل بالمستشفي
قاطع باسم تحليل أفكارها ، وقبل أن تدرك أي شيء ، وجدته يندفع مثل السهم النارى نحو مصطفى بعد أن تخلى عن آخر ذرة من سيطرته على أعصابه ، مسدداً له لكمة قوية أطاحت بفكه إلى جانب الآخر ، وهو يجلجل بلكنة غاضبة : و دي مني عشان تهدد كويس
_دا انت طلعت مش بس بتعرف تاخد البنات علي خوانة يا ابن الشندويلي؟!
قال مصطفى مستهزئاً بغضب متألم ، وهو يمسح الدم من فمه بطرف إبهامه ، و بحركة خاطفة رد له الضربة بقوة فتأوه الأخر من شدة الألم بأنفه في حين جحظت عيناى ابريل بذعر وهى ترى هجوم كلاهما على الأخر بغل وشراسة لتتحرك نحوهم بحذر
_حاسبي يا ابريل ماتقربيش خليكي بعيد
صاح يوسف بهذه الجملة ، مشيراً إليها بعدم الاقتراب : بس كفاية هتلمو علينا الناس
في خضم صراعهم ، تلقى يوسف نصيباً من الضرب ، وهو يُقحم نفسه في هذه الفوضى العارمة وسط إهاناتهما اللاذعة المتبادلة ، وصرخات أبريل المرتعبة ، التي تراجعت فى إحدى زوايا الغرفة ، قبل أن ترى اندفاع عز الدين الذي هرول تاركاً والدته واقفة مع ريهام وسلمى تنتفض قلوبهم فزعاً من الأصوات العالية في الداخل.
في اللحظة التالية نجح عز ويوسف في فض الاشتباك بصعوبة ، بينما حاول باسم تخلص من ذراعى عز ، مشيرا لمصطفى بسبابته فى تحذير ، وهو يصيح بصرامة غاضبة : دي حاجة بسيطة من اللي هتشوفه علي ايدي اذا اتعديت حدودك تاني واتعرضتلها بحرف يا خسيس
دوت كلمات مصطفى النارية بصوت حاقد ردا عليه : وانا اقسم بعزة وجلالة الله ماهسيبك الا لما ادفعك تمن اللي عملته دا غالي يا ***** .. وساعتها مفيش مخلوق هيرحمك من اللي هعمله فيك
إحتدت ملامحه بنظرة ازدراء من رماديتيه القاسيتين هاتفاً بصوت حاد متحفز إلى الإنقضاض عليه مجدداً : شكل لسانك واخد علي التهديد وخلاص .. لاخر مرة هحذرك بلاش تختبر صبري..
انقطعت كلمات باسم ، تزامنا مع صوت الباب يغلق بقوة ، ليلفت انتباه الجميع ، أعقبه زمجرة صلاح بصوت عال وهو يردد محذرا : هيطلبولنا الشرطة لو ماوقفتوش شغل البلطجية اللي بتعملوه في بعض دا؟!
اشتدت لهيب أنفاسه الحارقة ، وهو ينفض يدي يوسف عنه ، ويزمجر منذرًا إياه بحدة : حساب ابنك تقل معايا اوي يا صلاح .. وكلمة منه كمان اقسم بالله مش هبقي ضامن نفسي
ارتفعت زاوية فم باسم بابتسامة ساخرة ، وهو ينظر إليه بتحدي سافر ، مما جعل نبيل يتدخل في النقاش الذي دلف بعد صلاح بقليل مناشداً صوت العقل برأس إبنه : صلي علي النبي يا مصطفي .. عصبيتك دي انت اول حد يضر منها .. يلا خلينا نطلع من هنا قبل ما نبقي فرجة للناس اكتر من كدا
صلاح بوقار وثبات : نبيل .. من فضلك هات ابنك وهنخرج نتفاهم برا ونحل الموضوع
_مفيش تفاهم .. والاهانة اللي حصلت دي مش هتعدي مرور الكرام
ما إن انتهى من كلامه المليء بالامتعاض ، حتى خرج من الغرفة بعد أن حدق بها بسواديتيه الملتهبة بنيران الغضب فى لحظات مرت كالدهر عليها ، بسبب شدة خوفها منه.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى ذات الوقت
فى كافيتريا المستشفي
وضعت فنجان القهوة الفارغ على الطاولة ، وفركت جبهتها منهكة من قلة النوم ، ليسألها بعذوبة : اطلبلك قهوة تانية
رفضت هالة بلطافة قبل أن تعرب عن خالص شكرها : لا ميرسي اوي .. وشكرا علي اللي عملته
منحها إبتسامة عذبة قبل أن يرد بصوته الواثق : مفيش داعي للشكر القصة بسيطة .. بس مقدرتش افضل واقف بتفرج خصوصا ان الممرضات عينهم كانت عليكم
انشغلت هالة فى التفكير بكلامه الذي ملأ صدرها بالضيق ، ثم قالت بسخرية مريرة : حقهم يكلمو .. مش حدث هيحصل كل يوم ان دكتورة تتخطب بليل وتفسخ خطوبتها تاني يوم الصبح
إلتمع الإعجاب في عسيلته برقتها المعهودة التي سرقت لبه ، بينما زرقاوتيها الغامرتين بحزن ، جعلت شرارة من الجحيم تنفث لهيبها في صدره ، فنفض من ذهنه تلك الأفكار ، متحدثاً بجدية تليق به : طالما مقتنعة باللي عملتيه خلاص .. كدا كدا الناس هتتكلم
هزت هالة رأسها تأييدا ، وقد اغرورقت عيناها بالدموع ، فمسحتهما بسرعة قائلة بصوت منخفض : فعلا .. بس جايز عيبنا اننا مش بنقدر نعترف اننا فشلنا وهو دا سبب محاولتنا الكتير في حاجة عارفين نتيجتها كويس بس مع ذلك عمالين بنحاول جايز حاجة تتغير
تحولت أفكار فريد تلقائيا إلى خطيبته ، التي استمر في محاولات عديدة معها لتغيير أفكارها ، لكن لم يفلح فى ذلك ، فزفر الهواء بقوة وهو يمسد بأصابعه على عينيه المنهكتين قبل أن يهمس بخفوت : مفيش انسان بيتغير الا اذا كان القرار نابع من جواه هو
_فريد
تصلب فريد مكانه للحظات قبل أن يرفع رأسه إلى مصدر الصوت الناعم الذي ينادي باسمه ، ليجد أنها قد خرجت من أفكاره ، متجسدة أمامه بهيئة باكية ، مصحوبة بكلماتها المتقطعة وهى تلقي بنفسها فجأة بين أحضانه ، متشبتة برقبته بكلتا ذراعيها ، مرددة ببكاء : حبيبي .. انت كويس .. جرالك حاجة!!
انتصب واقفا من مقعده قبل ان يتساءل بدهشة : هدير!! انتي جيتي هنا ازاي؟
ارتمت بأحضانه علي حين غرة متعلقة بكلتا ذراعيها فى رقبته ، مرددة ببكاء : انا خوفت اوي .. كنت هموت من الخوف عليك اوي يا فريد
تشنج جسد فريد بتوتر من فعلها الجريئة ، خاصة عندما اتجهت الأنظار إليهم ، فوضع يديه على ذراعيها ولإنزالهما من رقبته برفق.
مررت هدير يدها على ذراعه المصابة دون قصد فصدرت عنه تأوهاً متألم : اااه
ابتعدت هدير سريعاً عنه فوراً ، وهي تقول بفزع ، وكل خلية فيها ترتعد خوفاً عليه : سوري والله .. اسفة خالص ايدك بتوجعك
أجاب فريد بابتسامة ممزوجة بقلة حيلة ، وهو يربت على خدها الناعم : خلاص اهدي اهدي انا كويس قدامك مفيش حاجة
لعقت هدير طرف شفتيها بتوتر قبل أن تنبس بصوت خجول ممتزج بالندم : ماتزعلش يا فريد .. دي اخر مرة هزعلك فيها .. انت ماتعرفش خوفت عليك .. مش هقدر اتحمل يجرالك حاجة بسببي
_متخافيش جت سليمة دك...
أدار فريد رقبته بتلقائية فوجد مقعد هالة خالياً ، فحرك نظره في أرجاء المكان ، ولم يجد لها أثرا ، بينما كانت هالة منذ عدة دقائق تشاهد ذلك المشهد في صمت تام رافضة إصدار أي صوت حتى لا تقاطعهم ، وهناك شعور بالحسد والحزن يرتجف في وجدانها ، لوجود هذه الفتاة اليافعة مع شخصية مثل فريد مزجت بين الرصانة والحنان ، لتشعر بالحرج وهى تنهض بهدوء شديد ، تغادر الكافتيريا قبل أن يلاحظوها.
قرأت هدير بعيناها الحيرة على وجهه ، لتستفهم بتساؤل. : في حاجة!!
هز فريد رأسه نافيا ، وتمتم بخفوت : ها .. لا مفيش
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور بضعة دقائق
كانت إبريل تجلس على السرير ، شاحبة الوجه ، مطرقة رأسها إلى الأسفل ، وتتساقط العبرات من عينيها لا شعورياً نتيجة انزعاجها وقهرها المتزايدين من تفاقم الوضع الذى أوقعت نفسها به ، بالإضافة إلى ثورة مصطفى فى النقاش الذي تحول إلى معركة دامية ، لكن ما أزعجها حقًا هو انهيار أعصابها أمام الجميع الذى يتأملوا في ضعفها الآن ، فى حين من الصعب عليها أن تخلو بنفسها ، وكم كرهت هذا الشعور بشدة.
