اخر الروايات

رواية المعاقة والدم الفصل السادس عشر 16 بقلم هناء النمر

رواية المعاقة والدم الفصل السادس عشر 16 بقلم هناء النمر




طوال الطريق وهى تفكر ، لماذا أخبرته أنها انفصلت عن أخيه ، لقد خرجت الجملة منها بتلقائية تامة وكأنها الحقيقة ، رغم أنه لم يحدث ، بل لم تتحدث فى أمر الانفصال مع نادر من الأساس ،
هل قالتها بسبب غضبها من نادر ، أم لأنه فى قرارة نفسها هى مقتنعة بأنها منفصلة بالفعل ،

وصلت للبيت ، ألقت بالكيس الذى يحتوى على هدية وداد على أقرب اريكة وصلت إليها ، ثم جلست بجانبه ،
لأول مرة دموعها تخونها بهذا الشكل ، لطالما كانت متماسكة ، لماذا الآن ، ما الذى عجل بذلك ،
وما القشة التى قضمت ظهرها لتجعلها تخر مكسورة بهذا الشكل .

..............................................

وقفت وهى تطلع للقادم مصدومة من هذه المصادفة ، وتوقف هو أيضا فى مكانه لا يصدق انها هى ، صحيح أنه أعطى الرقم لأحد معارفه ليأتيه باسم صاحبته ، لكنه لم يتخيل أن يقابلها مرة ثانية وبهذه السرعة .

اقترب منها وعينيه تشع بنظرة انتصار لكن لم يجعل أحدا يلاحظ ذلك ، مد يده وعرف نفسه وكأنه لم يقابلها من قبل ، وفعلت هى المثل ،
عرفت نفسها بماتيلدا جيفرسون ، مصممة العبوة التى طلبها ،
لم يصدق انها هى الفتاة التى تحدث شريكه عنها وعن إمكانياتها فى صنع ما تريد بل أفضل منه ،

جلس معها ، وشاركم فى الاجتماع بعض الأشخاص الآخرين منهم نائب مدير شركة التصميمات ،
أنتهى النقاش بعد أن شرح كريم لتالى كل المواصفات التى يطلبها ، وقد دونت تالى ما يريد ، ولم تتحدث كثيرا ،
ثم استأذنت للرحيل وانصرفت ، وقبل أن تصل لسيارتها فى جراج المبنى ، فوجئت به يلاحقها ويحاول إيقافها ،

... ثانية لو سمحتى ، ارجوكى انسة تالى ...

توقفت على مضض منها ، يبدوا انه لن يتخلى عن فكرة الحديث معها ، وللحق هى تريد ذلك ،
طبيعى جدا انها لن تترك فرصة كهذه تذهب هباء دون أن تستخدمها لأقصى حد ،
مصدر معلومات حى ، ليعطيها فكرة جيدة عن آخر مستجدات والدها ، بدلا من متابعة أخبار شركته عن طريق الإنترنت أو حتى من خادمة والدتها التى مازالت فى بيت والدها حتى الآن أو كما تسميها تالى الجندى المجهول الذى لا يعلم عنه رانيا أو نادر اى شئ، والذى يزود أميرة على مدى سنين جميع الأخبار التى تصلها عن حياة والدها الخاصة وما تسمعه خلسة عن ما يحدث فى عمله والأزمات المالية التى تعرض لها بعد وفاة والحاج رشاد والده والذى أدى به لإدخال شريك فى كافة مصانعه ومزارعه وتم تغيير الاسم
ل The Royal Taste .

توقفت عن السير والتفتت له دون أن تنطق بكلمة ودون اى أثر لابتسامة على وجهها،

... أنا آسف ، انتى حتى مش مديانى فرصة نكمل كلام ...

