رواية لعنتي جنون عشقك الفصل الثاني عشر 12 بقلم تميمه نبيل
الفصل الثانى عشر (1)
كان يضمها بين ذراعيه و هى مستلقية على صدره , يده تداعب بشرة ذراعها بحنان بينما ترتسم على فمه ابتسامة نمر نجح فى اصطياد فريسته ..لامست شفتاه خصلة الشعر الساقطة بنعومة على جبهتها ثم همس فى اذنها
( هل آلمتك حبيبتى ؟......)
احمر وجهها بشدة فدفنته اكثر بصدره و هى تهز رأسها علامة النفى ,ضحك برقة وهو يزيد من ضمها اليه مستمتعا بخجلها الذى يلهب مشاعره ..
انه لا يصدق ما حدث ... منذ ساعات قليلة كان فى أسوأ حالاته المعنوية و كان جحيم شوقه اليها يهدد بحرقه حيا ... لم يكن يتخيل ان تنتهى هذه الليلة بهذا السحر الذى فاق كل توقعاته و كل جنون خياله ....
لا يصدق تدفق عاطفتها الذى كاد ان يصيبه بالجنون .. لقد ذابت بين ذراعيه فى لحظةٍ واحدة ليذوبا معا كنارٍ سائلة احرقتهما معا ...
من كان يظن ان صغيرته حلا قد كبرت و اصبحت امراءة غاية فى الروعة و السخونة ...... بالرغم من كل ما حدث لها .....
اللعنة هاهو يعود للواقع الأليم مرة أخرى .................تنهد بعمق يريد ان يبعد هذا الواقع عن ذهنه المخدر بها حاليا .....
شعر بشفتين ناعمتين تلامسان صدره مرة بعد مرة فخفض نظره اليها مذهولا بما تفعله , لكن لم يستمرذهوله للحظتين حتى اندلعت نيران الرغبة فى داخله من جديد ليدفعها لتستلقى على الفراش ناظرة اليه مذهولة من عمق النيران المشتعلة بعينيه , ليغيبها من جديد فى عالمٍ مجنون أسرهما معا بجنونه ......
أخيرا ابتعد عنها قليلا لينظر لعينيها و هولايزال يلهث من عمق ما تشاركاه للتو .....فطالعته عيناها النجلاوان تنظران اليه باستسلام شتت أعماقه .......
يا الهى ... ما أجملك يا حلا .... وما أعذبك ....ما تلك العاطفة المجنونة التى كنتِ تخبئينها بجدارٍ الماضى القاسى ..........
استلقى بجانبها لا يفصله عنها نفسا واحدا .. يريد ان يعتصرها حتى تدخل صدره .....تنهد مرة أخرى و هو يقول هامسا ضاحكا برقة
( أنتِ رائعة حبيبتى ...... رائعة للغاية )
على قدر ما أشعرتها جملته بالخجل الفظيع الا أنها أشعرتها أيضا بسعادةٍ لا توصف , و احساسٍ بثقةٍ لم تكن تظن أنها ستشعر بها يوما ....نظرت اليه بجرأة لم تعرف أنها تمتلكها و ابتسمت له باستحياء ....
ظلا ينظران الى بعضهما البعض و عيونهما تتبدلان حوارا هما نفسهما لايسمعانه .........
انها غاية فى الروعة .... لا ينقصها شيء ابدا ... انها مثالية فى هذه اللحظة ...اذن لماذا لا يترك الأمور عند هذه النقطة ليبدآ بداية جديدة تماما ....الا انه لا يستطيع , بداخله يعلم انها تحتاج لمساعدة .. والا فسيظل مرعوبا عليها لآخر يومٍ فى حياته ....
ناداها برقة (حلا ....) فأجابته بعذوبةٍ خجولة
(نعم ...)
أخذ يداعب ذراعها برقة ٍ ثم قال
( هناك خبرا لا تعلمينه بعد ....)
نظرت اليه متوجسة بتساؤل فأكمل
(سابين ستتزوج بعد يومين ....)
استقامت جالسة بسرعة و هى تسحب غطاء الفراش الى صدرها و تقول مصعوقة
(ماذا ؟!!..... من ستتزوج ؟...)
أجابها بهدوء و هو يلامس ظهرها بنعومة ليهدىء من انفعالها
(ستتزوج أحمد مهران ....)
ظلت تنظر اليه مذهولة لا تدرى ماذا تقول ...أحمد مهران ابن عمة أدهم ؟!!.... القطب الثانى فى الامبراطورية؟!...
... مع انه خبرا منطقيا ان تتزوج سابين من رجلٍ غير عادى كأحمد مهران ... انهما يليقان ببعضهما للغاية .....بينما هى !!.......
جلس ادهم هو ايضا و هو يلاحظ وجومها فأمسك بذراعيها و هو يقبل كتفها برقة ليعيد اليها الوهج الدافىء الذى كانت تعيشه بعيدا عن اى توتر , لكن حين لاحظ تصلبها ابتعد قليلا و هو يقول بقلق
( حلا ... ماذا بك حبيبتى )
نظرت اليه باستسلامٍ ضعيف مزق قلبه ... لوهلةٍ شعر بما تشعر به و احس بأوجاعها الصامتة القديمة , فجذبها الى احضانه بحنانٍ وهو يربت على شعرها حتى ترتاح ثم اكمل بصوتٍ خافت
(سأكون انا و فارس شاهدين على العقد .... ثم بعد عدة أيام سيقيمان حفل الزفاف )
ظلت حلا مختبئةٍ بأحضانه و هى تفكر أن سابين تستحق الأفضل ... واحدة مثلها تستحق أدهم ...وهو يستحق واحدة مثلها , فهل يشعر بالندم على ضياعها منه ., و فوز أحمد مهران بها .....