_ماتعيطيش يا ابريل .. خلاص اونكل مصطفي مشي
أيقظها عمر من أفكارها حالما ربت على ركبتها بمواساة بريئة ، لتبتسم له بمرارة تسري كالسم في خلاياها ، وهي تمسح دموعها بكفيها ، تزامنا مع انتباه باسم محدقاً بها بحاجبين عابسين.
اجتاحه شعور بالانزعاج بمجرد أن رأى وجهها الباهت بهلع ، لم تشعر بقدميه تقتربان منها بسرعة خاطفة ، إذ فوجئت به يضع أطراف أصابعه تحت ذقنها ، لتجحظ عيناها الحمراوتين بدهشة وديعة بعد أن رفع وجهها إليه.
التقت نظراتها الواهنة بعينيه التى تتلألأ ببريق غامض ، لعدة ثواني متأملاً بحبات اللؤلؤ المتناثرة على وجنتيها ، ثم صعد بإبهامه يمسحها برقة بالغة ، أثارت هذه الحركة البسيطة مشاعر دافئة تغلبت على البرودة التي كانت تسيطر على كيانها منذ لحظات.
انفرجت ابريل شفتاها المرتجفة ، وتجمدت عيناها على خط الدم المتدفق من فمه ، واغتال قلبها شعور بالذنب ، لتكسر الصمت منتفضة ، وهي تشير إليه بصوت مذعور يرافقه بحة طفيفة : انت كويس في دم هنا
رفع باسم أصابعه تلقائيا ، وتحسس زاوية فمه ، عاقداً جبهته وهو ينظر إلى قطرات الدم على إصبعه ، مهدئاً إياها بهمس : ماتقلقيش انا كويس دا جرح صغير
قاطعت ريهام التواصل البصرى بينهم فور أن أدخلت نفسها بسرعة في الحديث ، ناطقة باهتمام ، وعيناها الحادتان تشعان بالغيرة : ايه هو اللي صغير شفتك شكلها اتفتحت .. خلينا نطلع نشوف دكتور يشوفك احسن
اومأت إبريل تأييدًا لذلك الاقتراح ، تزامنا مع التقطها أحد المناديل من داخل حقيبتها ، وسلمته إليه فوضعه على فمه دون أن يظهر على ملامحه تعبير محدد أو شعور بالألم ، ثم تمتم بعد برهة : هروح اغسل وشي .. وهبعتلك الدكتور يشوفك قبل ما نمشي
_عجبك الحال دلوقتي!! الكل وقع في بعضه من وراكي .. وجبتي الاذي لينا كلنا ..ياريت تبقي مستريحة دلوقتي
أطلقت ريهام هذه العبارة باستهجان بغيض ، بمجرد خروج باسم من الغرفة بهدوء ، وبالفعل نجحت في إصابة مشاعرها المحطمة بنجاح ، مستغلة كونها الآن بلا حماية ، وفي أكثر لحظاتها ضعفاً.
راقبت ريهام بابتسامة داخلية خبيثة تغضن حاجبين أبريل بتجهم صامت ، وأشاحت بوجهها جانبًا بمشاعر مختلطة بين الذنب والعذاب الذى يغلي مثل المراجل بداخلها.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال ذلك الوقت
عند مصطفى في إستراحة الزوار بالمستشفى
_مش ماشي من هنا .. احنا لسه ماتحاسبناش وانا مابسيبش حقي يبات برا يا بابا
يجلس مصطفى بإصرار كبير ، وما زالت الصدمة تكتسح كل أفكاره ، ليضع والده يده على كتفه ثم قال برزانة : اسمع كلامي يا بني حاول تتمالك نفسك انت مش في وعيك من العصبية
صدح صوت صلاح الذي تساءل بصوت وقور شامخ ، وخلفه يقف فهمي بملامح متوترة : ممكن تتفضلوا معانا خلينا نروح اي مكان نقدر نتفاهم فيه بشكل هادي
نبيل برفض : ماظنش ان الوضع دلوقتي مستحمل اي نقاشات ياصلاح
خرج مصطفى من أفكاره المظلمة ، ووجه حديثه لصلاح بنبرة غريبة مليئة بالرغبة في الانتقام : ابنك انهاردة الحظ في صفه اتكتبله عمر جديد .. بس ماتنساش تفكرو انه لعب في عداد عمره يوم ما اتعدي علي حاجة تخص صعيدي دمه حر مابيسيبش حقه لو ليوم الدين .. يعني سكوتي عليه مش هيطول زي ما انتو فاكرين
ضاقت عيناه عليه بتركيز قبل أن يقول بثبات : تهديدك دا انا مش هحسبه عليك عشان مراعي موقفك يا مصطفي .. بس انت متأكد اني مش هقف قليل الحيلة ولا هرحم اللي يتجرأ يمس ابني..
رأى صلاح عبوس مصطفى يطغى على ملامح وجهه الصلبة ، فتجاهله وتابع بلهجة ذكورية صارمة : وبنت فهمي تعتبر زي بنتي بالظبط .. و اللي حصل منك غلط كبير في حقها وكل اللي هنا وأول أبوك متأكد من كدا .. من اول خطوبتك ليها وهي ماتعرفش انك متجوز لحد ماجيت لعندها هنا تهددها وسطنا كلنا وماحترمتش لا كبير ولا صغير ودي لا اخلاق ولا اصول الصعايده
أردف صلاح بتساؤل : ولا انا غلطان يا نبيل و انت فهمي ؟
تكلم نبيل بتأييد جاد : عداك العيب في كلامك يا صلاح واحنا محقوقين ليك يا فهمي علي اللي حصل من شوية
أومأ له صلاح بالموافقة قائلا بجدية : وشهادة حق اتحاسب عليها قدام المولي عز وجل ابني طلب ايد بنت فهمي قدام الناس و هي رجعت لأبوها وكبرته
سارع فهمى بالتحدث مبرراً : وانا لا وافقت ولا رفضت الموضوع .. احنا كنا هناخد وقت نفكر حسب الاصول لكن كلنا اتفاجئنا باللي كان مكتوب انهاردة
كان مصطفى يتابع النقاش بصمت تام ، وبملامح غير مقروءة.
استأنف صلاح كلامه بتنهيدة عميقة : قصره اللي حصل حصل .. احسبها كويس يا مصطفي انت مش هتتجوزها بالاجبار .. اذا عايز ماتطلعش خسران كل حاجة .. تطلع للصحافيين برا تنفي و تكذب خبر خطوبتك بالبنت فورا وتقول ان كل دي اشاعات من المنافسين وانها قريبتك من بعيد وبس
إنتفض مصطفى واقفا ، يعلو وجهه إمارات الغضب هادراً بشراسة مصحوبة بالإستنكار رافضاً الاعتراف بخطئه : ايه السهولة اللي بتكلم بيها دي يا صلاح .. انت فاهم بتطلب مني ايه؟!
أنهى جملته بزمجرة عنيفة ، ليقابل صلاح على هذا السخط الناري ببرود تام ، واضعا يديه في جيوبه بطريقة متعالية ، ناظراً إليه بتحدي.
قطع نبيل حرب التواصل البصري ، حالما تحدث بصوت حاسم وغير قابل للنقاش : مصطفي انا مع صلاح في كل اللي قاله دا الصح ومفيش حلول غيره .. هي مش عايزة تكمل هي حرة في قرارها بس دلوقتي سمعتها هتدمر بسببك .. وفي الاول والاخر الغلط كان عندنا كلنا اللي طوعناك هي مالهاش ذنب .. واذا مش هتنفذ اللي اتقال يبقي انت مابتكبرنيش وبتعصي كلامي
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور ساعة
غادرت أبريل المصعد مع عائلتها ، وقبل أن تتمكن من الذهاب خلفهم ، أوقفها صوته قائلاً بنبرة هامسة غامضة بالقرب من أذنها : ماتصوتيش
خرجت شهقة من شفتيها عندما حملها بين ذراعيه بخفة ، وبحركة عفوية تشبثت برقبته ، غير مصدقة تصرفه غير المتوقع ، قبل أن تغمغم باعتراض خجول : انت وبعدين في حركاتك دي .. نزلني هو انا رجل مكسورة
_في ايه انتي كويسة يا ابريل؟
إنفرج فاهها استعادًا للرد علي سؤال يوسف ، لكن أسكتتها على الفور نظرة تحذيرية من رماديتيه ، وأجاب بدلا منها : دايخة ومش قادرة تمشي
ابريل بنفى هامس ، وهى تراقب ابتعاد أخيها مع سلمى : علي فكرة قادرة امشى نزلني
إستهزأ باسم بإمتعاض : انتي وش وفقر .. دا اجمد ست تتمني تبقي في مكانك
غمغمت ابريل بإغتياظ من غطرسته المفرطة : عليك وعلي اجمد ست بتاعتك
باسم بإستنكار : هو انتي لو سمعتي الكلام مرة واحدة من غير مناهدة هتموتي محروقة
سخرت ابريل بعفوية : وهو انت بقي كيف عندك تحرجني قدام الناس
إلتوت شفتى باسم في ابتسامة مستمتعة بغضبها بلا رد
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
في هذه الأثناء
كان صلاح يتحدث بلهجة رسمية ، وملامحه تنضح بالجدية ، مخاطبا مجموعة من الصحافة والإعلام : اظن اللي انتو شايفينو يغني عن الف كلمة ممكن تتقال في الموقف دا .. الباشمهندسة ابريل تبقي خطيبة ابني باسم وبعد شهر من دلوقتي هنعمل خطوبة بشكل رسمي .. وكمان قدامكم بنفسه رجل الاعمال مصطفي الترابلسي اللي بيكون قريب مرات استاذ فهمي الهادئ .. و اظن مجرد حضوره في نفس المكان يأكدلكم ان كل اللي اتنشر كان اشاعات ملهاش اي اساس ومفيش علاقة صلة بينه وبين الباشمهندسة ابريل غير قرابة واحترام وبس واحنا هنتخذ كل الاجراءات القانونية ضد المسؤولين عن الاشاعات السيئة اللي طلعت عليهم
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
عند باسم
وصل باسم بها إلى السيارة ، وأنزلها بهدوء على الأرض ، وقبل أن تدرك ما يفكر فيه ، وجدته وضع ذراعه حول كتفيها ، وجذبها بالقرب من حضنه ، فرفعت وجهها بسرعة محدقة بملامحه الهادئة بامتعاض ، لتهمس باعتراض : ايه الجنان اللي بتعمله مقرب مني كدا ليه ؟!
