رواية هوس من اول نظرة الجزء الثاني الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم ياسمين
الفصل الثاني و الثلاثون من رواية هوس من أول نظرة الجزء الثاني
+
وقفت يارا من مكانها لتنعم بحمام ساخن
ثم دلفت غرفتها حتى ترتدي ملابسها و تطمئن
على الأطفال اللذين وجدتهم لازالوا يغطون في
النوم...
إرتدت فستانا شتويا اللون الأزرق الغامق و فوقه
حجاب أحمر داكن...إكتفت بوضع القليل من
خافي الهالات السوداء تحت عينيها و ملمع
شفاه شفاف...
إنتهت من إرتداء حذاءها المسطح ثم وقفت
أمام مرآة خزانتها الصغيرة حتى تلقي نظرة
اخيرة على طلتها... ضحكت بسخرية
و هي تتذكر في الماضي كيف كانت ترتدي
أفخم الملابس و الاحذية عكس الآن
حيث أصبحت ترتدي اول شيئ تقع
عليه عيناها ...
+
أفاقت من تخيلاتها عندما شعرت
بأن أحد الطفلين يتململ في نومه
و يبدو أنه سيصحو قريبا...
خطفت حقيبتها و هرعت نحو الخارج
لتجد ام إبراهيم لازالت في المطبخ
تتناول طعام الإفطار مع بناتها....
+
ألقت عليهن تحية الصباح ثم قالت :
- أنا طالعة دلوقتي...لو سمحتي يا طنط
خلي بالك من الأولاد هما شوية و هيصحوا...
+
أجابتها أم إبراهيم و هي تترشف كوب الشاي
الخاص بها :
- متقلقيش عليهم...انا هقوم اشوفهم حالا..
+
أشارت لها يارا بيدها ليترقفها و هي تقول :
- متتعبيش نفسك.. خليكي قاعدة كملي
فطارك و هما لما يصحوا هيبقوا يطلعوا لوحدهم
عاوزين حاجة قبل ما أخرج....
+
هتفت مليكة بحماس : ايوا عاوزة شكلاطة
من ****(نفس المحل الفخم الذي يحضر منه فريد
الشكلاطة لاروى و لجين)....
+
نهرتها ام إبراهيم : عيب يا بت...البتاعة
دي غالية اوي و يارا كل أسبوع بتجيبلكوا
منها...
+
ضحكت يارا قائلة :
- حاضي يا ست ملوكة تأمري بحاجة
ثانية ".
+
أرسلت لها الفتاة قبلة في الهواء ثم همست
لها بصوت خافت :لوف يو....
+
إبتسمت لها يارا ثم إستدارت لتخرج.. فتحت
الباب لتعترضها تهاني تلهث بسبب ركضها
على الدرج...
تهاني : صباح الخير يا جولي... إنت طالعة؟
+
يارا بضحك فمنذ اول مرة رأتها فيها و هي
تناديها جولي نسبة لانجلينا جولي...
-ايوا رايحة عند سارة ".
+
تهللت أسارير تهاني لتردف بمزاح:
- كفارة يا شيخة أخيرا قررتي تطلعي من
السجن...بقلك إيه إتبسطي على قد ما تقدري
و لا يهمك في العيال انا هخلي بالي
منهم هما فين وحشوني... واد يا ريان.. سلومة
إنتوا فين يا أولاد".
+
قهقهت يارا ثم أكملت طريقها نحو الاسفل
بينما إعترضت ام إبراهيم تهاني حتى تسكتها
حتى لا يستيقظ الأطفال بسبب صوتها العالي....
+
بعد أكثر ساعة كانت يارا تجلس في إحدى سيارات الاجرى أمام فيلة والدها تنتظر ان يخرج أي
منهم....سمعت صوت السائق يتأفف بملل
قبل أن بتحدث بصوته المزعج ليسألها للمرة الالف :
- إحنا هنقعد هنا كثير يا أبلة؟؟مش هنتحرك ".
