رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل التاسع والثلاثون 39
دخل الغرفة رجُلٌ مُتَشِحُ بالشواد؛ عندما أحشت خلود بوجود أحد ما، التفتت
لتنظر فوجدت الرَّجُل واقفا أمامها سألت: "لماذا لا زلت هنا يا يوسف؟".
ارتدى يوسف لهذا اليوم قميضا أسوذ وبنطال جينز فبدا أطول مما هو عليه في
الحقيقة.
ومع معطفه الطويل الرقيق المكسو بطبقة من الشيفون بدا كشاب تتمناه أي
فتاة.
علاوة على ذلك كلّه، جعلته ملامحه الوسيمة يبدو كعارض أزياء على غلاف
مجلة.
يجب الرد لمتابعة القراءه
المحتو مخفي
سأل يوسف بهدوء وبنبرة اهتمام: "لقد كنت مغادرًا، لكني ألاحظ منذ مدة أنكِ
تعملين بجد. لذا قررت أن أتفقدك قبل مغادرتي وأتأكد انك بخير.
لم يستطع يوسف إلا أن يُظهر دعمة لمُصمَّمة شابة شغوفة، كونه يمتهن
التصميم هو الآخر.
عرضت عليه خلود مسودة التصميم الذي تعمل عليه : "لقد واجهتني مشاكل في
هذا التصميم، أخبرني ما الخطأ الذي أرتكبة ويجعل التصميم لا يبدو مكتملاً".
منذ أيام الجامعة ويوسف يمتهن التصميم واحترف هذه الصنعة ودخل سوق
العمل ومثل شركات عدة في مسابقات التصميم المحلية والدولية. ولم يمض
وقت طويل حتى أصبح اسما معروفًا بين العاملين في صناعة تصميم الأزياء.
يوسف اسم كبير في عالم تصميم الأزياء، ومن غير الواقعي أن يتصرف بتواضع
ولكران للذات وهو من هو.
أمسك التصميم من يد خُلود وتفقنه كان تصميفا لبدلة رجالية أنيقة و
ومبتكرة.
وعصرية
إلا أن يوسف وضع المسودة جانبا وقال: "هذا فعلا تصميم رائع، لكنه يفتقر إلى
كثير من الحيوية".
تعجبت خُلود مما قاله وسألت "ماذا تقصد؟". هل يعتبرني بليدة وعاجزة عن
إضفاء الأحاسيس إلى تصاميمي.
أوضح يوسف قصدة بكل حزم: "عندما تبدئين بفكرة تصميم ما، لبدلة رجالية أو
لغيرها، فعليك أن تتخيلي عارض أزياء يرتديها ويمشي بها مام جمهور ناقد،
عندها فقط سوف تكونين قادرة على إضفاء الحيوية على التصميم".
نظرت خلود إلى مسودة التصميم وحاولت التخيل كما قال يوسف فاجتاحتها
الأفكار الإبداعية المؤدية إلى زيادة حيوية التصميم. رأى يوسف أن خُلود فهمت
قصده فقال: "استمري في العمل الجاد، إنه مفتاح الوصول".
ثم غادر بعد أن قال هذا.
تنهدت خُلود وهي تنظر إلى مسودة التصميم الآن فهمت لماذا كان يرونني
دوما إحساس بأن تصاميمي تفتقر لشيء ما . لا أعرف إن كنت قد فهمت قصدة
تماما إلا نني الآن أصبحت أعرف بالضبط كيف يجب أن يكون هذا التصميم
ليصبح مفعما بالحيوية . لطالما لجأت إلى صور العارضين الذكور على الملصقات
لاستلهام الأفكار، إلا أنها كانت مجرد صور بلا حياة وبلا فكرة؛ أظن أن هذه هي
المشكلة الأساسية في كون تصاميمي فملة نوعا ما وغير فريدة من نوعها .
حقلت خلود تصاميمها في يدها وهي جالسة على مكتبها تسرخ في خيالاتها
وهي تتصور أحد عارضي الأزياء مرتدياً تصميمها وهو يمشي أمام جمهور من
الناقدين في تلك اللحظة تماما، فتح الباب مرة أخرى؟
نظرت خلود فرأت زجلًا ذا هيكل مثالي وجسد فاتن يصعب بيان خسنه؛ وفي
تلك الإضاءة الخافتة المصفرة اعتلى شيء الغفوض والظلام نظراته؛ بدا الأمر
كأن نسائم الهيبة والأناقة تنبعث منة.
ساعد قميضة الأبيض الضيق على إبراز عضلاته وأحاظت به أثناء .
ذكورية شديدة الجاذبية
اندهشت لخلود: "نائل، ما الذي تفعله هنا؟"
سیره
هالة
رفع نائل رأسه بتعالي: "من الناحية الرسمية، هذه شركتي، وأنا هنا للتحقق من
حسن سير العمل. أما من الناحية الشخصية، لا يهم"
ثم ضيق عينيه فجأة كثعلب يُراقب فريسته فاحمر وجه الخلود من الإحراج
"إنسي الناحية الشخصية، فأنا افضل أن تقتصز علاقتنا على الغفل وحسب".