افاقت من افكارها المريضة على صوت ادهم وهو يقول بينما يشدد من احتضانها
(بالطبع سنحضر الزفاف ... ستكون اول مناسبة نحضرها كزوجين )
انتابها الهلع من هذا الموقف الغير متوقع .... تحضر زفافا كهذا ... سيحضره كل من عرفوها وعرفوا طلال .... سينظرون اليها ....قد يكون هناك من يعرف ما كان عليه طلال .... قد يكون هناك من سمع عن الحادثة القديمة .....لا ... لا ... لا ...لن تستطيع مواجهة احد ابدا .....
قالت فجأة بدون مقدمات
( لا اريد الحضور ...)
تنهد ادهم وهو يعلم ان هذا هو الرد الذى توقعه .. وهو حقا لا يهتم لحضور زفافهما كثيرا و خاصة أنه زفاف سابين التى اوقعت باحمد مهران بهذه السرعة بمقدرة ٍ فذه ذكرته ب...... اقشعر بدنه وهو يتذكر الافعى السوداء
الا ان المهم لديه الآن هو ان لا يكون لدى حلا اى خوفٍ من اى شيء .... لذا فهو يريد منها الحضور بكل ثقة متحدية مخاوفها ... و سيرى من سيجرؤ على الاقتراب منها ......آآآه فقط لو كان موجودا وقتها ... لقد كان بعيدا عنها آلاف الأميال .... وهم جميعا عملوا على إخفائها اكثر و اكثر .... وكان هو من النذالة بان يتركها لهم بهذه البساطة ....
اجل الجدل معها عن حضور الزفاف حاليا ليفاتحها فى الموضوع الأهم و الذى اخره طويلا حتى الآن .... قال بصوتٍ خافت حتى لا تجفل
( حلا .... سنذهب غدا انا و انتِ ....لمكانٍ ما )
رفعت رأسها اليه بسرعة و هى تنظر اليه بقليل .. قليل من الحماسة المتوجسة و هى تشعر بأنه قد يكون اعدد لها مفاجأة ممتعة فهمست بسرعة
(اين ؟....)
تنهد ادهم بقلق وهو ينظر الى الحماسة المنبعثة من عينيها الضعيفتين و التى مزقت قلبه لانه يعلم انه سيبدد حماستها حالا ....
ثم لم يجد بد من ان يقول ببطءٍ شديد
( الى الطبيب ....)
ظلت تنظر اليه بعدم فهم و بدون اى تعابير على وجهها.....فتابع وهو يدعو الله الا تنفعل
( طبيب ... سيتحدث معكِ قليلا .... و... قد تحكين له ما يضايقك ....)
لم يتغير اى شىء ولم تتحرك عضلة واحدة فى وجهها و هى تنظر اليه .... ثم فجأة صرخت
(هل تظننى مجنونة ....)
امسك ادهم بها بقوةٍ وهى تقاومه بضعفٍ و ارهاق بينما اخذت الدموع تنساب على وجنتيها
( حلا ..... اسمعيني اولا ...)
ظلت حلا تقاومه و قد بدأ صوت بكائها يتعالى و هى تقول بصوت متقطع
( انا لست مجنونة ... انا فقط ... احتاج لبعض الوقت .... ان كنت تشعر بالنفور منى فلماذا......)
قطع باقى كلماتها الحمقاء بشفتيه يقبلها بكل مايحمله من ضغوطٍ تكاد تخنقه ...و استمر يقبلها باجتياح حتى هدأت تماما بين ذراعيه ....اخيرا رفع رأسه وهويصرخ من بين أنفاسه المتقطعة
( هذا هو ما أشعر به من نفورٍ نحوك .....)
ارتمت على صدره وهى تبكى تكاد ان تنهار بعد كل هذا الارهاق العاطفى الذى تعرض له فى الساعات القليلة السابقة ......اخذ ادهم يهدهدا وهويهمس فى اذنها مطمئنا لها و مؤكدا بأن كل شيء سيكون عل ما يرام .....
تشبثت به بقوةٍ تستمد منه كل ما تستطيعه من قوة ٍ وحماية ... ثم اخذت تهمس بضعف متقطع
( لا تجبرنى على الذهاب يا ادهم ارجوك ..... ارجوك .... سأكون كما تريدنى ان اكون ..... سأكون كما تتمنى ان تصبح زوجتك .... لكن لا تجبرنى .... ارجوك )
(هششششش ...... كفى ... كفى .... لن اجبرك على شىء ابدا ...... سننتظر حتى تكونى مستعدة )
هدأت بين ذراعيه فسحبها معه ليستلقيا على الفراش مدثرا اياها بالغطاء .... واضعا رأسها على كتفه حتى نامت اخيرا و لاتزال دموعها على وجنتيها .....
ظل ينظر اليها وهى نائمة .... وهو يتحسر على اللحظات الساحرة التى ضيعها بيده فى غمرة موجة العقل و الحكمة ....تبا فليذهب العقل للجحيم ........
.................................................. .................................................. .....................................
استقظت حلا من نومها ... وحيدة فى فراشها مرة أخرى ... كانت تتمنى ان يوقظها قبل ان يذهب الى عمله , كانت تظن ان بعد الليلة السابقة ستختلف حياتهما معا .... الا انه تركها وحيدة مرة اخرى .... لكن اليست هى السبب , هى من دفعته دفعا للعودة الى حياته ... لم تكن تعلم انها من الممكن ان ..... تشتاق اليه قليلا ..... كما تفعل الآن .......
نظرت جانبها فلاحظت ورقة مطوية ..... رسالة منه مرة اخرى ... تناولتها وهى لا تعقد امالا كبيرة .......قرأتها ببطء و قلبها يخفق بسرعة
(اضطررت للذهاب للعمل باكرا ...... شكرا على ليلة من الأحلام حبيبتى )
ابتسمت ببطء ورقة ..... ها استطاعت اسعاده حقا ؟!!...... ما الذى يجده فيها ؟... هل هى حقا الوحيدة فى حياته الآن ؟.......
