رواية المعاقة والدم الفصل الثالث 3 بقلم هناء النمر
عندما عادت فى نفس الطريق الذى خرجت منه ، وصلت لباب القصر ، وجدت والدتها وخالتها يقفون على الباب يبحثون عنها ،
اتجهوا من فورهم للسيارة ، وللأسف بحركة لا إرادية منها التفتت لنفس الاتجاه الذى عادت منه ، ففوجئت به يقف قبالتها وعينيه عليها ، التفتت بسرعة ، واستقلت السيارة ، وتحركت بهم .
أما هو فقد وجد المفتاح الذى به سيعرف من هى ، يكفى انه يعرف من هم من استقلت معهم السيارة ، فلينتهى الآن مما يحدث هنا ليغادر بسرعة حتى لا يتهمه والده بالحيادية كالعادة ،
......................................
بعدما ابتعدت السيارة بعض بمسافة ليست بالكبيرة عن حدود القصر ، وتوقفت فجأة ،
كانت رانيا شاردة تماما فى اجابة نادر عندما أخبرته بعدم علمها أن للعم رشاد ابن آخر ، رد بتلقائية تامة .. اعتبريه كدة ...
ماذا يقصد من جملته هذه ؟
انتبهت رانيا على توقف السيارة وسألت عن سبب الوقوف ، ردت والدتها ،
... هنسلم على عمك رشاد ونعزيه ...
... اشمعنى يعنى ، وبعدين هندخل فى وسط الرجالة اذاى ، انتى مش شايفة الناس قد ايه ...
... وانتى ناسية أن ابوكى تعبان ، وقالوا لازم نوصله عزاه ، لحد ما يجيله أو يتصل بيه ، وبعدين احنا مش هندخله ، إحنا هنبعتله عشان نسلم عليه ...
عندما رأت الخالة راضية الاعتراض الواضح على وجه رانيا قالت لها ... إيه المشكلة يارانيا ، إحنا هنسلم عليه ونمشى على طول ...
استسلمت رانيا لنا أرادوا بغير رضا منها ، وقد ظهر ذلك واضحاً تماما على وجهها .
أشارت الحاجة رضا لأحد الواقفين ، وطلبت منه أن يخبر الحاج رشاد أن الحاجة رضا زوجة الحاج حسن سلام تنتظره خارج السرادق .
وانطلق الرجل ليفعل ، بينما فتحت رانيا باب السيارة لتدخل ،
... رايحة فين يارانيا ، ميصحش كدة ، استنى تسلمى على عمك ، ده بقاله كتير مشافكيش ، هتلاقيه نسى شكلك اصلا ...
أغلقت رانيا الباب بنفاذ صبر ،ووقفت مستندة على السيارة بظهرها ووجهها فى الاتجاه الآخر من السرادق وأيضا مكان وقوف والدتها وخالتها ،
انشرح قلب الحاجة رضا وكادت تبتسم عندما لمحت الشخص الخارج من سرادق العزاء ،
لقد نجحت فكرة أختها ، فمن الطبيعى أن الحاج رشاد لن يخرج لهما ، فقد تعدى السبعين من عمره وأيضا لا يتحرك بسهولة ، فمن اللياقة أن يرسل من ينوب عنه فى السلام على أبناء عمومته ، والأليق أن يكون الشخص المطلوب ،، محسن ،،
... ازييك يامحسن ياابنى ، البقاء لله ...
انتفض قلب رانيا عندما سمعت الاسم لكنها لم تستدير وظلت على وقفتها ،
... ونعم بالله يامرات عم ، متأسف اوى ، بابا مقدرش يخرج ، انتى عارفة صحته على قده ...
... ولا يهمك ياابنى ، ربنا يديله الصحة ، معلش بقى عمك حسن تعبان اوى ومقدرش ييجى ، قلنا نعزى الحاج بنفسنا لحد ما يقوم بالسلامة ويجيله بنفسه ...
... ألف سلامة ليه ...
لاحظت رضا عين محسن التى ترتحل بينها وبين الواقفة بظهرها له ، ولم ترهق نفسها حتى بالالتفات بعد حضوره ،
وبالطبع لن تترك رضا الفرصة تضيع هباء" ،
... أه ، دى الدكتورة رانيا ، بنتى ...
