رواية عشق مهدور الفصل العاشر 10 بقلم سعاد سلامة
بالكافيه القريب من الجامعه.
ترك طاهر ذلك النادل الذي كان يتحدث معه حين رأى دخول يارا الى الكافيه، توجه ناحية إحد الطاولات وظل واقفا ينتظر ببسمه على وجهه، يشعر بزيادة خفقان في قلبه، تبسمت هي الأخرى بتلقائيه يخفق قلبها بشده، بكل خطوه تقترب من طاولته، شعور مختلف لأول مره بحياتها تتخلى عن غرورها وتكذب كي تلتقى بشخص شعور يتمكن من قلبها مع الوقت يجعلها تود أن يتوقف الوقت ويبقى الإثنين هنا، توجهت الى تلك الطاوله تبسمت له قائله: إتأخرت عليك.
أشار لها للجلوس وجلس هو الآخر قائلا: مش كتير أنا يادوب واصل من دقايق.
جلست تشعر بتوتر وإرتباك لا تعلم كيف تبدأ حديث معه كآنها نسيت كل ما كانت تفكر به طوال الطريق، بينما شعر طاهر بإستغراب من صمتها، للحظات، تنحنح يقطع الصمت قائلا: تشربي أيه؟
إرتبكت أكثر وقالت بتسرع: أى حاجه.
اشار بيده للنادل الذي إقترب منه قائلا بمزح مع النادل: إتنين عصير فريش، فريش مش معلبات.
تبسم له النادل وغادر، بينما مازالت يارا متوتره، كآنها لاول مره تجلس معه بهذا الكافيه، حاولت ان تتغلب على هذا التوتر وأرجعت ذالك ان سابقا كانت اللقاءات بينهم مجرد صدف وحتى إن كانت مقصودة منها لكن لم تكن هي من تطلب اللقاء، ظلت صامته لدقيقه الى أن عاد النادل بكآسين من العصير وضعهم أمامهم، ثم غادر، لاحظ طاهر صمتها كذالك ملامحها المتوتره التي زادت وجهها ببعض الإحمرار البسيط، قرب كآس العصير الخاص بها امامها قائلا: إتفضلي.
تبسمت بتوتر تشعر أن الحديث الآن مجازفه، وقالت بهدوء: شكرا
تبسم لها.
لفت نظرها نظره للهاتف الخاص بها، ظنت انه تضايق من صمتها، جلت صوتها وقالت بهدوء: أنا آسفه إن كنت معطلاك، بصراحه انت عارف إنى أتصلت عليك النهارده، عشان الفون بتاعى وقع منى في الميه وهو نفس الفون اللى كنت أخدته صلحته قبل كده في مركز الصيانه اللي سبق وصلحت لى الفون فيه، أنا لو اعرف مكان مركز الصيانه مكنتش طلبتك، واضح إنى عطلتك.
تآسف منها قائلا: أبدا مش معطلاني، بالعكس.
تبسمت له وهي تخرج هاتفها من حقيبة يدها، ومدت يدها نحوه قائله: الفون أهو.
مد يده هو الآخر يآخذ منها الهاتف تلامست أناملهم معا، رفع عينيهم ونظرا الى بعضهما ثوانى كانت ترسل إشارات الى قلب كل منها
كل منهما لديه شعور خفي لا يعلمه
أهو مجرد إرتياح صداقه، أم مشاعر أخري عابرة غير مفهومه، لكن قطع تلك النظرات والإشارات رنين هاتف.
طاهر، إنتبهت يارا وسحبت يدها وتركت الهاتف ل طاهر الذي نظر لشاشة الهاتف، وقرأ إسم المتصل، لقطت يارا شاشه الهاتف دون قصد منها، علمت ان والداته هي من تهاتفه، بينما طاهر شعر برجفه في قلبه ان تخبره والدته بخبر سيئ، اليوم محاكمة سهيله كان سيذهب للمحكمه، لكن أرجأ ذلك بسبب مهاتفة يارا له وطلبها منه اللقاء من أجل تصليح هاتفها، وافق بسبب إشتياقه للقائها منذ عدة أشهر بعد نهاية أمتحانات الجامعه لم يلتقى بها فقط يتبعان بعض عبر وسائل التواصل الأجتماعي عبر الهواتف، مجرد تعليقات كل منهم للآخر على بعض المنشورات التي يضعها على حسابه الخاص، كآنها كانت متنفس لهما لمجرد المتابعه فقط، كذالك هي كانت نفس الشئ، لكن إتخذت خطوة، وأسقطت هاتفها عنوه بالماء كى تستطيع اللقاء به.
