اخر الروايات

رواية المعاقة والدم الفصل الثاني 2 بقلم هناء النمر

رواية المعاقة والدم الفصل الثاني 2 بقلم هناء النمر


انسحبت رانيا دون أن تنطق بكلمة ، وخرجت من البيت ، استمرت فى المشى حتى وصلت لمزارع البرتقال التى يمتلكها والدها ، جلست تحت الشجر ولفت شالها على كتفها جيدا من البرودة التى شعرت بها ،
رفعت رأسها تتأمل الأشجار والبرتقال المعلق بها ، وسألت نفسها سؤال واحد ،

... معقول دى تبقى نهاية كل اللى حلمت بيه ، الحب والحضر الدافى ، واللمسة الجميلة الحنينة ، فى الآخر ترسى على واحد قلبه حجر ، سايب مراته العيانة وبنته المشلولة وداير يدور على عروسة ..

ثم ابتسمت بسخرية وقالت .. داير ايه بقى ، دا انتى اللى هتروحيله لحد عنده ، بيضة مقشرة ، وامك اللى عايزة تقدمك بنفسها ....

أغمضت عينيها وسندت رأسها للخلف على جزع الشجرة وهى لا تصدق أن يصل الحال بها لهذه الدرجة ثم تردد فى عقلها جملة والدتها التى قتلها وهى مكانها ،،، داخلة فى الستة وعشرين سنة ومحدش بقى يتقدملك. ...

هل ستوصلها هذه الأسباب يوما لأن تتقبل مثل هذه المواقف ،

استمر الحال بها هكذا ، شد وجذب بينها وبين نفسه لاكثر من ساعة حتى انطلق أذان المغرب وقد ان أوان العودة ، فالظلام يعم المزارع بسرعة ،
فى نفس اللحظة التى قامت فيها لتتخذ طريقها للعودة ، ظهرت زينب من بعيد وهى تجرى فى اتجاه رانيا ،

زينب فتاة فى عمر رانيا تقريبا ، متزوجة من أحد المزارعين ولديها طفل ، حظها من الجمال قليل ، لكنها طيبة القلب ومقبولة الملامح ، تعمل عند الحاج حسن كخادمة خاصة لرانيا فقط ، خصصها لها والدها منذ أن دخلت رانيا كلية الطب ، لتقوم على خدمتها وراحتها .

... إيه ياست رانيا ، دوختينى عليكى ...

... أنتى ايه اصلا اللى مقعدك لحد دلوقتى ، مروحتيش ليه ...

... كنت هروح ، لولا الحاج قاللى أخرج وراكى اشوفك فين ، والبتاع الصغير اللى بتشيليه فى ايدك ده مبطلش زمامير من ساعة ما خرجتى ، والست رجاء فى البيت ومستنياكى ...

ابتسمت رانيا من طريقة زينب فى الحديث خاصة عندما تذكر التيليفون المحمول ، فرانيا من أوائل الفتايات اللاتى حملن هاتف محمول فى البلد ، حتى أن معظم الريفيين لا يعلمون عنه شيئا ، فلم يكن قد انتشر بعد ،

... كل ده حصل اول ما خرجت ...

... ايوة والله ...

... طيب ياستى ...

... روحى انتى لحالك وانا هروح ..

...ماشى ، بس همشى معاكى لحد البيت عشان الحاج ميزعقليش. ...

... ماشى ، يلا ...

...............................................

... جوجو ، وحشتينى ...

... كدابة ، لو بوحشك كنت جيتيلى ، انا اللى على طول بجيلك ...

... متزعليش ، انا بس مدايقة شوية اليومين دول ...

.. كنتى تعالى و بالمرة تغيرى جو ...

.. اغير جو ايه ، ده بيتك بعد المزرعة على طول ، على أول الطريق ، هو ده مفهومك عن تغيير الجو ...

... اهو احسن من الحبسة هنا ...

... والله انا زهقت ، قوليلى بقى ، ايه اللى جابك ومن غير العيال كمان ، لا لا ، اكيد أمك اللى اتصلت بيكى ، صح ...

... هى بس قلقانة عليكى مش اكتر ، بس انتى عارفة طريقتها ...

وقفت رانيا أمام المرآه وهى تعيد تسريح شعرها الناعم الأسمر وهى تقول

... أنتى بتهزرى يارجاء ، انتى عارفة هى عايزة ايه ...