لم تعرف لما شعرت باحساسٍ جارح عند هذه النقطة ........ وحتى ان كانت الوحيدة الآن ..فهى مسألة وقت لن يستطيع التمسك بإخلاصه لها طويلا.....سرعان ما سيجد امراءة قوية آسرة .....تسلب عقله و حينها يقارن بينها وبين زوجته الضعيفة ذات الماضى البائس و التى لم تستطع تحقيق أى نجاح يذكر بحياتها ........
عادت بتفكيرها الى سابين وزواجها من احمد مهران ....انها تستحقه .... بل كانت تستحق ادهم ..... انها مرأة مستقلة تحمل كل ما يتمناه الرجل .... بعكسها هى .....
أغمضت عينيها متألمة ..... وهى تعود للشعوربالكره لكل حياتها ....ولكل من آلموها و قهروها ......متى ستنسى .... متى ستنسى ....
شعرت أنها تكاد تختنق فى هذه الغرفة المسجونة بها ليل نهار .... تكاد تعد الأيام الباقية على نهاية حياتها ......
قامت من مكانها ببطء عازمة على النزول للحديقة ..... حتى لو احتملت رفقة السيدة اسراء سيكون افضل من بقائها هنا اكثر من ذلك ...
اخذت حمامها و ارتدت بنطالا من الجينز و قميص طفولية قصيرة بيضاء و جمعت شعرها الرطب على هيئة ذيل حصان طويل ...
نظرت الى صورتها فى المرآة فابتسمت بحزن وهى لا ترى صورة ترقى لمستوى زوجة ادهم مهران ابدا .... نفضت رأسها من افكارها التى كادت ان تصيبها بالجنون .... تريد الهرب من ضغط زوجة ادهم مهران ..... انها الآن حلا فقط .....
نزلت على درجات السلم درجة ..درجة .. منتظرة ان تسمع صوت السيدة اسراء الصارم ... اخذت تسير ببطء ناحية الباب الضخم ...لم تشعر بها بعد .... فتحت الباب بهدوء تحاول الا تصدر صوتا ... ثم خرجت ....... ها قد نجحت و اجتازت الباب وحدها................
اخذت تستنشق الهواء الرائع ملىء رئتيها ......نزلت درجات المدخل بسرعة ثم انطلقت تمشى فى الحديقة ...... لم تدرى الا وقدماها تقودانها الى الحديقة الخلفية و التى لم تزرها الا مرة واحدة ......مشوشة بالنسبة لها , الا انها تبحث عن حوض ورودٍ رائع لايزال يداعب مخيلتها الى الآن ......سارت ببطء حتى وصلت اليه ...... ها هو...... ما اجمله , انه رائع كما رأته أول مرة .....
ذهبت اليه وانحنت لتدفن وجهها فى وردة جميلة .... تماما كأول مرة .... لم تستطع مقاومة جمالها فقطفتها لتستنشق عطرها الرائع....
(لقد قطفتى وردة من ورودى ....)
استقامت بسرعة و هى تستدير ناظرة اليه بعد ان قال جملته بحزم .....
شعرت باحراج بالغ و هى تمسك بالوردة فى يدها لا تعلم ماذا تفعل بها .....بينما ظلت مطرقة لا تستطيع الرد .........
كان مستمتعا للغاية برؤية خجلها و ارتباكها .... لم يكن يظن ان زوجة ادهم مهران من الممكن ان تحمر خجلا و توترا بهذه الدرجة الساحرة ..... يا الهى ما اجملها ... انها تبدو كطفلةٍ رائعة الجمال ....
قال لها مبتسما مقررا ان ينهى ارتباكها
(أنا امزح معك ِ ...... الحديقة كلها ملكك سيدتى ....)
ابتسمت ابتسامة صغيرة بخجل .... ثم قالت بصوتٍ خافت
(ورودك ...... رائعة )
رد عليها بصوتٍ اجش منخفض
(نعم .... رائعة للغاية )
تجرأت و رفعت نظرها اليه فوجدته يحدق بقسماتها فازداد احمرار وجهها بشدة الا انها لم تستطع الا ان تلاحظ وسامته المحببة و عيناه الصافيتين بلونٍ اخضر فاتح .... شعرت بأن نظرته ودودة للغاية ..... لا يشبه باقى العاملين هنا بالقصر ....انه غريب للغاية .... غريب لكن طريف .... تشعر بالرغبة فى الابتسام كلما رأته .....
سألته بتردد وهى لا تصدق قدرتها على ان تتكلم مع شخص غريب ...... لكن للعجب انها احبت هذا الشعور
(هل تعمل هنا منذ وقتٍ طويل ...)
اجابها مبتسما برقة
(فقط منذ عدة أشهر ...)
ابتسمت اكثر وهى تقول برقة
(اذن لم تسبقني كثيرا فى المجيء الى هنا ...)
اتسعت ابتسامته من روعة ابتسامتها و هو يقول
(نعم ... لقد جئت فى الوقت المناسب تماما ...)
لم تفهم تماما ما كان يقصده الا انها آثرت عدم الاهتمام وتشاغلت بالنظر حولها بينما هو لا يفارقها بعينيه ثم قال محاولا الا يغلق باب الحوار معها
( طالما انك ِ احببت الورود ... لماذا لا تنزلين هنا كثيرا )
ظلت صامتة مترددة فادرك انه ضايقها بسؤاله فاكمل كلامه
(لو احببت .. تستطيعين زراعة ورودك الخاصة من الآن ....)
رفعت رأسها اليه بسرعةٍ و هى تقول بلهفة ٍ طفولية
(حقا ..)