تنحنحت بإرتباك وقالت له: مش هترد على اللى بيتصل عليك.
نظر لها ثم جذب هاتفه وقام بالرد يشعر برهبه أن يسمع خبر عن سهيله يجعله يحزن، لكن مجرد أن قام بالرد سمع والداته تتحدث بصوت يبدوا سعيد، إنشرح قلبه قليلا، لكن سرعان ما سأم وجهه، للحظات وهو يسمع باقى قولها: سهيله القاضي حكم عليها بتلات سنين سجن مع إيقاف التنفيذ، يعنى هتخرج من السجن.
إنبسطت ملامحه، وقال بإنشراح: بجد يا ماما، بابا قالك كده أخيرا، يعني سهيله هترجع البيت.
أجابته سحر بفرحه عارمه: أيوا، باباك قالى المحامي هيحاول يخلص الإجراءات النهارده، وإن شاء الله ترجع للبيت النهارده.
تبسم طاهر قائلا: إن شاء الله هرجع المسا والقاه في البيت، عندي شوية شغل في مركز الصيانه هخلصهم وأرجع عالمسا مش هتأخر، سهيله وحشتني أوي.
أغلق طاهر الهاتف ونظر الى وجه يارا التي لا تعلم سبب لشعورها بغصه في قلبها، بعد ان سمعت إسم سهيله، ماذا تعني له ليفرح كل هذه الفرحه الظاهره على وجهه، كذالك بداخلها ترقب ودت سؤاله لكن هو نظر لها قائلا: تعرفي إن وشك حلو عليا أوي، ياريتك كنت كلمتني من زمان.
تبسمت له بترقب وسالت بإستفسار: مش فاهمه.
تبسم لها قائلا: جالي خبر كنت مستنيه من فتره طويله.
شعرت بفضول وسألت: وياترا بقى خبر حلو ولا،؟
تبسم لها قائلا: خبر حلو جدا، سهيله دى تبقى أختي وكانت…
توقف للحظه قبل ان يزلف لسانه ويخبرها انها كانت محبوسه، بالسجن، ثم أكمل: كانت غايبه من فتره وهترجع للبيت النهارده.
إنشرح قلبها بإرتياخ، إذن سهيله هي أخته، تبسمت له بموده قائله: ترجع بالسلامه، واضح إن ليها عندك مكانه كبيره أوي.
تبسم طاهر قائلا: فعلا، سهيله أختى قريبه رغم إنها أكبر مني، بس بحس أوقات إن أنها بتبقى ضعيفه، وهي اللى محتاجه لأخ كبير.
ظلت يارا تسمع له عن مدحه، بأخته، شعرت بغصه، رغم أن لديها أخوات أكبر منها لكن لم تشعر بأن لهم وجود طاغي بحياتها لا يتشاركون سوا إسم الأب فقط.
دخل لقلبها شعور لاول مره تتمناه أن يكون أحد أخويها مثل طاهر ويتحدث عنها بهذه الطريقه المقربه، ظل بينهم حديث دون شعور منهم مر وقت طويل تحدثا بمواضيع كثيره، لكن لم تستطيع ان تتحدث عن اخواتها أمامه فماذا تقول له عنهم هم مجرد أخوه بالكنيه فقط، لكن ولدت تلك الساعات مشاعر ربما مع الوقت تنكشف حقيقتها.
فى المحكمه
قبل دقائق
نطق القاضي الحكم.
«بعد المدولات والإستجوابات، كذالك أقوال المتهمه وإستنادا الى الأدله الخاصه بالجنايه، قررنا لجنة المحكمه، الحكم على المتهمه
سهيله أيمن الدسوقى
بالسجن ثلاث سنوات مع إيقاف التنفيذ»
فى البداية كادت آسميه أن ترفع صوتها وتصيح بأن هذا ظلم، لكن تحكمت في غضبها حين إستدار لها المحامى مبتسم، عقدت حاجبيها بإستغراب من بسمته، ولت نظرها.
