رواية جحيم العابرين كاملة وحصرية بقلم اسامة مسلم
أضواء مصابيح ساطعة تنعكس من على سطح إسفلتي مبلل جراء رمي سحابة ماطرة بحمولتها عليه قبل عدة ساعات ...
+
امرأة في أواخر العشرين من عمرها تقود سيارتها وحدها قبل منتصف الليل بساعة وسط غابة كبيرة وكثيفة شقها طريق ممهد غير مزدحم لقلة سالكيه..
+
بالرغم من الأجواء المظلمة والساكنة المحيطة بالمرأة كما أحاطت تلك الأشجار بأطراف الطريق إلا أنها كانت ممن يستمتعون بمثل هذه الطرق المعزولة خاصة ليلاً وتقضي وقتها تنصت للمذياع وتتناول بعض القهوة الساخنة التي أعدتها قبل بدأ رحلتها وتسكب بعضها من وقت لآخر في كوب ورقي صغير .
+
خلال إدارة المرأة لقابس المذياع بحثاً عن محطة إذاعية حوارية بعد اكتفائها من سماع القنوات الغنائية لمحت في الأفق المعتم أنواراً صفراء صغيرة تضيء بشكل متكرر لسيارة متوقفة على جانب الطريق فرمت بكوب قهوتها من النافذة مغلقة جميع النوافذ والأبواب بإحكام ومع اقترابها اتضحت معالم سائقها وهو يجلس على مقدمتها يتفحص هاتفه المحمول ولعلمها المسبق بأن هذه المنطقة من الطريق لا تصلها تغطية الهاتف توقفت عنده . وأنزلت جزءًا يسيرًا من نافذة باب الراكب بجانبها وخاطبته قائلة: "ما المشكلة..؟!"
التفت صاحب السيارة نحوها وقال باسماً :
+
"لم أعتقد أن أحداً سيتوقف لي في هذه المنطقة النائية لمساعدتي..."
- أنا لم أقرر مساعدتك بعد..
+
تقريباً وجه الرجل الذي كان في منتصف الأربعينيات من العمر وجهه أمامه وقال:
+
"لا بأس أتفهم حذرك.. سأتدبر أموري.."
+
- وكيف تنوي ذلك؟
رفع الرجل هاتفه للأعلى قائلاً: "عندما أتمكن من الحصول على تغطية خلوية سأتصل بسيارة لتقلني"
- ما نوع العطل الذي تعاني منه سيارتك؟
أدار الرجل نظره تجاه سيارته ثم قال" في الحقيقة السيارة سليمة لكن الوقود نفد منها"
-إهمال غريب منك.. كان هناك محطة للوقود قبل مسافة ليست ببعيدة وراءنا
زفر الرجل نفساً منزلاً رأسه:" لقد توقفت عندها بالفعل لأتزود لكني اضطررت للهرب بسرعة"
-"الهرب؟.." قالتها المرأة متعجبة
" نعم.. إنها قصة طويلة..."
فكرت المرأة ملياً بطريقة لمساعدته وكان من الواضح أنها مترددة في أن نقل شخصا غريبًا معها فلاحظ الرجل صمتها بوجه متفكر يحدق به فقال:
" أعرف ما يدور في خلدك وأنا لا ألومك لكن أنا بحاجة ماسة للمساعدة"
+
- أقصى ما يمكنني أن أقدمه لك هو الاتصال على الشرطة عندما أصل للمحطة القادمة ليأتوا لمساعدتك لأني لا أملك هاتفاً محمولاً معي وعدا ذلك فأعتذر
+
أشار الرجل بيده القابضة على هاتفه المؤخرة سيارتها وقال: "لم لا تضعينني هناك."
+
- تقصد الصندوق ؟
+
-نعم.. ولن أمانع فأنا فقط أريد أن أصل للمحطة القادمة المتزود بالوقود وبهذه الطريقة ستكونين بمأمن من أي خطر مني
+
-"لا أعرف..." .. قالتها بتوجس وتردد
+
- "أرجوك .. أنا هنا منذ ساعات وبدأت أشعر بالخوف"
+
-سأكون صريحة معك.. إيصال شخص مجهول وخاصة في هذا المكان المقطوع مخاطرة لم أعتدها
+
- "حسناً أتفهم ذلك.. شكراً على أي حال"
+
أحست المرأة بالذنب وقالت: وماذا تنوي أن تفعل ؟
- سأنتظر بزوغ الفجر ثم سأبدأ بالسير حتى أصل للمحطة
ضغطت المرأة على زر فتح صندوق السيارة وقالت:
"اركب وأغلق الصندوق خلفك وأتمنى ألا أندم على ما سأقوم به..."
تبسم الرجل وبدأ بالسير لخلف السيارة وهو يقول: "لا أحد يندم على فعل الخير "
قبضت المرأة على مقود السيارة وهي تتابع الرجل من مرآتها العلوية وقالت محدثة نفسها:
"بل أغلب من يقدم الخير يندم م لاحقاً..."
استلقى الرجل وأغلق الغطاء خلفه وبعد ما تحققت المرأة من أن الصندوق قد أغلق تماماً من خلال تفحص نور التنبيه على لوحة التحكم تحركت وأكملت سيرها.
أمضى الرجل قرابة نصف الساعة قبل أن يحس بتوقف السيارة بالكامل مما قاده للشعور بالربية لأنه يعرف أن أقرب محطة وقود تبعد أكثر من ذلك فبقي مكانه محاولاً الإنصات لأي صوت أو حركة أخرى عقب توقف السيارة فسمع صوت فتح باب السائق وإغلاقه وخطوات تقترب منه وتتوقف عند مقدمة الصندوق.
فتح صندوق السيارة ليشاهد الرجل المرأة تقف عنده قائلة:
"اخرج..."
جلس الرجل وهم بالخروج من الصندوق قائلاً: "هل غيرت رأيك؟"
أشارت المرأة لنهاية الطريق وقالت: "لا.. هم غيروا رأيي"
وجه الرجل نظره حيث كانت تشير المرأة وشاهد دوريتين للشرطة وأنوارهما الزرقاء والحمراه تلف وتدور بتعاقب.
2
تعجب الرجل وقال:" لا أفهم.. ما الذي يحدث؟:
+
سارت المرأة عائدة المقعد السائق وهي تقول: "هيا تعال واركب بجانبي وكن طبيعياً.."
+
ركب الرجل وربط حزام الأمان ونظره لنقطة التفتيش البعيدة وقال:
+
"هل ستشرحين لي ما الأمر؟"
+
ربطت المرأة حزامها وأدارت المحرك مرة أخرى قائلة:
+
"هناك احتمال أن يقوم أفراد تلك الدوريات بتفتيش السيارة ووقتها ماذا سأقول لهم لو وجدوك في صندوق سيارتي ؟؟"
+
-سأشرح لهم ما حدث ببساطة
+
- لن أجازف باتهامهم لي بخطفك.. ما اسمك بالمناسبة لو اضطررنا للتعريف بأنفسنا .. أنا (يمني).. وأنت؟
+
-اسمك غريب ومميز.. أنا (عاصم).. اسم اعتيادي جداً بالمقارنة مع اسمك
(يمني) مبتسمة وهي تقود سيارتها مقتربة من نقطة التفتيش:
"جدي هو من سماني بهذا الاسم..."
اعتدل (عاصم) في جلسته عندما شاهد الشرطي يرفع كفه في إشارة لهما بالتوقف وقال:
"أنا أمي هي من أصرت على هذا الاسم ولا أعرف لماذا؟"
+