رواية لعنة الخطيئة الفصل الرابع عشر 14 بقلم فاطمة احمد
الفصل الرابع عشر : تناقض.
__________________
مرَّ أسبوع على الحادثة ظلت فيه نيجار قابعة بغرفتها تحت تأثير ماتعرضت له بينما تابع البقية حياتهم بشكل طبيعي واليوم إستيقظت مبكرا وهي تشعر أنها في حال أفضل نهضت واغتسلت ثم رتبت الغرفة سريعا وخرجت لتصطدم بآدم بشكل عرضي.
- معلش مخدتش بالي منك ... صباح الخير.
تأملها ببرود لبضع لحظات ثم قال :
- أخيرا قررتي تطلعي من الاوضة وتشرفينا بحضورك.
رفعت نيجار يداها أمام وجهه مجيبة بنبرة هادئة :
- مكنتش هقدر اعمل حاجة وإيديا محروقين بس الحمد لله الندوب خفت دلوقتي مش زي الأول.
ثم تابعت بنبرة شابها الإمتنان وهي تنوي شكره على اللفتة التي قام بها عندما أعاد لها الصورة :
- احنا بقالنا كام يوم في وضع صعب ومجتش فرصة مناسبة عشان اكلمك بس بما اننا واقفين دلوقتي أنا عاوزة ااا...
- انتي عاوزة تعتذري من ستي وتطلبي العفو منها تمام أساسا ده اللي كنت جاييلك علشانه.
أكمل آدم الجملة ممليا عليها ما يود منها فعله فاِتسعت عينا نيجار بدهشة تمكنت منها لقد كانت تريد شكره لأنه أحضر لها آخر صورة ظلت سليمة لكنه قاطعها وأخبرها بأنه جاء ليجعلها تعتذر من جدته !
هزت رأسها رافضة مباشرة :
- أنا مش هعمل كده.
- وأنا مش بسألك عن رأيك ياحبيبتي هتعتذري وتبوسي ايدها غصب عنك ولا عايزة تتحبسي زي المرة اللي فاتت اوعى تكوني فاكرة اني نسيت تهجمك على حكمت هانم لا أنا كنت ناوي في اليوم إياه اقطعلك إيديكي اللي اتمدت عليها بس قطع الإيد مش هيفيدنا لو معتذرتيش.
رمقته نيجار بدهشة ممزوجة بالإستنكار لكنها رغم ذلك لم تبين له بل كتفت يديها ببعض متسائلة بملل :
- وهتعملي ايه لو معتذرتش ؟ انت عملت نفس الشي من فترة وأمرتني اعتذر ولما معملتش كده حبستني في اوضة صغيرة لحد ما اتخنقت ومع ذلك فضلت مصممة ع موقفي يبقى ايه اللي هيجبرني دلوقتي.
ابتسم آدم بدهاء وتقدم منها يهمس مصطنعا الإستفسار :
- صحيح هو مش أخوكي دخل في صفقة مهمة ومسألة وقوفه ع رجليه من تاني معتمد عليها وسمعت كمان أنه خد قرض كبير من واحد بيعرفه ياترى ايه اللي هيحصل لو الأرض رجعت اتحرقت هي والرزق اللي عليها وخسر الفلوس اللي مستلفها بصراحة انا مش قادر اتخيل الكارثة اللي هتنزل ع راس صفوان.
إختفت ملامحها الهزلية واعتدلت في وقفتها بتوجس متسائلة بداخلها عن كيفية معرفته لتفاصيل معلومات تخص عمل صفوان فعلى حسب ما أخبرها هو أنه لا أحد يعلم بإقتراضه سوى بضعة أشخاص فقط إذا كيف عرف آدم وهل سينفذ تهديده حقا ويحرق أرضه مجددا ؟
- ايه تحرق الأرض ديه هي شغلانة يعني وبعدين أنت فاكر انك هتقدر ترجع تحرقها من غير حد ما يكشفك ليه الدنيا سايبة.
هدرت نيجار بحدة وأردفت :
- مستحيل اسمحلك تعمل كده وهخلي العمدة يعرف بتهديدك ده.
