اخر الروايات

رواية المعاقة والدم الفصل العشرون 20 بقلم هناء النمر

رواية المعاقة والدم الفصل العشرون 20 بقلم هناء النمر




خرج وهو لا يرى أمامه من شدة غضبه مما سمع منها ، أو بمعنى أصح مالم يتخيل أن يسمعه منها ، فقد كان جاهزا لبعض المقاومة ولكن ليست بالكثير ، قد تخيل أن جملة ،، أريدك أن تعودى الى ،، ستجعلها نوافق وتعود معه ،
هى الان بالفعل قد قررت وقد بدأت خطواتها بالتنفيذ ، هو الآن فى مجال خسارتها فعلا وبدون عودة نهائيا،

دخل من باب الغرفة التى حجزها فى فندق قريبا من شقتها والذى تصور انه من الممكن حتى أن لا ينفذ الحجز وأنه سيبقى معها فى شقتها ،
تهاوى على أقرب كرسى صادفه وكأنه لا يقوى على الاستمرار في الحركة بعد الآن ،
عقله يكاد ينفجر من مجرد فكرة أن تكون لرجل آخر تحبه ويفعل معها مالم يفعله هو ، يشعرها انها إمرأة ، بل يحولها من الفتاة التى هى عليها الآن إلى أنثى كاملة ، تكون له وتنجب منه ،
كل هذه أفكار يكاد يجن منها ،

قام من مكانه وبدأ بخلع ملابسه قطعة خلف الأخرى وهو يتجه بتكاسل ناحية الحمام ،
فتح الماء الساخن ووقف تحته وقد إكتمل داخله قرار معين ... هى انثاه هو ولن يتراجع عن ذلك..

..................................................

توقفت أميرة عن الحركة بكرسيها وهى تقول
... أنا أميرة محسن سلام ...

لم يبدى اى رد فعل نهائى على جملتها التعريفية هذه غير انعقاد حاجبيه دهشة واستفسار عن ما قالت ، وظل هكذا لثوانى معدودة يردد الجملة فى رأسه ، ثم قال
... أميرة مين ؟ اذاى اصلا ؟
اللى أعرفه أن بنته ماتت اصلا ، انا بنفسى حضرت دفنها ، انت بتشتغليى ...

... هشتغلك ليه ، انا قلتلك الحقيقة ، انما التفاصيل اسمحلى احتفظ بيها لحد ما اقدر أثق فيك ، كل اللى اقدر أقوله انى بنت محسن سلام ، اللى مفروض انها ماتت ....

.. وايه يثبتلى أن كلامك ده حقيقى ...

وقفت وهى تقول ... مش وقت الإثبات و مش هقدر اقولك اكتر من كدة ، وياريت متقولش لحد عن اللى قولتهولك ، ده اذا كنت عايزنى أثق فيك واحكيلك التفاصيل ...

.. اذاى وانتى المفروض هتقابليه وتروحى بيته الليلادى ..

... هروح بيته ليه ...

.. العشا اللى قولتلك عليه وإلى المفروض هعرفك بيه فيه ، ده يبقى حفلة عيد ميلاد ولاده ...

... أه ، أمير وأميرة ...

... ده انتى عارفاهم اهو ...

قالت بسخرية ... طبعا ، مش اخواتى ، ده حتى متسميين على أسمى ويبقوا ولاد اختك انت كمان ...

... فعلا ، مسميهم على اسمك لأنه كان بيحبك ...

... بيحبنى ، فعلا ، دى نكتة حلوة بس مليش مزاج اضحك ، اللى حصلى خلى ضحكتى صعبة شوية ...

... صدقينى ياأميرة ، بباكى تعب جدا بعد وفاتك ، لدرجة أنه أتعرض على اكتر من دكتور نفسى ، والكل فسر ده انه حزن عليكى ، وطلبوا انه يبعد عن كل اللى يفكروا بيكى ، عشان كدة نقلوا من البيت ده لبيت تانى ...

.. ده على أساس أنى ليا ذكرى فى البيت ده ، انا معشتش فى البيت ده اصلا عشان يفكره بيا ، بس على آى حال مش وقت الكلام ده ، ممكن نمشى وبعدين نبقى نتكلم ...