ابتسم ليبعث الثقة بداخلها وهو يقول مؤكدا
(بالتأكيد ... لقد أخبرتك ان الحديقة كلها ملكك سيدتى ..)
صمتت لحظة ثم قالت بتردد
(لا احب... كلمة سيدتى ..ابدا)
رد عليها برفق
(اذن بماذا استطيع ان اخاطبك )
قالت له بصوتٍ خافت
(انا ..حلا )
رد عليها مبتسما
( وانا ... هلال .. تشرفت بمعرفتك ...يا حلا )
أمومأت برأسها مبتسمة و هى ترد بخفوت
(و أنا أيضا .....هلال )
.................................................. .................................................. ..............................................
كانت تقف بباب الغرفة كعادتها دائما تراقبه وهى تشعر بذبذبات غضبه تتردد فى ارجاء الغرفة ....آه يا حبيبى .... كيف أستطيع ان أريحك ... ماذا افعل الآن ....
اقتربت ببطء من الاريكة التى يجلس عليها و هو يستند بذراعيه على ركبتيه بينما ملامحه الشرسة متصلبة لا تعرف معنى الهوادة ..
وصلت اليه ثم جثت على ركبتيها أمامه واضعة يديها الصغيرتين على ذراعيه و هى تهمس
( الا زلت غاضبا منى ...)
شعرت بأنفاسه الملتهبة تضرب قمة رأسها بينما بدا لها و كأنه يحاول جاهدا السيطرة على غضبه ... فانهار قلبها له , لم تعهده يحاول السيطرة على غضبه منها أبدا .... لكن الآن ....
قالت محاولة الوصول الى داخل قلبه
( فارس .. انها أمى و هى تحتاجنى )
رفع رأسه بشراسة و عيناه المحتدتان تكادان ان تحرقانها و هو يقول بعنف يكاد ان يكون صراخا
( أمك ؟....أمك التى باعتك لرجلا أعمى و أنتِ لازلتِ فى الثامنةِ عشر ؟...... أمك التى لم تسأل عنكِ لمرة واحدة لمدة ثلاث سنوات كاملة ؟.......)
طعنها الألم بشدة فأغمضت عينيها لا تريد ان تبكي الآن من اهانته الغير مقصودة لها ...حاولت ان تأخذ عدة أنفاس ثم همست
( هى لاتزال .....أمى )
مد يديه بسرعة و أمسك وجهها بقوةٍ جاذبا اياه ليقترب من وجهه ثم همس أمام شفتيها
؛(اذن اذهبى للجحيم ....ولا تعودى )
لم تخف منه هذه المرة ... ليس بعد كل ما تشاركاه الأيام السابقة.....حررت وجهها منه ببطء ثم أدخلت نفسها بين ركبتيه لتحيط عنقه بذراعيها الناعمتين واضعة خدها بنعومة على ذقنه الجارحة .....وحين شعرت بتغير سرعة أنفاسه همست بأذنه
( لن اذهب للجحيم .... و لن أذهب اليها ان كنت لن تعود معى )
قال بخشونة وهو يحيط خصرها بذراعيه بتملكٍ سافر
(أنتِ تعلمين جيدا اننى لن أعود.... فمن تختارين ؟؟....)
تنهدت بعمق ثم همست
(أنت تعلم جيدا...من أختار دائما )
لم يستطع التحمل اكثر فجذبها اليه بشدة ليلتهم شفتيها بشفتيه و كأنه يريد ان يثبت تملكه لها و يثنيثها عن التفكير بأى شىء سواه ....
آآآآه.... ما اجمل استجابتها ... يكفى فقط ان يلمسها لتذوب بين ذراعيه ....آآآه يا قطعة الحلوى ما أعذبك .. و ما أحلا من مذاقك ...
الى متى يا سما .... الى متى ستظلين محرمة علي ... ولماذا اشعر انه ليس من حقى لمسك بعد .....
حاول رفع رأسه الا انها استمرت فى جذبه اليها و قد ضاعت تماما كما تضيع كل مرة .... ابتسم ببهجة تحت شفتيها و هو يشعر بلهفتها المتزايدة .....انها تماما كما يجب ان تكون وردة فى مثل عمرها ..... انطلاقها العاطفى لا حدود له .... وهذا ما يشعره بانه ما يزال حيا يتنفس ....
لكن بالطبع حين شعر ببدء فقدان سيطرته على نفسه ابعدها عنه برفق و هو يتنفس بصعوبه ثم قال بصوتٍ متحشرج
(هيا لنسبح فى البحر ..)
نظرت اليه بصمتٍ و لم تستطع ان تجيبه لعدة لحظات .....ثم اخيرا همست باحباط
(لكن ... قد يكون ماء البحر باردا قليلا الآن )
ابتسم بشرود ثم قال لها بصوتٍ مغوى
(انا سأدفئك ....)
ظلت صامتة تظر اليه .... لماذا يبتعد عنها كل مرة ... أ لايزال يتلاعب بمشاعرها ؟.... لا ... بالتاكيد لا....لكن لماذا يذيقها حبه ثم يبتعد عنها .... الازالت طفلة بالنسبة اليه ؟..... لكن مايظهره نحوها يؤكد انه لايراها طفلة ابدا ..... لكن هل يراها حقا ؟....
انه يراها بشكلٍ مختلف عنها تماما .... ولا يزال يناديها بين حين وآخر ب (ياسمينا ..) شعرت بطعنة الألم لدى تذكرها لهذا الأسم الذى لا ينطق به الا وهما فى غمرة الهوى ... لم تواتيها الجرأة لتسأله عنها .... اتكون هى حبيبته التى تركته بعد اصابته ....الايزال يتذكرها .. ويتخيلها بين ذراعيه حين يكونا ....
