رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل السادس والثلاثون 36
كافحت على كبت رغبتها بإقفال الخط في وجه نائل بعد أن سمعت صوته
العجول على الظرف الآخر من الاتصال.
ردت بلا اكتراث "ما الأمر؟ أنا مشغولة في العمل".
يجب الرد لمتابعة القراءه
المحتو مخفي
أخذ جاد نفساً عميقاً، وتحولت نبرة صوته إلى نبرة جدية وقال: "لقد انتهى
دوام العمل أساشا، لذا عودي إلى المنزل الآن، إن الأمر متعلق بوالدتك".
أحست خلود بقلبها يهوي عندما ذكر والدتها "سأعود إلى المنزل حالاً.
رثبت مكتبها وغادرت بسرعة بعد أن أغلقت الهاتف
كانت البوابات الضخمة السوداء مفتوحة على مصرعيها مسبقا عندما وصلت
خلود إلى منزل عائلة حديد.
استطاعت سماع صوت إيمان الخجول قبل أن تدخل حتى " جرب بعض
الفراولة البيضاء يا نائل تم استيرادها في هذا الصباح"
لم يبدي نائل أي اهتمام للفواكه، فطلبت ميرا من الخادمة إعداد الشاي اشرب
بعض الشاي يا نائل إنّه نوع مكلف ولذيذ مستورد من عمان".
كانت ساقيه الطويلتان متقاطعتان بشكل أنيق وهو جالس على الأريكة. كان
يرتدي قميضا أبيض وسترة سوداء تجذب الانتباه إلى جسده المشدود، وكان
سرواله مكوي تماما بدون أي تجاعيد كانت ملابسه باردة مثله، تملي انطباع
عدم الاقتراب.
تربعت البرودة في عينيه في أثناء نظره إلى الأم وابنتها التين كانتا ترتديان
أثوابا أنيق، وتقلصت عيناه بعض الشيء.
إن رسوم جامعة خلود تساوي المبلغ المدفوع على الوجبات الخفيفة الموجودة
على الطاولة. كيف يتنفرون على فتاتي عادة؟
شرع نائل بالكلام فجأة "أنت إيمان حديد، صحيح؟"
تحمس إيمان من سماع اسمها يتردد على شفاه الرجل رئت بإيجابية وهي تهز
رأسها " أنتذكر اسمي يا نائل؟"
انعقد حاجبا الزجل "بما أن كلاكما ابننا عائلة حديد، فلماذا ترتدي خلود ثيابًا
عادية إلى هذا الحد، بينما أنت ترتدين ملابس باهظة؟"
بدا وكأنه يستجوب سجناء، يحصرهم للحصول على أجوبة فورية، من دون أن
يتيح لهم فرصة التفكير في أجوبتهم.
اندهشت إيمان من جرأة السؤال الذي طرحه نائل عليهم. إذ أنها لم تتوقع أن
يفعل ذلك أمام الملأ، كما أنها ليست ببراعة خلود في الزدود الشريعة.
لم يسبق وأن اشترت أمي ثيابًا جميلة لخلود منذ أن كنا صغارًا. على الرغم من
أن الجميع كان يعرفها كابنة عائلة حديد البكر، إلا أنها كانت دائما ما ترتدي ثيابا
أرخص من ثياب الخادمة حتى.
شرحت ميرا وهي تتوجه بابتسامة: "لطالما كانت خلود فتاة تعمل بجد،
واعتادت على أسلوب الحياة المتواضع. لذا فإنّها لا ترتاح في الملابس المصقمة
العلامات التجارية، ولا بحياة الرفاهية. لكنه من الصعب عليك أن تعلم ذلك
إذ أنه لم يتسنى لك قضاء وقت أطول مع خلود".
من
أعجبت إيمان بوالدتها وأثنت عليها فيما بينها لإعطاء نائل تفسيرًا مناسبًا.
صحيح يا نائل، فخلود لا تحب أن ترتدي ثيابا باهظة الثمن...
لم تتوقع خلود في أثناء وقوفها على الباب أن تسمع كلمات عارية عن الضحة
إلى هذا الحد فور وصولها إلى المنزل.
كيف تتجرأ على الادعاء بأنني لا أحب الملابس الباهظة الثمن؟ فميرا لم يسبق
لها أن اشترت لي شيئا، إلا أنها دائما ما تدلل إيمان بأثواب غالية. كما أنها كانت
تقدم لها في غرفتها أشهى المأكولات وأنا كنت أتعرض للتنفر مها فحسب،
فكانت تصرخ في وجهي وتضربني".
حفرت الصدمة التي تعرضت لها في طفولتها علامة لا تمحى.
علامات
لم يكن نائل ساذجا بما يكفي ليُصدق أكاذيبهم. لا تحب خلود ارتداء علامات
تجارية رخيصة كهذه، لذا دائما ما أحرص على أن أؤمن لها ثيابًا من .
تجارية عالمية، كما أن خلود تبدو رائعة في أي شيء!"
كان يشير بشكل مباشر إلى أن إيمان لن تضاهي خلود بجمالها حتى في ثيابها
الباهظة الثمن هذه بسخرية.
إن ذكر نائل المحبب باسم خلود، أثار حيرتهم.
عرفت ميرا أن نائل حريص جدًا على حماية خلود من حلال مراقبتها الدقيقة
له، فأي تعليق سلبي عنها سيتسبب في امتعاضه.