+
لم تجبه يارا بل كانت مشغولة بالنظر نحو
بوابة الفيلا التي فتحت فجأة و خرجت منها
سيارة شقيقها ريان...دققت النظر في ملامحه
التي لم تتغير كثيرا فمازال شقيقها وسيما
كما تركته منذ أربعة سنوات....
+
تنهدت بحزن و هي تكتم رغبتها في الخروج من
التاكسي و الركض نحوه حتى تحتضنه
و تخبره كم إشتاقت له و أنها فضلت البقاء
بعيدة حتى عنهم حتى لا تؤذيهم....
+
كانت سارة هي من تنقل لها أخبارهم
و قد اعلمتها مؤخرا ان والديها قد عادا
لبعضهما و ان والدتها ميرفت لم تعد
تخرج كثيرا من الفيلا و قطعت كل علاقاتها
مع معارفها القدامى...و كم لامت يارا نفسها
فقد إعتقدت انها هي السبب فالجميع
طبعا سوف يسألونها عن سبب غياب إبنتها
لذلك فضلت سجن نفسها هي الأخرى
لكن الحقيقة كانت عكس ذلك فميرفت
تغيرت كثيرا بعد حادثة إختفاء يارا
و عرفت اخيرا معنى الحياة حيث
كرست نفسها للاهتمام بزوجها و إبنها
الذي تبقى لها و قد ساندها ماجد (زوجها)
في ذلك حتى أنهما ذهبا للحج اكثر من
مرة و قامت بتأسيس جمعية باسم
إبنتها و باعت جميع ملابسها الثمينة
و مجوهراتها و تصدقت بها....
+
مسحت دموعها ثم أشارت للسائق ان يتحرك
و الذي تمتم بضيق : الحمد لله... إفتكرت
هنقعد واقفين هنا للمغرب...
+
أغمضت يارا عينيها بغضب فما كان ينقصها في هذه اللحظة هو هذا المزعج الذي لم يتوقف عن
إستفزازها منذ أن ركبت سيارته...
إستجمعت باقي تركيزها ثم هدرت فيه بعنف
تماما كما كانت تفعل سارة أو تهاني و باقي
نسوان الحارة إذا ضايقها أحدهم :
- جرا إيه يا خويا ما تتلم بقى مش معنى
إني ساكتالك من الصبح يبقى خلاص هتسوق
فيها هو إنت يعني كنت واقف بالعربية
الخردة بتاعتك دي بلاش ما إنت هتاخد فلوسك
على داير مليم يبقى تعمل اللي بقلك عليه
و إنت ساكت مش دي شغلتك... تمشي توقف
ملكش فيك و يلا أوقف على جنب و نزلي
صوتك جابلي صداع...جتك القرف ".
+
توقف التاكسي لترمي له بعض النقود و هي
مازلت تشتمه ثم أوقفت سيارة اجرى أخرى
لتوصلها إلى المطعم المنشود....
+
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر
و النصف عندما وصلت يارا و التي حالما
رأت أناقة المكان ندمت جدا على
إختيارها لهذه الملابس البسيطة التي
كانت ترتديها...تأففت و هي ترتب حجابها
و لم تنتبه لتلك السيارة الفاخرة التي
مرت بجانبها مما جعلها تنتفض بفزع
لقد كانت قريبة منها جدا و لو أنها لم تتفطن
لها في آخر لحظة لكانت دهستها....
+
توقفت السيارة لتخرج منها رباب صديقة
سارة و هي تتفقدها بلهفة قائلة :
- يارا حبيبتي إنت كويسة... أنا آسفة
و الله وسام ميقصدش بس انا و هو
كنا بنتخانق في العربية عشان كده
منتبهناش...إنت كويسة صح؟؟
+
ضمتها إليها و هي تبكي لتضحك يارا
عليها فرباب دائما هكذا حساسة و دموعها
قريبة جدا...سمعت صوت وسام المتذمر
و هو يخرج رأسه من نافذة السيارة :
- عجبك كده ياختي اهي آخرة زنك... قربنا
نقتل البت و نيتم عيالها... منك لله يا شيخة
كنتي هتخليني أرتكب جريمة ".