سمعت رانيا هذا ، وبالطبع اجبرتها والدتها الآن على الاستدارة وإلقاء التحية وتقديم العزاء ،
كانت ترتدى فستان اسود اختارته لها والدتها بعناية تامة ، لم يكن به اى شئ غير عادى ، كل ما به أنه يظهر تناسق جيدها الجميل بوضوح ، وكانت ترتدى حجاب بسيط ملفوف بعفوية ويظهر قصة شعرها من الامام ،
رانيا ليست محجبة ، إنما كان من اللياقة أن تفعل ذلك فى وسط مجتمع من السيدات الكبيرة المحجبات رغم وجود الكثيرات فى العزاء لا يرتدين الحجاب ،
بالطبع كل هذا بالإضافة لبعض المحددات البسيطة لعينيها باللون الاسود وشفتيها باللون البنى ، ولا شئ غير ذلك ،
كان الانطباع واضح تماما بالنسبة له ، فتاة ارستقراطية بسيطة ، تمتلك ثقة واعتداد بنفسها ،
لكن ما استفذه حقا ليس الجمال ، فزوجته الراحلة وخطيبته الحالية أجمل منها طبقا لمقاييس الجمال المعروفة ،
ما استفذه هو النظرة المعادية التى رمقته بها من أول لحظة دون أن تعرفه أو يعرفها ،
بالإضافة لخلو هذه النظرة من أى خجل يذكر ، فقد مدت يدها ليسلم عليه بطبيعية تامة ،
.. أهلا وسهلا يادكتورة ..
... أهلا بيك ، البقاء لله ...
... ونعم بالله ...
لم يترك محسن يد رانيا إلا بعدما سحبتها هى منه ، وازدادت نظرتها حدة ،
فى حين رمقت رضا أختها بنظرة معينة ، وكأنهما قد نجحا فيما ارادا وقد تم المراد من رب العباد ، ويكفى هذا ليوم واحد .
قالت رضا ... معلش يامحسن ، إحنا هنمشى دلوقتى ، طول النهار هنا ولسة والصين الصبح ، نرتاح شوية ، وهنجيلكم بكرة على طول ، أن شاء الله ...
... إن شاء الله ، تشرفى يامرات عم ، والدكتورة طبعا ...
ورمقها بعينيه بنظرة واضحة قطعها قول رضا
... إن شاء الله ياابنى ، بعد اذنك ...
... مع السلامة ...
ركب الثلاثة السيارة ، رانيا بجانب السائق ، ووالدتها وخالتها فى الخلف ، وأنطلقت السيارة .
وصلت السيارة للبيت ، ترجلت منها رانيا ورضا ، ثم انطلقت لتوصل الخالة لبيتها ،
تركت والدتها على الباب وهى تقول جملة واحدة ،
... تصبحى على خير ، انا طالعة انام ...
وبعد خطوتين التفتت مرة أخرى وقالت ،
... أه ، انا مش هروح هناك تانى بكرة ، لو عايزة تروحى يبقى من غيرى ، مش واحد زى ده هو إللى يؤمرنى. ..
وتركتها واسرعت بالدخول حتى لا تعطيها اى فرصة للرد ،
يتبع
اتجهوا من فورهم للسيارة ، وللأسف بحركة لا إرادية منها التفتت لنفس الاتجاه الذى عادت منه ، ففوجئت به يقف قبالتها وعينيه عليها ، التفتت بسرعة ، واستقلت السيارة ، وتحركت بهم .
أما هو فقد وجد المفتاح الذى به سيعرف من هى ، يكفى انه يعرف من هم من استقلت معهم السيارة ، فلينتهى الآن مما يحدث هنا ليغادر بسرعة حتى لا يتهمه والده بالحيادية كالعادة ،
......................................
بعدما ابتعدت السيارة بعض بمسافة ليست بالكبيرة عن حدود القصر ، وتوقفت فجأة ،
كانت رانيا شاردة تماما فى اجابة نادر عندما أخبرته بعدم علمها أن للعم رشاد ابن آخر ، رد بتلقائية تامة .. اعتبريه كدة ...
ماذا يقصد من جملته هذه ؟
انتبهت رانيا على توقف السيارة وسألت عن سبب الوقوف ، ردت والدتها ،
... هنسلم على عمك رشاد ونعزيه ...
... اشمعنى يعنى ، وبعدين هندخل فى وسط الرجالة اذاى ، انتى مش شايفة الناس قد ايه ...
... وانتى ناسية أن ابوكى تعبان ، وقالوا لازم نوصله عزاه ، لحد ما يجيله أو يتصل بيه ، وبعدين احنا مش هندخله ، إحنا هنبعتله عشان نسلم عليه ...
عندما رأت الخالة راضية الاعتراض الواضح على وجه رانيا قالت لها ... إيه المشكلة يارانيا ، إحنا هنسلم عليه ونمشى على طول ...
استسلمت رانيا لنا أرادوا بغير رضا منها ، وقد ظهر ذلك واضحاً تماما على وجهها .
أشارت الحاجة رضا لأحد الواقفين ، وطلبت منه أن يخبر الحاج رشاد أن الحاجة رضا زوجة الحاج حسن سلام تنتظره خارج السرادق .
