رواية ملاذي وقسوتي الفصل الرابع عشر 14 بقلم دهب عطية
14
“حياة يــا حياة….. يلا اصحي كل ده نوم….. ”
فتحت حياة عينيها بتعب وارهاق…. نظرت حولها ببنيتان مرهقتان تساءلت سريعاً وبلهفه…
“ريم……. هو سالم فين خرج ولا لسه في البيت…. ”
ابتسمت ريم وهي تهز راسها بأستياء …
“وللهِ هبله وبتموتي فيه….سالم ياستي خرج من الساعة سابعه الصبح….. وحالياً يايويو الساعة انتشر الضهر ….”
نظرت لها بستفهام وحيرة..
“خرج ازاي لشغل …..دا النهارده تاني يوم
العيد… ”
رفعت ريم حاجبيها باستغراب لتتذكر شيئًا ما فقالت…
“ااه افتكرت …..لم كُنت قعده مع حني كان خارج
وقال قدمنا ان عنده أجتماع مع واحد من شركة مقولة دا بقه اللي هيتفق معاه على مقولة المصنع الجديد…..هو سالم مش حكيلك على موضوع الأرض اللي هيبني عليها مصنعه الجديد… ”
نظرت لها بحزن….ثم تنهدت بتعب قائلة بمرارة..
“من امته وسالم بيحكيلي على حاجه تخصه ياريم … انتِ ناسيه يعني جوزنا كان إزاي..”
مطت شفتيها بشجن واكملت..
“و خلاص سالم قرار ينهي كل حاجه بينا …. ”
نظرت لها ريم بعدم استيعاب … ثم جلست
بجوارها على حافة الفراش وتساءلت بقلق…
” معنى إيه الكلام ده ياحياة …انا مش فهمه
حاجه… ”
نزلت دموعها وهي تتذكر حديث سالم مساءاً …
وبلعت غصة في حلقها بمرارة وهي تعيد كل كلمة نطقها أمامها بغضب وانفعال….
لماذا تبكي الان بكل هذا الندم الجالي عليهآ
الم تتشوق لهذا الطلاق من بداية ان عرض
عليها الزواج منه….
قد مر شهرين على هذا الرابط الذي جمعهم تحت سقف غرفةً واحده لن تنكر انه خُلق داخلها عدة أحاسيس عديدة مختلفة لم تتذوقها إلا بجواره..
حتى هناك ذكريات تحتوي على مشاعر دافئه ناعمة بداخلها تحثى بشوق دوماً له كلما تذكرت….اهتمامه وحنانه المبالغ فيه…قسوته… وبرودة ردود أفعاله معها….العناد والتحدي من كلاهما….
لمساتهم ومشاعرهم الحميمية في عدة دقائق تساوي العالم بأكمله لهم…… لكلاً منهم ذكرةٍ واحساس مختلف عن الآخر ، هل بعد كل تلك الاحاسيس التي تكن بها داخلها مزالت مهزوزة في إدراك حقيقة
فراقهم الذي سيتسبب بفوضة داخلها ولم تمر تلك المرحله مرور الكرام كما يظن كلاهما………
“ردي على ياحياة وكفايه سرحان ….انتِ قولتي ايه لسالم ولا هو قالك اي…… “هزت ريم كتفها بخفه لتفيق من شرودها وهي ترمقها ببنيتان يذرفان الدموع بعدم شعور منها…….
مسحت ريم دموع حياة بيدها قائلة بقلق…
” مالك بس ياحياة… هو الموضوع كبير ولا إيه…. ”
رمت نفسها في احضان ريم وهتفت بانهيار
“سالم هيطلقني ياريم …….هيطلقني……..”
احتضنتها ريم بقلق وذهول…
“إيه اللي وصل الموضوع بينكم لكده….. اوعي
يكون عرف موضوع حبوب منع الحمل …..”
تحدثت وهي في احضانها بنفي…
“لا .. هو مضايق اني خبيت عليه موضوع زيارة وليد ليه في شليه إسكندريه… ”
ابتعدت حياة عنها وهي تمسح وجهها بحزن …
نظرت لها ريم قائلة بخزي من نفسها…
“انا آسفه ياحياة….. واضح ان انا كنت سبب المشكله اللي هتكبر بسببي ….. ”
رفعت حياة عينيها عليها بصدمة.. ثم هتفت
بخوف من ان تخسر صديقتها الآن بعد هذا الحديث
المبهم عليها…..
نظرت لها حياة بارتياب واردات توضيح أكثر منها … اخبرتها ريم كل ماحدث……
تنهدت حياة بعد انتهى ريم من الحديث قائلة بامتنان
“الحمدلله….. ”
نظرت لها ريم باستغراب…
“أنتِ بتقولي الحمدلله على إيه مش فاهمه… ”
قالت حياة وهي تضع يدها على صدرها…
“كنت فكره….. انك متفقه مع وليد او ريهام…. مش عارفه الشيطان صورلي اني ممكن اخسرك وتصدم فيكِ…… ”
فغرت ريم شفتيها وإتسعت عيناها قائلة بصدمة
“انا ياحياة….. طيب مش هعتب عليكِ دلوقتي
لكن احكيلي ايه اللي وصل الموضوع مابينك أنتِ وسالم لفكرة الطلاق بسرعة ديه……. ”
غامت عيون حياة مرة اخرة بحزنٍ أعمق… ثم
قالت بخفوت”هحكيلك…… ”
____________________________________
يجلس في مكتبه شارد الذهن….. لا يصدق انه قرر الفراق بينه وبينها….. هل هو قادر…. ام مجرد حديث في لحظة انفعال فقط…….. لن يتركها ولن يجرأ ولكن يهددها حتى تغير هذا العناد حتى تبدي بتمسك واصلاح زواجهم الذي أصبح على حافة الهاوية يهدد بسقوط ان تم إهماله أكثر من ذلك… هو على يقين ان المرأة اذا إرادة العيش مع رجلاً تحت اي ظرف بينهم ستفعل المستحيل لتصلح العلاقة وتحارب لدوام استمرارها….. وهذا ما يألم رجولته ان
(حياة) لا تحارب بلا لا تحاول بتاتاً
فعل اي شيء لأجل استمرار زواجهم وكان الأمر
برمته لا يعني لها !..
تنهد وهو يقنع نفسه انه يجب الإنتظار قليلاً ليرى
آثار كلماته عليها ان كانت تريده ستفعل مثل اي امرأة
تحافظ على زوجها وبيتها من الهدم أمام عينيها وان كانت لا تريده حتماً سترحب بقرار الطلاق !…
قد ترك لها زمام الأمور في هذا الشيء وعليها ان تخبره عن اختيارها الذي لن يظهر إلا بالافعال فقط…..
أنتبه لفنجان القهوة يوضع امام عينيه الشاردة ..
رفع عيناه على هذا الرجل الكبير المتقدم في العمر يعمل في المصنع ساعي خاص بمكتب لإدارة باكمله …
ابتسم له سالم وقال بامتنان…
“تعبتك معايا ياراجل ياطيب… ونزلتك انهارده من بيتك في ايام عيد واجازه….. ”
ابتسم العجوز قائلاً بحب واحترام لرب عمله..
