اخر الروايات

رواية لعنة الخطيئة الفصل الثاني 2 بقلم فاطمة احمد

رواية لعنة الخطيئة الفصل الثاني 2 بقلم فاطمة احمد 

الفصل الثاني : ظلامُها.
________________
- آدم !
وقبل أن تستوعب تماما وجوده هنا في هذا الوقت حاوطها ادم بذراعيه ودفن وجهه في ثنايا عنقها متأوها بشوق :
- وحشتيني ...
تسمرت مكانها وقد إستكان إنفعالها قليلا لكن سرعان ما انتفضت عند سماع طرق الباب يليه صوت زوجة عمها جميلة التي نادتها بقلق :
- نيجار في ايه سمعتك بتصوتي في حاجة و الباب مقفول ليه ؟
أجابتها بلجلجة خفيفة محتارة بداخلها عن الباب الذي أدركت للتو أنه مغلق :
- ها الباب ... خبطت رجلي في الباب وانا بقفله عشان ... عشان اغير هدومي فصوتت.
- وقفلتي الباب ليه اصلا مين هيدخل عليكي ... طيب انا رايحة أنام عايزة حاجة مني.
- لا ... لا شكرا تصبحي على خير.
- وانتي من أهله.
بدأ صوت خطواتها يبتعد حتى اختفت نهائيا فزفرت نيجار براحة ثم تمتمت وهي تسأل نفسها :
- الباب ده امتى اتقفل.
أجابها آدم ببساطة كأنه يروي شيئا يفعله يوميا :
- انا دخلت من شباك الأوضة وقت طلعتي انتي عشان تشوفي مين اللي هنا وقفلت الباب بسرعة وجيت.
اتسعت عينا نيجار بدهشة :
- وازاي لحقت تعمل كل ده !
قابلها ببسمة دون رد لتصمت هي ايضا ثم تبعده عنها وتدخل لغرفتها، رفع الآخر حاجبه من حالتها وتبعها متسائلا :
- في ايه مالك ضاربة بوزك شبرين كده ليه ؟
جلست نيجار على سريرها مجيبة بغير رضا :
- بعتقد انك عارف السبب.
- اه عشان اللي حصل النهارده الصبح.
هتف آدم بإدراك ثم إستطرد بجدي :
- اللي بعرفه اننا اتفقنا من قبل ع انك متدخليش في المشاكل اللي بيني وبين صفوان ...
تمام هو ابن عمك وأخوكي في الرضاعة بس احنا الاتنين من البداية عارفين قد ايه العلاقة بين العيلتين وحشة و بالتالي الحوادث ديه هتحصل كتير اوي لو هو مبطلش صياعة وقلة أصل معايا.
إستاءت نيجار من وصفه لإبن عمها بهذه الكلمات فكادت تعارضه لكنه أوقفها بنبرة رخيمة وهو يجلس بجوارها على السرير :
- اسمعيني كويس انا مستحيل اسكت لواحد غلط فيا و صفوان مكتفاش ب انه يعصبني لا هو ضرب راجل في سن أبوه وقدام الناس واتكلم وحش عن أبويا عشان كده كان بيستاهل الاهانة والضرب.
- يعني لو انا مجيتش ووقفتك كنت هتموته ؟!
- مش هكدب عليكي وأقولك اني سامحته بسببك لا، بس لما شوفتك افتكرت ان عنده أم وأخوات فمحبتش اؤذيه حتى وقت كلمني العمدة من شويا وقالي انه هيعاقب صفوان قولتله ان الموضوع بسيط ومبيستاهلش.
كان آدم يتحدث بجدية وثقة تجعل أي شخص يستمع إليه يهابه لذلك قررت نيجار غلق الموضوع فقالت :
- ماشي يا آدم بس ياريتك مجيتش لهنا وأصلا انت ازاي قدرت تدخل مع الحراسة ديه مش فاهمة.
هز كتفاه بدون إكتراث :
- مش عايز ابقى واحد بيمدح نفسه بس انا مفيش باب مبقدرش ادخل منه ولا حارس مقدرش اتجاوزه ... خاصة لو كان الهدف اني اشوف البنت الجريئة اللي دخلت وسط خناقة رجالة ومخافتش من حد.
