رواية هوس من اول نظرة الجزء الثاني الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم ياسمين
الفصل الثالث و الثلاثون من رواية هوس من أول نظرة الجزء الثاني
+
دفعته عنها بشراسة و كأن لمسته أحرقتها..
كان جسدها بأكمله يرتعش و هي تضم طفليها
نحوها و الذين تشبثا بها بخوف بعد أن رصدت
أعينهم الصغيرة تلك السيارات الكبيرة و الرجال
الضخام ذوي الملابس السوداء اللذين كانوا
يحيطون بهذا العملاق الغريب و يسدون مدخل
العمارة ....
+
صرخت يارا و هي ترمق صالح بغضب
شديد كانت كلبؤة شرسة تدافع عن صغارها:
- شيل إيدك و إوعى تقرب مني.....
+
تراجع صالح إلى الخلف و هو يرفع كفيه
إلى الأعلى باستسلام و عيناه مثبتتان عليها
و على تفاصيلها التي إشتاق إليها بجنون...
تحدث بصوت حاول أن يكون هادئا بينما كان
يجاهد حتى يسيطر على نفسه كي لا يتقدم
نحوها و يأخذها في عناق ساحق ليعوض كل
السنوات التي حرم منها :
- يارا تعالي... أنا مش هاذيكي انا بس عاوز
أتكلم معاكي...أرجوكي متخافيش مني ".
+
كانت يارا تنظر باتجاهه و تحديدا وراءه
صدرها كان يعلو و يهبط من شدة الخوف
تستمع لصراخ سارة و أمير و الآخرون اللذين
يحاولون تجاوز حراس صالح دون فائدة...
علت الضوضاء و عم الهرج و المرج تجمع
نصف سكان الحارة أمام العمارة..
تساقطت دموعها بعجز و هي تزيد من إحتضان
الصغيرين إليها و اللذين لم يتبه صالح لوجودهما
حتى الآن.... راقبت بصمت سيف الذي سمح
له ناجي بالمرور متجها نحوها و هو يرمقها بعيون
مذهولة توقف أمامها ليهمس بعدم تصديق :
- إنت بجد يارا...
إلتفت نحو صالح الذي أمسكه من ذراعه بعنف
حتى يبعده من أمامه لأنه حجبها عن مرمى بصره
متمتما من جديد :
- هي إيه الحكاية... دي يارا بجد و إلا واحدة
شبهها....
+
أزاحه صالح و هو يتقدم حتى أصبح هو الاخر
أمامها مباشرة مما جعلها تنكمش على نفسها
اكثر...و كم آلمه ذلك بشدة فآخر شيئ كان يريده
هو أن تخشاه...
تحدث برقة و هو يبتسم لها :
- إحنا لازم نمشي من هنا... الناس كلها بتبص
علينا يارا... أنا مش هأذيكي و الله انا تغيرت
اوي و لو عاوزة تتأكدي إسألي سيف..
+
ضرب سيف على ظهره حتى يتدخل و يساعده
في إقناعها ليتأوه الاخر هاتفا بضيق :
- يا عم بالراحة... اه فعلا هو تغير كل حاجة
فيه تغيرت إلا إيده...بس إحنا فعلا لازم نروح
من هنا... تعالي معايا و.... مين دول ".
+
قطب جبينه بغرابة عندما وقع بصره فجأة
على الصغيرين اللذين كانا يبكيان بصمت...
+
تبادل سيف نظرات مبهمة مع صالح الذي
سقط على ركبتيه فجأة و هو يشهق بقوة
ثم مد يده لمسح على رأس أحدهما قبل
أن يسأله :
- مين فيكوا سليم....
+
أخفى الصغير وجهه في ملابس والدته
بينما رفع صالح عيناه نحو هاتفا بصوت
مختنق :
- دول عيالي يا سيف...أنا مش مصدق ...