_عشان نوثق اللحظة بسيلفى يلا اضحكي عشان الصورة تطلع حلوة
أتبع جملته بغمزة شقية بإحدى عينيه ، لتظهر على شفتيها ابتسامة بعدم تصديق لما قاله.
التقط لهما عدة صور باستخدام الكاميرا الأمامية للهاتف ، وبعفوية أسندت رأسها على كتفه بقلة حيلة وخجل من نظرات الناس من حولهما.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
على الجانب الأخر
توقفت سيارة أجرة أمام المستشفى ، وترجل منها أحمد وما إن هم بعبور الشارع حتى ثبتت عيناه في دهشة مصدومة من ذلك المشهد العاطفي امام سيارة باسم ، مم جعل جمرات الغيرة تشتعل في صدره بضراوة ، عند رؤيتها تقف بين أحضان نفس الشاب الطويل الذي جمعتها به صورة على موقع التواصل الاجتماعي.
إهتزت حدقتيه بتوتر ، ووجهه محتقناً بالغضب ، لا يعرف ماذا يفعل يحاول ضبط تنفسه الثائر ، مانعاً رغبته فى الذهاب إليهم حتي يدق عنق ذلك الوغد بمنتهى القسوة ، دون أن يبالي بأي شيء آخر ، لكنه توقف فور أن رأى ما حدث في اللحظة التالية...
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
قبل دقائق بسيطة
تساءل يوسف بسخط مستنكر : دا واخدها علي عربيته ليه دا .. ايه هنسيبها تركب معاه بعد دا كله ولا ايه؟
نهره فهمي بصوت منهك ناقم : سيبه يا يوسف انت مش شايف العين علينا هو حاليا خطيبها يلا اركبو خلصوني في اليوم دا
نظرت ريهام إلى والدها بعدم رضا ، لتتحدث بهمس شقيقها : روح انت اركب معاهم يا يوسف
هز يوسف رأسه معارضاً اياها بلهجة حادة : انا مش هطيق اركب مع الجدع دا في عربية واحدة ممكن ارتكب جناية فيه اساسا
زفرت ريهام بتبرم : خلاص روح مافيش منك رجي يا اخي .. عمر حبيبي تعالي
امتثل الطفل لأمرها بهدوء ، فانحنت وهمست في أذنه ببعض الكلمات ، حتى وافق بإيماءة من رأسه فى حماس ، فإبتسمت له بخبث شديد.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
عند ابريل
تمكنت أبريل من الإفلات من قبضته ، وعقدت يديها بعناد على صدرها : لحد هنا وبس ركوب معاك لوحدي مش هيحصل
أشار باسم بإهمال ، وهو يخاطبها بفظاظة مستفزة : اهي عندك عربية ابوكي روحي اركبي معاهم واستحملي كلامهم طول الطريق بقي
نظرت إليه بضيق شديد ، وهي تنفخ خدودها بتذمر طفولي.
_ابريل .. ابريل .. عايز اروح معاكو ممكن!!
حملق بها الطفل الصغير ببراءة ، فابتسمت له ابتسامة عريضة ، شاكرة إياه سرا على أنه أنقذها من هذا الوضع الصعب مع هذا الذئب المتلاعب ، وأطلقت تنهيدة ارتياح ، مرددة بصوت ينضح بالرقة : خلاص هركب معاك انا و عمر
إحساسا غامضا مفعم بالضيق سيطر عليه حينما رأى مدى ارتياحها لفكرة عدم وجودها معه بمفردها ، وكأنه سيرتكب جريمة بشعة ليؤذيها بها.
بالرغم من أنه يطمح إلى بث بعض الطمأنينة بداخلها ، خاصة بعد أن شعر بتوترها ورعبها ، الذي حاربت لإخفاءه بمهارة خادعة خلف تلك النظرات المحتقرة المتحدية لمصطفى ، لم يستطع حينها إلا أن يهجم عليه بعنف شرس يتنافى مع طبيعته اللامبالية ، ليكسر حلقة التهديد المروع في قلب تلك الهرة المرتعدة خلف ظهره تحتمى به متجاهلة جميع من فى الغرفة.
ربما هذا السبب فعل زر الحامي في أعماقه من أجلها ، دون أن يترك لنفسه أي مجال لترجمة مشاعره الغريبة غير المفهومة.
انتزع نفسه بسرعة من هذه الأفكار ، وهو يتجه إلى الجانب الآخر من السيارة ، ويتمتم من خلال أسنانه المطبقة : طيب يلا اركبو و امري لله
انطلق باسم بسيارته تحت أنظار أحمد الذي كان يرمقهم بنظرات حادة قاتلة ، وبعنف تتخللت أصابعه فى خصلات شعره الناعم ، مدمدماً بألفاظ نابية ، ثم أوقف سيارة أجرة ليتبعهم.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى المنصورة
داخل منزل والدة نادية
_انا عايزة اطلق يا مرجانة
هتفت نادية بهذه العبارة فور دخولها المطبخ حيث كانت والدتها واقفة ، التى همهمت بلا مبالاة : معلش يا نادية
صاحت نادية بصوت منفعل : هو ايه اللي معلش يا ماما .. هو انتي سمعاني اصلا
استمرت مرجانة في تحريك محتويات الطبخة فوق النار ، وهي تقولها ببرود وملل : اطرشت من كتر ماسمعت منك الجملة دي كل مرة ينزل فيها اجازة وبعد دقيقتين بترجعي في كلامك
عبست نادية بضيق معارضة إياها بصوت مقهور : لا المرة دي غير كل مرة يا ماما انا هاخد موقف .. دا سايبني انا اتحرق هنا و هو دلوقتي معها هو فاكرني ايه من جبس؟
لطمت مرجانة على خدها ، وهي تغمغم بإستياء : يا خيبتك في بنتك يا مرجانة عقلها سرح منها خلاص
أجابت نادية بنبرة مرتعشة ، ودموعها تنهمر في هزيمة منكسرة واضعة يدها على صدرها : انا قلبي تعبني اوي يا ماما خلاص حاسة اني هموت ونفسي بيروح من قهرة قلبي
أطلقت مرجانة تنهيدة مليئة بالأسف ، وهي تخفض الحرارة على الطعام قبل أن تتجه إليها ، وتربت على ظهرها بتعاطف ، وهي تسير معها إلى غرفة المعيشة لتقول بحزن : كان مين غصبك علي العيشة دي يا نادية؟ ما انا ياما قولتلك يا حبيبتي اطلقي منه وخدي معاش ابوكي الله يرحمه وعيشي بيه انتي وبنتك معززة مكرمة هنا ..
جاورتها مرجانة على الأريكة ، تثني إحدى ساقيها تحتها وهي تصر على أسنانها ، قائلة بنبرة ذات مغزي : بس الاول ابقي مالية ايدي منك .. مش تعملي زي كل مرة وتجري عليه زي الخايبة
إنتفضت نادية بتسرع : لا والله المرة دي غير كل مرة والله العظيم
تقوس فم مرجانة بابتسامة ساخرة ، ووضعت كف يدها على خدها تنظر إليها بتفحص : اهي هي الجملة دي .. كل مرة تجيلي غضبانة وبتاكلي في نفسك وتقعدي تسخني فيا .. لحد لما السكر والضغط يعلوا عليا .. ومع اول مكالمة منه يطمن علي بنته كمان مش عليكي .. بتقومي تاخدي بعضك وترجعيله .. حصل ولا محصلش؟!
استدارت نادية في جلستها ، وهي تفرك كفيها ببعضهما ، قائلة في اعتراف مليء بالخجل من نفسها : حصل .. حصل .. بس يعني هو ذنبي اني بحب جوزي وباقية عليه يعني يا ماما؟
أنهت كلامها بمرارة ، ثم انفجرت في البكاء المرير ، وتساقطت دموعها الحارقة على خديها.