ل أيمن تفاجئت بأنبساط على ملامحه هو الآخر، لحظات لم تفهم سبب لإبتسامتهم ولا مغزى الحكم، وجهت بصرها نحو سهيله الواقفه خلف قفص الإتهام ترى رد فعلها هي الأخرى على قرار القاضى، لم تندهش حين رأت ملامحها لا تعطى أى ردة فعل، تبدوا عينيها تنظر نحو مكان آخر بالقاعه، بتلقائيه منها نظرت الى ما تنظر إليه، سريعا تعرفت على هاويته من تنظر له سهيله، إنه الأبن الأكبر ل أسعد شعيب، شقيق القتيل، تسأل عقلها هل أرسله والده مكانه كي يقوم بذم وتهديد سهيله كما كان يفعل هو بعد كل جلسة قضائية، يقترب من قفص الإتهام ويتوعد لها أنها لن تفلت دون عقاب يشفى حسرته على فقدان ولده، لكن ذلك لم يحدث حين إبتعد آصف، وأعطى ظهره ل سهيله وبدأ بالسير نحو باب الخروج من القاعه، زفرت نفسها بإرتياح، بينما قبل لحظات من مغادرة آصف من أسفل تلك النظاره تحاشى النظر نحو سهيله الى أن قال القاضي قراره، الذي كان يتوقعه، نظر نحوها توقع أن يرى الفرحه على وجهها فهي بهذا الحكم المخفف أصبحت حره وستخرج من السجن، لكن تفاجئ بملامحها التي لا تعطي أى رد فعل، رمقها بنظره ناريه غاضبه، فسر عقله ذلك أنه ثقه منها بعدما برأت نفسها بكذبه قذرة، بنفس اللحظه إمتلأ قلبه شعور بالحقد والجمود، حسمه عقله لو بقيت أكثر بالقاعه ربما شفقت عليها، بالفعل توجه نحو باب الخروج من القاعه.
بينما سهيله كانت تنظر له بأمل أن يقترب من قفص الإتهام وينظر لها دون تلك النظارة، ودت أن يتحدث لها ويقول أى شئ حتى إن قال أنه على يقين أنها قاتله، لكن كان صمته قاتل بالنسبه لها، كذالك رؤيته وهي يكاد يخرج من باب القاعه، أغمضت عينيها بقوه وآسف، تشعر كآن قلبها ينزف…
لوهله همس قلبها إسمه آصف
للحظه توقف آصف عن السير كآنه سمع همسها بإسمه.
لوهله هي الأخرى ظنت أنه لم يكن قلبها هو ما همس بإسمه بل نطقها لسانها.
لكن إنتهت تلك اللحظه حين نفض آصف عن رأسه تملكه الجمود وشعر أنه فقط توهم همسها بإسمه، أخذ نفس عميق يشعر بالإختناق ثم أكمل سير وخرج من القاعه.
بينما بدأ كل من بالقاعه بالخروج منها، كذالك كاميرات التصوير، التي تهافت البعض منها نحو قفص الإتهام، يسألون سهيله عن شعورها بهذا الحكم المخفف، وهي لا تشعر بهم، فقط تشعر بإنسحاب في قلبها قبل أن يسحبها أحد العساكر ويخرج بها من ذلك القفص.
.
بعد قليل بأحد ممرات المحكمه، لم تستطيع آسميه التحكم في دموعها وهي تقول: وشكم ليه بيضحك والقاضي حكم على سهيله بالسجن تلات سنين.
تبسم أيمن لها وقبل أن يفسر لها، صدح رنين هاتفه، أخرجه من جيبه ونظر للمحامى مبتسم يقول: دى سحر اللى بتتصل أكيد. قلبها ملهوف تعرف قرار القاضي، أنا هرد عليها أطمنها وإنت فهم عمتي قرار القاضي.
تنهد المحامي بإرتياح وفسر لها: بصى يا حجه، قرار المحكمه صحيح تلات سنين سجن بس مع إيقاف التنفيذ، يعنى سهيله هتخرج من السجن خلاص، لأن الحكم ده يعتبر لاغي، زي إفراج بس يتنفذ لو هي إرتكبت جريمه تانيه وخدت حكم تانى وقتها هتنفذ الحكمين، دلوقتي هندفع للمحكمه مبلغ زى كفالة، كمان هنقدم إستئناف عالحكم وإن شاء الله ربنا يسهل.