وانطلق الرجل ليفعل ، بينما فتحت رانيا باب السيارة لتدخل ،
... رايحة فين يارانيا ، ميصحش كدة ، استنى تسلمى على عمك ، ده بقاله كتير مشافكيش ، هتلاقيه نسى شكلك اصلا ...
أغلقت رانيا الباب بنفاذ صبر ،ووقفت مستندة على السيارة بظهرها ووجهها فى الاتجاه الآخر من السرادق وأيضا مكان وقوف والدتها وخالتها ،
انشرح قلب الحاجة رضا وكادت تبتسم عندما لمحت الشخص الخارج من سرادق العزاء ،
لقد نجحت فكرة أختها ، فمن الطبيعى أن الحاج رشاد لن يخرج لهما ، فقد تعدى السبعين من عمره وأيضا لا يتحرك بسهولة ، فمن اللياقة أن يرسل من ينوب عنه فى السلام على أبناء عمومته ، والأليق أن يكون الشخص المطلوب ،، محسن ،،
... ازييك يامحسن ياابنى ، البقاء لله ...
انتفض قلب رانيا عندما سمعت الاسم لكنها لم تستدير وظلت على وقفتها ،
... ونعم بالله يامرات عم ، متأسف اوى ، بابا مقدرش يخرج ، انتى عارفة صحته على قده ...
... ولا يهمك ياابنى ، ربنا يديله الصحة ، معلش بقى عمك حسن تعبان اوى ومقدرش ييجى ، قلنا نعزى الحاج بنفسنا لحد ما يقوم بالسلامة ويجيله بنفسه ...
... ألف سلامة ليه ...
لاحظت رضا عين محسن التى ترتحل بينها وبين الواقفة بظهرها له ، ولم ترهق نفسها حتى بالالتفات بعد حضوره ،
وبالطبع لن تترك رضا الفرصة تضيع هباء" ،
... أه ، دى الدكتورة رانيا ، بنتى ...
سمعت رانيا هذا ، وبالطبع اجبرتها والدتها الآن على الاستدارة وإلقاء التحية وتقديم العزاء ،
كانت ترتدى فستان اسود اختارته لها والدتها بعناية تامة ، لم يكن به اى شئ غير عادى ، كل ما به أنه يظهر تناسق جيدها الجميل بوضوح ، وكانت ترتدى حجاب بسيط ملفوف بعفوية ويظهر قصة شعرها من الامام ،
رانيا ليست محجبة ، إنما كان من اللياقة أن تفعل ذلك فى وسط مجتمع من السيدات الكبيرة المحجبات رغم وجود الكثيرات فى العزاء لا يرتدين الحجاب ،
بالطبع كل هذا بالإضافة لبعض المحددات البسيطة لعينيها باللون الاسود وشفتيها باللون البنى ، ولا شئ غير ذلك ،
كان الانطباع واضح تماما بالنسبة له ، فتاة ارستقراطية بسيطة ، تمتلك ثقة واعتداد بنفسها ،
لكن ما استفذه حقا ليس الجمال ، فزوجته الراحلة وخطيبته الحالية أجمل منها طبقا لمقاييس الجمال المعروفة ،
ما استفذه هو النظرة المعادية التى رمقته بها من أول لحظة دون أن تعرفه أو يعرفها ،
بالإضافة لخلو هذه النظرة من أى خجل يذكر ، فقد مدت يدها ليسلم عليه بطبيعية تامة ،
.. أهلا وسهلا يادكتورة ..
... أهلا بيك ، البقاء لله ...
... ونعم بالله ...
لم يترك محسن يد رانيا إلا بعدما سحبتها هى منه ، وازدادت نظرتها حدة ،
فى حين رمقت رضا أختها بنظرة معينة ، وكأنهما قد نجحا فيما ارادا وقد تم المراد من رب العباد ، ويكفى هذا ليوم واحد .
قالت رضا ... معلش يامحسن ، إحنا هنمشى دلوقتى ، طول النهار هنا ولسة والصين الصبح ، نرتاح شوية ، وهنجيلكم بكرة على طول ، أن شاء الله ...
... إن شاء الله ، تشرفى يامرات عم ، والدكتورة طبعا ...
ورمقها بعينيه بنظرة واضحة قطعها قول رضا
... إن شاء الله ياابنى ، بعد اذنك ...
... مع السلامة ...
ركب الثلاثة السيارة ، رانيا بجانب السائق ، ووالدتها وخالتها فى الخلف ، وأنطلقت السيارة .
وصلت السيارة للبيت ، ترجلت منها رانيا ورضا ، ثم انطلقت لتوصل الخالة لبيتها ،
تركت والدتها على الباب وهى تقول جملة واحدة ،
... تصبحى على خير ، انا طالعة انام ...
وبعد خطوتين التفتت مرة أخرى وقالت ،
... أه ، انا مش هروح هناك تانى بكرة ، لو عايزة تروحى يبقى من غيرى ، مش واحد زى ده هو إللى يؤمرنى. ..
