رواية سراج الثريا كامله وحصريه بقلم سعاد محمد سلامة
” بـ مِسرى (أغسطُس) أشد شهور السنه حرارةً”
أسيوط….
تحت آشعة الشمس القاسيه بوقت الظهيرة، تسير حافية القدمين فوق تلك الجذور القاسية المُتبقية بعد حصاد القمح، جذور أقسى من الأشواك، كانت تقتلع تلك الجذور بيديها توقفت تشعر بإنهاك وهى تمسح ذاك العرق المُتسرب فوق جبينها من أسفل تلك العُصبه التى فوق رأسها، للحظه ثم عاودت السير وإقتلاع تلك الجذور، شعور الآلم بكامل جسدها مُصاحب كل خطوة، تدمي قدميها من قسوة تلك الجذور، رغم ذلك هى تحاول دائمًا نسيان ذاك الألم الى أن وصلت الى جسر للأرض فاصل بينها وبين الارض المجاورة جلست تلتقط نفسها تسريح بعضًا من الوقت، جذبت قدميها قدم خلف أخرى تنظر الى تلك الدماء التى تسيل منهما، كذالك تلك الخدوش القاسية بيديها، كآن حين جلست تضاعف شعور الألم بجسدها والوجع الأقوى بقدميها ،خلعت تلك العُصبه عن رأسها قامت بربطها حول إحد قدميها والقدم الأخرى وضعت عليها ذاك الوشاح الأسود التى كانت تستر به شعرها أسفل تلك العُصبه،تحررت خُصلات شعرها الكستنائية اللون ذات الطول المتوسط خلف ظهرها،ربطت ذاك الوشاح على قدمها الأخري،للحظه شعرت بهدوء الألم لكن لم تهنأ بذلك حين شعرت بلسعة كُرباج فوق يديها وسمعت الى من ينهرها قائلًا بتعسُف:
إنتِ مين اللى سمحلك تجعدي، كانك صاحبة مِلك إياك… جومي فزي كملي شُغلك إنتِ مفكره نفسك صاحبة مِلك إنتِ إهنه خدامة جصاد لقمة عيشك…جولتلك هتعيشي عُمرك كله فى شقا… أنا هفضل عايش فى خيالك عشان أسود حياتك، جولتهالك قبل إكده
“أنا قدرك الأسود”.
أنهى قوله بصفعه بالكرباح ضربت يدها كأن جلدها إنشق…إنشق صوتها بصرخة آلم…
فجأة صحوت ترفع جسدها عن الفراش ترا الظلام حولها ليس بالغرفه أى ضوء،شعرت برهبه ،نهضت من الفراش وتوجهت الى ذِر الإنارة وأشعلت ضوء الغرفه نظرت حولها،هى بغرفة النوم وحدها…شعرت بالآسى على حالها كآنها تعيش بلعنة إلتصقت بها لا تستطيع التحرُر منها،نظرت الى يديها كآنها حقًا تشعر بآلم ذاك الكرباج،إنحصرت العباءة المنزليه عن ساقيها،تعرى فخذيها،وقع بصرها على تلك العلامة الكبيرة والظاهره بوضوح،شعرت بإشمئزاز مصحوب بآلم كآنها إحترقت للتو…بدأت تستذكر ذكريات ظنت أنها نسيانها سهلًا، بعد أن قررت البدء مره أخري،بقسوه لن تعود الى تلك الشابه الوديعة
“ثريا حمدين الحناوي”
التى تعلمت أن تنحني للحياة حتى كادت أن تقسم ظهرها بأوجاع كان صعب مداوتها الإ بعد أن
وئدت قلب تلك الشابه بالثرى وأنبت قلب آخر بلا إحساس، أصبحت غير باقيه على شئ بحياتها تعلمت الدرس جيدًا
“إذا أرغمت النعجه على العيش وسط الذئاب إما أن تستذئب مثلهم، والا ستكون طُعمًا طريًا لهم، وهى لن تكون طُعمًا مره أخرى، بل ستذئب أمام الجميع”.