نظر إليها نائل مبتسما وهو يضغ كيكة الفراولة التي في يديه على الطاولة: "لا
أدري إن كنت سأعتبر هذه الكيكة لفتة رسمية مني أم غير رسمية؟"
كان مكتوبا على الغلبة "يا جمالها " : من المعروف أن "يا جمالها" هو أشهر مخبز
حلويات في المنطقة، ويبيع في اليوم ثلاثين كيكة فقط، ما جعله صعب المنال،
ولكن ليس على نائل
سال لعاب خُلود في فمها لرؤية الكريمة اللذيذة من خلال الغلبة الشفافة: "كيف
تمكنت من الحصول على كيكة من مخبز "يا" جمالها"، لقد أصبح الوقت متأخرًا؟
"
تحسن مزاج نائل لرؤيتها سعيدة، وابتسم وهو يفتح الغلبة ويقول واثقا: "هل
تشككين بمدى قدرة زوجك؟! كأنك لا تعلمين أني أستطيع إحضار منة كيكة بدلا
من واحدة بإشارة ملي".
حالما فتحت الغلبة انتشرت الرائحة الزكية في أرجاء الغرفة، ومما زاد في
جمال الكيكة والشهوة لتناولها منظرُ الفراولة والزخارف التي غظتها.
ابتشفت لخلود ابتسامة دلال وتحبب قائلة: "كم أنت رائع يا سيد هادي"، ثم
أمسكت الشوكة والسكين للقطع الكيكة، فأمسك نائل معضمها بخفة.
لقد كان كفة دافئا لدرجة أنها شعرت بدفنه على معضمها؛ سحب الشكين من
يدها وترك لها الشوكة: "لماذا تريدين تقطيع هذه الكيكة الجميلة؟ لماذا لا
تأكلينها كلها؟"
تساءلت خُلود ألا يُفترض أن تقطع الكعكة ونتشاركها ؟ "
أجابها نائل بلا مزاح: "أنا لا أريد قطعة، فأنا لا أتقاسم شيئا مع أحد؛ إما أن
أمتلك الشيء وحدي، أو لا أريده".
هل هو جاد؟ هل من المعقول أن يُطبق مبادثة على هذه الكيكة الصغيرة؟ يا له
من محب للتملك .
ابتسمت خلود بعفوية قائلة: "حسنا. لن أقطعها، لكن لا تؤاخذني إن سال
لعابي".
ابتسم قائلا: "وكأني لم أتناوله من قبل".
احمرت وجنتا خلود وانصرفت لتذوق الكريمة متجاهلة كلامة المحرج"
لقد تكاملت الكريمة الناعمة كالحرير مع حلاوة الفراولة وقوام الكيكة بشكل
مثالي؛ فكان الطعم الإجمالي لمزيج هذه الطعمات لذيذا جذا.
لم تكن هذه المرة الأولى التي ترى فيها لخلود كيكة من مخبوزات "يا جمالها"،
إلا أنها كانت المرة الأولى التي تتذوقها. غالبا ما كانت ميرا تطلب كيكات من "يا
جمالها" لإيمان، وكانتا تفضلان إعطاء البقايا للخدم بدل من مشاركتها مع خلود.
مثل هذا المواقف وغيرها هي ما جعل خلود تقسم على العمل الدؤوب لتكسب
مالا يمكنها من شراء ما تشتهي من مخبز يا جمالها" من مالها دون الحاجة
الأحد.
ما أثار دهشة لخلود هو أن أول كيكة يهديها لها نائل كانت من مخبز "يا جمالها".
قدمت له شوكة نظيفة وسألت: "ألا تريد أن تتناول ولو شيئا قليلا؟
لم تتوقف عن الأكل حتى وهي تتكلم فبدت كلماتها كمواء قطة صغيرة.
هل هي في قمة البراءة أم الساذجة؟ تمكنت من إسعادها والاستحواذ على
انتباهها بكيكة ! لا يهم، إنها حبيبتي على أية حال.
اقترب منها وقال: "أطعميني بيدلي".
قربت لخلود الشوكة من فمه وأطعمته قضمة؛ أجابها بابتسامة خافتة ونظرة
محبة: "لذيذة".
بعد الانتهاء من الكيكة ذهبت خُلود الإحضار كوبين من عصير الليمون لتسليك
الكيكة.
فجأة رن هاتف نائل فابتعد ووقف أمام النافذة ليزد.
لا بد أن المكالمة متعلقة بعمله، لأنه ذكر بعض الوثائق في كلامه.
والآن بعد أن ملأت بطنها، نظرت خلود إلى ظهر نائل المستقيم وشعرت بالإلهام
يتدفق عليها.
وجدته أخيرا! النموذج المثالي الذي كنت أبحث عنه واقف أمامي! أدركت خلود
خلال ثوان معدودة الشكل واللون الذي تريده للبدلة.
شرعان ما التقطت قلمها وبدأت ترشم الصورة التي انطبعت في مخيلتها بسرعة
قبل أن تفقدها أثقتها قبيل انتهاء نائل من مكالمته الهاتفية، فعاد ليراها مرتاحة
لتصميمها أخيرا.
قال نائل بعدما رأى التعب في وجهها: "فلنذهب إلى البيت الآن".
وضعت خلود تصميمها جانبًا والتفتت لتنهض لكنها وجدت نفسها في أحضان
نائل واصطدم جسدها الناعم بصدره العضلي ما حدث لم يكن في الحسبان
فخطى نائل خطوة للوراء وأمسك بخصرها النحيل بين ذراعيه.