رواية المعاقة والدم الفصل الثامن 8 بقلم هناء النمر
أنهت مقابلتها مع الرجل الذى أرسل اليها لينفذ ما أرادت ، واتجهت للنادى لتقابل وداد كما اتفقتا ، رغم أن موعدهما معا باقى عليه أكثر من ساعة إلا أنها قررت أن تذهب لتأكل شيئا ، فهى لم تتناول اى شئ منذ الصباح ،
جلست على أحد الطاولات المعدة لشخصين ، وطلبت طعامها ، ثم بدأت فى كتابة بعض النقاط التى ستساعدها فى طريقها الذى بدأته ،
انتفضت وانقبض قلبها عندما فوجئت به يجلس أمامها دون أى استئذان وقال
... قلتلك لو مجيتيش ، هجيلك انا ...
رفعت أحد حاجباها بإندهاش ممتزج بغضب فى صمت ،
.. إيه ، مفاجأة صح ؟
... أغلقت النوتة الخاصة بها ووضعتها فى حقيبتها وعقدت ساعديها وهى منتظرة المزيد مما سيقول
... ساكتة ليه ، للدرجادى المفاجأة حلوة ...
سألت باستنكار غريب ... أنت متابعنى بقى ؟
... هههه ، لا للأسف ، انا لسة موصلتش للمرحلة دى ، دى مش اكتر صدفة ...
.. صدفة ، والله ...
... كنت هنا فى الادارة ، وأنا خارج شفتك ...
.. اممممم ، وهنا فى الادارة بتعمل ايه ...
... أنتى متعرفيش أن النادى ده بتاعى ...
... والله ، مكنتش اعرف ، وياريتنى كنت أعرف ...
... مكنتيش هتدخلى صح ...
... ده اكيد ...
... للدرجادى؟
... واكتر من كدة ، تصور ...
... أنا مش فاهم ليه ، ممكن تفهمينى واحنا بنتغدى سوا ...
... أنا وأنت ، مستحيل ، عن اذنك ...
ت
... استنى بس ، اتفضلى اقعدى وخلينى نتكلم ...
.... احنا مفيش بينا كلام أساسا ...
وهنا قفز فى عقلها ما قاله نادر عن محسن وأنها يجب أن تتهادى بعض الشئ لتجعله يهدئ ويبتعد عنها لوقت معين ،
.. هتخسرى ايه لما نتكلم شوية ..
لانت ملامحها بعض الشئ ثم عادت لمكانها وجلست مرة أخرى ،
... اتفضل ...
.. أنتى مدايقة منى ليه ...
... مش مدايقة منك ، انا مخنوقة شوية ..
قال بسخرية ... وخنقتك دى تخليكى تقولى الكلام ده ...
.. أرجوك أنساه واعتبرنى مقولتوش. ..
... يعنى ايه ، غيرتى رأيك ؟
... مكانش ليا حق أساسا عشان اقولك الكلام ده ...
ابتسم بجانب فمه مع نظرة غريبة وهو يتطلع لها ، نظرة لم تفهمها رانيا بل الأكثر اقلقتها ،
.. بتبصلى كدة ليه ؟
... لأن اللى كان فى دماغى طلع صح ..
... وهو ايه ده اللى كان فى دماغك بقى ؟
.. يعنى ، بطريقة لذيذة قدرتى تلفتى نظرى ليكى ، واعترف انك نجحتى فى ده ، عشان كدة بتعتزرى عن كلامك دلوقتى ...
.. ألفت نظرك ؟ !
.. ايوة ، مش ده اللى كنتى عايزاه انتى ومامتك ..
لم تصدق رانيا ما تسمع منه ، ولكن لآخر لحظة تكذب نفسها فيما سمعت منه ،
..، ايه اللى انتى بتقوله ده ؟
... زى ما سمعتى ، انتى جميلة ، وتستاهلى ، بس انا خلاص حسمت امرى فى حتة الجواز دى ، بس ممكن نلاقى طريقة سوا ، متقلقيش ، الطرق كتير ...
وعند هذه اللحظة وانتهت قدرتها على تحمل تلميحات كلامه ، وقفت ورفعت حقيبتها، وقالت
... هى غلطتى انا لوحدك ، أما اللى وصلت واحد زييك انه يتخطى حدوده معايا ، بس تعرف ، عندك حق فى كلمة قلتها ، انا بالفعل مش طايقة اشوف وشك مرة تانية ، وأنا بسحب اعتذارى ...
