اخر الروايات

رواية المعاقة والدم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم هناء النمر

رواية المعاقة والدم الفصل السابع والعشرون 27 بقلم هناء النمر




المعاقة والدم ....... هناء النمر

الفصل السابع والعشرين

تطلع كل من رانيا ونادر لبعضهم ، ثم تحركت رانيا فى اتجاه نادر وامسكت بيده تشجعه على الخروج ،فقال وهو يتحرك ببطئ خلف رانيا

... انا هقف برة ، لو احتاجتينى اندهيلى. ..

امائت أميرة بالايجاب ، ثم قال لمحسن بصوت منخفض ومحمل بالغضب ، وهو يمر بجانبه

... حساب ايه اللى بتتكلم عنه ، هتحاسبنى على ايه يامحسن ؟ على انى خرجتها من مركز كانت هتقضى فيه بقية حياتها عاجزة ، وبنت ايه اصلا اللى انت بتتكلم عنها ، اللى انت خرجتها من حياتك ورميتها ودورت تكمل حياتك بعيد عنها ، وهى ونصيبها بقى ،
حسابى انا مش معاك انت يامحسن ، حسابك انت معاها هى ...

وأشار لاميرة وهو يقول آخر جملة والتى كانت تستمع لكل كلمة قالها عمها وعينيها على والدها.

خرج نادر ، بعدها قالت لمحسن وهى تشير لكرسى جانبى ،

.. اتفضل ...

لم يتحرك من مكانه بل ظل واقفا مكانه يتطلع لابنته والتى أصبحت انسة جميلة ، زهرة متفتحة ، بعدما كانت ...
هنا توقف عقله حتى عن الاقتراب من الذكرى القديمة والتى استمرت فى اقتحام عقله لسنين ، تحرمه النوم وراحة البال .

قال وهو يقترب منها ... ازييك ياأميرة ...

أجابت بتهكم. .. زى ما انت شايف ، معرضة فى أى لحظة انى ارجع زى ما كنت ...

وقبل أن يجلس كان قد دخل الطبيب ومن خلفه الممرضة وبدأ فى معاينة أميرة ، والتى تركته يتابع عمله دون أن ترفع عينيها من على والدها وهو الآخر أيضا .

....................................................................

... هنفضل كدة سايبينهم لوحدهم ومش عارفين ايه اللى بيجرى جوة ، قلتلك نفضل واقفين قدام الباب ، قلتى لا اوضة الانتظار أفضل ، ادينا قاعدين ومش سامعين ولا عارفين أى حاجة ...

أجابت رانيا وهى تعود برأسها للخلف لتسنده على الحائط وهى جالسة على الكرسى بجانبه ،
... متقلقش عليها ، سيبها تفرغ الشحنة اللى جواها ، عاجلا أو آجلا ، كان ده هيحصل ...

سندت رأسها على الحائط واغمضت عينيها وقالت
..... بس كان عندى سؤال نفسى ألاقيله إجابة ، ...

... ايه ؟

... هو ليه كل الرجالة مبتفوقش غير بعد فوات الأوان ...

فكر لثوانى فى سؤالها ، فى المجمل هى تقصد محسن ولكنها تقصده هو نفسه فى مضمون كلامها ، وقد فهم ذلك ، ابتسم ولم يجيب بل قرر مجاراتها فى الكلام ليصل لأخرها .

... تقصدى ايه بفوات الأوان ...

... يعنى مبيفوقوش غير لما يخدوا على قفاهم ...

التفت لها وهب واقفا أثر كلمتها مما جعلها وتفتح عينيها وتلتفت له وتقف قبالته هى الأخرى ،

قال بغضب ... يعنى ايه ياخدوا على قفاهم دى ...

ردت بعند... واضحة على فكرة ، ياخدوا على قفاهم ...

تحرك ناحيتها خطوة مما جعلها تعود للخلف بنفس مسافة الخطوة وهو يقول ... تقصدى ايه أن شاء الله ...

.. .. ايوة يانادر ، أقصد اللى فهمته ، اخوك محسش ببنته غير لما راحت ، وانت برده نفس النظام ، وانت فاهم ، ليه ؟ ليه كدة ...

تقدم خطوة أخرى ، وعادت هى بالمثل وهو يقول
... اسحبى اهانتك دى لو سمحتى ...

وضعت يديها الاثنين وتوسطت بهم خصرها وهى تقول
... تقصد موضوع القفا ده ، مش هسحبها ...

