رواية الجزيرة الغامضة الفصل الثالث 3 بقلم سوزان محمد
ظلت مني وقتا طويلا وهي تصارع الامواج ممسكة بجون
حتي تخدرت يداها من البرد وانهكها التعب
ولكنها ظلت تقاوم الامواج العاتية والغرق وفي نفس الوقت لا تريد التخلي عن جون وقد اصبح مصيره بين يديها وظلت هكذا حتي خارت قواها وفقدت الوعي واستسلمت للامواج
وظلت الامواج تتقاذفها عبر المحيط
لتستيقظ في اليوم التالي علي ضوء الشمس يلفح وجهها وهي ملقاة علي الشاطئ وقد غطت الرمال جسدها ووجهها
SuzanMohamed
فتقف علي قدميها وتتجه نحو البحر لتغسل وجهها بالمياه
ثم تنظر حولها تبحث عن جون في كل مكان ولكنها لا تجد له أثراً
فتجلس علي الرمال وهي تبكي
وتقول لنفسها
أين أنا وهل أصبحت وحيدة في هذا المكان المجهول
نظرت مني حولها فلم تر سوي البحر أمامها والغابة خلفها
كانت الجزيرة تبدو مخيفة فعلى امتداد بصرها لاتوجد إلا غابة كثيفة الأشجار
فتسأل ياتري هل هناك حيوانات مفترسه في تلك الغابة
وهل يوجد شئ يصلح للأكل فمعدتي تؤلمني من شدة الجوع
وأين جون هل قذفته الاموج على الجزيرة هو الآخر ومازال حيا
أم أنه غرق في المحيط فهو لا يلبس سترة النجاة او بالاحري كانت سترته ممزقه
وأين بقية افراد طاقم السفينة هل نجي منهم أحد
كل هذه الاسئله كانت تدور في رأسها وهي تتجول ماشية علي شاطئ الجزيرة الغامضة
ثم تقرر أن تدخل بين الاشجار لعلها تجد بعض الفاكهة تسد بها جوعها
وبعد وقت قصير من السير وسط الاشجار الكثيفة وجدت بعض التوت البري فاخذت تمسحه وتأكله وهي تقول بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم
فهي لا تدري أن كان صالحا للأكل ام لا فبعض الانواع سامة قد تقتل من يأكلها
ولكن التوت كان حلو المذاق وشعرت أنه أشبعها وقضي علي جوعها
وبعد برهة تسمع صوت تكسير في اغصان الشجر
فتشعر بالخوف وتختبئ خلف احدي الأشجار
خوفا من ان يكون القادم من هناك حيوانا مفترسا
وتنظر من خلف الشجرة الضخمة التي تقف خلفها بحذر
فتري شيئا يتحرك من بعيد وهو قادم نحوها وبدأ قلبها يدق بقوة ويديها ترتجفان من الخوف
ولكن سرعان ما يتبدد هذا الخوف ويتحول الي سعادة لا توصف عندما تري القادم نحوها أنه جون
فتجري نحوه بسرعة وهي سعيدة أنه نجي من الغرق
ثم تقول له
حمدا لله أنك بخير لقد ظننت
ولكنه ينظر اليها قبل أن تكمل حديثها وهو يقول
ماذا تريدين
هيا اغربي عن وجهي كنت اعرف منذ لقائي بك أنك لن تكوني الا سبباً في هلاكنا
فتنظر إليه مني وهي تقول
لقد انقذت حياتك للتو ولولا وجودي لبتلعتك امواج المحيط وصرت طعاما للأسماك
بعد أن اصطدمت رأسك بالسفينة وتمزقت سترة النجاة الخاصة بك
ولكني خاطرت بحياتي واتجهت نحو الاخشاب و أمسكت بك وظللت أفعل ذلك طوال الليل حتي احميك من الغرق
فيقول لها
لولا ركوبك السفينة معنا ما كان كل هذا ليحدث
فلقد جلبت لنا الحظ السئ ثم استدار ومضي للإمام
نظرت مني لجون وهو يبتعد
فرأت حقيبتها الشخصية علي ظهره
فقالت له
توقف واعطني حقيبتي التي تلبسها فهي لي
فيجيبها
الحقيبة لمن وجدها أولاً وأنا وجدتها علي الشاطئ بينما لا تزالين فاقدة للوعي إذا هي ملكي
ثم تركها وانصرف
فقالت مني وهي تصرخ بصوت مرتفع
يالك من وغد لقد خاطرت بحياتي من اجل انقاذك ثم ترد لي الجميل بهذا الشكل وتسرق حقيبتي
فيسير دون أن يلتفت إليها كأنه لا يستمع الي حديثها
ثم تقول لنفسها
يجب أن انظر الي الجانب الايجابي علي الاقل هناك من يؤنس وحدتي علي هذه الجزيرة الموحشة حتي لو كان هذا الوغد
سوف اسير خلفه حتي أكون بالقرب منه حتي أكون في أمان
ثم تمشي خلفه علي مسافة ليست ببعيدة وهي تراه يجمع بعض الحطب وما يقابله من توت او فطر
ثم اتجه الي احدي الكهوف ودخل فيه
فتبعته مني ودخلت الكهف خلفه فوجدته يشعل النار في جوانب الكهف مستخدما ادة الاشعال التي كانت في حقيبتها
فسألته
لما اشعلت النار
فأجاب
اشعلت النار حتي تخرج الحشرات والزواحف التي في الجحور
وكذلك لطرد الارهابين المزعجين امثالك
ثم خرج من الكهف فخرجت هي الاخري فلقد اصبح الدخان يملأ المكان
ثم نظر إليها ببرود وهو يقول
