اخر الروايات

رواية انا لها شمس الفصل االاربعون 40 بقلم روز امين

رواية انا لها شمس الفصل االاربعون 40 بقلم روز امين





لم أكن يومًا أغار كنت أسير في الحياة بتبخترٍ كالطاووسِ وأعبر طرقاتها كالإعصار،لم يشغلني أحدًا ولم أرى من هو أفضل مني ليجعلني أغار،وطالما رأيت أن الغيرة دليلاً على الضعف وعدم الثقة والإنكسار، لكنني في حبك قدمت لحالي ألف وألف إعتذار، على سوء فهمي لكثيرًا من الأشياءِ، فبرغم بلوغي ووصولي لهذا السن المتقدم إلا أنني أعترف وأعلنها صراحتًا، أنني أغار.

7


فؤاد علام زين الدين 
بقلمي روز أمين

+


تملل بغفوته ليتعجب حين لم يشعر برأسها تسكن أحضانه ككل يوم وكأن هذا ما أيقظه من نومه العميق،فتح عينيه يبحث عنها ليتفاجئ بعدم وجودها بالفراش، سحب جسده للأعلى ونظر لشاشة هاتفه يستعلم عن الوقت فوجد الساعة لم تتخطى الخامسة فجرًا بعد،على الفور ترجل من فوق الفراش وانطلق نحو باب الحمام ليطرقه بخفوتٍ وحين لم يجد ردًا أمسك المقبض وأداره فلم يجدها أيضًا،إرتفع صوته وهو ينطق باسمها: 
-إيثار، حبيبي إنتِ فين؟ 
قالها وهو يتجول سريعًا داخل الجناح باحثًا عنها حتى وصل للبهو ليهدأ خوفه ويتسمر بوقفته حين وجدها تركع فوق سجادة الصلاة بخشوعٍ مرتدية الثياب الخاصة بالصلاة«الإسدال» تنفس بهدوء وتحرك نحو المقعد القريب منها وجلس يتأملها حتى انتهت من الصلاة والدعاء فهب واقفًا ليبسط ذراعه يساعدها على النهوض لتنطق هي بعينين أسفتين: 
-أنا أسفة يا روحي،شكلي قلقتك
وقف بوجهها لينطق بعينين تشع حنانًا: 
-ولا يهمك يا حبيبي
ليسترسل وهو يتفحص ملامحها الذابلة بارتيابٍ: 
-إنتِ كويسة؟ 
تنهدت لتقول بنبرة خافتة كي تطمئنه: 
-الحمدلله 
-مالك يا بابا...قالها بتوجسٍ ليتابع متلهفًا وهو يرى إعيائها الشديد: 
-فيه حاجة وجعاكِ؟! 
نطقت وهي تحتوي وجنته بلمساتٍ حنون: 
-متخافش يا حبيبي أنا كويسة،كل الحكاية إني قومت من النوم لقيت نفسي عاوزة أرجع فروحت الحمام رجعت وأخدت شاور وصليت الفجر

+


رأت بعينيه ألمًا لأجلها ولومًا لحاله على تلك الحالة التي وصلت لها بفضل حملها بجنينه فتحدثت كي تزيل عنه ذاك الشعور: 
-حبيبي أنا كويسة والله 
حاوط كفها الموضوع على وجنته وقربها من فمه ليضع قبلة حنون قبل أن يسحبها وهو يقول: 
-طب يلا يا عمري علشان تكملي نومك
تحركت بجواره ليدثرها تحت الغطاء ويجاورها بعد أن أسكنها بأحضانه لتغمض عينيها بسكون، ظل يحدثها حتى دخلت في سباتٍ عميق من جديد فأغمض هو الأخر عينيه ليغفو 

+


                                     ***********
بمنزل نصر البنهاوي وبالتحديد داخل مسكن حُسين،كان غافيًا بجانب زوجته فشعرت هي بأقدام تتقدم ناحيتها فتحت عينيها سريعًا لتجدها تلك الطفلة المسكينة "زينة"إبنة عمرو فقد إتخذتها مروة لتسكن معها بغرفة إبنتها بعدما تم حبس والدتها وكالعادة عمرو لم يسأل عن حالها، فدائمًا يراها إبنة الخطيئة التي دمرت حياته ولولاها لكانت إيثار وصغيره مازالا يمكثان في كنفه وداخل أحضانه،تحدثت الصغيرة بعينين مكسورتين: 
-أنا عاوزة أغير هدومي
تطلعت مروة عليها لتجد الصغيرة متبولة على حالها فهي تعاني من التبول اللاإرادي نتيجة معاملة والدتها القاسية لها وغياب دور الأب بحياتها،للأسف نسبة كبيرة من المتواجدون بالمنزل يتعاملون معها مثل أبيها،"إبنة الخطيئة"لذلك أخذتها مروة واحتضنتها كي تزيل عنها شعور الضياع الملازم لها طيلة الوقت، هبت من مرقدها لتمسك كفها وتحدثت وهي تحثها على اتباعها: 
-حاضر يا قلبي 
ولجت بها لداخل الحمام ساعدتها على الإغتسال وبدلت لها ثيابها وخرجت لتنطق الصغيرة بهدوء: 
-أنا جعانة
تمزق قلب مروة على حال تلك المسكينة لتأخذها بأحضانها علها تزيل ولو قليلاً من حزنها العميق الساكن بداخلها وتحدثت بنبرة حنون جديدة على الطفلة: 
-حاضر،هدخل أعمل لك ساندوتش جبنة وأجيب لك تفاحة تاكليهم على ما أقوم سليم وليلى  وننزل علشان نفطر كلنا 
ابتسمت الصغيرة بخفوت، خرج حسين من الغرفة في طريقه للحمام فوجد زوجته تضع صحنًا به شطيرة وثمرة فاكهة وتقدمهما للصغيرة فتحرك إليها وحاوط كتفها وهو يقول: 
-ربنا يجازيكِ خير يا مروة،إنتِ أثبتي إنك بنت أصول بجد
تنهدت بحزن ظهر عليها وهي تطالع الصغيرة التي تتناول شطيرتها بنهم لتنطق بحزنٍ عميق: 
-الله يسامحه أخوك وأمها،جابوها للدنيا من غير حسابات ورموها 