❈-❈-❈
سيناء
إحد الثكنات العسكريه
تمدد بجسده وضع رأسه فوق مِعصميه، يُفكر هذه آخر ليلة له هنا بين تلك الجبال الذى خاض بها معارك كثيره، ربما لم يخرج منها مهزومً لكن ليس رابحًا بعد أن خسِر بعض من زُملاؤه وجنود كانوا تحت ولايتهُ،رأى الموت قريب جدًا منه بعد أكثر من إصابة رصاص،تركت ندوبً ليس فقط فى جسدهُ بل على قلبه الذى أصبح أكثر قساوة…
تنهد بالغد سيتنازل عن مهامهُ هنا ويذهب الى مكان آخر لا يعلمه،مازال غموض حول ذاك المكان،لكن لا يُعطي لذلك أهميه هو تعود على العيش بأي مكان وتحت أى ظروف،نسي أنه
“سراج”أحد أضلُع مثلث” عُمران العوامري”
بل الضلع الأكبر فيهم.
❈-❈-❈
بـ دار السعداوي
بغرفة نومها كانت تجلس فوق فراشها…
خطت آخر كلماتها بذاك الدفتر الذى بين يديها
وضعت القلم بتلك الصفحه ثم أغلقت الدفتر وقامت بوضعه على طاولة جوار فراشها، ثم تمددت على فراشها، نظرت نحو تلك اللمبة ذات الضوء المتوسط الإنارة، تنهدت تستذكر سابقًا
حين كانت تقرأ فى كُتب الحكايات عن فتى الأحلام
إما أميرً أو فارسً ذو صولجان ملكِي معقوف
لكن حين إلتقت بـ فتي أحلامها
كان مُعاقً صولجانه القلم المُستقيم.
تبسمت لكن سُرعان ما غص قلبها حين عادت للواقع، هنالك حرب بارده بين العائلتين وتذكرت أنها
هى “حنان وجدي السعداوي”
❈-❈-❈
بـ إستطبل خاص بـ عُمران العوامري
كعادته بالصيف يظل ساهرًا بالفناء فوق ذاك العُشب،يرى نجوم السماء يسرد بقلمه “حكايات من الغرام”
يرسم شخوصً لأبطال ربما ليسوا موجودين سوا بالخيال فقط
أميرةً عشقها صعلوكً، وأمير عشق تلك المُعفره بالتراب، حكايات ينسج بينهم تآلف، وإختلاف
وغرام التضاد، لم يكُن يظن أنه سيكون يومً حكاية من ضمن الحكايات حين يقع
بـجُب “غرام التضاد”
الذى سقط فيه حين وقع بغرام تلك الأميرة التى إلتقى بها صدفه بين مُدرجات الكُتب
غرام تخطي أكثر من سبع سنوات
مدفون بجُب بُركان خامل لو ثار لن يرحم أحدًا بالنهايه هو
“آدم”
الضلع الثانى لـ “عُمران العوامري”…أو كما يُقال عليه”المُعاق”.
❈-❈-❈
بـ صباح اليوم التالى
القاهرة
بأحد قيادات القوات المسلحة
أدى التحيه العسكريه لـ قائدهُ الأعلى.
تبسم له القائد قائلًا:
إقعد يا سراج.
جلس سراج ينتظر إخبار القائد له عن مكان خدمته الجديد، لكن تفاجئ حين مد يده له بورقه قائلًا:
إقرأ دى يا سراج وقولي رأيك؟.
أخذ الورقه منه ونظر له مذهولًا حين أتم قراءة الورقه قائلًا:
ده طلب إستقاله وإعفاء من الخدمه فى القوات المسلحة، بس أنا…
قاطعه القائد قائلًا:
عارف إنك مقدمتش الإستقاله دى، بس زى ما إنت شايف فعلًا تم الموافقه على الإستقاله وإعفائك من الخدمة بالقوات المسلحه.