ربتت والدتها على كتفها بضيق مقهور : يا حبيبتي مش عيب الست تحب جوزها وتموت في التراب اللي بيمشي عليه كمان وتعمل كل اللي يرضيه .. بس لازم تبين قدامه شوية كرامة عشان مايستهيفهاش زي ما بيعمل دلوقتي فيكي .. اهو راح يشوف بنت خالته اللي الكل عارف انها لسه مشعشعة في نفوخه ولا سأل فيكي يا بنت الخايبة
حدجتها نادية بنظرات جاحظة ، وتذمرت بنبرة متحشرجة بالبكاء : هو انتي كدا كل ما اجيلك تقعدي تقطمي فيا وخلاص .. معرفش حظي ماله مقندل كدا ليه معاكو كلكو؟!
لكزتها مرجانة فى كتفها مغتاظة من سلبية إبنتها ، لتردد بصوت متهكم : حظك ماكنش في احسن منه يا بنت بطني .. انتي اللي ميلتي بختك بإيدك يا اختي فاكرة و لا نسيتي؟
واصلت حديثها بعتاب ، وهي تهز الطفلة الباكية مثل أمها على قدميها : ولو نسيتي انا هفكرك يا بنت مرجانة .. كام جدع مافيهوش غلطة اتقدمولك وكنتي بترفضيهم .. انتي اللي قبلتي تتخطبي لواحد وانتي عارفة انه جاه يخبط علي بابك كيد في بنت خالته .. بس انتي اللي قولتي انا موافقة علي دا يا ماما انا بحبه يا ماما وماصدقت انه طلبني للجواز وهخليه يحبني بعد الجواز .. وادي اخرتها قاعدة بتتلوني عشانه في مية شخصية وشكل كل مرة بينزلك فيها من الكويت عشان تملي عينه واول ما عرف انها مابتردش سابك وجري عليها عشان هي كرفاه ومش معبراه
جعدت نادية جبهتها في انزعاج ، ورغم أنها اعترفت بصدق حديثها ، إلا أن قلبها يسكنه سلطان واحد ، وهو الأمر الناهى فى دقاتها ، بينما لوت مرجانة شفتيها إلى الجانب ، وأضافت بنبرة حادة غير راضية عما تسمعه : انتي اللي رضيتي بالقليل عشان بتحبيه عملتي نفسك طارشة عشان ماتسمعيش البنات وهي بتكلم في فرحك وبتقول دي خطفت خطيب صاحبة اختها
خرجت من شفتيها تنهيدة حارة أعقبها صوتها المبحوح : لازمتها ايه بلاعة الذكريات اللي فتحتيهالي دي يا ماما .. يعني بذمتك انا ناقصة مش كفاية حرقة دمي وبتحرقي دمي زيادة .. انا جيالك عشان تطبطبي عليا وتبردي نار قلبي شوية مش عشان تقومي حريقة في قلبي كدا وتيجي عليا
وكزتها مرجانة بقسوة فى خصرها قبل أن تصيح بسخط : افهمي يا حمارة يا بنت الكلب .. اللي بياكل سكر علي طول نفسه بتجزع وطول ما انتي مدلدقة حنان واهتمام كدا وفاكرة ان دا هيلزقه فيكي تبقي هبلة .. اوقات الراجل يحب اللي تتقل عليه بس بدلع .. تنشعل عنه بحاجة مايعرفهاش وتبطل تجري وراه .. ساعتها بيبقي هيجنن ويعرف ايه اللي مركزة فيه ومش شايفاه وهو قدامها .. بس انتي بطريقتك دي مخلياه يتمرع عليكي وهيفضل يبيع ويشتري فيكي وممشيكي علي مزاجه هو عمال يروح ويلف علي كيفه كدا .. وهو ضامن انه هيرجع يلاقيكي علي حالك مستنياه .. يا ما قولتلك خليكي معاه زي الميزان اظبطي ايدك وايدلو كل حاجة بمقدار .. لا تجوعيه لحد مايموت ولا تشبعيه لحد مايفطس منك
شهقت نادية بعفوية ، وهى تتمتم بنبرة مذعورة : بعد الشر عنه يا ماما
رمقتها مرجانة بعينين جاحظتين من الصدمة ، وهدرت بنبرة غاضبة : يخربيت امك يا بت المجنونة .. جننتيني معاكي .. اتنيلي خذي البت نامت و خليني اشوف الاكل اللي علي النار
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى المساء بذات اليوم
فى غرفة فهمى
جلست سلمي بجانبه علي الفراش ، لتتحدث بصوت متوتر : هنعمل ايه في الورطة دي يا فهمي .. مصطفي مش هيسكت و هيقلب الدنيا فوق دماغنا .. انت ناسي انه بيوردلنا بضايع من شركته للاوتيل بتكاليف اقل من اي شركة تانية .. اكيد هيفسخ العقد معانا ويطالبنا بالمستحقات المتكومة علينا
وضع نظارته الطبية أعلى المنضدة ، ليتساءل بسخرية لاذعة : وهو مين ورطنا الورطة دي؟! مش انتي يا سلمي و ياما نصحتك وحذرتك بلاش تعملي كدا!!
مسد فهمى على ذقنه بتفكير ، واكمل بجدية : انا هتكلم مع مصطفي واحاول اقنعه يصبر علينا في تسديد الفلوس
إعترضت سلمى بغرابة : ايه البساطة اللي بتحكي بيها دي .. ضروري مش هيوافق طبعا بعد الفضيحة اللي حصلت وكله من تصرفات بنتك ولسه لنا يعرف كمان
رفعت إصبعها السبابة أمام وجهه بتحذير ، وهى تردف مشددة على كلماتها : وماتنساش انك مدير الاوتيل والمسؤل عنه قانونيا والاوراق عليها توقيعك انت .. دا غير الشيكات اللي مضيتهالو عشان مضاربتك في البورصة و خسرتك فيها كل شوية .. يعني اذا مصطفي رفع قضية وطالب بالفلوس دي انت هتكون واقع في المشكلة دي اكتر مني كمان هتجيب منين فلوس تدفعها له!!؟
ألقت سؤالها كالقنبلة في صدره ، لتعطيه ظهرها استعداداً للنوم ، وتركته في حالة من الارتباك والخوف مما هو قادمًا ، وتمتم بأمل : ضروري هنلاقي في حل
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى نفس المنزل
اعتدلت أبريل في جلستها على سجادة الصلاة بعد أن أدت صلاتها بخشوع ، ثم فتحت مصحفها الصغير ، وبدأت في القراءة وعيناها المتضرعتين ممتلئتان بالإرهاق حتى شعرت بالطمأنينة والراحة تتسلل إلى صدرها.
بعد مرور بعض الوقت ، قامت من مكانها ، ونزعت عنها الإسدال.
سارت ابريل حافية القدمين ، مرتدية بيجامة ذات لون سماوي بأكمام قصيرة مصنوعة من قماش خفيف ، وهي تتأمل بفيروزيتيها ، وتتفحص غرفة الضيوف التي أعدتها لها زوجة أبيها سلمى.
خرج زفير عميق من شفتيها ، وهي مستلقية على السرير تضم شال جدتها الحبيبة إلى أحضانها بمزيج من الاسترخاء والهدوء ، لتشرد في التفكير بأحداث اليومين الثقيلين الأخيرين ، بكل ما حدث فيهم ، منذ لحظة خروجها من المنزل هاربة وصدفة لقائها بهذا الذئب الباسم ، مروراً بزيارة مصطفى في المستشفى ، وما فعله باسم لأجلها اليوم ، أقنعت نفسها بأن هذا المشهد في غرفتها بالمستشفى كان مجرد عرض في مسرحية من إخراجهما معًا ، وتعترف بأنه تفوق على نفسه في لعب دور العاشق والحامي لحبيبته ، ثم إختتم اليوم بالظهور غير متوقع لأحمد قبل عودتها إلى منزل والدها.
لم يكسرني اكتشاف أن الوجهة كانت خاطئة ، بل الوقت الذي قضيته أمشي فى طريق كنت أظن أنه صحيح ، وطغت الصدمة على ملامحي عندما أدركت مدى حماقتي في اختياراتي ، كم كنت مندفعة وساذجة حينما صدقت أكاذيبهم المنمقة ، كم أخطأت عندما سمحت بتكرار الأخطاء ، لكن من هذه اللحظة فصاعدا ، سأرفض الأشياء التي تحطم قلبي ، والأشياء التي تجرحني ، والأشخاص الذين يتعمدون إيذائي ، سأتقن لغة التمرد وسأختار الانسحاب من المعارك الخاسرة ، ولن أهتم بمن يتهمني بالأنانية وحب الذات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد فترة وجيزة
عند هالة
خرجت هالة من الحمام ، لترى فريد واقفًا بجوار الباب ومتكئًا على الحائط ، وحالما لاحظ طلوعها تقدم منها متأملاً ملامحها الناعمة التي شابها شحوب طفيف بعد أن غسلت وجهها بالماء البارد عدة مرات لتمحو آثار البكا ء، لكن عينيها الزرقاوين كانتا كالنافذتين الشفافتين تعكسان له مدى ضيقها من الذى حدث منذ قليل ، وما شاهده حين خرج من باب المستشفى عازما على الذهاب إلى منزله ، إلا أنه وقف مترددا في التدخل حتى رآه يسحبها بالقوة من ذراعها ، حينئذ لم ينجح في السيطرة على حاله وهرع نحوهما تلقائياً.