إبتسمت نيجار متهدجة :
- انا مستعدة اعمل كل حاجة علشان عيلتي.
- وعلشان كده انا معجب بيكي.
هتف بهدوء واضعا يده أسفل ذقنها ثم أدار وجهها إليه متأملا إياها لعدة ثوان قبل أن يزفر هامسا :
- هنفضل كده لحد امتى ؟ بنشوف بعض في السر زي المراهقين وخايفين حد يشوفنا كان ناقص اتشعلق ع الحيطان واهو عملتها بسببك.
- اومال انت عايزنا نعمل ايه ؟
- نتجوز.
رصَّ حروف الكلمة ببساطة متزنة لتقف نيجار كمن لسعتها النار وتتسع عيناها مكررة ما قاله هو :
- نتجوز ! انت بتهزر معايا ؟
رد عليها آدم بجدية :
- انتي شايفاني ههزر في الموضوع ده ؟
وقف قبالتها و حاوطها بذراعيه مستطردا :
- انا سبق وقولتلك هجي اطلب ايدك من أهلك بس انتي رفضتي وطلبتي مني وقت علشان الخلافات اللي مابيننا تتحل ووافقت..
بس انا شايف مفيش فايدة من الانتظار لأنها كده كده مش هتتحل طالما صفوان معتبرني العدو الأبدي بتاعه ولا عيلتي انا هتقبل بسهولة لأني سبق وحاولت ومنفعش علشان كده لازم نتجوز الاول ونحطهم تحت الأمر الواقع ساعتها مش هيقدرو يبعدونا عن بعض.
أشاحت نيجار وجهها عنه وجالت بحدقتيها في المكان دون أن تنبس ببنت شفة، وصمتها هذا فسَّره الآخر على أنه رفض فعبس بتقاسيم وجهه لهنيهة سرعان ما درأه قائلا بلهجة صلبة يواري خلفها ضيقه :
- سكوتك اداني الاجابة واضح انك مش عايزة الجواز علشان كده انا مش هجبرك.
ألقى عليها نظرة شاملة ثم همَّ بالمغادرة فأوقفته نيجار قبل أن يقفز من الشرفة :
- استنى !
توقف آدم و استدار لها مجددا لتدنو منه هي مقلصة المسافة بينهما وتمسك يداه متمتمة :
- انت فهمتني غلط انا مش رافضة الجواز منك بس اقتراحك نزل عليا فجأة ومقدرتش استوعب، انت عارف ان الموضوع ده مش سهل وهيسبب مشاكل كتيرة ليا وليك انا هدخل في دوامة مع عيلتي وكمان مكانتك وشغلك ممكن يتأذوا.
تنهد هو وضغط على أصابعها الممسكة به قائلا بروية :
- انا عارف وفاهمك كويس بس مفيش حل غير ده لو كان في أمل صغيرة علشان يوافقو انا مكنتش هستسلم بس جدتي مبطيقش تسمع اسمكم ولا اخوكي طايقني، وبالنسبة لشغلي ومكانتي متفكريش فيهم انا مأمن نفسي كويس وفي مهمة هنفذها قريبا وتخليني فوق ساعتها حتى العمدة مش هينزعج اوي لاني اتجوزتك من غير محد يعرف.
- مهمة ايه ديه ؟
- متشغليش بالك المهم قوليلي انتي موافقة على طلبي ولا لا.
تلكأت نيجار مكانها ثم تنهدت مردفة :
- ممكن تديني فرصة أفكر شويا ونلتقي بعديها ونتكلم ؟
ورغم إمتعاضه إلا أنه تفهم موقفها وخوفها فأومأ بإيجاب وطبع قبلة على وجنتها هامسا قبل أن يذهب :
- اكيد طبعا وانا هكون مستنيكي في مكاننا ...
