رواية جحيم العابرين الفصل الثاني 2 بقلم اسامة مسلم
أنصت الاثنان لمنتصف حوار بين مذيع و أحد المتصلين على برنامجه...
+
(المذيع) : ما أخبرتني به للتو يمكن أن يحدث فلا تجزع وتقبل الأمر ثم بعد ذلك حاول نسيانه
+
(المتصل) : اعذرني لكن لا يمكن لعقلي تقبل ذلك .. لا بد وأني كنت أتوهم ... أرجوك أخبرني بأني كنت أتوهم.. هذه خوارق للطبيعة ومن المستحيل أن تكون واقعاً
+
(المذيع) : خارقة للطبيعة الآن فقط ..
+
(المتصل) : ماذا تقصد؟
+
(المذيع) : الطيران على سبيل المثل كان ينظر له في الماضي على أن من خوارق الطبيعة ومن المستحيلات .. هل أنا وأنت نراه كذلك اليوم؟
3
(المتصل) : الأمر مختلف ...
+
(المذيع) : عقولنا هي التي تختلف لكن الحقيقة ثابتة..
+
(المتصل) : وما هي تلك الحقيقة؟
+
(المذيع) : أننا لا نعرف الكثير مما يدور حولنا.. شكراً لاتصالك.
لنأخذ اتصالاً آخر
- هل صوتي مسموع ؟
+
(المذيع) : نعم تفضل عرفنا بنفسك لو رغبت ..
+
- آه .. أنا (مراد) .. أنا متابع للبرنامج منذ بدايته ولم أفوت حلقة واحدة..
+
(المذيع) : ممتنون لتقتك يا (مراد) لكن هل هذا علاقة بالقصة التي تنوي مشاركتها معنا؟
1
(مراد) : لا أعرف ربما .. لم أفكر قط بالمشاركة لكن أحتاج الحديث عما رأيته مع أحد
+
(المذيع) : تفضل .. نحن منصتون
+
(مراد) : قبل عدة أعوام بدأت أتعلم القيادة كي أحصل على الرخصة مثل أقراني لكني كنت أواجه مشكلة.. كنت أشعر بالارتباك الشديد عندما أقود وأبي يجلس بجانبي لتوجيهي بملاحظاته المتكررة بنبرة غاضبة مما يشتتني كثيراً ويفقدني السيطرة على الأمور وأرتكب أخطاء كثيرة تجعله ساخطاً علي بالرغم من أن قيادتي في غيابه تكون مثالية جداً والدليل أني تمكنت من التعلم في وقت قياسي بمعاونة أحد أصدقائي وقمت باستعارة سيارته لتجاوز جميع اختبارات القيادة واستخرجت الرخصة دون أي مشكلة تذكر لكن المعضلة الوحيدة المتبقية لي كانت هي أن أبي لم يكن مقتنعاً بقدرتي على تحمل المسؤولية ومهارتي في القيادة
+
(المذيع) : بما أنك حصلت على الرخصة فما حاجتك لإقناع أبيك بأنك تجيد القيادة؟
+
(مراد) : وماذا سأقود؟ .. لم أكن أملك سيارة خاصة بي وهو من سيشتريها لي لكنه لم يكن ليقوم بذلك دون أن يقتنع
+
(المذيع) : فهمت .. أفترض الآن أنك سوف تخبرنا عن سبب اتصالك
+
(مراد) : نعم .. بعد عدة محاولات تمكنت من إقناع أبي بأن يمنحني فرصة أخيرة لأريه قدراتي وإجادتي القيادة شريطة أن يشتري اي السيارة لو كان راضياً عن أدائي فوافق على مضض ولأنه من من الحوادث التي كنا نتعرض لها بسبب توتري معه قرر أن نتوج لطريق بعيد شبه خال من أي ازدحام ... طريق صحراوي قديم خارج حدود مدينا هجره الناس بعد ما أنشئ خط مواز له اختصر المسافة لكنه لم يبلغ وبقيت بعض شاحنات نقل البضائع تستخدمه
+
(المذيع) : وهل كان أداؤك يومها مقنعاً له؟
+
(مراد) : بل بهرته وكان سعيداً جداً وبدأنا نتحدث عن أنواء السيارات التي أرغب في اقتنائها
+
(المذيع) : جميل .. أين المشكلة إذاً؟
+
(مراد) : بالطبع كنت أعرف وقتها أني أو ارتكبت أي خطأ مهم كان بسيطاً فسوف يهدم كل ما حققته مع أبي ذلك اليوم ولا أخفي عليك أني كنت أريد إنهاء الرحلة بسرعة قبل حدوث هذا فأبي سهل الاستفزاز ويفقد أعصابه بسرعة وشيء مثل ضغط المكابح بقوة قد يثير حتقه فاقترحت عليه أن نعود أدراجنا وننهي يومنا الطويل فرافق لكنه طلب مني قبلها الخروج من الطريق المعبد والتجول فوق كثبان الرمال قليلاً خاصة أن سيارتنا كانت ذات دفع رباعي ويبدو أنه اشتاق لمغامراته السابقة عندما كان يمارس هوايته المحببة بالقيادة في الصحراء ففعلت.
+
(المذيع) : كم كانت الساعة وقتها؟
+
(مراد) : نهاية العصر تقريباً .. أذكر ذلك جيداً لأن أبي قال بأنه يريد منا أن نصلي المغرب فوق أحمد الكتبان قبل أن نعود للمنزل
1
(المذيع) : فهمت أكمل ...
+
(مراد) : القيادة على الكثبان الرملية نادراً ما توقعك في الخطأ إلا إذا علقت سيارتك بالرمال وكان هذا هو همي الوحيد ولو حدث لردة فعل أبي يمكن توقعها بسهولة لذا كنت الجنب المخاطرة بالتهور والاندفاع تفادياً لحدوث ذلك .. لكن .. حدث أمر لم يكن في الحسبان..
+
(المذيع) : ماذا حدث؟
+
(مراد) : للوهلة الأولى ظننت أني أتوهم لكنه تحول ليقين عندما رأيته أكثر من مرة يمر من خلال مرآتي الجانبية .. رجل .. أو شيء بشبه الرجل .. يجري خلفنا مهرولاً .. يجري بسرعة غير بشرية ... ومهما زدت من سرعتي كان يلحق بنا محافظاً على المسافة بيننا وبين وهي عدة أمتار عن مؤخرة السيارة .. شعرت بالذعر .. اعتقدت أن قاطع طريق في البداية لكن سرعته غير الطبيعية بددت هذا الشك خاصة عندما زاد من وتيرة جريه ليصل عند بابي ويجري بجانبي دون أن يلتفت علي وكأنه يسابقني
+
(المذيع) : هل يمكن أن تصفه لي ؟
+
(مراد) : رجل عادي بملابس بيضاء يربط رأسه بلفافة حمراء .
ذكرني بالرعاة الذين نشاهدهم في الصحراء لكن ما جعله غير طبيعي هذا سرعته الخارقة هو لون بشرته .. كانت مائلة للزرقة
+
(المذيع) : تقصد كان أسمر البشرة ؟
+
(مراد) : لا لا .. أزرق .. أغمق درجة من درجات اللون الأزرق يمكنك تصورها لكنه كان أزرق بلا شك
+
(المذيع) : الم ينتبه أبوك له ؟
+
(مراد) : لا .. وكنت حريصاً الا أنقل له توتري وجزعي مما يحدث كي لا أفسد انطباعه الإيجابي عني وعن قيادتي وكان كل همي هو محاولة التخلص من هذا الغريب الملاحق لنا قبل أن يطلب مني أبي التوقف للصلاة
+