افاق فريد من أفكاره محمحماً بهدوء : انتي كويسة
أجابت هالة بصوت رقيق ، متجنبة النظر إليه : الحمدلله تمام
_طيب اتفضلي
حدقت هالة في يده الممدودة بفنجان القهوة ، قبل أن ترفض بأدب : دا بتاعك .. شكرا!!
لم ينكر استنتاجها ، بل فضل عدم إخبارها بأنه أرسل إحدى الممرضات خصيصا لإحضار القهوة لمساعدتها على الهدوء ليخبرها بحزم حنون : امسكي .. انتي محتاجاه اكتر مني
فريد بمرح : ماتقلقيش ماشربتش منه ولسه سخن لحسن حظك
أمسكت به بين يديها ، قائلة بضحكة ناعمة أبرزت جمالها الهادئ : شكرا
أغمضت هالة عيناها ، بينما ترتشف منه قليلاً مستحسنة مذاقه قبل أن تستمع إلى رنين هاتفها في جيب معطفها الطبي ، لكنها فضلت تجاهله ، إذ ليس لديها الآن القدرة على الرد على أحد ، وهذا ما إستشعره ، مما جعله يقترح عليها بلباقة : تحبي نقعد في الكافيتريا شوية وبالمرة تعزميني علي قهوة تانية
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
أثناء ذلك
داخل غرفة ابريل بالمستشفي
قاطع باسم تحليل أفكارها ، وقبل أن تدرك أي شيء ، وجدته يندفع مثل السهم النارى نحو مصطفى بعد أن تخلى عن آخر ذرة من سيطرته على أعصابه ، مسدداً له لكمة قوية أطاحت بفكه إلى جانب الآخر ، وهو يجلجل بلكنة غاضبة : و دي مني عشان تهدد كويس
_دا انت طلعت مش بس بتعرف تاخد البنات علي خوانة يا ابن الشندويلي؟!
قال مصطفى مستهزئاً بغضب متألم ، وهو يمسح الدم من فمه بطرف إبهامه ، و بحركة خاطفة رد له الضربة بقوة فتأوه الأخر من شدة الألم بأنفه في حين جحظت عيناى ابريل بذعر وهى ترى هجوم كلاهما على الأخر بغل وشراسة لتتحرك نحوهم بحذر
_حاسبي يا ابريل ماتقربيش خليكي بعيد
صاح يوسف بهذه الجملة ، مشيراً إليها بعدم الاقتراب : بس كفاية هتلمو علينا الناس
في خضم صراعهم ، تلقى يوسف نصيباً من الضرب ، وهو يُقحم نفسه في هذه الفوضى العارمة وسط إهاناتهما اللاذعة المتبادلة ، وصرخات أبريل المرتعبة ، التي تراجعت فى إحدى زوايا الغرفة ، قبل أن ترى اندفاع عز الدين الذي هرول تاركاً والدته واقفة مع ريهام وسلمى تنتفض قلوبهم فزعاً من الأصوات العالية في الداخل.
في اللحظة التالية نجح عز ويوسف في فض الاشتباك بصعوبة ، بينما حاول باسم تخلص من ذراعى عز ، مشيرا لمصطفى بسبابته فى تحذير ، وهو يصيح بصرامة غاضبة : دي حاجة بسيطة من اللي هتشوفه علي ايدي اذا اتعديت حدودك تاني واتعرضتلها بحرف يا خسيس
دوت كلمات مصطفى النارية بصوت حاقد ردا عليه : وانا اقسم بعزة وجلالة الله ماهسيبك الا لما ادفعك تمن اللي عملته دا غالي يا ***** .. وساعتها مفيش مخلوق هيرحمك من اللي هعمله فيك
إحتدت ملامحه بنظرة ازدراء من رماديتيه القاسيتين هاتفاً بصوت حاد متحفز إلى الإنقضاض عليه مجدداً : شكل لسانك واخد علي التهديد وخلاص .. لاخر مرة هحذرك بلاش تختبر صبري..
انقطعت كلمات باسم ، تزامنا مع صوت الباب يغلق بقوة ، ليلفت انتباه الجميع ، أعقبه زمجرة صلاح بصوت عال وهو يردد محذرا : هيطلبولنا الشرطة لو ماوقفتوش شغل البلطجية اللي بتعملوه في بعض دا؟!
اشتدت لهيب أنفاسه الحارقة ، وهو ينفض يدي يوسف عنه ، ويزمجر منذرًا إياه بحدة : حساب ابنك تقل معايا اوي يا صلاح .. وكلمة منه كمان اقسم بالله مش هبقي ضامن نفسي
ارتفعت زاوية فم باسم بابتسامة ساخرة ، وهو ينظر إليه بتحدي سافر ، مما جعل نبيل يتدخل في النقاش الذي دلف بعد صلاح بقليل مناشداً صوت العقل برأس إبنه : صلي علي النبي يا مصطفي .. عصبيتك دي انت اول حد يضر منها .. يلا خلينا نطلع من هنا قبل ما نبقي فرجة للناس اكتر من كدا
صلاح بوقار وثبات : نبيل .. من فضلك هات ابنك وهنخرج نتفاهم برا ونحل الموضوع
_مفيش تفاهم .. والاهانة اللي حصلت دي مش هتعدي مرور الكرام
ما إن انتهى من كلامه المليء بالامتعاض ، حتى خرج من الغرفة بعد أن حدق بها بسواديتيه الملتهبة بنيران الغضب فى لحظات مرت كالدهر عليها ، بسبب شدة خوفها منه.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى ذات الوقت
فى كافيتريا المستشفي
وضعت فنجان القهوة الفارغ على الطاولة ، وفركت جبهتها منهكة من قلة النوم ، ليسألها بعذوبة : اطلبلك قهوة تانية
رفضت هالة بلطافة قبل أن تعرب عن خالص شكرها : لا ميرسي اوي .. وشكرا علي اللي عملته
منحها إبتسامة عذبة قبل أن يرد بصوته الواثق : مفيش داعي للشكر القصة بسيطة .. بس مقدرتش افضل واقف بتفرج خصوصا ان الممرضات عينهم كانت عليكم
انشغلت هالة فى التفكير بكلامه الذي ملأ صدرها بالضيق ، ثم قالت بسخرية مريرة : حقهم يكلمو .. مش حدث هيحصل كل يوم ان دكتورة تتخطب بليل وتفسخ خطوبتها تاني يوم الصبح
إلتمع الإعجاب في عسيلته برقتها المعهودة التي سرقت لبه ، بينما زرقاوتيها الغامرتين بحزن ، جعلت شرارة من الجحيم تنفث لهيبها في صدره ، فنفض من ذهنه تلك الأفكار ، متحدثاً بجدية تليق به : طالما مقتنعة باللي عملتيه خلاص .. كدا كدا الناس هتتكلم
هزت هالة رأسها تأييدا ، وقد اغرورقت عيناها بالدموع ، فمسحتهما بسرعة قائلة بصوت منخفض : فعلا .. بس جايز عيبنا اننا مش بنقدر نعترف اننا فشلنا وهو دا سبب محاولتنا الكتير في حاجة عارفين نتيجتها كويس بس مع ذلك عمالين بنحاول جايز حاجة تتغير
تحولت أفكار فريد تلقائيا إلى خطيبته ، التي استمر في محاولات عديدة معها لتغيير أفكارها ، لكن لم يفلح فى ذلك ، فزفر الهواء بقوة وهو يمسد بأصابعه على عينيه المنهكتين قبل أن يهمس بخفوت : مفيش انسان بيتغير الا اذا كان القرار نابع من جواه هو
_فريد
تصلب فريد مكانه للحظات قبل أن يرفع رأسه إلى مصدر الصوت الناعم الذي ينادي باسمه ، ليجد أنها قد خرجت من أفكاره ، متجسدة أمامه بهيئة باكية ، مصحوبة بكلماتها المتقطعة وهى تلقي بنفسها فجأة بين أحضانه ، متشبتة برقبته بكلتا ذراعيها ، مرددة ببكاء : حبيبي .. انت كويس .. جرالك حاجة!!
انتصب واقفا من مقعده قبل ان يتساءل بدهشة : هدير!! انتي جيتي هنا ازاي؟
ارتمت بأحضانه علي حين غرة متعلقة بكلتا ذراعيها فى رقبته ، مرددة ببكاء : انا خوفت اوي .. كنت هموت من الخوف عليك اوي يا فريد
تشنج جسد فريد بتوتر من فعلها الجريئة ، خاصة عندما اتجهت الأنظار إليهم ، فوضع يديه على ذراعيها ولإنزالهما من رقبته برفق.
مررت هدير يدها على ذراعه المصابة دون قصد فصدرت عنه تأوهاً متألم : اااه
ابتعدت هدير سريعاً عنه فوراً ، وهي تقول بفزع ، وكل خلية فيها ترتعد خوفاً عليه : سوري والله .. اسفة خالص ايدك بتوجعك
أجاب فريد بابتسامة ممزوجة بقلة حيلة ، وهو يربت على خدها الناعم : خلاص اهدي اهدي انا كويس قدامك مفيش حاجة
لعقت هدير طرف شفتيها بتوتر قبل أن تنبس بصوت خجول ممتزج بالندم : ماتزعلش يا فريد .. دي اخر مرة هزعلك فيها .. انت ماتعرفش خوفت عليك .. مش هقدر اتحمل يجرالك حاجة بسببي
_متخافيش جت سليمة دك...