_______________
صمت رهيب غرق فيه الرواق وقطعه صوت طرقه على الأرض بحذائه وهو يمشي بخطوات متأنية حتى وصل إلى غرفة المكتب، وقف قليلا يطالع ذلك الجالس على الأريكة يتحسس كدمات وجهه ثم اقترب ووضع كيس الثلج على الطاولة أمامه مغمغما ببلادة :
- خد حط التلج ده هيفيدك ويخبي آثار خيبتك ع الاقل.
حدجه بغيظ قبل أن يلتقط الكيس ويضعه أسفل عينه مرددا من بين تأوهاته الناتجة عن ألمه :
- انا كنت قربت اعلم على ابن سلطان بس هو غفلني وكان هيقتلني أو يوديني لعند العمدة ويشتكيله مني.
جلس الآخر على كرسي مقابل له وهمهم ببساطة :
- ده عشان انت غبي.
توقف صفوان عن تمرير الثلج على كدماته وناظره بسخط معترضا عن إهاناته المستمرة :
- ليه الغلط دلوقتي يا مراد مش انت اللي متعود تحرضني عليه مالك بقيت ضدي فجأة.
ضغط "مراد" على فكه السفلي ممتعضا من سطحية تفكيره ثم إنحنى للأمام قليلا مردفا بنبرة جادة :
- اللي عملته انت غلط مكنش ينفع تحط نفسك في موقف المشكلجي اللي بيتضرب كل شويا !
انا قولتلك لازم تطلع آدم بصورة واحد فاشل مش قد المسؤولية وتخليه يقع من عيون الناس بس انت عملت ايه؟ روحت جبت راجل كبير وقعدت تضرب فيه وتهينه قدام أهل البلد ولما جه آدم اتصرف بوعي و بين انه مش عايز ينزل لمستواك بس بردو انت جلدك حكك والنتيجة اهي واضحة قدامي.
أشار لوجهه بإستهزاء فزفر صفوان بغضب و رمى الكيس هادرا :
- اومال كنت عايزني اعمل ايه وانا شايفه عماله يلمع صورته في عيون الناس والكل واقف في صفه ؟ مش كفاية ان عيلته سرقت حق عيلتي في الزعامة من سنين قام جه هو وكمل عليا ... لولا جده وأبوه كانت عيلة الشرقاوي هي الكل في الكل حاليا.
عند استماع مراد لجملته انقطع تركيزه معه وغاص في الفراغ مستقبلا مقتطفات من الماضي فهمس دون وعي :
- وانا سرقو مني حياتي.
- مسمعتكش ؟
تنحنح عائدا للواقع وتكلم بصلابة إكتسى به صوته :
- انا بقول جه وقت نردله الضربة وناخد اللي يخصنا منه ... انت قدرت تعرف هو حط سبايك الذهب فين ولا لسه ؟
نفى صفوان بفتور :
- لا لسه موصلتش للمكان اللي مخبيهم فيه احنا بندور عليه بقالنا خمس شهور بس مقدرناش نوصل لنتيجة ... آدم ذكي وكتوم صعب ناخد منه اللي احنا عايزينه.
- العمدة اداله الشحنة ديه وكلفه بمهمة الاحتفاظ بيهم عشان يسلمهم للتجار في الميعاد اللي هو محدده ، لو قدر يسلمهم في الوقت المحدد ومن غير اي مشكلة قيمته هتزيد كتير عن الأول وبما ان العمدة معندوش اللي يورثه فمش هستغرب لو ورثه المنصب بتاعه وانت عارف ممكن يحصل ايه ساعتها.
نطق مراد بهذه الكلمات آخذا بعين الإعتبار كل تفصيل ذكره ثم استطرد قائلا :
- انا لقيت كام عنوان كده وهستنى اتأكد منه علشان نخطط للسرقة ولو نجحنا هنكون ضربنا آدم ضربة مستحيل يقدر يقوم منها ديه ثروة بتتقدر بعشرات الملايين في الاخر يعني هندمره كليا.
بس انت كمان اعمل اللي عليك متنساش الخطة ديه مرهونة بيك هتبقى الكل في الكل لما تنجح.
