اخر الروايات

رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل الخامس واربعون 45

رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل الخامس واربعون 45


صحيح أن هدف خُلود النهائي في مسيرتها المهنية هو إنشاء إستوديو يحمل
علامتها التجارية الخاصة بكن أولويتها في الوقت الراهن هي الحصول على
مزيد من الخبرة تحضيرًا للمستقبل.
أرادت الوصول إلى هذا الهدف من خلال العمل الجاد ومهاراتها الخاصة، وليس
من خلال التسلق على ظهر أحد.

يجب الرد لمتابعة القراءه

المحتو مخفي



اشتدت ملامح خلود وهي تقول: "لم أكن لأنشئ استوديو لنفسي من أموالك".
شعر نائل كان صخرة تُنقل على قلبه. عدد لا حصر له النساء يحلمن بفرصة
من
للتقرب منه والاستفادة منه، لكن لم يتسن لهم ذلك لم يستطع أن يفهم سبب
رفض خلود.
رجال مثل زكريا يحصلون على مرادهم من أي امرأة تعجبهم فقط من خلال
شراء ساعات من ماركات فاخرة أو سيارات إلا أن هذا الأسلوب كان له مفعول
معاكس عندما حاول نائل تحقيق سعادة خُلود بإنفاق المال عليها.
هل تشعر بالإحراج لهذه الدرجة من استخدام أموالي.
لم يستطع نائل مواصلة هذا الجدال مع خلود لأنه غير صبور لهذه الدرجة في
مثل هذه الأمور، إضافةً إلى أنّه لم يعد لديه ما يقوله.
رن هاتف الخلود فجأة؛ كان المُتَصلُ هو سندس تسأل عن مسودة أحد التصاميم.
بعد أن تكلمت معها خُلود قليلا أنهت المكالمة ثم ألقت نظرة على نائل.
لاحظت أن ملامحه قد أظلمت؛ تحت حاجبيه الكثيفين كانت عيناه الغامضتان
أما أنفة فكان عاليا وكان نائل يضغط شفتيه الرفيعتين مغا بإحكام. وفوق ذلك
بدا ببدلته السوداء أنيقا بطريقة استثنائية ومتحفظا للغاية.
وبما أنه في مزاج سيء، بدت ملامحه الحادة أصلا أكثر هيبة؛ حتى من بعيد
أمكن لأي شخص يراه أن يشغر بالزهبة من الهالة المتبعثة منه.
فتحت خُلود فمها للتحدث، لكنها بذت عاجزة عن اختيار الكلمات المناسبة،
فقالت بسرعة قبل أن تخرج من الزقاق: "علي العودة إلى العمل الآن".
بينما كان نائل يُحدّق في جسدها وهي مغادرة شعر بغضب متصاعد داخله.
كانت معدته تقرقز من الجوع، ولم يُصدق أن خُلود تركته واقفا وذهبت.
كانت هذه المرة الأولى التي يشعر فيها نائل بهذا المستوى من الغضب؛ فقد
شهيته للظعام وخرج غاضبا من الزقاق.
لم يغد إلى مكتبه في شركة هادي، بل توجه إلى الطابق العلوي من مبنى شركة
الرّضا ودعا لاجتماع مع المساهمين الآخرين ذوي الحصص الكبرى في الشركة.
ذعي زكريا للخضور وهو في خضم مناقشة مع قسم العلاقات العامة.
"ما الذي أتى بك إلى هنا؟ أليست منشغلا بالعمل في مقر شركة هادي؟"
عندما انضم نائل إلى شركة الرّضا، كان الاتفاق أن زكريا هو المسؤول عن إدارة
عمليات الشركة بينما يستلم نائل الأرباح ويبقى خلف الكواليس دون تدخل في
إدارة الشركة.
رهقة نائل بنظرة باردة وألقى أمامه وثيقة حصل عليها من قسم الموارد
البشرية: "أطرد هذا المصمم".
أمسك زكريا بالملف الخاص بالمصمم ورأى صورة رجل وسيم ذو بشرة ناعمة:
"ماذا
بدر منه؟ هل أساء إليك؟"
لم يكن زكريا غبيًا، علم أن الدافع وراء قدوم نائل فجأة هكذا في مقر الشركة لا
يمكن أن يكون بسيطا.
دون
، أن يُبرّر شيئا، مد نائل يده نحو الهاتف الأرضي وناولة لصديقه.
لأنهما نشأ مغا، كان زكريا يعرف شخصية نائل جيدًا من نظرة عينيه، بدا أنه لا
يمزح.
وضع زكريا الهاتف على المكتب وقال: "بالكاد أقنعناه أن يبقى في شركتنا، ولقد
جددنا عقدة للتو لعام .آخر إن فصلناة الآن، سيترتب علينا دفع مبلغ تعويضي
كبير لفسخ العقد".
يعلم ذكرنا أن نائل لا يتصرف بمزاجية أو يخلط الأمور الشخصية بالعمل.
"هل الأمز لة علاقة خلود؟"، تأكدت شكوك زكريا عندما لاحظ أن نائل بقي
صامثا.
صفع زكريا فخذ لحظة إدراكه لذلك، واستفزه مازخا: "لم أتوقع أنك قد تغار
بهذه السهولة".
لم تهتز عزيمة نائل: "توقف عن الثرثرة وافعل ما أقول، ألم تذكر أن الشركة تقوم
بافتتاح فرع لها في الخارج؟ فقط قم بنقله".
"ولكن، نائل..".