... ممكن طبعا ، اتفضلى ...
خرجت هى من باب الغرفة أولا وهو خلفها ، فجأة صرخت واستدارت لتحتمى به ،
فقد رأت ثعبان صغير نسبيا يتلوى بسرعة ليبتعد ،
كان جسدها يرتعش وهى متمسكة بقميصه الرمادى من الخلف وجسدها بالكامل ملاصق لجسده ،
ابتسم من فرحته مما فعلت ومن تلامسهما بهذا الشكل وحاول أن يطيل الوقت قدر الإمكان ،

قال ... متخافيش، ده صغير ، ده بس عشان البيت مهجور من فترة وفى وسط مزارع ، يلا نمشى ...

تحركا وهى مازالت ملتصقة به كما هى وعينيها مازالت على مكان وجهة الثعبان رغم أنه اختفى ،
وفى لحظة أدركت وضع جسدها من جسده ،
فابتعدت فى حرج ، وسبقته مبتعدة، وهو خلفها ومازال محتفظا بابتسامته على وجهه .

..................................................

... يعنى حضرتك متأكدة ، أن دول بس اللى مسكوا حالتى ...

... ايوة يافندم ، تلات بنات ، كل واحدة كان بتستلم حالة حضرتك فى شفت ، الصبح وبعد الضهر وبليل ...

... طيب ، مفيش اى بنت بالمواصفات اللى قلتلك عليها هنا ...

... أنا معنديش اصلا بنات مش محجبة فى العناية غير البنت دى ووريتك صورتها ، الباقى كلهم محجبات ...

... حضرتك ممكن تفهمينى انتى بتدورى على ايه وانا ممكن اساعدك ...

... شكرا ، حضرتك عملتى اللى عليكى ، استأذن انا عشان ابنى مستنينى برة ، شكرا مرة تانية ...

... الشكر لله يافندم ...

خرجت الجدة وقد تأكدت لديها ما شكت فيه من ناحية الزائرة الغريبة ، وأن كان صحيح ما يدور بعقلها ، فسوف تعود هذه الزائرة مرة أخرى .

.................................................

... مساء الخير يادكتورة ...

رفعت رأسها بعيدا عن التاب الذى كانت تسجل عليه بعض الملاحظات الجديرة بالذكر فى المحاضرة التالية وهى جالسة على طاولة فى مقهى راقى قريبا نسبيا من الجامعة ، وجدت نفسها تواجه الرجل الذى تشاجرت معه من قبل فى مكتب العميد من أجل ابنته المهملة،
لكن هذه المرة يبدوا اوسم كثيرا من المرة السابقة ببدلته السوداء وبعيدا عن الزى الرسمى الذى كان يرتديه ،

.. مساء النور ، ايه ، فى حاجة تانية نسيت تقولها بخصوص بنتك ، ولا دى صدفة ...

...لأ ابدا ، مش صدقة ، انا جاى لحضرتك مخصوص ..

... مخصوص ! ؟

... ايوة ، مخصوص ...

... وعرفت انى هنا ازاى ...

... عيب السؤال ده يادكتورة ، ده انا مدير أمن، ....

... اااه ، خير ان شاء الله. ..

... خير طبعا تسمحلى أعقد الأول ...

... متأسفة ، اتفضل ...
ومدت يدها وأغلقت التاب المفتوح أمامها ،
استندت بظهرها على الكرسى ووضعت قدم فوق الأخرى وانتظرت حديثه،

...تحبى اعمل مقدمة ولا أدخل فى الموضوع على طول ...

... موضوعك اكيد يعنى ...

... بصراحة يادكتورة ، انا سألت عليكى ، وكل اللى وصلنى حاجات كويسة ...

... وتسأل عليا ليه اصلا ، وايه وصلك عنى ...

... اللى وصلنى أن حضرتك انسانة كويسة جدا ، كنتى متجوزة من دكتور برده وكان ابن عمك وانفصلتى ، صح كدة ..

