رواية المعاقة والدم الفصل الرابع عشر 14 بقلم هناء النمر
.. ممكن أفهم ليه خلتينى اسيب الشغل واجيلك هنا ...
... لازم نتكلم ، بعيد عن البيت وبعيد عن الشغل. ..
..لو فى اللى حصل امبارح ، مش عايزة أتكلم ...
... لأ هتتكلمى وبصراحة كمان ...
وصل النادل ووضع أكواب القهوة أمام كل منهما ثم انصرف،
تابعت تالى كلامها بمنتهى الهدوء والحكمة التى لم تتناسب يوما مع سنها ،
... أنا عايزاكى تسمعينى لحد النهاية من غير ما تردى على كلامى ، فكرى كويس اوى ، والرد خليه لنفسك مش ليا ...
... أنا سامعاكى ياأميرة ، اتفضلى ...
اتسعت عيناها بما يشبه الغضب عندما ذكرت رانيا اسمها القديم وقالت
... قبل اى كلام ، انا أسمى ماتيلدا مش أميرة ، وانتى اكتر حد يعرف كدة ، ارجوكى خدى بالك ...
كانت رانيا بالفعل هى أكثر شخص يعلم كم كرهت أميرة نفسها وشخصيتها القديمة بعجزها الكامل الذى ذهب أدراج الرياح الآن ، وكم رحبت بشخصية ماتيلدا بنشاطها وحيويتها وقوتها وذكائها الذى يتحاكى عنه الجميع ، لهذا لا تحب أن تنادى بأميرة لانها تذكرها بما كانت عليه وهى لا تريد التذكر إلا وقتما تريد فقط .
قالت رانيا ... اوكى ، خلينا فى موضوعنا ...
اعتدلت تالى وسندت على الطاولة بيديها وتعلقت عينيها بعين رانيا وبنظرة احبتها رانيا منها وهى نظرة الحب قالت :
... أنا حاولت كتير أكبر دماغى ومفكرش فى الموضوع ده واسيبك تقررى براحتك ، لكن مش قادرة ، حاسة بذنب كبير اوى ناحيتك ومش قادرة اتخطاه. ..
صدمت رانيا من كلامها وقالت .. ذنب ايه ده ؟
... ارجوكى متقاطعينيش ..
عادت رانيا للخلف واستقرت على ظهر كرسيها وقالت ... اتفضلى ...
... أنا قضيت 3 سنين كاملين فى المستشفى وسنتين من البيت للمستشفى والعكس ، وسنة معاكم بشكل كامل فى البيت ، وسنة عشت لوحدى ، وطول ده كله مسبتنيش لحظة ، فى عز ألمى مكنتش بشوف غير وشك وعنيكى الحنينة، اعترف انك قدرتى تعوضينى عن فكرة الاهل فى حياتى ، وطبعا الأهم من كل ده ، السنين اللى ضاعت منك بسببى ...
بدأت رانيا فى الوصول الى ما تريد تالى قوله لكنها طلبت منها إلا تقاطعها ففضلت الصمت حتى تكمل ما تريد قوله ،
تابعت تالى ...اى واحدة مكانك كانت تبقى دلوقتى مستقرة مع رجل بيحبها وكمان عندها أولاد ، كل ده ضاع منك بسببى ، والأهم للأسف أن قلبك هيتكسر بسببى ...
انعقد ما بين حاجبى رانيا ولم تعد قادرة على الصمت بعد هذه الجملة
.. يعنى ايه قلبى يتكسر بسببك ...
قالت تالى بثقة ... عمو نادر ...
تنهدت رانيا و فهمت ما تقصده فقالت
... تالى ، انتى فاهمة غلط ...
قاطعتها تالى قبل أن تكمل كلامها قائلة
... أنا آخر واحدة فى الدنيا تكدبى عليها ، انا بفهمك من عنيكى يارانيا زى ما انتى كمان بتفهمينى ، تخيلى انك بتكلمى نفسك ...
بدأت عينا رانيا تلمع من امتلائها بالدموع ، حاولت التمالك وقالت
... أنتى عايزة ايه دلوقتى ...
... عايزاكى تكملى حياتك صح ، انفضى ايدك منى ، انا الحمد لله كويسة جدا وأقدر أكمل لوحدى ، وفى حياتى ما هنسى اللى عملتيه معايا ، عشان كدة انا سبت البيت معاكم ...
.. يعنى ايه مش فاهمة ...
... كنت ساكتة لما مكنتش شايفة حاجة بينكم ، لما لقيت الحب واضح جدا فى عين كل واحد فيكم للتانى ، سبت البيت عشان اديكم فرصة تبقوا مع بعض لوحدكم ، لكن للاسف ، فضل الحال زى ما هو ومش فاهمة ليه ؟
ارجوكى لازم تفكرى و تقررى اذا كنتى عايزة تكملى معاه أو لا ، لو هتكملى لازم تحولى علاقتكم لواقع ..
