رواية خلف قضبان العشق الفصل السابع 7 بقلم سارة علي
الفصل السابع
نهضت سلمى من مكانها تقابل ريم التي وقفت تواجهها بملامح هادئة لا تخلو من الدهشة ...!
بالكاد رسمت إبتسامة هادئة فوق شفتيها وهي تتقدم نحوها مرحبة بها لتهتف سلمى بجمود لحظي :-
" أهلا بك ..."
قبلما تسيطر على برودها وهي تبتسم بشكل باهت مضيفة :-
" أهلا بك في أي وقت ..."
قالتها ريم بإبتسامة سمحة وهي تجلس قبالها بينما عادت سلمى تأخذ مكانها لتتأملها سلمى بتروي ولم يغب عنها جمال خصلاتها بلونها الأحمر الغامق الجذاب ...
تنهدت بصمت قبلما تخبر نفسها أن تسيطر على ثباتها كي تنجح في تحقيق ما أتت لأجله ..
عادت تبتسم بهدوء وهي تتمتم :-
" بالتأكيد تدركين سبب مجيئي أو على الأقل تخمنين ذلك ..."
هزت ريم رأسها موافقة وهي تهتف :-
" نعم ، أدرك بالطبع سبب مجيئك ودعيني أخبرك إنني لن أقبل بطلب عمي مهما حدث ..."
قاطعتها سلمى سريعا :-
" ولكن ليس عمي وحده من يريد ذلك .."
هزت ريم مجددا رأسها بتفهم وهي تخبرها :-
" حتى خالد يريد ومع ذلك أنا لا أقبل يا سلمى ..."
أكملت بصدق :-
" لن آخذ زوجك منك ... إطمئني ..."
رسمت سلمى إبتسامة مصطنعة على شفتيها وهي تخبرها :-
" أشكرك على قرارك هذا ومراعاتكِ لي لكن ..."
توقفت لوهلة تأخذ نفسا طويلا ثم تضيف :-
" أنا كذلك أريدك أن تتزوجي من خالد .."
هتفت ريم بدهشة :-
" ماذا ...؟! كيف يعني ...؟!"
قالت سلمى بجدية :-
" أنا إنسانة واقعية يا ريم ... خالد يستحق أن يصبح أبا وأنا لا يمكنني تقييده جانبي إلى الأبد ..."
أضافت متجاهلة ملامح ريم التي تتابعها بصدمة حقيقية :-
" بعيدا عن كونه وريث العائلة الوحيد ولكنه مثل أي رجل يحتاج لأولاد من صلبه ... أنا إحتمالية إنجابي تكاد تكون معدومة ... "
تجاهلت آنين روحها وهي تضيف بحسرة خفية :-
" صدقيني لو لم يكن خالد يستحق مني هذا التنازل ما كنت لآتي وأطلب منك ذلك ... لكن لإنه خالد الذي قدم لي الكثير وما زال يفعل فأقل ما يمكنني تقديمه له هو القبول بزواجه من أخرى تنجب له الطفل الذي يتمناه قلبه منذ سنوات حتى لو تعمد إظهار عكس ذلك أمامي ..."
" ما تقولينه غير معقول ... إنها تضحية كبيرة ..."
قالتها ريم وهي ما زالت لا تصدق ما تسمعه على لسانها لتبتسم سلمى بسماحة وهي تخبرها :-
" لكن خالد يستحق وهذا ليس تضحية مني بقدر ما هو رد جميل ... "
طالعتها ريم بعدم إقتناع قبلما تسألها بتردد :-
" هل هو طلب منك قول ذلك ...؟!"
أخبرتها سلمى مستنكرة :-
" من المفترض إنك تعرفينه جيدا ... خالد لا يستغل أي شخص بهذه الطريقة يا ريم ..."
هزت ريم رأسها قبلما تهمس مرغمة :-
" ربما عمي ..."
قاطعتها سلمى سريعا :-
" أتيت هنا بكامل إرادتي يا ريم دون إجبار من أحد ولا حتى محاولة أحدهم أن يقنعني لفعل ذلك .. أساسا لا أحد يعلم بقدومي هنا حتى خالد نفسه ..."
تنهدت ريم بصمت ثم قالت بجدية :-
" أتفهم موقفك رغم دهشتي منه ولكن إعذريني يا سلمى فأنا لا أقبل طلبك ... "
" لماذا ..؟!"