اغمضت عينيها لا تريد ان تخرب روعة ما يحدث بينهما .... ولن تدع ذكرى قديمة تستولى على حبها ابدا .....فارس لها ... فارس طفلها الذى لن تتركه لغيرها ابدا .....
تنهدت بعمق ثم قالت بحزم
(سأذهب لأعد نفسي ....)
الفصل الثانى عشر (2)
كانت فى غرفتها بعد ان جهزت نفسها للسباحة مع فارس , فانتهزت الفرصة لتهاتف سابين ... ففارس لا يكاد يفارقها لحظة واحدة و حتى و قتا متأخرا من الليل لا يترك لها الفرصة لتكلم ايا من حلا او سابين ابدا
ما ان سمعت صوت سابين على الهاتف حتى هتفت
(سابين ... كيف حالك لقد اشتقت اليكِ جدا )
سمعت صوت سابين يأتى عاتبا
( يكفيكى فارس يا سما ....لا اصدق ان بعد عودتك بثلاث سنوات كاملة تعودى لتختفى معه مرة اخرى ... حتى اتصالاتى لا تردين عليها )
كانت سما تستمع لكلام سابين الغاضب و هى صامتة مطرقة برأسها ... تعلم تماما انها محقة .... فهى لا تفكر مرتين حين يتعلق الأمر بفارس ..... ستكون كاذبة ان قالت ان فارس ليس محور حياتها و ان لا شيء آخر يوازيه أهمية عندها .....الا ان ذلك لا يمنع انها تشتاق لسابين جدا ...جدا
قالت سما بصوتٍ منخفض بعد ان انهت سابين كلامها
(انا آسفة جدا سابين .... اعلم انكِ غاضبة منى ... لكن انتِ تعرفين ظروفى ... لم أستطع ترك فارس يأتى الى هنا وحيدا .... انه يحتاجنى )
قالت كلمتها الأخيرة بصوتٍ يكاد يكون همسا .... وفى المقابل سمعت زفرة سابين الغاضبة ثم صوتها الاشد غضبا
(الى متى يا سما ... الى متى ستظلين جاريته )
قاطعتها سما بسرعة وبصوتٍ عالى للمرة الاولى
(لا تقولى هذه الكلمة سابين .... فارس يفعل كل ما يستطيع ليسعدنى )
قالت سابين بصوتٍ هازىء
(نعم بالتأكيد ... استطيع سماع السعادة فى صوتك .... كما استطيع تخمين مقدار ما تشعرين به من سعادة فى حبسك الانفرادى ...)
أغمضت سما عينيها .... ليس الآن سابين .... ليس الآن .... لا تحبطيني الآن ... ليس بعد ان بدأت أشعر بالقليل من السعادة .... بعد سنواتٍ طويلة من الحرمان....
أخيرا تكلمت سما همسا بصوتٍ مجروح
( سابين ... كيف حال أمى )
ساد صمتٍ مطبق فى الجهة الاخرى حتى كادت ان تشعر به يخرق اذنيها .... ثم قالت سابين اخيرا بصوتٍ كالفحيح
(لقد حاولت الوصول اليكِ اليس كذلك ...)
سكتت سما قليلا ثم تنهدت وهى تقول
(سابين ... أمى اخبرتي انها مريضة ... وهى تحتاج للرعاية و أنا ....أنا لا أستطيع المجىء حاليا )
سمعت ضحكة عالية ساخرة من سابين بينما تقول بشراسة
(مريضة ؟!!.... نعم بالتأكيد ... انها فقط تنتظر ان تأتى اليها و حينها ستمتص دمك قطرة قطرة )
حاولت سما الاعتراض الا ان سابين قاطعتها بحزمٍ وهى تقول
( اتركى موضوع أمك الآن , انا استطيع ان اتكفل بها ..... لدى خبرا هاما جدا حبيبتى ...... أنا سأتزوج )
صرخت سما باندهاش
(ماذا ... كيف .... من ؟!!!!)
سمعت ضحكة سابين الناعمة و قبل أن تجاوبها هتفت سما مرة أخرى بصوتٍ اكثر انفعالا
(أنه أحمد مهران ... اليس كذلك ؟؟)
جاءها صوت سابين مندهشا بشدة
(كيف علمتِ ؟!!!....ايثار اخبرتكِ اليس كذلك )
الا ان سما ضحكت عاليا وهى لا تزال مصعوقة
(بالتأكيد لا ... هل تمزحين ؟!!..... لقد شعرت بالذبذبات العالية التيار بينكما .... بالكاد تستطيعان ابعاد يديكما عن بعض )
سمعت صوت سابين يأتى متوترا
(تأدبي سما....)
ظلت سما تضحك عاليا بينما سابين تحاول اخبارها بالتفاصيل و بأنهما سيحضران الزفاف هى و فارس الذى سيشهد على عقد القران مع أدهم ....
كانت سما تضحك بسعادة من أجل سابين ... هل سيكتب لواحدة من نساء الراشد السعادة أخيرا .....
فجأة اجفلت بشدة حين فتح باب غرفتها بعنف و رأت فارس يدخل بنظراتٍ مشتعلة .... قال لها بعنف
(مع من تضحكين ...)
نظرت سما اليه بدهشة ثم قالت بصوتٍ متوتر
(انها سابين ....)
ظهر عليه الارتباك لحظة الا انه عاد يقول بحنق
(انا انتظرك منذ وقتٍ طويل ..)
همست سما بسرعة و هى تدرك ان سابين بالتاكيد سمعته
(حاضر.... حاضر )
اعادت وضع الهاتف على اذنها وهى تهمس لسابين
(سابين سأكلمك فى وقتٍ آخر ......)
هتفت سابين بغضب
(سما لا تسمحى له ب.....)