وهمتب بالتحرك من أمامه ، استوقفتها يده وهى تمسك بذراعيها ، وبعينيه التى ينطلق منها النار وفمه الذى يطلق سهام السم قال :
.. عايزة تفهمينى أن الكلام زعلك ، ليه ، ما انتى عملتيها قبل كدة ، المفروض انى انا الاحسن ...
لم تفهم رانيا ماذا يقصد تحديدا ، لكن واضح تماما أن تلميحاته قذرة مثله ، جذبت زراعها من يده ثم بثقت فى الأرض وتركته وذهبت .
خرجت تجرى لخارج النادى وهى تحاول جاهدة أن تمنع دموعها من الهطول ، وعقلها يكاد ينفجر ، هل من المعقول انه فكر فيها بهذه الطريقة ، لكن ماذا يقصد بكل كلمة قالها ، وبالأخص إلى ماذا يلمح بجملته انها قد فعلتها من قبل ،فعلت ماذا ؟
.............................................
.... يعنى ايه ياحاج ، واما انت مش عاجبك كلامى ايه اللى جابك لحد هنا ...
... جاى عشان امنعك يارضا ، وارجعها معايا ، وانهارضة مش بكرة ، عارف انك مش هترتاحى غير لنا تنفذى اللى فى دماغك ...
بدأ صوتهما يرتفع أكثر من اللازم ولكن باطمئنان ، فهم متأكدون انها لا تعود قبل المغرب ،
... واللى فى دماغى مش عاجبك فى ايه ياحاج ، انت شايف انه غلط ، رانيا ملهاش إلا محسن ، غنى ومقتدر ولسة صغير ، ويعتبر ابن عمها ، وفوق كل ده عارف اللى فيها ، وهو إللى أتصرف وقتها ، فبدل ما نتفضح مع واحد ميعرفش الموضوع القديم ، أهو ده مننا وعلينا ، انا كدة صح بقى ولا غلط ، رد عليا ...
هدأ الرجل واغمض عينيه وجلس على الكرسى وهو يقول بصوت منخفض نسبيا
... مهما كان ، محسن مينفعش رانيا ، إحنا كدة كأننا بنرميها فى النار ...
قامت رضا لتقترب من زوجها ، التفتت لتجد رانيا تقف على الباب وهى دامعة العينين ، تعبيرات وجهها بالكامل تقول انها سمعت ما قيل منذ لحظات ، لكنها صامتة وهادئة بشكل غريب ،
قالت بصوت هامس سمعه زوجها .. رانيا ...
التفت الرجل ليجد ابنته على هذا الوضع أمامه وهى تتطلع إليه بنظرات يملأها اللوم والعتاب أكثر منه دموع ،
خطت رانيا داخل الغرفة بعض خطوات لتقترب من والدها وعينيها لم تحيد عن عين والدها ،
وقف الرجل مع حركة ابنته تجاهه ، وأصبح الثلاثة فى مواجهة بعضهم ،
حولت عينيها لوالدتها وقالت بدون مقدمات وصوتها نفسه واضح به تأثرها ودموعها التى تملأ عينيها ،
... كان معايا حالا و لسة قايلى كلام ، مفهمتوش غير حالا ، لما سمعت اللى بتقولوه ده ،
امممممم ، محسن عارف حكايتى القديمة ، تمام ، كدة فهمت هو يقصد ايه بكل كلمة قالهالى ، كلامك يامحترمة جه على بنتك بالعكس ، الحيوان اللى انتى عمالة بتلفى وتدورى عشان تجوزهولى ، عايز يصاحبنى مش يتجوزنى زى ما انتى عايزة ، طبعا ، ماهو عارف أنى منحلة ، ودايرة على حل شعرى .....
ثم التفتت لوالدها الذى لم يرفع عينيه من الأرض وهى تقول له ،
... الأهم من كل ده ، محسن عرف منين يابابا ، ويعنى ايه هو إللى أتصرف فى الموضوع ؟
استدار الرجل لبعد وجهه عن ابنته وهو صامت تماما ، استدارت لتواجهه من الناحية الأخرى ،
.. رد عليا ، فهمنى ؟
ردت رضا بدلا عنه .. ابوكى اللى راحله وطلب منه أنه يساعده انه يخلص من المصيبة اللى كنا فيها دى ...