وتركتها واسرعت بالدخول حتى لا تعطيها اى فرصة للرد ،
يتبع
فور صعودها ودخولها غرفتها ، أمسكت بهاتفها المحمول واتصلت بوداد ، لتخبرها عما حدث ولتسألها عن هوية الشخص المسمى نادر ،
... ايوة فعلا ، محسن عنده أخ أصغر منه ب 8 سنين اسمه نادر ، بس بصراحة أول مرة اعرف انه فى العزا اصلا ...
.. ليه بقى ...
.. أصل نادر ده حكايته حكاية ، فاصل نفسه تماما عن العيلة وعن أبوه وأخوه ، وبعيد عن المزارع والمصانع ...
... كملى ياوداد ، انتى بتقطعى الكلام ليه ...
... أفهم الأول انتى مهتمة اوى كدة ليه ...
ارتكبت رانيا من سؤال وداد لكنها حاولت إلا تظهر ذلك
... تصدقى انا غلطانة انى سألتك اصلا ، مش عايزة اعرف منك حاجة ، اقفلى بقى ...
... استنى بس ، بهزر معاكى ، بصى ياستى ، نادر دخل فنون جميلة غصب عن أبوه ، ووقتها أبوه حلف انه لو دخلها ، ملوش علاقة بيه ومش هيصرف عليه ، نادر عاند وصمم وبالفعل قدم ودخلها ، ولم هدومه وساب البيت ، فضل عند خاله فترة ، وبعدها خد شقة ايجار ، واشتغل عشان يعرف يصرف على نفسه وعلى كليته ...
... وبعدين ...
... كان بيرسم حلو اوى ، وفى آخر سنة تالتة ، اتعمل معرض فى الكلية ، زاره رسامين معروفين واساتذة جامعات أوروبية ، واتعرضت لوحاته فى المعرض ، عجبت ناس كتير منهم ، واتعرض عليه انهم يساعدوه يسافر ويكمل شغله فى أماكن مختلفة ، اختار ألمانيا ، ومن وقتها ، واسمه لمع فى الرسم ، لوحاته بيتعملها معارض ، وفى نفس الوقت بييجى مصر كأستاذ زائر للكلية هنا ، بيدى محاضرات منفردة يعنى ...
... والعيلة هنا ...
... محدش يعرف عنه حاجة ، بييجى زيارات بسيطة فى المناسبات وبس ...
... استنى عندك بقى ، أما هو محدش يعرف عنه حاجة ، انتى جبتى كل المعلومات دى منين ...
... ههههههههههه ، مش بقولك راح عاش عن خاله ...
... وانتى ايه علاقتك بكدة ...
... يانهار ابيض على الذكاء ، انتى ناسية أن حمايا يبقى خاله ، وابن خال رأفت جوزى وصاحبه اوى ، وعلى طول بييجى يزورنا ...
... نسيت فعلا ، خلاص ، شكرا ياوداد ...
... هو إيه ده ، هو ايه اللى شكرا ياوداد ، انتى ناوية على ايه اصلا ؟
... فى ايه ؟
... فى الموضوع ده ...
.. ولا حاجة ، قلتلك أن كل الحكاية أن البنت صعبانة عليا بالذات بعد ما أمها ماتت. ...
.. طيب ياست الحنينة ، هتعملى ايه بكرة ؟
... ولا حاجة ، هفضل فى البيت ، ويمكن أخرج اتمشى شوية ، الجو هنا حلو ...
... ماشى ، لو احتاجتى حاجة كلمينى ...
.... ماشى سلام ...
اتكأت رانيا على حافة السرير وهى تفكر فيما قالته وداد عنه ، ولماذا تفكر فيه ، والأهم لماذا لا تتركها عينيه وهو يتحدث اليها حتى الآن ؟
نفت هذه الأفكار من رأسها وهى تنهر نفسها وتقول ... نامى يارانيا ، نامى ، انتى مش واقعة اوى كدة ، أما واحد يكلمك مرة واحدة ، تقومى تباتى تفكرى فيه ...
........................................
فى نفس الوقت الذى كانت تتحدث فيه رانيا مع وداد ، كانت رضا تتحدث مع أختها وتخبرها بغضب رانيا وما قالته قبل أن تدخل وقرارها بأن لا تذهب إلى هناك غدا ، وما كان من الخالة ذات الدهاء إلا أن تقول :
... سيبيها ، احسن ، نشوف اذا كانت علقت معاه اما شافها ولا لأ ...
... واحنا هنعرف اذاى ..
... جرى ايه يارضا ، متفتحى دماغك كدة ، أن سأل عليها ، يبقى مهتم ، والموضوع وقتها يبقى سهل شوية ، وأن مسألش ، يبقى نشوف طريقة تانية ...