شعرت آسمية بإنشراح في قلبها وآمنت على حديث المحامى وقالت بلهفه: اى كفاله إدفعها لها، من جنيه ل ميت ألف وأنا اللى هجيبهالك حالا، المهم أنها تطلع من السجن، كفايه كده.
تبسم المحامى، مع أغلاق أيمن الهاتف وهو يبتسم قائلا: سحر مش مصدقه، وبتقول مش هتصدق غير لما تشوف سهيله قدامها، تدمعت عين آسميه، لكن إستأذن المحامي منهم قائلا: هستاذن أنا هروح أكمل إجراءات خروج سهيله، وكمان أعرف مبلغ الكفاله اللى حدده القاضي.
أومأت له آسميه قائله: على ما تخلص الإجراءات هروح أنا وأيمن نسحب فلوس من البنك ونرجع بسرعه.
بمقر خاص ل أسعد بالبلده يدير منه بعض الشؤون الخاصه.
جذب ذالك الملف وقام بفتحه تلمس بآنامله تلك الصورة، القريبه الشبه من المرأة الوحيدة الذي خفق لها قلبه لكن عثر عليها متأخرا كانت مرتبطة برجل آخر، كما أنها توفت بريعان شبابها، همس إسمها إبتهال
طوى الصفحه وبدأ بقراءة باقى محتويات الملف، لفت نظره تاريخ ميلادها، كذالك شهادتها الجامعيه، لكن توقف للحظه غير متوقع قائلا: مكتوب كتابها!
عبس وجهه وأغلق الملف يزفر نفسه بغضب، قطع تفكيره رنين هاتفه الجوال، ترك الملف وقام بالرد يسمع للمتصل، فجأة نهض متعصبا يقول بغضب: مستحيل أقبل بقرار المحكمه ده، دى مستحيل كان يحصل الا لو إنها إشترت لجنة القضاه، كمان بتقول إن آصف حضر جلسة المحكمه ومكنش له أى رد فعل، تمام إقفل دلوقتي.
أغلق أسعد الهاتف وألقاه بغضب فوق المكتب، وبعصبيه منه أزاح تلك الأوراق التي كانت فوق المكتب، نهض واقفا يسير بغضب لم ينتبه أنه دهس بحذاؤه على ذالك الملف يشعر بغضب ساحق، بنظره أن قرار المحكمة قرارا مخيب، ليته ما ترك للمحكمه حق القصاص وأخذه من البدايه كما يليق به وأخذ حق غدرها بإبنه، لكن الآن فات الوقت، زفر نفسه بعمق وغضب سحيق، وهسهس بجحود: لاء مفتش الوقت، مش هتفلت من عقابي ولا هتتهني بحريتها.
عصرا.
بحديقة سرايا شعيب
طوى آصف صفحات تلك الجريدة الذي لم ينتبةحتى لحرف سقطت عيناه عليه، كل ما يجول برأسه ملامح سهيله نظرة عينيها له، لأول مره لم يكن يرغب النظر الى عينيها ولا لملامحها حتى لا يسقط ببراثنها ويصفح عن إدعائها الكاذب متأثرا بصفو عينيها وبراءة ملامحها.
وضعت أمامه إحدى الخادمات
كوب من القهوة وآخر من المياه قائله بإحترام: قهوتك يا آصف بيه تؤمرنى بحاجه تانيه؟
هز رأسه بنفي، قائلا: لاء متشكر.
إنصرفت الخادمه، طوى الجريده للحظات، وأشعل سيجاره، نفث دخانها، وعاود يتصفح تلك الجريدة، حاول نفض سهيله عن رأسه، لكن هيهات هي أصبحت محور هام بحياة من بالمنزل.
وبالأخص والده الذي دلف الى السرايا وترجل من السياره يسير نحوه بغضب سرعان ما قال له: قولت لى أمشي قانونى مع الحقيرة اللى قتلت سامر، وفي الآخر القانون عمل أيه، أهو القانون اللى قولت عليه، هيخرجها من السجن خلاص، ولا كآنها مش بس قتلته لاء وكمان شوهت صورته قدام الناس وطلعت هي الشريفه اللى دافعت عن شرفها، ومش بعيد كمان تاخد براءه، وترجع تاني دكتورة، أنا لازم أطعن في الحكم ده، ظلم دى تستحق مش بس الشنق، لاء كمان يتمثل جتتها قدام الناس.