شعرت رانيا ان قدميها لم تعد تحملها ، ارتمت على أقرب كرسى وهى لا تصدق ما تسمعه ، والدموع التى كانت حبيسة فى عينيها تأبى الخروج ، الآن خانتها وبدأت تتهادى على وجنتيها دون بكاء وهى تطلع لوالدها ،
جلس الرجل بجوارها وهو يقول ... مكنتش رايحله هو والله ، أنا كنت رايح لعمك رشاد ، انا شفته قبل كدة وهو بيحل موضوع يشبه ده ،
محسن ساعتها اللى دخل فجأة ، قام عمك رشاد حاكيله وانا معرفتش امنعه ، وقاللى أن محسن هو إللى هيتصرف ...
التفتت رانيا له بعدما كانت تستمع له وعينيها فى الأرض وهى تبكى بصمت ،
... ورحت لعمى رشاد عشان يحللك ايه ، ايه المعضلة اللى انت كنت واقع فيها ومحتاج مساعدة ، انا انا وهو رفضنا نسيب بعض ، أن الموضوع بقى أمر واقع ،
ومحسن أتصرف اذاى أساسا ، الموضوع اتحل لوحده بموت هادى ، ولا ......
انقطع كلامها فجأة ، ثم ابتلعت ريقها وهى تنظر له ولا تصدق ، ثم وقفت وابتعدت عنه بظهرها للخلف ، وهى تقول
... تقصد ايه ، محسن هو إللى ...
وانقطع كلامها مرة أخرى وهى تستند بيدها على الحائط وتحاول أخذ نفس طويل تلو الآخر لتهدئة نفسها لتستطيع الكلام ، ثم قالت وهى تطلع لوالدها باتهام
... محسن هو إللى قتل هادى ...
قام الرجل من مكانه وهو يقول ... معرفش ،
والله ما أعرف ، لنا عرفت انه اتقتل ، مسألتشهمش ، يمكن مش هم وكانت قضاء وقدر ، معرفش ، لكن الموضوع مات على كدة ومن وقتها متكلمتش فيه مع حد ...
كانت رانيا يزداد نحيبها وهى تستمع له ويزداد انهمار الدموع من عينيها ،
ثوانى واعتدلت فى مكانها ، وتمالكت نفسها وحاولت الكف عن البكاء وهى تمسح دموعها ،
حاول والدها أن يتحدث مرة أخرى لكنها لم تمهله بإشارة من يدها ،
قالت والدتها ... عرفتى بقى انا كنت عايزاكى تتجوزى محسن ليه ....
التفتت لها رانيا فجأة بنظرات مملوءة بالغضب ، لو النظرات من نار لكانت رضا متفحمة مكانها فى لحظة ما التفتت لها رانيا ،
... دى آخر مرة اسمعك تتكلمى معايا فى الموضوع ده ، ولو الحيوان ده آخر رجل فى الدنيا ، عندى اموت ولا اتجوزه ...
ثم عادت بوجهها لوالدها وهى تقول
... انتو كدة فهمتونى حاجات كتير اوى انا مكنتش فاهماها ، وحاجات كتير هتتغير دلوقتى ،
فى حد هيبجى يتقدملى اليومين دول هنا ، وهو ده اللى هتجوزه ، ومعنديش كلام تانى ...
خرجت رانيا وهى تجرى ، حاولت رضا اللحاق بها لكن منعها زوجها وهو يقول
... سيبيها دلوقتى، مش هتقبل اى كلام ، وسيبك من موضوع محسن دلوقتى ، وخلينا نشوف اللى هى جايباه ده شكله ايه .
.............. ..............................
قضت رانيا يومين من جحيم داخل غرفتها ، لا تخرج منها ، لا تأكل ولا تشرب ، ولا تخرج رغم محاولات والدها ووالدتها مرارا لكن بدون جدوى ،
بالطبع مع أكثر من مكالمة من أميرة لم ترد عليها ومن نادر أيضا ،
حتى ثالت يوم الذى قام فيه نادر بتكرار مكالماته باستمرار دون انقطاع لتصل لأكثر من ثلاثين مكالمة فائتة ، حتى اضطرت للرد ،
... أنتى فين ؟ رجعتى بلدكم ...
... لأ ، لسة هنا ...
... أمال مختفية ليه ، وليه مبترديش ليه ، انتى عارفة أميرة حالتها ايه دلوقتى من عدم ردك ...
... أنا آسفة ...
... لازم اشوفك حالا ، عارفة مطعم The White Rose ؟
... ايوة ، ده قريب من هنا ...
.. ايوة هو ، أنا موجود دلوقتى هناك ، ومستنيكى ...