... عندك حق ، خلاص ، تصبحى على خير ...
...........................................
خطت أولى خطواتها داخل مركز التأهيل بصعوبة شديدة ، شيئا ما داخلها كدافع أجبرها على الحضور لهنا ، شيئا ما يقودها للدخول ،
هذا الشئ حاولت السيطرة عليه كثيرا ولم تنجح فى ذلك ،
بالطبع لم تدخل طبقا للسبب الحقيقى ، فلن يسمحوا لها بزيارة الفتاة إلا بعد استئذان والدها ،
دخلت على أنها زائر لأحد الطبيبات الموجودات فى المركز ، كما كانت تفعل وداد ، التى بدورها اتصلت بصديقتها لتسهل مهمة رانيا عندما اخبرتها رانيا انها ستذهب اليوم .
توقفتا الطبيبتان أمام باب الغرفة ، وقبل أن يدخلا استدارت دكتورة سامية لتواجه رانيا وقالت بطريقة جادة جدا ،
... دكتورة رانيا ، انا عايزة اقولك حاجة مهمة جدا ، مع انى مش فاهمة ايه هدفك من انك تفهمى كل حاجة عن حالتها ، وكل الأسئلة إللى سألتيها وطلبتى اجابتها، كل ده مش فارق معايا ، صحيح هى حالة نادرة ودى اول مرة اشوفها ،
اللى يهمنى طريقة معاملتك ليها ، أميرة على الرغم من أنها رقيقة جدا ، إلا أنها فى منتهى الذكاء ، بتفهم اللى قدامها جدا ، وكمان مثقفة اوى ، يعنى أنصحك انك تاخدى الطريق المستقيم فى الكلام معاها ، دا اذا كنتى عايزاها توافق تسمحلك تقابليها تانى ، لأن للأسف الشخص اللى مبيعجبهاش مبيقابلهاش تانى ، فهمتينى. ..
.. يعنى أتعامل معاها اذاى ...
... قولتلك ، خليكى صريحة ، متاخديش طريق الشفقة والصعبانية معاها ، من الآخر ، اتكلمى معاها على أنها شخص عادى جدا ...
... هحاول ...
... اوكى ، اتفضلى ...
طرقت دكتورة سعاد الباب ثم فتحته ، ودخلت ومن خلفها رانيا وهى متوجسة خيفة من هذا اللقاء ،
كان الكرسى المتحرك مواجه للشباك وظهره لباب الغرفة ، فلم تراها فور دخولها ، وكانت تجلس بجانبها ممرضة وفى يدها كتاب ، يبدوا انها كانت تقرأ لها منه ،
رغم أنها لم ترها إلا أنها سمعت صوتها وهى تقول ... اتفضلى يادكتورة سامية ...
كان صوتها حقا طفولى ورقيق جدا ،
ضحكت سامية وتقدمت منها وهى تقول
... ههههههههه بجد هتجنن واعرف انتى بتعرفينا من بعض اذاى ، وانتى مش راضية تقوليلى. ..
.. سر المهنة يادكتورة ، عايزانى اقولك عليه ازاى ..
... أه فعلا عندك حق ، بس مسيرى هعرف ، قوليلى بقى ، بتقرى ايه انهارضة ؟
... قوليلى انتى الأول ، مين اللى معاكى ووقفت ورايا دى ...
اعتدلت أميرة ونظرت لرانيا وكأنها تقول
،، مش قولتلك ،،
... دى رانيا ، صاحبتى ، سمعت عنك واد ايه انتى جميلة ورقيقة ومثقفة ، صممت تقابلك ، بس تقريبا هى مكسوفة ...
... بتعرفى تذوقى الكلام يادكتورة ، بس مش اوى ، قولى الحق ، هى دكتورة وعايزة تدرس الحالة ، ولا حد من عيلتى زى طنط وداد كدة ، اللى قلتى برده عليها صحبتك. ..
رفعت سامية عينيها لرانيا مرة أخرى وبنفس النظرة وبنفس المعنى ،
لكن هذه المرة من أجابت هى رانيا وهى تستدير لتواجه أميرة ،
... الاتنين ...
رؤيتها لوجه أميرة جعلها تتنهد ، فتاة لا يزيد عمرها عن الثالثة أو الرابعة عشر ، رائعة الجمال ، الجمال المصري الأصيل ، وليس الجمال الغربى ، بشرة صافية بوجه مستديرة ، وعيون رمادية واسعة ، أنف صغير ، وشفاة مكتنزة وصغيرة الحلقة كخاتم سليمان ، بالإضافة لشعر اسود قاتم وناعم ، قصة منه مفرودة على أحد جانبى جبهتها ، والباقى كله متجمع ومنزلق على أحد جانبى رقبتها ومربوط بطوق صغير حتى لا يزعج تثبيت رأسها على الكرسى .