لم ترد ، بل انتظرت للمتابعة ، فما قاله هو ما أخبرت به زملائها فى الجامعة ، حتى لا يستمر أحد فى طرح الأسئلة،

تابع كلامه قائلا ... بالنسبة لسبب السؤال ، فأنا بتقدم ليكى واطلب ايدك للجواز. ..

اتسعت عينيها على آخرها وهى تقول
...أفندم ..

... أنا آسف ، انتى اللى طلبتى المباشرة فى الكلام وعموما انا مش مستعجل على الرد ، تقدرى تسألى عنى زى ما انتى عايزة ، انا ببساطة شديدة نفس الظروف بس من 12 سنة ، مطلق ، وعندى ولد وبنت ، البنت اتعرفتى عليها والولد واسمه زين ، سافر من سنة بعد ما خلص جامعة ...

قاطعته رانيا قائلة... لو سمحت بس ، براحة شوية ، المشكلة أنى مش جاهزة لأى ارتباط دلوقتى ، استقر هنا الأول واشوف انا هعمل ايه ..

... منا قولتلك انى مش مستعجل على الرد ، خدى وقتك وبراحتك ، ده الكارت بتاعى ، فيه أسمى بالكامل وأرقام تيليفوناتى وانا برده اللى هبقى اكلمك أن شاء الله قريب ، استأذن انا ...

تركها وابتعد وهى لا تصدق ما تعرضت له للتو ، فرغم أن الكثير قد أبدوا إعجابهم بها ، إلا أن حقيقة انها متزوجة لم تجعل أحدهم أن يكون مباشرا فى حديثه بهذه الطريقة ،
كن المفترض أن تكون سعيدة بما حدث الآن ، أى إمرأة فى مثل هذه الظروف ستكون كذلك حتى وإن لم توافق ، لكن لما أصاب قلبها الهم والحزن
أضعاف أضعاف الفرح .

...................................................

أميرة تجلس مع كريم فى أجد الكافتيريات المواجهة لشلال صغير رائع وتحوطهم الخضرة من معظم الجهات،

.. بس حقى أفهم ...

... أنت ليه مصمم ، غير أن الموضوع اصلا مش بالتعقيد اللى انت متخيله ، كل الحكاية أن كان نفسى اتعالج ، وبابا رافض تماما ، حاولنا نقنعه مفيش فايدة ، عملنا الحكاية دى كلها عشان اسافر ، مش اكتر ...

.. ومين ساعدك فى الحوار ده كله ؟

.. مش مهم مين ، المهم انه حصل ، وأنا اهو وواقفة على رجلى ...

... وناوية على ايه ..

... فى ايه ؟

.. من ناحية باباكى ...

...هيكون ايه يعنى ، انت عارف ، بقى ليا كارير وحياة كاملة بعيد عن هنا ، بس كان عندى شغف انى اشوف آخر المستجدات ، جيت وهرجع تانى ...

طالت نظرته له ، لا ليتأكد صدقها من كذبها وإنما حديثها عن العودة قد أثار حفيظته ، فهذه اول مرة يكون بمثل هذه السعادة ، بالإضافة انه يشعر انها معجبة به هى الأخرى ومطمئنة له والا لن تخبرها بهويتها الحقيقية ، فلما يتركها تبتعد ،
لهذا الطريقة الوحيدة فى بقائها هى قربها من والدها مرة أخرى ،

انتبه من شروده على قولها وهى تجمع حاجياتها من على الطاولة
... أنا كدة قضيت اليوم كله معاك ، وكنت عايزة اروح للكوافير بسرعة ،انت هتفوت عليا أمتي ؟

...انتي لسه مصممه تروحي؟

....بالتأكيد انا طالبه معايا جدا اشوف رد فعله لما يشوفني ...

...بالتأكيد هيعرف وبعدين مفيش حد ميعرفش بنته ،دا عدي سبع سنين بس...

...أشك ...

.................................................

