اخر الروايات

رواية المعاقة والدم الفصل التاسع 9 بقلم هناء النمرش

رواية المعاقة والدم الفصل التاسع 9 بقلم هناء النمر




... اممممم ، واضح اوى انها مأثرة فيك ، بس ياترى دقت انت كمان ولا لأ ، أصل المدام انداقت قبل كدة ، ولا انت متعرفش انها كانت متجوزة فى السر ....

ألقى نادر نظرة بجانب وجهه على رانيا التى تقف خلفه طلبا للحماية ، ولم يعبأ بكلام أخيه فهو يعلم أخلاق محسن حق المعرفة وهو معتاد منه أن الأمور دائما ليست كما يقول ، وأنه يهول فى أى أمر بما يخدم مصالحه هو فقط ،

بدأ محسن يقترب من نادر بمسافات بسيطة وهو يخبره بما قال وكأنه يتحداه ليتركها ،

فجأة رفع نادر يده اليمنى ووضعها على صدر محسن ليوقفه وقال بهدوءه المعتاد ،

... أتكلم من غير ما تخوض فى أعراض الناس يامحسن ، انت عارف ان النقطة دى عندى خط أحمر ...

... بقولك كانت متجوزة فى السر ...

... وانت دخلك ايه فى الموضوع ده اصلا عشان تتكلم فيه ، وبتراقبها ليه ، عايز ايه منها يامحسن ؟

تمعن محسن لثانيتين فى عين أخيه الذى اتضح تماما انه فى صفها مهما قال له محسن أو ذم فيها ، فقرر الانسحاب العلنى ، وبداية اللعب السرى كما تعود فعله من أجل ما يريد ، خاصة أن الناس من حوله بدأوا ينتبهون لما يحدث بين الأخوين والمرأة المصاحبة لهم .

... ولا حاجة يانادر ، ولا حاجة ، لينا كلام تانى ، بس لما بابا يعرف اللى بيحصل الأول ...

عاد بظهره خطوتين وعينيه ترتحل بين نادر ورانيا ، ثم استدار وابتعد بهدوء وعقله يعصفه التفكير فيما يحدث بينهما ، وكيف تعرفا ببعضهما،
المؤكد تماما انه لن يتركها لرجل غيره خاصا ان كان نادر تحديدا ، نادر الذى دائما ما كان يشعره انه أفضل منه ومن الأموال التى يمتلكها ، وأنه غير مهتم على الإطلاق بحرمانه من ثروة أبيه الذى دائما ما كان يهدده بها .

عادت كل منهما وجلس على كرسيه وساد الصمت بينهما لوقت طويل ، رانيا متوترة ، ولم ترفع عينيها عن العصير الذى تحيطه بيدها ، ونادر هادئ تماما ، يتطلع اليها بثبات وكأنه ينتظر منها تفسير لما يحدث ، وهى تدرك ذلك تماما .

وهى على وصعها دون أن ترفع عينيها له قالت

... كان معايا فى نفس الكلية ، حبينا بعض لمدة سنين ، بس احترم أهلى تماما ، مفيش خروج معاه ابدا برة حدود الكلية ، ولا حتى قعدت معاه فى مكان لوحدنا ، بس هو قرر أن مش هيقدر يتحمل كدة الخمس سنين كلهم ، وصمم انه يقابل بابا ويتقدملى ، وفعلا حصل ، لكن بابا رفضه تماما ، وماما عملت مصيبة فى البيت وقتها لأنه جاى من طرفى وعشان قلت انى بحبه ، والأهم من كل ده انه فقير ، هو مكانش فقير بالمعنى المفهوم ، كان عنده شقة كويسة غير شقة أهله فى بيت يملكوه أهله ، وكافيه معقول بيديره بنفسه ، لكن بالنسبة لأهلى انا كان فقير جدا ، أتقدم لبابا أربع مرات فى سنة واحدة ، عملت المستحيل عشان اقنعه واقنع ماما بس مفيش فايدة ، بل بالعكس ، دول عاندونى بشكل وحش جدا ، ومنعونى اروح الكلية ، مش كدة وبس دول اجبرونى انى أوافق على خطوبة لواحد من العيلة ، ودى وقتها اللى كسرتنى ، وخلتنى زى الغريق اللى عنده استعداد يتعلق بأى حاجة هتقابله ، كل الطرق اللى قدامنا اتقفلت ، إلا طريق واحد عقلنا هدانا ليه وقتها ، سياسة الأمر الواقع عشان نجبرهم يوافقوا ، اتجوزنا ،
كتب كتاب بس ، وكل واحد روح على بيته ، بس طبعا قلنالهم أن الجواز فعلى وتم بينا ، لكن للاسف ، بابا اتحول لشخص مختلف تماما عن اللى انا أعرفه ، كأنه وحش بيحافظ على حاجة ملكه ،
وفجأة وبعديها بكام يوم لقيته هدى تماما ، واللى متخيلتوش انه وافق وقال إنه هيتمم جوازنا بس بعد ما اخلص الكلية ، فك خطوبتى بنفسه ، وسابنى اروح الكلية ....