... عارفة وحكتلى ، بس عادى يابنتى ، يعنى انتى شايفة نفسك العروسة المختارة ، أسمعى كلامها وروحى ، غيرى جو زى ماانتى عايزة ، واتفسحى واشترى هدوم ، انتى من ساعة ما خلصتى الكلية وانتى مخرجتيش وبعدين دى الفيوم ، حد يطول جوها دلوقتى ...

جلست رانيا على حافة السرير ووضعت قدم فوق الأخرى وقالت
... اللى بتقوليه وجهة نظر برده ، ويمكن انا محتاجة السفر والخروج ، لكن مش دلوقتى ، يمكن بعدين ، مستحيل اسمح أن اهين نفسى واهين أبويا بالشكل ده ، مجرد سفرى دلوقتى وحضورى حفلة زى دى ، معناها انى موافقة على المهزلة دى وانى رايحة عشان اعرض نفسى فى سوق النخاسة بتاعهم ده ، لو ماما ترضاها ، فأنا لا ، وده آخر كلام عندى ...

... براحة بس متزعليش ، عندك حق ، انا هروح لماما وافهمها كدة ، ويارب تقبل الكلام ...

... وحتى لو مقبلتش ، تعمل اللى هى عايزاه ...

...................................................

... يعنى جبتك ياعبد المعين ، منفعتيش فى حاجة ...

... يعنى اعملها ايه ياماما ، دماغها مقفلة ، وبصراحة بقى انتى الغلطانة ...

... أنا ؟

... ايوة طبعا ، مكانش لازم تقوليلها اصلا ، وقدام بابا كمان ، كان كفاية تقوليلها أن انتوا معزومين على الحفلة عادى ، كانت هتفرح بالسفر وهتروح معاكى ...

... اهو اللى حصل بقى ..

... اصبرى بقى لحد ما دماغها تفك ...

... اصبر ايه ، دا يكون الواد اتجوز وخلف كمان ...

... والله انا اللى عليا عملته ، وانتى عارفة رانيا ، دماغها انشف من الحجر ، وبابا موافق على رأيها ، يعنى مفيش فى أيدينا حاجة نعملها ....

...........................................

مر أكثر من أسبوع على هذا الحوار ، تجنبت فيه رانيا الحديث مع والدتها تماما ، رغم محاولات رضا اثنائها عن ذلك ، لكن ما كان منها من حديث أظهر ما يخفيه عقلها من ناحية رانيا وهذا ما أصاب رانيا بالحزن الشديد ،
كان روتينها اليومى عبارة عن العمل المستمر فى العيادة التى أقامها لها والدها فى أحد جوانب المزرعة ، لتشغل فيها وقتها ، ولم تكن تعود للبيت إلا للأكل أو النوم ، حتى والدها كانت تقابله أثناء مروره على المزرعة ، ويكون ذلك أكثر من مرة فى اليوم .

..............................................

وفى مكان بعيد تماما عن المكان الأول ، تحديدا فى فيلا رشاد سلام ،
كان يجلس محسن فى شرفة غرفته يحتسى قهوته الصباحية ويطلع على بعض الأوراق الخاصة بعقود جديدة ،

محسن رجل وسيم وجذاب ، ليس بمعنى الوسامة المفهوم ، إنما تركيبة شكله من الوقار الواضح والغنى والسلطة يعطيه جاذبية معينة ،

، دخلت والدته وهى تستند على ممرضتها، وألقت التحية الصباحية عليه ،
اقتربت منه حتى ساعدتها ممرضتها لتجلس على الكرسى المقابل لكرسيه ثم انصرفت الممرضة ،
كان يتحدث اليها وهو يكمل مراجعة أوراقه وكأنه غير مهتم بالموضوع من الأساس ،

... الحفلة بكرة بقى زى ما اتفقنا ...

... أنتى لسة مصممة على اللى فى دماغك ده ...

... طبعا يامحسن ، ما انت عارف اللى فيها ، انت الأمل فى الزرية اللى هتشيل اسم ابوك ياابنى ، وانت عارف ظروف اخوك كويس ، هنستنى لحد امتى ، دا انت عندك 37 سنة ...

... وهوايدا و أميرة ، هتعملى...