32   
-الله يسامحهم...قالها بألم ليميل على الصغيرة يضع قُبلة حنون فوق رأسها وملس بكفه على شعرها لتواجهه بعينيها البريئة لينطق بحنو: 
-كُلي يا زينة، وأنا هبعت أجيب لك شيكولاتة إنتِ وسليم وليلى 
ابتسمت بخفوت ليعتدل بوقفته ويقول وهو يتوجه إلى الحمام: 
-هروح أتوضى وأصلي الضُحى 
                                    ***********
أما في شقة طلعت وياسمين،خرج من حجرة نومه بملامح وجه غاضبة ليجد زوجته تجلس فوق المقعد تبكي وتنتحب منذ الأمس حيث تشاجرا وخرجت لتقضي ليلتها ببهو المسكن، إقترب عليها ونطق بحدة وهو يشملها باشمئزاز: 
-وفري الدموع دي يا حلوة لليوم اللي هدخل عليكِ فيه بالعروسة الجديدة 

+


هبت من جلستها لتنطق بصوتٍ بح من كثرة بكائها ناهيك عن جفونها المنتفخة بفضل الدموع التي زرفتها،فقد ظلت تبكي طوال الليل منذ أن أخبرته بما علمته بشأن الجنين،حيث أخبرتها الطبيبة أنها ستنجب أنثى للمرة الرابعة: 
-حرام عليك يا طلعت،أنا مليش ذنب علشان تعاقبني وتتجوز عليا
واسترسلت تعلمه بما قصته عليها الطبيبة: 
-الدكتورة قالت لي إن جوزك هو المسؤل عن نوع الطفل وإني مليش أي علاقة بالموضوع ده 
لم تكمل جملتها ليباغتها بصفعة قوية نزلت على وجنتها زلزلت كيانها بالكامل،ثم أمسكها من ذراعها ليهزها بعنف قائلاً بعينين تطلق شزرًا: 
-لو سمعتك بتقولي الكلمة دي تاني هدفنك صاحية ولا حتى بناتك هيشفعوا لك عندي 
ليدفعها بقوة ارتمت أرضًا على أثرها وهو يقول بتهديدٍ مباشر: 
-مفهوم
تحرك للأسفل وتركها غارقة بدموع القهر 

+


                                    ***********
تملل على صوت التنبيه الخارج من الهاتف المحمول ليمد يده سريعًا يغلقه كي لا يزعج خليلة روحه،سحب ذراعه من تحت رأسها بهدوءٍ وتسحب كي لا يوقظها،ولج إلى الحمام إغتسل وتوضأ وصلى فرضه ثم ارتدى ثيابه وقبل أن يخرج مال على وجنة تلك النائمة ليقبلها بولهٍ ثم تحرك إلى الأسفل وما أن هبط من فوق الدرج وجد شقيقته تخرج من المطبخ بعد أن أشرفت على العاملات واوصتهم على الإسراع في تجهيز سُفرة طعام الإفطار،تحرك باتجاهها ليأخذها بحضنه ويميل مُقبلاً رأسها بحنان وهو يقول: 
-صباح الخير يا حبيبتي 
برغم أنها حزينة على موقفه الحاد وتصرفه بشكلٍ غير لائق مما أحرج زوجها ووضعه بموقف لا يحسد عليه إلا أنها ابتسمت بخفوت لتجيبه بنبرة حنون: 
-صباح النور يا فؤاد
ثم سألته مستفسرة: 
-إيثار منزلتش معاك علشان تفطر ليه؟ 
تنهد بأسى ثم أجابها بملامح وجه يبدو عليها التأثر: 
-إيثار نايمة،الحمل تاعبها قوي يا فيري وطول الوقت بترجع، ما صدقت إنها نامت محبتش أزعجها
أجابته بحنان للتهوين على قلب شقيقها العاشق: 
-مرحلة وهتعدي يا حبيبي،دي شهور الوحم الأولى وعلى ما تخلص هترجع لطبيعتها
ثم استرسلت كي تطمئن قلبه: 
-أنا هخلى عزة تجهز لها الفطار وهطلع لها بنفسي على الساعة عشرة تكون أخدت كفايتها من النوم
تعمق بعينيها بامتنان لينطق شاكرًا: 
-متشكر يا حبيبتي،ربنا يخليكِ ليا 
-ويخليك ليا يا فؤاد...نطقتها بابتسامة واسعة وصدقٍ بعد محو حديثهُ معها لحزنها منه،حاوط كتفها وتحرك كلاهما صوب غرفة الطعام لينضما لباقي الأسرة يتناولون طعام الإفطار
بعد قليل خرج من باب القصر ليتوجه إلى الجراچ، إنتبه على صوت والده من خلفه،إلتفت ليتحرك علام باتجاهه وحاوط كتفه يحثه على التحرك للأمام،نطق مستفسرًا: 
-إنتَ كويس؟ 
-الحمدلله يا باشا،أنا تمام... قالها بهدوء ليسترسل متعجبًا: 
-بس ليه حضرتك بتسأل؟! 
-بطمن على إبني...نطقها مبررًا ليتابع بنظرة عاتبة:
- مش من حقي ولا إيه؟! 
نطق سريعًا بحصافة: 
-لا طبعاً يا باشا حقك طبعاً 
تنهد بهدوء ليسألهُ: 
-طب بمناسبة الحقوق أظن من حقي أعرف إيه اللي مغيرك بالشكل ده من ناحية جوز أختك؟ 
قطب جبينه ليسأل بمراوغة: 
-إيه اللي خلاك تقول كده يا باشا؟ 