سكتت رانيا وكأنها تلتقط أنفاسها لتواصل الحديث ، ونادر يستمع لها بتركيز تام دون أن ينطق بكلمة ،
... وبعديها بأسبوع ومن غير اى مقدمات ، عربية تخبطه وتجرى وهو بيعدى الطريق ، فاعل مجهول وقضية تتقفل ، 4 ايام فى العناية المركزة وبعدها يموت ، وتنتهى الحكاية أو على الأقل انا افتكرتها إنتهت ....

دمعة وحيدة فرت من عينيها رغما عنها ، فقد حاولت السيطرة على دموعها طول حديثها لكن لم تستطيع ، صمتت لثوانى لتتمالك ثم تابعت حديثها بقص ما كان من محسن من يومين وما سمعته من والديها عندما عادت ، وصارحته بشكوكها التى تصل لدرجة التأكيد بأن محسن هو دبر مقتل هادى ، ولهذا قررت أن تكمل ما بدأته مع أميرة كرحلة انتقام من محسن لما فعله بزوجها .

أنهت كلامها ثم أخذت تتطلع لنادر تبحث فى عينيه عن تصديقه لها من عدمه ، لكنه لم يعطيها إجابة واضحة تريحها ولو من خلال عينيه أو ملامح وجهه.
لم تستطع الانتظار وسألته. .. أنت مصدقنى ؟

وبدون أى تعبير رد عليها ... مش عارف ، كل اللى أعرفه أن ملكيش مصلحة تكدبى ، وأن حصل وكدبتى مسيرتك مع الوقت هتنكشفى ، غير انى أصدق أن محسن ممكن يعمل كدة ،
من الآخر معنديش سبب يخلينى اكدبك ، على الأقل فى الوقت الحالى ، المهم عندى دلوقتى أنك تروحى لأميرة ، حالتها وحشة جدا ، متخيلة انك تخليتى عنها زى الكل بعد ما صدقتك ...

... اوكى ، يلا ...

.. قبل ما نمشى عايزك تفهمى حاجة واحدة ومهمة جدا ...

... خير ...

.. أميرة ، البنت دى مهمة عندى جدا ، ومش هسمح لمخلوق يأذيها اكتر من كدة ، وهى للأسف اتعلقت بيكى اوى ومش فاهم ليه وإذاى فى الفترة القصيرة دى ، هى مقتنعة أن انتى أملها فى الحياة ، صدقينى لو خزلتيها يارانيا مش هرحمك ، فاهمانى ....

اماءت برأسها بالايجاب ، فقال ... كويس اوى ..

وقف ووقفت هى تباعا ، فتح محفظته وأخذ منها مبلغ معين ووضعه على الطاولة ثم قال
... اتفضلى ..

لكنها لم تتحرك من مكانها

... ايه ، واقفة كدة ليه ...

... محسن دلوقتى مراقبنى ، هيعرف انى بروح لأميرة ...

... منا عارف ، بس انتى معايا دلوقتى د وهو عارف ، يعنى طبيعى انك تركبى معايا ، ولو فى حد مشى ورانا فعلا ، هعرف انا أهرب منه ، المهم انتى تاخدى بالك بعد كدة ...

... ماشى ..

...................................................

وصل المركز الطبى بعد الدوران بالسيارة لأكثر من ربع ساعة فقط من أجل الهروب من السيارة التى تتبعهما ، ثم اتجه للمركز القابعة فيه الفتاة صاحبة الحكاية ،
دخلت رانيا وحدها لأميرة بعد تصميم نادر أن يكون اللقاء بينهما فقط ،

لم تعاتب أميرة رانيا بأى شكل ، بل بالعكس ابتسمت فور رؤيتها وكأن الأمل عاد اليها من جديد ، تحدثا سويا بعض الوقت حتى شعرت أميرة بعودة رانيا اليها مرة أخرى ، ثم افترقتا على وعد بلقاء قريب جدا تكون فيه خطوة فعلا ناحية هدفهم .

وعندما خرجت وجدت نادر ينتظرها فى الخارج ، عاد بها لبوابة المطعم ثانية لتعود بسيارتها ، وقبل أن تخرج من سيارته ، اخبرها تأكد على والدها انه سيأتيه ليزوره الليلة ، فلم يعد التأجيل فى صالحهم أكثر من ذلك .