أغلقت رانيا عينيها لثوانى ، واحترمت تالى هذا فظلت صامتة ،
فتحت رانيا عينيها وتمعنت فى عين تالى ثم قالت بهدوء وثقة ،
... اسمعينى كويس اوى ، وافهمى إللى هقوله ومتقاطعنيش انتى كمان ، بطلى تتكلمى عن الجميل واللى عملته كل ما تيجى تكلمينى ، لأنى قبل ما اعمل ده عشانك ، عملته علشان نفسى ، عشان انا عايزة كدة ، وعشان حبيتك انتى من أول ما سمعت عنك وأول ما شفتك ، كان فى حاجة من عند ربنا بتحركنى دايما ناحيتك ،
مش عايزة ابدا اسمع تانى حكاية الذنب ده ،
أما بالنسبة لحكايتى مع عمك ، انتى كبرتى دلوقتى وهتفهمى اللى هقوله ، فحطى نفسك بالعقل كدة مكانى ، فى البداية علاقتى بيه كانت اتفاق كأنه عقد عمل ، مجرد ورقة تتكتب ونمضى عليها احنا الاتنين ، الورقة دى كانت هتساعدنى انى أكون معاكى ، وعشنا سوا على الأساس ده ،قمة فى الاحترام والعقلانية ، غير أن اصلا مكناش بنشوف بعض فى أول 3 سنين ، لأن كنا بنبادل بعض عليكى فى المستشفى ، بعدها لما رجعتى معانا البيت واتحسنتى شوية ، بدأ كل واحد فينا يركز شوية فى تعليمه ومستقبله حتى انتى ، وبرده مكنتيش لسة استرديتى صحتك بالكامل ، فبرده كنا مشغولين ، الوقت الوحيد اللى كنا بنشوف بعض فيه ، هو الوقت اللى يخصك بس ، متابعة ، جلسات ، زيارة دكتور ، حتى لما بدأتى تلعبى رياضة لوحدك من غير إشراف طبى ، كنا بنبقى معاكى ، أو على الأقل واحد فينا ، مسيبناكيش غير لما بدأتى فعلا تقدرى تعتمدى على نفسك فى كل شئ ،
وقتها كنا احنا الاتنين فضينا ، خلصنا دراسة وانتى كويسة ، بقى كل اللى بنعمله الشغل وبس ،
وقتها بس بدأ كل واحد فينا يفكر فى نفسه شوية ، ياخد باله من احتياجاته، وطبيعى أكون أنا أول حد يفكر فيه ، ويكون هو أول حد انا افكر فيه ، وضعنا حكم علينا بكدة ، وهو ده اللى انتى شفتيه فى عنينا آخر سنة وخلاكى تسيبى البيت عشان تدينا مساحة ،
من الآخر مجرد رغبة فى الحب والاستقرار ، لكن مش حب حقيقى ..
رغم فهمها لكل كلمة قالتها رانيا الا انها غير متقبلة لهذا التفسير ، لأن فى داخلها تمنت أن يكون الاثنان لبعضهما ، قالت بحزن
... فى مجال تكونى غلطانة فى اللى بتقوليه ده ...
... للأسف لأ ، حاجات كتير جدا بتأكد اللى انا بقوله ، نادر عمل علاقة مع زميلته من سنتين د وانتى عرفتى ياتالى ، صح ، وقتها انا كمان عرفت ، والغريب انى مزعلتش ، دى حاجة
الحاجة التانية لنا كان اى حد بيحاول يقرب منى أو يطلبنى للرقص وهو معايا ، محستش ابدا بغيرته ، ودكتور رياض ، فاكراه ، كنت حاسة انه ميفرقش مع عمك أن حد يكلمنى بحب زى رياض مكان بيعمل ، والأهم من كل ده ، لما انتى سيبتينا لوحدنا ، سنة كاملة مفكرش يقربلى ابدا ، لا بالكلام ولا بالفعل ،
كل ده مبثبتلكيش اللى انا بقوله ...
لك تجد تالى ما ترد به على منطقية رانيا فيما قالت ، حتى أنها اشفقت على رانيا فيما تحمله داخلها من سنين ،
تابعت رانيا كلامها قائلة
... متزعليش ياقلبى ، المشكلة أن مش اللى فات هو إللى صعب ...
... اذاى يعنى ...
... اللى جاى هو إلى صعب ، أو بمعنى أصح ، اللى انا قررته ...
... أاااااااه ، قررتى توافقى على عرض الشغل فى مصر ، صح ...
... صح ، ده أفضل حل دلوقتى ، ارجوكى تفهمى ده ..
.. فاهمة ومقدرة ...
... أنتى قلتى بنفسك انك هتقدرى تكملى لوحدك
... متقلقيش عليا ، انا تمام ...
... أنا مسافرة بعد يومين ياتالى...
.. إيه ، يومين ، اذاى ، ده عموا سافر انهارضة ومش هيرجع غير آخر الاسبوع ...
ضحكت رانيا بسخرية وقالت ... وايه الجديد ، ماهو بيسافر ويرجع من غير ما يقوللى ، ياورقة يسيبهالى على باب التلاجة ، يايقوللى بالتيليفون بعد ما يسافر ، وهو ده اللى انا هعمله انا كمان ...
