رواية خلف قضبان العشق الفصل السادس 6 بقلم سارة علي
الفصل السادس
تقدمت ريم إلى داخل صالة الجلوس لينهض خالد من مكانه سريعا يبتسم لها بهدوء …
تمتمت بحذر وهي تسير نحوه :-
" مرحبا خالد …"
أضافت وهي تشير إليه ليجلس مجددا :-
عاد خالد يجلس مكانه وجلست هي على الكرسي جانبه ليتنهد بصمت ثم يهتف بجدية :-
" أتيت للتحدث معك بموضوع هام يا ريم …"
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
" وفضلت أن نتحدث لوحدنا …"
ظهر الإرتباك على محياها لوهلة قبلما تخبره :-
" تفضل يا خالد .. أسمعك …"
ارتسمت الجدية فوق ملامحه وهو يخبرها :-
" أريد الزواج منك يا ريم …"
سيطرت الدهشة على ملامحها بينما تهمس بعدم استيعاب :-
" مالذي تقوله يا خالد …؟!"
تنهد مجددا ثم قال :-
" أريدك يا ريم … أريد الزواج منك …"
" وزوجتك …"
نطقتها سريعا وكان هذا أول ما خطر على بالها ليهتف بثبات :-
" سلمى زوجتي الأولى وستبقى كذلك وهي لها مكانتها التي لن تتغير …"
" وهل ستقبل سلمى بذلك ..؟!"
سألته بدهشة ليهتف بغموض :-
" ستقبل …"
هزت رأسها مرددة برفض :-
" لا يمكنني … لا أستطيع فعل ذلك … "
نهضت من مكانها تهتف بصدق :-
" لا يمكنني تدمير زوجتك بهذه الطريقة …"
نهض بدوره يخبرها بصدق :-
" أنا سأتزوج بكل الأحوال .. سلمى لا تستطيع الإنجاب … وأنا أريد طفلا … "
هتفت بسرعة رافضة ما يتفوه به :-
" وهل تعتقد إن كلامك هذا سيغير من رأيي …؟! لا يمكننني أن أتسبب بهذا الألم لها كما إنني لا يمكنني الزواج لسبب كهذا …"
" أي سبب ..؟! لا أنكر إن رغبتي بالإنجاب دفعتني للتفكير بالزواج مجددا ولكن …"
تنهد ثم قال :-
" أنا أريدك أنت تحديدا يا ريم …. "
" خالد أنت …"
نطقتها بإرتباك وهي تضيف :-
" لا تتحدث هكذا … "
تقدم نحوها يتسائل :-
" كيف يعني ..؟!"
تنهدت ثم قالت :-
" من فضلك يا خالد … أنا دفنت الماضي منذ سنوات .. "
" وأنا كذلك ولكن بعدما حدث فهمت إن الماضي يريد أن يحيا من جديد …"
هزت رأسها نفيا ترفض ما تسمعه :-
" لا يمكن … كلانا تزوج وبات لديه حياته التي تخصه … "
" زوجك مات يا ريم …"
قالها بجدية لتهمس بصوت ضعيف :-
" أعرف ولكن …"
أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
" لدي ابنتي وهي تكفيني …"
أضافت بجدية :-
" وأنت لديك زوجتك …زوجتك التي تحبك وتحبها وربما يوما ما ترزق بأطفال منها …"
" لم أحبها .."
قالها بجدية لتطالعه بدهشة فيومأ برأسه وهو يؤكد ما قاله مضيفا :-
" تزوجتها لأجل والدي … "
تنهد مضيفا :-
" حسنا هذا لا يعني إنني لا أريدها .. في النهاية هي زوجتي التي عشت معها لسنوات لكن …"
زفر نفسا خافتا ثم قال :-
" هي زوجتي ومكانتها محفوظة وأنا أحبها بالطبع ولكن ليس ذلك الحب الذي تتحدثين عنه .. ليس ذلك الحب الذي أحببته لكِ يا ريم …"
مشاعره الصادقة أركبتها وهذا آخر ما تريده …
هتفت بسرعة مقررة إنهاء هذا الحوار :-
" غادر يا خالد .. سأعتبر نفسي لم أسمع شيئا … أنا لست موافقة ولن أوافق …"
أنهت حديثها وتحركت تغادر المكان تاركة إياه يتابعها بملامح واجمة وما فعلته كان متوقعا له …
*******
انتفضت من فوق سريرها عندما وجدته يدلف إلى غرفتهما أخيرا …
تقدمت نحوه تتسائل بلهفة :-
" أين كنت يا خالد ..؟! تأخرت كثيرا …"
أجابها بوجوم :-
" ذهبت إلى ريم … خطبتها …."
اتسعت عيناها بهلع فيضيف بنبرة هازئة :-
" ولكن إطمئني .. ريم رفضت الزواج مني …."
تسائلت بملامح شاحبة :-
" لماذا ..؟! "
" لأجلك …"
قالها بجدية وهو يضيف :-
" لا تريد أن تكسر قلبك .. فهي لا تعرف الحقيقة ولا تدرك ما كنت تفعلينه لأعوام من كذب وخداع …"
ترقرقت الدموع داخل عينيها وهي تخبره :-
" يكفي يا خالد … يكفي حقا …."