نطق بدون تفكير: 
-حالة الجنان الرسمي اللي شفت إبني العاقل الرزين عليها إمبارح
هتف باستهجان ظهر بَيِن فوق ملامحه:
- هو علشان عندي نخوة وغيران على مراتي أبقى خلاص اتجننت؟!
تجاهل حديثه المستهجن ليسأله بوضوح: 
-إيه اللي جد أنا معرفوش وعمل شرخ بينك وبين ماجد يا فؤاد؟ 
أغمض عينيه ثم أخذ نفسًا عميقًا ليجيبهُ بوضوح: 
-البيه كان متعشم هو وأهله وطمعان يورث عرش علام زين الدين وإبنه اللي عاشوا يبنوا فيه طول عمرهم
قطب جبينه بعدم استيعاب ليهتف الأخر بغضبٍ ظهر بعينيه المشتعلة: 
-سمعته بوداني يوم عزومة عمي أحمد في مزرعة الخيل،كان بيتكلم مع مامته في التليفون وأتاريهم كانوا راسمين على كده من زمان 
وبدأ يقص عليه ما استطاع إكتشافه بفطانته من تلك المكالمة ليأخذ علام نفسًا مطولاً ليزفره بهدوء قبل أن ينطق بكلماتٍ عقلانية لرجل حكيم رأى في الدنيا ما أوصلهُ لذاك النضوج الفكري: 
-كل اللي قولته دي طبيعي يا ابني،دول في الأول والأخر بشر،والبشر خطائين، وبعدين الناس لا فكروا في أذيتنا لاسمح الله ولا حتى سعوا لأي حاجة توصلهم لمبتغاهم
ثم رفع كتفاه بلامبالاة ليتابع: 
-الظروف كلها والشواهد كانت بتقول إن كل ما نملك هيوصل في نهاية المطاف لأولاد فريال،وإصرارك العجيب ورفضك للجواز خلى ماجد وأهله غصب عنهم يفكروا في الموضوع ده
نطق بارتياب ظهر بعينيه: 
-وإيه اللي يضمن لحضرتك إن الدكتور المحترم ما يحاولش يأذي مراتي ويخسرني إبني؟ 
رد على تساؤل نجله بثقة هائلة: 
-مش هيحاول لسبب بسيط،ماجد إبن عيلة وأصيل وأهله مش محتاجين فلوسنا علشان يدبروا لنا خطط ومؤامرات،متنساش إني سألت عليهم بنفسي وعملت تحرياتي وقت ما ماجد أتقدم لخطبة فريال
نطق بحدة ظهرت بصوته: 
-بس دول طمعوا وفكروا يا باشا، وحتى لو معاهم ومش محتاجين ده مش مبرر إنهم ميفكروش، البحر دايمًا يحب الزيادة 
أجابه علام بمنطقية كي يهدأ من ثورته: 
-يا ابني البني أدم خطاء،يعني هو الشيطان هيقعد يتفرج ويسيب الناس في حالهم كده عادي، مش لازم يغوي ده ويخلي ده يدخل في طريق الذنوب وهكذا
وتابع مسترسلاً بتوصية:
-أنا مش عايزك تتأثر باللي حصل وتغير طريقتك مع جوز أختك، على الأقل علشان خاطرها هي وأولادها
سأله بغيرة ظهرت بعينيه: 
-وبالنسبة لمراتي؟!  
نطق مستفسرًا: 
-مالها مراتك؟ 
-يا بابا مراتي مش واخدة حريتها في البيت، طول الوقت متكتفة بحجابها ولبسها وحضرتك شفت اللي حصل إمبارح...قالها بضيق لينطق بحدة وغيرة جديدين عليه: 
-المفروض الدكتور المحترم لما نزل وشاف مراتي تعبانة وراقدة على الكنبة كان خرج في الجنينة لحد ما اتعدلت وقعدت كويس، لكن المنظر اللي أنا شفته ده مش مقبول بالنسبة لي

4


سأله والده باستعلام: 
-مراتك هي اللي إشتكت لك؟ 
أجابه سريعًا لينفي: 
-لا طبعاً، إيثار لا اشتكت ولا عمرها هتشتكي
أخذ نفسًا عميقًا ليتابع موضحًا: 
-إيثار عاشت ظروف قاسية تخليها تتحمل تعيش جوة النار من غير ما تشتكي
تطلع والده بتمعن ليسترسل هو: 
-عزة حكت لي عن الحياة اللي عاشتها في بيت نصر البنهاوي وكم الذل والمهانة والأذى النفسي اللي إتعرضت له من ناس مريضة 
نطق بغصة مرة وقفت بحلقه: 
-مراتي شافت كتير قوي يا بابا وحقها عليا إني أريحها وأوفر لها حياة هادية مستقرة من غير أي حاجة تنغص عليها حياتها
سأله بجبينٍ مقطب: 
-إنتَ عاوز إيه يا فؤاد، بتفكر في إيه؟ 
-لسه مش عارف يا باشا...قالها بصدقٍ لصعوبة حل تلك المعضلة ليتابع بجدية: 
-لازم أتحرك علشان ألحق مواعيد شغلي
أشار علام بيده: 
-كلامنا لسه مخلصش
أومأ له بموائمة وتحرك صوب السيارة ليستقلها منطلقًا إلى عمله


بنفس التوقيت داخل منزل نصر البنهاوي 
يجلسون جميعًا يتناولون الطعام فاستمع نصر لصوت الغفير الخاص به يهتف صائحًا بتهليل: 
-يا سعادة النايب، يا حاج نصر
زفر بضيق لينطق بصوتٍ مرتفع كي يصل إلى ذاك الصائح: 
-تعالى يا جلاب المصايب وقول ما عندك
ولج الغفير وتبادل النظرات بينه وبين إجلال المبتسمة لعلمها ما سيخبره به: 
-فيه حاجة حاصلة في البلد ولازم جنابك تعرفها

+


تطلع عليه ليهتف بسخطٍ وحدة: 
-أنا عارف إن دخلتك الشوم دي وراها مصيبة، قول وخلصني

+


نطق بكلماتٍ متلبكة خشيةً من غضب سيده المتجبر: 
-صور هارون بيه إبن عم الست إجلال مالية شوارع البلد، والمركز كله ملهوش سيرة إلا على ترشيحه في الإنتخابات قصاد جنابك 

+


جحظت عينيه بحدة هو وانجاله الثلاث وبلحظة تحولت لمشتعلة وهو يقول بعدم استيعاب: 
-إنتَ بتقول إيه يا واد، هارون مين ده اللي يتجرأ ويترشح قصادى

+


قاطعه صوت إجلال الصارم وهي تقول بحدة وعينين تطلق سهامًا نارية: 
-متنساش نفسك يا حاج نصر وإنتَ بتتكلم عن الحاج هارون إبن أخو الحاج ناصف