أدار فريد رقبته بتلقائية فوجد مقعد هالة خالياً ، فحرك نظره في أرجاء المكان ، ولم يجد لها أثرا ، بينما كانت هالة منذ عدة دقائق تشاهد ذلك المشهد في صمت تام رافضة إصدار أي صوت حتى لا تقاطعهم ، وهناك شعور بالحسد والحزن يرتجف في وجدانها ، لوجود هذه الفتاة اليافعة مع شخصية مثل فريد مزجت بين الرصانة والحنان ، لتشعر بالحرج وهى تنهض بهدوء شديد ، تغادر الكافتيريا قبل أن يلاحظوها.
قرأت هدير بعيناها الحيرة على وجهه ، لتستفهم بتساؤل. : في حاجة!!
هز فريد رأسه نافيا ، وتمتم بخفوت : ها .. لا مفيش
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور بضعة دقائق
كانت إبريل تجلس على السرير ، شاحبة الوجه ، مطرقة رأسها إلى الأسفل ، وتتساقط العبرات من عينيها لا شعورياً نتيجة انزعاجها وقهرها المتزايدين من تفاقم الوضع الذى أوقعت نفسها به ، بالإضافة إلى ثورة مصطفى فى النقاش الذي تحول إلى معركة دامية ، لكن ما أزعجها حقًا هو انهيار أعصابها أمام الجميع الذى يتأملوا في ضعفها الآن ، فى حين من الصعب عليها أن تخلو بنفسها ، وكم كرهت هذا الشعور بشدة.
_ماتعيطيش يا ابريل .. خلاص اونكل مصطفي مشي
أيقظها عمر من أفكارها حالما ربت على ركبتها بمواساة بريئة ، لتبتسم له بمرارة تسري كالسم في خلاياها ، وهي تمسح دموعها بكفيها ، تزامنا مع انتباه باسم محدقاً بها بحاجبين عابسين.
اجتاحه شعور بالانزعاج بمجرد أن رأى وجهها الباهت بهلع ، لم تشعر بقدميه تقتربان منها بسرعة خاطفة ، إذ فوجئت به يضع أطراف أصابعه تحت ذقنها ، لتجحظ عيناها الحمراوتين بدهشة وديعة بعد أن رفع وجهها إليه.
التقت نظراتها الواهنة بعينيه التى تتلألأ ببريق غامض ، لعدة ثواني متأملاً بحبات اللؤلؤ المتناثرة على وجنتيها ، ثم صعد بإبهامه يمسحها برقة بالغة ، أثارت هذه الحركة البسيطة مشاعر دافئة تغلبت على البرودة التي كانت تسيطر على كيانها منذ لحظات.
انفرجت ابريل شفتاها المرتجفة ، وتجمدت عيناها على خط الدم المتدفق من فمه ، واغتال قلبها شعور بالذنب ، لتكسر الصمت منتفضة ، وهي تشير إليه بصوت مذعور يرافقه بحة طفيفة : انت كويس في دم هنا
رفع باسم أصابعه تلقائيا ، وتحسس زاوية فمه ، عاقداً جبهته وهو ينظر إلى قطرات الدم على إصبعه ، مهدئاً إياها بهمس : ماتقلقيش انا كويس دا جرح صغير
قاطعت ريهام التواصل البصرى بينهم فور أن أدخلت نفسها بسرعة في الحديث ، ناطقة باهتمام ، وعيناها الحادتان تشعان بالغيرة : ايه هو اللي صغير شفتك شكلها اتفتحت .. خلينا نطلع نشوف دكتور يشوفك احسن
اومأت إبريل تأييدًا لذلك الاقتراح ، تزامنا مع التقطها أحد المناديل من داخل حقيبتها ، وسلمته إليه فوضعه على فمه دون أن يظهر على ملامحه تعبير محدد أو شعور بالألم ، ثم تمتم بعد برهة : هروح اغسل وشي .. وهبعتلك الدكتور يشوفك قبل ما نمشي
_عجبك الحال دلوقتي!! الكل وقع في بعضه من وراكي .. وجبتي الاذي لينا كلنا ..ياريت تبقي مستريحة دلوقتي
أطلقت ريهام هذه العبارة باستهجان بغيض ، بمجرد خروج باسم من الغرفة بهدوء ، وبالفعل نجحت في إصابة مشاعرها المحطمة بنجاح ، مستغلة كونها الآن بلا حماية ، وفي أكثر لحظاتها ضعفاً.
راقبت ريهام بابتسامة داخلية خبيثة تغضن حاجبين أبريل بتجهم صامت ، وأشاحت بوجهها جانبًا بمشاعر مختلطة بين الذنب والعذاب الذى يغلي مثل المراجل بداخلها.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
خلال ذلك الوقت
عند مصطفى في إستراحة الزوار بالمستشفى
_مش ماشي من هنا .. احنا لسه ماتحاسبناش وانا مابسيبش حقي يبات برا يا بابا
يجلس مصطفى بإصرار كبير ، وما زالت الصدمة تكتسح كل أفكاره ، ليضع والده يده على كتفه ثم قال برزانة : اسمع كلامي يا بني حاول تتمالك نفسك انت مش في وعيك من العصبية
صدح صوت صلاح الذي تساءل بصوت وقور شامخ ، وخلفه يقف فهمي بملامح متوترة : ممكن تتفضلوا معانا خلينا نروح اي مكان نقدر نتفاهم فيه بشكل هادي
نبيل برفض : ماظنش ان الوضع دلوقتي مستحمل اي نقاشات ياصلاح
خرج مصطفى من أفكاره المظلمة ، ووجه حديثه لصلاح بنبرة غريبة مليئة بالرغبة في الانتقام : ابنك انهاردة الحظ في صفه اتكتبله عمر جديد .. بس ماتنساش تفكرو انه لعب في عداد عمره يوم ما اتعدي علي حاجة تخص صعيدي دمه حر مابيسيبش حقه لو ليوم الدين .. يعني سكوتي عليه مش هيطول زي ما انتو فاكرين
ضاقت عيناه عليه بتركيز قبل أن يقول بثبات : تهديدك دا انا مش هحسبه عليك عشان مراعي موقفك يا مصطفي .. بس انت متأكد اني مش هقف قليل الحيلة ولا هرحم اللي يتجرأ يمس ابني..
رأى صلاح عبوس مصطفى يطغى على ملامح وجهه الصلبة ، فتجاهله وتابع بلهجة ذكورية صارمة : وبنت فهمي تعتبر زي بنتي بالظبط .. و اللي حصل منك غلط كبير في حقها وكل اللي هنا وأول أبوك متأكد من كدا .. من اول خطوبتك ليها وهي ماتعرفش انك متجوز لحد ماجيت لعندها هنا تهددها وسطنا كلنا وماحترمتش لا كبير ولا صغير ودي لا اخلاق ولا اصول الصعايده
أردف صلاح بتساؤل : ولا انا غلطان يا نبيل و انت فهمي ؟
تكلم نبيل بتأييد جاد : عداك العيب في كلامك يا صلاح واحنا محقوقين ليك يا فهمي علي اللي حصل من شوية
أومأ له صلاح بالموافقة قائلا بجدية : وشهادة حق اتحاسب عليها قدام المولي عز وجل ابني طلب ايد بنت فهمي قدام الناس و هي رجعت لأبوها وكبرته
سارع فهمى بالتحدث مبرراً : وانا لا وافقت ولا رفضت الموضوع .. احنا كنا هناخد وقت نفكر حسب الاصول لكن كلنا اتفاجئنا باللي كان مكتوب انهاردة
كان مصطفى يتابع النقاش بصمت تام ، وبملامح غير مقروءة.
استأنف صلاح كلامه بتنهيدة عميقة : قصره اللي حصل حصل .. احسبها كويس يا مصطفي انت مش هتتجوزها بالاجبار .. اذا عايز ماتطلعش خسران كل حاجة .. تطلع للصحافيين برا تنفي و تكذب خبر خطوبتك بالبنت فورا وتقول ان كل دي اشاعات من المنافسين وانها قريبتك من بعيد وبس
إنتفض مصطفى واقفا ، يعلو وجهه إمارات الغضب هادراً بشراسة مصحوبة بالإستنكار رافضاً الاعتراف بخطئه : ايه السهولة اللي بتكلم بيها دي يا صلاح .. انت فاهم بتطلب مني ايه؟!
أنهى جملته بزمجرة عنيفة ، ليقابل صلاح على هذا السخط الناري ببرود تام ، واضعا يديه في جيوبه بطريقة متعالية ، ناظراً إليه بتحدي.