“ولله العظيم يابيه مازعلان… مانت عارفني مش بحب قعدت البيت خالص…… وبعدين دا انت جمايلك مغرقاني انا عمري ماهنسى وقفتك جمبي انا وعيالي ومساعدتك لينا و…. ”
قاطعه سالم بعتاب…
“عم حسين احنا قولنا إيه… عيالك اخواتي الصغيرين وبعدين بلاش كلامك ده…. انت راجل طيب وربنا بيحبك وكان شيلك الأحسن وانا كنت مجرد سبب ”
“ربنا يكرمك يابيه……. ويطول في عمرك… ويكرمك بذرية الصالحة قادر ياكريم يارب…… ”
شاردا سالم وهو يبتسم بحزن …..وعيناه تأكد دعاء الرجل بأمل جديد….. يتمنى طفل يهون عليه فراق شقيقه الصغير (حسن) يتمنى طفل يحسن علاقته بملاذه العنيد…… ولكن ليس كل مايتمنه المرء
يدركه !…..فالكل قصة بداية باختيار القدر
ونهاية باختيار البشر !…
صدح الهاتف الارضي الموضوع على سطح المكتب
رفع السماعة…… ثم استمع الى الطرف الأخر
تحدث بعدها بعملية…
“تمام دخليه… وهاتلي الملف الـ(..) معاك…. ”
رفع عينيه وتأهب لهذا الاجتماع الحاسم والخاص ببناء مصنعه الجديد….
____________________________________
“معقول ياحياة… بعد كل الكلام ده وطلعتي من لاوضه وسبتيه كده عادي….. ”
اومات لها ببلاها….ثم قالت بانفعالاً حاد..
“امال اعمل إيه يعني….. ابوس ايده عشان ميطلقنيش……. ”
زفرت ريم بضيق …قائلة بتوبيخ لها…
“حياة أنتِ بجد هتشليني….. أنتِ اللي يسمع كلامك كده يقول إنك مش عايزاه ….ولي يشوف عياطك وزعلك من نص ساعة يقول بتموت في اللي خلفته…….اركزي كده وفهميني أنتِ عايزه سالم يطلقك ولا لا ……واهم من دا كله انتِ بتحبيه زي ماواضح قدامي ولا لاء… ”
حاولت حياة الفرار منها لتغير مجر الحديث بحرج…
“اي لازمة الاسئله دي كلها ياريم عندك حل يعني …….ولا فضول وخلاص….”
نظرت لها ريم بخبث قائلة …
“الحل اللي عندي واقف على الاجابه الى عند حضرِتك …..”
نظرت حياة لها بحرج ….لعدة دقائق ثم هتفت بنفاذ صبر بعد نظرات الأخرى المنتظرة أجابه حاسمة
منها….
“ايوه مش عايزاه يطلقني …..وااه اكتشفت امبارح
لم حسيت ان ممكن نبعد عن بعض واني مش هبقى مراته تاني اكتشفت اني ….اني ….”
نظرت لها ريم بسعادة واتسعت عينيها بفرح وقالت
بهيام ..”ها قوليها ونبي ….”
نظرت لها حياة بريبه…
“مالك يابنتي انتي اتجننتي ولا إيه …..”
مسكت ريم يدها وتنهدة بهيام أعمق مضحك ….
“اصل وانتِ بتكلمي عن الحب والفراق…. افتكرت قصة حبي بالفسدق فقولت اعيش شويه احلام اليقظه بتاعتي…. ”
إبتسمت حياة بسخرية عليها وعلى حالها أيضا….
“واضح كده اننا فقر…”
مطت ريم شفتيها بسأم…
“دي واضحه من زمان….. هو في حد بيعيش في نجع العرب وحاله بيتعدل يعني….”
“عندك حق…..طب وبعدين هنعمل إيه…
عادت ريم لحماسها وهي ترمق حياة بخبث
ثم قالت بمراوغه…
“كل حاجه في ايدك….. بقولك اي احنا بعد ايام العيد هننزل نشتري شوية هدوم من المول اللي لسه فاتح جديد… في قمصان نار هتعجبك اوي “غمزة لها ريم بعبث….
نظرت لها حياة وقالت بحرج….
“اي الإنحراف ده ياريم….مالها قمصان النوم بسالم.”
“يهبله ماهو ده اللي هيخلي سالم ينسى فكرة الطلاق نهائي…. شوية تغيير في شكلك ولبسك الجديد…. ابن عمي مش بس هينسى فكرة الطلاق
لا دا احتمال يحبسك في لاوضه ومتطلعيش منها تاني …. “ذهبت ريم من امامها بعد هذا الاقتراح الوقح….
صاحت حياة بحدة وخجل ….
“اااه يامنحرفه….. وانا اللي فكراكي بتكسفي من خيالك … ”
_____________________________________
دلف سالم من باب المنزل الكبير ليجد الجميع يجلس في صالون البيت ….الجدة راضية…. وحياة وابنتها وريم وريهام أيضاً……
تنحنح بخشونةٍ ….
“سلام عليكم…… ”
ردد الجميع السلام…… إلا حياة كانت تتطلع عليه بحزن تحاصر عيناه السوداء بجرأة واهتمام لم تعهدهم من قبل… اما سالم فرفع عينيه عليها
لثواني واسبلهم بصعوبةٍ عنها….. ملاذه مهلكة وكالمغناطيس تجذبه إليها … وهو لا يريد الانجذاب
ولشعور بالضعف مره آخره معها..
يجب التعامل معها بطريقة جديدة ليرى ردة فعلها على هذا…. وهل الفراق هو هدفها ام ستحاول إصلاح
ما دمر بينهم …
ابتسمت راضية قائلة بحنان….
“حمدل على السلامتك ياولدي….. دقايق و
البنات يجهزوه الغدا….. ”
نظر الى حياة التي مزالت عينيها عليه….
قال بنبرة ذات معنى لها ….
“لا انا مليش نفس… اتغدم أنتم.. “ثم صمت
برهة وتساءل بعدها…
“امال فين الحاج رافت….. ”
ردت الجدة بحرج عليه ….
“عند وليد في المستشفى……. ”
اشتعلت عينا سالم بغضب من تذكر اسم هذا الوغد
ابن عمه أومأ لها باقتضاب وهو يصعد بعدها
لغرفته…….
لكزة ريم حياة قائلة بضيق
“حياة اطلعي لسالم….. ”
نظرت لها حياة بتسائل
“ليه يعني…… ”
زفرت ريم بقلة صبر ثم قالت بهمس….
“بدأت اتشل…. يابنتي الراجل لسه جاي من الشغل قرفان وتعبان…. وعشان حضرتِك مزعلاه مش
عايز ياكل يبقى لازم تصرفي وتقنعيه ينزل
ياكل…. ”
مطت حياة شفتيها قائلة بتبرم …
“ربنا يستر من نصايحك المهببه….. خدي بالك من ورد لحد مانزل ……”
اكتفت ريم بايماءة بسيطة لها….. لتصعد حياة الدرج وهي تمسك قلبها بين يداها……
أطرقت على باب الغرفة التي استلقى بها سالم البارحة بعيداً عنها…… فتح باب غرفته وهو عاري
الصدر يرتدي بنطال قطني ويضع حول رقبته
منشفة……وتتساقط قطرات الماء من شعره الأسود الغزير……نظر لها ببرود قائلاً..
“في حاجه ياحياة….. عايزه حاجه…… ”
عضت على شفتيها …ثم صمتت قليلاً تجمع افكارها المشتته من اثار معاملته الجافة معها…
بلعت ما بحلقها وهي تقول بحرج
“انت مش هتاكل ياسالم….. ”
دلف الى الغرفة مره اخرى وتركها تقف على عتبت الباب ورد بفظاظة..
“واضح انك مخدتيش بالك اني قولت تحت اني مش عايز اكل……. ”
دلفت الى الغرفة واغلقت ألباب…. ثم سألته بصوتٍ ناعم…”طب ليه مش عايز تاكل… انت خرجت النهارده الصبح من غير اكل و”
“اي سر اهتمامك ده….”هتف لها ببرود وهو يمشط شعره امام المرآة ومزال يقف امامها عاري الصدر…
اقتربت منه وزمجرت بصوتٍ متذمر ….
“هو لازم يكون في سر وار أهتمامي بجوزي…. ”
ابتسم ساخراً وهو يميل براسه نحوها قليلاً..
“جوزك؟.. اي ده هي لسه وصله عندك اني جوزك… ”
اقتربت منه اكثر لتقف امامه قائلة بضيق
من سخريته..