بمجرد تخيل صفوان إنهزام عدوه اللدود شعر بنشوة عظيمة تتسلل إليه و إنشرحت أساريره مستدركا حجم الربح الذي سيعود عليه.
فإضاعة آدم لأمانة العمدة يعني إيقاع الأخير في مشاكل مادية كبيرة مع التجار الأجانب وبالتالي فقدان سمعته وهيبته وسط من يعتبرونه العمدة الأمين الصادق.
وقتها سيتدخل صفوان وينقذه من الفخ الذي أوقعه هو بنفسه فيه وهكذا سوف يسترجع مكانته وينتزع من آدم جميع صلاحياته !
_________________
أشرقت الشمس ببطء من وراء قمم الجبال وبدأ الضباب يتلاشى تدريجيا مع إرتفاع درجات الحرارة معلنين عن بدء يوم خريفي جديد ...
بعد فراغه من ركوب الخيل وممارسة هواية التصويب المعتادة لديه إتجه إلى بستانه الذي يعد من أكبر البساتين في البلدة والمناطق المجاورة ويجمع عشرات العمال ذوي الخبرة فلطالما حرص على أن يشغل الأكِفاء لديه كي يكسب كل مرة أكثر مما مضى ويبقى في صدارته على بقية التجار.
سار يقضي جولته اليومية بين الصفوف الخضراء من أشجار التفاح والتين، التوت البري والرمان وباقي الفواكه الخريفية...
إضافة إلى النباتات و صفوف اليقطين والملفوف وغيرها من الخضر الطازجة في هذا الموسم.
ثم يركز ناظريه على العمال مقيما أداء كل شخص منهم مابين الزراعة والسقي والتنظيف وقطف الثمار الجاهزة للتصدير...
بعد إنتهاء جولته وقف آدم أسفل إحدى الأشجار معلقا عيناه على طول الأفق الذي يبدو له وكأنه يستحيل الوصول إليه، وتذكر لقاءه مع نيجار منذ يومين والشيء الذي عرضه عليها...
لا يعلم إن كان محقا تماما في قرار زواجه منها بالسر أم يجب عليه التريث قليلا في هذا الموضوع لأنه سيتسبب في حصول عدة مشاكل هو في غنى عنها.
كما أنه ليس متعودا على التصرف بتهور هكذا لطالما فكر عشرات المرات قبل الإقدام على خطوة مهمة ولكن منذ تعرفه على نيجار قبل ست أشهر لم تغب عن باله !
قطع خيط ذكرياته لمسة وضعت على كتفه فإستفاق آدم من شروده ورفع عيناه ليجد فاروق بجواره متمتما بإبتسامة جانبية :
- ايه اللي بتفكر فيه وخلاك متاخدش بالك مني انت متعود تنتبه لأي حد يقرب منك خطوتين.
تنهد آدم و إعتدل في وقوفه دون أن يجيب ليستدرك الآخر متوقعا ما يشغل باله :
- طالما سرحان كده يبقى انت بتفكر في بنت الشرقاوي صح.
- ايوة بفكر في نيجار، هي لسه مردتش على عرض الجواز وانا مش عارف اذا هتوافق ولا لأ.
رد عليه بهدوء لم يظهر فيه إمتعاظه لكن فاروق فهم ما يجول بباله فعاد يسأله :
- طب انت هتعمل ايه لو رفضت الجواز منك هترجع تستنى المشاكل تتحل مابين العيلتين ؟
ساد الصمت بينهما للحظات قطعه آدم عندما أجابه بإقرار واضح :
- لا لو موافقتش انا هصرف نظر و اقطع علاقتي بيها أساسا، صحيح عايزها في حياتي بس ده ميعنيش اني افضل اعمل حركات المراهقين ديه واشوفها واكلمها بالسر انا اكبر من كده.
رفع حاجباه بدهشة من رده الذي لم يكن متوقعا وقال :
- ماهو طبيعي أي واحدة في مكانها هتخاف توافق انت عارف طبيعة العلاقة بينك وبين صفوان مستحيل يسكت وهيعتبرها إهانة ... مع اني اكتر واحد هرتاح لو ده حصل وعينه اتكسرت قدامك.