5


تطلع عليها نصر غير مستوعبًا حديثها ليهتف طلعت بعدما انتفض من مقعده وهب واقفًا بعصبية: 
-هو ده وقت الكلام ده يا ستهم،إنتِ مش سامعة الغفير بيقول إيه 

+


نطقت بلامبالاة وهي تتناول إحدى اللقيمات وتمضغها بهدوءٍ ثار تساؤلاتهم جميعًا: 
-سمعت يا حبيبي،وإهدى بقى إنتَ وأبوك وإقعدوا كملوا فطاركم

+


-إخفي من وشي وإطلع على برة...قالها نصر قاصدًا الغفير ليطالع إجلال بنظراتٍ تشكيكية ويسألها:
-إنتَ كنتي عارفة بإن إبن عمك هيترشح قصادي؟!
بكل جبروت نطقت:
-أه كنت عارفة، وأنا بنفسي اللي خليت المحامي يقدم ورق الترشيح إمبارح
جحظت عينيه وعين عمرو الذي هتف بحدة واعتراض:
-كلام إيه اللي بتقوليه ده يا ماما،إزاي تعملي حاجة زي كده؟! 

2


تعالت أصوات أنجالها الثلاث وهم يلقون باللوم عليها تحت صدمة نصر ونظراته الزائغة فانتفضت من مقعدها بحدة أوقعت المقعد لتنطق بجبروت وهي تُشير إلى مروة وياسمين: 
-كل واحدة فيكم تاخد عيالها وتطلع على فوق، يلا
نطقت كلمتها الاخيرة بسخطٍ لتهرول كلاً منهما بتخبط تسحب أطفالها وأيضًا حملت مروة إبنة عمرو وهرولوا ليصعدوا الدرج سريعًا،أما إجلال فنطقت بقوة وهي تتحرك لغرفة جانبية:
-وإنتوا،تعالوا ورايا
ولج الجميع ليجدوها واقفة كالأسد الذي يستعد للإنقضاض على فريسته،ولج نصر والصدمة مازالت تعتلي ملامحه لينطق بصوتٍ خافت وعينين لائمتين:
-ليه؟!
قولي لي سبب واحد يخليكِ تخونيني وتطعنيني في ظهري يا إجلال؟!
وإلى هنا لم تستطع الصمود أكثر لتهتف بصراخ أنثى طعنت على يد من إختارته وسلمته روحها عن طيب خاطر وما تركت شيئًا يرفع من شأنه إلا وفعلته وبالاخير فضل عليها أخرى من النساء:
-علشان طلعت واطي وعديم الأصل، عضيت الإيد اللي إتمدت لك بالخير 
-ماما...نطقها عمرو معترضًا على إسلوبها المهين لوالده لتكمل هي بعينين بهما غضبًا سيحرق أمامه الأخضر واليابس: 
-الخسيس أبوكم طلع متجوز عليا ومستقرضني ليه خمس سنين
نزلت كلماتها الغير متوقعة عليه كصاعقة كهربائية شلت جميع حواسه،اتسعت عينيه بقوة وارتجف جسده لينطق بخفوتٍ: 
-مين اللي وصلك الكلام الفارغ ده؟ 

1



        
          

                
هتفت بقوة وغضب العالم أجمع قد تجمع بعينيها: 
-العقد العرفي اللي متجوز الجربوعة بتاعتك بيه وصلني لحد عندي على التليفون
لتسترسل والغل والحقد يتأكلان من قلبها ويقطعاه لإربًا: 
-لولا إبن الـ.... اللي بعت لي العقد شطب على إسم أبو البنت كان زمانك واخد عزاها من زمان
وكان فؤاد قد شطب على اسم عائلة شذى بالعقد حرصًا منه على عدم الوصول إليها وإيذائها على يد تلك المجرمة،إتسعت أعين أنجاله وتحولت إليه باتهام لينطق حسين متسائلاً: 
-الكلام اللي أمي بتقوله ده حصل يا أبا؟! 

+


استجمع قواه ليهتف مستنكرًا بصوتٍ واثق اصطنعهُ بصعوبة بالغة: 
-محصلش يا حسين،ده أكيد حد عاوز يوقع بيني وبين أمك، والحد ده هارون لأن هو الوحيد اللي ليه مصلحة في كده

+


كانت مستعدة لكشف كذبه وإنكاره فأخرجت هاتفها ووضعته أمام أعين الجميع على الفيديو الذي وصلها من فؤاد لينصدم الجميع وأولهم نصر الذي نطق بوجهٍ شاحب كالموتى وخزيٍ من أنجاله: 
-مين اللي وصل لك الفيديو ده؟ 
ألقت بالهاتف أرضًا لتنطلق صوبه بهجومٍ ضاري وباتت تهزه من تلابيب جلبابه وهي تصيح: 
-هو ده كل اللي همك يا واطي،رايح تتجوز عليا عيلة قد عيالك يا شايب يا عايب، تتجوز على ستك وتاج راسك وراس أهلك بالنفر، ومتجوز مين، رقاصة يا مهزق؟ 

3


لم يستطع الدفاع عن حاله من كثرة المفاجأت التي قذفتها بوجهه والتي علمت بها عن طريق فؤاد،فبات يهتز بيدها كخرقة بالية مستسلمًا لهزاتها العنيفة التي تنفث بها عن غضبها العارم،هرول أنجاله الثلاثة كي ينقذوا والدهم من قبضة تلك التي تحولت إلى غولٍ ليلحق بهم غضبها وباتت تضرب بقبضتها كل من يقترب منها ليقف طلعت خلفها ويلف ذراعيه القوية على جسدها كي يستطيع التحكم بحالة الهياج التي أصابتها لتصرخ بقوة ونجلها يعود بها للخلف: 
-هدمرك يا واطي،وزي ما عملتك عن طريق أهلي ههدك برضه عن طريقهم،ما أبقاش إجلال بنت الحاج ناصف إن ما رجعتك شحات زي ما كنت
أمسك حسين كف ذاك المذبهل ليحثه على الخروج: 
-تعالى معايا يا ابا،يلا نروح المزرعة على ما امي تهدى 
خرج سريعًا بصحبة نجله تحت صرخاتها التي تدل على وصولها للمنتهى من الجنان،وقف طلعت أمامها لينطق في محاولة منه لتهدأتها بعد أن تركها: 
-إهدي يا ستهم وخلينا نفكر بالعقل،كرسي البرلمان مش لازم يخرج من إيد أبويا،كده هيبتنا في البلد هتروح 
هتفت بفحيحٍ كالأفعى: 
-وهو ده المطلوب يا طلعت،أنا هرجعه شحات زي ما اتجوزته

