رواية جوازة نت الفصل الثاني 2 بقلم مني لطفي
مرّ أسبوعان منذ ان بدأت منة التدريب لدى مكتب شقيقها احمد الهندسي، وطدت علاقتها مع سحر وايناس زميلاتها في العمل، كما كان عمر بمثابة أخ ثانٍ لها فهو انسان خفيف الظل ومحترم لم يتجاوز حده معها، ولكن تبقى نشوى التي لم تستطع الاندماج معها ليس عن كره لها ولكن شفقة عليها!!، نعم... فهي كانت تشعر بالعطف عليها مما تراه من سلوك نشوى المنفتح لدرجة كبيرة تخالف ما تربت عليه منة، لذلك آثرت عدم الاحتكاك معها الا في اضيق الحدود ولكنها لا تستطيع منع نفسها من ان ترد لها الصاع صاعين اذا ما تجاوزت الاخرى حدودها معها!
يبقى.....سيف!، لم تشاهده الا لماما طوال الايام السابقة ولكنها لا تعلم لما هذا الشعور الذي يلازمها من ان هناك مَن يراقبها!، كانت تتلفت حولها دائما ما ان يداهمها هذا الاحساس لتجد ان ما يخالجها وكأنه وهم في عقلها الباطن فقط ولكنها تكاد تقسم انها مراقبة!!..
- سحر تعالي شوفي كدا الديزاين دا قبل ما اسلمه لعمر..
اقتربت سحر لتطالع ما اشارت اليه منة وقالت وقد اعتلت ملامحها البريئة ابتسامة فرحة:
- جميل يا منون... بجد انت فنانة يا بنتي... انا متأكده لما أصحاب الشقة هيشوفوا الديكور اللي انت عاملاه هيتهبلوا عليه...
ابتسمت منة وقالت بلهفة:
- بجد يا سحر ولا بتجامليني؟
سحر مقطبة جبينها:
- انت هبلة يا بنتي؟، هجاملك في الشغل!..
قامت منة وتناولت لوح الرسم العريض الموضوع على الحامل الهندسي امامها وقامت بطيّه بشكل اسطوانى وقالت بحماس:
- اذا كان كدا يبقى هوريها حالا لعمر لانه لسه سألني على الشغل دا امبارح وقلت له انى هسلمه انهرده..
سحر بدهشة:
- مش هتوريه لأحمد الأول؟
منة باستهجان واضعة يديها في خصرها:
- نعم!، علشان يعدّلِّي فيه وبعدين لو عجب عمر يقول بفضل توجيهاتي!، ثم اشارت اليها براحتها الصغيرة متابعة:
- لا يا ستي.. انا عندي عمر يشوفها ويقول لي ملاحظاته كدا احسن...
سحر وهى تهز كتفيها بلامبالاة:
- خلاص براحتك..
انصرفت منه متجهة لمكتب احمد وعمر لتعرض لوحتها على الاخير بينما لم يكن احمد متواجد فقد اخبرها صباحا انه سيذهب الى موقع من مواقع البناء لمباشرة العمّال والاطلاع على كيفية سير العمل..
طرقت منة الباب بخفة فسمعت صوتا مُرّحبا يدعو الطارق للدخول، فتحت منة الباب وما ان ابصرها عمر حتى انفرجت اساريره واشار اليها بالتقدم قائلا ببشاشته المعهودة:
ي يا منة تعالي..
+
لاحظت منة ان الجميع يستخدمون أسمائهم المجردة بدون ألقاب فحذت حذوهم مرحبة بهذا الاسلوب الذي أشعرها انها بين أسرتها واصدقائها...
+
دخلت منة تاركة الباب مفتوح جزئيا خلفها وتقدمت راسمة ابتسامة صغيرة على شفتيها النديتين وهى تقول:
+
- معلهش لو هاخد من وقتك شوية... بس انا خلصت الشغل اللي انت كلفتني بيه وجيت اعرضه عليك...
+
قام عمر متجها اليها قائلا بحماس وهو يمد يده ليتناول منها لوحتها الاسطوانية الشكل:
+
- والله؟!، اتجه عمر الى الحامل الهندسي ليضع عليها اللوح وهو يهنئها بصدق:
+
- هايل يا منة.. برافو..
+
اقتربت منة من عمر لتستطيع مشاهدة اللوح والاستماع الى ملاحظاته، قال عمر بإشادة:
+
- جميلة يا منة.. فعلا تستحقي تنجحي بامتياز مع مرتبة الشرف..، دا غير انك فنانة بجد ودا باين في اختيارك للألوان..
+
اصطبغ وجه منة بحمرة خجل طبيعية لاستماعها مديح غير مديح اساتذتها وأخيها أو أبيها، فمديح عمر يدل على نجاحها في مضمار العمل، سألت بابتسامة متلهفة تشق وجهها الملائكي:
+
- بجد يا عمر؟، رفع عمر رأسه ناظرا اليها بابتسامة:
+
- وأبو الجد كمان!، شوفي هو فيه طبعا كم ملاحظة كدا لكن مبدئيا انت موهوبة وفنانة بجد...شكلي كدا هخليكي انت الديزاينير بتاعتي، المسؤولة عن ديكورات المشاريع اللي ماسكها، ايه رأيك نبقى فريق؟، ها... موافقة؟!..
+
ما ان همت منة بالكلام حتى قاطع حوارهما صوت يتحدث بجدية ممزوجة بسخرية طفيفة لم ينتبه اليها عمر ولكن منة التقطت رنتها الواضحة، قال الصوت:
+
- موافقة على ايه بالظبط يا عمر... مش ممكن نعرف ولا دا سر؟!..
+
نظر عمر خلفها في حين تسمرت هي مكانها وأصبح جسدها بأكمله مشدودا كالوتر في حين تحدث عمر بمرحه المعهود غير منتبه للشرارات التى تطاير من حوله:
+
- سيف!، تعالى يا سيف.. شوف فنانتنا الجديدة مبدعة ازاي..
+
اقترب سيف بخطوات بطيئة كالصياد الذي يقترب من فريسته على مهل خشية هروبها، وقف بجوار منة ونظر الى اللوح المعروض امامه ثم نقل نظره الى منة التي لم تلتفت اليه، وبدلا من ذلك سلطت نظاراتها على نقطة وهمية امامها زامّة شفتيها بغير شعور، قال سيف بلامبالاة :
+
- اممم... كويس.. مش بطّال!..
+
تحدث عمر بدهشة بينما طالعته منة بنصف عين:
+
- ايه؟ مش بطّال؟، ايه يا بني تكسير المجاديف بتاعك دا؟ بالنسبة لمنة وانها لسه مبتدئة فدا يعتبر فوق الممتاز!..
+