انطلق كل منهما بسيارته ، كل منهما لوجهته المنشودة ، رانيا لبيتها ،
أما نادر فقد قرر الذهاب لبيت خاله ، ليخبره بأمر زيجته من رانيا ، وأنه يريد التعجيل بها ، فقد تقرر سفره فى خلال شهر ويريد أصطحابها معه ، وبالطبع أخباره معناه حضور الزيارة معه لبيت الحاج حسن للتقدم الفتاة ، فقد أراد أن يجعل الموقف رسميا أكثر ، لينهي المسألة بسرعة قدر الإمكان .

.............................................

... رانيا ...

التفتت قبل ان تصعد السلم لتجد والدها خلفها ،

اقتربت منه عدد من الخطوات وهى تقول

... حضرتك عارف انا فين ومع مين ، هو مش قالك برده ولا انا غلطانة ...

... خدى بالك من كلامك كويس يارانيا د محسن فعلا مهتم بيكى ، وزعلان انك بتعملى الحاجات دى ...

... حاجات ايه بقى أن شاء الله اللى قالك عليها البيه ...

... اللى انتى بتعمليه لتانى مرة عشان تضيعينا معاكى ...

... مش انا اللى ضيعتكوا اول مرة ، انتوا اللى عملتوها فى نفسكم ، وأدى تانى مرة ، وبرده همشى فى الصح وبنفس الطريقة ، وشوفوا انتو ناويين على ايه ؟

... تقصدى ايه ؟

... نادر جايلك انهارضة يزورك عشان يطلبنى منك ، وابقى اعمل بقى زى زمان ، عايزة اعرف سى محسن هيقتل أخوه ازاى ، تصبح على خير ...

... استنى عندك ، أمك صممت على محسن عشان عارف الحكاية القديمة ، يعنى مش هنتفضح قدام الناس ، لكن انا نادر يعرف ، تفتكرى هيكون رد فعله ايه ؟

... بالزمة انت مصدق الكلام ده ، امى عايزة محسن عشان فلوسه وعشان تعاند أمه ، لكن عشانى انا لأ ، مش حقيقى ،
وكمان متقلقش ، نادر بالفعل عارف حكايتى كلها ، ومحسن هو إللى قاله بنفسه ، وبرده عايز يتجوزنى ، وأنا موافقة وهتجوزه يابابا ...

.. إيه يارانيا ، هتعصينى مرة تانية ، دا انا اخلص عليكى المرة دى قبل ما تعمليها ...

قال جملته هذه وهو يشير بكلتا يديه وكأنه سيخنقها بالفعل ،

اقتربت منه رانيا خطوتين ، حتى أصبحت مقابلة له تماما ، وقالت بثبات :

... أنا مش فاهمة ايه مشكلتك معايا يابابا ، قبل كدة كان كويس بس فقير ، وشوف عملتوا فيه ايه ، دلوقتى غنى ومن العيلة ، ومحترم وابن ناس ، ايه المطلوب تانى ، ولا انت كمان عايز تجوزنى المجرم ده زييها ، وعلى فكرة ، انا مش مسامحاك ابدا على انت عملتوا فيا وفى هادى ، ومش عارفة انت هتقابل ربنا اذاى ، وانت بتصلى وتسجدله ، شوف انت عايز ايه يابابا واعمله ،
بعد اذنك ...

تركته وابتعدت ، صعدت السلم واتجهت لغرفتها ، اتصلت بنادر واخبرته بما حدث ، واخبرها هو الآخر بموافقة خاله على الحضور معه للتقدم لها ،

فرحت رانيا وكأنها عروس حقيقية ، لأنه يتعامل مع الموضوع بجدية تامة وبدون أى تقصير ، وقد أعطاها هذا درجة من الأمان على خطتهما المستقبلية لتتم بإذن الله .

..................................................

.. معقول أهلا وسهلا يادكتور صابر ، شرفتنا ياراجل ، اتفضل ، اتفضل ...

... الشرف لينا ياحاج حسن والله ..

ثم التفت لنادر وقال .. أهلا وسهلا يانادر ياابنى ، ولا أقول يادكتور ...

.. ازاى بس ياعم الحج ، يشرفنى لما تقوللى ياابنى ، ويارب تعتبرنى كدة ....

... الشرف ليا ياابنى والله ، اتفضلوا ياجماعة واقفين كدة ليه ، اتفضلوا ، نورتوا البيت والله ...

جلس الجميع فى غرفة الاستقبال ، ودخل الخادم بالقهوة ، وقدمها للجميع وانصرف .

... وحشتنا يادكتور ، بزمتك آخر مرة شفناك كانت امتى ..

... معلش ياحاج حسن ، الصحة مبقتش مساعدة ، والله ياحاج ، على قد مشوار العيادة من يوم ما خرجت على المعاش ، وكمان برجع مهدود ...