... أنا مش بتجنى عليهم يامحسن ، هوايدا وخلاص السرطان قضى عليها ، مفيش أمل منها ، هتحمل ازاى ، ولسة مش هستنى موتها ، بقالها شهر ونص فى المستشفى، والله واعلم بقى ،
واميرة نفس الحال ، مش نافعة فى حاجة ، وكل الدكاترة قالوا مفيش أمل فى علاجها ، هتقضى طول حياتها كدة على كرسى بعجل مبتتحركش ، وادينا حاطينها فى مركز تأهيل وبنجيبها فى المناسبات ، مع انى بقول انه ملوش لازمة نجيبها اصلا ، هنعمل ايه احنا اكتر من كدة ...

ثم أدارت المرأة وجهها للحديقة وهى تتمتم بصوت منخفض
... كان موتهم هم الاتنين ارحم ...

ابتسم محسن نصف الابتسامة ، ثم وقف بعدما شرب آخر رشفة فى فنجاله وهم خارجا وهو يقول ... عايزة الصراحة ، انا نفسى قفلت من الستات اصلا ، فإدعى ربنا أن فى بنت من عليتكوا دى تعجبنى ، مع انى أشك ، انا ماشى ، سلام ...

خرج محسن من باب الفيلا ، وزوج من العيون المثبتة تتابعه حتى ركب سيارته ، بعدها تنحدر دمعة أو اثنين من نفس العينين كحال كل يوم من الأيام القليلة التى تقضيها فى هذا البيت .


مر أكثر من شهر على هذا الحدث وفكرت رانيا إلا تتطرق للحديث فيه أو متابعة اخر المستجدات ، كل ما علمت به أنه بالفعل اختار أحد بنات العائلة ، من هى وماذا حدث بعد ذلك ، لا تعلم ولا تهتم من الأساس ،

رن هاتف العيادة الخاصة برانيا ورد العامل عليه ، ثم ذهب لاخطار رانيا التى كانت تقف مع إحدى الفلاحات لتعطيها دواء خاص بإحدى نعاجها ،

... يادكتورة رانيا ...

... ايوة يامهدى ...

... الست وداد على التيليفون ...

... طيب جاية ...

وداد حماد ، من ابناء عمومة رانيا وصديقة لها من أيام الجامعة ، كانت تربية ورانيا طب بيطرى ، لكن كانتا يذهبا ويعودا معا ، تزوجت وداد وهى فى اخر سنة لها فى الجامعة من أحد أقاربهم فى الفيوم ، وعاشت هناك وأصبحت واحدة منها ، لكن مازالت صداقتها بإبنة عمها قائمة حتى الآن .

أعطت رانيا للسيدة زجاجة الدواء واخبرتها كيف تستعملها ، ثم اتجهت لداخل العيادة ، أمسكت بسماعة الهاتف وجلست على حافة المكتب ،

... دودا وحشتينى ...

... وانتى كمان ، فينك ، مكلمتنيش من يومين ...

... اتشغلت ، معلش ، بس رنيت عليكى امبارح اكتر من مرة مردتيش ...

... والله كنت سايبة موبايلى فى البيت ، ومرجعناش غير متأخر ...

... ليه ، كنتوا فين ...

.. عزا ، هوايدا عزمى ، تعيشى انتى ...

وقفت رانيا من صدمتها ثم تحركت خطوة للخلف لتقترب من الكرسى وتجلس عليه وهى تقول

... مرات محسن رشاد ...

... ايوة هى ...

رغم أنها لا تعرفها ولم تراها من قبل ، إلا أن خبر وفاتها سبب لها صدمة حقيقية ، حتى أن الفضول سيطر عليها منذ أسبوع ، فسافرت للفيوم ، واتجهت للمستشفى التى هى بها والتى اخبرتها عنها وداد ، صعدت لغرفتها وطرقت الباب دون إجابة ، فتحت بهدوء ودخلت ، وصدمات من المنظر التى رأته والذى جعلها تفر هاربة ،
هوايدا منحنية على سلة المهملات ويدها على بطنها وتصرخ من الالم ومن ارهاقها من القئ المستمر ، تسندها سيدة كبيرة فى السن،

لم تنتظر رانيا أن تقابلها أو تجعلها تراها ، ولم تتبين ملامحها جيدا ، كل ما رأته إمرأة قد أخذ منها المرض ما أخذ ، منزلق حجابها و شعرها كله متساقط وكأنها صلعاء ، ويبدوا أنه من العلاج الكيميائي ،

رؤيتها هكذا زادت من كراهيتها لرجل لم تراه ولم تعرفه ، حتى أنها لا تريد ذلك .