لكن للأسف ، كل هذا مع رأس مثبت على ظهر الكرسى العالى مع تثبيت باقى جسدها بأربطة فى الكرسى ، حتى زراعيها ،
لا يتحرك من الفتاة غير حدقتا عينيها من جانب لآخر ، واصابع يدها مثبتة على لوحة صغيرة بها أزرار لتحرك بها الكرسى الذى تجلس عليه ،
حاولت رانيا تمالك نفسها و تابعت كلامها
.. الاتنين ، دكتورة وفى نفس الوقت قريبتك ، ولما عرفت ان دكتورة سامية موجودة هنا ، قلت اجى اشوفك ، ومش عشان ادرس الحالة زى ما بتقولى ، لأنى بيطرى اصلا ، جيت عشان عايزة اشوفك انتى ...
تأملتها أميرة لثوانى دون أن ترد ثم قالت
... ليه ؟
اسألة هذه الفتاة حقا قوية ومربكة ،
... هو ايه اللى ليه ؟
... عايزة تقابلينى ليه ؟
الصمت كان الطاغي على المكان بعد هذا السؤال ، فرانيا لم تكن تعرف ماذا تخبرها ؟
هل تخبرها الحقيقة ، لكن ما هى الحقيقة من الأساس ، حتى رانيا نفسها لم تكن تعرف سببا لكل ما تفعل ،
بادرتها أميرة بسؤال أصعب قائلة ،
... بلاش السؤال ده ، مع الوقت هعرف إجابته ، قوليلى انتى جاية من عندنا ؟
... عندكم منين ...
... عندك حق مينفعش أقول عندنا عشان مبقاش ، جاية من بيت أهلى ...
استشعرت رانيا الحزن والأسى من كلام أميرة ، يبدوا انها حزينة من وجودها فى هذا المكان ، وبعيدة عن أسرتها ،
... ايوة ، انا جاية من هناك ...
... تعرفى اى أخبار عن ماما ، هى كويسة ولا لأ ...
كان هذا السؤال هو حقا من جمد جسد رانيا تماما ، ولم تعد قادرة على الحركة والكلام لثوانى متواصلة ، الآن كيف ستخبرها عما حدث ، وأن لم تخبرها ، ماذا ستقول ، الفتاة لماحة وستكتشف كذبها بسهولة .
لم ينقذها غير صوت الشخص الواقف على الباب وهو يقول ... مساء الخير ...
وكما فوجئت رانيا به ، تفاجأ هو الآخر بوجودها ،
هنا أتى صوت أميرة بفرحة ... عمو نادر ؟
يتبع
... ايوة فعلا ، محسن عنده أخ أصغر منه ب 8 سنين اسمه نادر ، بس بصراحة أول مرة اعرف انه فى العزا اصلا ...
.. ليه بقى ...
.. أصل نادر ده حكايته حكاية ، فاصل نفسه تماما عن العيلة وعن أبوه وأخوه ، وبعيد عن المزارع والمصانع ...
... كملى ياوداد ، انتى بتقطعى الكلام ليه ...
... أفهم الأول انتى مهتمة اوى كدة ليه ...
ارتكبت رانيا من سؤال وداد لكنها حاولت إلا تظهر ذلك
... تصدقى انا غلطانة انى سألتك اصلا ، مش عايزة اعرف منك حاجة ، اقفلى بقى ...
... استنى بس ، بهزر معاكى ، بصى ياستى ، نادر دخل فنون جميلة غصب عن أبوه ، ووقتها أبوه حلف انه لو دخلها ، ملوش علاقة بيه ومش هيصرف عليه ، نادر عاند وصمم وبالفعل قدم ودخلها ، ولم هدومه وساب البيت ، فضل عند خاله فترة ، وبعدها خد شقة ايجار ، واشتغل عشان يعرف يصرف على نفسه وعلى كليته ...
... وبعدين ...
... كان بيرسم حلو اوى ، وفى آخر سنة تالتة ، اتعمل معرض فى الكلية ، زاره رسامين معروفين واساتذة جامعات أوروبية ، واتعرضت لوحاته فى المعرض ، عجبت ناس كتير منهم ، واتعرض عليه انهم يساعدوه يسافر ويكمل شغله فى أماكن مختلفة ، اختار ألمانيا ، ومن وقتها ، واسمه لمع فى الرسم ، لوحاته بيتعملها معارض ، وفى نفس الوقت بييجى مصر كأستاذ زائر للكلية هنا ، بيدى محاضرات منفردة يعنى ...
... والعيلة هنا ...
... محدش يعرف عنه حاجة ، بييجى زيارات بسيطة فى المناسبات وبس ...
... استنى عندك بقى ، أما هو محدش يعرف عنه حاجة ، انتى جبتى كل المعلومات دى منين ...