حاد آدم بعينيه ناحيته بحدة ليستطرد الآخر موضحا وجهة نظره :
- بص انت عارف اني من الاول مش مرتاح لعلاقتكم ديه وحاسس في حاجة غلط في الموضوع وانا مش فاهمها وبعدين ااا..
قطع كلامه صوت وصول رسالة فنظر آدم إلى هوية المرسل وابتسم عند رؤية إسمها ليقرأ فحوى الرسالة ويجد أن نيجار تطلب ملاقاته في مكانهما المعتاد ، أخذ نفسا عميقا وزفره ببطء ثم ربت على كتف فاروق مغمغما بثبات :
- انا مروح مشوار وجاي خد بالك من الشغل مش هتأخر.
ألقى آدم جملته وغادر دون أن يتيح له فرصة للحديث، إتجه إلى الإسطبل وأخذ حصانه منطلقا نحو المكان الذي قصدته نيجار وبعد دقائق وصل إليها ووجدها جالسة على طرف البحيرة تحدق في مياهها بشرود وقد بدت عليها علامات الحيرة والقلق.
ترجل من الحصان و إتجه إليها مناديا إياها :
- نيجار !
إنتفضت وإستدارت برعب جلي اختفى عند رؤيته فتنهدت براحة هاتفة :
- خضيتني.
عقد حاجباه بإستغراب منها ثم أحاط ذراعيها وساعدها في الوقوف متسائلا :
- تخضيتي ليه مفيش حد بيجي للمكان ده غيرنا احنا الاتنين يعني محدش هيشوفك.
وضع يده على وجنتها يمسحها برقة مستطردا :
- ولا انتي خايفة من حاجة تانية ؟
بللت نيجار شفتاها مركزة نظرها على الفراغ ثم وجهته ناحية آدم مرددة :
- انا فكرت كويس في الموضوع اللي قولتهولي الصراحة في الاول كنت هرفض بس بعدين لقيت ان كلامك صح انت لو طلبت ايدي من صفوان مش هيوافق اكيد ولو استنينا المشاكل تخلص يبقى هنستنى كتير اوي علشان كده ... انا موافقة على جوازي منك.
تهللت أساريره وشعر بنبضه يعود إليه بعدما فقد إحساسه به للحظات متوقعا رفضها فضمها إليه على حين غرة متهدجا بخشونة :
- انا بوعدك انك مش هتندمي على قرارك ده هنتجوز ونحطهم تحت الأمر الواقع ساعتها محدش من عيلتي او عيلتك هيقدر يبعدنا عن بعض لأنك هتبقي مراتي وفي بيتي ... انا مبسوط عشان وافقتي.
مرر يده على ظهرها يضمها إليه أكثر لكنه شعر بتيبسها بين ذراعيه فأدرك بأنه بالغ في قربه منها لذلك حررها بروية متنحنحا :
- فرحتي نستني نفسي مش عايزك تزعلي مني انتي عارفة ان انا من زمان عايزك تكوني حلالي واقرب منك براحتي والظروف هي اللي منعتنا بس دلوقتي مفيش حاجة هتخلينا بعاد عن بعض.
إبتسمت نيجار ثم عادت تعبس من جديد هاتفة :
- بس انا خايفة ومش عارفة هنعمل كده ازاي بقصد هنتجوز امتى وفين يا آدم ومين اللي هيبقى موجود و ازاي هنكتب الكتاب من غير حد مايعرف.
كان آدم قادرا على تفهم تخبطاتها وتوترها فحاول تهدئتها وهو يملس على شعرها متمتما :
- متشغليش بالك انا عامل حسابي لكل حاجة المأذون والشهود كان فاضل موافقتك بس واهو حصلت عليها.
قابلته نيجار بسؤال آخر قائلة :
- طيب احنا هنكتب كتابنا فين ؟
- والمكان بيهمك ؟
- اكيد مينفعش حد يعرف احنا فين لانهم لو سمعو هتحصل مشكلة كبيرة وهيعملو اي حاجة علشان بمنعونا احنا لازم نكتب في مكان بعيد من غير ما يعرفو ع الاقل لحد ما نخلص.