إنزعج سألًا:
مش فاهم يا أفندم أنا بخدم فى الجيش من سنين و….
قاطعه القائد مُفسرًا:
إنت من أكفأ الجنود، وقلبك شُجاع وده اللى إحنا محتاجينه فى مهمتك الجديده يا سراج.
إستغرب سراج سألًا:
مش فاهم يا أفندم.
وقد كان الجواب صادمً:
مهمتك فى الجيش إنتهت يا حضرة القائد.
❈-❈-❈
بأحد مستشفيات أسيوط العامة
بعد إنتهاء دوامها بالمشفى
كانت تسير تنظر الى هاتفها تقرأ إحد الرسائل،قبل أن تشعر بيد تقبض على ساعد يدها تسحبها الى داخل أحد الغرف،لوهله إنخضت وشعرت برهبه ثم برودة قوية
سُرعان ما شعرث إنقباض قلبها كآن نبض قلبها توقف للحظه قبل أن تعود وتستنشق الهواء بتقطُع، تنظر له بسُحق الى أن إستطاعت إلتقاط نفسها طبيعيًا لحد ما، تحدثت بغضب:
إيه الهمجية دي، إزاي يا دكتور تسحبني بالشكل الوقح ده، مش ملاحظ اننا فى مستشفى وسهل أي حد يشوفنا أو يسمعنا، يقولوا علينا إيه.
تبسم وهو يكاد يضع يدهُ على شفاها لكن قامت بصفع يدهُ بقوة وإبتعدت بغضب وكادت تتوجه نحو باب الخروج، لكن مسك يدها قائلًا:
“حبيبة”
أنا جايبك فى آمن مكان محدش هيشوفنا ولا يسمعنا.
تضايقت سائلة بإستهزاء ثم جالت عينيها بالمكان:
والله طمنتني، وإيه المكان البارد ده؟.
أجابها ببسمة:
المكان هنا محدش بيسمع ولا بيشوف ولا بيتكلم.
إستهزأت مره أخري وهي تُمسد عضديها بسبب البروده سائله:
هو إيه المكان ده، ومالة ساقع كده ليه؟.
أجابها ببساطة وبسمة سخيفة بالنسبة لها:
إحنا فى المشرحة.
-المشرحة
قالتها برعب وقد تجمدت جميع أوصالها للحظات قبل أن تصرخ فيه وترفع يديها تقوم بدفعه وتهرب سريعًا من الغرفة وهي تسب بذاك الغبي
بينما هو ضحك على هروبها قائلًا:
خايفه كده ليه،هنا كل واحد فى حاله،ده أحلى مكان نتكلم فيه برومانسية،هدوء وسَكينة.
سبته بغيظ قائله:
سِكينة تقطعك حتت، يا سخيف بعد كده مش عاوزه اشوف وشك ولا اعرفك ولا أسمع صوتك تانى.
سارت تحلف لن تلتفت خلفها، ليس فقط رُعبًا، بل لو رأت ذاك السمج أقل ما قد تفعله ستقتله.
بينما هو مازال يضحك بإستهوان قائلًا:
هى مالها خافت كده ليه… ده تاني أحلى مكان بلاقى راحتي فيه.
بعد لحظات دلف أحد الاشخاص العاملين سائلًا:
دكتور إسماعيل أي خدمة.
نظر له قائلًا:
لاء مش عاوز منك أي خدمة بس إهتم شوية بنضافة المكان،مش عشان اموات تطنش،الإهتمام مش بينطلب،يلا سلام وخلى بالك انا عادد الجثث…سلام يا برعي.
خرج إسماعيل بينما قال الموظف:
إسمي مرعي يا دكتور.
لم يُبالى إسماعيل،بينما تفوه مرعي:
هو كان بيعمل هنا إيه،طبعًا إسم عيلته مقوي قلبة.