" مالذي يكفي ..؟!"
صرخ بها وهو يضيف :-
" أنت حقا لا تستوعبين مقدار خطئك بل جرمك …."
قبض على ذراعها يهدر بها وهو يهزها بعنف :-
" كيف استطعت أن تخدعيني طوال تلك السنوات ..؟! كيف مثلت بتلك الطريقة الإحترافية …؟! أنا كلما يمر شريط حياتي معك واتذكر ما عايشته منذ البداية وكيف كنت تخدعيني أشعر بكم كنت مغفلا لا أدرك مع من أحيا …"
" كان لدي أمل أنني سأجد علاجا …"
صرخت بها باكية ليهتف بغضب :-
" وهل هذا كافيا ..؟! سنوات وأنت تخدعينني .. خدعتني من قبل زواجنا بينما تسمعين حديث والديّ عن أحفاد المستقبل فتبتسمين بخجل وأنت تؤمنين على دعائهما .. وبعد زواجنا إدعيت القلق بسبب تأخر حملك … مثلت بشكل إحترافي وأنت تدعين الصدمة بعدما قاله الطبيب ثم قضيت سنوات وأنا أراعي مشاعرك وأتحمل نوبات حزنك وإكتئابك بل أحاول قدر المستطاع ألا أجعلك تستسلمين لحزنك …"
احتقنت نبرته وهو يهمس بصعوبة :-
" كنت سأضحي برغبتي بالأبوة لأجلك كي لا أتسبب بمزيد من الألم لك … "
اتجهت نحو السرير تجلس عليه بتعب بينما دموعها تنهمر بغزارة ….
" والآن يا هانم … هل ترين إنني أبالغ …؟! وهل ستعتبرين رغبتي بالحصول على طفل من أخرى غيرك تصرفا أنانيا …؟؟"
رفعت عينيها الباكيتين نحوه تسأله بصعوبة :-
" مالذي تريدينه مني …؟! هل تريد مباركتي لزيجتك ..؟!"
" هذا يعتمد على ضميرك يا سلمى .. ضميرك الذي أشك في بقائه حيا …"
أنهى كلامه واندفع يغادر مكانا تاركا إياها تبكي بصمت …
تبكي حالها وما وصلت إليه…
تبكي عذاب ضميرها الذي كان رفيقها لسنوات وما زال كذلك …
تبكي دون توقف …
*****
" غبية .. غبية يا ريم …"
قالتها والدتها وهي تجلس جانبها بينما تضيف :-
" لن تجدي رجلا كخالد .. رجل يحبك بل ويراعي ابنتك ويعاملها كإبنه له …."
قالت ريم بهدوء :-
" لن آخذه من زوجته يا ماما … لن أفعل …"
قالت والدتها بجدية :-
" لن تأخذينه منها .. هي ستبقى زوجته وأنت كذلك …"
هتفت ريم وهي تنهض من مكانها :-
" ولا يمكنني تقبل هذا أيضا …"
تمتمت والدتها وهي تندفع خلفها :-
" أنت أصبحت وحيدة يا ريم … لم يتبقَ لديك سواي .. وأنا سيأتي يوم وأغادر هذه الحياة… ستبقين حينها مع ابنتك لوحدكما …"
أغمضت عينيها بألم :-
" أنت لا أخ لديك حتى .. كيف ستدبرين أمرك دون زوج يقف جانبك ويدعمك في حياتك القادمة …؟!"
أكملت بجدية :-
" خالد فرصة ستندمين بشدة على إضاعتها … فهو زوج مناسب لك من جميع النواحي .. ابن عمك الذي نعرفه جيدا … "
أضافت بينما تربت على ظهرها :-
" خالد بكل الأحوال سيتزوج أخرى ليحصل على طفل … لماذا لا تكوني أنت تلك الزوجة ..؟! على الأقل أنت طيبة ولن تؤذيها بينما قد تأتي غيرك وتخطفها منها فعليا …"
" هذا كله ليس سببا لأوافق …"
قالت والدتها بحزم :-
" لا تكوني أنانية .. فكريني بريتاج … هي ما زالت صغيرة وتحتاج أبا …"
اندفعت تغادر المكان بعبرات مختنقة تتوجه نحو غرفة طفلتها لتجدها تلعب بمجموعة من الدمى فتقدمت نحوها تحتضن برفق وهي تقبل شعرها تشرد بكلمات والدتها رغما عنها فتسارع وتنفض تلك الكلمات سريعا وتخبر نفسها إن رفضها القاطع كان تصرفا صحيحا …
غفيت دون وعي بجانب إبنتها التي غفت بدورها لتستيقظ بعد عدة ساعات على صوت والدتها فتعتدل بجلستها وهي تسأل :-
" ماذا هناك ..؟!"
" هناك ضيقة تنتظرك في الخارج …"
" من ..؟!"
سألت ريم بدهشة لتخبرها والدتها بآخر إسم توقعت أن تسمعه …
سلمى ..!
يتبع