قرصت ميرا إيمان بخفية، وعندما التقت نظراتهما لمحت لها عينيها ألا تثير
غضب نائل.
ثم نظرت إلى نائل بنظرة اعتذار قائلة معك حق يا نائل فإن خلود فتاة رشيدة
فعلا.
ابتسم الرجل بعد سماعه لكلمات المدح منها عن زوجته، إذ أنه تنفس الضعداء
من بعد أن سمعها فحسب.
في هذه الأثناء، شعرت خلود بالدفء يحيط قلبها، ولم تستطع سوى أن تبتسم
بلطف.
فاجأها دفاع نائل عنها إلى هذا الحد. كما أنه سخر من ميرا وإيمان أيضًا.
للصراحة، إنه لأمر مثير أن أراهما يتعرضان للإهانة منه .
أمسك جاد ذراعه من الخلف في اللحظة التي أوشكت فيها الدخول إلى المنزل.
رت خلود وراءها وانتزعت يدها من قبضته "ما الأمر يا أبي؟"
سلّمها جاد الوثيقة والجذية بادية على وجهه أود أن أتعاون مع نائل في هذا
المشروع التي تعمل شركتنا على إنشائه، لذا دعيه يوقع على هذه الوثيقة".
أوه، لهذا استدعاني إلى المنزل، يريد من أن أطلب من نائل توقع هذه الوثيقة.
لا عجب في أن نائل هنا لا بد من أنهم دعوه للمجيء قبل إبلاغي.
بدلاً من قبول الوثيقة، قالت خلود: "أنا لا أتدخل عادة في شؤون عمله، فإذا
كنت تريد مناقشة شيء ما معه، فافعلها بنفسك".
على الرغم من أن لهجتها كانت سطحية، إلا أن وقعها كان سارا على الأذن.
إلا أن وجهها كان خاليا من التعابير مما أضفى عليها طابقا متنائي.
آخر ما توقعه جاد، أن تقوم خلود برفض طلبه. أراد أن يفجر غضبه فيها بشكل
غريزي، إلا أن نظرة نائل إليهم اضطرته لأن يكبح جموحه، ويبتسم ابتسامة
مزيفة.
أوضح قائلا أخجل أن أطلب منه المساعدة، بينما أنت فابنتي وزوجة نائل
سيكون من السهل عليك إقناعه لتوقيع الوثيقة وضع الوثيقة في يديها من
دون انتظار ردها
في تلك اللحظة، شعرت خلود وكأنها حمار يجبر على الرقص. كانت علاقتها
بنائل بعيدة عن الحميمية، بحيث يمكن لكل منهما أن يعطي من نفسه للآخر بلا
تفكير.
دخل جاد غرفة المعيشة في نفس اللحظة التي اعتزمت فيها خلود رفض طلبه
مرة أخرى. سأل بلطف، واقفا بجانب الأريكة " ما رأيك أن تنضم لنا لتناول
العشاء يا نائل؟"
كان لا بد على عائلة حديد أن تحافظ على التملق لعائلة هادي، إذ أن للأخيرة
مستوى اجتماعي أعلى بكثير منها.
أثار سلوكهم اشمئزاز خلود؟
عندما انضمت إليهم في غرفة المعيشة، رفع نائل رأسه لينظر إليها وسأل: "هل
أنت جائعة؟"
الطف
كان من الواضح لجميع العاملين في منزل حديد أن نبرة نائل تصبح |
بكثير عندما يتحدث مع خلود. كما راهنوا أن أقدام نائل لن تدوس منزل آل
حديد لولا وجود خلود.
في الواقع، سلوكه تجاه خلود جعلهم لا يستبعدون أنه سيمنع الآخرين من تناول
العشاء إذا لم تشعر هي بالجوع.
لم تستطع خلود أن تمنع شعورها الظفيف بالفرحة عندما رأت الغيرة تغمر إيمان
وهي تطالعها بزاوية عينيها.
التفتت إلى نائل وأجابته مبتسمة: "نعم، أنا جائعة".
لمعت عيونه بنظرة لا مبالية ومحبوبة لو لم يكونوا أمام الملأ، لما استطاع نائل
كبت رغبته في أن يحتضنها ويقبل خدها.
بعد أن وقف، أخذ نائل يد خلود وأعلن: "هيا نأكل".
قادهم جاد إلى غرفة الطعام، بحيث جلسوا على مقاعدهم. في أثناء العشاء
انبعث الكلام من فاهه وفاه زوجته في أغلب الأحيان؟
في الماضي، كانت ميرا تبذل قصارى جهدها لخدمة إيمان أولاً، ولكن في ذلك
اليوم، وضعت كل الأطباق اللذيذة على طبق خلود لم تستطع إيمان بعد هذا
المشهد، إلا أن تشعر بأن أحدًا ما استولى على مكانها.
اشتعل في قلبها شعور عميق من الغيرة والحسد الغضب الذي شعرت به دفعها
إلى عض أسنانها بقوة حتى بدأت لثتها تنزف
بفضل نائل حصلت خلود على وجبة مليئة لأول مرة في منزل حديد
في الوقت الذي كانت تستعد لتناول قطعة من اللحم، احتك شيء دافئ
بالجانب الخارجي من فخذها.