لو اعتقدت أنني سأتعاطف معك وأسمح لك بالبقاء معي في الكهف فأنت مخطئة انصحك ان تذهبي وتبحثي عن مكان لك قبل حلول الظلام
SuzanMohamed
ثم نظر الي الكهف وقد زال الدخان وهدأت النار المشتعلة بداخله
فدخل الي الكهف واخذ ينظفه من بقايا القش والرماد
ويضع ما جمعه من توت وفطر و من اخشاب وحطب بداخله
بينما ظلت مني واقفة امام الباب
وهى تقول لجون
أين أذهب أنا لا أري كهوفا اخري في هذا المكان ولا حتي مخبأ صغير احتمي فيه
هو
اذا اذهبي وابحثي في مكان آخر فالجزيرة واسعة
هي
ارجوك أن تسمح لي بالبقاء هذه الليلة فقط وغدا صباحا سأبحث عن مأوي لي فلقد غابت الشمس ولا أعرف مكانا اذهب إليه
هو
ليست مشكلتي
مني
لقد كنت علي وشك الموت بعد أن فقدت الوعي وقد خسرت سترة النجاة خاصتك ومازلت اشعر بألم في ذراعي لأني كنت امسك بك طوال الليل ولولا ذلك لكنت في عداد الأموات الآن
هل هكذا ترد ليا الجميل
جون
لم اطلب منك إنقاذ حياتي وعليك فقط أن تنقذي نفسك فيبدو أن الليلة ستكون باردة وممطرة
هيا اغربي عن وجهي فأنا لا أطيق رؤيتك أمامي فأنت تجسيد للشر والارهاب بالنسبة لي
وسأكون سعيدا بالتخلص منك
مني
عن أي ارهاب تتكلم عن المسلمين الذين قتلوا علي يد الصرب المسيحي واغتصبوهم وهجروهم من ديارهم
ام عن الفلسطنيين الذين يهجرون من بيوتهم ويقتلون كل يوم علي يد الصهاينة
ام عن الايغور المسلمين الذين وضعتهم الصين محاصرين في مستوطنات كأنها سجن كبير
ثم لا يكتفون بذلك بل يقتلون ما شاءوا منهم سواء اطفال او شباب دون أن يحاسبهم أحد
ومن بقي منهم يستغلونهم للعمل طوال اليوم دون اجر اوطعام
ام تقصد المسلمون في الهند الذين يحرقون علي يد الهنود وهم احياء
ام تقصد الروهينجا في منيمار الذين يطاردون ويقتلون ويشردون تحت سمع العالم وبصره
ام المسلمون في شتي بقاع الوطن العربي الذين يقتلون ويهجرون من بلادهم من أجل أن تبيعوا سلاحكم وتملؤا خزائن البنوك بالاموال
أنتم من صنع الإرهاب وليس نحن
أنتم من يقتل المسلمون وغير المسلمين وليس نحن
هو
وطالبان وتنظيم القاعدة وداعش أليسوا مسلمين
هي
انتم من صنعتم طالبان للتخلص من منافسكم الدب الروسي وتفكيك الإتحاد السوفيتي ثم وصمتموهم بالارهاب بعد أن حققتم غايتكم
وانتم من صنع تنظيم القاعدة وداعش لتحقيق مصالحكم من بيع السلاح للعرب بحجة الدفاع عن أنفسهم والدليل علي ذلك تلك الأسلحة الثقيلة التي يملكها هؤلاء من أين حصلوا عليها
فالعرب لا يمتلكونها ولا يصنعون مثلها
فمن أين اتت اخبرني
ولماذا داعش لا تضرب إلا في الدول الاسلاميه فقط وليس اسرائيل ولماذا معظم المنتسبين لداعش من الاجانب
عزيزي
انتم من صنعتم الارهاب وساعدتم الارهابيون علي أرضنا
أنتم تقتلوننا ثم تتهموننا بالارهاب للمداراة علي جرائمكم البشعة
أنتم من قتل الشعب في فيتنام وألقي القنبلة النووية علي اليابان أنتم من اشعلتم الحرب العالمية الاولي والثانية وليس نحن
إقرأ التاريخ لتعرف أننا عندما كنا اسياد العالم
نشرنا العلم والعدل وعندما دخلنا بلادكم حررنا العبيد وانقذنا المظلومين ونشرنا الحضارة
فماذا فعلتم أنتم يادعاة الحضارة عندما اصبحتم تحكمون العالم نشرتم في بلادنا الجهل والظلم والفقر
لن أبقي هنا وسوف اخرج من هذا الكهف
حتي لا اختنق من حقدك وعنصريتك فأنا لا أري أمامي الا وحش تجرد من كل معاني الإنسانية SuzanMohamed
وإن مت في الخارج اضف اسمي الي قائمة جرائمكم الطويلة
ثم خرجت وجلست تحت شجرة خارج الكهف
وهي تبكي ليس علي نفسها وحسب بل على آلاف المظلومين مثلها في شتي بقاع الأرض
بدأت السماء تمطر بغزارة وابتلت ملابسها تماما
وأخذت ترتجف من البرد ولكنها لم تبرح مكانها حتي تجمدت أطرافها واصبحت اسنانها تسطك ببعضها البعض وشيئا فشيئا بدأت اطرافها تتخدر
ثم فقدت الوعي من شدة البرد وارتمي جسدها النحيل علي الأرض غارقا في المياه التي تأتيها من فوقها واسفل منها
اما جون فقد ظل جالسا في الكهف بجوار النار التي اشعلها
بينما ظل كلام مني يدوي في أذنيه وشعر أنها محقة في كل ماقالته ولكن الكبر والعناد منعه من الخروج والاعتذار لها
يتبع