اخر الروايات

رواية عشق خالي من الدسم الفصل التاسع وعشرون 29 بقلم فاطمة سلطان

رواية عشق خالي من الدسم الفصل التاسع وعشرون 29 بقلم فاطمة سلطان




الفصل التاسع والعشرون 29 

بقلم فاطمة سلطان





اذكروا الله 

_____________ 



   (أمسينا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد وملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين) 



رواه أحمد.   

_____



من قال لك إن الحب الحقيقي الصادق الخالد لا وجود له في الدنيا؟ ألا فليُقطع لسان الكاذب اللئيم! ‏اتبعني أنا فقط، وسوف أريك حبّا كهذا. 



- ميخائيل بولغاكوف



____



"ينفتِحُ قَلبُ ٱلمَرأة على مِصراعَيه أمام رَجُلٍ يلتقِطُ من بين حديثِها ٱلطَّويلِ شَيئاً صَغيراً عابِراً، ذَكرَتْهُ - هِيَ - مرَّةً دونَ ٱهتِمام، و يصنعُ لها مِنهُ لحظةً خاصَّةً جِدّاً."



#مقتبسة 

_________



- ايكش نخلص وتنزل تشوف الشارع بدل ما من ساعة ما طحنوك وانتَ قاعد في البيت سايبني أنا اللي أدير الشغل 



قالتها أشجان بسخرية وحدة فهي تستعد للذهاب الي العمل أو لمقابلة متولي بمعني أصح، فهتف عمر بغضب ونبرة متألمة كونه يرفض الهبوط بعد ذلك الموقف شهر ونصف يجلس في المنزل يخشي مقابلة أحدهم فبُعثرت كرامته 



- اتلمي يا أشجان بقا 



- اتلميت يا حبيبي 



قالتها بسخرية وهي تغلق سحاب عبائتها 



- وبعدين بقا في واحدة تسيب جوزها في المستشفي وتمشي يا ...



كاد أن يستكمل حديثه فقاطعته بضحكتها الساخرة قائلة 



- أه جوزي سلامات يا جوزي الموضوع عده عليه شهر وبعدين أقعد أعملك أيه يلي مرة علمت عليك وسط الشارع كله هي وعمها وجوزها جه مخلاش فيك حتة سليمة ولا حته ليك رد فعل الواد ماشي برنس لا وكمان خوفت تعمله محضر مع أنه يتسجن فيها ... ده لبسك الطرحة يا عمر 



احتقن وجه عمر وتجمدت ملامحه بغصب شديد كلما يتذكر ما فعله مروان فأستكملت أشجان حديثها القاسي علي مسمعه غير عابئة بما ينتابه 




- أسكت أحسن علشان مفتحش فيك اللي مصبرني علي اللي حصلك ده أننا خلصنا من كريمة وقرفها 



____ 



فتحت عيناها ببطئ شديد لتجد نفسها نائمة في أحضانه أبتسمت بهدوء فوجوده بجانبها حتي لو هناك كارثة تعتقد أنها ستكون في أفضل حال علي الأطلاق مادامت معه كان البارحة حُلم جميل، كان الشوق حليفهم وكأنه يتملك منها للمرة الأولي بعد



كان الشوق يقتلهما كما قتلهم الحزن والكبرياء فكلا منهما كان ينتظر الآخر بأن يتقدم لخطوة واحدة 




فتحت عيناها وأغلقتها مرة أخري بكسل شديد، ولكن فتحتها علي وسعها حينما رأت باب الغرفة مفتوحًا فلم يكن كذلك ليلة أمس هكذا فابتعدت عنه وكادت أن تنهض ليأتي لها صوته الناعس قائلا



- محدش هنا مشيوا ... انا فوقت من شوية ولقيتها مش هنا وأتصلت بيها مرضتش أضغط عليها باين أنها محرجة مني وقولت لما انتِ تصحي تكلميها بنفسك ونكون أتكلمنا مع بعض شوية 




تنهدت تسنيم بانزعاج شديد لذهاب والدتها، فلا تعلم أن والدتها قد رأت ميدالية مفاتيح مروان ورُبما محفظته في الخارج فعلمت بوجوده هنا فتركتهم علي راحتهم، هتف مروان مقاطعًا صمتها الذي يؤكد له أن هناك اشياء تخفيها خلفه وتدور في عقلها 



- مالك يا تسنيم بتفكري في أيه 



-  انتَ عرفت منين اللي حصل يا مروان 



قالت تسنيم كلماتها تدرك بأن السؤال تأخر وقته ولكن عليها أن تسأله، رفعت رأسها لتنظر له، فليلة أمس بثها مروان من أشواقه دون الحديث في أي شيء فقط يريد أن يهدأ قلبه الثائر والغاضب عليها لتصرفاتها ورُبما ليس الغاضب فقط بل الخائف من أن يمسها أحدهما بسوء فما يصبره علي الضرر الذي أصابها في الماضي هو أنه لم يكن معها 