لم تجد تالى ما تقوله ، كان واضحا تماما أن رانيا قد قررت وجهزت نفسها ، غير أن تالى نفسها ليس لديها اى حق فى لومها أو منعها أو أى فعل آخر ، يكفيها ما اعطتها اياه ، يجب أن تلتفت لحياتها هى الأخرى .
.............................................
مضت ثلاثة أيام كانت قد أنهت فيهم جميع أوراقها واشيائها ، وبعد وداع حار مع تالى وصل البكاء صعدت لطائرة العودة لمصر بعد أن تركت له ورقة صغيرة ملصقة على باب الثلاجة كما اعتاد أن يفعل معها .
...........................................
للأسف هو عاندها هو الآخر وأطال فترة مكوثه بعيدا ، لم يتخيل ابدا انه سيعود ولن يجدها ،
فى أثناء انها على اتصال مستمر مع تالى منذ أن وصلت للقاهرة ، استقرت فيهم وأجرت شقة للمكوث فيها ، انهت اوراق تعيينها ، اتصلت بأختها فلم يعد لديها شخصا فى مصر غيرها ، وبدأت فى الاستقرار والانتباه لعملها ،
على الصعيد الآخر لم تخبر تالى نادر بسفر زوجته بطلب خاص منها ، ونفذت طلبها ،
وبدأت تنتبه هى الأخرى لدراستها لتنهيها بسرعة ، فلدينا مشاريع مؤجلة منذ سبع سنوات وآن الأوان ان تنهييها هى الأخرى .
.................................................
كانت الثلاث فتايات ،ايميلى ، ريتا وماتيلدا يجلسن معا فى غرفة ماتيلدا يمزحن معها بشأن زميلهم كال وما تفعله تالى معه دائما يؤدى إلى غضبه وازدياد كرهه لها ،
قالت ريتا
.... Sie müssen ihm das Buch zurückgeben
Er sucht nach ihm
Er wusste, dass du ihn nimmst
لازم ترجعيله كتابه ، بيدور عليه من أول اليوم ، وقالوله أن انتى اللى اخدتيه ...
قالت ايميلى
... Komm Taly ,
Er war verrückt
, Rufen Sie ihn an und sagen Sie ihm, er soll kommen, um ihn zu nehmen., Dieses Thema muss enden
خلاص بقى تالى ، ده كان هيتجنن ، كلميه وقوليله ييجى ياخده ، عايزيين ننهى الموضوع ده ..
ردت تالى وهى لم تتوقف عن الضحك
.... Nein, ich werde es ihm nicht geben und tun, was er will
لأ مش هرجعه ، ويعمل اللى يعمله ...
قامت ايميلى وامسكت بهاتف تالى فى حين تقف ريتا بجانب تالى لتجبرها على المكوث حتى تحدث كال ، كل هذا وهم يضحكون ،
قالت تالى
... Seine Nummer ist nicht am Telefon registriert
مش معايا رقمه اصلا ..
ردت ايميلى
... Ich werde seine Nummer speichern, ich werde von Ihrem Telefon fragen
أنا حافظاه ، هطلبه ولازم من تيليفونك ، وخلصينا بقى من الموضوع ده ...
بالفعل كتبت ايميلى رقم كال وضغطت على زر الإتصال ووضعت الهاتف على أذن تالى بنفسها لأن ريتا تثبتها على الكرسى من يديها ،
وتالى تحرك رأسها يمينا ويسارا وهى تضحك حتى استطعن تثبيت الهاتف على اذنها ،
فتح الخط من الناحية الأخرى واتاها صوت رجالى يقول ... Hallo ، الو ...
قالت تالى وهى ما زالت تضحك حتى أن معظم كلامها غير مفهوم
... Ich höre Cal, den Text einer Stunde und ich werde vor dem Cafe der Venus sein, wenn ich dich finde, werde ich dir das Buch geben, wenn ich dich nicht finden kann, werde ich dir das Buch nicht für immer geben,
اسمع كال ، قدامى نص ساعة واكون عند ، كافيه الزهرة ، لو لقيتك هتاخد الكتاب ، لو ملقتكش ، يبقى تنسى الكتاب خالص ، سلام ....
ثم ابعدت الهاتف عنها وهى تقول لهم
... So gut
تمام كدة ....
قالت ريتا
... Eine halbe Stunde, warum, die Entfernung von hier nach dort ist nicht mehr als fünf Minuten
ليه نص ساعة ، المسافة من هنا لهناك مش اكتر من خمس دقايق ...
ردت تالى ... Ich werde mich darauf vorbereiten, zu laufen
هجهز نفسى للجرى ...
كانت تالى قد طلب منها الأطباء أن لا تترك الرياضة البدنية خاصة الجرى طوال حياتها ، فهى المفتاح الأساسى للنجاح المستمر لجراحات التى أجرتها فى ظهرها وقدمها ،
عدت نفسها على الجرى اليومى لمدة ساعة ، لكنها دائما ما تفعل ذلك ليلا فقط ، فهى لا تحب شمس النهار أثناء جريها .