أجابته بمنطقية ملقية عليه تفاصيل تجاهلها هو من قبل لأنه كان سيوقف أي شخص يحاول منعه في كل الأحوال حتى لو كان صفوان وحتى لو أضطر إلى أذيته، لكن إصرار نيجار جعله يفهم مدى خوفها من كشف خطتهما وتفهمها فصمت يفكر قليلا ثم قال مقترحا :
- في مكان محدش يعرفه غيري انا وفاروق ... بيت بعيد عن هنا شويا وعليه حراسة لأن فيه حاجات مهمة هوديكي ليه يوم كتب الكتاب مع اني عايز نتجوز النهارده قبل بكره بس مع الاسف هاخد وقت لان لازم اجهزله من غير حد ماياخذ باله خاصة جدتي حكمت هانم.
- البيت ده آمن ؟
تنهد آدم وضم وجهها بين يديه هامسا بخشونة :
- معقوله اوديكي لمكان فيه خطر عليكي ... متقلقيش انا لو كرهت حد هعمل أي حاجة علشان ادمره بس لو حبيت حد هقضي حياتي وانا بحميه وانتي البنت اللي بحبها يا نيجار اتأكدي من انك هتفضلي بأمان معايا ... أنا بحبك.
رمشت بعينيها للحظات ثم ردت عليه بهمس مماثل :
- و أنا بحبك.
________________
بعد مرور ثلاث اسابيع وقد أتى اليوم الموعود....
توقف بسيارته أمام منزل كبير يقبع بين التلال ويحيط به عدد قليل من الحراس من كل صوب ثم نظر إلى نيجار التي كانت تطالع المنزل بتدقيق وقال :
- ده البيت اللي حكيتلك عنه وهنكتب كتابنا فيه اليوم المسا.
همهمت بخفوت مرددة :
- مكنتش بعرف ان عندك بيت حلو اوي كده باين عندك اهتمام خاص بيه.
- محدش بيعرفه غيري أنا وفاروق أصلا وكنت مكتر الحراسة عليه بس قللتها النهارده عشان تاخدي راحتك.
ترجل من سيارته وتبعته نيجار إلى داخل المنزل ممسكة بيده، آرشدها آدم للطابق العلوي ثم اتصل بفاروق الذي رد عليه بعد ثوانٍ :
- نعم يا آدم.
بادره بالسؤال مباشرة :
- انت فين ؟
- في بيتكم الست حكمت طلبت مني اجيبلها المستندات و اه سألت عنك وقولتلها ان عندك شغل مع تاجر جديد وقاعد بتتفق معاه ... هخلص اللي ف ايدي و اجيب المأذون و اجي في الوقت المحدد متقلقش.
زفر مستشعرا حصول شيء ما اليوم لكنه آثر تجاهل إحساسه لربما كان هذا الشعور ناتجا عن حماسه وسيزول بمجرد عقد الزواج على المرأة التي يحبها، ثم أغلق الخط و استدار لأحد حراسه مغمغما :
- راقبوا المكان كويس أنا مش عايز جنس مخلوق يدخل لهنا و اول ما يوصل فاروق مع المأذون دخلوهم بعدين امشو.
- أمرك يا بيه.
صعد ادم الى حيث نيجار ودلف بعدما طرق الباب ليجدها تجلس مقابل مرآة التسريحة وحين رأت اِنعكاسه عليها تمتمت بإسمه فاِبتسم و دنى منها هاتفا :
- مش فاضل غير ساعات قليلة وتبقي مراتي ساعتها محدش هيمنعنا من اننا نكون مع بعض.
أومأت بإيجاب فإستدرك متسائلا :
- ملبستيش الفستان اللي جبتهولك ليه ؟
نظرت إلى الثوب الزهري الموضوع على السرير وكان ناعما ذو طبقات من الدونتيل اختاره آدم بعناية من أجل هذا اليوم ، فردت عليه مبتسمة :
- كنت لسه هلبسه دلوقتي بس خايفة يبوظ مني بسبب حماسي.