هو يعلم جيدا انها تتحدث المصرية لذا لم تكذب الأمر ، وردت عليه بلهجتها المصرية

... احنا خلصنا كلام ، انا عرفت اللى حضرتك عايزة بالظبط ، 24 ساعة وابعتلك نموذج اولى على ايميل الشركة ، وتشوف لو فى تعديل هتبلفهم وهم هيبلغونى. ..

... وليه يكون فى وسيط بينا ، ممكن تكون العلاقة مباشرة بينا ...

... علاقة ؟ !

... أقصد الشغل يعنى ...

... عادى ، مفيش مشكلة ...

واخرجت نوت صغيرة ، كتبت ايميلها فى أحد الصفحات الفارغة وقطعتها ومدت يدها بها إليه وهى تقول ... ده ايميلى ، حضرتك ابعتلى ايميلك عليه ، وأول ما هخلص التصميم هبعتهولك ،
بعد اذنك ...

مد يده هو الآخر وهو يقول ... ده كارتى وفيه ايميلى ....

تناولته من يده والتفتت لتبتعد فلاحقها بالكلام قائلا
... مش هتقوليلى اتعلمتى مصرى بالطلاقة دى اذاى ؟

وبشبه ابتسامة على وجهها قالت
... قولتلك مرة ، ليا صاحبة مصرية من سنين وهى علمتنى اللهجة دى ...

وابتعدت فى اتجاه سيارتها ، استقلتها وانطلقت بها ، وهو مازال يقف مكانه ،

وأول شئ قامت به هو ربط اسم كريم سليمان ب
شركة The Royal Taste فى خانة البحث على Google , بحثا عن أى معلومة عنه ،
وتوالت المعلومات التى تفاجأت بها أمامها .

.................................................

فى نفس اليوم زارت رانيا وداد من أجل المباركة بالمولود الثالث لها ، ووقتها أصرت وداد على معرفة ما حدث لها طوال السنوات الماضية ،
اخبرتها رانيا بقصة صغيرة دارجة ومعروفة ،
تزوجت وسافرت مع زوجها ، لم ينجبا، فزادت المشاكل بينهما وتفاقمت مع الوقت فقررا الانفصال ، عادت هى لمصر واستمر هو هناك .

صدقت وداد القصة ، ولمحت رانيا لوداد انها ليس لديها مشكلة فى فى أن تنتشر هذه القصة بين الجميع ، وفهمت وداد ،

وفى اليوم التالى عادت رانيا للقاهرة لمتابعة عملها فى جامعة القاهرة كما كان متفق معها .

وفى نفس الأثناء كان قد انتهى نادر من أوراق إجازته لمدة أسبوع قابل للتجديد خاصة قرب انتهاء امتحانات نهاية العام ، وبالطبع قرر أن لا يعود لمصر قبل الاطمئنان على أميرة .

.....................................................

مر ثلاثة أيام قد بدأت فيها أميرة متابعة اختباراتها وقد أنهت الأول منها ،
وخلال ذلك كانت الايميلات لا تنقطع بينها وبين كريم محاولة منه فى التعرف عليها والاقتراب منها ، وفى النهاية طلب منها الخروج معه للعشاء، فى البداية رفضت متعللة بإنشغالها فى اختباراتها بالإضافة إلى أنها ذكرت له أكثر من مرة انها لا تحب إقامة اى علاقة داخل إطار العمل ، لكن مع الوقت وكثرة الإلحاح منه وافقت ،

وكان اللقاء فيما يشبه الاستغلال من طرف اميرة ، فهى لم تشعر بأى إحساس جديد تجاهه ، أو على الأقل هذا ما ظنته فى البداية ، بل كان بالنسبة لها كهدف تريد الوصول إليه ،
واميرة ليست من النوع الذى تقف أمامه اى عقبة ، أما عنه فهو معجب بها حقا ، تثير فضوله تجاه شخصيتها المنفردة التى لم يرى مثلها من قبل ، بالإضافة إلى أنه يشعر فى قرارة نفسه أنها قريبة جدا من الشخصية المصرية الصميمة بالإضافة لشكلها وملامحها ، لكنه فضل عدم المادى فى الحديث فى هذا الأمر ، فهو يشعر انها دائما ما تبتعد عنه .