ثم أغلق الهاتف دون حتى أن يلقى السلام عليها ،
تنهدت رانيا واستقامت واقفة ، فقد حسمت موقفها هى الأخرى وساعدها فى اتخاذ قرارها الأيام التى قضتها وحيدة فى غرفتها تفكر فيما كان وفيما سيكون ،
ارتدت ملابسها ، خرجت من غرفتها ونزلت السلم واتجهت ناحية الباب تحت عين رضا وندائها المتكرر بدون اى رد من رانيا ،
خرجت من الباب واستقلت السيارة وانطلقت بها ، ولكن هذه المرة متبوعة بسيارة أخرى انطلقت خلفها فور خروجها دون أن تلحظها رانيا ،
...........................................
عندما رأاها من بعيد وهى متجهة صوبه، كان واضح عليها تماما انها ليست طبيعية ، ليست الفتاة المفعمة بالحيوية والأمل الذى عهدم منها ، لكنها كانت مطفأة ، عيونها دابلة ، ووجها بالكامل يشع منه الإرهاق ،
جلست أمامه دون أن تلقى السلام ، جلس هو الآخر بعدما كان واقفا تحية لها ،
..... ممكن أفهم فى ايه ، اختفيتى كدة ليه ، أميرة تعبانة جدا ، متصورة ان انتى اتخليتى عنها بعد ما ادتيها أمل زى ده ...
... ابدا ، انا متخلتش عنها ولا حاجة ، بالعكس ، انا مصممة اكتر من الأول انى اعمل كدة ، انا بس كنت مدايقة اليومين اللى فاتوا شوية ومكنتش حابة انها تشوفنى كدة ...
.. باين عليكى ، طيب هى ماشى ، وأنا أعتقد عادى وممكن حتى تقوليلى فى ايه ؟
أنا جاية عشان كدة فعلا ، انت بالذات لازم تعرف اللى عندى ،
.. اتفضلى ، سامعك ...
وقبل أن تنطق بكلمة انتفضت لرؤيته وهو على بعد خطوات منها ،
التفت نادر ليرى إلى ماذا تتطلع فوجد أخوه أمامه مباشرة ومرسوم على وجهه تعبير وفى عينيه نظرات لم تعجب نادر على الإطلاق ،
لكن رغم ذلك وقف نادر محييا أخوه ومد يده ليسلم عليه وهو يقول ،
.. محسن ، ايه الصدفة الجميلة دى ...
لم يمد محسن يده ليسلم على نادر هو الآخر ، بل ربع يديه على صدره وهو يقول ،
... هى بصراحة مش صدفة اوى ، انا جاى ورا الآنسة ....
التفت نادر لرانيا بجانب وجهه ثم عاد لمحسن مرة أخرى الذى كان يوجه كلامه لرانيا وهو يقول ،
... معقول كدة ، أول مرة ابعت حد وراكى تصدمينى كدة ، اخويا مرة واحدة ، ايه فى ليستتك هو كمان ...
وقفت رانيا بغضب وهى تقول ... أخرس خالص صحيح ، أن طلع العيب ...
بدأ الغضب يعتلى نادر لعدم فهمه ما يجرى أمامه ، لكن من رجولته ونخوته ، وقف بين اخوه ورانيا ووجه كلامه له وهو يقول ... كلمنى انا ، عايز ايه منها ...
... والله انت بتدافع عنها ، معلش ، آسف يانادر ، اللى سبق كل النبق ، وأنا سبقت ، أصل انا فى اللستة قبلك ، وبصراحة لسة مطولتش حاجة ...
همت رانيا بالتوجه له من خلف نادر وهى تقول
... أه ياسافل يازبالة ...
إلا أن يد نادر منعتها من الوصول له وقال لها
... استنى لو سمحتى ...
ثم التفت لمحسن وقال ... بص يامحسن ، الناس حوالينا ، مينفعش نفرجهم علينا ، وأنا عارف اخلاقك كويس اوى ، وبرده عارف رانيا كويس ، ومتأكد تمام التأكيد انك ملكش علاقة بيها ، واللى انت بتعمله ده كله عشان مش لاقيلك سكة معاها ، فأحسنلك تمشى من هنا وبلاش شوشرة وملكش علاقة بيها تانى ....
كانت رانيا تستمع له وهى لا تصدق انه يوجد رجل بهذا الشكل ، فاقتربت خلف ظهره أكثر بعدما شعرت بالأمان بجانبه ، وهو شعر باقترابها منه بهذا الشكل ،
لكن بالطبع لن يستكين محسن ويستمع لكلام نادر ويغادر بهذا الشكل دون ترك أثره ،
... وانت اللى هتحميها منى ..
... ايوة ، انا اللى هقفلك وانت عارف كويس انى اقدر ، فامشى احسن ...