وبالفعل قامت وارتدت ما يناسب الجرى وثبتت السماعة فى اذنها ، أخذت الكتاب وطوته فى يدها وخرجت وبدأت الجرى تدريجي ، وصلت أمام الكافيه ووقفت تتلفت حولها تبحث عن كال وهى تلقى نظرة على ساعتها لتتأكد من أنه مر نصف ساعة ، وقفت لأكثر من ثلاثة دقائق تنتظره ولم يظهر ، أخذت تتلفت حولها بدون اى نتيجة ،
هى بالفعل تريد تهدئة الأمور بينها وبينه ، سوف تنتظره خمس دقائق أخرى ، لكنها لا تريد لجسمها أن يهدأ ، فأخذت تقوم ببعض الرياضة الموضعية وشد عضلات جسمها ، كانت حقا مرنة بجسد منحوت جدا بسبب الاستمرار اليومى الجرى وأربع مرات فى الاسبوع فى ركز رياضى طبى ،
بالطبع لا تعلم انها مراقبة بإعجاب من زوج من الأعين الرمادية وصاحبها يقف مستندا بظهره على سيارته قريبا منها ،
رن هاتفها على نغمة الواتس آب ، كانت رانيا ، أجابت بالمصرية
... قلبى ، وحشتينى ...
... وحشتك ايه يابت ، انا لسة مكلماكى من ساعتين ...
... الكلام غير الرؤية ...
... ياشيخة ، ايه الدوشة اللى حواليكى دى ...
... اصلى فى الشارع ...
... بتجرى بليل كالعادة ...
... أه ..
... أنا مش عارفة ايه حبك فى الجرى بليل ده ...
.. ببقى مرتاحة كدة ...
... ماشى ياستى ، انا هروح الفيوم بكرة ، عشان سبوع ابن وداد ...
... أنتى مصممة برده ، بلاش احسن ...
.. إيه ، هدفن نفسى ولا ايه ، متقلقيش عليا ..
.. تابعينى والنبى عشان أبقى مطمنة عليكى ...
. .... إن شاء الله ، لا اله الا الله ...
... محمد رسول الله ...
... محمد رسول الله ....
لم يصدق من يشاهدها انها تتحدث مصرى ، واندهش أكثر وهى تنهى مكالمتها بمحمد رسول الله ،
قررت أن تتصل به لآخر مرة وبعدها ستنصرف ، هى لا تمتلك رقمه ، لكن الرقم مازال فى اخر المكالمات التى تم الاتصال بها ،
اتصلت بآخر رقم غير مسجل ، فوجئت برنة قريبة منها ، التفتت باتجاهها، وجدت أحد الأشخاص مستندا على سيارة قريبة جدا من مكان وقوفها ، يمسك بهاتفه الزى يرن فى يده ويبتسم لها ، ابعدت عينيها مرة أخرى ، أعادت الاتصال ، صدع نفس الهاتف بالرن ، استدارت له بعين غاضبة ، قطعت الاتصال واعادته ، فرن نفس الهاتف وصاحبه يقف ويضحك ، من هذا الشخص ولماذا يرن هاتفه بالرقم الذى اتصلت به ايميلى على أنه رقم كال ،
بدأ الرجل يقترب منها ، وهو يمسك بهاتفه فى يده وهى ما زالت تعيد الاتصال وتقطعه ،
راقبته هو يقترب ، هو شاب وسيم يبدوا فى اخر العشرينات ، بشرته قمحية وشعره طويل ناعم ومصفف للخلف ، يرتدى جاكت طويل على قميص ابيض مفتوح لأخر صدره ،
توقف امامها ، فوجئت به يقول بالمصرية
... المفروض اعملك ضريبة إشغال تيليفون وإشغال وقت ، وإشغال عين كمان بجمالك ده ...
تجمدت تالى ولم ترد بكلمة وعينيها متسعة على آخرها ،
اقترب أكثر ومد يده لها بالسلام وقال
... أنا كريم سليمان ، حضرتك كلمتينى وطلبتى منى اجى أخد كتاب ، صحيح انا مش عارف هو كتاب ايه أساسا ، بس جيت ...
يبدوا فعلا أن الغبية صديقتها اتصلت برقم خطأ ، لكن ما هذه الصدفة القاتلة ، يكون الرقم لشخص مصرى !
لم تمد يدها لتسلم عليه مما اضطره لاعادة يديه مكانها ، حاولت النفى برأسها انها لا تفهم ما يقول بمعنى أنها لا تفهم اللغة العربية ،
كانت ابتسامته جميلة من كدبتها هذه ، وقال
... انا لسة سامعك وانتى بتتكلمى فى التيليفون ، عموما فرصة سعيدة ...
فاض بها الكيل من هذا الشخص ، أخيرا نطقت وهى تهم بالذهاب وقالت
... أنا آسفة ، اتصلت بالرقم غلط ، بعد اذنك ..
... استنى بس ، مش معقول نبقى اتنين مصريين هنا ، وتسيبينى وتمشى بالشكل ده ...
... أولا ، أما مش مصرى ، انا اتعلمت مصرى عشان صاحبتى مصرية ...