“سالم انت بتعمل كده ليه معايا….. ”
نظر لها ببرود او بالأصح القناع الذي يحاول التخفي به من رغبته التي تحرقه الان من قربها ونظرت عينيها الحزينة…وايقونة صوتها الناعم..
تنهد بضيق يخفي نيران شوقه لها والذي إذآ
بدات ستبدأ بعناق وتنتهي بأشياء آخرى
صعب تخيلها إلا معها…
أبعد عينيه عنها بضيق
“إنتِ عايزه ايه بظبط …… “…
اقتربت منه اكثر ثم وضعت يداها حول عنقه
و مالت عليه قليلاً قائلة برقه…..
“وحشتني ياسالم….. ”
فغر شفتاه باندهاش وتطلع عليها بصدمة …ثم سرعان ما ابتسم بخبث ورد عليها بــــ
“شكراً…… ”
نظرت له بصدمة وضيق قائلة بدهشة..
“نعم….. هو المفروض ان ده رد.. ”
ابتسم بمكر وهو يميل عليها بهمس دغدغ انوثتها…
“بنسبه ليكِ ياملاذي هو ده الرد المناسب …”
اغمضت عينيها بضعف من قربه و أنفاسه الساخنة
التي تداعب عنقها بعبث حركته تلعب على اوتار آلأنثى داخلها..
مرر أصابعه على كامله عمودها الفقري الذي سارت به القشعريرة تحت لمساته….مالي على عنقها وتحسس نعومة ملمسه بشفتيه بدون ان يقبلها…
بدأت تشعر بالضعف والنشوة من عبثه هذا بها
مرت عدة ثواني معدودة قبل ان يبتعد عنها ببرود
تارك اياها بحالة صدمة ومهانة لانوثتها أمامه…وكأنها
في حلم وردي اللون فاقت منه على كابوس ذا
قواتم مريعه…
وقف عند الفراش وارتدى (تيشرت) الخاص به بهدواء مُميت لروحها المنكسرة من فعلته……
أسبلت بُنيتيها على الأرض بحرجٍ من برودة
معاملته وطريقة اذلاله لها
وكانه مصمم على قرار طلاقهم
هكذا ظنت ولم تحسبه عقاب لها حتى يعود لها
حين تُعيد التفكير في علاقتهم المتعثرة في
ذكريات الماضي….اما تنسى وتبدأ معه هو
او تنساه وتستمر في ماضيها وحياتها بدونه….
رفع عيناه عليها ببرود وكانه لم يفعل شيءٍ
منذ قليل معها…
“ياريت تقولي ليهم يحضرو الغدا لحسان جعان….”
خرج من غرفته وتركها تنظر له بذهول وحزن..
مرر يده على شعره بقوة وهو يتمتم داخله
بضيق……
“هنرجع ياحياة والله العظيم ماهطلقك وهنرجع …بس قبل مانرجع لازم اكون في نظرك جوزك……….جوزك ياحياة….. مش اخوه….”
_____________________________________
بعد مرور عدة أيام…
اوقف السيارة امام مبنى راقي الشكل عبارة عن عدة اقسام (مول) به كل شيء واي شيء تريده مكان مزدحم قليلاً وراقي أيضاً يحتوي على معظم الأشياء كثيرة الاستخدام…. ملابس…. اكسسورات بجميع انوعها…. مستحضرات تجميل…. عطور….. مواد غذائية وغيرها من الأشياء ذات الاحتياجات
المطلوبة لدى البعض …..
نظر سالم في مرآة سيارته لهم وهو يقول بهدوء
“مش يلا بينا ولا اي …..”
ابتسمت ريم بسعادة وحماس …
“ايوه يلا بينا نبدأ البذخ ياجدعان… ”
أبتسم سالم وهو يهز راسه بجزع من ثرثرت ابنة عمه…. ثم حول انظاره نحو حياة عبر المرآة قائلاً بمراوغه لها…
“وأنت هتبدأ البذخ امته ياعم الصمت…. ”
رفعت بُنيتيها الداكنة عليه بهدوء ثم ردت
بعدم اكترث بارد…
“متقلقش مش هصرف كتير…. انا قنوعه اوي…. ”
“هبله……”قالها داخله فهو يعلم إنها تتعامل معه بتحفز اكثر …من يوم ان أبتعد عنها بجفاء وسط اشتياقها له و رده البارد عليها حين تماسكت
بشجاعة وقالت له (وحشتني) كم كان يريد ان يرد عليها بالاكثر ولكن تماسك بثبات قليلاً فعلاقتهم في
نظره تحتاج لأشياء اقوى واكثر من كلمات غزل وحب…..
فاق من شروده على صوت ورد الصغيرة وهي
تهمس الى ريم ببراءة..
“خالتو ريم هو انا هنا هلاقي فساتين على
قدي…. ”
قبلتها ريم بحماس وهي تُجيبها بطفولة…
“ايو ياقلب خالتو دا انا هبهرك بكمية الفساتين اللي جوا المول وكلها على قدك طبعاً… ”
دلف الجميع الى المول…..
وقفت ريم ومسكت كف ورد بين يدها ومالت على حياة قائلة بمهس …
“حياه الدور اللي فوق ده على ايدك اليمين هتلاقيه
فيه الهدوم المشخلعه كلها…. ”
احتدت عينا حياة قائلة بشك…
“أنتِ بتوصفيلي المكان لي ياريم أنتِ مش هتيجي معايا ولا إيه…… ”
لم ترد عليها ريم بل هتفت بصوت عالٍ
قليلاً و أداء متقن …
“طب ياحياة استنيني أنتِ في الدور اللي فوق ده لحد ماشوف محل الأطفال ده عنده فساتين على قد ورد ولا لاء…. ”
حياة مسكت يدها بقوة وقالت من تحت أسنانها
“هاجي معاكِ…..عشان اشوف الفساتين على
ورد ”
ردت ريم بصوت عالٍ….
“لا طبعاً ياحياة اطلعي أنتِ اشتري طلباتك اللي محتجاها وسالم معاكِ …..وبلاش تشغلي بالك
بورد دي في عنيا دي بنت اختي برضه….. ”
اشتعلت عيون حياة وجزت على أسنانها بحدة
“ريم……. ”
قاطعها سالم بعدم اهتمام…
“خلاص ياحياة متقلقيش ريم معها التلفون وانا مسجل رقمها وبعدين هي هتشوف محل واحد
ولمول مليان محلات اكيد هتشتريلها تاني يعني
دا لو ريم جابت حاجه من المحل اللي عايزه تدخله
يلا أنتِ عشان تشوفي أنتِ عايز إيه….. “ثم نظر
الى ريم بأمر….
“بلاش تتاخري ياريم المول زحمه ….واول متطلعي من المحل رني عليا ….”
اومات ريم له بابتسامة بسيطة….
مسك كف حياة بين يده الرجولية الكبيرة
وقال بخشونة “يلا بينا ياحياة…. ”
رفعت عينيها عليه بتردد واشتعلت وجنتيها فجأه
من لمست يده المطبقة على كف يدها…..
مالت ريم عليها في هذا الوقت وقالت بخبث ..
“اي خدمه يايويو عَدي آلجمايل… وبلاش تنسي الانجري كتري فيهم وبذات الالون هاتيها كده مـ… ”
“أمشي من وشي ياريم الساعادي.. “هتفت بها حياة من تحت اسنانها بقهر من هذا الموقف الذي لا تحسد عليه ……اختفت ريم في رواق ما بعيد عن مرمى ابصارهم ……
نظر لها سالم وهو يتكأ على كف يدها اكثر بامتلاك
“مش يلا بينا…. ”
نظرت له بحرج لتمرر يدها الآخره بتوتر حول حجابها لتشغل عينيها بشيء وهمي ثم قالت بابتسامة يملأها الحرج…
“اااه طبعاً يلا بينا……. ربنا يستر.. ”
نظر لها باستغراب….. اتسعت هي ابتسامتها
ببلاها قائلة….