“إسماعيل.. الضلع الثالث لـ عمران العوامري”
❈-❈-❈
بالظهيرة
تعامدت الشمس وأصبحت الحرارة قاسية للغاية
بالحقل
مدت بصرها على مدى قطعة الارض الصغيرة مازال هنالك جزءًا لابد من تنفية الحشائش منه لكن
شعرت بالإرهاق بعد أن قامت بنزع جزء من تلك الحشائش الضارة من بين شتلات الأرز، كذالك شعور بالجوع يتوغل منها فمنذ الصباح لم تتناول سوا الماء، حسمت قرارها لتعود الى المنزل لتناول الطعام أخد وقت مُستقطع تسترد عافيتها، كذالك تنكسرة درجة الحرارة عصرًا تعود لإستكمال الجزء الباقى، خرجت من الحقل نحو جدول مياة صغير على رأس الأرض قامت بغسل يديها وساقيها من ذاك الطين، كذالك نزعت تلك التلثيمة عن وجهها وغسلته شعرت ببعض الإنتعاش، ذهبت نحو منزل والدتها لكن على رأس الشارع رمقت إحد النساء تدخل الى المنزل، حالتها المزاجيه والبدنية لن تتحمل سخافة أحد، تنهدت بحيِرة ثم عدلت طريقها الى مكان آخر أفضل من المناهدة والمُجادلة بأمر مُنتهي بالنسبة لها
بعد لحظات
بمنزل بسيط للغاية،
إستقبلتها تلك المرأة تبتسم بترحاب:
ثريا بِت حلال تعالي أنا كنت لسه بفكر فيكِ.
تبسمت لها قائله:
خير يا خالتي “سعدية”.
تبسمت لها بحنان قائلة بمودة:
خير، تعالى أنا كنت چعانه محدش فى الدار يفتح نفسي عالوكل، تعالي أنا طابخة واكلة زين، إعدلي الطبلية على ما أجيب الوكل من المطبخ.
فعلت ثريا مثلما قالت وظلت واقفة الى
وضعت نعمات إيناء الطعام أمامها قائله:
يلا إقعدي ناكل سوا.
جلست ثريا بالمقابل لها، تبسمت سعدية قائله:
تعرفي يا بت يا ثريا أنا وإنتِ فينا شبه كبير من بعض.
حملقت ثريا بإيناء الطعام لوت شفتاه بإمتعاض قائله:
عشان كده مبنرتاحش مع بعض يا خالتي، بس أيه الوكل اللى فى الصحن ده.
ضحكت سعدية بتوافق ثم نظرت الى الصحن قائله ببساطة:
دى بتسا.
-بـ أيه… جصدك بيتزا.
اجابتها بتوافق:
أيوه، شوفت الوليه عالتلفزيون بتعملها جولت أجرب وأعرف طعمها أيه.
رغم إمتعاضها من المنظر لكن مدت يدها وقطعت قطعه صغيره،وضعتها بفمها حاولت مضغها تستسيغ طعمها،لكن لم تستطيع كذالك لم تبصقها إبتلعتها بصعوبه وإمتعاض قائله:
دى ماسخه وملهاش طعم،او طعمها زى الوكل الحامض (الفاسد)،اجولك أنا ماليش فى وكل التلفزيونات ده،معندكيش حتة چبنه جديمه وعود خس سريس.
تبسمت لها قائله:
لاه عندي چبنه جديمه وچوز خالتك كان چايب چرجير إمعاه وهجيبلك طماطم كمان.
بعد لحظات وضعت أمامها ذاك الطعام نظرت له بإشتهاء قائله:
-واه أهو ده الوكل مش هتجوليلى “بيتسا”
إنتِ غلط تسمعي قنوات الطبيخ ركزى مع المسلسلات زي أمي.
تبسمت وجلست جوارها تتناول الطعام ثم رمقتها بحنان سائلة:
الا ليه مروحتيش تتغدي فى دار أمك يا ثريا.