سألتها سلمى بدهشة ممزوجة بفرحة لحظية فتجيبها ريم :-
" أنا لا أفكر بالزواج حاليا وإذا فكرت يوما ما فلن أقبل برجل متزوج يا سلمى... لست مستعدة لدخول علاقة معقدة بهذا الشكل ..."
" ولكنك ستنقذين زواجي يا ريم ..."
قالتها سلمى بإندفاع جعل ريم تتسائل بدهشة :-
" كيف ...؟! ما دخلي أنا بزواجك ..؟!"
عضت سلمى فوق شفتيها بضيق قبلما تجيب :-
" زواجي أنا وخالد يتدهور مع مرور الوقت ... الخلافات بدأت تدب بيننا وهذا بالطبع ليس بسببك ... "
أضافت كاذبة :-
" في الحقيقة أنا من تسعى لذلك .. أنا من تريده أن يتزوج ... أنا تعبت يا ريم .. تعبت وأريد أن تستقر حياتي ..."
" وهل سوف تستقر حياتك بزواجه يا سلمى ..؟!"
اومأت سلمى برأسها وهي تجيب :-
" نعم ، حينها خالد سيستقر ويصبح لديه أطفال ... وأنا سأبقي في مكاني كزوجة أولى وأنت ستكونين زوجته الثانية وأم أولاده وسأتخلص من مشاكل عمي ورغبته القوية في الحصول على أحفاد وستعود حياتنا إلى هدوئها السابق مع وجود طفل يزين هذه الحياة ويخفف عني عذاب ضميري لإنني لم أستطع أن أمنح خالد الطفل الذي يتمناه ..."
قالت ريم مرغمة :-
" كيف ستتقبلين وجود زوجة أخرى تشاركك زوجك ..؟!"
ابتسمت سلمى ببساطة خادعة :-
" لا مشكلة لدي في ذلك ... الزواج الثاني حلال شرعا ... وأنا لا أمانع ذلك ..."
أضافت عن قصد :-
" خالد سيتزوج بكل الأحوال يا ريم وأنا أدعمه في قراره ولكنني ..."
قاطعتها ريم بسرعة:-
" يمكنه أن يتزوج أي واحدة غيري ..."
" ولكنك مناسبة للغاية والأهم إنني أثق بطيبتك التي لن تجعلك تستغلي طفلك مستقبلا في إبعاده عني ..."
أضافت ودموعها تترقرق داخل عينيها :-
" لا أريد أن تأتي واحدة لا أعرفها تأخذه مني وتطردني من حياته بعدما تنجب الطفل الذي ينتظره ... "
" خالد لا يمكن أن يفعل ذلك ..."
قالتها ريم بثقة لتهتف سلمى بجدية :-
" هو لن يفعل لكنني لن أتحمل البقاء معه ومن تشاركني فيه ستحاربني بكل الطرق وتسعى دائما لإقصائي بعيدا عن عائلتهم الصغيرة ..."
تنهدت تنهي حديثها :-
" أعلم جيدا إنك لن ترفضين وجودي معكم ولن تسعي لإبعادي عن طريقكم بل ستتقبلين وجودي كما أتقبل أنا وجودك وربما سنتشارك تربية الطفل سويا ... "
" سلمى أنا ..."
قالتها ريم بتردد لتوقفها سلمى سريعا :-
" لا تجيبي حالا ... فكري جيدا بكلامي أولا ...."
نهضت من مكانها تبتسم لها مجددا وهي تودعها بسماحة قبلما تتحرك خارج المنزل لتأخذ نفسا طويلا حينها وتلك المقابلة كانت ثقيلة على روحها بشكل أكبر مما تصورت لتتجه نحو سيارتها وتركبها متجهة إلى منزل والدها حيث تنتظرها زوجة أبيها لتخبرها بما حدث ...!
***
أخبرت سلمى زوجة والدها منى بما حدث لتخبرها الأخيرة بجدية :-
" ستوافق ..."
" هل تعتقدين ذلك ..؟!"
سألتها سلمى بإحباط لتومأ منى برأسها وهي تؤكد حديثها :-
" أدرك جيدا ما خلف هذه التصرفات والتمثيلية السخيفة ... لكن لا بأس ... لتفعل ما تريد ... "
نكست سلمى رأسها بخنوع لتسارع منى وتنهرها :-
" إرفعي رأسك يا سلمى ... لا تسمحي لأي شخص أن يجعلك تتألمين بهذه الطريقة ..."