1


قال بتعقل: 
-بس إنتِ كده مش هضريه لوحده يا ستهم، إنتِ كده بتدمرينا كلنا
واسترسل بخبثٍ اظهر انانيته: 
-لو كان لازم تنتقمي منه كنتي قدمتي لي أنا، واهو على الأقل الكرسي مكنش خرج من البيت 
هتفت من بين أسنانها مبررة بحقدٍ ضاري: 
-مكنش هيتوجع،أنا قصدت إن هارون بالذات هو اللي ياخد الكرسي علشان أذله وأدوقه من نفس الكاس اللي شربني منه
ارتمى عمرو على المقعد ليضع رأسه بين كفيه بأسى على ما وصل له الجميع


قاد حسين السيارة ليجن جنون نصر وهو يري تلك اللافتات الدعائية الإنتخابية الخاصة بهارون وهي تملئ الشوارع وصوره الملصوقة على جميع الحوائط ومازاد جنونه هو إزالة جميع اللافتات والصور الخاصة به وإلقائها على الأرض ليدهسها المارة تحت أحذيتهم بشكلٍ مهين،صرخ بعلو صوته وهو يسب ويلعن لينطق حسين بتهدأة:
-إهدى يا حاج،إنتَ مش قليل بردوا وليك ناس كتير هتنتخبك
صرخ بعلو صوته: 
-محدش هيجرأ يدي لي صوته طالما اللي مترشح قصادي من عيلة أمك يا حسين،هما خلاص،حطوا إديهم في إدين بعض وإتفقوا على تدميري
وتحدث وهو يضع كفه على ذقنه بتفكر:
-بس ده بعدهم،مش نصر البنهاوي اللي يقف يتفرج وهو متكتف على حد بيدمروا،واحدة بواحدة والبادي أظلم يا هارون

+


وصل إلى المزرعة فابتعد عن ابنه وأمسك هاتفه وما هي إلا ثواني وكانت شذى تجيبه بدلالٍ أنثوي كعادتها ليصرخ بقوة أرعبتها: 
-بقى بتسجلي لي فيديو وتبعتيه لمراتي يا بنت الـ... 
سبها بلفظٍ منافٍ للأداب والاخلاق لتنطق بدفاعٍ عن حالها: 
-إنتَ بتقول إيه يا نصر، أنا مش فاهمة حاجة 
صاح بحدة: 
-إنتِ هتستعبطي يا روح أمك،مش إنتِ اللي بعتي الفيديو لمراتي

+


ظلا يتحدثان لتتذكر تلك الـ "فُتنة" وارتباكها بذاك اليوم بالتحديد الذي بلغها به نصر،أبلغته بما حدث تلك الليلة بالتحديد واختفاء الفتاة من بعدها وعدم ظهورها مرةً أخرى فتحدثت بجنون: 
-هي مفيش غيرها،بس مين اللي وراها وخلاها تعمل كده 
لم يطرأ بمخيلته فؤاد فقد اعتقد بغبائه أن من فعل هذا هو ذاك الـ هارون لينتقم منه على ما حدث بالماضي وتفضيل إجلال عليه وليسحب منه أيضًا مقعد البرلمان لتيقنه قيمة ذاك المنصب لديه فتحدث بضيق:
-تقفلي معايا وتسيبي الشقة حالاً، مراتي لو عرفت توصل لك مش هيطلع عليكِ نهار
إنتفض داخلها برعب لتسأله بصوتٍ يرتجف هلعًا من شدة خوفها: 
-هروح فين يا نصر؟ 
روحي في أي داهية...قالها بحدة لينطق موضحًا الأمر: 
-إنتِ اصلك متعرفيش شر ستهم واصل لحد فين، روحي لأي واحدة من صاحباتك وإقعدي عندها لحد ما أخلص من الإنتخابات وأجي لك نشوف هنعمل إيه
بلهفة نطقت قبل أن ينهي المكالمة: 
-طب حول لي فلوس علشان معييش
-هو أنتِ مبتشبعيش فلوس؟!...قالها بسخطٍ ليغلق الهاتف بعدما وعدها أنه سيحول لها مبلغًا من المال يكفي إحتياجاتها لحين الإنتهاء من تلك الأزمة 
                              **********
ليلاً، استقلت المقعد المجاور له لينطلق بسيارته متجهًا إلى أحد الأماكن الشهيرة بالعاصمة الخاصة بتقديم المأكولات،ضغط على زر تشغيل جهاز الموسيقى لينطلق صوت أمال ماهر وهي تغرد كالبلابل في غنوتها الرائعة أنا حبيتك،بدأت تدندن معها وهي تتطلع على حبيبها الناظر أمامه بتمعن يراقب الطريق تارة وتارةً أخرى يتطلع على عينيها حتى انتهت الغنوة،سألته بعدما تنهدت براحة: 
-إيه اللي طلعها في دماغك النهاردة إننا نخرج نتعشى برة؟ 
تنفس بهدوء قبل أن يجيبها: 
-حسيت إني مقصر معاكِ قوي الفترة اللي فاتت،خصوصًا إننا مخرجناش من بعد ما رجعنا من المالديف
تبسمت بجاذبية وتنهدت براحة،ظلت تنظر إليه بعينين مغرمتين حتى وصلت إلى المكان المقصود،كان المظهر مبهرًا للغاية حيث جذب بصرها ليسألها ذاك المحاوط لخصرها: 
-إيه رأيك في المكان يا حبيبي
نطقت لانبهارٍ ظهر بعينيها: 
-يسحر يا فؤاد،حلو قوي
استقبلهما الموظف ليتبعاه حتى وصلا إلى الطاولة الخاصة بهما ليسحب لها المقعد الخاص بها ويلف ليقابلها بالجلوس على المقعد المقابل،جلسا وطلبا عشائهما وانتظرا،إشتغلت الموسيقى وتوجه كل ثنائي للمكان المخصص للرقص،وقف وأغلق زر حلته ليتوجه إليها باسطًا ذراعه وهو يقول بابتسامة ساحرة:
-ممكن حبيبة حبيبها تسمحي له بالرقصة دي 
نطقت بملاطفة وهي تناوله كفها: 
-وليا الشرف معالي المستشار