إبتلعت ثريا إحدي اللُقيمات وقالت بتفسير:
أنا كنت رايحه أتغدا فى دارنا بس شوفت الوليه “أم مرسي” داخله دارنا جولت اكيد چايبه عريس عِره وانا مش ناجصه وچع راس جولت أچى اتغدا عينديكِ.
تبسمت لها بغصة قلب قائله بسؤال :
ولحد ميتي هترفضى الچواز، بالك لو إنت اللى كُنت موتِ، كان زمان چوزك إتچوز من سبوعها وخلف إتنين كمان.
ضحكت قائله:
تنين،ليه كانت حبله من جبل ما تتچوزه،وإنتِ بتتمني لى الموت يا خالتي.
إنتفضت بجزع وربتت على فخذ ثريا قائله:
لاه،ربنا يطول بعمرك يا بِتِ ويفرح جلبك.
نظرت ثريا الى يد سعديه التى تُربت بها على فخذها شعرت بآلم كآنها للتو إحترقت،تنهدت بحسرة وتهكمت قائله:
هعمل أيه بالعمر الطويل يا خالتي بختِ وعرفاه… طول عمري بيني وبين السعادة صخره سد.
نظرت لها برآفه قائله بتمني:
يا عالم يا بِتِ، يمكن ربنا لساه شايل ليكِ الخير.
أومأت برأسها قائله برضا:
الحمدلله.
شعرت سعدية ببؤس وعاودت تحريض ثريا قائله:
الحمد لله، بس يا بتي العمر بيچري، لازم تفكري بـ….
قاطعتها ثريا بدمعة تترغرغ بعينيها كآنها حبيسة تأبي النزول من بين أهدابها قائلة بلوعة قلب فقد مذاق الحياة:
عُمر إيه اللى هدور عليه يا خالتي، كمان مين اللى هيقبل يعيش مع ست جسم عالفاضي، حتي ده كمان يمكن ميعجبوش، أنا ها عايشه إكده بكرامتي، جربت بختي وإنتهي إكدة.
هطلت دمعة عين سعدية آلمًا على رد ثريا اليأس، تنهدت بحسرة قائله:
كان جوازة الشوم، جولت لـ “نجيه” أختي بلاه “غيث” ده معندوش نخوة، بس خالك “مصطفى” هو اللى كبره فى دماغها.
تنهدت ثريا بآلم قائله:
بلاش ترمي اللوم على أمي يا خالتي، ده كان قدري المكتوب، وعلى رأي المثل
“المكتوب مفيش منه مهروب”
❈-❈-❈
مساءًا
مركز شباب البلدة
كانت أصوات أنثوية حماسية،
تنطق بكلمات خاصة برياضة “الكارتية”
تقوم بتدريب بعض الأطفال من الجنسين الى توقفت تلهث وهي تنظر لهم بمرح قائلة بحماس:
عاش يا وحوش كده خلصنا نص تمرين النهاردة يلا قدامك عشر دقايق راحة ونرجع نكمل النص التاني، عندنا بطولات القطاعات قريب عاوزاكم وحوش.
تبسم لها الأطفال، بينما آتى مدير مركز الشباب وتبسم لها قائلًا:
مساء الخير يا كابتن “إيمان”.
تبسمت له قائلة:
مساء الخير حضرتك،غريبه إنك لسه موجود لحد دلوك فى النادي الساعه قربت على سبعه،أنا قدامي ساعة كده هخلص بقية التمرين وإطمن هقفل باب النادي.
تبسم قائلًا:
إنتِ عارفة أوامر الحكومة وإدارة النادي دي مسئوليتي، كمان كنت چاي أجولك إن الحكومة عينت موظف چديد وهيچي بكرة إهنه يستلم شُغله مُدرب كارتية، بالتوكيد ده مُتمرس وهيزود كفاءة مركز الشباب،وكُمان هيخفف عنيكِ التعب فى تدريب الأشبال، عشان تنتبهي لدراستك الدراسة قربت، دي آخر سنة ليكِ… إنتِ كنتِ بتشتغلي إهنه تطوع منيكِ.
