رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل السادس واربعون 46
نظرة واحدة إلى الهاتف الرخيص كانت كافية للدرك إيمان أنه هاتف خلود.
سارت نحو الهاتف والتقطتة وفي نيتها أن ثرمية في سلة المهملات؛ نظرت إلى
الشاشة من باب الفضول، ففوجئت برؤية رسالة من نائل يسأل فيها إن كانت
لخلود قد وصلت إلى المطعم أم لا.
يجب الرد لمتابعة القراءه
المحتو مخفي
ألم يقل أبي أن زواج خلود ونائل مزيف؟ إذا لماذا يدعوها لتناول الغشاء؟ أها،
لقد كذبت على أبي لأنها لا ترغب في مساعدة عائلة حديد!
أدخلت تاريخ ميلاد خلود ككلمة سر للهاتف فنجحت بالدخول. زدت على
الرسالة ورمت الهاتف بعيدا.
في هذه الأثناء توجهت لخلود إلى المستشفى لزيارة والدتها بعد مغادرتها منزل
عائلة حديد.
كانت والدتها قد انتكست مؤخرًا ونقلت إلى المستشفى لبضعة أيام. لم تكن
حالتها خطيرة، إلا أن لخلود أصرت على إجراء فحص شامل للجسم.
استفسر كل منهما عن صحة الآخر، وأخبرت خُلود والدتها عن الأحداث الرئيسية
التي حدثت معها في العمل مؤخرا.
توجهت بعد ذلك إلى المحاسب ودفعت فاتورة المستشفى. لم يبق سوى القليل
من المال في رصيد بطاقتها البنكية، وعليها انتظار مرتبها القادم لزيادة الرصيد
الذي شارف على الانتهاء.
عادت إلى الغرفة لتجلس مع والدتها، إلا أن الساعات المخصصة للزيارة انتهت
بعد جلوسها بوقت قليل فجاءت ممرضة وطلبت منها المغادرة.
عندما غادرت المستشفى، تذكرت فجأة أن نائل قد طلب منها الخروج لتناول
العشاء. لكن عندما أرادت الاتصال به للتأكيد على قدومها، أدركت أنها قد
أضاعت هاتفها.
لم تكن لديها فكرة عن كيفية ومكان فقدانها للهاتف قلقت من أنها قد تضيع
وقت نائل في الانتظار، فأشرت سيارة أجرة وتوجهت إلى المطعم بسرعة.
عند وصولها، أعطت النادل اسم نائل فقادها إلى الغرفة الخاصة ثُمَّ غادر.
التصميم الرومنسي للغرفة الخاضة كان جذابًا للغاية. تم ترتيب الشموع على
شكل قلب وكان غطاء الطاولة أحمر. حتى الأثاث كان فقيرا.
أصبحت الساعة الثامنة والنصف الآن. هل يمكن أن يكون تأخر نائل بسبب
انشغاله في العمل؟
انتظرته لخلود على الأريكة اجتاحتها موجة من اللعاس بعد يوم طويل من
الانشغال بالكثير من الأمور فنامت.
عندما أيقظها النادل، كانت الساعة قد أصبحت العاشرة وكان المطعم يغلق
أبوابة لهذه الليلة.
ربما لم يتمكن نائل من الاتصال بي لأن هاتفي ليس معي أوف ! لماذا أضعتُ
هاتفي؟ مجرد التفكير في أن هاتفها ليس معها سبب لها الثوثر.
في
الحظة التي خرجت فيها من المطعم، هبت في وجهها دفقة من الرياح، ما
جعلها ترتجف من البرد.
بقي معها القليل من المال فقط ولا يكفي لسيارة أجرة لأنها استخدمت تقريبا
نصف ما معها للوصول إلى المطعم، فلم يكن لديها خيار سوى ركوب الحافلة.
كانت هذه الحافلة الأخيرة لهذا اليوم، لذا كان يستقلها عدد قليل أشخاص.