قاطعتها سما بسرعة تخشى ان يصل صوت سابين لفارس الذى بات ملتصقا بها ينظر ناحيتها بغضبٍ سينصب عليها لاحقا
(ليس الآن سابين .... اعدك سوف اكلمك مرة أخرى )
ثم اغلقت الهاتف بسرعة وهى تأخذ نفسا عميقا استعدادا للمواجهه ... التفتت الى فارس الذى ينظر اليها أمامه بقسوةٍ ثم قال بعنف
(هل اصبحت فجأة شديدة الأهمية .... كل الناس يريدونكِ بجوارهم ..... )
ظلت سما تنظر اليه لا تعلم سبب غضبه منها .... كل هذا لأنها كلمت سابين ؟!!......الا انها قالت بهدوء
(انا آسفة ... اردت الاطمئنان عليها و على أمى )
لم تزل القسوة عن وجهه بعد الا ان غضبه بدأ فى التراجع ثم قال أخيرا
(هل تنازلت ايثار عن فكرة الاستيلاء عليكِ؟......)
نظرت اليه متعجبة من كلمة استيلاء .... انها امها ... حتى لو لم تكن أما مثالية الا انها أمها فى النهاية ......
لكنها قررت تغيير هذا الموضوع الذى يثير غضبه.... فقالت بهدوء
(سابين ستتزوج أحمد مهران ...... و سنذهب أنا و أنت لتشهد على العقد مع ادهم )
اخذت ملامحه تتبدل من دهشة الى استهجان الى سخرية و ازدراء ... كل أنواع المشاعر العدائية التى لا تحمل أى نوع من الفرحة الخالصة .... ولقد أغضبها هذا حقا منه ... اليس من حق سابين الفوز برجلٍ رائع ... اليست السعادة من حقها ككل الناس .....
ظلت تنظر اليه مجروحة من قسوته الموجهه لسابين الرائعة ....... ثم سمعته يقول بإستهزاء
( اذن فقد اوقعت ايثار بأحمد مهران و أدهم مهران .... حقا يتزايد إجابى بمقدرتها الفذة يوم بعد يوم )
كانت القسوة بدأت تزحف الى قلبها بعد أن تكلم عن أمها أمامها بهذا الشكل المهين .... كانت لتتهاون مثلما كانت تفعل سابقا .... لكن الآن بعد هذه الأيام الرائعة بينهما ... شعرت انهما متجهان لنقطة الصفر من جديد , فها هى نظرته المتوحشة تعود لعينيه من جديد ... بعد ان تركتهم جميعا لتتبعه الى هنا .... و هى التى لم تشبع شوقها إليهم بعد .....
غضبها جعلها تقول ببرود
(نسيت أن تذكر أنها أوقعت بك أيضا ........)
رأت برعب يده وهى ترتفع فظنت للحظة أنه سيضربها مثلما كان يفعل دائما .... الا أن دهشتها كانت عظيمة و هى تراه يغمض عينيه ويضم قبضته بينما يحاول أخذ أنفاس عميقة بطيئة و كأنه يحاول السيطرة على غضبه و تهدئة نفسه
أخيرا فتح عينيه وقال وهو يتنفس بصعوبة و يمد يده اليها
(لماذا نسمح لهم أن يسرقوا من وقتنا معا يا سما ......)
ذاب قلبها بسرعةٍ خرافية ورقت عيناها ..... وعادت الى محور كونها من جديد ... وهى تتسائل بداخلها ....نعم حقا لماذا؟....هل هى بمثل هذا الغباء؟!!.....
فارس حبيبها وعشقها المستحيل .... يقف مادا اليها يده ينتظرها , بينما هى تجادله بكل غباء ...... هل نسيت أياما كانت تستجدى منه كلمة واحدة ...... تهفو لرؤية ابتسامه حتى وان كانت لغيرها ....
ابتسمت بعشقٍ يملأ قلوب المحبين جميعا ....ثم اقتربت منه خطوة و مدت يدها الصغيرة لكفه الممدودة التى أغلقت على يدها بقوةٍ ما أن شعرت بملمسها الناعم .....
جذبها اليه بقوةٍ فارتمت على صدره و هى تشعر بيديه تبدآن رحلتهما التى إعتادتها فى الأيام الأخيرة على ذراعيها و خصرها و أكتافها
لكنها لاحظت فجأة عبوسه و هو يتلمس أكتافها المكشوفة .... ثم انتقلت يديه الى ظهرها العارى حتى خصرها .....
عندها اتسعت عيناه بوحشية و هو يحرك أصابعه صعودا و نزولا على ظهرها و كأنه يريد التأكد أن ما يشعر به حقيقة ......
أخيرا همس بشراسة
(ماذا ترتدين؟....)
ابتلعت ريقها وقد دب الخوف بداخلها من جديد فقالت متلعثمة
( ثو.... ثوب ...سباحة )
عقد حاجبيه و قد بدت عليه الهمجية بينما أمسك بذراعيها بشدة و هو يهتف
(ثوب سباحة؟!!..... من أين جئتِ به ؟..... كنتِ تسبحين بملابسك الأيام الماضية......هل ارتديتيه قبلااا ؟....)
سأل سؤاله الأخير وهو يكاد يصرخ كالمجنون فاجابته وهى ترتعش بينما تلعن هذه الخطوة المجنونة
( كان عندى منذ وقتٍ طويل .... الا اننى لم أرتديه يوما ... اقسم لك يا فارس )
أخذ يتنفس بغضب ........ثم قال أخيرا بحنق
(وكيف تجرأتِ ولبسته الآن ؟....)
قالت بارتجاف
(المكان هنا مهجورا نوعا ما فى هذا الوقت من العام ......)