حان موعد وصولها للبيت ، نزلت من سيارته ونزل خلفها ، وقفت على سلم البناية التى تقطن فيها واستدارت لتلقى عليه تحية المساء قبل أن تدخل ،
كان هذا الشاب متأثرا بها بالفعل ،
... تالى ، فى حاجة كنت عايز اقولهالك بس كنت مستنى لما للأخر ، كنت عايز سهرتنا تمشى كويس ...

.. أنا سامعاك ...

.. أنا بصراحة معجب بيكى جدا ، وعايز أقرب منك اكتر ، بس انا لازم ارجع مصر بكرة ...

... ومش هرجع هنا تانى ...

.. المفروض لا ، على الأقل فى الوقت الحالى ، شغلى هنا كله خلص ، والإنتاج هناك واقف على امضتى خاصة بعد ما وافقوا على تصميمات العبوات والعلب ، لازم ارجع ...

اماءت بالايجاب ولا تعلم لما النغزة التى شعرت بها فى بطنها أثر كلامه هذا ،
لكنها حاولت بأقصى طاقة لها أن لا تظهر ذلك ،

... اكيد هنتقابل تانى فى يوم من الأيام ...

... أنا مش هستنى القدر يحددلى براحته ، انا بحب اعمل قدرى بايدى. ..

اعتدلت تالى وعقدت زراعيها وهى مندهشة من ثقته الذائدة بنفسه وقالت باستفسار
... يعنى ايه ؟

... أنتى قلتى أن فاضلك أسبوع وتخلصى امتحانات ، تمام ..

... تمام ...

... يبقى تيجى مصر ، زيارة وفسحة ، انا عازمك ، احسن إقامة وأحسن مرشد سياحى ...

قال جملته وهو يشير على نفسه ،

ابتسمت تالى بينما تابع هو كلامه
... فى نفس الوقت تشوفى صاحبتك اللى رجعت مصر ...

... تصدق وحشتنى فعلا ...

... اعتبر ده موافقة ...

... لأ طبعا ، الموضوع مش سهل كدة ، اخلص الأول وبعدين أفكر ...

... اوكى ، بينا ايميلات وهستنى ردك ...

اقترب منها بعد إطالة النظرة بينهما وهدفه أن يقبلها ، فاجأته هى بإقترابها الأسرع من حركته وقبلته من خده ثم قالت ... باى ...

لم تنتظر رده بل أدارت المفتاح فى الباب ودخلت واغلقته خلفها ،
ظل هو متجمدا فى مكانه للحظة ثم عاد بظهره خطوتين ثم استدار وركب سيارته وانطلق بها .

راقبته من النافذة وهو يبتعد بسيارته ، سندت رأسها على الحائط وشردت فى مصر وأهلها ،
المكان الذى عاشت فيه كل الألام والأوجاع الجسدية والنفسية ، من أم توفت دون حتى أن تودعها ، وأب لا تعرف الرحمة أو الضمير لقلبه طريقا ، وعائلة لم تأخذ منهم غير الاسم ومن المفترض الدماء التى تجرى فى عروقها ،

لقد صادف كلامه هوى داخلها بل ونية معدة من سنين لكنها ليست متأكدة من أن الآن هو الموعد الجيد للتنفيذ ، هل هى مستعدة للمواجهة أم لا .

يجب أن تحدد وتقرر ، هذه فرصة سانحة ولن تصادفها بسهولة مرة أخرى ، يوجد من سيساعدها فى العودة بل سيدخلها عائلة سلام بصفة جيدة وبعيدة تماما عن أميرة ، فعل يجب عليها الموافقة على هذا العرض .

يتبع



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close