تنهد واضعا يده بجيب بنطاله وقال :
- ماشي قوليله ونشوف هو هيصدقك ولا يصدقني انا وابقي عرفيه باللي عملتيه انتي وأخوكي من قبل وخلاني انتقم منكم ساعتها هنشوف العمدة هيدي الحق لمين.
- ع اساس مش عارفة انك مش عايز حد يعرف باللي حصل ما بيننا عشان متتبهدلش مش ده اللي خلاك توافق تتجوزني ؟
- اللي خلاني اوافق اجيبك لبيتي هو رغبتي في العمودية لو انا رفضت طلب العمدة كان الكل هيفتكر اني مبحترموش أما عديم الشرف بتاعك هيكسب رضاه خاصة لو هو عمل نفسه موافق ع الصلح عكسي، بس انتي دلوقتي بقيتي مراتي يعني هكون في نظر العمدة واحد اتجاهل كرهه وغضبه وحب يعمل الصلح مع عدوه اللي غدر بيه وسرقه
أما انتي وعيلتك فـ مفيش داعي اقولك هتبقو ايه في نظره ونظر أهل البلد.
هذه المرة استطاع آدم إفشالها بحجته القوية أي في حالة رفضها للإعتذار ستكون أمام إحتمالين أحلاهما مُرّ فإما سيفسد محاولات صفوان في الوقوف على قدميه مجددا وتظل هي صامتة وإما تعترض فيعلم العمدة بتعاونها مع إبن عمها ضد عائلة الصاوي.
وقفت نيجار تتخبط كأمواج البحر ولم يسعفها التفكير في أي حل من جهة لا تريد التأسف للسيدة الشمطاء لأنها أحرقت قامت بإحراق روحها دون شفقة ومن جهة هي لا تريد إلحاق الضرر بصفوان إذا ماذا ستفعل الآن ...
كان آدم قادرا على رؤية عجزها ينضح من عينيها المضطربتين وتأكد أنه تمكن منها لذا أحكم القيد على ذراعها وجرَّها خلفه حتى وصلا إلى حيث تجلس حكمت التي كانت ترتشف من كوب الشاي ببرود يناقض الخبث بداخلها ... هذا ما فكرت به نيجار وهي تحاول التملص من قيده إلا أنه تركها بنفسه عندما دفعها بعنف حتى وقعت على ركبتيها وأمرها بخشونة :
- يلا اعتذري.
نظرت له ليلى بتوجس وكذلك أم محمود التي كانت تخدمهما بينما انكمشت نيجار مكانها وضغطت على طرف ثوبها بكرامة مجروحة وهي تتمتم بصوت يكاد لا يصل الى أسماعها هي شخصيا :
- ا ... اسفة.
نهرها الآخر بقسوة :
- علي صوتك.
رمقتها حكمت بخبث ورضا وهي تراها تجثو على ركبتيها بخنوع تطلب الصفح منها بوجه ذليل وعينين مكسورتين أما نيجار فكتمت دموعها ثم رفعت رأسها لتلك التي تبتسم بشماتة لتأخذ نفسا عميقا وتقول بصوت يغلفه الكبرياء رغم الموقف الذي وقعت به :
- بعتذر منك يا حكمت هانم مكنش ينفع افقد اعصابي وأخنقك بإيديا صحيح حضرتك اتعديتي على حاجتي بس مع ذلك كان لازم اراعي سنك ومردش عليكي بنفس طريقتك.
ثم سحبت يدها وقبلتها بجمود تحت أنظار الجميع لتهتف حكمت ببلادة بعدما فهمت الإهانات المبطنة التي وجهتها نيجار عليها :
- شايف يا حفيدي ديه آخرة اللي يخاطر ويدخل واحدة متسواش لبيته بس كده كده مكنتش بتوقع أي أدب ولا أخلاق من بنت الشرقاوي وعموما أنا هغض نظر ع اللي عملتيه وديه آخر مرة ... لأن المرة الجاية هيبقى فيها موتك.