... ههههههههههه ، مش بقولك راح عاش عن خاله ...
... وانتى ايه علاقتك بكدة ...
... يانهار ابيض على الذكاء ، انتى ناسية أن حمايا يبقى خاله ، وابن خال رأفت جوزى وصاحبه اوى ، وعلى طول بييجى يزورنا ...
... نسيت فعلا ، خلاص ، شكرا ياوداد ...
... هو إيه ده ، هو ايه اللى شكرا ياوداد ، انتى ناوية على ايه اصلا ؟
... فى ايه ؟
... فى الموضوع ده ...
.. ولا حاجة ، قلتلك أن كل الحكاية أن البنت صعبانة عليا بالذات بعد ما أمها ماتت. ...
.. طيب ياست الحنينة ، هتعملى ايه بكرة ؟
... ولا حاجة ، هفضل فى البيت ، ويمكن أخرج اتمشى شوية ، الجو هنا حلو ...
... ماشى ، لو احتاجتى حاجة كلمينى ...
.... ماشى سلام ...
اتكأت رانيا على حافة السرير وهى تفكر فيما قالته وداد عنه ، ولماذا تفكر فيه ، والأهم لماذا لا تتركها عينيه وهو يتحدث اليها حتى الآن ؟
نفت هذه الأفكار من رأسها وهى تنهر نفسها وتقول ... نامى يارانيا ، نامى ، انتى مش واقعة اوى كدة ، أما واحد يكلمك مرة واحدة ، تقومى تباتى تفكرى فيه ...
........................................
فى نفس الوقت الذى كانت تتحدث فيه رانيا مع وداد ، كانت رضا تتحدث مع أختها وتخبرها بغضب رانيا وما قالته قبل أن تدخل وقرارها بأن لا تذهب إلى هناك غدا ، وما كان من الخالة ذات الدهاء إلا أن تقول :
... سيبيها ، احسن ، نشوف اذا كانت علقت معاه اما شافها ولا لأ ...
... واحنا هنعرف اذاى ..
... جرى ايه يارضا ، متفتحى دماغك كدة ، أن سأل عليها ، يبقى مهتم ، والموضوع وقتها يبقى سهل شوية ، وأن مسألش ، يبقى نشوف طريقة تانية ...
... عندك حق ، خلاص ، تصبحى على خير ...
...........................................
خطت أولى خطواتها داخل مركز التأهيل بصعوبة شديدة ، شيئا ما داخلها كدافع أجبرها على الحضور لهنا ، شيئا ما يقودها للدخول ،
هذا الشئ حاولت السيطرة عليه كثيرا ولم تنجح فى ذلك ،
بالطبع لم تدخل طبقا للسبب الحقيقى ، فلن يسمحوا لها بزيارة الفتاة إلا بعد استئذان والدها ،
دخلت على أنها زائر لأحد الطبيبات الموجودات فى المركز ، كما كانت تفعل وداد ، التى بدورها اتصلت بصديقتها لتسهل مهمة رانيا عندما اخبرتها رانيا انها ستذهب اليوم .
توقفتا الطبيبتان أمام باب الغرفة ، وقبل أن يدخلا استدارت دكتورة سامية لتواجه رانيا وقالت بطريقة جادة جدا ،
... دكتورة رانيا ، انا عايزة اقولك حاجة مهمة جدا ، مع انى مش فاهمة ايه هدفك من انك تفهمى كل حاجة عن حالتها ، وكل الأسئلة إللى سألتيها وطلبتى اجابتها، كل ده مش فارق معايا ، صحيح هى حالة نادرة ودى اول مرة اشوفها ،
اللى يهمنى طريقة معاملتك ليها ، أميرة على الرغم من أنها رقيقة جدا ، إلا أنها فى منتهى الذكاء ، بتفهم اللى قدامها جدا ، وكمان مثقفة اوى ، يعنى أنصحك انك تاخدى الطريق المستقيم فى الكلام معاها ، دا اذا كنتى عايزاها توافق تسمحلك تقابليها تانى ، لأن للأسف الشخص اللى مبيعجبهاش مبيقابلهاش تانى ، فهمتينى. ..
.. يعنى أتعامل معاها اذاى ...
... قولتلك ، خليكى صريحة ، متاخديش طريق الشفقة والصعبانية معاها ، من الآخر ، اتكلمى معاها على أنها شخص عادى جدا ...
... هحاول ...
... اوكى ، اتفضلى ...
طرقت دكتورة سعاد الباب ثم فتحته ، ودخلت ومن خلفها رانيا وهى متوجسة خيفة من هذا اللقاء ،
كان الكرسى المتحرك مواجه للشباك وظهره لباب الغرفة ، فلم تراها فور دخولها ، وكانت تجلس بجانبها ممرضة وفى يدها كتاب ، يبدوا انها كانت تقرأ لها منه ،
رغم أنها لم ترها إلا أنها سمعت صوتها وهى تقول ... اتفضلى يادكتورة سامية ...