... رانيا ، متنرفزنيش. ...

... برده لا ، لأن دى الحقيقة ...

تقدم خطوة أخرى ناحيتها والتى عندما عادتها التصق ظهرها بالحائط من خلفها،
رفعت اصبعها ناحيته وقالت محذرة ... نادر لو سمحت ...

مد يدها وامسك بكف يدها وقال وهو يقترب أكثر
... انا مبحبش الصباع ده على فكرة ، بقى انا اخدت على قفايا ...

اضطربت رانيا جدا وقالت ... نادر لو سمحت ، احنا فى المستشفى ...

اقترب أكثر حتى أصبح ملاسقا لها تماما وقال ... استنى بس أما نشوف موضوع القفا ده ...

اضطربت وبدأ جسدها يرتعش من ملاصقته لكل جسده بجسده بهذا الشكل خاصة أنها تشعر بالانفاس التى لطالما حلمت بها تلفح وجهها ،

قالت بصوت متقطع ... نادر ، ميصحش كدة ، من امتى وانت همجي كدة ...

. كمان همجي ، يعنى قفا وهمجى مع بعض ...

رفعت يدها الأخرى تحاول أبعاده بها ، امسك بيدها بيده الأخرى ، فأصبحت محاصرة بين جسده والحائط ومثبتة يديها بيديه الاثنين ،

التقت عيناهما فى حوار طويل عمره سنين ، مال برأسه ناحية رأسها ببطئ وقبلها من جبهتها ثم أنفها ، وهى لا تتحمل ، أنفاسها تتصارع وقلبها ينبض كاالدفوف فى صدرها ،
تأملها بحنان للحظة وهى مغمضة العينين ، ويديها قد لانت تحت قبضة يده ، ثم هبط بعينيه لشفتيها الشهيتين وتأملهما فلم يستطيع المقاومة أكثر من ذلك ،
مال عليهما والتقط شفتيها السفلى بين شفتيه ، وأخذ يتنقل بين شفتيها العليا والسفلى فى بحركة بطيئة وحنونة ليشكى لهما اشتياقه ، كانت مستسلمة للحظة ثم بدأت تتفاعل مع قبلته ، عمق قبلته أكثر بتجاوب منها ، فرغم أنها قد لاحقت الثلاثين من عمرها الا ان هذه القبلة قد كانت قبلتها الأولى ،
لم يدركا كم من الوقت قد مر عليهما وهما على هذا الحال حتى انفصلا فقط من أجل التقاط انفاسهما وكأنهما قد كانا فى سباق رياضى طويل ،

أخذ يتلمس خديها بأطراف أصابعه حتى اسبلت عينيها خجلا منه فلمحت الواقفين من خلفه يتابعون المشهد .فزعها جعله يستدير ، فوجد اثنين من الممرضات واحد العاملين يتقدمهم كريم يقف مبتسما .
وقف أمامها لتختفى هى خلفه من خجلها الذى لم تستطع التحكم فيه مما رأوه رغم الفرح التى امتلأ بها قلبها من قبلة نادر لها بل مما رأته فى عينيه من حب ،

... ايه ، فى ايه ؟ اتفضلوا كلكم ، العرض انتهى ... قالها نادر

تفرقوا مبتسمين إلا كريم الذى ثبت مكانه ولم يتحرك ،

.. وانت هتفضل واقف كدة ...

قال مبتسما ... اروح فين ، انا كنت جاى اطمن على أميرة ...

... اهى عندك جوا ، الحقها قبل ما أبوها ياكلها ...

فجأة تحركت رانيا من خلف نادر وهى تلاحق كريم
... استنى رايح فين ، متدخلش دلوقتى ..

ثم التفتت لنادر قائلة .. انا لسة قايلالك ايه دلوقتى ،محدش هيدخل غير لما هي تبعت ...

جلس كريم وجلس قبالته نادر وهو يرفع أحد حاجبيه غضبا من كريم ، وجلست رانيا بجانبه ، مال نادر عليها وقال بصوت منخفض

... أما نروح البيت نبقى نكمل حكاية القفا دى ، الموضوع طويل والمناقشة فيه هتاخد وقت ...

ابتسمت واخفضت عينيها للأسفل وهى تقول ... قليل الأدب ...

......................................................................

