رواية الجزيرة الغامضة الفصل الرابع 4 بقلم سوزان محمد
خرجت مني من الكهف مسرعة
بينما ظل جون في الكهف يفكر في كل كلمة قالتها وشعر أنها محقة في كل ما قالته
فهو مقتنع بذلك في قرارة نفسه منذ زمن بعيد ولكنه دائما يحاول أن يخدع نفسه بأخفاء حقيقة مايصنعه قادة بلاده
فظل يلف ويدور في الكهف مدة طويلة
وهو يفكر في كلام مني ولكن كبريائيه يمنعه من الذهاب والاعتذار لها
حتي أنه استغرق في التفكير فلم يشعر بالمطر وهو يتساقط خارج الكهف
حتي استفاق علي صوت البرق والرعد الشديد
وهنا تذكر أن الفتاة في الخارج دون مأوى
فخرج مسرعا للبحث عنها بعد أن خلع قميصه حتي لا يبتل من المطر
وينظر خارج الكهف هنا وهناك
ليجدها ملقاة علي الارض تحت أحدي الأشجار وهي غارقة وسط بركة من مياه الأمطار
وقد اوشكت المياه أن تغطي وجهها و قد أبتلت ملابسها تماما
وتجمدت اطرافها من البرد فحملها بين ذراعيه ودخل مسرعا الي الكهف
ثم وضعها بجانب النار التي اوقدها وقد أسند ظهرها علي جدار الكهف وخلع عنها بعض الملابس والبسها قميصه الجاف وكذلك غطاء الرأس المبتل وأخذ يعصر ملابسها من الماء ويجففها علي النار كي يلبسها إياها مرة أخري
ولكن الملابس ظلت باردة ومبتله فوضعها علي الجدار حتي تجف
ولكن بالرغم من أنه وضع الفتاة بجانب النار ومع ذلك كانت لاتزال اوصالها ترتجف طمن البرد فأخذ يفرك يديها واصابعها
حتي تشعر بالدفء
وهو ينظر إليها وكأنما يراها للمرة الأولي
كانت جميلة الوجه وقد انسابت بعض خصلات من شعرها علي وجهها وكتفيها
فأخذ يبعد تلك الخصلات عن وجهها ليكشف عن وجهها وقد ظهرت عليه ملامح البرأة والطفولة
ثم تذكر كلامه معها علي ظهر السفينة البحثية حين اتهمها بأن المسلمات يخفين شعورهن لأنها بشعة وليست جميلة
وليس للأمر علاقة بالتدين أو بالدين
و بدأ يشعر بالندم علي تصرفه معها وطردها من الكهف وتركها تحت الأمطار في ذلك البرد القارص بعد أن انقذت حياته من الغرق
SuzanMohamed 
وبعد أن جفف لها غطاء الرأس وضعه فوق رأسها ولكن جسدها كان لا يزال يرتجف من البرد
فقال لنفسه ماذا اصنع فلا يوجد ملابس او غطاء استعين به
ثم خطر له أن يستعين بحرارة جسده كي ينقل إليها الدفء فحملها وضمها الي صدره وهو جالس وقد أسند ظهره إلي جدار الكهف
ثم توقف جسدها عن الارتجاف شيئاً فشيئا بعد أن شعرت بالدفء بينما أسند جو رأسه علي كتفها وراح في سبات عميق
في صباح اليوم التالي
تستيقظ مني لتجد نفسها في احضان جون وقد لف زراعيه حولها فتبعد أيدي جون عنها ثم تقف فزعة
فيستيقظ جون هو الآخر وينظر إليها قائلا وهو يتثأب
ماذا حدث لتفزعي لهذه الدرجة
فقط انقذت حياتك واصبحنا متعادلين
مني
كيف جئت الي هنا وماذا حدث وكيف ألبس قميصك
جون
اهدئي
لقد غيرت ثيابك دون أن أنظر فلست مهتما بك أصلاً
بل لا أهتم بأي امرأة من الاساس
فالنساء في أمريكا يسرن في الشارع شبه عاريات ولا أهتم بالنظر إليهن لذا فالأمر معتادا عندي
وبدل من نظرات الخوف التي علي وجهك يجب أن تشكريني فلقد حملتك إلي هنا وانقذت حياتك
SuzanMohamed
مني
شئ غريب
جو
مالغريب في ذلك
مني
الغريب أنك من فعل ذلك وانقذ ارهابية
جون