... إيه يارانيا ، مبترديش ليه ...

... إيه ياوداد ...

... عمالة بكلمك ومبترديش ...

... معلش ، سرحت ...

... قوليلى ياوداد ، هى بنتها فين ...

... أميرة ، ياحبيبتى ، مش عارفة قالولها ولا ايه ، سألت عليها فى العزا ، قالولى انهم مجابوهاش من المركز عشان متتصدمش ...

... عنوان المركز ده ايه ...

... ليه ، هتروحيلها ...

... ادينى بس العنوان ...

سجلت رانيا العنوان ، وقررت أن تذهب لرؤية هذه الفتاة ، مهما كلفها الأمر ،

عادت للبيت بعد السادسة مساء ، كانت الحركة بين الخادمات على قدم وساق ، وعندما سألت عن السبب اخبروها أن الحاجة رضا سوف تسافر

صعدت لغرفة والدتها وطرقت الباب ودخلت ،

... مساء الخير ياماما ...

... غريبة ، جاية لحد عندى وبتمسى عليا كمان ، دا انتى مبتكلمنيش من شهر ، ايه اللى حصل ..

... هو حضرتك رايحة فين ...

... رايحة الفيوم ، فى حد مات هناك ، هروح اعزى ...

... ممكن اجى معاكى ..

التفتت لها رضا من دهشتها من عرضها هذا ،

... اشمعنى يعنى ...

... عادى ، عايزة اغير جو ، غير انى نفسى اشوف وداد ...

... قولتى لابوكى ....

... هروح أقوله حالا ، بعد اذنك ...

تابعتها رضا بنظرة معينة حتى خرجت ، بعدها استدارت للمرآه مرة أخرى وهى تفكر فى شئ معين .

خرجت رانيا تجرى وفى طريقها لخارج المنزل أخبرت زينب أن تجهز لها حقيبتها ، واتجهت هى لتبحث عن والدها لتخبره .

.......................................

استقلت كل من الحاجة رضا ورانيا القطار السريع فى أحد الكبائن الخاصة متجهات للفيوم ،
بدون اى حديث بينهما ، فضلت رانيا الاختباء من عين والدتها فى التظاهر بالنوم ، رغم أنها مستيقظة وتفكر فيما ستقوم به هناك ،

وفى خضم تفكيرها هذا ، سألت نفسها سؤال اربكها ،، لماذا تهتم بهذا الشكل ؟
كان مجرد عرض وانتهى ، ما الذى يجعل هذا الموضوع يقتحم عقلها بهذه القوة ، ما الذى جعلها تذهب لرؤية إمرأة لم تعرفها ؟ وما الذى يجعلها الآن تذهب للفتاة ؟ ماذا تريد وإلى ماذا ستصل ؟

لم تجد اى إجابة لكل هذه الاسئلة ، لكنها ستكمل ، أرادت وستفعل ، وقد بدأت وستكمل .

وصل القطار للفيوم فى السابعة صباحا ،
عادة ما كانت تنزل الحاجة رضا كضيفة عند أختها عندما تكون هناك ، لكن الآن فى وجود ابنتها معها قررت أن تفتح منزل والدها القديم لتقيم فيه ،
وقد اتصلت بأختها لترسل بعض الخدم لتنظيف المنزل وتجهيزه ،

قرر الاثنان المثول للراحة لعدد من الساعات أولا ثم يذهبوا للعزاء فى المتوفاه ،

.........................................

كان القصر يشبه ما يقال فى حواديت قبل النوم التى تحكى للأطفال ، ضخم ، عتيق ، ذات بناء قديم أثرى ، لكن ألوانه وتنسيقها حديثة بعض الشئ ، والفرش والأثاث على الطراز الحديث ،

كانت الصالات مملوءة بالمعزيات ، وبالتأكيد كلهم موجودون بدافع المجاملة وليس الواجب ،

مالت رانيا على وداد وقالت بصوت منخفض

... كويس انك جيتى معايا ، انا معرفش حد خالص هنا...

... أنت تأمر ياقمر ، بس ملاحظة ان كل اللى قاعدين بيبصولك. ..

