رواية انا لها شمس الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم روز امين
كيف استطعت أن تسحبني من عالمي إلى عالمك الساحر بتلك السلاسة وتجعلني أتنازل عن أشياءًا وأتقبل أفعالاً ما كنت أتقبلها بالماضي،صدق من قال الحب يصنع المعجزات ويجعلنا نبدو كأشخاصًا لا يشبهوننا ونتنازل عن أشياءًا كنا نرفضها وبقوة بزماننا الفائت،فهنيئًا لي بقلبك أيها الوسيم القوي وهنيئًا لقلبك على إمتلاكه لجوارحي.
إيثار غانم الجوهري
بقلمي روز أمين
+
في منزل غانم الجوهري
يجلس منزوي على حاله فوق الأريكة،فمنذ أن خرج من الحجز منذ ثلاثة أيام وهو يغفى فوق تلك الأريكة المتواجدة ببهو الطابق الأرضي،لم يصعد إلى مسكنه مع تلك الخائنة خشيةً بأن يذكره كل ركن بها كم كان مغفلاً غافلاً بكل ما حوله،تجاوره منيرة التي تبكي ليلاً ونهارًا ولم تجف دموعها تأثرًا لما وصل إليه نجلها البكري المقرب لقلبها، فقد ترك شعر ذقنه ينمو بكثرة ليجعل من مظهره مبعثرًا وفقد كثيرًا من وزنه بسبب حالة القهر التي أصابتها على حاله وهو يتخيل حديث الناس عن الرجل المخدوع الذي عاش سنواتًا مع إمرأة لا يعرف خباياها،أقبلت نوارة عليهما ممسكة بين يديها حاملاً عليه بعض صحون الطعام وتحدثت بنبرة حماسية كي تزيل من همه ولو قليلاً:
-عملت لك المسقعة اللي بتحبها يا أبو غانم،من حلاوتها هتاكل صوابعك وراها
+
حاوطت منيرة كتف نجلها وباتت تتحسسه بحنو وهي تقول:
-يلا يا عزيز مد إيدك وكُل
نطق بصوتٍ خافت والحزن والخزي يملأن ملامح وجهه:
-مليش نفس يا اما
بصوتٍ متألم ردت منيرة:
-لازم تاكل يا ابني،إنتَ مش شايف شكلك بقى عامل إزاي؟
أجابها بكسرة وهو ينكس رأسه للأسفل:
-هجيب النفس للأكل منين يا اما
ليسترسل بحزنٍ ظهر بعينيه:
-البلد كلها مبقلهاش سيرة إلا على البقف اللي مراته كانت مستغفلاه وكانت السبب في خراب بيت أخته وقبضت التمن
+
بعينين تشتعل غضبًا هتفت منيرة بلهجة حادة أظهرت كم الغيظ الساكن بداخلها:
-أهي ربنا انتقم منها ودفعت التمن من حياتها، والحرباية التانية إتقبض عليها وان شاء الله يشنقوها ونخلص منها
لتستطرد بعينين تطلق شزرًا:
-الإتنين طلعوا أوطى من بعض، واحدة كانت عاملة فيها صاحبتها والتانية عايشة في وسطنا و واكلة خيرنا وهي خاينة عيشنا وملحنا
وضعت نوارة ما بيدها بجوار منيرة وتحدثت بهدوء:
-خلاص بقى يا مرات عمي،الكلام مش هيفيد بحاجة غير إنه هيزود نار أبو غانم، إذكروا محاسن موتاكم
هتفت من بين أسنانها بحقدٍ دفين:
-وهي دي كان ليها محاسن،إلهي يكحمها مطرح ما راحت بحق ما خربت بيت بنتي وشتت الكل
واسترسلت بذهول وعدم استيعاب لما فعلته زوجة نجلها الراحلة:
-أنا مش قادرة أصدق ودماغي هتشت مني،الطماعة علشان شوية فلوس ضيعت من جوزها شغله مع الحاج نصر اللي كان هيعيشنا في عز وهنا منحلمش بيه
نطق عزيز بنبرة حادة وسباب:
-بنت الـ... مهمهاش موت أخوها بسبب الفلوس ورجعت تطلب من العقربة اللي اسمها نسرين فلوس تاني، المصيبة إنها مااستفادتش بمليم واحد من الفلوس اللي اخدتها
+