وفجأة تركته وجرت قبل أن ينطق ، لم يحاول اللحاق بها ، يكفى رقم هاتفها الذى بحوزته الآن
يتبع
... لازم نتكلم ، بعيد عن البيت وبعيد عن الشغل. ..
..لو فى اللى حصل امبارح ، مش عايزة أتكلم ...
... لأ هتتكلمى وبصراحة كمان ...
وصل النادل ووضع أكواب القهوة أمام كل منهما ثم انصرف،
تابعت تالى كلامها بمنتهى الهدوء والحكمة التى لم تتناسب يوما مع سنها ،
... أنا عايزاكى تسمعينى لحد النهاية من غير ما تردى على كلامى ، فكرى كويس اوى ، والرد خليه لنفسك مش ليا ...
... أنا سامعاكى ياأميرة ، اتفضلى ...
اتسعت عيناها بما يشبه الغضب عندما ذكرت رانيا اسمها القديم وقالت
... قبل اى كلام ، انا أسمى ماتيلدا مش أميرة ، وانتى اكتر حد يعرف كدة ، ارجوكى خدى بالك ...
كانت رانيا بالفعل هى أكثر شخص يعلم كم كرهت أميرة نفسها وشخصيتها القديمة بعجزها الكامل الذى ذهب أدراج الرياح الآن ، وكم رحبت بشخصية ماتيلدا بنشاطها وحيويتها وقوتها وذكائها الذى يتحاكى عنه الجميع ، لهذا لا تحب أن تنادى بأميرة لانها تذكرها بما كانت عليه وهى لا تريد التذكر إلا وقتما تريد فقط .
قالت رانيا ... اوكى ، خلينا فى موضوعنا ...
اعتدلت تالى وسندت على الطاولة بيديها وتعلقت عينيها بعين رانيا وبنظرة احبتها رانيا منها وهى نظرة الحب قالت :
... أنا حاولت كتير أكبر دماغى ومفكرش فى الموضوع ده واسيبك تقررى براحتك ، لكن مش قادرة ، حاسة بذنب كبير اوى ناحيتك ومش قادرة اتخطاه. ..
صدمت رانيا من كلامها وقالت .. ذنب ايه ده ؟
... ارجوكى متقاطعينيش ..
عادت رانيا للخلف واستقرت على ظهر كرسيها وقالت ... اتفضلى ...
... أنا قضيت 3 سنين كاملين فى المستشفى وسنتين من البيت للمستشفى والعكس ، وسنة معاكم بشكل كامل فى البيت ، وسنة عشت لوحدى ، وطول ده كله مسبتنيش لحظة ، فى عز ألمى مكنتش بشوف غير وشك وعنيكى الحنينة، اعترف انك قدرتى تعوضينى عن فكرة الاهل فى حياتى ، وطبعا الأهم من كل ده ، السنين اللى ضاعت منك بسببى ...
بدأت رانيا فى الوصول الى ما تريد تالى قوله لكنها طلبت منها إلا تقاطعها ففضلت الصمت حتى تكمل ما تريد قوله ،
تابعت تالى ...اى واحدة مكانك كانت تبقى دلوقتى مستقرة مع رجل بيحبها وكمان عندها أولاد ، كل ده ضاع منك بسببى ، والأهم للأسف أن قلبك هيتكسر بسببى ...
انعقد ما بين حاجبى رانيا ولم تعد قادرة على الصمت بعد هذه الجملة
.. يعنى ايه قلبى يتكسر بسببك ...
قالت تالى بثقة ... عمو نادر ...
تنهدت رانيا و فهمت ما تقصده فقالت
... تالى ، انتى فاهمة غلط ...
قاطعتها تالى قبل أن تكمل كلامها قائلة
... أنا آخر واحدة فى الدنيا تكدبى عليها ، انا بفهمك من عنيكى يارانيا زى ما انتى كمان بتفهمينى ، تخيلى انك بتكلمى نفسك ...
بدأت عينا رانيا تلمع من امتلائها بالدموع ، حاولت التمالك وقالت
... أنتى عايزة ايه دلوقتى ...
... عايزاكى تكملى حياتك صح ، انفضى ايدك منى ، انا الحمد لله كويسة جدا وأقدر أكمل لوحدى ، وفى حياتى ما هنسى اللى عملتيه معايا ، عشان كدة انا سبت البيت معاكم ...
.. يعنى ايه مش فاهمة ...
... كنت ساكتة لما مكنتش شايفة حاجة بينكم ، لما لقيت الحب واضح جدا فى عين كل واحد فيكم للتانى ، سبت البيت عشان اديكم فرصة تبقوا مع بعض لوحدكم ، لكن للاسف ، فضل الحال زى ما هو ومش فاهمة ليه ؟
ارجوكى لازم تفكرى و تقررى اذا كنتى عايزة تكملى معاه أو لا ، لو هتكملى لازم تحولى علاقتكم لواقع ..
