رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل الحادي والعشرون 21
أحشت الطاووس أن الزجل الذي أمامها هو الشيطان بعينه، كانت نظرة واحدة
منه كفيلة في قتل شخص ما.
انتشرت بقع حمراء على يدي نائل في أقل من دقيقة، وتسارعت نبضات قلبه
بشكل جنوني.
تبين أن تحسسه هذه المرة أسوأ بكثير من المرة الماضية.
شد قبضته وعض على أسنانه. خلود
إن أول ما رآه سالم عندما وصل إلى المستشفى هو تلقي نائل لحقنة بالوريد.
ابتلع سالم ريقه من الخوف عندما رأى النظرة الجليدية التي تملكت
كما لو أن في العالم برفته مدين له بدين عظيم.
يجب الرد لمتابعة القراءه
المحتو مخفي
وجه نائل
شرع قائلاً: "لم تعد السيدة هادي إلى القصر ولا إلى منزل آل حديد. لم نتمكن
من إيجاد أثر لها"..
انهالت على نائل موجة غضب قبل أن يفرغ سالم من كلامه، ورمى بكل
الكاسات الزجاجية التي كانت على الطاولة أرضا.
عبر صوت الزجاج المتحظم والماء المسكوب على الأرض تعبيرا وافيًا عن
مشاعر الأسى التي اختلجت صدر نائل
زمجر قائلاً: "واصلوا البحث"
"حاضر يا سيد هادي". مسح سالم عرقا باردًا عن جبينه وباشر بالعمل فورا.
لا أصدق أن السيدة هادي رحلت بعد أن وكزت الأب، تاركة وراءها الفوضى لنا
لتنظيفها . يا لها من حياة بائسة أعيشها !
كانت خلود ترسم تصميمًا باستمتاع في غرفة السكن الجامعي، بينما نائل يعاني
في المستشفى. لم تستطع سوى أن تعترف بأنها شعرت بنوع من السعادة إذ أنها
لم تز نائل في الأيام القليلة الماضية.
سيفقد الرئيس التنفيذي الذي هو عليه شغفه قريبا، أنا متأكدة.
بي
قدرت خلود أن تكرس كل طاقتها على تخصصها إذ أنها أصبحت على مشارف
التخرج.
صار لديها ركيزة ثابتة، بعد دراسة أربع سنوات في مجال تصميم الأزياء.
عندما افتتحت صفحتها الإلكترونية، ضفت إليها كافة معلوماتها الشخصي
ورسمات تصاميمها، وأرسلتها لأكثر الشركات رواذا في عالم الأزياء - شركة
الرضا، لإجراء مقابلة معهم.
رجحت أنها لن تسمع الزد قبل أسبوعين من شركة كبيرة كهذه.
استغلت وقت فراغها ووجدت وظيفة بدوام جزئي كموظفك مبيعات في متجر
فخم بما أنها خسرت وظيفتها في الحانة.
ارتدت زي العمل وحضرت نفسها، بعدما نظرت إلى الوقت. كان محثفا عليها
تصفيف شعرها ووضع مساحيق التجميل، إذ أن المتاجر ذات الطبع الفخم دائما
ما تضع معايير عالية لموظفينا.
أعطا مدير المتجر خلود توجيهات بما يجب وما لا يجب فعله عندما وصلت إلى
المتجر.
لم يكن المكان مزدحما في أغلب الأحيان فإن هذه المتاجر توفر خدمات باهظة
الثمن، وكانوا يعاملون الزبائن من الطبقات العادية بلا مبالاة.
كان يعد هذا السلوك طبيعيًا بالنسبة لمتاجر مثل هذه.
ملأ صدى صوت البائعة المتجر لقد مضى وقت طويل على قدومك يا سيدة
سلمان، ما رأيك أن أريك تشكيلتنا الجديدة؟"
التفتت خلود، التي كانت مشغولة بترتيب البضاعة رأسها ورأت كنوز التي كانت
ترتدي ملابس أنيقة.
يا له من عالم صغير، لا أصدق أنني التقيت بها هنا.
أرجعت خلود رأسها، غير راغبة بلفت نظرها.
في
هذه الأثناء، كانت كنوز تدقق في بضائع المتجر من دون
أن
اهتمامها
يثير
شيء، وتعتريها خيبة الأمل بسبب نقص البضائع الجديدة. عندما كانت على
وشك المغادرة، لاحظت قوانا نحيفا في الزاوية.
أليست هذا خلود؟ ما الذي تفعله هنا؟ ألن تصبح محط سخرية إذا اكتشف
الآخرون أن زوجة السيد هادي العظيمة تعمل كبائعة؟ من الواضح أن نائل لا
يهتم بها، أليس كذلك؟ لا بد من أنه كان يمثل أمام السيدة هادي فحسب.
وأعتقد أنه أمر معقول، فلماذا قد يقع وريث شركة هادي في حب امرأة لا خلفية
لها ولا موقع؟
اتجهت كنوز نحو خلود، وهذه الأفكار تجول بذهنها وقالت بسخرية: "هل هذه
إحدى موظفاتك؟"
أجابت مديرة المتجر مباشرة : "لم تعتد هذه الموظفة على طبيعة العمل هنا بعد،
فهي جديدة. لماذا لا أعين لك موظفة أكثر خبرة ل-"
قاطعت كنوز مديرة المتجر قائلة: "أريدها أن تساعدني".