انتهى الطبيب من معاينة أميرة ، بعدها أكد عليها عدم الحركة على الأقل ليومين كاملين من باب الاحتياط فقط لا أكثر ، ثم استأذنهم وخرج وتبعته الممرضة ،

أغمضت أميرة عينيها غضبا من نومتها هذه ، فذكرياتها مع هذا الوضع سيئة جدا لا تريد حتى تذكرها ، فما بال العودة إليها .

اقترب منها ولمس جبهتها بيديه ، لمسة انتفض لها جسدها وفتحت عينيها تتطلع إليه ، فهى بالتقريب لا تتذكر أى لمسة منه لجسدها حتى قبل سفرها مع نادر ورانيا ،

... انا اسف ياأميرة ...
كانت هذه جملته والتى خرجت منه بالفعل بصدق شديد وصل لقلبها
لكنها كابرت ،
... متفرقش كتير ، انا كدة كدة راجعة تانى ، مش هفضل هنا ...

... راجعة فين ياأميرة ، انا مستحيل اسيبك تانى ...

التفتت له وتابعته وهو يتحدث وعقلها مملوء بالأفكار المتعلقة به

قال بحسرة ... سامحينى ، أرجوكى يابنتى ، انا مأذتش جدك فى حاجة ، هو إللى حاول يأذينى فى شغلى ، ومتحملش الرد منى على إللى عمله معايا ، واللى حصل معاكى و مع والدتك ، انتى الوحيدة اللى تعرفى أنها حادثة مش مقصودة ، مقصدش اعمل كل ده ، رغم كدة انا ندمان ، والله ندمان على كل ده ، ولو رجع بيا الزمن ، مش هكررها مرة تانية ، خاصة معاكى انتى ياأميرة ، أما اسف ياحبيبتى ، اوعدك انى هعوضك عن كل اللى فات ، كل اللى عملته فى حقك ...

أخذت تتأمله وهو يتعذر ويعد بأشياء وأشياء ، لأول مرة تفكر فى سخافة فكرة الانتقام منه ، لماذا ، وماذا ستجنى مما تفعل ؟
نادر كان على حق تماما فيما قال ،
كان يجب عليها الاهتمام بحياتها ومستقبلها ، فلم يعد يهم ما تريد منه ،

أغلقت عينيها وادارت وجهها للناحية الأخرى ، فسكت محسن لثانية
ثم ناداها ...أميرة ...

استدارت وعينيها تبرق وهى تقول
... أسمى ماتيلدا ، ماتيلدا جيفرسون. ..

قالت اسمها بتفرد حرفى كتأكيد حقيقية الاسم بعيدا عن اسمها الذى نطقه ،
قال ... لا ، اسمك أميرة ، أميرة محسن سلام ، بنتى انا ...

... بص ، من الاخر كدة ، انا مبقتش فارقة معايا ، يمكن ربنا رجعنى بس عشان اشوف جدتى ، انا فعلا كنت محتاجة اشوفها ، ويمكن عشان اشوفك انت كمان ولو لآخر مرة ، يمكن برده كنت محتاجة كدة ، عشان ابدأ من جديد ، واشيل من جوايا الحمل اللى انا كنت شايلاه ، انا مش محتاجة منك حاجة ، واللى عملته فيا وفى ماما ، ده بينك وبين ربنا ، يحاسبك عليه زى ما هو عايز ، انا خلاص ، مبقتش محتاجة اعمل أى حاجة ...

... أميرة ، أرجوكى ...

قاطعته قبل أن يكمل قائلة ... أرجوك سبنى لوحدى دلوقتى ...

بالطبع هو لم يكن متوقع ابدا أنها ستسامحه فور وصوله اليها فقد توقع جولات كثيرة للوصول لرضاها ، لكن صدها له بهذا الشكل جعله على يقين أن الموضوع سيحتاج أكثر مما حدد له ،
المهم انه قد قرر انه لن يتركها تبتعد بعد الآن ، ليس بعدما ظهرت واقتربت من جديد بل واعطته فرصته الذهبية ليكفر بها عما مضى و ليعوضها عما فعل بها وبأمها .

خرج من غرفتها يجر ازيال الخيبة ، لمحهم من بعيد ، اقترب منهم بخطوات بطيئة مرهقة ، ثم توقف أمام نادر الذى وقف بدوره أمامه

فقال له محسن بتوسل وعين تلمع بالدموع
... انا مش عايزها تمشي تانى يانادر ، مش عايزها تبعد ، عايزها جمبى ومعايا ، دى بنتى ، أتصرف يانادر ، ارجوك أتصرف ....

يتبع



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close