شعر آصف بغضب من حديث والده المتهجم على سهيله، وقال له بحده: بلاش تخلي غضبك، يخرج عصبيتك وتغلط، أي كانت مجرمه أو لاء أنا اطلعت على القضيه وبصفت قاضى كنت هحكم نفس الحكم ده بناء على الدلائل والاقوال اللى إتقدمت للمحكمه، وكمان بصفت قاضى أحب أقولك إن سهل لو قدمت طعن عالحكم يترفض، القضيه فيها أركان كتير ناقصه، وأي قاضي هيحكم عالادله اللى قدامه بنفس الحكم.
أنهي آصف قوله وهو يطوي تلك الجريده ووضعها فوق الطاوله وأشعل سيجاره أخري
أخذ أسعد السيجاره من يد آصف بغضب وسحقها بالمنفضه قائلا بإستغراب: بطل حرق سجاير، وقولى قصدك أيه، ولما إنت كنت عارف بكده ليه مسبتنيش أتصرف معاها من البدايه، كنت هخليها تتمني الموت ومطلوش، بعد ما أفضح حقيقتها وإنها مش شريفه.
تهجم وجه آصف يشعر بغضب قائلا: بابا بلاش أسلوب الهمج والمجرمين ده.
تهجم أسعد ورفع صوته بغضب قائلا: أسلوب الهمج ده اللى ينفع مع نوعية المجرمه اللى قتلت وشوهت صورة أخوك، أيه يا سيادة القاضى نسيت إن سامر يبقى شقيقك.
رد آصف: مش ناسى ولا قادر أنسي، بس أسلوبك ده…
قاطعه أسعد قائلا: أسلوبى ده هو اللى هيرجع حق أخوك لما البنت دى تتفضح إنها مدعيه كدابه وإن معندهاش شرف
وأنا هعرف أثبت ده.
تهجم أصف قائلا بغضب: وده هتعمله إزاي، هتبعت لها اللى يغتصبها، زى ما بعت لها عاهره في السجن، ولا بالتهديد زى ما كنت بتهددها بعد كل جلسه في المحكمه.
ذهل أسعد من قول آصف وقال له ببجاحه: إنت متابع بقى، هي البت دى كانت داخله مزاجك ولا أيه؟
تعصب آصف قائلا: كل عصبيتك دى مش هتجيب نتيجه، القضيه خلاص شبه إنتهت، بس أنا هقدر أرجع حق إدعائها على سامر بالكدب.
تهكم أسعد قائلا بإستهزاء: وده إزاى بقى، بالقانون اللى في الآخر خرجها شبة براءة كآنها بيكافأها.
نهض آصف واقفا بسخط ونظر له بثقه قائلا بحسم: هقولك إزاي في الوقت المناسب، أنا صدعت من الشمس هنا، كمان علبة السجاير خلصت هروح أجيب غيرها كمان عندى قضيه بعد يومين ولازم أدرسها كويس.
تهكم أسعد بغضب يذم نفسه ليته ما ترك الأمر للقانون كما طلب منه آصف.
بينما آصف خرج من السرايا سيرا على قدميه، اللتان أخذاه الى منزل والد سهيله، ليراها وهي تدلف مع والداها وجدتها كذالك المحامى الخاص بها، شعر بغضب وإبتعد عن المنزل، تجول بالطريق دون هدف قبل أن يعود للسرايا.
بمنزل أيمن مساء
دلف طاهر بإشتياق سائلا: فين سهيله.
تبسمت له سحر قائله: سهيله قاعده في أوضة الجلوس جدتك آسميه مش مكلبشه فيها.
تبسم طاهر وهو يتوجه الى غرفة الجلوس، وقف يشعر بغبطه وهو ينظر الى سهيله التي كانت ملامحها شاحبه، كذالك نحفت أكثر، لكن كل هذا مع الأيام سينتهي، إقترب منها حين نهضت تنظر له بدمعه تلألأت بعينيها، شعر بغصه في قلبه سرعان ما جذبها وضمها الى حضنه هامسا بأخوه: حمدالله عالسلامه.