+



        
          

                
استلم كفها ليحتويه برعاية وتحرك بجوارها وهو يهمس بنبرة هائمة: 
-معالي المستشار وقع في حب إيثار هانم ولا حدش سمى عليه
أطلقت ضحكة رقيقة أثارت جنونه ليهمس بجانب أذنها بتهديدٍ مشاكس: 
-ضحكة كمان من دي وهخليهم يحجزوا لنا suite نطلع نقضي فيه ليلتنا
تطلعت عليه لينطق بوقاحة: 
-مش هيبقى فيه وقت نروح بيتنا 

+


ابتسمت خجلاً، وقف قبالتها ليحتوي ظهرها بأحد ذراعيه ويضع كفه الاخر بخاصتها ليبدأ معًا أولى خطوات رقصتيهما،أراحت رأسها على صدره لتستمع لنبضات قلبه المغرم وهي تدق بتناغم،رفعت رأسها لتطالع عينيه المغرمة لتنطق بنبرة تمتلؤ بالعشق الجارف: 
-طول عمري عندي ثقة إن ربنا عادل وهيكافئني على صبري،بس عمري ما تخيلت إن المكافأة هتبقى إنتَ يا حبيبي 
إبتسم بحبورٍ ظهر بعينيه لتتابع بغرامٍ هائل: 
-إنتِ جنتي على الأرض يا فؤاد،وكأن كل حاجة حلمت بيها من أول طفولتي لحد ما قابلتك ربنا جمعها لي كلها وقدمها لي في صورتك

1


تعمق بعينيها لينطق بنبرة هامسة مغلفة بالحنان: 
-إتغيرتي قوي عن أول مرة شوفتك فيها،كنت جامدة صلبة،كنتي زي قزازة مكسورة حادة بتجرح أي حد يقرب منها،برغم الوش الخشب اللي طول الوقت كنتي مركباه ونظارتك الطبية والبدلة اللي تشبه بدل الرجالة، إلا إني أول مرة شفتك فيها حسيت إن فيكِ حاجة مميزة، حاجة لمست روحي وعملت حالة إستنفار جوايا
واسترسل متعجبًا: 
-إيه هي مكنتش أعرف، بس مع كل يوم كان بيعدي وبنقرب فيه من بعض كنت بتأكد إنك ليا، ليا وبس 
تنهدت لتنطق بحالمية: 
-أنا بحبك قوي
-وأنا بعشق كل ما فيكِ...قالها بهيام ليسألها بعينين بالغرام متوسلتين: 
-هو أنا ممكن أطلب من حبيبة حبيبها طلب 
هزت رأسها لتنطق بصوتٍ يدل على مدى هيامها: 
-إنتَ تؤمرني يا حبيبي 
-بموت فيكِ يا عمري...نطقها بحنانٍ ليتابع بنبرة حنون: 
-أنا بكرة أجازة وعاوز أسهر معاكِ في أوضة الچاكوزي،محتاج أستجم وإنتِ في حُضني
ابتسمت وهي تجيبه بمداعبة: 
-بس كده،ده أنا قولت إنك طمعان في عربيتي و هتطلب إني اتنازل لك عنها
أطلق ضحكة جذابة زلزلت كيانها لينطق بمشاكسة:
-أنا أه طماع بس مش للدرجة دي 

1


ظلا يرقصان إلى أن وصلا عشائهما وتحركا ليتناولاه،دللها كثيرًا وهو يطعمها بيده تحت سعادتها التي تخطت عنان السماء،انتهيا ثم عادا إلى المنزل فكان الجميع قد ذهبوا لغرفهم، تحركا ليختفيا داخل غرفة الچاكوزي التي أشرفت حكمة على تجهيزها للعاشقان،إرتدت الثوب الخاص بالسباحة لتجاوره النزول إلى المسبح،إستند على جداره ليأخذ حبيبته أمامه وبات يدللها بعمل مساچٍ لظهرها وكتفيها ساعدها كثيرًا على الإسترخاء لدرجة أنها أرخت رأسها للخلف تسندها على صدرهِ لتقول بصوتٍ مسترخي وعينين مغمضتين: 
-فؤادي
رد باسترخاء: 
-إيه يا بابا
تنفست لتنطق بخفوتٍ واستمتاع: 
-هو أحنا ينفع ننام مكانا كده
ضحك ليجيبها: 
-مش للدرجة دي يا إيثار،هي أه الماية سخنة وتجنن والأجواء تسحر، وأحلا ما في الموضوع هو قربنا من بعض بالطريقة دي وحالة الإسترخاء
ليسترسل بصوتٍ حنون:
-ومع ذلك مفيش أحلا من إني أخدك في حُضني وننام باستمتاع 
ابتسمت ليكملا ليلتهما ثم صعدا لجناحيهما ليغفى كلًا منهما داخل أحضان الأخر باستسلام ومتعة

+


                             **********
بعد يومين
داخل المحبس الخاص بالنساء،كانت تجلس فوق التخت المخصص لها لتدخل السجانة عليهن وهي تتطلع بينهن وتصيح بصوتها المرعب لتسكت أصوات عراكهن العالية: 
-إخرسي يا ولية واتلمي منك ليها 
صمتن جميعهن لتنظر هي باشمئزاز إلى تلك المرأة التي حضرت إليهن في قضية قتل إحداهن وتنطق بتشفي: 
-عمليتك إتحددت كمان إسبوع،بعد ما تقومي منها إن شاء الله هتلبسي الأحمر علشان نجهزك لزفتك الأخيرة يا حلوة
تطلعت سُمية عليها بغضبٍ لتنطلق ضحكات النسوة وهن يرمقونها بنظراتٍ ساخرة أثارت غضبها لتكمل السجانة وهي تنظر إلى أحلام كبيرة العنبر: 
-وبعدين معاكِ يا أحلام، مش ناوية تجبيها لبر إنتِ والنسوان بتوعك ولا إيه