... اممممم ، واضح اوى انها مأثرة فيك ، بس ياترى دقت انت كمان ، أصل المدام انداقت قبل كدة ، ولا انت متعرفش انها كانت متجوزة فى السر ....
يتبع
جلست على أحد الطاولات المعدة لشخصين ، وطلبت طعامها ، ثم بدأت فى كتابة بعض النقاط التى ستساعدها فى طريقها الذى بدأته ،
انتفضت وانقبض قلبها عندما فوجئت به يجلس أمامها دون أى استئذان وقال
... قلتلك لو مجيتيش ، هجيلك انا ...
رفعت أحد حاجباها بإندهاش ممتزج بغضب فى صمت ،
.. إيه ، مفاجأة صح ؟
... أغلقت النوتة الخاصة بها ووضعتها فى حقيبتها وعقدت ساعديها وهى منتظرة المزيد مما سيقول
... ساكتة ليه ، للدرجادى المفاجأة حلوة ...
سألت باستنكار غريب ... أنت متابعنى بقى ؟
... هههه ، لا للأسف ، انا لسة موصلتش للمرحلة دى ، دى مش اكتر صدفة ...
.. صدفة ، والله ...
... كنت هنا فى الادارة ، وأنا خارج شفتك ...
.. اممممم ، وهنا فى الادارة بتعمل ايه ...
... أنتى متعرفيش أن النادى ده بتاعى ...
... والله ، مكنتش اعرف ، وياريتنى كنت أعرف ...
... مكنتيش هتدخلى صح ...
... ده اكيد ...
... للدرجادى؟
... واكتر من كدة ، تصور ...
... أنا مش فاهم ليه ، ممكن تفهمينى واحنا بنتغدى سوا ...
... أنا وأنت ، مستحيل ، عن اذنك ...
ت
... استنى بس ، اتفضلى اقعدى وخلينى نتكلم ...
.... احنا مفيش بينا كلام أساسا ...
وهنا قفز فى عقلها ما قاله نادر عن محسن وأنها يجب أن تتهادى بعض الشئ لتجعله يهدئ ويبتعد عنها لوقت معين ،
.. هتخسرى ايه لما نتكلم شوية ..
لانت ملامحها بعض الشئ ثم عادت لمكانها وجلست مرة أخرى ،
... اتفضل ...
.. أنتى مدايقة منى ليه ...
... مش مدايقة منك ، انا مخنوقة شوية ..
قال بسخرية ... وخنقتك دى تخليكى تقولى الكلام ده ...
.. أرجوك أنساه واعتبرنى مقولتوش. ..
... يعنى ايه ، غيرتى رأيك ؟
... مكانش ليا حق أساسا عشان اقولك الكلام ده ...
ابتسم بجانب فمه مع نظرة غريبة وهو يتطلع لها ، نظرة لم تفهمها رانيا بل الأكثر اقلقتها ،
.. بتبصلى كدة ليه ؟
... لأن اللى كان فى دماغى طلع صح ..
... وهو ايه ده اللى كان فى دماغك بقى ؟
.. يعنى ، بطريقة لذيذة قدرتى تلفتى نظرى ليكى ، واعترف انك نجحتى فى ده ، عشان كدة بتعتزرى عن كلامك دلوقتى ...
.. ألفت نظرك ؟ !
.. ايوة ، مش ده اللى كنتى عايزاه انتى ومامتك ..
لم تصدق رانيا ما تسمع منه ، ولكن لآخر لحظة تكذب نفسها فيما سمعت منه ،
..، ايه اللى انتى بتقوله ده ؟
... زى ما سمعتى ، انتى جميلة ، وتستاهلى ، بس انا خلاص حسمت امرى فى حتة الجواز دى ، بس ممكن نلاقى طريقة سوا ، متقلقيش ، الطرق كتير ...
وعند هذه اللحظة وانتهت قدرتها على تحمل تلميحات كلامه ، وقفت ورفعت حقيبتها، وقالت
... هى غلطتى انا لوحدك ، أما اللى وصلت واحد زييك انه يتخطى حدوده معايا ، بس تعرف ، عندك حق فى كلمة قلتها ، انا بالفعل مش طايقة اشوف وشك مرة تانية ، وأنا بسحب اعتذارى ...
وهمتب بالتحرك من أمامه ، استوقفتها يده وهى تمسك بذراعيها ، وبعينيه التى ينطلق منها النار وفمه الذى يطلق سهام السم قال :
.. عايزة تفهمينى أن الكلام زعلك ، ليه ، ما انتى عملتيها قبل كدة ، المفروض انى انا الاحسن ...