ضمته ببسمه وأخوه قائله بمزح: في الحاله دى بيقولوا كفاره
أو تتذكر ومتتعادش.
ضمها قويا يقول: كفارة دى للمجرمين مش للمظلومين.
جذبت آسميه سهيله من يدي طاهر، لتجلس بحضنها قائله بحنان: ربنا ظهر الحق، وإن شاء الله في الإستئناف تاخد البراءه.
تبسم طاهر لها كذالك سهيله، وسحر التي قالت بتمني: وكمان ترجع من تانى تمارس الطب.
شعرت سهيله بغصه، وكادت تتحدث بيأس لكن دلف أيمن يقول: إن شاء الله هترجع وتبقى أشهر دكتورة أطفال في كفر الشيخ، المحامى قالى ممكن نقدم إلتماس في وزارة الصحه، ونقدم حيثيات الحكم وإنه كان دفاع عن النفس وقتها أكيد هترجعى تمارسي الطب من تانى.
تبسمت سهيله بأمل بينما تهكمت هويدا التي دخلت تشعر بالبغض من إحتواء وفرحة الجميع بخروج سهيله من تلك القضيه، هذا الحكم وخروج سهيله الآن من السجن، بالتأكيد أفسد عليها بعد ان كانت تقدمت خطوه نحو الوصول الى إمتيازات من اسعد شعيب
بهذا الحكم تراجعت فرصتها لديه…
شعرت بغضب وقالت بإستهزاء: وإزاي بقى هيقبلوا يشغلوا دكتوره وهي ليها صحيفة سوابق، وكمان قتل.
نظرت لها آسميه بغضب وقالت: سهيله مقتلتش، وكفايه رغى فارغ في الموضوع ده، وخلونا نفرح المهم إنها رجعت تانى للدار.
أنهت آسميه حديثها وضمت سهيله لصدرها تقبل وجنتها.
شعرت هويدا بالبغض وقالت: طبعا، فرحتك بيها متتوصفش مش أول حفيدة تشيليها بين إيديك، ليها معزة.
نظرت سحر ل هويدا وقالت بضيق: وشالتك إنت كمان، ومعزتكم كلكم واحده في قلبها.
تهكمت هويدا قائله: لاء طبعا، سهيله نصيبها كبير، دى إتولدت على إيديها، إنما أنا اتولدت وهي كانت في وقتها بتعمل عمره
المعزه تختلف.
نظرت آسميه ل هويدا، وقالت: كلكم معزتكم عندى في قلبي واحده، إن كان إنتم ولا ولاد خالكم.
تهكمت هويدا قائله: خالى وولاده عايشين في السعوديه مش بينزلوا مصر غير في أجازة الصيف.
نظرت آسميه لها بلا مبالاة وضمت سهيله بمحبه، بينما جلس أيمن جوارهم قائلا: والله يا عمتي مش عارف أودى جمايلك فين، إنت اللى دفعتي الكفاله اللى حددها القاضي.
ضمت آسميه سهيله وقالت: كفالة أيه اللى بتتكلم عنها ده ولا كنوز الدنيا تكفي لحظة وجود سهيله وسطنا.
إزداد البغض في قلب سهيله وهمست لنفسها وقالت بغيظ: كنت وفرتى فلوسك الكتير لحاجه تنفع، فلوسك مظهرتش غير عشان الغبيه دى، لكن طبعا لو كانت ليا أو مساهمه في جوازي مكنتش ظهرت، طبعا الملاك البريئه لها حظ، بس نفسى أعرف رد فعل آصف أيه، وإزاي الشهور اللى فاتت دى كلها مستخدمش سلطته وجابلك إعدام، ولا يكون…
توقفت هويدا تفكر، وأكملت بغضب!
لا يكون هو كمان لسه مخدوع في براءتها، ولا يمكن هو اللى طلب من القاضي، يحكم بالحكم ده، عشان تخرج من السجن.
تراجعت هويدا عن ذالك قائله: مستحيل ده يحصل، أسعد لما كلمته عن قضية سهيله من كام يوم حسيت أنه محروق ومغلول أوى، وأكد لها إن آصف كمان زيه، بس أيه اللى حصل وخلى القضية ترسى على حكم زى ده، مش معقول يعنى آصف كان بيتلاعب ب أسعد عشان يخرج حبيبة القلب من السجن.