...وقفت أمام المرآه تتأمل الشكل الجديد الذي أصبحت عليه،
لأول مره من بدايه حياتها حتي الآن تتخلي عن الشعر الطويل وتحوله لشعر قصير يصل حتي اكتافها مع بعض الخصلات التي تغطي نصف جبهتها وخصلتين فقط تلونت باللون البنفسجي فى خلفية شعرها ،
فستان قصير يصل للركبة باللون الزهرى الممزوج ببعض التموجات المائلة للزرقة مع حزام اسود لامع وسطى ، وحزاء برقبة طويلة جدا (بوت )
حتى الركبة يغطى ما تبقى من قدميها وجاكت قصير جدا اسود (بوليروه).
كل ما أرادته في شكلها قد وصلت اليه ، فتاه المانيه كلاسيكيه كالفاتنات فى الافلام الألمانية القديمة ،

نزلت سلالم الفندق الخارجية وهى ينتظرها بجانب سيارته ، اعتدل فقط لمجرد رؤيتها ،
الأميرة الجميلة الغائبة عند عودتها ،
عينيه تمتلئ بإعجاب وحب فاض حتى ظهر على وجهه ، وهى بالطبع رأت ذلك ،
وقفت أمامه وطال تبادل النظرات ،

قال .. أنتى متخيلة انه كدة مش هيعرفك ...

... الموضوع دلوقتى مبقاش فى هيعرفنى ولا لأ لأنى متأكدة انه مش هيعرفنى ،
المهم دلوقتى انى المفروض هتكلم ألمانى وانت طبعا هتكون المترجم بتاعى ...

تنحى لها باحترام لتمر وهو يقول
... كريم سليمان ، مترجم خاص ، فى خدمة حضرتك يافندم ، اتفضلى ...

مرت أمامه وهى تضحك بشكل فتنه حقا ،
فتح الباب وركبت بجانبه ، واستدار وركب هو الآخر فى وضع السائق وانطلق بالسيارة ،

تابعت الطريق حتى وصلت لفيلا كبيرة فى حى هادئ ، يفصل بينها وبين الفندق لا يزيد عن ربع ساعة بالسيارة ،
كانت الأضواء تحوط المبنى من كل جانب ،
ومانشيط كبير يضاء ويطفئ مكتوب عليه
...Happy birthday, Amir & Amira ..
تأملت لثوانى الفيلا من الخارج ودقات قربها تتزايد حتى وصلت لدفوف دائرة بدون توقف ،
شعرت بيد كريم تتشابك مع يدها ، التفتت له برأسها ، فوجدت ابتسامة حانية تملأ وجهه وعينيه وامائة بسيطة برأسه تشجعها على الدخول وتخبرها انها ليست وحدها ،
سبقها بخطوة ويدها مازالت فى يده ، وهى تبعته.
الباب مفتوح على مصرعيه ، اغانى عيد الميلاد تصدع من كل جانب ، وأطفال فى كل مكان ،

فجأة انتفضت على هرولة فتاة صغيرة من بعيد وهى تصرخ مكررة ... كوكو ..
انحنى لها مبتسما ، تعلقت فى رقبته وحملها وهو يقول
.. روح قلب كوكو ، وحشتينى خالص ، كل سنة وانتى طيبة وجميلة اوى كدة زى ما انتى ...

تلئلئت عين أميرة وهى متعلقة بها ، هى تشبهها حقا بعينيها الواسعة ووجهها المربع وشعرها الأسمر الطويل ،

قالت الفتاة ... أنا زعلانة منك ...

... ليه بس ، هو انا اقدر ..

... عشان انت مبقتش تيجى وتلعب معايا وأمير بيرخم عليا وكسرلى العروسة اللى جبتهالى ...

... ياحبيبتى ، هجبلك واحدة تانية ياروحى ، حاضر ...

ثم نظر لتالى وهو يقول
.. اعرفك ياقلبى ، دى تالى ..

... تالى مين ، عروستك ...

تبادل الثلاثة النظرات ثم تابعت الفتاة وهى تقول
... مش انت قلتلى فى التليفون انك هتجيب عروستك معاك عشان اشوفها ...

فجأة ظهر صوت تعرفه جيدا جعل قلبها ينتفض بين ضلوعها قائلا
... عروسة مين بقى ...

يتبع




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close