لم تفهم رانيا ماذا يقصد تحديدا ، لكن واضح تماما أن تلميحاته قذرة مثله ، جذبت زراعها من يده ثم بثقت فى الأرض وتركته وذهبت .
خرجت تجرى لخارج النادى وهى تحاول جاهدة أن تمنع دموعها من الهطول ، وعقلها يكاد ينفجر ، هل من المعقول انه فكر فيها بهذه الطريقة ، لكن ماذا يقصد بكل كلمة قالها ، وبالأخص إلى ماذا يلمح بجملته انها قد فعلتها من قبل ،فعلت ماذا ؟
.............................................
.... يعنى ايه ياحاج ، واما انت مش عاجبك كلامى ايه اللى جابك لحد هنا ...
... جاى عشان امنعك يارضا ، وارجعها معايا ، وانهارضة مش بكرة ، عارف انك مش هترتاحى غير لنا تنفذى اللى فى دماغك ...
بدأ صوتهما يرتفع أكثر من اللازم ولكن باطمئنان ، فهم متأكدون انها لا تعود قبل المغرب ،
... واللى فى دماغى مش عاجبك فى ايه ياحاج ، انت شايف انه غلط ، رانيا ملهاش إلا محسن ، غنى ومقتدر ولسة صغير ، ويعتبر ابن عمها ، وفوق كل ده عارف اللى فيها ، وهو إللى أتصرف وقتها ، فبدل ما نتفضح مع واحد ميعرفش الموضوع القديم ، أهو ده مننا وعلينا ، انا كدة صح بقى ولا غلط ، رد عليا ...
هدأ الرجل واغمض عينيه وجلس على الكرسى وهو يقول بصوت منخفض نسبيا
... مهما كان ، محسن مينفعش رانيا ، إحنا كدة كأننا بنرميها فى النار ...
قامت رضا لتقترب من زوجها ، التفتت لتجد رانيا تقف على الباب وهى دامعة العينين ، تعبيرات وجهها بالكامل تقول انها سمعت ما قيل منذ لحظات ، لكنها صامتة وهادئة بشكل غريب ،
قالت بصوت هامس سمعه زوجها .. رانيا ...
التفت الرجل ليجد ابنته على هذا الوضع أمامه وهى تتطلع إليه بنظرات يملأها اللوم والعتاب أكثر منه دموع ،
خطت رانيا داخل الغرفة بعض خطوات لتقترب من والدها وعينيها لم تحيد عن عين والدها ،
وقف الرجل مع حركة ابنته تجاهه ، وأصبح الثلاثة فى مواجهة بعضهم ،
حولت عينيها لوالدتها وقالت بدون مقدمات وصوتها نفسه واضح به تأثرها ودموعها التى تملأ عينيها ،
... كان معايا حالا و لسة قايلى كلام ، مفهمتوش غير حالا ، لما سمعت اللى بتقولوه ده ،
امممممم ، محسن عارف حكايتى القديمة ، تمام ، كدة فهمت هو يقصد ايه بكل كلمة قالهالى ، كلامك يامحترمة جه على بنتك بالعكس ، الحيوان اللى انتى عمالة بتلفى وتدورى عشان تجوزهولى ، عايز يصاحبنى مش يتجوزنى زى ما انتى عايزة ، طبعا ، ماهو عارف أنى منحلة ، ودايرة على حل شعرى .....
ثم التفتت لوالدها الذى لم يرفع عينيه من الأرض وهى تقول له ،
... الأهم من كل ده ، محسن عرف منين يابابا ، ويعنى ايه هو إللى أتصرف فى الموضوع ؟
استدار الرجل لبعد وجهه عن ابنته وهو صامت تماما ، استدارت لتواجهه من الناحية الأخرى ،
.. رد عليا ، فهمنى ؟
ردت رضا بدلا عنه .. ابوكى اللى راحله وطلب منه أنه يساعده انه يخلص من المصيبة اللى كنا فيها دى ...
شعرت رانيا ان قدميها لم تعد تحملها ، ارتمت على أقرب كرسى وهى لا تصدق ما تسمعه ، والدموع التى كانت حبيسة فى عينيها تأبى الخروج ، الآن خانتها وبدأت تتهادى على وجنتيها دون بكاء وهى تطلع لوالدها ،
جلس الرجل بجوارها وهو يقول ... مكنتش رايحله هو والله ، أنا كنت رايح لعمك رشاد ، انا شفته قبل كدة وهو بيحل موضوع يشبه ده ،
محسن ساعتها اللى دخل فجأة ، قام عمك رشاد حاكيله وانا معرفتش امنعه ، وقاللى أن محسن هو إللى هيتصرف ...