كان صوتها حقا طفولى ورقيق جدا ،
ضحكت سامية وتقدمت منها وهى تقول
... ههههههههه بجد هتجنن واعرف انتى بتعرفينا من بعض اذاى ، وانتى مش راضية تقوليلى. ..
.. سر المهنة يادكتورة ، عايزانى اقولك عليه ازاى ..
... أه فعلا عندك حق ، بس مسيرى هعرف ، قوليلى بقى ، بتقرى ايه انهارضة ؟
... قوليلى انتى الأول ، مين اللى معاكى ووقفت ورايا دى ...
اعتدلت أميرة ونظرت لرانيا وكأنها تقول
،، مش قولتلك ،،
... دى رانيا ، صاحبتى ، سمعت عنك واد ايه انتى جميلة ورقيقة ومثقفة ، صممت تقابلك ، بس تقريبا هى مكسوفة ...
... بتعرفى تذوقى الكلام يادكتورة ، بس مش اوى ، قولى الحق ، هى دكتورة وعايزة تدرس الحالة ، ولا حد من عيلتى زى طنط وداد كدة ، اللى قلتى برده عليها صحبتك. ..
رفعت سامية عينيها لرانيا مرة أخرى وبنفس النظرة وبنفس المعنى ،
لكن هذه المرة من أجابت هى رانيا وهى تستدير لتواجه أميرة ،
... الاتنين ...
رؤيتها لوجه أميرة جعلها تتنهد ، فتاة لا يزيد عمرها عن الثالثة أو الرابعة عشر ، رائعة الجمال ، الجمال المصري الأصيل ، وليس الجمال الغربى ، بشرة صافية بوجه مستديرة ، وعيون رمادية واسعة ، أنف صغير ، وشفاة مكتنزة وصغيرة الحلقة كخاتم سليمان ، بالإضافة لشعر اسود قاتم وناعم ، قصة منه مفرودة على أحد جانبى جبهتها ، والباقى كله متجمع ومنزلق على أحد جانبى رقبتها ومربوط بطوق صغير حتى لا يزعج تثبيت رأسها على الكرسى .
لكن للأسف ، كل هذا مع رأس مثبت على ظهر الكرسى العالى مع تثبيت باقى جسدها بأربطة فى الكرسى ، حتى زراعيها ،
لا يتحرك من الفتاة غير حدقتا عينيها من جانب لآخر ، واصابع يدها مثبتة على لوحة صغيرة بها أزرار لتحرك بها الكرسى الذى تجلس عليه ،
حاولت رانيا تمالك نفسها و تابعت كلامها
.. الاتنين ، دكتورة وفى نفس الوقت قريبتك ، ولما عرفت ان دكتورة سامية موجودة هنا ، قلت اجى اشوفك ، ومش عشان ادرس الحالة زى ما بتقولى ، لأنى بيطرى اصلا ، جيت عشان عايزة اشوفك انتى ...
تأملتها أميرة لثوانى دون أن ترد ثم قالت
... ليه ؟
اسألة هذه الفتاة حقا قوية ومربكة ،
... هو ايه اللى ليه ؟
... عايزة تقابلينى ليه ؟
الصمت كان الطاغي على المكان بعد هذا السؤال ، فرانيا لم تكن تعرف ماذا تخبرها ؟
هل تخبرها الحقيقة ، لكن ما هى الحقيقة من الأساس ، حتى رانيا نفسها لم تكن تعرف سببا لكل ما تفعل ،
بادرتها أميرة بسؤال أصعب قائلة ،
... بلاش السؤال ده ، مع الوقت هعرف إجابته ، قوليلى انتى جاية من عندنا ؟
... عندكم منين ...
... عندك حق مينفعش أقول عندنا عشان مبقاش ، جاية من بيت أهلى ...
استشعرت رانيا الحزن والأسى من كلام أميرة ، يبدوا انها حزينة من وجودها فى هذا المكان ، وبعيدة عن أسرتها ،
... ايوة ، انا جاية من هناك ...
... تعرفى اى أخبار عن ماما ، هى كويسة ولا لأ ...
كان هذا السؤال هو حقا من جمد جسد رانيا تماما ، ولم تعد قادرة على الحركة والكلام لثوانى متواصلة ، الآن كيف ستخبرها عما حدث ، وأن لم تخبرها ، ماذا ستقول ، الفتاة لماحة وستكتشف كذبها بسهولة .
لم ينقذها غير صوت الشخص الواقف على الباب وهو يقول ... مساء الخير ...
وكما فوجئت رانيا به ، تفاجأ هو الآخر بوجودها ،
هنا أتى صوت أميرة بفرحة ... عمو نادر ؟
يتبع