... ربنا يديك الصحة ، والله مفاجأة حلوة أننا شفناك ، انا فاكر أن نادر جاى لوحده ...

... والله انا قلتلوا روح لوحدك ، وانى اجى فى الحاجات الكبيرة ، مرضيش. .

... ازاى ياخالى ، انت الخير والبركة ، انا اقدر اتحرك من غيرك ....

قال نادر جملته ويد خاله تطبطب على كتفه بحب ، وقال الحاج حسن ... ربنا يكملك بعقلك ياابنى....

قال صابر ... شوف ياحاج ، انا هدخل فى الموضوع على طول من غير لف ودوران ، وانت مش غريب ، عارف اللى فيها ، وعارف حكاية نادر كلها من الأول للأخر ، يعنى مفيش حاجة هنكدب فيها ....

... العفو يادكتور ، ايه لازمة الكلام ده بس ؟

... الحق حق ياحاج ، من الآخر كدة احنا طالبين القرب منك فى الدكتورة بنتك لابننا الدكتور نادر ، ها ، ايه رأيك ؟

ابتسم الحاج حسن وهو يقول ... يشرفنى والله يادكتور ، هو فى احسن من الدكتور نادر برده ..

... يعنى موافق ياحاج ؟

... موافق طبعا ، ده شرف ، بس زى ما انت قلت يادكتور ، الحق حق ، وميرضكش برده نخالف الأصول ...

... لأ طبعا ميرضنيش ، خير ياحاج ..

... الحاج رشاد لازم يعرف ...

التفت كل من نادر وخاله لبعضهم بعدما اختفت الابتسامة من على وجوههم، ثم قال نادر

... عندك حق ياعمى ، بس حضرتك عارف الخلاف اللى بينى وبين بابا ، وأنه قبل كدة حلف انه مش هيقفلى فى حاجة ، لا جواز ولا شغل ...

... عارف يانادر ، بس دى أصول ياابنى منقدرش نعديها ، وأنا مبقلش يوافق أو يبارك ، انا بقول يعرف ، على الأقل نبقى كبرنا بيه وعملنا اللى علينا ، ده الكبير العيلة برده ...

قال الدكتور صابر ... عداك العيب ياحاج حسن ، أن شاء الله نادر يروح لوالده ويقوله ، بس احنا كدة نقول أن فى موافقة مبدئية. ..

... إن شاء الله يادكتور ، ربنا يقدم اللى فيه الخير ...

... إن شاء الله ، نستأذن احنا بقى ...

... إيه ، ايه اللى انت بتقوله ده يادكتور ، إحنا هنتعشى سوا ...

... معلش ياحاج ، سامحنا ، فى الليلة الكبيرة أن شاء الله ...

... عيب يادكتور الكلام ده ، العشاء جاهز ..

... معلش والنبى ياحاج ، انا لسة هروح العيادة ...

... بس افتكرها ، مش هاكل حاجة عندك تانى ...

... وانت تقدر ، هفضل الباب عليك ...

... هههه ، ماشى يادكتور ...

... سلام عليكم ..

... عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...

خرج معهم الحاج حسن حتى باب السيارة ، وبعدما تحركوا بها ، عاد للداخل ، وجد رضا تقف له فى بهو المنزل

... واقفة كدة ليه ؟

.. قولتلهم ايه ؟

... قولتلهم انى موافق ، ...

.. يانهار اسود ، ايه التخريف ده ياحاج ...

برقت عين الرجل بشكل مرعب جعلها تبتلع ما انتوت قوله ، ثم قال هو
... أنتى اتجننتى ولا ايه ، مش معنى انى سايبك براحتك يبقى تخطى حدودك ، دى بنتى وانا حر فيها ، واقفلى الكلام فى الموضوع ده خالص ، فاهمة ولا لأ ...

ثم تركها وصعد السلم متجها لغرفة رانيا ، طرق الباب فلم تجيب ، فتحه بهدوء فوجدها تصلى ،
أنهت صلاتها بالتسليم فقال

... حرمت يارانيا ...

... جمعا أن شاء الله يابابا ...

.. من زمان مشوفتكيش بتصلى. .

... هو حضرتك كنت بتشوفنى اصلا ،تخرج الصبح ومترجعش بعد الساعة عشرة ...

...الشغل بقى ، انا وافقت ..

رفعت رانيا عينيها له فأكمل. .. وافقت على نادر ... ثم قام واقترب منها وقبلها من رأسها وقال

... يمكن يكون فيه العوض يابنتى عن اللى فات ...
ثم تركها وخرج ،
ابتسمت رانيا فور خروج والدها، فقد كانت متأكدة انه سيوافق ، فمفتاحه دائما هو تذكيره بالله وعقابه له ، لهذا تعمدت ما قالته عند عودتها ، وقد نالت ما أرادت .

يتبع 




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close