عاد اليه غضبه و هو يهتف
(نوعا ما؟!!..... ما الذى أستطيع ان أفهمه من جملة " نوعا ما " هذه )
ظلت صامتة ترتجف بين ذراعيه .... وهى لا تعلم اى شيطان حثها على ارتداء مثل هذا الثوب ... فكرت انها قد تنجح فى اغرائه ما ان يأخذها بين ذراعيه بين الأمواج كما يفعل دائما ..... الا انها اثبتت سذاجة منقطعة النظير و قد فشلت خطة الإغراء تماما قبل حتى ان تبدأ....
حين شعر بارتجافها بين يديه راجع غضبه قليلا...الا انه لم يهدأ بعد ... لم يصدق اصابعه وهى تتجول على جسدها العارى .... جن جنونه حين تخيل ان احدا قد يراها بهذا المنظر ..... جن جنونه حين تخيل منظرها اصلا ...... لابد و انها تبدو رائعة كملمسها وكرائحتها.....
زفر بغضبٍ متخاذل ثم قال اخيرا بفظاظة
(بدلى ملابسك حالا ....)
ردت بصوتٍ هامس مرتعش
(حاضر... لن استغرق اكثر من لحظات)
انتظرت منه ان يتركها .. الا انه لم يتحرك من مكانه ... ظل متمسكا بها بين احضانه .....
راقبته و هو يبتسم تدريجيا و يشدد قليلا من احتضانه لها ثم قال لها بصوتٍ خافت
(هيا ماذا تنتظرين ؟.... لقد تأخرنا ...)
رفعت حاجبيها محاولة الاستيعاب بعد ان اصابتها موجة من الغباء المفاجىء ..... ثم قالت اخيرا بمغزى لعله يفهم وحده
(حسنا.....)
ظل واقفا مكانه لا يتحرك ولا تغادر الابتسامة شفتيه ... ثم قال بعد لحظاتٍ
(انتِ لا تتحركين سما.....)
افلتت منها ضحكة صغيرة لم تستطع السيطرة عليها فما كان منه الا ان اتبعها بضحكةٍ مماثلة منه
ظلا واقفين لا يتحركان ... بينما قلبيهما يضربان بعضهما البعض بعنف .... ثم همس اخيرا و هو يبتعد عنها قليلا
(هيا سما.....)
همست وهى تكاد تموت خجلا
(لا أستطيع ....)
اقترب من اذنها وهو يهمس (سما ...لا أستطيع ان اراكِ )
نظرت الى عينيه التى تلمع بشدة تكاد ان تلتهمها اكثر من أى مبصر فى العالم .....ثم همست أخيرا مبتسمة
(حسنا اذن ..... لكن ابتعد الى نهاية الغرفة )
اتسعت ابتسامته و هو يهمس
(قاسية .....)
الا انه اخذ يبتعد بظهره الى ان ارتطم بجدار الغرفة فاستند عليه بظهره و كتف ذراعيه وهو يراقبها مبتسما .....
ظلت تنظر اليه مبتسمة.....ثم اخذت تنزل حمالتى الثوب .... تشعر بخجلٍ لم تشعر بمثله فى حياتها كلها .........
.................................................. .................................................. ...................
ها قد أصبحت زوجته ......نظرت اليه و نظر اليها ..... بعد لحظاتٍ من عقد القران و قد غاب عنهما كل من حولهم
تم عقد قرانهما فى قصر ادهم مهران بناءا على طلبه .... ولم يحضر الا هو وحلا وفارس وسما .... وتالا الصغيرة بالطبع التى بدت و كأنها قبضت على نجمة من نجوم السماء فاخذت تقفز مبتهجة بين الحين و الآخر .. لا تصدق ان الساحرة الخيالية قد خرجت من كتاب الحكايات و ستقيم عندهم ....وستكون لها.. تلعب معها كما تشاء ...
اقتربت سما من سابين وهى تكاد تقفز من السعادة ثم تعلقت بعنقها وهى تقبلها .....ابتسمت سابين حين لاحظت ان سما و تالا تحملان نفس الانفعال الطفولى و هما الوحيدتان اللتان تظهر عليهما مظاهر السعادة ...... بينما تسود حالة الوجوم الشديد على جميع الحاضرين ...الا انها لم تهتم ....
يكفيها فقط انها اصبحت زوجته ..... عادت لتنظر اليه فوجدت عيناه مثبتتان عليها بدون ان يبدو اى تعبير على وجهه ......
لقد اهتمت كثيرا بمظهرها بالرغم من قلة عدد الحاضرين ....فصففت شعرها على هيئة ضفيرة معقدة رائعة تنساب على كتفٍ واحدة وخصلةٍ ناعمة منسابة على جانب وجهها ....
وكانت ترتدى ثوبا غاية فى الروعة ... منسابا على جسدها الطويل بنعومة ...ذو لونٍ ازرق داكن لامع يجعلها تبدو كحجرٍكريمٍ نادر الجمال .....
لاحظته يقترب منها ببطء فاخذ قلبها ينتفض بشعورٍ غريبٍ عليها .....ظلت نظراتهما مثبتتان ببعضهما حتى وصل اليها ....فرفعت رأسها تنظر اليه و قد انفرجت شفتيها مخرجة نفسٍ ساخن ناعم .......
اقترب وجهه منها ثم مد يديه القويتين ليمسك بوجهها ....... ثم انحنى ليطبع قبلة دافئة على جبهتها .... اغمضت عينيها و آهٍ صغيرة تخرج من فمها لم يسمعها الا هو فابتسم برجولة ٍ تقطع الأنفاس .......
نظرت اليه بعينيها الناعستين كعيني قطة مدللة و هى تفكر ........ان كان هذا هو مذاق قبلته على جبهتى ... فكيف هو مذاق قبلته الحقيقية ..... ارتعش جسدها عند هذه النقطة فأسبلت رموشها مبتسمة بسحر ٍ يأسر الحجر .....