لم يكن نائل مستعدا للجدال: "إما أن تنقله أو تطرده. لا تراجع عن هذا القرار".
لم يكن لدى زكريا خيار سوى الإذعان تأشف جدا لأن عليه إبعاد هذه الموهبة
التي بذل جهدًا كبيرًا للحصول عليها.
نظر إلى ملامح وجه نائل المُستاءة. بدا وكأن الناس كلهم قد أساؤوا إليه.
نهض زكريا وسأل بقلق: "هل أغضبت فتاتك؟"
"اغرب عن وجهي .
"
ضحك زكريا بينه وبين نفسه مستمتعًا بعناد نائل ثم أخرج بطاقة الخدمة
الفميزة الخاصة بأحد المطاعم من جيبه ووضعها على الطاولة.
غادز زكريا بعد أن قال: " اسمع نصيحتي هذا المطعم أجواؤة رائعة. ما من امرأة
أخذتها إليه إلا سجزت من جماله".
أخذ نائل البطاقة الذهبية وغرق في تفكير عميق وهو يقلبها بين أصابعه.
يجب أن أراضيها، لئلا تتخذا ما حدث ذريعة لطرح موضوع الطلاق مرة أخرى.
بعد التحلي بالكثير من الصبر، تمكن نائل أخيرًا من تقريب المسافة بينه وبين
خلود، ولم يكن يرغب أن تذهب جهوده سدى بسبب إشكالية صغيرة كهذه.
بعد أن فكر قليلًا، أخرج هاتفه وأرسل رسالة نصية إلى خلود..
سرعان ما انتهى يوم خُلود في الشركة نظرًا لأنها لم تزر والدتها منذ عدة أيام،
قررت أن تزورها بعد العمل وأن تأخذ بعض الملابس إليها في المستشفى للبدل
ملابسها المتسخة.
بعد إنهاء كل أعمالها وترتيب أمورها أمسكت لحلود حقيبتها وغادرت المكتب
فور انتهاء وقت الدوام.
لم تز رسالة نائل إلا عندما وصلت إلى منزل عائلة حديد. كان قد أرسل لها
رسالة نصية يدعوها فيها لتناول العشاء مغا في الثامنة مساء.
بما أنه بادر للضلح معها، لم يكن لديها دافع للبقاء غاضبة بسبب إشكال صغير
كهذا.
نظرت خُلود إلى الوقت وقذرت أنها لن تتأخر على الموعد. بعد أن أرسلت الرد
لنائل، دخلت غرفة والدتها.
فوز فتحها للباب، شعرت بدفقة من الهواء المُغبر يدخل فتحة أنفها. من الواضح
أن الخدم تجاهلوا عمدًا تنظيف غرفة والدتها، لأن عددهم كان كبيزا.
ومع ذلك، لم يكن هذا الغبار يقارن بالمعاملة السيئة التي تلقتها خلود ووالدتها
عائلة حديد عندما كانتا تعيشان في هذا المنزل.
من
في الحقيقة، خُلود ووالدتها تركنا هذا المنزل من مدّة ليست بالقليلة، لكن الجو
أصبح باردًا، فقررت لخلود إحضار ملابس والدتها الشتوية كلها لئلا تضطر للعودة
مرة أخرى.
سمعت لخلود صوت إيمان الساخر من خلفها: "لماذا لا يقوم فؤاز بعمله؟ لماذا
تركك تدخلين؟"
كانت لخلود معتادة على مضايقات إيمان فاستمرت في تجميع الملابس دون أن
تلتفت حتى.
زاد غضب إيمان بعد أن تم تجاهلها. فغشت إلى داخل الغرفة وأمسكت ياقة
قميص خُلود وهي تصرخ : ألم تسمعيني وأنا أتحدث إليك؟ أستطيع شم رائحة
البؤس التي تصدر منك من بعيد"...
سقط هاتف خُلود من جيبها على الأرض لأن إيمان أفزظت في جذبها بقوة.
التفتت خلود وركزت نظرتها الباردة على إيمان وقالت: "حسنا، لا أظن أني
شهمت أي شيء غريب قبل دخولك. أما بالنسبة لرائحتك أنتِ فحتى أغلى
الملابس لا يمكن أن تخفي رائحة الوحم التي تنبعث منك".
اتسعت عينا إيمان من الغضب وفقدت في تلك اللحظة كل هدوءها كسيدة
راقية وتصرفت بلا عقل كأنها فتاة شوارعية: "خلود، من تظلين نفسك؟ كيف
تجرؤين على عدم احترامي ؟ كما قالت أمي عنك، أنت مجرد عهرة لا
تستحقين ارتداء ملابس فاخرة كالتي ترتدينها. في الواقع، أنت لست أهلا لأي
نعمة !"
أظلمت ملامح خُلود وهي تخرج حاملة حقيبة الأمتعة في يدها، وردت قائلة:
"من أنت لتحدّدي ما أنا أهل له؟ أنا في غنى عنك عندما أريد شيئا، أشتريه
بمالي"..
لم تستجد لحلود يومًا شفقة أحد أو مساعدته كانت تؤمن أن العمل الجاد هو
السبيل الوحيد للنجاح.
ظلت خُلود تسمع شباب إيمان حتى بعد خروجها من بوابة المنزل.
"خلود، لماذا تتكبرين؟ مهما تصرّفت بتعالي وعظمة ستبقين ع "هرة مثيرة
للشفقة. ولا تبدين بحال أفضل حتى بعد وجود نائل في حياتك".
في تلك اللحظة، توقفت إيمان إسماعها صوت رنين هاتف. التفتت فرأت هاتفًا
ملقى في زاوية الغرفة.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close