تنهدت مضيفة :-
" إسمعيني جيدا .. أنا مسبقا طلبت منك التمسك بخالد لإنه كان واضحا إنه لا يهتم بحديث والده ولكن بعدما حدث لم أعد أثق به هو الآخر ... لذا أريدك أن تستعدي لأي شيء قادم وتقابليه بثبات ولا تخضعي مهما حدث والأهم لا تتألمي لأجل من لا يستحق ..."
أضافت وهي تقبض على كفها :-
" كوني قوية يا سلمى ... وأنا جانبك ... فكري براحتك وسعادتك فقط ... يمكنك طلب الطلاق وأنا سأقف جانبك ..."
" لكنني لا أريد ..."
همست بها سلمى بتردد لترفع منى حاجبها تتسائل بحيرة :-
" لماذا ..؟! هل تحبينه ...؟!"
" لا أحبه بتلك الطريقة التي تتحدثين عنه ... "
قالتها سلمى بخفوت قبلما تضيف :-
" لكنه زوجي منذ أعوام ... إعتدت عليه وتعلقت به وأنا أدرك جيدا إنني لن أجد شخص مثله حتى لو تطلقت ... أنت تعلمين وضعي يا ماما ... أنا لا يمكنني الإنجاب لذا ففرصتي في الزواج مجددا ليست كثيرة والأهم إنني لن أجد شخصا بنفس رقي وسماحة ولطف خالد الذي دائما كان يعتني بي ويراعيني ويحتويني لدرجة إنه عوضني عن غياب والدي رحمه الله ... لولا خالد ما كنت سأتخطى رحيل والدي ولا أتخطى حتى مصابي بعدم مقدرتي على أن أكون أم ..."
تأملتها منى بحسرة خفية بينما تبتسم لها مرغمة وهي تربت على كفها تخبرها :-
" بكل الأحوال أنا جانبك دائما ..."
غادرت سلمى بعدها لتسارع منى وتغير ملابسها مقررة التوجه إلى خالد في شركته ليستقبلها الأخير مرحبا فتخبره دون مقدمات :-
" إسمعني يا خالد .. بعد وفاة زوجي رحمه الله باتت سلمى جل ما يهمني وسأسعى لحمايتها حتى آخر لحظة في عمري .."
تجهمت ملامح خالد وهو يتسائل :-
" ما مناسبة هذا الكلام ..؟!"
أجابته بجدية :-
" علمت إنك ستتزوج من إبنة عمك ..."
أضافت وهي تراقب وجوم ملامحه :-
" لن أمنعك بالطبع ولكن أنا أحذرك يا خالد ... إياك أن تؤذي مشاعر ابنتي بأي طريقة كانت لإنني سأقف في وجهك حينها ..."
" هل تهدديني ...؟!"
سألها مستنكرا لتخبره بثبات :-
" بل أذكّرك بإنها ليست وحيدة ... وإنني لن أسمح لأي مخلوق كان أن يظلمها ..."
" وهل تعتقدين إنني سأفعل ..؟!"
سألها خالد بإنفعال مكتوم لتخبره بجدية :-
" لم لا ...؟! كل شيء ممكن ..."
أضافت منهية حديثها بحزم :-
" حافظ على ابنتي ومشاعرها جيدا وإبعد والدك عنها يا خالد ولا تنسى إن العلاقة بيننا لا تقتصر على زواج سينتهي لا غير ... هناك أعمال ومصالح مشتركة ...."
غادرت مكتبه بعدها تاركة إياه يتابع بأنفاس محتدة قبلما يسحب هاتفه ومفاتيح سيارته ويغادر المكتب متجها إلى منزله ..
***
أمام مرآتها كانت تجلس سلمى تمشط خصلات شعرها المبللة عندما وجدت خالد يدلف إلى الغرفة فنهضت من مكانها تتسائل بدهشة :-
" خالد … لماذا عدت مبكرا ..؟!"
سألها بجمود :-
" هل كنت تعلمين بقدوم منى إليّ في الشركة …؟!"
هتفت بصدق :-
" كلا …"
أضافت بدهشة :-
" ماذا حدث …؟! "
" أتت وهددتني يا سلمى …"
قالها بغضب مكتوم لتهمس بدهشة :-
" كيف يعني هددتك ..؟!"