نظرت له بإحتقان تعلم أنه هو من طلب ذاك المُدرب ليس لزيادة كفاءة مستوي أشبال مركز الشباب كما أنه يقصد أن يُخفف من ممارستها لتلك الرياضة العنيفة إمتثالًا لآمر من والدها
“عُمران العوامري”
فهي الضلع النسائي الوحيد له وسط ثلاث شباب نصف أشقاء لها.
تنهدت تقول بإيحاء مباشر:
أكيد طبعًا المُدرب الجديد هيكون مُتمرس،أهو أستفاد انا كمان مِن خِبرته وتزيد كفاءتي وأركز فى سنة التخرج عشان من طموحاتي يكون ليا إسم كبير بين مُدربين الكارتية فى مصر متنساش إنى بطلة جمهورية والعالمية مش بعيدة عني.
❈-❈-❈
ليلًا
بمنزل “قاسم العوامري”
بإحد الغرف
شعرت بالانهاك من كثرة الرقص، تمايلت بغنج والقت بجسدها على ساق ذلك الجالس تلمع عيناه بإستمتاع وبسمة كفيلة ببث الروح بقلبها وهي تتدلل عليه بغنج، يضمها لصدرهُ بقبول يُقبل وجنتيها من ثم لثم شفاها المصبوغه بلون أحمر قاني يُشبة لون الدم وهو مثل الذئب يستهوية لون الدم ،بشوق تقبلت قُبلاته الممزوجة ببعض من القوة والإشتهاء فقط بلا مشاعر من ناحيته،بارع فى جعلها تمتثل لطوفان كاذب من المشاعر،بل بارع فى جعلها راغبة للمزيد وهو يقوم ببمارسة بعض من التلاعُب بأشواقها،حين إبتعد عنها للحظات قبل أن يُعطيها ما أصبحت راغبة به بشوق،لمعت عينيه بإنتصار وهو يراها مثل المهووسة وهي تستقيم جالسة تنظر له برغبة لكن سُرعان ما تبسمت بتوق وهي تراه يعود لها مرة أخري يُطفي لهيب شوقها له بتفضُل منه لا مشاعر،مشاعرهُ هنالك أخري يشتاقها،يعلم بيقين أن لديها مقت بل كُره واضح وصريح لـ عائلة العوامري لن ترضي بأحد أفرادها مرة أخري،لعنته هي إنه “قابيل قاسم العوامري”
❈-❈-❈
بعد منتصف الليل
فجأة دون سابق إنذار تبدل الطقس الحار الى ثائر هدأ قليلًا من الحرارة لكن مصحوب ذلك بعاصفة مُمطرة بل غزيرة المطر.
ترتعدت السماء بسرج قوي مثل عاصفة شتاء وهطلت أمطار غزيرة
بمنزل ثريا
إستيقظت بفزع حين إنفتح شباك غرفتها التى لم يكُن مُحكم إغلاقه، على غفلة، نهضت من فوق الفراش توجهت نحو الشباك، وقفت تنظر نحو السماء التى تسرج برعد كذالك هطول الأمطار،تطايرت خُصلات شعرها بسبب تلك الرياح التى مازالت ساخنة بعض الشئ قائلة:
سبحان الله!
الطقس طول اليوم حار نار، ودلوك كمان شبه حار، والسما بتسرج وترعد وكمان بتمطر سيول مش مطر.
وقفت قليلًا، تنظر الى ثورة الطبيعة القاسية، هذا مثل قدرها الثائر دائمًا عكس ما تبغي.
فجرًا
نظرت نحو باب غرفتها الذي إنفتح وطلت من خلفه والدتها، لم تستغرب حين وجدتها مُستيقظه بهذا الوقت،تبسمت لها بحنان تشعر بغصة قلب قائلة:
صباح الخير،إنتِ منمتيش ولا إيه.
