رواية الثمن هو حياتها خلود ونائل الفصل المئة والتاسع والثلاثون 139
الفصل 139 نائل مريض
عندما وصلت خلود إلى منزل الحديقة الأخاذة قابلت طبيب العائلة وهو يغادر.
صعدت الدرج بسرعة شمت في الحال رائحة الأدوية التقليدية القوية تفوح من
غرفة المكتب.
في ذلك الوقت كان سالم يحمل وعاء يحوي على الدواء وينصح سيده بجدية
" قال الطبيب أنه من الأفضل تناول الدواء ساخنا يا سيد هادي".
تجعد جبين نائل بشدة وهو ينظر إلى وعاء الدواء ذو اللون الأسود الداكن.
وصاح باشمئزاز "أبعده عني".
"يا سيدي.."
يجب الرد لمتابعة القراءه
المحتو مخفي
أراد سالم أن يستمر في إقناعه أكثر، ولكن نظرته الغاضبة جعلته يبتلع كل
الكلمات التي كان على وشك نطقها.
استدار سالم بحزن حاملا وعاء الدواء في يده وعندما رأى خلود تتجه نحوه.
لمعت عيناه بسعادة كما لو أنه رأى بصيضا من الأمل همس لها: "أرجوك يا
سيدة هادي حاولي إقناع السيد هادي بتناول الدواء إنه يستمر في السعال،
ومع ذلك يرفض تناوله ".
بعد ذلك، وضع الوعاء في يدها وغادر المكتب.
توجهت خلود بوعاء الدواء نحو نائل وبسرعة انتشرت رائحته في الجو.
كان نائل يفضل تناول الأدوية الحديثة، لأن الدواء التقليدي رائحته مزعجة
وطعمه مز ولاذع.
شعرت خلود بالقلق وخشيت أن يبرد الدواء في يدها، مما يقلل من فعاليته
بشكل كبير. وعلى عجل، حاولت أن تقنعه بلطف قائلة: "إنك مريض يا نائل
ولن تتحسّن صحتك إلا بعد تناول الدواء، وامتناعك عن ذلك سوف يزيد الأمر
سوءا. وذلك ليس لصالحك أبدا".
رفع نائل نظره بتكبر وعيناه مليئة بالاشمئزاز. أنا لست مريضًا. ولست بحاجة
لشرب هذا ... ، ثم سعل مجددا.
غضبت خلود وقلبت شفتيها وهي تحدق في وجه ذلك الرجل العنيد حسنا ! من
الواضح تمامًا أنه ليس بخير، لكنه عنيد مثل الحمار !
اقتربت منه بعينين واسعتين وسألته "أنت حقا لن تشرب هذا؟"
أجابها نائل بثبات "لا لن أفعل ذلك".
ظهرت ابتسامة ماكرة على وجه خلود. وقالت إذا سأرميه في المغسلة. هل
أنت متأكد
من
ذلك؟"
أكد لها نائل بكل ثقة العالم: "نعم"، دون أن يتأثر بتلك الكلمات القليلة.
سأكون أكثر سعادة عندما تأخذ وعاء الدواء المر هذا من أمامي . إن رائحته
لوحدها تجعلني أشعر بالغثيان
أجابته خلود. "حسنا، إذن".
اللحظة التالية اتسعت عينا نائل وهو يشاهدها تحمل الوعاء وتشرب
في
محتواه.
"ماذا تفعلين يا خلود؟"
وقبل أن يتمكن من فهم ما تحاول فعله، وضعت شفتيها على شفتيه ومررت له
الدواء. عندها شعر بأن طعم المرارة اختفى ثم انتشرت رائحة خلود في جميع
أنحاء جسده. كأنه ابتلع ملعقة من الحلوى القطنية.
أصيب بالذهول. ثم قدمت له خلود جرعة ثانية من الدواء بنفس الطريقة إلى
أن فرغ الوعاء.
تشابكت شفتيهما، وانصهرت أنفاسهما الحارة مغا. فاندفع كل الدم الموجود في
أجسادهما إلى رؤوسهما، وسرعان ما غمر أفكارهما شعرت خلود وكأن قلبها
على وشك الانفجار داخل صدرها حتى أن رؤيتها تشوشت بسبب الدم الذي
يغشى عينيها. ثم سحبها نائل إلى صدره دافئ.
في اليوم التالي اخترقت أشعة الشمس الصباحية الستائر وانعكست على
السجادة.
نزلت خلود لتتناول وجبة الإفطار قبل الذهاب إلى المكتب.
وبمجرد دخولها المبنى، احتشد زملاؤها حولها يسألونها: "ما .
فريد يا آنسة حديد؟"
هي علاقتك بفادي
هل بإمكانك الحصول لنا على توقيعه؟"
لم تكن خلود على علم بعد أن صورها وهي تحضر الحدث مع جدتها الليلة
الماضية قد تصدرت العناوين وبالتالي، رأى العديد من الناس صورتها مع فادي.
عندما أدركت أنهم رأوا صورتها، أدركت أن نائل رآها أيضا. ولكن لم ألاحظ أي رد
فعل منه بخصوص هذه المسألة في الليلة الماضية !
لهذا السبب لم تأخذ الأمر على محمل الجد.
وعدت زملاءها بأنها ستحصل لهم بالتأكيد على توقيع فادي إذا أتيحت لها
الفرصة ثانية.
ثم ذهبت إلى مكتبها وعملت طوال فترة الصباح. وعند الظهر، تلقت مكالمة
من
لولو.