" هددتني بالشراكة التي بيننا … قالت ذلك بالحرف الواحد .. تخيلي إنها تهددني بذلك إذا ما أذيتك أو أزعجتك …"
توترت ملامحها بينما يضيف بعينين مشتعلتين :-
" متى أذيتك يا سلمى …؟! متى تسببت لك بالوجع ..؟! كنت دائما معك … يشهد الله علي إنني كنت حريصا على راحتك وسعادتك دائما … وماذا نلت بالمقابل …؟! لم أنل منك سوى الكذب والخداع ومع ذلك لم أفعل شيئا سوى إستعادة حقي الذي سرقتيه مني عنوة …"
" معك حق …"
قالتها وهي تتمالك نفسها بصعوبة بينما تضيف :-
" ولهذا أنا سأقف جانبك يا خالد وسأدعمك بقرارك …"
أضافت بخفوت :-
" أنا ذهبت إلى ريم وتحدثت معها …"
" ماذا ..؟!"
هتف بها مصدوما لتقول بسرعة :-
" أخبرتها عن رغبتي بإتمام الزيجة وإنني موافقة بل وأريد ذلك بشدة …"
" لماذا فعلتِ هذا ..؟!"
سألها بإنفعال وهو يضيف بضيق :-
" لم يكن عليك فعل ذلك …"
" لماذا ..؟! فيمَ أخطأت هذه المرة …؟؟ أنا ذهبت إليها من أجلك …"
" وهل ترجيتها أيضا …؟!"
سألها بسخرية لتهتف بعدم تصديق :-
" ماذا تقول أنت ..؟!"
" لا تتدخلي في هذا الأمر يا سلمى … وليست هذه الطريقة المناسبة لمعاقبة نفسك … مهما حدث فأنا لا أرضى أن تفعلي بنفسك هذا وتذهبي إليها بنفسك ترجينها لتوافق عليّ …"
تنهدت تخبره بتروي :-
" لم أرجُها بالطبع … أنا فقط أحببت أن تعلم إنني موافقة حقا ولا مشكلة لدي في زواجكما …"
" على العموم هي حرة .. توافق أو ترفض … لا يهمني .. "
" وإذا رفضت … "
سألته بتردد ليطالعها بصمت فتسأله بعدها :-
" هل ستعزف عن الزواج حينها …؟!"
" ما رأيك ..؟!"
سألها بإهتمام مقصود ليجدها تتقدم نحوه وتقف قباله تخبره بخفوت :-
" حينها يمكنك أن تتزوج من غيرها ولكن .. "
أخذت نفسا طويلا ثم قالت :-
" سأختار الفتاة بنفسي يا خالد … "
هتف بوجوم :-
" هذا الحديث باكر جدا .. دعي كل شيء لوقته …"
اومأت برأسها بحذر بينما شرد هو في حديثها مفكرا ماذا سيفعل إذا ما رفضت سلمى الزواج منه …؟!
هل يبحث عن غيرها ..؟!
والغريب إنه لم يرفض الفكرة ففي النهاية هو يريد أن يصبح أبا …
يحتاج لذلك بقوة …
***
بعد مرور يومين …
تجلس قبال صديقتها تتطلع إلى الساعة بتوتر بينما تخبرها الأخيرة بضيق :-
" توقفي يا سلمى … كل شيء سيكون بخير .. فقط إهدئي …"
تمتمت سلمى بوجوم :-
" قلقة للغاية يا مها … أكثر مما تتصورين … "
تنهدت بعدها وهي تتسائل بصعوبة :-
" ماذا لو فشلت هذه المحاولة …؟! ماذا سأفعل حينها ..؟!"
أخبرتها مها بحذر :-
" ستنجح بإذن الله ولكن ما يهم هو زوجك … هل سيوافق على ذلك … ؟! هل سيقبل يا سلمى …؟! "
انتفضت سلمى تهدر بحنق :-
" هذا الأمر لا يتعلق بخالد فقط وإنما يخصني أنا قبله .. وأنا يحق لي أن أصبح أما بدوري … يحق لي الحصول على طفل من دمي …"
"وماذا لو رفض خالد …؟! الكثير يرفضون اللجوء إلى هذا الحل ويقولون كذلك إنه محرم شرعا …"
تنهدت سلمى تخبرها بخفوت:-
" لنتأكد أولا من قدرتي على اللجوء لهذه الطريقة فربما الطبيب سوف يخبرني بعدم قدرتي على ذلك مثلما لا أستطيع أن أحمل طفلا في رحمي … "
همست جملتها الأخيرة بمرارة قبلما تضيف :-
" لكن إذا تبين قدرتي على ذلك فسوف أسارع وأبحث عن رحم بديل يحمل بيوضي يا مها .. لن أتنازل عن حقي في الحصول على طفل ينتمي إلي … مهما حدث .. "