(أبى هذا يكفى .....انه دورى .. اريد ان أرى العروس .....)
انطلقت هذه الجملة من شفتى تالا الصغيرة التى أخذت تقفز وتصفق بانفعالٍ لم تستطع السيطرة عليه .......
ابتعد احمد مبتسما بحنانٍ كاد ان يذيب سابين من روعة ابتسامته .....ثم استدار الى تالا و انحنى ليحملها بين ذراعيه ليصبح وجهها مقابلا لوجه سابين ......
اخذت تالا تلامس ضفيرة سابين بانبهار طفولى.....بينما تظاهرت سابين بالعبوس وهى تقول
(اهلا بالمخادعة الصغيرة ....)
ضحكت تالا باحراج وهى تقول
(لم استطع ان اتوقف .... كنت اريد ان اعلم ماذا ستقولين عن ابى دون ان يعلم ....)
ابتسمت سابين وهى تنظر الى احمد الذى عقد حاجبيه مندهشا .....ثم قالت
(وهل أخبرته ؟......)
ضحكت تالا بمرحٍ وهى تقول
(لا .... سيكون هذا سرنا الخاص )
قال احمد متعجبا
(هل تعرفان بعضكما ......)
ردت سابين باغراء قاتل
(بالتأكيد ..... هل لازلتِ تحبين الأشرار تالا ؟....)
أومأت تالا بسرعة وهى مبتسمة ثم قالت
(نعم .... لذلك اشعر اننى سأحبك جدا ....)
قال احمد بحزم
(تالا ... لا يصح ما قلتهِ لسابين ....اعتذرى لها )
لم تفقد تالا ابتسامتها بينما ردت سابين بصوتها الناقوسي
(لا داعى للاعتذار انه سر خاص بيننا .... نحن فقط نفهمه )
نظر احمد اليها متعجبا لا يصدق انها سابين الوقحة ...واخذ يتسائل بقلق
ما الذى اقحمت تالا بهِ؟...........
استدارت سابين حين شعرت بلمسة ناعمة على ذراعها ....نظرت بصمتٍ الى حلا الواقفة أمامها لا تعلم ماذا يمكنها ان تقول فى ظرفٍ مماثل......
أعفتها سابين من وقفتها التى لا تعنى شيئا و هى تقول ببرود
(الن تهنئينى يا حلا .....)
أومأت حلا برأسها .... استنتجت منها سابين انها تهنئةٍ من نوعٍ ما ....ثم عادت حلا مسرعة الى ذراع ادهم الممدودة لتندس فى حضنه الدافىء .....
فجأة انبعث لحن ناعم للغاية من ركنٍ من اركان القصر فنظرت سابين مستفسرة .....لتجد سما تنظر اليها مشجعة .....عبست سابين مؤنبة لسما .....ثم شعرت فجأة بيدٍ رجولية تلمس ظهرها , فانتفضت مستديرة لتجد احمد ينظر اليها نظرة ذوبتها .... وهويقول
( هيا لنرقص ..)
لم تشعر بنفسها و هو يسحبها بين ذراعيه بدفءٍ قاتل ... وقد اخذ جسداهما يتمايلان فوق السحاب
همست سابين
(اظن انك اخبرتنى مرة .... انك لا ترقص )
همس باذنها
(لم تكونى زوجتي وقتها ...)
همست بدلال
(لكنك راقصتنى يومها.....)
رد عليها بصوتٍ أجش
(لم يكن ذلك رقصا......)
ثم شعرت بيديه تتحركان بنعومةٍ على خصرها وهو يجذبها اليه اكثر بينما ارتفعت ذراعاها لتعقدهما خلف عنقه وهى تريح وجهها على كتفه ..... ثم همست
(نعم ... لم يكن رقصا )
ظلا يتمايلان و قد ضاعت الدنيا من حولهما و اختفت النظرات الفضولية و لم يبقى الا هما .....و الالحان الناعمة ......
كان الوقت متأخرا حين أوصلها الى بناية شقتها الصغيرة ....فاوقف السيارة و التفت اليها و هو ينظر اليها فى الظلام الذى لا ينيره الا ضوء القمر .... وضوء عيونها المشتعلة ....
تاهت نبضاتها منها و هى تنظر الى قوته الرائعة و عينيه التى تأسر عينيها بصمتٍ هدد باحراقهما ....
حررت عينيها من أسر عينيه لتلتفت قليلا الى المقعد الخلفى والذى استلقت تالا عليه ثم همست
(لقد نامت تالا .......)
لم يجبها ...ظل فقط ينظر الى جمالها الرائع الذى لا مثيل له ........ثم مد يده فجأة ليقبض على ذقنها بينما هبط بوجهه على وجهها كالصقر الذى ينقض على فريسته .......
شعرت بدوارٍ وردى دوخها فى دوامته .... نعم ... هذا ما تخيلته ... الا انه اروع .... اروع بكثير
ظل يقبلها ويقبلها وهو يشعر بالجنون من تجاوبها الخجول ......
رفع رأسه اخيرا وهويتنفس بصعوبة .... ثم استطاع ان يهمس
( سأنتظر زفافنا بصعوبة ....)
همست بسحر
(و انا ايضا ...)
اقترب منها مرة أخرى ....الا انها وضعت اصبعها بنعومة على شفتيه لتهمس
(قد تستيقظ تالا ...اراك غدا )
ثم فتحت الباب قبل ان تفقد القدرة على الخروج الى الأبد ... وهربت مبتعدة تطرق الارض بنغمة كعبيها العاليين
ظل ينظر الى طيفها المتمايل المبتعد الى ان اختفت تماما ..... حينها ... تلبدت ملامحه ثم ضرب المقود بقبضته بشدة و هو يشتم ...الا انه سكت تماما حين شعر بتالا تنتفض وهى نائمة