التفتت رانيا له بعدما كانت تستمع له وعينيها فى الأرض وهى تبكى بصمت ،
... ورحت لعمى رشاد عشان يحللك ايه ، ايه المعضلة اللى انت كنت واقع فيها ومحتاج مساعدة ، انا انا وهو رفضنا نسيب بعض ، أن الموضوع بقى أمر واقع ،
ومحسن أتصرف اذاى أساسا ، الموضوع اتحل لوحده بموت هادى ، ولا ......
انقطع كلامها فجأة ، ثم ابتلعت ريقها وهى تنظر له ولا تصدق ، ثم وقفت وابتعدت عنه بظهرها للخلف ، وهى تقول
... تقصد ايه ، محسن هو إللى ...
وانقطع كلامها مرة أخرى وهى تستند بيدها على الحائط وتحاول أخذ نفس طويل تلو الآخر لتهدئة نفسها لتستطيع الكلام ، ثم قالت وهى تطلع لوالدها باتهام
... محسن هو إللى قتل هادى ...
قام الرجل من مكانه وهو يقول ... معرفش ،
والله ما أعرف ، لنا عرفت انه اتقتل ، مسألتشهمش ، يمكن مش هم وكانت قضاء وقدر ، معرفش ، لكن الموضوع مات على كدة ومن وقتها متكلمتش فيه مع حد ...
كانت رانيا يزداد نحيبها وهى تستمع له ويزداد انهمار الدموع من عينيها ،
ثوانى واعتدلت فى مكانها ، وتمالكت نفسها وحاولت الكف عن البكاء وهى تمسح دموعها ،
حاول والدها أن يتحدث مرة أخرى لكنها لم تمهله بإشارة من يدها ،
قالت والدتها ... عرفتى بقى انا كنت عايزاكى تتجوزى محسن ليه ....
التفتت لها رانيا فجأة بنظرات مملوءة بالغضب ، لو النظرات من نار لكانت رضا متفحمة مكانها فى لحظة ما التفتت لها رانيا ،
... دى آخر مرة اسمعك تتكلمى معايا فى الموضوع ده ، ولو الحيوان ده آخر رجل فى الدنيا ، عندى اموت ولا اتجوزه ...
ثم عادت بوجهها لوالدها وهى تقول
... انتو كدة فهمتونى حاجات كتير اوى انا مكنتش فاهماها ، وحاجات كتير هتتغير دلوقتى ،
فى حد هيبجى يتقدملى اليومين دول هنا ، وهو ده اللى هتجوزه ، ومعنديش كلام تانى ...
خرجت رانيا وهى تجرى ، حاولت رضا اللحاق بها لكن منعها زوجها وهو يقول
... سيبيها دلوقتى، مش هتقبل اى كلام ، وسيبك من موضوع محسن دلوقتى ، وخلينا نشوف اللى هى جايباه ده شكله ايه .
.............. ..............................
قضت رانيا يومين من جحيم داخل غرفتها ، لا تخرج منها ، لا تأكل ولا تشرب ، ولا تخرج رغم محاولات والدها ووالدتها مرارا لكن بدون جدوى ،
بالطبع مع أكثر من مكالمة من أميرة لم ترد عليها ومن نادر أيضا ،
حتى ثالت يوم الذى قام فيه نادر بتكرار مكالماته باستمرار دون انقطاع لتصل لأكثر من ثلاثين مكالمة فائتة ، حتى اضطرت للرد ،
... أنتى فين ؟ رجعتى بلدكم ...
... لأ ، لسة هنا ...
... أمال مختفية ليه ، وليه مبترديش ليه ، انتى عارفة أميرة حالتها ايه دلوقتى من عدم ردك ...
... أنا آسفة ...
... لازم اشوفك حالا ، عارفة مطعم The White Rose ؟
... ايوة ، ده قريب من هنا ...
.. ايوة هو ، أنا موجود دلوقتى هناك ، ومستنيكى ...
ثم أغلق الهاتف دون حتى أن يلقى السلام عليها ،
تنهدت رانيا واستقامت واقفة ، فقد حسمت موقفها هى الأخرى وساعدها فى اتخاذ قرارها الأيام التى قضتها وحيدة فى غرفتها تفكر فيما كان وفيما سيكون ،
ارتدت ملابسها ، خرجت من غرفتها ونزلت السلم واتجهت ناحية الباب تحت عين رضا وندائها المتكرر بدون اى رد من رانيا ،
خرجت من الباب واستقلت السيارة وانطلقت بها ، ولكن هذه المرة متبوعة بسيارة أخرى انطلقت خلفها فور خروجها دون أن تلحظها رانيا ،
...........................................