ضحك بخفة و ردد :
- فداكي بوظيه وانا هجيبلك غيره ... مع ان كان نفسي تلبسي الفستان الأبيض بس مع الاسف الظروف مسمحتلناش ورغم كده هتطلعي جميلة بردو بالفستان ده يلا متتأخريش
طبعا قبلة أعلى رأسها وغادر للخارج وبعد ساعة من الانتظار عاود الإتصال بفاروق مرارا حتى فتح الخط فصاح مباشرة :
- انت هتبات هناك ولا ايه مش اتفقت معايا تجي بعد شويا انت فين لغاية دلوقتي.
بعد دقائق كان آدم ينهب الأرض بخطواته السريعة وهو يصعد إلى نيجار ليجدها واقفة في منتصف الغرفة تطالعه بعدما فتح الباب بقوة ...
تسمر مكانه يتأملها بولهٍ غريب عنه وهي ترتدي الثوب الذي لاءمها وكأنه صنع من أجلها خصيصا مع شعرها المسترسل على كتفيها و شعر للحظات بأنه يملك العالم بين يديه ، مجرد التفكير بأنها ستصبح ملكه يجعله في قمة سعادته...
فهي المرأة التي أحبها من قلبه والمرأة التي ستسعده ... لن يتخلى عنها ولو اضطر إلى محاربتهم جميعا !
اقترب منها و أمسك يداها مقبلا إياهما بشغف :
- انا مبسوط اوي لأنك معايا وبتمنى لو كنت بقدر اخليكي ع اسمي حالا بس لازم نمشي من هنا فورا لأن ...
وقبل إنهاء جملته صدع صوت رصاص متتالي في الخارج كاد يخترق الجدران من قوته فجفل ادم وتحركت يده تلقائيا ناحية حزامه من الخلف لينتشل سلاحه مغمغما بإحتراز :
- غالبا عيلتك عرفت بالخبر وجم ياخدوكي أو واحد تاني اتهجم عليا ومتعمد يأذيني ... احنا لازم نطلع بسرعة عشان متحصلكيش حاجة امشي معايا !
قبض آدم على ذراعها كي يسحبها معه لكنه توقف عند شعوره بقدميها لم تتزحزحا من على الأرضية فإلتفت إليها قائلا :
- انتي واقفة كده ليه يلا نمشي !
رشقته نيجار بنظرات مختلفة عن نظراتها السابقة وهذه المرة هي من اقتربت حتى كادت تلتصق به وهمهمت محدقة في عينيه مباشرة :
- انا هطلع من هنا ... بس انت لا.
لم يفهم مقصدها أو بالأحرى لم يستوعب في هذه الأثناء خاصة مع الرصاص الذي كان يتدفق بسرعة تدفق قطرات المطر في ليلة عاصفة، و حينما كاد يسألها عن مقصدها، أحس على حين غرة بسهم من نار يخترق خاصرته !
توقف الزمن من حوله ، وإنعكست صورتها الدامية على عيناه اللتان طالما حدقتا بها بغرام ...
فمد يده يلامس المكان المخترق، لكنه إصطدم بالخنجر المغروس في نفس موضع يده، وبالسائل الدافئ المنساب منه ...
حينها سمع صوتها يأتي من بعيد رغم أنها ملتصقة به ، وأحس بهمستها التي حطت على وجهه بحرارة الشر :
- قولتلك قبل كده يا ابن سلطان ... انا مستعدة اعمل كل حاجة علشان عيلتي.
حينها افترقت يداهما بعدما امتزجتا بدمه، و انتشلت نفسها منه فسقط على ركبتيه مع صدمته قبل أن تغلق جفونه، ويستسلم للظلام الغارق فيه ...
__________________
انتهى الفصل الثاني.
حدث مفاجئ خرق موازين الرواية ونيجار طعنت آدم
رايكم بالفصل وهل كنتو بتفكرو ان ده ممكن يحصل ؟ط



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close