“انا من راي كفايه تسبيل…… ”
هز راسه وابتسم بيأس من تغير تقلباتها المزاجية
التي باتت واضحة لديه……..
“ها ياحياة هتشتري إيه….. “قال سالم حديثه وهو يتطلع عليها بتراقب…… ليجد عينيها الخجولة
تختلس النظر نحو مكاناً ما …..رفع عيناه على ماتنظر له ليجد محل خاص بملابس النساء …
نظرت له حياة بحرج وقالت بتردد….
“شكل الحاجه اللي انا عايزاها مش موجوده هنا.. ”
ابتسم لها بعبث وهو يسحبها من يدها قائلاً بمراوغه
“لا موجوده بس شكلك مش شايفه كويس…. ”
“سالم أنت واخدني على فين….. “قالتها وهي تحاول سباق خطواته السريعة ولو قليلاً…..
دلف بها الى المحل…….
ووقف معها امام بعض الملابس المكشوفة للمبيعات كعرض ….. قال بعبث ناظراً على شيءٍ معين..
“حلو اوي الاحمر دا ياحياة هيبقي حكايه عليكي
إيه… ”
شهقت بصدمة وهي تنظر له قائلة بضيق
“سالم……. انت بتقول إيه… ”
نظر لها وتصنع البراءة قائلاً…
“دا اقتراح بريء على فكره…… ”
قالت بحرج وتلعثم وهي تمرر يدها على
حجابها بحرج….
“سالم هو ينفع تستنى برا لحد ماخلص… ”
ابتسم على حرجها كان يود لو يظل اكثر معها يلعب على اوتار هذا الخجل الذيذ….. ولكنه فضل الان
الذهاب وترك لها مساحة خاصة فامزالت علاقتهم تحتاج بعض الوقت وهو سيعمل على هذا معها !….
وضع الفيزا كارت في كف يدها…..
ومال عليها قليلاً قبل ذهابه قائلاً بهمس وقح
“أختاري الاحمر ده عشان عايز اشوفه عليكِ… ”
وضع قبله حانية على وجنتها وخرج سريعاً…… اختفى عن مرمى ابصارها….
لاحت إبتسامة ناعمه ثغرها بخجل وهي تهز رأسها
بحرج…
“الانفصام وعميله….. بس شكلي حبيتك ياسالم….”
مسكت القميص الاحمر بين يديها وقالت بخجل لنفسها…..
“حلو اوي …….. هشتريه……. ”
بعد مدة خرجت من المكان لتجده ينتظرها يبدو عليه بعض الملل…. اقتربت منه وقالت بحرج..
” مش يلا بينا بقه لحسان اتاخرنا على ريم و
ورد اوي ….. ”
اوما له بصوتٍ رخيم…
“هم مستنين في الكفتريا تحت…. ”
اومات له وهي تسير بجواره…
قال بمزاح خفي…
“اشتريتي كل طلباتك….. ”
اكتفت بايماءة بسيطة له…..
نظر لها بمكر وقال بعبث….
“اي رايك في ذوقي….. حلو….. ”
ابتسمت بتردد ولم ترد عليه وابعدت راسها لناحية الآخرى….. ولكن ماثار الدهشة داخلها قليلاً انه ايقن انها اخذت ما اختاره لها….
___________________________________
بعد مرور اسبوعين في المشفى
“حمدال على سلامتك ياوليد اللهي تنقطع ايده المفتري ده……. “هتفت خوخه بضيق وحزن
زائف..
تأوه وليد بتعب وحقد…
“بقالي اسبوعين ياخوخه اسبوعين مش بعرف انزل من على السرير…. ابن الـ…… فشفش عضمي بس اقسم بالله ما سيبه لازم اقتله بايدي وشرب
من دمه ….”
ربتت على كتفه بحنان وهي تقول..
“ان شاء الله ياوليد المهم انت تقوملي بسلامه انا محتجاك جمبي اوي ياوليد….. ”
نظر لها وليد بغرابة متسائلا بشك….
“مالك ياخوخه في حاجه حصلت في النجع….
ابويه في حاجه…… ”
نظرت له خوخة وقالت بسرعه ونفي …
“لا ابوك بخير ولنجع زي ماهو كل واحد في حاله
انا بتكلم عليا انا ياوليد انا وانتَ و….. ” وضعت
يدها على بطنها بتردد ثم رفعت عينيها عليه لتجد عيناه اشتدت بغضب واشتعالة بعد ان فهم مقصدها بدون ان تكمل جملتها …..صاح بها بعصبية
“امته حصل ده …..”
ردت عليه بخوفٍ من ملامحه التي لا تبشر بالخير..
“انا لسه عارفه انهارده ..اني حامل بقلي شهر ”
صمت بضيق ثم قال ببرود عكس ملامحه
الرجولية المشتدة بغضب “ولمطلوب …..”
فغرت شفتيها من تصريحه الجليدي عليها ….
كانت تعلم هذا لن يعترف بطفل ابداً …..
“انتَ بتسالني انا انت عارف ان اللي في بطني
ده منك و …..”
قاطعها وهو يبتسم أمام وجهها بسماجه…
“كفايه دراما ياخوخه وسمعيني كويس ….اللي في بطنك ده ينزل وتنسي خالص الدراما المصريه دي عشان اتحرقت في كام فيلم هابط قبل كده ….انا مش هعترف ان ده ابني لان زي ماسلمتي جسمك ليا اكيد سلمتيه لغيري ….فا اعقلي كده ورجعي خوخه اللي اعرفها… لانك لو مسمعتيش كلامي هتزعلي جامد مني….. ومش بس كده دا انتي هتفتحي على نفسك ابوب جهنم لو فكرتي تعصي كلامي ….”
نظرت له بغضب قائلة بعناد وحدة…
“ابني مش هيموت ياوليد ….ولو في حد
المفروض يموت يبقى انتَ …..”
اخرجت السكينة التي كانت تخفيها في حقيبتها
من كثرة تعرضها لتحرش في مكان عملها كراقصة
في الموالد المزدحمة بالبشر ومنهم ووجوه اجرامية
تتعامل معها وتراها كل يوم ….رفعت السلاح امام وجه وليد الذي ابتسم بسماجه
قائلاً بلؤم…
“نزلي السكينة ياشاطره لحسان تتعوري ….”
بدأت ترتجف يدها الممسك بسكين وهتفت بشجاعة عكس ملامحها المتعرقة خوفٍ …
“هقتلك ياوليد …..”
نظر لها بتحدي…
“للاسف انتِ ضعف من انك تعمليها ياخوخه ….”
“ولي مقدرش اعملها…..وانت عاجز قدامي وجسمك كله مكسر ومش قادر تحركه……”
رد عليها بمنتهى السماجة …
“يمكن عشان عارف ان اهلك محتاجين للقرشين اللي بتاخديهم مني ……”
غرز هو سكينةٍ حادةٍ داخلها…. سلاح وهمي وضعه
بقلبها ولكنه أشد الم وقسوة عليها
قد تدرك بعد شراستك في الحياة انك اضعف
من ان تترك من هم يتعلقون بعنقك وينتظرون
منك الاكثر من العطاء …..هتفت بصدمة…
“عرفت طريق اهلي منين ….انا عمري ماجبت سيرتهم قدامك ……”
رد بسماجةٍ وغرور ….
“مفيش حاجه بعيد عليا …..ياريت تعقلي كده
وتسمعي الكلام من سكات ….وبعدين أنتِ
خسرانه اي انا انبسط معاكِي وأنتِ تاكلي اهلك بفلوسي…. المصالح مابينا مشتركه ياخوخه اعقلي كده ومضيعش كل حآجه عشان حتة عيل محدش عارف أبوه يبقى مين…”أنهى حديثه بنظرة مُهينة
لها……..