عندما رأاها من بعيد وهى متجهة صوبه، كان واضح عليها تماما انها ليست طبيعية ، ليست الفتاة المفعمة بالحيوية والأمل الذى عهدم منها ، لكنها كانت مطفأة ، عيونها دابلة ، ووجها بالكامل يشع منه الإرهاق ،
جلست أمامه دون أن تلقى السلام ، جلس هو الآخر بعدما كان واقفا تحية لها ،
..... ممكن أفهم فى ايه ، اختفيتى كدة ليه ، أميرة تعبانة جدا ، متصورة ان انتى اتخليتى عنها بعد ما ادتيها أمل زى ده ...
... ابدا ، انا متخلتش عنها ولا حاجة ، بالعكس ، انا مصممة اكتر من الأول انى اعمل كدة ، انا بس كنت مدايقة اليومين اللى فاتوا شوية ومكنتش حابة انها تشوفنى كدة ...
.. باين عليكى ، طيب هى ماشى ، وأنا أعتقد عادى وممكن حتى تقوليلى فى ايه ؟
أنا جاية عشان كدة فعلا ، انت بالذات لازم تعرف اللى عندى ،
.. اتفضلى ، سامعك ...
وقبل أن تنطق بكلمة انتفضت لرؤيته وهو على بعد خطوات منها ،
التفت نادر ليرى إلى ماذا تتطلع فوجد أخوه أمامه مباشرة ومرسوم على وجهه تعبير وفى عينيه نظرات لم تعجب نادر على الإطلاق ،
لكن رغم ذلك وقف نادر محييا أخوه ومد يده ليسلم عليه وهو يقول ،
.. محسن ، ايه الصدفة الجميلة دى ...
لم يمد محسن يده ليسلم على نادر هو الآخر ، بل ربع يديه على صدره وهو يقول ،
... هى بصراحة مش صدفة اوى ، انا جاى ورا الآنسة ....
التفت نادر لرانيا بجانب وجهه ثم عاد لمحسن مرة أخرى الذى كان يوجه كلامه لرانيا وهو يقول ،
... معقول كدة ، أول مرة ابعت حد وراكى تصدمينى كدة ، اخويا مرة واحدة ، ايه فى ليستتك هو كمان ...
وقفت رانيا بغضب وهى تقول ... أخرس خالص صحيح ، أن طلع العيب ...
بدأ الغضب يعتلى نادر لعدم فهمه ما يجرى أمامه ، لكن من رجولته ونخوته ، وقف بين اخوه ورانيا ووجه كلامه له وهو يقول ... كلمنى انا ، عايز ايه منها ...
... والله انت بتدافع عنها ، معلش ، آسف يانادر ، اللى سبق كل النبق ، وأنا سبقت ، أصل انا فى اللستة قبلك ، وبصراحة لسة مطولتش حاجة ...
همت رانيا بالتوجه له من خلف نادر وهى تقول
... أه ياسافل يازبالة ...
إلا أن يد نادر منعتها من الوصول له وقال لها
... استنى لو سمحتى ...
ثم التفت لمحسن وقال ... بص يامحسن ، الناس حوالينا ، مينفعش نفرجهم علينا ، وأنا عارف اخلاقك كويس اوى ، وبرده عارف رانيا كويس ، ومتأكد تمام التأكيد انك ملكش علاقة بيها ، واللى انت بتعمله ده كله عشان مش لاقيلك سكة معاها ، فأحسنلك تمشى من هنا وبلاش شوشرة وملكش علاقة بيها تانى ....
كانت رانيا تستمع له وهى لا تصدق انه يوجد رجل بهذا الشكل ، فاقتربت خلف ظهره أكثر بعدما شعرت بالأمان بجانبه ، وهو شعر باقترابها منه بهذا الشكل ،
لكن بالطبع لن يستكين محسن ويستمع لكلام نادر ويغادر بهذا الشكل دون ترك أثره ،
... وانت اللى هتحميها منى ..
... ايوة ، انا اللى هقفلك وانت عارف كويس انى اقدر ، فامشى احسن ...
... اممممم ، واضح اوى انها مأثرة فيك ، بس ياترى دقت انت كمان ، أصل المدام انداقت قبل كدة ، ولا انت متعرفش انها كانت متجوزة فى السر ....
يتبع