أغلقت رانيا عينيها لثوانى ، واحترمت تالى هذا فظلت صامتة ،
فتحت رانيا عينيها وتمعنت فى عين تالى ثم قالت بهدوء وثقة ،
... اسمعينى كويس اوى ، وافهمى إللى هقوله ومتقاطعنيش انتى كمان ، بطلى تتكلمى عن الجميل واللى عملته كل ما تيجى تكلمينى ، لأنى قبل ما اعمل ده عشانك ، عملته علشان نفسى ، عشان انا عايزة كدة ، وعشان حبيتك انتى من أول ما سمعت عنك وأول ما شفتك ، كان فى حاجة من عند ربنا بتحركنى دايما ناحيتك ،
مش عايزة ابدا اسمع تانى حكاية الذنب ده ،
أما بالنسبة لحكايتى مع عمك ، انتى كبرتى دلوقتى وهتفهمى اللى هقوله ، فحطى نفسك بالعقل كدة مكانى ، فى البداية علاقتى بيه كانت اتفاق كأنه عقد عمل ، مجرد ورقة تتكتب ونمضى عليها احنا الاتنين ، الورقة دى كانت هتساعدنى انى أكون معاكى ، وعشنا سوا على الأساس ده ،قمة فى الاحترام والعقلانية ، غير أن اصلا مكناش بنشوف بعض فى أول 3 سنين ، لأن كنا بنبادل بعض عليكى فى المستشفى ، بعدها لما رجعتى معانا البيت واتحسنتى شوية ، بدأ كل واحد فينا يركز شوية فى تعليمه ومستقبله حتى انتى ، وبرده مكنتيش لسة استرديتى صحتك بالكامل ، فبرده كنا مشغولين ، الوقت الوحيد اللى كنا بنشوف بعض فيه ، هو الوقت اللى يخصك بس ، متابعة ، جلسات ، زيارة دكتور ، حتى لما بدأتى تلعبى رياضة لوحدك من غير إشراف طبى ، كنا بنبقى معاكى ، أو على الأقل واحد فينا ، مسيبناكيش غير لما بدأتى فعلا تقدرى تعتمدى على نفسك فى كل شئ ،
وقتها كنا احنا الاتنين فضينا ، خلصنا دراسة وانتى كويسة ، بقى كل اللى بنعمله الشغل وبس ،
وقتها بس بدأ كل واحد فينا يفكر فى نفسه شوية ، ياخد باله من احتياجاته، وطبيعى أكون أنا أول حد يفكر فيه ، ويكون هو أول حد انا افكر فيه ، وضعنا حكم علينا بكدة ، وهو ده اللى انتى شفتيه فى عنينا آخر سنة وخلاكى تسيبى البيت عشان تدينا مساحة ،
من الآخر مجرد رغبة فى الحب والاستقرار ، لكن مش حب حقيقى ..
رغم فهمها لكل كلمة قالتها رانيا الا انها غير متقبلة لهذا التفسير ، لأن فى داخلها تمنت أن يكون الاثنان لبعضهما ، قالت بحزن
... فى مجال تكونى غلطانة فى اللى بتقوليه ده ...
... للأسف لأ ، حاجات كتير جدا بتأكد اللى انا بقوله ، نادر عمل علاقة مع زميلته من سنتين د وانتى عرفتى ياتالى ، صح ، وقتها انا كمان عرفت ، والغريب انى مزعلتش ، دى حاجة
الحاجة التانية لنا كان اى حد بيحاول يقرب منى أو يطلبنى للرقص وهو معايا ، محستش ابدا بغيرته ، ودكتور رياض ، فاكراه ، كنت حاسة انه ميفرقش مع عمك أن حد يكلمنى بحب زى رياض مكان بيعمل ، والأهم من كل ده ، لما انتى سيبتينا لوحدنا ، سنة كاملة مفكرش يقربلى ابدا ، لا بالكلام ولا بالفعل ،
كل ده مبثبتلكيش اللى انا بقوله ...
لك تجد تالى ما ترد به على منطقية رانيا فيما قالت ، حتى أنها اشفقت على رانيا فيما تحمله داخلها من سنين ،
تابعت رانيا كلامها قائلة
... متزعليش ياقلبى ، المشكلة أن مش اللى فات هو إللى صعب ...
... اذاى يعنى ...
... اللى جاى هو إلى صعب ، أو بمعنى أصح ، اللى انا قررته ...
... أاااااااه ، قررتى توافقى على عرض الشغل فى مصر ، صح ...
... صح ، ده أفضل حل دلوقتى ، ارجوكى تفهمى ده ..
.. فاهمة ومقدرة ...
... أنتى قلتى بنفسك انك هتقدرى تكملى لوحدك
... متقلقيش عليا ، انا تمام ...
... أنا مسافرة بعد يومين ياتالى...
.. إيه ، يومين ، اذاى ، ده عموا سافر انهارضة ومش هيرجع غير آخر الاسبوع ...
ضحكت رانيا بسخرية وقالت ... وايه الجديد ، ماهو بيسافر ويرجع من غير ما يقوللى ، ياورقة يسيبهالى على باب التلاجة ، يايقوللى بالتيليفون بعد ما يسافر ، وهو ده اللى انا هعمله انا كمان ...