يتبع…
“حياة يــا حياة….. يلا اصحي كل ده نوم….. ”
فتحت حياة عينيها بتعب وارهاق…. نظرت حولها ببنيتان مرهقتان تساءلت سريعاً وبلهفه…
“ريم……. هو سالم فين خرج ولا لسه في البيت…. ”
ابتسمت ريم وهي تهز راسها بأستياء …
“وللهِ هبله وبتموتي فيه….سالم ياستي خرج من الساعة سابعه الصبح….. وحالياً يايويو الساعة انتشر الضهر ….”
نظرت لها بستفهام وحيرة..
“خرج ازاي لشغل …..دا النهارده تاني يوم
العيد… ”
رفعت ريم حاجبيها باستغراب لتتذكر شيئًا ما فقالت…
“ااه افتكرت …..لم كُنت قعده مع حني كان خارج
وقال قدمنا ان عنده أجتماع مع واحد من شركة مقولة دا بقه اللي هيتفق معاه على مقولة المصنع الجديد…..هو سالم مش حكيلك على موضوع الأرض اللي هيبني عليها مصنعه الجديد… ”
نظرت لها بحزن….ثم تنهدت بتعب قائلة بمرارة..
“من امته وسالم بيحكيلي على حاجه تخصه ياريم … انتِ ناسيه يعني جوزنا كان إزاي..”
مطت شفتيها بشجن واكملت..
“و خلاص سالم قرار ينهي كل حاجه بينا …. ”
نظرت لها ريم بعدم استيعاب … ثم جلست
بجوارها على حافة الفراش وتساءلت بقلق…
” معنى إيه الكلام ده ياحياة …انا مش فهمه
حاجه… ”
نزلت دموعها وهي تتذكر حديث سالم مساءاً …
وبلعت غصة في حلقها بمرارة وهي تعيد كل كلمة نطقها أمامها بغضب وانفعال….
لماذا تبكي الان بكل هذا الندم الجالي عليهآ
الم تتشوق لهذا الطلاق من بداية ان عرض
عليها الزواج منه….
قد مر شهرين على هذا الرابط الذي جمعهم تحت سقف غرفةً واحده لن تنكر انه خُلق داخلها عدة أحاسيس عديدة مختلفة لم تتذوقها إلا بجواره..
حتى هناك ذكريات تحتوي على مشاعر دافئه ناعمة بداخلها تحثى بشوق دوماً له كلما تذكرت….اهتمامه وحنانه المبالغ فيه…قسوته… وبرودة ردود أفعاله معها….العناد والتحدي من كلاهما….
لمساتهم ومشاعرهم الحميمية في عدة دقائق تساوي العالم بأكمله لهم…… لكلاً منهم ذكرةٍ واحساس مختلف عن الآخر ، هل بعد كل تلك الاحاسيس التي تكن بها داخلها مزالت مهزوزة في إدراك حقيقة
فراقهم الذي سيتسبب بفوضة داخلها ولم تمر تلك المرحله مرور الكرام كما يظن كلاهما………
“ردي على ياحياة وكفايه سرحان ….انتِ قولتي ايه لسالم ولا هو قالك اي…… “هزت ريم كتفها بخفه لتفيق من شرودها وهي ترمقها ببنيتان يذرفان الدموع بعدم شعور منها…….
مسحت ريم دموع حياة بيدها قائلة بقلق…
” مالك بس ياحياة… هو الموضوع كبير ولا إيه…. ”
رمت نفسها في احضان ريم وهتفت بانهيار
“سالم هيطلقني ياريم …….هيطلقني……..”
احتضنتها ريم بقلق وذهول…
“إيه اللي وصل الموضوع بينكم لكده….. اوعي
يكون عرف موضوع حبوب منع الحمل …..”
تحدثت وهي في احضانها بنفي…
“لا .. هو مضايق اني خبيت عليه موضوع زيارة وليد ليه في شليه إسكندريه… ”
ابتعدت حياة عنها وهي تمسح وجهها بحزن …
نظرت لها ريم قائلة بخزي من نفسها…
“انا آسفه ياحياة….. واضح ان انا كنت سبب المشكله اللي هتكبر بسببي ….. ”
رفعت حياة عينيها عليها بصدمة.. ثم هتفت
بخوف من ان تخسر صديقتها الآن بعد هذا الحديث
المبهم عليها…..
نظرت لها حياة بارتياب واردات توضيح أكثر منها … اخبرتها ريم كل ماحدث……
تنهدت حياة بعد انتهى ريم من الحديث قائلة بامتنان
“الحمدلله….. ”
نظرت لها ريم باستغراب…
“أنتِ بتقولي الحمدلله على إيه مش فاهمه… ”
قالت حياة وهي تضع يدها على صدرها…
“كنت فكره….. انك متفقه مع وليد او ريهام…. مش عارفه الشيطان صورلي اني ممكن اخسرك وتصدم فيكِ…… ”
فغرت ريم شفتيها وإتسعت عيناها قائلة بصدمة
“انا ياحياة….. طيب مش هعتب عليكِ دلوقتي
لكن احكيلي ايه اللي وصل الموضوع مابينك أنتِ وسالم لفكرة الطلاق بسرعة ديه……. ”
غامت عيون حياة مرة اخرة بحزنٍ أعمق… ثم
قالت بخفوت”هحكيلك…… ”
____________________________________
يجلس في مكتبه شارد الذهن….. لا يصدق انه قرر الفراق بينه وبينها….. هل هو قادر…. ام مجرد حديث في لحظة انفعال فقط…….. لن يتركها ولن يجرأ ولكن يهددها حتى تغير هذا العناد حتى تبدي بتمسك واصلاح زواجهم الذي أصبح على حافة الهاوية يهدد بسقوط ان تم إهماله أكثر من ذلك… هو على يقين ان المرأة اذا إرادة العيش مع رجلاً تحت اي ظرف بينهم ستفعل المستحيل لتصلح العلاقة وتحارب لدوام استمرارها….. وهذا ما يألم رجولته ان
(حياة) لا تحارب بلا لا تحاول بتاتاً
فعل اي شيء لأجل استمرار زواجهم وكان الأمر
برمته لا يعني لها !..
تنهد وهو يقنع نفسه انه يجب الإنتظار قليلاً ليرى
آثار كلماته عليها ان كانت تريده ستفعل مثل اي امرأة
تحافظ على زوجها وبيتها من الهدم أمام عينيها وان كانت لا تريده حتماً سترحب بقرار الطلاق !…
قد ترك لها زمام الأمور في هذا الشيء وعليها ان تخبره عن اختيارها الذي لن يظهر إلا بالافعال فقط…..
أنتبه لفنجان القهوة يوضع امام عينيه الشاردة ..
رفع عيناه على هذا الرجل الكبير المتقدم في العمر يعمل في المصنع ساعي خاص بمكتب لإدارة باكمله …
ابتسم له سالم وقال بامتنان…
“تعبتك معايا ياراجل ياطيب… ونزلتك انهارده من بيتك في ايام عيد واجازه….. ”
ابتسم العجوز قائلاً بحب واحترام لرب عمله..
“ولله العظيم يابيه مازعلان… مانت عارفني مش بحب قعدت البيت خالص…… وبعدين دا انت جمايلك مغرقاني انا عمري ماهنسى وقفتك جمبي انا وعيالي ومساعدتك لينا و…. ”
قاطعه سالم بعتاب…
“عم حسين احنا قولنا إيه… عيالك اخواتي الصغيرين وبعدين بلاش كلامك ده…. انت راجل طيب وربنا بيحبك وكان شيلك الأحسن وانا كنت مجرد سبب ”
“ربنا يكرمك يابيه……. ويطول في عمرك… ويكرمك بذرية الصالحة قادر ياكريم يارب…… ”
شاردا سالم وهو يبتسم بحزن …..وعيناه تأكد دعاء الرجل بأمل جديد….. يتمنى طفل يهون عليه فراق شقيقه الصغير (حسن) يتمنى طفل يحسن علاقته بملاذه العنيد…… ولكن ليس كل مايتمنه المرء
يدركه !…..فالكل قصة بداية باختيار القدر
ونهاية باختيار البشر !…
صدح الهاتف الارضي الموضوع على سطح المكتب
رفع السماعة…… ثم استمع الى الطرف الأخر
تحدث بعدها بعملية…
“تمام دخليه… وهاتلي الملف الـ(..) معاك…. ”
رفع عينيه وتأهب لهذا الاجتماع الحاسم والخاص ببناء مصنعه الجديد….