انتصبت واقفة وتحركت كي تتجاوزها فاِصطدمت قدمها بنيجار التي ارتدَّ جسدها للخلف لكنها نهضت وكأنه لم يحدث معها شيء ونظرت لآدم قائلة :
- تمام عملت المطلوب مني عايز حاجة تانية ؟
حدجها بتجهم ولم يجب عليها فتقلصت شفتيها في ابتسامة ساخرة وعادت للغرفة ليتبعها هو بعد دقائق كي يأخذ هاتفه ويرحل إلا أن نيجار أوقفته بسؤالها :
- ليه خليتني اعتذر من جدتك وهي اللي غلطت نسيت انها حرقت الحزمة بتاعتي وصوري وكل ذكرياتي مع أهلي !
لم يُعر لها آدم بالا وتجاهلها مما جعلها تغتاظ فاِعترضت طريقه هاتفة بثورة :
- طالما شايفني غلطانة وبستاهل العقاب يبقى ليه بعدتني عن النار لما دخلت ايديا جواها ليه رجعتلي آخر صورة فضلت سليمة وحطيتها جمبي وليه حسستني انك ... انك حسيت بيا وتفهمت موقفي.
حينها هز كتفه مجيبا ببساطة :
- لأن مينفعش حد غيري يأذيكي حتى لو كان انتي ... لو ايدك هتتحرق فـ انا اللي هحرقها ولو لازم تعيطي وتتقهري انا اللي هعمل فيكي كده
وبالنسبة للصورة بتقدري تعتبريها حسنة يعني انتي اشتركتي مع ابن عمك فلعبة قذرة وحاولتو تقتلوني لكن بالمقابل مهانش عليا اشوف حد بيتحرم من آخر ذكرى ليه من أهله حتى لو عدوي وده بيظهر الفرق بيني وبينكم.
جحظت عيناها بذهول ولمعتا بخيبة درأتها سريعا ومع هذا كان هو قد لاحظها فضحك بسخرية معقبا :
- خير ياحبيبتي كنتي مستنية اقولك صعبتي عليا ومقدرتش اشوف دموعك ولا ايه ؟ معقول انتي فاكرة انك لسه واقفة قدام آدم القديم آدم اللي عاملك كـ إنسانة مش وسيلة توصله لأهدافه.
ولا استني يمكن افتكرتي ان انهيارك وعياطك خلو قلبي يرجع يحن ليكي وهسامحك وكده ؟
وقفت نيجار تستمع له بصمت بعدما عجزت عن إيجاد كلمات مناسبة في هذا الموقف فهي بالفعل اعتقدت لوهلة بأن كرهه ناحيتها أصبح أقل من السابق أو على الأقل لن يهينها كما يفعل عادة ولكنها الآن تقف تناظره بإحباط لا تعلم سببه نهائيا.
وأكثر ما يؤلمها هو أن آدم جعلها تجثو على ركبتيها وتتوسل المغفرة أمام الجميع هي نيجار التي لم ترضخ لأحد يوما جاء هو ببساطة وأجبرها على التأسف من أكثر شخص أذاها !
عندما وجدها آدم كان بشكل ما قادرا على قراءة مدى تخبطها من عينيها وإدراك مايجول في خلدها ربما لأنه أصبح يعلم ماهية شخصيتها الحقيقية بعيدا عن ما كانت تمثله في الماضي.
إلا أنه لم يكن يرغب في الجدال أكثر لذا تابع خطواته متجها لخارج الغرفة تاركا إياها تشتعل بعواصف تكاد تحرقها هي قبل أن تفعلها في الآخرين خاصة حين تذكرت تهديد آدم فعقدت حاجباها بقلق مبرطمة :
- لو نفذ كلامه ورجع حرق الأرض هيقع صفوان في مصيبة كبيرة وبعدين هو قالي محدش من برا بيعرف بالقرض وتفاصيل الصفقة يبقى آدم عرف منين عشان يساومني، أنا لازم احذره بس هعملها ازاي مفيش أي طريقة اتواصل بيها معاه.
ظلت تحوم في الغرفة ذهابا وإيابا حتى خطرت ببالها فكرة فخرجت للفناء كي تتأكد من عدم وجود أحد ثم دلفت للمطبخ لتلاحظ أم محمود وجودها وتحمحم باِحتراز :
- معلش انتي عارفة ان الست حكمت منعتك تلمسي أي حاجة تخص الطبيخ لو عايزة تساعدي روحي امسحي برا.