قالت لولو بحزن: "أوقفي العمل على الفستان الذي طلبت منك صنعه لي يوم
أمس يا خلود ربما لن أحتاجه بعد الآن".
سألتها خلود بقلق : "ما الأمر يا لولو؟ ألم تخبريني أن حفلة توزيع الجوائز الشهر
المقبل مهمة للغاية؟".
لم يكن هناك أي شائعات أو أخبار سلبية عنها في الفترة الأخيرة. بالإضافة إلى
ذلك، كانت تتلقى تقييمات إيجابية باستمرار وهي شخصية محبوبة للغاية .
ردت لولو بتنهيدة. "لست متأكدة أيضًا. ليس لدي أي فكرة أين أسأت لأي
شخص. في الواقع، لست لوحدي. لقد أثر ذلك على جميع النجوم المرتبطين
باستوديو فادي، وتم تعليق معظم أعمالنا. كما طلب أيضا إخلاء الإستوديو
خلال وقت محدد. حسنا، ستتحدث في وقت لاحق. يجب أن أساعد في النقل
ثم قامت بإنهاء الاتصال.
شدت خلود قبضتها حول هاتفها. ثم غمرتها الشكوك.
هل يمكن أن يكون نائل غاضبا ؟ وهل هذا كله .
من
فعله؟
عندما حان وقت استراحة الغداء، توجهت إلى شركة هادي. استقبلها موظف
الاستقبال في مكتب الرئيس التنفيذي، وسمح لها بالدخول إلى مكتب نائل دون
أي مشاكل.
كان سالم يقدم تقارير عن الأعمال لنائل عندما رأى خلود تدخل فسارع إلى
المغادرة.
سألها بقلق، وبدى صوته متوترًا: هل هناك أي مشكلة يا سيدة هادي؟ ما سبب
قدومك لمقابلة السيد هادي؟ ".
يبدو أنه يعلم شيئا ولكنه لا يجرؤ على الاعتراف وبدون أي مقدمات، سألته
خلود: "هل نائل هو السبب فيما حدث لإستوديو فادي؟"
تحققت مخاوف سالم في النهاية. لقد كانت علاقتهما جيدة في الليلة الماضية،
ولكن اليوم سيكون لديهم خلافات بسبب شخص ثالث لا علاقة له بهما. وهذا
أمر لا يستحق ذلك.
أجاب سالم بلطف "كما تعلمين يا سيدة هادي، عندما رأى السيد هادي صورتك
مع فادي شعر بغضب شديد
كان كلامه لمصلحة الجميع، فهو لا يرغب في رؤية نائل في مزاج سيء.
عندما لاحظ أن خلود لم تتأثر بكلامه، وتبدو عازمة على اقتحام المكان
لاستجوابه بشأن الإستوديو، لم يستطع إلا أن يتابع حديثه قائلًا: "يجب أن
تكوني حذرة من طريقة تعامل السيد هادي مع الأمور. فإن إثارة غضبه أكثر
سيجعل الأشخاص من حولك يعانون أكثر. سيكون الأمر أسوأ إذا أثر ذلك عليك
أيضًا. ارجوا أن تظهري لنا بعض الرحمة عن طريق عدم إثارة غضبه بشكل
أكبر".
سيكون ذلك في صالحها وفي صالحنا، لأنه عند غضب السيد هادي لا يشفق أو
يتهاون مع
أحد أبدا. في الحقيقة لقد كان رحيقا لأنه قام فقط بتعليق النجوم
المرتبطين باستوديو فادي واستعاد الإستوديو . ففي السابق تمكن من إجبار
فادي على مغادرة الوسط الفني عندما كان من النجوم المشهورين وهذا دليل
على أن التأثير القادر على فعله ليس عاديا على الإطلاق.
ثم خففت خلود من انفعالها وحاولت كبت غضبها وفكرت حتى لو قمت
بالدخول واستجواب نائل فهل سيطيعني ويتوقف عن تسبيب المشاكل لفادي
بينما يتصرف دائما بعلو وتكبر؟ فكما قال سالم، قد يدفعه ذلك إلى إدخال
المزيد من الناس في هذه المشكلة .
رفعت يدها ووضعتها على مقبض الباب ترددت للحظة ثم فتحت الباب
ودخلت. شعرت بأن الغرفة باردة جدا، وكأنها دخلت إلى ثلاجة. وفي اللحظة
التي رفع فيها نائل عينيه نحوها، ارتعشت خلود وكأنها محاطة بكتل جليدية.
كانت كل خطوة تخطوها تزداد حذرًا، كأنها تسير في حقل ألغام وأدنى خطأ
يمكن أن يقودها إلى انفجار شديد.
عندما اقتربت منه حافظت على ابتسامتها ثم قربت وجهها منه وسألته بلطف
"هل تناولت الغداء؟"
كبت نائل رغبته في تقبيل خديها المنتفخين وهمس بهدوء: "لا لم أفعل".
"إذا اطلب من المقصف أن يرسل لك بعض الطعام. فأنا جائعة".
نظر نائل إليها بعينيه العميقتين وكانت نظراته حادة قليلا. وسألها: "هل أتيت
إلى هنا لتناول الغداء فقط؟
كان صوته يحمل تلميحا من الشك فأحست كأنه قرأ كل أفكارها.
عضت خلود شفتها السفلية ثم اعترفت له: "بالطبع لا، فلدي دوافع أخرى".
اللحظة التي سمع فيها كلماتها تلك تغيرت ملامح وجه نائل الوسيم.