قطع نبيل حرب التواصل البصري ، حالما تحدث بصوت حاسم وغير قابل للنقاش : مصطفي انا مع صلاح في كل اللي قاله دا الصح ومفيش حلول غيره .. هي مش عايزة تكمل هي حرة في قرارها بس دلوقتي سمعتها هتدمر بسببك .. وفي الاول والاخر الغلط كان عندنا كلنا اللي طوعناك هي مالهاش ذنب .. واذا مش هتنفذ اللي اتقال يبقي انت مابتكبرنيش وبتعصي كلامي
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
بعد مرور ساعة
غادرت أبريل المصعد مع عائلتها ، وقبل أن تتمكن من الذهاب خلفهم ، أوقفها صوته قائلاً بنبرة هامسة غامضة بالقرب من أذنها : ماتصوتيش
خرجت شهقة من شفتيها عندما حملها بين ذراعيه بخفة ، وبحركة عفوية تشبثت برقبته ، غير مصدقة تصرفه غير المتوقع ، قبل أن تغمغم باعتراض خجول : انت وبعدين في حركاتك دي .. نزلني هو انا رجل مكسورة
_في ايه انتي كويسة يا ابريل؟
إنفرج فاهها استعادًا للرد علي سؤال يوسف ، لكن أسكتتها على الفور نظرة تحذيرية من رماديتيه ، وأجاب بدلا منها : دايخة ومش قادرة تمشي
ابريل بنفى هامس ، وهى تراقب ابتعاد أخيها مع سلمى : علي فكرة قادرة امشى نزلني
إستهزأ باسم بإمتعاض : انتي وش وفقر .. دا اجمد ست تتمني تبقي في مكانك
غمغمت ابريل بإغتياظ من غطرسته المفرطة : عليك وعلي اجمد ست بتاعتك
باسم بإستنكار : هو انتي لو سمعتي الكلام مرة واحدة من غير مناهدة هتموتي محروقة
سخرت ابريل بعفوية : وهو انت بقي كيف عندك تحرجني قدام الناس
إلتوت شفتى باسم في ابتسامة مستمتعة بغضبها بلا رد
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
في هذه الأثناء
كان صلاح يتحدث بلهجة رسمية ، وملامحه تنضح بالجدية ، مخاطبا مجموعة من الصحافة والإعلام : اظن اللي انتو شايفينو يغني عن الف كلمة ممكن تتقال في الموقف دا .. الباشمهندسة ابريل تبقي خطيبة ابني باسم وبعد شهر من دلوقتي هنعمل خطوبة بشكل رسمي .. وكمان قدامكم بنفسه رجل الاعمال مصطفي الترابلسي اللي بيكون قريب مرات استاذ فهمي الهادئ .. و اظن مجرد حضوره في نفس المكان يأكدلكم ان كل اللي اتنشر كان اشاعات ملهاش اي اساس ومفيش علاقة صلة بينه وبين الباشمهندسة ابريل غير قرابة واحترام وبس واحنا هنتخذ كل الاجراءات القانونية ضد المسؤولين عن الاشاعات السيئة اللي طلعت عليهم
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
عند باسم
وصل باسم بها إلى السيارة ، وأنزلها بهدوء على الأرض ، وقبل أن تدرك ما يفكر فيه ، وجدته وضع ذراعه حول كتفيها ، وجذبها بالقرب من حضنه ، فرفعت وجهها بسرعة محدقة بملامحه الهادئة بامتعاض ، لتهمس باعتراض : ايه الجنان اللي بتعمله مقرب مني كدا ليه ؟!
_عشان نوثق اللحظة بسيلفى يلا اضحكي عشان الصورة تطلع حلوة
أتبع جملته بغمزة شقية بإحدى عينيه ، لتظهر على شفتيها ابتسامة بعدم تصديق لما قاله.
التقط لهما عدة صور باستخدام الكاميرا الأمامية للهاتف ، وبعفوية أسندت رأسها على كتفه بقلة حيلة وخجل من نظرات الناس من حولهما.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
على الجانب الأخر
توقفت سيارة أجرة أمام المستشفى ، وترجل منها أحمد وما إن هم بعبور الشارع حتى ثبتت عيناه في دهشة مصدومة من ذلك المشهد العاطفي امام سيارة باسم ، مم جعل جمرات الغيرة تشتعل في صدره بضراوة ، عند رؤيتها تقف بين أحضان نفس الشاب الطويل الذي جمعتها به صورة على موقع التواصل الاجتماعي.
إهتزت حدقتيه بتوتر ، ووجهه محتقناً بالغضب ، لا يعرف ماذا يفعل يحاول ضبط تنفسه الثائر ، مانعاً رغبته فى الذهاب إليهم حتي يدق عنق ذلك الوغد بمنتهى القسوة ، دون أن يبالي بأي شيء آخر ، لكنه توقف فور أن رأى ما حدث في اللحظة التالية...
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
قبل دقائق بسيطة
تساءل يوسف بسخط مستنكر : دا واخدها علي عربيته ليه دا .. ايه هنسيبها تركب معاه بعد دا كله ولا ايه؟
نهره فهمي بصوت منهك ناقم : سيبه يا يوسف انت مش شايف العين علينا هو حاليا خطيبها يلا اركبو خلصوني في اليوم دا
نظرت ريهام إلى والدها بعدم رضا ، لتتحدث بهمس شقيقها : روح انت اركب معاهم يا يوسف
هز يوسف رأسه معارضاً اياها بلهجة حادة : انا مش هطيق اركب مع الجدع دا في عربية واحدة ممكن ارتكب جناية فيه اساسا
زفرت ريهام بتبرم : خلاص روح مافيش منك رجي يا اخي .. عمر حبيبي تعالي
امتثل الطفل لأمرها بهدوء ، فانحنت وهمست في أذنه ببعض الكلمات ، حتى وافق بإيماءة من رأسه فى حماس ، فإبتسمت له بخبث شديد.
✾♪✾♪✾♪✾♪✾
عند ابريل
تمكنت أبريل من الإفلات من قبضته ، وعقدت يديها بعناد على صدرها : لحد هنا وبس ركوب معاك لوحدي مش هيحصل
أشار باسم بإهمال ، وهو يخاطبها بفظاظة مستفزة : اهي عندك عربية ابوكي روحي اركبي معاهم واستحملي كلامهم طول الطريق بقي
نظرت إليه بضيق شديد ، وهي تنفخ خدودها بتذمر طفولي.
_ابريل .. ابريل .. عايز اروح معاكو ممكن!!
حملق بها الطفل الصغير ببراءة ، فابتسمت له ابتسامة عريضة ، شاكرة إياه سرا على أنه أنقذها من هذا الوضع الصعب مع هذا الذئب المتلاعب ، وأطلقت تنهيدة ارتياح ، مرددة بصوت ينضح بالرقة : خلاص هركب معاك انا و عمر
إحساسا غامضا مفعم بالضيق سيطر عليه حينما رأى مدى ارتياحها لفكرة عدم وجودها معه بمفردها ، وكأنه سيرتكب جريمة بشعة ليؤذيها بها.
بالرغم من أنه يطمح إلى بث بعض الطمأنينة بداخلها ، خاصة بعد أن شعر بتوترها ورعبها ، الذي حاربت لإخفاءه بمهارة خادعة خلف تلك النظرات المحتقرة المتحدية لمصطفى ، لم يستطع حينها إلا أن يهجم عليه بعنف شرس يتنافى مع طبيعته اللامبالية ، ليكسر حلقة التهديد المروع في قلب تلك الهرة المرتعدة خلف ظهره تحتمى به متجاهلة جميع من فى الغرفة.
ربما هذا السبب فعل زر الحامي في أعماقه من أجلها ، دون أن يترك لنفسه أي مجال لترجمة مشاعره الغريبة غير المفهومة.
انتزع نفسه بسرعة من هذه الأفكار ، وهو يتجه إلى الجانب الآخر من السيارة ، ويتمتم من خلال أسنانه المطبقة : طيب يلا اركبو و امري لله
انطلق باسم بسيارته تحت أنظار أحمد الذي كان يرمقهم بنظرات حادة قاتلة ، وبعنف تتخللت أصابعه فى خصلات شعره الناعم ، مدمدماً بألفاظ نابية ، ثم أوقف سيارة أجرة ليتبعهم.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى المنصورة
داخل منزل والدة نادية
_انا عايزة اطلق يا مرجانة
هتفت نادية بهذه العبارة فور دخولها المطبخ حيث كانت والدتها واقفة ، التى همهمت بلا مبالاة : معلش يا نادية
صاحت نادية بصوت منفعل : هو ايه اللي معلش يا ماما .. هو انتي سمعاني اصلا
استمرت مرجانة في تحريك محتويات الطبخة فوق النار ، وهي تقولها ببرود وملل : اطرشت من كتر ماسمعت منك الجملة دي كل مرة ينزل فيها اجازة وبعد دقيقتين بترجعي في كلامك
عبست نادية بضيق معارضة إياها بصوت مقهور : لا المرة دي غير كل مرة يا ماما انا هاخد موقف .. دا سايبني انا اتحرق هنا و هو دلوقتي معها هو فاكرني ايه من جبس؟
لطمت مرجانة على خدها ، وهي تغمغم بإستياء : يا خيبتك في بنتك يا مرجانة عقلها سرح منها خلاص
أجابت نادية بنبرة مرتعشة ، ودموعها تنهمر في هزيمة منكسرة واضعة يدها على صدرها : انا قلبي تعبني اوي يا ماما خلاص حاسة اني هموت ونفسي بيروح من قهرة قلبي
أطلقت مرجانة تنهيدة مليئة بالأسف ، وهي تخفض الحرارة على الطعام قبل أن تتجه إليها ، وتربت على ظهرها بتعاطف ، وهي تسير معها إلى غرفة المعيشة لتقول بحزن : كان مين غصبك علي العيشة دي يا نادية؟ ما انا ياما قولتلك يا حبيبتي اطلقي منه وخدي معاش ابوكي الله يرحمه وعيشي بيه انتي وبنتك معززة مكرمة هنا ..