مطت نيجار شفتها باِمتعاض معقبة :
- انا جاية عشان افطر مكلتش حاجة من امبارح ولا ده كمان ممنوع ؟
- لا طبعا اتفضلي.
وقع بصرها على هاتف الخادمة الموضوع فوق سطح المطبخ فتنحنحت واِدعت تجهيز فطورها بينما تفكر في خطة لجعلها تغادر حتى قالت :
- اه صحيح انا بعتقد أن حكمت هانم كان بتنادي عليكي من شويا.
نظرت لها باِستغراب :
- ايه ده بجد انا مسمعتهاش.
- طيب روحي عشان متزعقلكيش بسبب تأخيرك.
- هروحلها استني اجيب موبايلي.
أوقفتها نيجار مصطنعة الحذر :
- بقولك هي عماله تناديكي وانتي قاعدة تضيعي وقتك هنا اطلعيلها احسن ما تتعصب علينا احنا الاتنين.
أحست بالرهبة وخرجت فورا فتركت نيجار الصينية من يدها واِلتقطت الهاتف قديم الطراز تنوي الإتصال بصفوان حاولت تذكر رقمه بشكل صحيح وكتبته بأصابع مرتجفة لكن لسوء حظها سمعت صوت خطوات قادمة فألغت عملية الاتصال ورمت الهاتف بعشوائية مدعية الإنشغال في تجهيز فطورها.
دلفت ليلى وناظرتها بهدوء قبل أن تجلس على المائدة متمتمة :
- باين شهيتك مفتوحة ع الأكل النهارده غالبا اعتذارك من تيتا جه عليكي بفايدة.
قلبت عيناها بضيق من هذه الصغيرة التي أفشلت خطتها لكنها لم تظهر ذلك بل رسمت إبتسامة مزيفة على وجهها وهي تجلس أمامها وتجيبها :
- اه يمكن ... هو حد يطول ياخد رضا ست البلد.
استقبلت ليلى سخريتها المبطنة ببرود وأردفت :
- بصراحة اتوقعت أبيه يخليكي تعتذري ماهو مش معقول يسيب مراته تتهجم ع جدته ويسكت من غير ما يعاقبها بس اللي محيرني انهم اكتفو بـ اعتذار وبس كده خاصة تيتا.
همهمت نيجار ببرودة أعصاب معقبة :
- يمكن مكتفوش بإعتذاري ويمكن جدتك قاعدة في اوضتها دلوقتي وبتفكر ازاي تنتقم مني.
- ده أكيد.
- غريبة انك من فترة عالجتي جروحي والنهارده جاية تتكلمي ع العقاب باين ان عيلة الصاوي كلها متناقضة وكل يوم في حال.
رشقتها ليلى بنظرات هادئة مجيبة ببساطة :
- ديه حاجة وديه حاجة تانية اللي عملته كان علشان أنا بنت اصول سبق وقولتلك ان نفسي تتحاسبي ع تهجمك على جدتي وده مبيعنيش انك غلطانة انا لو مكانك وشوفت حد بيحرق ذكريات طفولتي هقتله فورا بس مع ذلك حكمت هانم هي ست البيت ده والحقيقة ديه مش هتتغير مهما عملت.
إنها شبيهة آدم فعلا نفس الغطرسة والحركات والكلمات حسنا لقد إتضح أن أبناء الصاوي يمتلكون نفس الأفكار وشعارات (إتبع مبادئ الأخلاق حتى في العداوة) !
هذا مافكرت به نيجار وهي تحدجها بشرود لتكمل الأخرى بنفس النبرة :
- على فكرة أنا خسرت بابا في طفولتي وماما اتوفت من سنتين يعني يتيمة زيك لكن بصراحة ابيه آدم فضل جمبي مسابنيش لحظة وحاول يعوضني عن غيابهم هو كان ولسه أحن واحد عليا ... وعلشان كده أنا مبحبكيش.
اندهشت نيجار من تصريحها المفاجئ ثم تمالكت نفسها ابتسمت بإستهزاء معقبة :
- ايه الصراحة ديه كلها.