دعك من هذا لقد أدركت أنك قد تموتين من البرد واحببت أن أرد لك الجميل الذي صنعتيه لي فأنا لا أحب أن أكون مدينا لأحد
مني
ولكنك مازلت مدينا لي فأنا انقذت حياتك عندما ألقت السفينة وأنت تغرق ولكنك من رماني تحت الامطار كي أغرق
جون
قد تعادلنا وانتهي الأمر
فكفاك ثرثرة وهيا نبحث عن طعام لنأكله فأنا اتضور جوعا
مني
إذا سنقسم أنفسنا لفريقين انت تحاول اصطياد السمك من البحر
وأنا سأبحث عن بعض التوت والفطر في الغابة
جون
ولكن ربما تضيعين هناك او يأكلك حيوان مفترس
مني
كف عن تخويفي فلم أر شيئاً خطرا منذ أن وصلنا للجزيرة بستثنائك انت فأنت الخطر الوحيد بالنسبة لي
فلا تقلق أبداً سأتدبر أمري
وسأخذ قطعة من الطبشور من حقيبة الانقاذ خاصتي وأرسم أسهما علي الأشجار حتي لا أضيع
وبالنسبة للحيوانات المفترسة
فلا أعتقد أن هناك شئ من هذا القبيل هنا وإلا لكنا وجبة سهلة ونحن نائمون
طبعا ماعدا وحش واحد يحوم في المنطقة وهو الوحش الواقف أمامي
جون اذهبي بمفردك إذا أيتها الغبية الثرثارة فلن اتجادل معك فأنت صعبة المراس
مضي جون نحو البحر لعله يجد بعض السمك فهو يجيد الغوص
بينما اتجهت مني نحو الغابة حاملة حقيبة الظهر خاصتها بعد أن افرغت منها كل المحتويات ماعدا طبشور وسكين صغيرة
SuzanMohame
وبعد أن سلكت طريقها نحو الغابة وجدت شجرة تفاح ففرحت فرحا شديدا واخذت تجمع بعضه وتضعه في حقيبة ظهرها وبعدها بقليل وجدت أرنبا بريا فوضعت الحقيبة تحت الشجرة وانطلقت تعدوا خلفه حتي امسكت به
ولكنها نظرت فوجدت انها ابتعدت عن المكان الذي تركت فيه الحقيبة ولا تدري اي طريق تسلك
فقررت أن تتبع اثر اقدامها وتسير عليها حتي تصل الي المكان الذي تركت فيه الحقيبة واخذت تنظر إلي موضع قدميها علي الأرض وتمشي حتي ارتطمت بشئ أمامها فصرخت من الخوف
ولكنها اكتشفت أن الذي اصطدمت به كان جون
الذي أحتضنها كي يهدئ من روعها
ولكنها تدرك أن شيئاً خاطئا يحدث فتدفعه بعيداً عنها
فينظر اليها جون وهو يقول
وهذه أيضاً من العادات السخيفة لديكم أنتم المسلمون
مني
أنها ليست عادات بل هو ما أمر به الدين فلا يجوز أن يلمسني سوي زوجي فقط
جون
وماذا فيها لو أنني لمستك او لمسك ألف رجل غيري ما الذي سينقص منك
فقالت مني انظر تحت قدميك ماذا تري قال تفاحة مكسورة وملطخة بالوحل
فقالت مني خذها وكلها
قال جو
هل جننت ما هذا الطلب الغريب أأترك كل هذه الثمار النظيفة التي علي الشجرة وأكل تلك التفاحة القذرة المتسخة بالوحل
فقالت مني
نحن كذلك تماما ديننا يحافظ علينا مثل التفاحة التي علي الشجرة حتي يقطفنا من يستحقنا ولا نكون مثل التفاحة المرمية في الوحل مكسورة ومتسخة لا يرغب فينا أحد
فيقول جون
اذا هيا بنا ايتها التفاحة المحرمة لنرحل من هنا
SuzanMohamed
ثم يتتبعان العلامات التي رسمتها مني علي الاشجار للرجوع للكهف
واثناء سيرهم تسأل مني
كيف عرفت مكاني
جون
سؤال غبي طبعا من العلامات التي وضعتها علي الشجر
مني
ولماذا جئت خلفي أليس من المفترض أن تصطاد بعض السمك
جون
الحقيقة لم أجد شيئاً لأصطاد به مثل صنارة او شبكة مثلاً لتساعدني علي الصيد
مني
ولكنك ماهر في الغطس وقد رأيتك أمس قبل أن تطردني تمسك بسمكة بيديك دون شبكة ثم شويتها وأكلتها
فأذكر السبب الحقيقي لحضورك خلفي
جون