وجدت خلود مقعدًا وجلست أسندت ظهرها إلى الكرسي وتأملت المشهد في
الخارج.
مع مرور خيالات المشهد الخارجية أمام عينيها بشكل متواصل، ظهرت صورة
نائل فجأة بدون مبرر في وجدانها.
بعد أن ترجلت من الحافلة كان عليها أن تسير مسافة قبل وصولها إلى منزلها.
مشت غير سعيدة بذلك وهي تجز نفسها عبر الشارع وكأنها سلحفاة.
فجأة، شعرت بشيء غريب. هاه؟ يبدو كأن أحدا ما يسير معي بنفس خطواتي.
شعرت بالوحشة ولتفتت بسرعة لتنظر خلفها. لكنها لم تر أحدا خلفه. الحقيقة
أن الشارع خلفها كان فارغا تماما.
ومع ذلك، بدأت تقلق بشكل متزايد، فلكل شخص .هالة. وعندما تظهر هالتان في
نفس الوقت فإن أحدهما سيجش بالآخر.
وكلما كان المحيط أكثر هدوءًا، سهل إدراك الهالات الأخرى.
أدركت خُلود أن خَظرًا ما يتربَّض بها، فتسارعت خطواتها. وعندما تبادر إلى
تفكيرها أن شخصا بنوايا قذرة قد يظهر فجأة، بدأ قلبها يقرع بشدة.
لم تكن قد جرت سوى بضع خطوات عندما برز فجأة من كان يختبئ خلفها في
الظلام.
صرخت بأعلى صوتها "اااه"، وبدأت تركض بأقصى سرعة تتحملها ساقاها.
وهي تجري على طول الشارع البارد جدًا في قلب الليل ابتلغ الظلام ضرخاتها
ولم يسمعها أحد فعليا.
أوشكت على الوصول إلى منزلها أخيرًا وتسلّل إليها شعور بالارتياح. لكن، بعد
ثانيتين فقط، قبض أحد ما يده على شعرها الطويل من الخلف وسحبها بقوة
كبيرة.
سقطت على الأرض بقوة نتيجة ذلك وشعرت بألم حاد في ركبتيها عندما
احتكت بالطريق المعبد بالحصى.
"اللعنة، وجهك جميل جدا وجسمك نحيل . لماذا توقفت عن الجري؟"
أخفى الظلام وجهة وكانت ضحكته الخبيثة هي الشيء الوحيد الذي استطاعت
رؤيته.
وقفت خلود بضعوبة حافظت على هدوئها ورباطة جشها ظاهريا، لكنها كانت
ترتجف من الخوف في الداخل: "لا" تؤذني وسأعطيك كل ما أملك".
"أريد فقط أموالك وجسدك. كوني جيدة، وسأكون لطيفًا معك بالمقابل". وأخذ
يترب منها خطوة خطوة. كان الطريق ضيقًا، وإن أرادت النجاة، فعليها الجري
أسرع من رياضي محترف.
غمرها الرعب الشديد سمعت كثيرًا عن أناس قابلوا منحرفين اعترضوا طريقهم
أثناء سيرهم ليلا. انتفضت كل شعرة من جسدها بشراسة ليس لها مثيل.
بدون سابق إنذار، أمسك الرجل معصمها "كوني هادئة لا تقاوميني
قبل أن ينهي جملته تلقى ضربة واحدة جعلته يطيز في ا الهواء كأنه عديم
الوزن. صرخ من الألم قبل أن يتقيأ كمية كبيرة من الدم من فمه.
عبس نائل وهو يتفقد خلود الشاحبة من الخوف: "هل أنت بخير؟"
عندما رأت طلعئة الجميلة المألوفة أمامها، تنفست الصعداء. كان فك نائل
مشدودا بإحكام في تلك الأضواء الخافتة، ما جعل ملامحه تبدو باردة وصلبة
بشكل استثنائي. أما عيناه اللتان لا يمكن فهمهما أفقد أضفنا عليه هالة
الغموض الصارم.