أوضحت لها ليلى وجهة نظرها بجدية :
- متفهمنيش غلط أنا معنديش كره لشخصك بالذات بس من لما دخلتي انتي لبيتنا مشوفناش لحظة هدوء و ابيه آدم مش مبسوط بجوازه منك خالص ده غير القصص اللي بتحصل بينك وبين تيتا يعني بصراحة وجودك هنا بيسبب مشاكل وحوارات احنا في غنى عنها.
انزلقت ضحكة خفيفة من نيجار وهي تفكر أن هذه الفتاة لا تحبها لمجرد أن وجودها معهم يسبب الإزعاج إذا مالذي ستقوم به عندما تعرف بأنها طعنت أخاها المبجل وكادت تقتله ؟
قطع تفكيرها دخول أم محمود التي كانت تحمل أكياسا بيدها وقالت :
- وصيت الرجالة برا ع لحمة وخضرة عشان العشا ولسه واصلين دلوقتي ... صحيح أنا روحت لحكمت هانم وسألتها ع اللي عايزاه بس هي قالتلي انها مطلبتنيش.
- اها يبقى أنا سمعت غلط.
ردت عليها نيجار ببرود وهي تنهض متمتمة بعبارات مفادها أنها ستذهب لتنظيف صالة الإستقبال، وبمجرد مغادرتها ظهرت ملامح الخنق جلية على وجهها وجزت على أسنانها بينما تردد ساخطة :
- لو البت ديه مجتش من شويا كان زماني كلمت صفوان ونبهته.
__________________
في بساتين عائلة الصاوي.
إرتدى ملابسا مناسبة للعمل وبدأ في حمل صناديق الفاكهة إلى شاحنات النقل بحرص حتى أنهى الشحنة الأولى فاِستند بيده على الباب كي يلتقط أنفاسه بضع لحظات ثم مسح عرقه وأمر السائق بالإنطلاق.
التفّ متابعا حمل البقية في الشاحنة الثانية حتى لاحظ أحد العمال ينحني واضعا يداه على ركبتيه وهو يلهث بعياء كان مراهقا توفى والده منذ فترة وأصبح هو المعيل الوحيد لعائلته لذلك شغله عنده كي يستطيع الصرف عليهم.
اقترب آدم منه والتقط الصندوق واضعا إياه في الشاحنة فقال الشاب بتلجلج :
- عنك يا بيه أنا هشيلهم بنفسي بعتذر لأني وقفت مش هعمل كده تاني.
ربت على كتفه بجدية مطمئنا إياه :
- خلاص هناخد فترة استراحة عشان الغدا روح اغسل وشك وتعالى كُل مع الجماعة.
هز رأسه بنعم ليستطرد الآخر مستفسرا :
- صحيح نسيت اسألك عامل ايه مع دروسك وامتحاناتك اوعى تقولي انك مبتروحش لمدرستك.
- لأ انا بروح بس مش كل يوم عشان الشغل وكده و اه ع فكرة احنا عملنا الامتحان وطلعت الأول في الصف بتاعي.
أجابه بسعادة ممزوجة بالخجل لكونه يحادث سيده في العمل فاِبتسم آدم برضا :
- جدع افضل ع طول كده وبإذن الله هتنجح.
أومأ الشاب بإيجاب وغادر مع البقية ليظهر فاروق فجأة ويناديه باِضطراب :
- آدم بيه ... في حاجة حصلت ولازم تعرف.
نظر له باِستفهام متسائلا عما حدث فدنى منه وقال محترزا :
- فاكر المستثمر اللي حضرتك اتفقت معاه عشان مشروع البناء في الأرض بتاعتك هو اتصل بيا من شويا وقالي أنه بطل يشتغل معانا.
ذهل آدم واحتدت عيناه بغضب :
- ايه الكلام ده حصب ايه عشان يبطل يشتغل معانا وليه متصلش بيا أنا.
- قالي انه اتصل بيك بس انت كنت قافل تلفونك.
- ومع ذلك لازم يتواصل معايا شخصيا وبعدين ايه الجرأة ديه ازاي ياخد القرار ده من غير ما يتناقش معايا هو فاكر الموضوع لعبة !