السبب الحقيقي أنني خفت عليك من الغابة فربما يكون فيها حيوانات مفترسه ولأني نادم علي مافعلته معك وتركك في العراء تحت المطر هل استرحت الآن
مني
شيء غريب
امس كنت تريد التخلص مني وتتمني موتي واليوم تقول أنك خفت عليا ما الذي حدث
جون
الحقيقة كلامك امس أثر فيا وايقظ ضميري وغير رأي فيك فأنا انظر إليك الآن بشكل مختلف
مني
ربما اختلفت نظرتك تجاهي
ولكن أنصحك ألا تحاول التقرب مني أو تغرم بي فلن تستطيع الحصول عليا فأنت لست مسلما
والمسلمة لا تتزوج بغير المسلم
جون
ومن تكلم عن الحب والزواج
ثم نظر إليها وهو يغمز بيعينه
لا تخافي فلن أحبك يوماً
مني
وأنا أعتقد ذلك أيضا فليس لديك قلب في اعتقادي
فينظر إليها جون قائلا لقد أصبت هذه المرة لأنه كان لي قلب في الماضي عندما كنت في مثل عمرك ولكني دفنته حيا
مني
ولماذا
جون
أنه شيئاً لا يخصك وانصحك ألا تتدخلي في شئوني الخاصة
مني
إذا سأتكلم فيما يخصني
هيا بنا لنذبح هذا الأرنب ونشويه فأنا اكاد اموت من الجوع Suzanmohamed
ثم وصل الاثنان الي الكهف وذبحت مني الارنب واخذ جون في شيه علي النار
وعندماكانت مني تنظر إليه وهو يطهوه شرد ذهنها وأخذت تفكر في أسرتها وكيف سيتلقي والديها خبر فقدها
ولعلها الآن حزينان كثيراً ظنا منهم أنها ماتت في حادث السفينة
ولكنها استفاقت علي صوت جون يصفق بيديه وهو يقول هيه مابك فيما شردت
فتحدثه بما يجول بخلدها عن اسرتها ثم تبكي وتتقاطر من عينيها الدموع كثيرة كحبات المطر
فيضع جون الطعام بعيدا عن النار
ويقترب منها كي يحتضنها حتي يسري عنها
ولكنها تبعده بيدها
وهي تقول
لا تفعل أرجوك
جون
أنا أردت أن اسري عنك وحسب
مني
لقد أخبرتك السبب من قبل وسوف اعيده عليك مرة أخري
أنه لا يجوز أن نتقرب من بعضنا
وانت تعرف أسبابي جيداً فلقد وضحتها لك
جون
أريد أن اتعرف على دينك أكثر اشرحي لي كل شئ تعرفينه
مني
وهي تمسح دموعها سأفعل
وتقول لنفسها
لعل الله يهديك الي الاسلام فلقد بدأت تعجبني رغم قسوتك معي فيبدو أن هناك جانب أخر
وقبل غياب الشمس بقليل يقف جون ومني ينظران للبحر يتأملان غروب الشمس
فتري مني شيئا طافيا علي صفحة الماء من بعيد فتشير لجون نحو ذلك الشئ
فيقرر جون أن يسبح ليعرف ما هو
فتمسك مني بذراعه وتطلب منه ألا يفعل
ربما يكون هذا الشيء حيوانا بحريا مفترسا
ولكن جون يصر علي اكتشاف ذلك الشيء
ويلقي بنفسه في البحر الهائج ويختفي بين الامواج
تنظر مني
فلا تجد له اثرا فالظلام قد عم المكان وهنا تنادي بأعلى صوتها علي جون دون جدوي
فتمشي في البحر حتي تصل المياه الي رقبتها
ولكن لا تري شيئاً ولا تسمع الا صوت هدير الامواج العالي
ولا تري الا أمواج البحر المتلاطمة
وحينها تشعر أنها ستغرق لو تقدمت اكثر فهي لا تجيد السباحة
فترجع نحو الشاطئ ولاول مرة تشعر أن المياه ثقيلة حتي انها كانت تخرج اقدامها وتمشى بصعوبة والدموع تتقاطر علي وجهها فلا تري طريق العودة الي الشاطئ
وهي تقول لنفسها
ماذا حدث لجون هل مارأيته حيوان مفترس بالفعل وقد هجم عليه
لا لا
لايمكن أن يحدث ذلك
إذا أين اختفي ولماذا لا أراه
وأخذت تنظر لمياه البحر وقد حل الظلام فلا تجد لها نهاية ولا تري أثراً لجون
فتسأل نفسها
هل اختفي جون الي الابد؟
يتبع