لم تجد تالى ما تقوله ، كان واضحا تماما أن رانيا قد قررت وجهزت نفسها ، غير أن تالى نفسها ليس لديها اى حق فى لومها أو منعها أو أى فعل آخر ، يكفيها ما اعطتها اياه ، يجب أن تلتفت لحياتها هى الأخرى .
.............................................
مضت ثلاثة أيام كانت قد أنهت فيهم جميع أوراقها واشيائها ، وبعد وداع حار مع تالى وصل البكاء صعدت لطائرة العودة لمصر بعد أن تركت له ورقة صغيرة ملصقة على باب الثلاجة كما اعتاد أن يفعل معها .
...........................................
للأسف هو عاندها هو الآخر وأطال فترة مكوثه بعيدا ، لم يتخيل ابدا انه سيعود ولن يجدها ،
فى أثناء انها على اتصال مستمر مع تالى منذ أن وصلت للقاهرة ، استقرت فيهم وأجرت شقة للمكوث فيها ، انهت اوراق تعيينها ، اتصلت بأختها فلم يعد لديها شخصا فى مصر غيرها ، وبدأت فى الاستقرار والانتباه لعملها ،
على الصعيد الآخر لم تخبر تالى نادر بسفر زوجته بطلب خاص منها ، ونفذت طلبها ،
وبدأت تنتبه هى الأخرى لدراستها لتنهيها بسرعة ، فلدينا مشاريع مؤجلة منذ سبع سنوات وآن الأوان ان تنهييها هى الأخرى .
.................................................
كانت الثلاث فتايات ،ايميلى ، ريتا وماتيلدا يجلسن معا فى غرفة ماتيلدا يمزحن معها بشأن زميلهم كال وما تفعله تالى معه دائما يؤدى إلى غضبه وازدياد كرهه لها ،
قالت ريتا
.... Sie müssen ihm das Buch zurückgeben
Er sucht nach ihm
Er wusste, dass du ihn nimmst
لازم ترجعيله كتابه ، بيدور عليه من أول اليوم ، وقالوله أن انتى اللى اخدتيه ...
قالت ايميلى
... Komm Taly ,
Er war verrückt
, Rufen Sie ihn an und sagen Sie ihm, er soll kommen, um ihn zu nehmen., Dieses Thema muss enden
خلاص بقى تالى ، ده كان هيتجنن ، كلميه وقوليله ييجى ياخده ، عايزيين ننهى الموضوع ده ..
ردت تالى وهى لم تتوقف عن الضحك
.... Nein, ich werde es ihm nicht geben und tun, was er will
لأ مش هرجعه ، ويعمل اللى يعمله ...
قامت ايميلى وامسكت بهاتف تالى فى حين تقف ريتا بجانب تالى لتجبرها على المكوث حتى تحدث كال ، كل هذا وهم يضحكون ،
قالت تالى
... Seine Nummer ist nicht am Telefon registriert
مش معايا رقمه اصلا ..
ردت ايميلى
... Ich werde seine Nummer speichern, ich werde von Ihrem Telefon fragen
أنا حافظاه ، هطلبه ولازم من تيليفونك ، وخلصينا بقى من الموضوع ده ...
بالفعل كتبت ايميلى رقم كال وضغطت على زر الإتصال ووضعت الهاتف على أذن تالى بنفسها لأن ريتا تثبتها على الكرسى من يديها ،
وتالى تحرك رأسها يمينا ويسارا وهى تضحك حتى استطعن تثبيت الهاتف على اذنها ،
فتح الخط من الناحية الأخرى واتاها صوت رجالى يقول ... Hallo ، الو ...
قالت تالى وهى ما زالت تضحك حتى أن معظم كلامها غير مفهوم
... Ich höre Cal, den Text einer Stunde und ich werde vor dem Cafe der Venus sein, wenn ich dich finde, werde ich dir das Buch geben, wenn ich dich nicht finden kann, werde ich dir das Buch nicht für immer geben,
اسمع كال ، قدامى نص ساعة واكون عند ، كافيه الزهرة ، لو لقيتك هتاخد الكتاب ، لو ملقتكش ، يبقى تنسى الكتاب خالص ، سلام ....
ثم ابعدت الهاتف عنها وهى تقول لهم
... So gut
تمام كدة ....
قالت ريتا
... Eine halbe Stunde, warum, die Entfernung von hier nach dort ist nicht mehr als fünf Minuten
ليه نص ساعة ، المسافة من هنا لهناك مش اكتر من خمس دقايق ...
ردت تالى ... Ich werde mich darauf vorbereiten, zu laufen
هجهز نفسى للجرى ...
كانت تالى قد طلب منها الأطباء أن لا تترك الرياضة البدنية خاصة الجرى طوال حياتها ، فهى المفتاح الأساسى للنجاح المستمر لجراحات التى أجرتها فى ظهرها وقدمها ،
عدت نفسها على الجرى اليومى لمدة ساعة ، لكنها دائما ما تفعل ذلك ليلا فقط ، فهى لا تحب شمس النهار أثناء جريها .