أجابتها ببسمة ودودة:
حد يعرف ينام وهو بيسمع الأصوات المفزعة دي،الجو فى لحظة قلب،مطر ورعد والسما بتسرج فى شهر أغسطس،سبحان الله.
تبسمت والدتها قائلة:
سبحان الله بيبدل حال لـ حال فى ثانية، ربنا يبدل حالك، الضهر روحتى إتعديتي عند خالتك.
فهمت ثريا تلميح والدتها وقطعت الطريق قبل حديثها التى تعلمه قائلة:
خالتي فتانه بسرعه قالتلك، أنا إستقربتها روحت إتغديت عندها،ورجعت الأرض أكمل تنفية الدنيبة من الرز، بقولك إيه يا أمى، زمان السطح عايم ماية من الشتا أنا هطلع ازيح المايه لا السطح ينشع فى عِشش الفراخ.
غادرت مُسرعة او بالأصح هربت لا تود جِدال بشآن آمر مُنتهي لديها.
❈-❈-❈
بـ محطة قطار أسيوط
مع الغسق الأول إقترب شروق الشمس التى ستُبدد ظلام عاصفة ليلة أمس لكن مازال هطول الامطار بغزارة،هنا يتوقف القطار لوقت كي يُبدل مسارهُ قبل أن يستكمل الطريق مره أخري…
جذب تلك الحقيبه الصغيره ورفقها على أحد كتفيه وترجل من القطار، قابلته الأمطار الغزيره بالترحاب بالعائد الى منشأهُ القديم، لم يحاول الإنزواء والإحتماء من تلك الامطار أسفل تلك المظلات… كبقية السائرون، ظل يسير تتدفق الأمطار على صفحة وجهه الى أن أشار الى إحدى سيارات الأجرة الذى توقف له صعد إليه وأملى السائق عنوان تلك القريه، بعد وقت وصل الى مشارف تلك البلده، توقف سائق السيارة قائلًا:
معليشي مش هعرف أدخل بالتاكسي للبلد الطريق تُرابي وإنت شايف المطر والتاكسى سهل يتغرس فى الطين.
أومأ له مُتفهمًا يقول:
تمام… قولى عاوز أجره كام.
أجابه السائق بالمبلغ الذى أخرج ضعفه من جيبه وأعطاه له، قبل أن يعترض السائق قال له:
طريقك أخضر.
تبسم له السائق بإمتنان وغادر بعد أن ترجل من السيارة، الذى عادت تستقبله أمطار أشد غزارة رغم أن الطقس رطبًا يميل الى الحرارة لكن طبيعة المكان تطفو عليه، تقدم سيرًا نحو البلده التى مر عِقدًا من الزمن لم تطأ قدميه أرضها، تبدلت كثيرًا كان هنا طريق تُرابي يفصل بين مجريان للمياه وخلفهما كانت أراضي زراعيه، إختفى أحد المجريان وتلك الأرض التى كانت خلفه أصبحت منازل، كل شى يتغير والتمدُن أصبح آفه بكل مكان،
بعد قليل أثناء سيرهُ أسفل زخات المطر، مر من أمام مقابر البلدة، خفق قلبه بآسي وتذكر او بالأصح رغم مرور سنوات البعاد لكن يتذكر مكان قبر والدته هنا بين المقابر.
بعد لحظات عاد يسير مرة أخرى، لكن
فجأة مثلما كانت السماء تسرج وتُمطر بغزارة هدأت لزخات كثيفة تُشبة قطرات ندى صباح شتوي غائم، كآن السماء كانت طفلًا يبكى والشمس كانت والداته حين بدأت تُشرق هدأ بكاؤه… أو ربما سماء
“أسيوط” كانت تُرحب”بالنسر العائد” الذى يغدوا سراجً بين سمائها وثراها.
يتبع…