بانت الحيرة على وجه مديرك المتجر عندما سمعت بذلك. لم تكن لديها أدنى
فكرة عن العلاقة التي تربط خلود وكنوز، وقلقت من أن تقوم الأولى بإهانة
زبونة المحل المحترمة.
نهضت خلود بهدوء وقالت: "لا تتردي في طلب مساعدتي إن احتجتها يا سيدة
سلمان".
نظرت السيدتان إلى بعضهما البعض بنظرة غريبة، قبل أن تلتفت كنوز وتسرح
بنظرها ناحية المتجر محاولة إيجاد طريقة لإخراج خلود من المتجر.
وقع نظرها أخيرًا على رف تشكيلة الكعب العالي الحصرية "أرغب في تجربة
هذا الصف من الكعب العالي. مقاس قدمي هو سبعة وثلاثون، لذا عجلي
وأحضريها لي".
نظرا لوجود أكثر من عشرين نوع من الأحذية العالية، اقترب أحد الموظفين
المساعدة خلود، إلا أنه تراجع عندما تلقى نظرة حادة من كنوز.
كانت خلود على دراية بالتأكيد من أن كنوز تحاول تصعيب الأمور عليها عمداء
إلا أنها لم تقل شيئا، وتوجهت نحو المستودع لإيجاد الأحذية اضطرت على
الذهاب إلى الزف أكثر من مزة بفعل قصر قامتها للحصول على الأحذية.
التعب
غمر الشرور قلب كنوز عندما رأت خلود وهي تحاول التقاط أنفاسها من
وشعرت كما لو أنها انتقمت بعد ذلك أزالت حذائها بغطرسة وأمرت بيرود
ساعديني على تجربة كل زوج على حدى، من هذه الأحذية ذو الكعب العالي".
على الرغم من أنه يجب على موظفة المتجر مساعدة زبونها في تجربة
الأحذية، إلا أن جميع الحاضرين شهدوا أن كنوز تحاول تعقيد الأمور على خلود
عمدًا.
ما
العلاقة التي قد تربط بين مشهورة وخزيجة جديدة؟ هل لأن خلود
جميلة؟ لا بد أن ما يقولونه صحيح فعلا، لا يمكن للمرء أن يفهم السبب من وراء
غيرة النساء.
لم تتذمر خلود طوال عملية إخراج أحذية كنوز لتجزيها، وبدى وكأن هدوءها
سيظل ثابثا مهما حاولت الأخيرة إزعاجها.
واضعة يدها على خصرها ومائلة رأسها إلى الجانب، وقفت كنوز بوضعية
مهيمنة تتطلب جذب الانتباه. اعتقدت أن جودة الكعب العالي ممتازة، على وجه
الخصوص أن سطحه الناعم كان قادرًا على أن يعكس الوجه الرائع الذي كان
أكثر نعومة وجمالا من وجهها.
رفعت حاجبيها وعبرت في عينيها نظرات ازدراء وقالت: "لا بأس بها، فلنواصل
تجربتها!"
تنفست خلود الضعداء بمجرّد أن لمست خلود طرف حذاء كنوز حركت الأخيرة
كاحلها كما لو أنها تتلاعب معها. أدت هذه الحركة الاستفزازية إلى إدلاء البرودة
على الجو.
رفعت خلود عينيها، وومضت نظرتها بانزعاج طفيف. لم تكن هذه المرة الأولى
التي تواجه فيها زبونة صعبة وكانت تعلم أن اهتمامها سيجع من كنوز أكثر
سعادة.
لن تسمح للمرأة أن تنال مبتغاها من دون أدنى شك.
ظهرت ابتسامة ساخرة خفيفة على وجهها الجميل قبل أن تمسك بقوة بكاحل
کنوز وتخلعها حذائها.
عبست كنوز حاجبيها. كيف تجرؤ هذه العاهرة على أن تكون عنيفة معي؟
داست كنوز على أصابع خلود النحيلة الرقيقة في اللحظة التي كانت تساعدها
فيها على ارتداء فردة الحذاء الثانية.
عقدت خلود حاجبيها وأظلقت نظرتها يفعل الألم الحاد.
زادت كنوز قوة ضغطها في كل مرة تحاول فيها خلود سحب أصابعها، وكأنها
كانت مصممة على سحقها.
ملأت العداوة الأرجاء، بينما كانت المرأتان تخوضان معركة صامتة.
شدت خلود للمزة الأخيرة، واستطاعت تحرير أصابعها، مما أفقد كنوز توازنها،
وكانت على وشك أن تقع، إذ أنها لم تتوقع هذه القوة من خلود.
سقط وجه كنوز وغضبت قائلة: "هل تحاولين إيذائي عمدًا يا خلود؟"
رأى جميع الحاضرين أن كنوز هي من كانت تمنح خلود وقنا صعبا، إلا أحدًا
منهم كان قادرًا على فعل أي شيء.
فإن كنوز زبونة المتجر المحترمة، ومن مشاهير الطبقة الأولى على أية حال.
لذا، ما زالت تمتلك الأرضية الأخلاقية العالية، حتى لو كانت مخطئة.
"أريد من خلود أن تنحني وتعتذر لي، وإلا فسأقدم شكوى إلى فرعكم
الأساسي!"
ساد الضمت المكان، إذ أن أحدًا لم يجرؤ على النطق ببنت شفة، حتى أن مديرك
المتجر احتارت بما ستقوله.
فجأة، ترددت خطوات ثابتة من المدخل.