____________________________________
“معقول ياحياة… بعد كل الكلام ده وطلعتي من لاوضه وسبتيه كده عادي….. ”
اومات لها ببلاها….ثم قالت بانفعالاً حاد..
“امال اعمل إيه يعني….. ابوس ايده عشان ميطلقنيش……. ”
زفرت ريم بضيق …قائلة بتوبيخ لها…
“حياة أنتِ بجد هتشليني….. أنتِ اللي يسمع كلامك كده يقول إنك مش عايزاه ….ولي يشوف عياطك وزعلك من نص ساعة يقول بتموت في اللي خلفته…….اركزي كده وفهميني أنتِ عايزه سالم يطلقك ولا لا ……واهم من دا كله انتِ بتحبيه زي ماواضح قدامي ولا لاء… ”
حاولت حياة الفرار منها لتغير مجر الحديث بحرج…
“اي لازمة الاسئله دي كلها ياريم عندك حل يعني …….ولا فضول وخلاص….”
نظرت لها ريم بخبث قائلة …
“الحل اللي عندي واقف على الاجابه الى عند حضرِتك …..”
نظرت حياة لها بحرج ….لعدة دقائق ثم هتفت بنفاذ صبر بعد نظرات الأخرى المنتظرة أجابه حاسمة
منها….
“ايوه مش عايزاه يطلقني …..وااه اكتشفت امبارح
لم حسيت ان ممكن نبعد عن بعض واني مش هبقى مراته تاني اكتشفت اني ….اني ….”
نظرت لها ريم بسعادة واتسعت عينيها بفرح وقالت
بهيام ..”ها قوليها ونبي ….”
نظرت لها حياة بريبه…
“مالك يابنتي انتي اتجننتي ولا إيه …..”
مسكت ريم يدها وتنهدة بهيام أعمق مضحك ….
“اصل وانتِ بتكلمي عن الحب والفراق…. افتكرت قصة حبي بالفسدق فقولت اعيش شويه احلام اليقظه بتاعتي…. ”
إبتسمت حياة بسخرية عليها وعلى حالها أيضا….
“واضح كده اننا فقر…”
مطت ريم شفتيها بسأم…
“دي واضحه من زمان….. هو في حد بيعيش في نجع العرب وحاله بيتعدل يعني….”
“عندك حق…..طب وبعدين هنعمل إيه…
عادت ريم لحماسها وهي ترمق حياة بخبث
ثم قالت بمراوغه…
“كل حاجه في ايدك….. بقولك اي احنا بعد ايام العيد هننزل نشتري شوية هدوم من المول اللي لسه فاتح جديد… في قمصان نار هتعجبك اوي “غمزة لها ريم بعبث….
نظرت لها حياة وقالت بحرج….
“اي الإنحراف ده ياريم….مالها قمصان النوم بسالم.”
“يهبله ماهو ده اللي هيخلي سالم ينسى فكرة الطلاق نهائي…. شوية تغيير في شكلك ولبسك الجديد…. ابن عمي مش بس هينسى فكرة الطلاق
لا دا احتمال يحبسك في لاوضه ومتطلعيش منها تاني …. “ذهبت ريم من امامها بعد هذا الاقتراح الوقح….
صاحت حياة بحدة وخجل ….
“اااه يامنحرفه….. وانا اللي فكراكي بتكسفي من خيالك … ”
_____________________________________
دلف سالم من باب المنزل الكبير ليجد الجميع يجلس في صالون البيت ….الجدة راضية…. وحياة وابنتها وريم وريهام أيضاً……
تنحنح بخشونةٍ ….
“سلام عليكم…… ”
ردد الجميع السلام…… إلا حياة كانت تتطلع عليه بحزن تحاصر عيناه السوداء بجرأة واهتمام لم تعهدهم من قبل… اما سالم فرفع عينيه عليها
لثواني واسبلهم بصعوبةٍ عنها….. ملاذه مهلكة وكالمغناطيس تجذبه إليها … وهو لا يريد الانجذاب
ولشعور بالضعف مره آخره معها..
يجب التعامل معها بطريقة جديدة ليرى ردة فعلها على هذا…. وهل الفراق هو هدفها ام ستحاول إصلاح
ما دمر بينهم …
ابتسمت راضية قائلة بحنان….
“حمدل على السلامتك ياولدي….. دقايق و
البنات يجهزوه الغدا….. ”
نظر الى حياة التي مزالت عينيها عليه….
قال بنبرة ذات معنى لها ….
“لا انا مليش نفس… اتغدم أنتم.. “ثم صمت
برهة وتساءل بعدها…
“امال فين الحاج رافت….. ”
ردت الجدة بحرج عليه ….
“عند وليد في المستشفى……. ”
اشتعلت عينا سالم بغضب من تذكر اسم هذا الوغد
ابن عمه أومأ لها باقتضاب وهو يصعد بعدها
لغرفته…….
لكزة ريم حياة قائلة بضيق
“حياة اطلعي لسالم….. ”
نظرت لها حياة بتسائل
“ليه يعني…… ”
زفرت ريم بقلة صبر ثم قالت بهمس….
“بدأت اتشل…. يابنتي الراجل لسه جاي من الشغل قرفان وتعبان…. وعشان حضرتِك مزعلاه مش
عايز ياكل يبقى لازم تصرفي وتقنعيه ينزل
ياكل…. ”
مطت حياة شفتيها قائلة بتبرم …
“ربنا يستر من نصايحك المهببه….. خدي بالك من ورد لحد مانزل ……”
اكتفت ريم بايماءة بسيطة لها….. لتصعد حياة الدرج وهي تمسك قلبها بين يداها……
أطرقت على باب الغرفة التي استلقى بها سالم البارحة بعيداً عنها…… فتح باب غرفته وهو عاري
الصدر يرتدي بنطال قطني ويضع حول رقبته
منشفة……وتتساقط قطرات الماء من شعره الأسود الغزير……نظر لها ببرود قائلاً..
“في حاجه ياحياة….. عايزه حاجه…… ”
عضت على شفتيها …ثم صمتت قليلاً تجمع افكارها المشتته من اثار معاملته الجافة معها…
بلعت ما بحلقها وهي تقول بحرج
“انت مش هتاكل ياسالم….. ”
دلف الى الغرفة مره اخرى وتركها تقف على عتبت الباب ورد بفظاظة..
“واضح انك مخدتيش بالك اني قولت تحت اني مش عايز اكل……. ”
دلفت الى الغرفة واغلقت ألباب…. ثم سألته بصوتٍ ناعم…”طب ليه مش عايز تاكل… انت خرجت النهارده الصبح من غير اكل و”
“اي سر اهتمامك ده….”هتف لها ببرود وهو يمشط شعره امام المرآة ومزال يقف امامها عاري الصدر…
اقتربت منه وزمجرت بصوتٍ متذمر ….
“هو لازم يكون في سر وار أهتمامي بجوزي…. ”
ابتسم ساخراً وهو يميل براسه نحوها قليلاً..
“جوزك؟.. اي ده هي لسه وصله عندك اني جوزك… ”
اقتربت منه اكثر لتقف امامه قائلة بضيق
من سخريته..