+
خلف يارا و تحديدا على الدرج كانت أم إبراهيم
تنزل السلم بخطوات بطيئة و هي تجاهد ان لا تقع
كانت تمسك بيدها عصا المكنسة التي لم تجد
غيرها كسلاح في شقتها الآمنة..
حدقت في المشهد أمامها بذعر و بسرعة إلتقطت
عيناها إبنتها سارة اللتي كانت لا تزال تحاول
المرور من حاجز الحرس بينما كان أمير
يحاوط جسدها بحماية و يمنع اي شخص يقترب
منها..
+
+
رأتها تصرخ و تشير إليها نحو يارا لتحول
بصرها حيث أشارت...إستندت على عصا
المكنسة و هي تسرع نحوها لتجدها تبكي
بصمت هي و أطفالها و أمام ذلك الرجل الضخم
الذي بدا وجهه مألوف لها...
+
+
لم تنتظر كثيرا لترفع العصا إلى الأعلى
و هي تنوي ضرب صالح بها بعد أن تذكرت
أنه هو نفسه زوجها الذي هربت منه....إعترض
طريقها أحد الحرس ليأخذ منها العصا لكنها
صرخت في وجهه تدفعه :
- إنتوا عاوزين إيه من بنتي... سيبوها في حالها ".
+
+
رمقها صالح بنظرة سريعة لا مبالية و عاد ليهتم
بالصغيرين و والدتهم بينما إلتفت نحوها سيف
ليوقفها :
- يا حاجة لو سمحتي إحنا مش جايين نعمل
مشاكل هنا...إحنا جايين نرجع يارا لجوزها
و عيلتها....
+
+
تلوت أم إبراهيم و هي تدفع الحارس الذي
أشار له سيف بتركها ثم صاحت من جديد :
- بس هي هربت منه زمان و مش عايزة
ترجعله خليه يطلقها و يسيبها في حالها
هو بالعافية...إوعى من قدامي خليني أطمن على
البت اللي محجوزة هناك على الحيط زي
الفرخة و عيالها....
+
+
كتم سيف ضحكته على هذه السيدة البدينة
ثم إنزاح من طريقها لتندفع نحو يارا التي
تشبثت بها حالما رأتها أمامها و هي تتمتم برعب :
- متسيبنيش يا طنط داه عاوز ياخذني من هنا
بالعافية عشان يحبسني من ثاني زي زمان....
+
+
طبطبت أم إبراهيم علي ظهرها لتطمئنها و هي
ترمق صالح بغل :
- متخافيش يا حبيبتي..طول ما أنا عايشة أنا مش هخلي حد يمس شعرة منك..
وجهت حديثها نحو صالح و هي تلاحظ
الحشد في الخارج :
- بقلك إيه يا إسمك إيه أنا هاخذ بالبنت
على شقتي فوق و إنت حصلني.. إنت و اللي
معاك عشان مينفعش نفضل كده فرجة
للي رايح و اللي جاي...
+
+
إنتفض صالح من مكانه يشير لها برفض
و لهفة :
- إنت هتاخديها على فين؟
مصمصت أم إبراهيم شفتيها بعدم
رضا و هي تعلق :
- شوف الراجل اللي يشوفه متدهول عليها
كده ميقولش إني دي هي نفسها اللي كان
موريها الويل... هاخذها شقتي يا عنيا
متخافش مش ههرب بيها و مش هتقدر تأخذها
كمان... داه انا بإشارة واحدة مني بس و محدش
هيطلع منكوا من هنا سليم....ها قلت إيه
نتفاهم بالمعقول و إلا نقلبها خناقة ".
+
+
قلب سيف عينيه بملل قبل أن يتولى
إجابتها :
- لا إحنا عاوزين نتفاهم بالمعقول
بس مش عشان خايفين من حضرتك
لا عشان يارا و العيال...مش كده يا صالح
همس مستدركا قال بإشارة مني قال..