... ملاحظة طبعا ، ومستغربة اوى ...

.. لأ عادى ، يمكن عشان انتى غريبة ، الكب بيسأل انتى مين ، بقولك ايه ...

... إيه ...

.. شايفة البنت اللى قاعدة هناك ، جمب والدتها ، اللى تحت البورتريه دى ...

... أه ،مالها ؟

... دى العروسة ...

... بتتكلمى جد ، دى صغيرة اوى ...

... 19 سنة ، ما هم عايزين واحدة للخلفة ، لازم ياخدوها صغيرة ...

اعتدلت رانيا بعض الشئ وهى تقول ... تخلف ...

كان يبدوا أن الحاجة رضا منسجمة تماما مع الجميع ويبدوا انهم تعرفهم ويعرفوها ، لهذا مضت عليها الساعات بينهم دون أن تشعر بها ، والعكس تماما بالنسبة لرانيا ، فبعد استأذنت وداد من أجل ابنها ، سار مرور الوقت بطئ جدا ،وبدأت رانيا تشعر بدرجة ملل لا حد لها ،

انسحبت بهدوء تام دون أن تشعر بها والدتها واتجهت للحديقة ، كانت واسعة جدا حتى انها لم ترى لها نهاية ، ومليئة بالأشجار والزهور النادرة ، ،
حاولت رانيا أن تبتعد عن تجمعات الناس ، واستمرت فى المشى حتى اختفى مبنى القصر من حدود رؤيتها ، ، جلست على أقرب حافة تصلح للجلوس ، خاصة أن التيير الذى ترتديه كان باللون الأسود ،
أغلقت عينيها بثوانى معدودة لتخفف من الصداع الذى أصابها ، ولم تجد حتى من يصنع لها كوب من الشاى ،
فتحت عينيها بعدما شعرت بشئ صغير يداعب أحد أصابع يدها ، كانت فراشة صغيرة رائعة الجمال ، ذات ألوان براقة ،

ابتسمت رانيا لها وبدأت تداعبها بأصابع يدها الأخرى ، فجأة طارت وأخذت تنتقل من زهرة لأخرى ، وقفت رانيا وأخذت تجرى خلف الفراشة وكأنها تلهو معها ، غافلة تماما عن العينان التى تتابعها ،

ابتعدت الفراشة كثيرا فتوقفت رانيا عن اللحاق بها ، واستدارت لتعود ، فتجمدت مكانها من الشخص الواقف قريبا منها ،
واضح جدا انه كان يتابع ما تفعل ،
شعرت انها تحتاج الآن لأن تنشق الأرض من تحتها وتبتلعها خجلا من حركات الأطفال التى كانت تقوم بها خاصة فى مثل هذه الظروف الموجودة في هذا المنزل.
ازدادت احراجا عندما وجدته يقترب منها حتى توقف أمامها ،
... مساء الخير ...

ردت رانيا بخجل واضح وعينيها فى الأرض
... مساء النور ، بعد اذنك ...

همت بالحركة بعيدا ، فأمسكها من زراعها وهو يقول ... على فين ...

التفتت رانيا بغضب وهى تنتقل بعينيها بين وجهه ويديه التى تمسك بزراعها ،
سحب يده بهدوء ورفعها لأعلى وهو يقول

.. انا اسف ، مفيش داعى للاستعجال يعنى ، ولو حكمت انا اللى امشى ...

... عادى حضرتك ، كدة كدة كان لازم ارجع دلوقتى ، بعد اذنك ...

... ثوانى ، انا حتى معرفتش اسمك ...

... وعايز تعرف أسمى ليه ...

. نتعرف ، مد يده وهو يقول ،، انا نادر رشاد ...

قالت باندهاش ... رشاد مين ، رشاد سلام ...

.. بالظبط ...

... اذاى ، اللى أعرفه أن محسن ملوش أخ ...

... خلاص ، اعتبريه كدة ...

... يعنى ايه ...

...لا ، متخديش فى بالك ، مش هتعرفينى بنفسك بقى ...

استدارت رانيا لترحل وهى تقول ... لأ ..

... لأ ليه ...

... من غير ليه ...

ثم تركته ورحلت دون أن تعيره اى اهتمام ، وعينيه تتبعها حتى اختفت عن ناظريه .

يتبع




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close