“سالم انت بتعمل كده ليه معايا….. ”
نظر لها ببرود او بالأصح القناع الذي يحاول التخفي به من رغبته التي تحرقه الان من قربها ونظرت عينيها الحزينة…وايقونة صوتها الناعم..
تنهد بضيق يخفي نيران شوقه لها والذي إذآ
بدات ستبدأ بعناق وتنتهي بأشياء آخرى
صعب تخيلها إلا معها…
أبعد عينيه عنها بضيق
“إنتِ عايزه ايه بظبط …… “…
اقتربت منه اكثر ثم وضعت يداها حول عنقه
و مالت عليه قليلاً قائلة برقه…..
“وحشتني ياسالم….. ”
فغر شفتاه باندهاش وتطلع عليها بصدمة …ثم سرعان ما ابتسم بخبث ورد عليها بــــ
“شكراً…… ”
نظرت له بصدمة وضيق قائلة بدهشة..
“نعم….. هو المفروض ان ده رد.. ”
ابتسم بمكر وهو يميل عليها بهمس دغدغ انوثتها…
“بنسبه ليكِ ياملاذي هو ده الرد المناسب …”
اغمضت عينيها بضعف من قربه و أنفاسه الساخنة
التي تداعب عنقها بعبث حركته تلعب على اوتار آلأنثى داخلها..
مرر أصابعه على كامله عمودها الفقري الذي سارت به القشعريرة تحت لمساته….مالي على عنقها وتحسس نعومة ملمسه بشفتيه بدون ان يقبلها…
بدأت تشعر بالضعف والنشوة من عبثه هذا بها
مرت عدة ثواني معدودة قبل ان يبتعد عنها ببرود
تارك اياها بحالة صدمة ومهانة لانوثتها أمامه…وكأنها
في حلم وردي اللون فاقت منه على كابوس ذا
قواتم مريعه…
وقف عند الفراش وارتدى (تيشرت) الخاص به بهدواء مُميت لروحها المنكسرة من فعلته……
أسبلت بُنيتيها على الأرض بحرجٍ من برودة
معاملته وطريقة اذلاله لها
وكانه مصمم على قرار طلاقهم
هكذا ظنت ولم تحسبه عقاب لها حتى يعود لها
حين تُعيد التفكير في علاقتهم المتعثرة في
ذكريات الماضي….اما تنسى وتبدأ معه هو
او تنساه وتستمر في ماضيها وحياتها بدونه….
رفع عيناه عليها ببرود وكانه لم يفعل شيءٍ
منذ قليل معها…
“ياريت تقولي ليهم يحضرو الغدا لحسان جعان….”
خرج من غرفته وتركها تنظر له بذهول وحزن..
مرر يده على شعره بقوة وهو يتمتم داخله
بضيق……
“هنرجع ياحياة والله العظيم ماهطلقك وهنرجع …بس قبل مانرجع لازم اكون في نظرك جوزك……….جوزك ياحياة….. مش اخوه….”
_____________________________________
بعد مرور عدة أيام…
اوقف السيارة امام مبنى راقي الشكل عبارة عن عدة اقسام (مول) به كل شيء واي شيء تريده مكان مزدحم قليلاً وراقي أيضاً يحتوي على معظم الأشياء كثيرة الاستخدام…. ملابس…. اكسسورات بجميع انوعها…. مستحضرات تجميل…. عطور….. مواد غذائية وغيرها من الأشياء ذات الاحتياجات
المطلوبة لدى البعض …..
نظر سالم في مرآة سيارته لهم وهو يقول بهدوء
“مش يلا بينا ولا اي …..”
ابتسمت ريم بسعادة وحماس …
“ايوه يلا بينا نبدأ البذخ ياجدعان… ”
أبتسم سالم وهو يهز راسه بجزع من ثرثرت ابنة عمه…. ثم حول انظاره نحو حياة عبر المرآة قائلاً بمراوغه لها…
“وأنت هتبدأ البذخ امته ياعم الصمت…. ”
رفعت بُنيتيها الداكنة عليه بهدوء ثم ردت
بعدم اكترث بارد…
“متقلقش مش هصرف كتير…. انا قنوعه اوي…. ”
“هبله……”قالها داخله فهو يعلم إنها تتعامل معه بتحفز اكثر …من يوم ان أبتعد عنها بجفاء وسط اشتياقها له و رده البارد عليها حين تماسكت
بشجاعة وقالت له (وحشتني) كم كان يريد ان يرد عليها بالاكثر ولكن تماسك بثبات قليلاً فعلاقتهم في
نظره تحتاج لأشياء اقوى واكثر من كلمات غزل وحب…..
فاق من شروده على صوت ورد الصغيرة وهي
تهمس الى ريم ببراءة..
“خالتو ريم هو انا هنا هلاقي فساتين على
قدي…. ”
قبلتها ريم بحماس وهي تُجيبها بطفولة…
“ايو ياقلب خالتو دا انا هبهرك بكمية الفساتين اللي جوا المول وكلها على قدك طبعاً… ”
دلف الجميع الى المول…..
وقفت ريم ومسكت كف ورد بين يدها ومالت على حياة قائلة بمهس …
“حياه الدور اللي فوق ده على ايدك اليمين هتلاقيه
فيه الهدوم المشخلعه كلها…. ”
احتدت عينا حياة قائلة بشك…
“أنتِ بتوصفيلي المكان لي ياريم أنتِ مش هتيجي معايا ولا إيه…… ”
لم ترد عليها ريم بل هتفت بصوت عالٍ
قليلاً و أداء متقن …
“طب ياحياة استنيني أنتِ في الدور اللي فوق ده لحد ماشوف محل الأطفال ده عنده فساتين على قد ورد ولا لاء…. ”
حياة مسكت يدها بقوة وقالت من تحت أسنانها
“هاجي معاكِ…..عشان اشوف الفساتين على
ورد ”
ردت ريم بصوت عالٍ….
“لا طبعاً ياحياة اطلعي أنتِ اشتري طلباتك اللي محتجاها وسالم معاكِ …..وبلاش تشغلي بالك
بورد دي في عنيا دي بنت اختي برضه….. ”
اشتعلت عيون حياة وجزت على أسنانها بحدة
“ريم……. ”
قاطعها سالم بعدم اهتمام…
“خلاص ياحياة متقلقيش ريم معها التلفون وانا مسجل رقمها وبعدين هي هتشوف محل واحد
ولمول مليان محلات اكيد هتشتريلها تاني يعني
دا لو ريم جابت حاجه من المحل اللي عايزه تدخله
يلا أنتِ عشان تشوفي أنتِ عايز إيه….. “ثم نظر
الى ريم بأمر….
“بلاش تتاخري ياريم المول زحمه ….واول متطلعي من المحل رني عليا ….”
اومات ريم له بابتسامة بسيطة….
مسك كف حياة بين يده الرجولية الكبيرة
وقال بخشونة “يلا بينا ياحياة…. ”
رفعت عينيها عليه بتردد واشتعلت وجنتيها فجأه
من لمست يده المطبقة على كف يدها…..
مالت ريم عليها في هذا الوقت وقالت بخبث ..
“اي خدمه يايويو عَدي آلجمايل… وبلاش تنسي الانجري كتري فيهم وبذات الالون هاتيها كده مـ… ”
“أمشي من وشي ياريم الساعادي.. “هتفت بها حياة من تحت اسنانها بقهر من هذا الموقف الذي لا تحسد عليه ……اختفت ريم في رواق ما بعيد عن مرمى ابصارهم ……
نظر لها سالم وهو يتكأ على كف يدها اكثر بامتلاك
“مش يلا بينا…. ”
نظرت له بحرج لتمرر يدها الآخره بتوتر حول حجابها لتشغل عينيها بشيء وهمي ثم قالت بابتسامة يملأها الحرج…
“اااه طبعاً يلا بينا……. ربنا يستر.. ”
نظر لها باستغراب….. اتسعت هي ابتسامتها
ببلاها قائلة….