-الله لا يسامحها دنيا ولا إخرة على اللي عملته فينا...قالتها منيرة لتنسحب نوارة إلى الخارج،استرسلت بنبرة حنون وهى تضع الصينية على ساقيها لتحثه على المبادرة بتناول الطعام:
-يلا يا ابني كُل لك لقمة واطلع استحمى وغير هدومك دي
واسترسلت بقوة:
-ومن بكرة عاوزاك تطلع وتروح أرضك وتشوف مصالحك، كفاية قعاد في البيت لحد كده، إنتَ مش عامل عاملة علشان تستخبي في البيت
تنفس بهدوء قبل أن يوجه بصره لها لينطق بخزيٍ:
-حقك عليا يا اما،أنا جيت عليكِ وعلى اخواتي بعد موت أبويا وكله بسببها
واسترسل بهراءٍ ليلقي طمعه وجشعه على زوجته الراحلة كي يتنصل من ذنوبه:
-كانت دايمًا تسخني عليكم بكلامها وأنا من خيبتي مشيت وراها
+
تنهدت بألم حين تذكرت تلك الأيام العجاف التي تذوقت فيهم طعم الذل والمرار على يد نجلها الذي وهبته كل ما تملك من حنان ومدته بكل دعمها وما تملك من سلطة داخل المنزل وبالأخير كانت هي أول من تَجبر عليها بقوته بعد رحيل والده
+
**********
أما بمنزل نصر البنهاوي،يجلس بصحبة أنجاله الثلاث والمحامي يتحدثون لكي يجدون مخرجًا لتلك الـ "سُمية"لا لأجلها فهي بالأساس لا تعني لهم أي شئ،جل ما يشغل بال نصر الأن هو الإنتخابية البرلمانية التي اقتربت وفقط،تحدث المحامي بأسى:
-كل اللي بنعمله ملوش لازمة قصاد إعترافها يا حاج،سمية يادوب إعترفت من هنا وتاني يوم المحضر اتحول للنيابة واخدوا أقوالها في عدم وجودي ومن غير حتى ما يبلغوني
واستطرد مشككًا:
-الموضوع تم بسرعة تخوف،الظابط صاحبي اللي في قسم المركز قال لي إن جالهم أوامر عُليا بسرعة الإجراءات،حتى سُمية كانت هتلغي إعترافها وتنكر زي ما أنا فهمتها واتفقنا،بس بتقولي إنهم كانوا مسجلين لها الإعتراف في القسم وعرضوه عليها وحطوها تحت ضغط نفسي لحد ما أعترفت قدام وكيل النيابة اللي أخد أقوالها
+
حك ذقنه وتحدث بعينين تطلق شزرًا:
-هو فؤاد علام مفيش غيره،الراجل ده مش هيسكت إلا لما يجيب نهايتي
هتف عمرو بحدة بالغة أظهرت كم استشاطته وناره المستعيرة:
-ما أنتَ لو سمعت كلامي وخليتني أأجر عيل يخلصنا منه بطلقة مكناش وصلنا للي إحنا فيه ده
إحتدمت ملامحه وامتلئت بالغضب الحاد ليهتف هادرًا:
-إخرس يا بقف ونقطنا بسكاتك،أصلاً كل اللي المصايب اللي إحنا فيها دي بسبب عمايلك السودة
رمق أباه بحدة والتزم الصمت كي لا يثير غضبه أكثر فتحدث المحامي من جديد:
-أهم حاجة نشوف موضوع وصل الأمانة بتاع عاملة النظافة اللي الشرطة لقيته في دولاب نسرين قبل ما يستدعوها
+
كانت الشرطة قد عثرت على وصل أمانة بمبلغ خمسون ألف جنيهًا مصريًا بداخل خزانة سمية باسم عاملة نظافة بالمستشفى العام التابعة للمركز وتُدعى ميرفت وبعثت لها استدعاءًا للإستجواب بعدما أنكرت سمية معرفتها وعلاقتها بذاك الوصل، لكنها كانت خارج المدينة حيث انتقلت إلى محافظة الإسكندرية لزيارة أحد أقربائها واليوم فقط قد عادت إلى منزلها فاستغل نصر حضورها وبعث لها مرسولاً ليجلبها ويستفسر منها لما أعطت زوجة نجله هذا المبلغ وما المقابل وذلك بعد إنكار سمية للمحامي وامتناعها عن الإجابة على أسئلته بشأن ذلك الوصل،ليتحدث طلعت بنبرة جادة:
-أنا بعت لها الغفير وزمانه جايبها وجاي