وبالفعل قامت وارتدت ما يناسب الجرى وثبتت السماعة فى اذنها ، أخذت الكتاب وطوته فى يدها وخرجت وبدأت الجرى تدريجي ، وصلت أمام الكافيه ووقفت تتلفت حولها تبحث عن كال وهى تلقى نظرة على ساعتها لتتأكد من أنه مر نصف ساعة ، وقفت لأكثر من ثلاثة دقائق تنتظره ولم يظهر ، أخذت تتلفت حولها بدون اى نتيجة ،
هى بالفعل تريد تهدئة الأمور بينها وبينه ، سوف تنتظره خمس دقائق أخرى ، لكنها لا تريد لجسمها أن يهدأ ، فأخذت تقوم ببعض الرياضة الموضعية وشد عضلات جسمها ، كانت حقا مرنة بجسد منحوت جدا بسبب الاستمرار اليومى الجرى وأربع مرات فى الاسبوع فى ركز رياضى طبى ،
بالطبع لا تعلم انها مراقبة بإعجاب من زوج من الأعين الرمادية وصاحبها يقف مستندا بظهره على سيارته قريبا منها ،
رن هاتفها على نغمة الواتس آب ، كانت رانيا ، أجابت بالمصرية
... قلبى ، وحشتينى ...
... وحشتك ايه يابت ، انا لسة مكلماكى من ساعتين ...
... الكلام غير الرؤية ...
... ياشيخة ، ايه الدوشة اللى حواليكى دى ...
... اصلى فى الشارع ...
... بتجرى بليل كالعادة ...
... أه ..
... أنا مش عارفة ايه حبك فى الجرى بليل ده ...
.. ببقى مرتاحة كدة ...
... ماشى ياستى ، انا هروح الفيوم بكرة ، عشان سبوع ابن وداد ...
... أنتى مصممة برده ، بلاش احسن ...
.. إيه ، هدفن نفسى ولا ايه ، متقلقيش عليا ..
.. تابعينى والنبى عشان أبقى مطمنة عليكى ...
. .... إن شاء الله ، لا اله الا الله ...
... محمد رسول الله ...
... محمد رسول الله ....
لم يصدق من يشاهدها انها تتحدث مصرى ، واندهش أكثر وهى تنهى مكالمتها بمحمد رسول الله ،
قررت أن تتصل به لآخر مرة وبعدها ستنصرف ، هى لا تمتلك رقمه ، لكن الرقم مازال فى اخر المكالمات التى تم الاتصال بها ،
اتصلت بآخر رقم غير مسجل ، فوجئت برنة قريبة منها ، التفتت باتجاهها، وجدت أحد الأشخاص مستندا على سيارة قريبة جدا من مكان وقوفها ، يمسك بهاتفه الزى يرن فى يده ويبتسم لها ، ابعدت عينيها مرة أخرى ، أعادت الاتصال ، صدع نفس الهاتف بالرن ، استدارت له بعين غاضبة ، قطعت الاتصال واعادته ، فرن نفس الهاتف وصاحبه يقف ويضحك ، من هذا الشخص ولماذا يرن هاتفه بالرقم الذى اتصلت به ايميلى على أنه رقم كال ،
بدأ الرجل يقترب منها ، وهو يمسك بهاتفه فى يده وهى ما زالت تعيد الاتصال وتقطعه ،
راقبته هو يقترب ، هو شاب وسيم يبدوا فى اخر العشرينات ، بشرته قمحية وشعره طويل ناعم ومصفف للخلف ، يرتدى جاكت طويل على قميص ابيض مفتوح لأخر صدره ،
توقف امامها ، فوجئت به يقول بالمصرية
... المفروض اعملك ضريبة إشغال تيليفون وإشغال وقت ، وإشغال عين كمان بجمالك ده ...
تجمدت تالى ولم ترد بكلمة وعينيها متسعة على آخرها ،
اقترب أكثر ومد يده لها بالسلام وقال
... أنا كريم سليمان ، حضرتك كلمتينى وطلبتى منى اجى أخد كتاب ، صحيح انا مش عارف هو كتاب ايه أساسا ، بس جيت ...
يبدوا فعلا أن الغبية صديقتها اتصلت برقم خطأ ، لكن ما هذه الصدفة القاتلة ، يكون الرقم لشخص مصرى !
لم تمد يدها لتسلم عليه مما اضطره لاعادة يديه مكانها ، حاولت النفى برأسها انها لا تفهم ما يقول بمعنى أنها لا تفهم اللغة العربية ،
كانت ابتسامته جميلة من كدبتها هذه ، وقال
... انا لسة سامعك وانتى بتتكلمى فى التيليفون ، عموما فرصة سعيدة ...
فاض بها الكيل من هذا الشخص ، أخيرا نطقت وهى تهم بالذهاب وقالت
... أنا آسفة ، اتصلت بالرقم غلط ، بعد اذنك ..
... استنى بس ، مش معقول نبقى اتنين مصريين هنا ، وتسيبينى وتمشى بالشكل ده ...
... أولا ، أما مش مصرى ، انا اتعلمت مصرى عشان صاحبتى مصرية ...
وفجأة تركته وجرت قبل أن ينطق ، لم يحاول اللحاق بها ، يكفى رقم هاتفها الذى بحوزته الآن
يتبع