بعد
من
التأكد من أن سلامة خلود، توجه نحو الرجل، بعيونه التي كانت تشع جليدًا،
وركلة عدة مرات. تردّدت أصداء فرقعة على طول الطريق المظلم الضامت.
أي شخص لديه معرفة بتشريح الجسم البشري سيميز بسهولة أن تلك الفرقعة
ليست إلا صوت عظامه وهي تتكشر
عندما عاد نائل إلى خُلود واقترب منها، لاحظ جروح ركبتيها ومرفقيها. صبغ
الدم قميصها باللون الأحمر، مشكلا ورودا حمراء.
بدون حاجة لتذكيره، تعرّف لوحده على هذا التدرج من اللون الأحمر هو نفسه
الذي اصطبغ به الشرشف الأبيض بعد نوبة من الشغف في الليلة التي التقيا فيها
أول مرة.
انخفضت ثفاحة آدم في رقبته بشكل خفي، ثم ارتفعت
حمل خلود بين ذراعيه واتجه إلى السيارة.
فور دخوله السيارة دفع دواسة البنزين بقوة وأسرع إلى مستشفى خاص.
لم يتحدث طيلة الطريق إلى المستشفى. وعندما حاولت خلود الخروج من
السيارة، كان قد سبق في تطويقها وحملها بين ذراعيه.
عندما دخل المستشفى، بدا كأن جميع الموظفين يعرفونه، لأن ملامحهم تغيرت
بشكل جذري لرؤيته.
في غرفة الإسعاف استعجل نائل: احضروا طبيبة إلى هنا".
تمتمت الممرضة الواقفة عند الباب بالموافقة وأسرعت لإحضار طبيبة.
أجلس نائل لخلود على سرير المستشفى بينما تأمل الجرح في ركبتيها. لقد تمزق
الجلد وكان الدم يسيل بشدة وعلى الجرح رمال ملتصقة باللحم. كانت المنظر
مزعجا.
سرعان ما عادت الممرضة ومعها طبيب تكلمت مع نائل بهمس كما لو كانت
التوبيخ: "سيد هادي جميع الطبيبات النساء غادرن العمل. يوجد
خائفة
من
فقط أطباء ذكور".
رمق نائل الطبيب الذكر بنظرة جليدية وقال: "لا يهم أحضروا لي المعدات
اللازمة، سأتولى الأمر بنفسي".
بدون جرأة على التأخير، رثبت الممرضة بسرعة جميع الأدوات أمامه، ثم
خرجت وأغلقت الباب وراءها.
نظف نائل جروح خلود بعناية ازداد تقطب حاجبيه أكثر فأكثر، ربما لأنه شعر
بأن جروحها مروعة
عندما وضع المطهر على جراحها، نفخ عليه لتخفيف الألم الحارق.
"تحملي الألم قليلا... سينتهي في الحال".
"حسن".
نظرت إليه خُلود من أعلى لأسفل، لأول مرة؟ ستكون كاذبة إن ادعت عدم
التأثر في تلك اللحظة التي انحنى فيها هذا الرجل الطويل المفعم بالفخار
لينظف جروحها.
لم تره بهذا القدر من المراعاة من قبل؛ كانت حركاته دقيقة بشكل لا يصدق، كما
لو كان يعتني بجوهرة ثمينة.
عم الدفء أعمق أعماق قلبها فذابت من الداخل إلى الخارج.
سألها نائل سؤالا عابرًا وهو يضغ لصاقةً مُعقمةً على جُرجها: "ظننتك في
المنزل من أين كنت عائدة في هذه الساعة؟"
ارتعش قلب الحلود لهذا السؤال : "ألم نتفق على تناول العشاء معا في المطعم ؟ "