“انا من راي كفايه تسبيل…… ”
هز راسه وابتسم بيأس من تغير تقلباتها المزاجية
التي باتت واضحة لديه……..
“ها ياحياة هتشتري إيه….. “قال سالم حديثه وهو يتطلع عليها بتراقب…… ليجد عينيها الخجولة
تختلس النظر نحو مكاناً ما …..رفع عيناه على ماتنظر له ليجد محل خاص بملابس النساء …
نظرت له حياة بحرج وقالت بتردد….
“شكل الحاجه اللي انا عايزاها مش موجوده هنا.. ”
ابتسم لها بعبث وهو يسحبها من يدها قائلاً بمراوغه
“لا موجوده بس شكلك مش شايفه كويس…. ”
“سالم أنت واخدني على فين….. “قالتها وهي تحاول سباق خطواته السريعة ولو قليلاً…..
دلف بها الى المحل…….
ووقف معها امام بعض الملابس المكشوفة للمبيعات كعرض ….. قال بعبث ناظراً على شيءٍ معين..
“حلو اوي الاحمر دا ياحياة هيبقي حكايه عليكي
إيه… ”
شهقت بصدمة وهي تنظر له قائلة بضيق
“سالم……. انت بتقول إيه… ”
نظر لها وتصنع البراءة قائلاً…
“دا اقتراح بريء على فكره…… ”
قالت بحرج وتلعثم وهي تمرر يدها على
حجابها بحرج….
“سالم هو ينفع تستنى برا لحد ماخلص… ”
ابتسم على حرجها كان يود لو يظل اكثر معها يلعب على اوتار هذا الخجل الذيذ….. ولكنه فضل الان
الذهاب وترك لها مساحة خاصة فامزالت علاقتهم تحتاج بعض الوقت وهو سيعمل على هذا معها !….
وضع الفيزا كارت في كف يدها…..
ومال عليها قليلاً قبل ذهابه قائلاً بهمس وقح
“أختاري الاحمر ده عشان عايز اشوفه عليكِ… ”
وضع قبله حانية على وجنتها وخرج سريعاً…… اختفى عن مرمى ابصارها….
لاحت إبتسامة ناعمه ثغرها بخجل وهي تهز رأسها
بحرج…
“الانفصام وعميله….. بس شكلي حبيتك ياسالم….”
مسكت القميص الاحمر بين يديها وقالت بخجل لنفسها…..
“حلو اوي …….. هشتريه……. ”
بعد مدة خرجت من المكان لتجده ينتظرها يبدو عليه بعض الملل…. اقتربت منه وقالت بحرج..
” مش يلا بينا بقه لحسان اتاخرنا على ريم و
ورد اوي ….. ”
اوما له بصوتٍ رخيم…
“هم مستنين في الكفتريا تحت…. ”
اومات له وهي تسير بجواره…
قال بمزاح خفي…
“اشتريتي كل طلباتك….. ”
اكتفت بايماءة بسيطة له…..
نظر لها بمكر وقال بعبث….
“اي رايك في ذوقي….. حلو….. ”
ابتسمت بتردد ولم ترد عليه وابعدت راسها لناحية الآخرى….. ولكن ماثار الدهشة داخلها قليلاً انه ايقن انها اخذت ما اختاره لها….
___________________________________
بعد مرور اسبوعين في المشفى
“حمدال على سلامتك ياوليد اللهي تنقطع ايده المفتري ده……. “هتفت خوخه بضيق وحزن
زائف..
تأوه وليد بتعب وحقد…
“بقالي اسبوعين ياخوخه اسبوعين مش بعرف انزل من على السرير…. ابن الـ…… فشفش عضمي بس اقسم بالله ما سيبه لازم اقتله بايدي وشرب
من دمه ….”
ربتت على كتفه بحنان وهي تقول..
“ان شاء الله ياوليد المهم انت تقوملي بسلامه انا محتجاك جمبي اوي ياوليد….. ”
نظر لها وليد بغرابة متسائلا بشك….
“مالك ياخوخه في حاجه حصلت في النجع….
ابويه في حاجه…… ”
نظرت له خوخة وقالت بسرعه ونفي …
“لا ابوك بخير ولنجع زي ماهو كل واحد في حاله
انا بتكلم عليا انا ياوليد انا وانتَ و….. ” وضعت
يدها على بطنها بتردد ثم رفعت عينيها عليه لتجد عيناه اشتدت بغضب واشتعالة بعد ان فهم مقصدها بدون ان تكمل جملتها …..صاح بها بعصبية
“امته حصل ده …..”
ردت عليه بخوفٍ من ملامحه التي لا تبشر بالخير..
“انا لسه عارفه انهارده ..اني حامل بقلي شهر ”
صمت بضيق ثم قال ببرود عكس ملامحه
الرجولية المشتدة بغضب “ولمطلوب …..”
فغرت شفتيها من تصريحه الجليدي عليها ….
كانت تعلم هذا لن يعترف بطفل ابداً …..
“انتَ بتسالني انا انت عارف ان اللي في بطني
ده منك و …..”
قاطعها وهو يبتسم أمام وجهها بسماجه…
“كفايه دراما ياخوخه وسمعيني كويس ….اللي في بطنك ده ينزل وتنسي خالص الدراما المصريه دي عشان اتحرقت في كام فيلم هابط قبل كده ….انا مش هعترف ان ده ابني لان زي ماسلمتي جسمك ليا اكيد سلمتيه لغيري ….فا اعقلي كده ورجعي خوخه اللي اعرفها… لانك لو مسمعتيش كلامي هتزعلي جامد مني….. ومش بس كده دا انتي هتفتحي على نفسك ابوب جهنم لو فكرتي تعصي كلامي ….”
نظرت له بغضب قائلة بعناد وحدة…
“ابني مش هيموت ياوليد ….ولو في حد
المفروض يموت يبقى انتَ …..”
اخرجت السكينة التي كانت تخفيها في حقيبتها
من كثرة تعرضها لتحرش في مكان عملها كراقصة
في الموالد المزدحمة بالبشر ومنهم ووجوه اجرامية
تتعامل معها وتراها كل يوم ….رفعت السلاح امام وجه وليد الذي ابتسم بسماجه
قائلاً بلؤم…
“نزلي السكينة ياشاطره لحسان تتعوري ….”
بدأت ترتجف يدها الممسك بسكين وهتفت بشجاعة عكس ملامحها المتعرقة خوفٍ …
“هقتلك ياوليد …..”
نظر لها بتحدي…
“للاسف انتِ ضعف من انك تعمليها ياخوخه ….”
“ولي مقدرش اعملها…..وانت عاجز قدامي وجسمك كله مكسر ومش قادر تحركه……”
رد عليها بمنتهى السماجة …
“يمكن عشان عارف ان اهلك محتاجين للقرشين اللي بتاخديهم مني ……”
غرز هو سكينةٍ حادةٍ داخلها…. سلاح وهمي وضعه
بقلبها ولكنه أشد الم وقسوة عليها
قد تدرك بعد شراستك في الحياة انك اضعف
من ان تترك من هم يتعلقون بعنقك وينتظرون
منك الاكثر من العطاء …..هتفت بصدمة…
“عرفت طريق اهلي منين ….انا عمري ماجبت سيرتهم قدامك ……”
رد بسماجةٍ وغرور ….
“مفيش حاجه بعيد عليا …..ياريت تعقلي كده
وتسمعي الكلام من سكات ….وبعدين أنتِ
خسرانه اي انا انبسط معاكِي وأنتِ تاكلي اهلك بفلوسي…. المصالح مابينا مشتركه ياخوخه اعقلي كده ومضيعش كل حآجه عشان حتة عيل محدش عارف أبوه يبقى مين…”أنهى حديثه بنظرة مُهينة
لها……..
يتبع…