+


هتفت المرأة ذات الوجه المريب الملئ بالندبات مما يوحي لإجرامها:
-وأنا عملت حاجة يا ريسة،ما أنا قاعدة في حالي كافية غيري شري أهو 

+


هتفت المرأة بملامح وجه ساخطة: 
-والبت سامية اللي كسرتوا لها رجلها إمبارح بالليل والدكتور جبسها لها الصبح ،كنتي بتسلمي عليها يا روح أمك منك ليها

+


كادت المرأة أن تتحدث فأوقفها صوتها الحاد وهي تنطق متوعدة: 
-إتلمي يا أحلام ولمي نسوانك علشان لو حطيتكم في دماغي هزعلكم، وأنا زعلي وحش

+


نطقت مرغمة: 
-ما عاش ولا كان اللي يزعلك يا ريسة

+


رمقتها المرأة قبل أن تخرج من جديد، تحركت أحلام حتى وصلت إلى سُمية ثم رمقتها بازدراء لتنطق بافتراء: 
-قومي يا بت نفضي لي سريري وغيري لي الملاية وادخلي إغسليها هي والغيار اللي قلعته إمبارح
نطقت بملامح وجه مكفهرة: 
-بقول لك إيه،إتكلي على الله وسبيني في حالي 

+


-وإن مسبتكيش يا روح أمك هتعملي لي إيه؟!...نطقتها بعينين تطلقان شزرًا ثم سحبت شفرة الحلاقة من داخل فمها لتشهرها بوجهها مما جعل الاخرى ترتعب لتهب واقفة وهي تنطق بخضوعٍ وإذلال: 
-خلاص خلاص، هعمل لك اللي إنتِ عوزاه

+


تحركت إلى تختها لتنطق إحدى السجينات: 
-حرام عليكِ اللي بتعمليه في البت ده يا أحلام، دي عندها المرض الوحش يا ولية،إنتِ مفيش في قلبك رحمة
-لا مفيش يا سنيورة، ولو صعبانة عليكِ قومي إشتغلي مكانها يا إما تنقطينا بسكاتك...صمتت المرأة لتتابع الاخرى وهي تقترب من سمية وترمقها بإشمئزاز: 
-مش كفاية قاعدة عالة علينا،مقطوعة من شجرة لا حد بيسأل فيها بلقمة حلوة تسد جوعنا ولا خرطوشة سجاير تعمر لنا نفوخنا، ولا حتى كام ملطوش تسد بيهم تمن قعدتها في المخروبة دي
واسترسلت وهي تدفعها لتقع أرضًا:
-يبقى على الأقل تخدمنا بقعدتها
إرتطم جسدها بالأرض لتستند بذراعيها وقد اشتعل داخلها بغضبٍ عارم ولو بيدها الأمر لوقفت وحطمت رأس تلك المرأة وما تركتها إلا غارقة وسط بركة من الدماء،تحدثت أخرى بنبرة إنسانية: 
-الولية عيانة يا أحلام، حرام عليك كده

+


نطقت بصوتٍ متجبر: 
-اللي صعبانة عليكِ دي يا اختي قتالة قتلة، مسكت الست وضربتها بالسكينة تسع طعنات،يعني ولية قادرة ومفترية ولو جت لها الفرصة هتعمل فينا زي ما عملت في المسكينة اللي راحت هدر 
صمتن النسوة لتتابع أحلام بنبرة ساخطة بعدما تطلعت عليها بحدة: 
-ما تقومي يا بت تشوفي شغلك
استندت على كفيها لتقف تفعل ما أمرتها به تلك المتجبرة عنوةً عنها. 


داخل شركة أحمد زين الدين 
كان يخرج من مكتب المدير التابع له بعدما أنهى بعض التعاملات ليتحرك إلى كافيتريا الشركة لبدأ فترة الراحة الفاصلة بين ساعات العمل ،وجد تلك الجميلة تقابله ويبدوا أنها هي الاخرى بطريقها لنفس وجهته،إنها "أميرة"تلك الفتاة التي لفتت إنتباهه منذ أن استلم عمله في الشركة، فقد رأى بها كل ما تمنى في الفتاة التي يريدها شريكة لأحلامه، الأدب والأخلاق والإحتشام في ملابسها وأيضًا حجابها بما يتلائم مع دينه وتربيته وقناعاته، نظرت عليه بخجلٍ وكادت أن تمضي بوجهتها لولا إقتحامه لطريقها وهو يقول بابتسامة هادئة: 
-إزيك يا أستاذة أميرة
-الله يسلمك يا أستاذ أيهم... نطقتها بهدوءٍ وصوتٍ بدى عليه الإرتباك بعض الشئ لينطق هو من جديد: 
-رايحة الكافيتريا؟
أجابته بهدوء: 
-أه،هروح أخد أي سندوتش خفيف مع نسكافية

+


أشار لها لتجاورهُ ثم سألها ليخلق حديثًا بينهما: 
-عاملة إيه في شُغلك؟ 
ابتسمت لتجيبهُ بمشاكسة: 
-المفروض أنا اللي أسألك السؤال ده،إنتَ ناسي إن أنا أقدم منك هنا ولا إيه يا حضرة المحاسب
إبتسم ليجيبها بحفاوة تأثرًا بملاطفتها له: 
-في النقطة دي معاكِ حق،بس بما إني الراجل فلازم أبدأ بالسؤال وأطمن على أحوالك، ولا إيه يا أستاذة؟ 
اومأت بموافقة لتسألهُ بما يشغل بالها وبال الجميع منذ أن تم تعيينه معهم بالشركة: 
-هو حضرتك قريب باشمهندس أحمد الزين؟! 
هز رأسه لينطق نافيًا: 
-لا خالص
-غريبة قوي...نطقتها بتعجب ليسألها بجبينٍ مقطب: 
-إيه الغريب في كده، ولا هي الشركة عاملة التعيينات حكر على شباب عيلة الزين وأنا معرفش؟! 
ضحكت بجاذبية لفتت إنتباهه لتجيبه على تساؤلهُ الفكاهي: 
-مقصدش طبعاً،إحنا كلنا إفتكرناك قريب الباشمهندس لأنه مهتم بيك لدرجة إنه وصلك بنفسه لمكتبك أول يوم،كمان إختار لك مكتب مميز في الشركة،بس كده
أجابها بابتسامة بشوشة:
-أنا هوضح لك سبب الإهتمام ده،ببساطة كده إختي تبقى مرات فؤاد علام إبن أخو الباشمهندس
إتسعت عينين الفتاة لتسألهُ بذهولٍ ظهر بعينيها: 
-تقصد سيادة المستشار فؤاد علام إبن المستشار علام زين الدين؟! 
أوما لها بإيجاب لينطق ببساطة: 
-بالظبط كده