بعد مرور شهران
بمحكمة الإستئناف.
خلف قفص الإتهام كانت سهيله تشعر بإختناق بسبب أنها عادت مره أخري لذلك القفص مره أخرى غصبا من أجل الحكم بقرار إستئناف الحكم السابق
لكن قرار القاضي جعلها تنسى ذلك الرهاب قليلا، حين قال
بعد مداولات من لجنة القضاه في قضية الإستئناف
قررنا منح البراءة ل
سهيله أيمن الدسوقى من قضية القتل الخطأ الى الدفاع عن النفس.
أصبح هنالك تهليل بعدالة القضاء من ناحية، لكن هنالك ناحيه أخرى إزداد الغضب لديها.
بعد مرور أكثر من ثلاث أشهر.
صباح، أمام المشفى التي كانت تعمل بها سهيله.
توقفت تستنشق الهواء بعمق قبل أن تدلف الى المشفى بخطوات ثابته، تشعر بأنظار بعض العاملين بالمشفى تخترق جسدها يتهامسون، قبل عدة أشهر تقترب على عام خرجت من هنا يقيد يديها أصفاد معدنيه، بتهمة قتل حدث معجزه وتبرأت منها، وها هي تعود مره أخرى تستأنف حياتها مره أخرى، لن تنهزم لكبوة حدثت بحياتها، تشعر من عيون البعض بالإتهام أنها قاتله، لكن أدلة القانون برأتها، والبعض الآخر تعامل معها سابقا ولديه شبه يقين أنها ليست قاتله، وهنالك من يستهزؤن منها كيف لا تستحي أن تعود للعمل ك طبيبه بعد إتهامها بقضية قتل، لكن الخطأ ليس عليها بل على من قبلوا ذلك ووافقوا على عودتها لممارسة، ربما قامت برشوتهم.
تغاضت بكبرياء وثقه عن كل تلك النظرات وتوجهت الى غرفة مدير المشفى مباشرة دلفت بعد أن طرقت على باب مكتبه وسمح لها بالدخول، بمجرد أن رفع وجهه عن تلك الأوراق الذي كان يطالعها ونظر لمن دخل، سأم وجهه ونظر لها بمقت.
شعرت سهيله بنظرته لكن حاولت الثبات، هي تعلم انها بريئه لن تهتز ثقتها ببرائتهت، حتى لو كان مازال البعض يشكك في إرتكابها للجريمه، تحدثت بثبات بعد أن ألقت عليه السلام: أكيد وصل لحضرتك قرار من وزارة الصحه إن أرجع أمارس الطب.
جذب مدير المشفى ملف خاص وفتحه قائلا: أيوه وصلنا قرار وزارة الصحه بموافقتها أنك ترجعى لممارسة عملك ك طبيبة أطفال بالمستشفى، رغم إن ليا تحفظات عالقرار، لو القرار كان في أيدي أكيد كنت رفضت تنفيذه بس مرغم إنى أنفذ القرار حتى لو مش مقتنع ببرائتك يا دكتورة.
ب سرايا شعيب.
بالصالون كان يجلس آصف برفقة
أسعد وشكران
نظر له أسعد قائلا: كنت بتقول عندك حاجه مهمه عاوز تقول لينا عليها.
نظر آصف ل أسعد بترقب قائلا: أنا قررت إنى أتجوز.
رغم غصة قلب شكران لكن تبسمت له، بينما تبسم أسعد سألا بلهفه: ويا ترى عندك عروسه خاصه حاطط عينك عليها، ولا عاوزني أرشح لك عروسه، بنت…
قاطعه آصف قائلا: لاء في عروسة خاصه.
تبسم أسعد سألا: ويا ترى مين العروسه، أكيد بنت قاضى ولا شخصيه مهمه.
نظر له آصف بإستهزاء.
بينما قالت شكران: مش مهم هي بنت مين، الواضح إن ليها مكانه خاصه عند آصف بدليل إنه أخيرا أقتنع وهيتجوز.
سخر أسعد من حديث شكران، لكن نظر ل آصف بتساؤل: ومين بقى العروسه اللى أقنعتك أنك تتجوز.
نظر له آصف بترقب قائلا: سهيله أيمن الدسوقى.
يتبع…