جاورتها مرجانة على الأريكة ، تثني إحدى ساقيها تحتها وهي تصر على أسنانها ، قائلة بنبرة ذات مغزي : بس الاول ابقي مالية ايدي منك .. مش تعملي زي كل مرة وتجري عليه زي الخايبة
إنتفضت نادية بتسرع : لا والله المرة دي غير كل مرة والله العظيم
تقوس فم مرجانة بابتسامة ساخرة ، ووضعت كف يدها على خدها تنظر إليها بتفحص : اهي هي الجملة دي .. كل مرة تجيلي غضبانة وبتاكلي في نفسك وتقعدي تسخني فيا .. لحد لما السكر والضغط يعلوا عليا .. ومع اول مكالمة منه يطمن علي بنته كمان مش عليكي .. بتقومي تاخدي بعضك وترجعيله .. حصل ولا محصلش؟!
استدارت نادية في جلستها ، وهي تفرك كفيها ببعضهما ، قائلة في اعتراف مليء بالخجل من نفسها : حصل .. حصل .. بس يعني هو ذنبي اني بحب جوزي وباقية عليه يعني يا ماما؟
أنهت كلامها بمرارة ، ثم انفجرت في البكاء المرير ، وتساقطت دموعها الحارقة على خديها.
ربتت والدتها على كتفها بضيق مقهور : يا حبيبتي مش عيب الست تحب جوزها وتموت في التراب اللي بيمشي عليه كمان وتعمل كل اللي يرضيه .. بس لازم تبين قدامه شوية كرامة عشان مايستهيفهاش زي ما بيعمل دلوقتي فيكي .. اهو راح يشوف بنت خالته اللي الكل عارف انها لسه مشعشعة في نفوخه ولا سأل فيكي يا بنت الخايبة
حدجتها نادية بنظرات جاحظة ، وتذمرت بنبرة متحشرجة بالبكاء : هو انتي كدا كل ما اجيلك تقعدي تقطمي فيا وخلاص .. معرفش حظي ماله مقندل كدا ليه معاكو كلكو؟!
لكزتها مرجانة فى كتفها مغتاظة من سلبية إبنتها ، لتردد بصوت متهكم : حظك ماكنش في احسن منه يا بنت بطني .. انتي اللي ميلتي بختك بإيدك يا اختي فاكرة و لا نسيتي؟
واصلت حديثها بعتاب ، وهي تهز الطفلة الباكية مثل أمها على قدميها : ولو نسيتي انا هفكرك يا بنت مرجانة .. كام جدع مافيهوش غلطة اتقدمولك وكنتي بترفضيهم .. انتي اللي قبلتي تتخطبي لواحد وانتي عارفة انه جاه يخبط علي بابك كيد في بنت خالته .. بس انتي اللي قولتي انا موافقة علي دا يا ماما انا بحبه يا ماما وماصدقت انه طلبني للجواز وهخليه يحبني بعد الجواز .. وادي اخرتها قاعدة بتتلوني عشانه في مية شخصية وشكل كل مرة بينزلك فيها من الكويت عشان تملي عينه واول ما عرف انها مابتردش سابك وجري عليها عشان هي كرفاه ومش معبراه
جعدت نادية جبهتها في انزعاج ، ورغم أنها اعترفت بصدق حديثها ، إلا أن قلبها يسكنه سلطان واحد ، وهو الأمر الناهى فى دقاتها ، بينما لوت مرجانة شفتيها إلى الجانب ، وأضافت بنبرة حادة غير راضية عما تسمعه : انتي اللي رضيتي بالقليل عشان بتحبيه عملتي نفسك طارشة عشان ماتسمعيش البنات وهي بتكلم في فرحك وبتقول دي خطفت خطيب صاحبة اختها
خرجت من شفتيها تنهيدة حارة أعقبها صوتها المبحوح : لازمتها ايه بلاعة الذكريات اللي فتحتيهالي دي يا ماما .. يعني بذمتك انا ناقصة مش كفاية حرقة دمي وبتحرقي دمي زيادة .. انا جيالك عشان تطبطبي عليا وتبردي نار قلبي شوية مش عشان تقومي حريقة في قلبي كدا وتيجي عليا
وكزتها مرجانة بقسوة فى خصرها قبل أن تصيح بسخط : افهمي يا حمارة يا بنت الكلب .. اللي بياكل سكر علي طول نفسه بتجزع وطول ما انتي مدلدقة حنان واهتمام كدا وفاكرة ان دا هيلزقه فيكي تبقي هبلة .. اوقات الراجل يحب اللي تتقل عليه بس بدلع .. تنشعل عنه بحاجة مايعرفهاش وتبطل تجري وراه .. ساعتها بيبقي هيجنن ويعرف ايه اللي مركزة فيه ومش شايفاه وهو قدامها .. بس انتي بطريقتك دي مخلياه يتمرع عليكي وهيفضل يبيع ويشتري فيكي وممشيكي علي مزاجه هو عمال يروح ويلف علي كيفه كدا .. وهو ضامن انه هيرجع يلاقيكي علي حالك مستنياه .. يا ما قولتلك خليكي معاه زي الميزان اظبطي ايدك وايدلو كل حاجة بمقدار .. لا تجوعيه لحد مايموت ولا تشبعيه لحد مايفطس منك
شهقت نادية بعفوية ، وهى تتمتم بنبرة مذعورة : بعد الشر عنه يا ماما
رمقتها مرجانة بعينين جاحظتين من الصدمة ، وهدرت بنبرة غاضبة : يخربيت امك يا بت المجنونة .. جننتيني معاكي .. اتنيلي خذي البت نامت و خليني اشوف الاكل اللي علي النار
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى المساء بذات اليوم
فى غرفة فهمى
جلست سلمي بجانبه علي الفراش ، لتتحدث بصوت متوتر : هنعمل ايه في الورطة دي يا فهمي .. مصطفي مش هيسكت و هيقلب الدنيا فوق دماغنا .. انت ناسي انه بيوردلنا بضايع من شركته للاوتيل بتكاليف اقل من اي شركة تانية .. اكيد هيفسخ العقد معانا ويطالبنا بالمستحقات المتكومة علينا
وضع نظارته الطبية أعلى المنضدة ، ليتساءل بسخرية لاذعة : وهو مين ورطنا الورطة دي؟! مش انتي يا سلمي و ياما نصحتك وحذرتك بلاش تعملي كدا!!
مسد فهمى على ذقنه بتفكير ، واكمل بجدية : انا هتكلم مع مصطفي واحاول اقنعه يصبر علينا في تسديد الفلوس
إعترضت سلمى بغرابة : ايه البساطة اللي بتحكي بيها دي .. ضروري مش هيوافق طبعا بعد الفضيحة اللي حصلت وكله من تصرفات بنتك ولسه لنا يعرف كمان
رفعت إصبعها السبابة أمام وجهه بتحذير ، وهى تردف مشددة على كلماتها : وماتنساش انك مدير الاوتيل والمسؤل عنه قانونيا والاوراق عليها توقيعك انت .. دا غير الشيكات اللي مضيتهالو عشان مضاربتك في البورصة و خسرتك فيها كل شوية .. يعني اذا مصطفي رفع قضية وطالب بالفلوس دي انت هتكون واقع في المشكلة دي اكتر مني كمان هتجيب منين فلوس تدفعها له!!؟
ألقت سؤالها كالقنبلة في صدره ، لتعطيه ظهرها استعداداً للنوم ، وتركته في حالة من الارتباك والخوف مما هو قادمًا ، وتمتم بأمل : ضروري هنلاقي في حل
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى نفس المنزل
اعتدلت أبريل في جلستها على سجادة الصلاة بعد أن أدت صلاتها بخشوع ، ثم فتحت مصحفها الصغير ، وبدأت في القراءة وعيناها المتضرعتين ممتلئتان بالإرهاق حتى شعرت بالطمأنينة والراحة تتسلل إلى صدرها.
بعد مرور بعض الوقت ، قامت من مكانها ، ونزعت عنها الإسدال.
سارت ابريل حافية القدمين ، مرتدية بيجامة ذات لون سماوي بأكمام قصيرة مصنوعة من قماش خفيف ، وهي تتأمل بفيروزيتيها ، وتتفحص غرفة الضيوف التي أعدتها لها زوجة أبيها سلمى.
خرج زفير عميق من شفتيها ، وهي مستلقية على السرير تضم شال جدتها الحبيبة إلى أحضانها بمزيج من الاسترخاء والهدوء ، لتشرد في التفكير بأحداث اليومين الثقيلين الأخيرين ، بكل ما حدث فيهم ، منذ لحظة خروجها من المنزل هاربة وصدفة لقائها بهذا الذئب الباسم ، مروراً بزيارة مصطفى في المستشفى ، وما فعله باسم لأجلها اليوم ، أقنعت نفسها بأن هذا المشهد في غرفتها بالمستشفى كان مجرد عرض في مسرحية من إخراجهما معًا ، وتعترف بأنه تفوق على نفسه في لعب دور العاشق والحامي لحبيبته ، ثم إختتم اليوم بالظهور غير متوقع لأحمد قبل عودتها إلى منزل والدها.