+


نطقت الفتاه بحبورٍ ظهر فوق ملامحها: 
-أنا عارفة فؤاد علام وبباه،جم الشركة كذا مرة قبل كده، لما بيكون فيه أحداث كبيرة زي إفتتاح فروع جديدة أو إتمام صفقات كبيرة بيحضروا،وكمان بنشوفهم في الحفلات الخاصة بالشركة
واسترسلت بصدقٍ نال استحسانه: 
-ناس محترمة جداً وأكيد أختك حد مميز علشان فؤاد علام يختارها تكون مراته

        
تطلع إليها معاتبًا إياها بافتعال وهو يقول بمداعبة: 
-طب إيه،هنفضل نتكلم كتير كده عن أختي وجوزها؟ 
ابتسمت لتسأله بمشاكسة: 
-طبيعي لأن مفيش أحاديث مشتركة ببنا علشان نتكلم فيها
وصلا إلى الكافيتيريا ليتحركا إلى إحدى الطاولات وتحدث وهو يشير لها بالجلوس: 
-طب ما تيجي نخلق لنفسنا أحاديث مشتركة،مش يمكن دماغنا تطلع واحدة ونوحد أفكارنا ونلمها على بعض بدل مهي مشتتة وكل فكرة تايهة في طريق لوحدها

+


ابتسمت بخجل لفهمها مقصده لتجلس مقابلة له ليتابع هو بهدوء: 
-هتاكلي إيه؟ 
أملت عليه ما ستتناوله من طعام فأبلغ به العامل وبدأ يتحدثان ليبحثا معًا عن النقاط المشتركة بينهما ليستكشف كلاً منهما الأخر بعدما اكتشف كلاهما انجذابه للأخر

+


                                          ***********
عصرًا
داخل فيلا أحمد زين الدين، كانوا يصطفون حول مائدة الطعام يتناولون وجبة الغداء،أحمد وزوجته نجوى ونجلهم بسام وزوجته،تطلع أحمد من حوله ليسأل زوجته باستغراب: 
-سميحة منزلتش لحد الوقت ليه؟! 
أجابته بلامبالاة: 
-هي قالت للشغالة نازلة وراكي 
ما هي إلا ثواني وكانت تهبط من أعلى الدرج بمرحٍ وسرعة مرتدية ثيابًا يبدوا من هيأتها أنها على كامل إستعدادها للخروج،وصلت إلى أبيها لتميل على وجنته واضعة قُبلة وهي تقول بسعادة: 
-هاي داد
نظر لهيأتها ولحقيبة اليد التي تحملها ليسألها متعجبًا: 
-رايحة فين؟! 
نطقت بحبورٍ ظهر فوق ملامحها: 
-رايحة عند عمو علام، هقضي اليوم عندهم ويمكن أبات مع فريال
تحدثت نجوى بلامبالاة: 
-إقعدي إتغدي قبل ما تمشي
نطقت بهدوء: 
-مليش نفس يا مام،هبقى أكل حاجة خفيفة بالليل معاهم

2


أخذ أحمد نفسًا عميقًا كي يستطيع ظبط إنفعالاته من اسلوب ابنته وتصرفاتها التي أصبحت مستفزة لأبعد الحدود بشأن زياراتها المتكررة لمنزل عمها وتعمدها استفزاز مشاعر زوجة فؤاد بالتحديد وهذا ما لمسه يوم التجمع العائلي بالمزرعة، تحدث بنبرة صوت حازمة: 
-إقعدي إتغدي يا سميحة،وبالنسبة لزيارة بيت عمك أجليها ونبقى نزورهم أي يوم تاني أنا وإنتِ
طالعته باستنكار لتنطق بصوتٍ معترض: 
-وليه ما أروحش النهاردة زي ما خططت ليومي؟! 
نطق بحدة ظهرت بنبرات صوته: 
-علشان مينفعش تروحي للناس بيتها كل شوية، كل واحد عنده حياته الخاصة وأكيد محدش بيرتاح لما حد يقتحم عليه بيته ويقيد حريته فيه



تذمرت ومطت شفتيها للأمام لتقاطعه نجوى بطريقة مستفزة: 
-إنتَ بقيت غريب قوي يا أحمد وحقيقي مبقتش قادرة أفهمك
طالعها بجبينٍ مقطب غير مستوعبًا هجومها لتسترسل مفسرة لتذكيره بطريقة استهجانية: 
-إنتَ مش طول عمرك بتقول لأولادك لازم تروحوا تزوروا عمكم وتقربوا من ولاده،وطول الوقت كنت بتكلمهم عن القيم الإنسانية الجميلة وصلة الرحم والكلام الكبير اللي طول عمرك بتسمعهولنا لحد ما حفظناه؟ 



واسترسلت باستهجان: 
-إيه اللي جد خلاك تمنع سو وتديها محاضرة في إحترام القواعد الأساسية للزيارات المنزلية والعائلية والكلام الكبير اللي أنا مش فاهمة معظمه ده 
احتدت ملامحه وظهر الغضب على محياه لينطق بصرامة: 
-كلامي اللي مش عاجبك ده محاولة أخيرة لإنقاذ كرامة بنتي اللي مُصرة إنها تهدرها بغبائها،يعني كلامي وتصرفي ده لمصلحتها يا هانم





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close