هدر بعصبية مستشعرا بالإهانة وأضاف :
- ده تاني واحد بيتراجع عن صفقة معايا والاتنين دول كانو بيتمنو يتعاملو معايا من قبل والغريب انهم اتراجعو قبل يوم واحد من توقيع العقد مش شايف انها مش مجرد صدفة ؟
وافقه فاروق الرأي على الفور :
- كنت لسه هقولك نفس الكلام فعلا الكل كان عايز يشتغل معاك بس فجأة الاوضاع اتقلبت ... انا بفكر في احتمال يكون لصفوان علاقة يعني التاجر عيسى فسخ الصفقة معانا واتفق معاه وسمعنا انه خد قرض من واحد بيعرفه ودلوقتي مش بعيد نسمع ع أن المستثمر عمل صفقة معاه.
أطرق رأسه مفكرا وربط الخيوط ببعضها ليجد الأمر منطقيا لكنه رغم ذلك قال بأعصاب منفلتة :
- طريقة تراجعه عن الصفقة فيها إهانة ليا انا مكنتش هضايق لو كلمني وحليناها بالتراضي بس هو عمل غير كده تماما.
أنا بفكر دلوقتي اروح لمكتبه واعلمه درس مينساهوش عشان يعرف مين هو ابن سلطان الصاوي بس كده هنبقى ضيعنا فرصة اننا نلاقي مين اللي عماله يسبب مشاكل في شغلنا.
تنهد فاروق بإحباط :
- أنا بحثت في موضوع القرض اللي خده صفوان ومين اداله مبلغ كبير كده بس مقدرتش اوصل لحاجة اللي عرفته ان هو واحد من اصحاب المكاتب بس لسه معرفتش هويته.
زفر آدم بخنق شاردا في هذه المعضلة حتى استدرك شيئا مهما وقال :
- سألت ع مراد اللي اتعاون معاه من قبل عشان يسرقو سبايك الدهب ؟ احتمال تكون ليه علاقة بالموضوع.
همهم بنفي للفكرة :
- وانا شكيت في نفس الشي بس صفوان ومراد ملتقوش ببعض من وقت الحادثة انا بعتقد ان تعاونه معاه كان عشان ياخد الربح يبقى ايه اللي هيخليه يساعد صفوان ويديله فلوس عشان الأرض بتاعته بعدين انا دورت ع الماضي بتاعه وملقتش حاجة تخصه هو مجرد سمسار وسيط بين الزبون وصاحب الأصل بس يعني موظف عادي.
همهم بتركيز ودهاء معقبا :
- وهو ده بيت القصيد عايز افهم ازاي سمسار بسيط مقدرناش نعرف عنه حاجة لو هو زي انت ما بتقول كنا هنوصل بسهولة لكل تفصيل يخصه بس حصل معانا العكس ومقدرناش نعرف غير الاسم المتسجل بيه.
- طيب نعمل ايه دلوقتي.
- كملو بحث عن مراد وحاول تعرف من الراجل اللي حاطينه في بستان الشرقاوي عن هوية اللي اتعاون مع صفوان واسأله مين بيدخل وبيطلع من هناك ممكن نلاقي طرف الخيط.
ردد يإيجاب ملتزما بالأمر واستطرد :
- طيب وبالنسبة للمستثمر تحب نروقه عشان يتعلم ازاي يحترمنا ؟
برطم آدم رافضا :
- لا احنا كده كأننا بنظهرلهم قد ايه تأثرنا باللي بيعملوه وبعدين هو الخسران صفقته معايا كانت هتخليه يربح كتير بس هنشوف دلوقتي ايه اللي هيكسبه لما يشترك مع حد غيري.
- انت بتشك في أنه هيتعاون هو كمان مع ابن الشرقاوي ؟
- يمكن اه ويمكن لأ بس نستنى ونشوف.
قالها آدم بغموض واِبتعد عن فاروق قليلا ليهمس :
- يبقى انا كنت بحاول اسكت الفترة ديه عشان منبينش حاجة للعمدة بس انت لازم جلدك يحكك زي كل مرة صح ... ماشي يا صفوان اقسم بربي لدفعك التمن غالي لو طلع ليك يد في الموضوع انت وكل اللي بتتشددله.