ولكن كيف بعدما أصبحت تمتلك عقله وقلبه وكل شيء به يمسها أحدهما بسوء، فهتف ممسكًا رأسها من الخلف وهو يدس أصابعه في خصلاتها هاتفًا بعتاب وكأن وقت العتاب الحقيقي قد أتي 




- لا مش هنبدأ مين اللي قالي يا تسنيم هنبدأ دماغك كانت فين ساعتها 



هتفت تسنيم بنبرة خافتة وحانقة 



- أنا أمي كانت محبوسة متنتظرش أني هقعد أحاسب علي تصرفاتي وأنا غلطت أه بس مكنتش في وعيي ولا كنت عارفة أني هلاقيه في وشي 



- مكالمة منك من أول لحظة عرفتي فيها بوضع أمك كنت خرجتها في نفس اليوم  انتِ عندية لو كنتي وافقتي أن سلوي تدفع الفلوس أنا كنت هديهم لسلوي  ولا أنك تقللي مني ومن نفسك ملكيش راجل علشان تعملي كده 



هتف بغضب وسُخط شديد حاول كتمه بقدر الإمكان ولكن يجب أن يعاتبها، ولكن كلماته ظهر بها غضبه رغمًا عن محاولاته في اخفاءه 



- أنا مش هقبل أن حد يصرف علي أمي لو حد كان هيخرج امي هو أنا أو حد ملزم بده 



- حد حد حد أيه انتِ لسه مش مستوعبة أني جوزك ومبقتش غريب لو مش أنا اللي ملزم اخرج أم مراتي  وأقف جنبها .. مخليش ولاد *** يكلموكي وله تتخانقي معاهم في الشارع .. مين ملزم أكتر مني علشان يحل الوضع يا تسنيم 



كانت تسنيم تري الغضب باديًا علي وجهه، فتلك النقطة حساسة لها بأن تستغله أو تطلب منه المساعدة والغيرة هي أسرع شيء قد يقوم بايقاظ غضبه، لا تستطع تخيل البراكين المشتعلة بداخله أثر ما سمعه، هناك رجل قام بدفعها ولمسها وشد حجابها أشياء لا يستطع قلبه تحملها مما يدفعه لقتل عمر وكأن ما فعله لم يكن كافيًا أبدا به 



ورغم ذلك بمجرد مجيئة أراد إطفاء نيران قلبه ببعادها عنه ومعاناتها بدونه وكأن حُضنها شيء كان ينقصه؛ وقلبه كان يفتقد ملمسها وشفتيها، ونوبة عشقه وأشواقه سيطر قلبه العاشق علي عقله الغاضب، فهتفت تسنيم 



- مروان أنا مكنش ينفع أكلمك انتَ لأن.. 



قاطعها مروان بحده وهو يشير لها بيده ساخرًا من تفكيرها 



- والله ما تكملي علشان متشلنيش ... أنا مش واحد مرتبط بيكي يومين وهيسيبك علشان تتكسفي تحكيله مشكلة واقعة فيها .. أنا جوزك أنا راجلك وسندك أنا عيلتك يا تسنيم مش واحد تعرفيه من الشارع ... لو مطلبتيش مني أجي اساعدك والحقك هتتصلي بمين 



كانت كلماته اندفاعية وهو ينظر لها في عيناها مباشرًا، فأرتجفت وهبطت دموعها تلقائيا قائلة بنبرة هادئة وواهنة أصابته في مقتل 



- انتَ سندي وكل حاجة ليا وهقولك حاجة انتَ الوحيد اللي حسيته معاك بس الفترة اللي فاتت كفيل يخليني أحبك كل يوم حتي لو مش معايا 



تنهدت تسنيم وابتلعت ريقها ثم هتفت 



-  انتَ غيرتني بس ده طبع فيا مش هحب أشوف نفسي تقيله ولا كنت هكلمك أطلب منك فلوس ولأني مش عايزة أبان في عينك واحدة بتسغلك، أقولك تعالي أقف جنبي هتيجي تعمل ايه لو مدفعتش هتقعد تسمع الشارع كله بيجيب في سيرة أمي 



أمسك فكها بين راحة يده قائلا وهو يجز علي أسنانه 



- لسه مش مدركة انتِ عندي أيه واللي ما بينا أيه، انا أتخانقت مع أبن *** ، مش مستوعب أن حد يتجرأ يعمل كده وانتِ اللي اديتي الفرصة لده .. صدقيني لو شيطاني خلاني أفكر ليوم أنك بتستغليني أرحم من أن حد يقرب منك 



- مكنش قصدي أعمل كده أقولهالك كام مرة أنا اسفة في حقك .. حقك اني مراتك .. بس أنا اندفعت علي حق أمي اللي خلت واحد زي ده يسجنها 



كانت تتحدث ببكاء شديد ثم هتفت صارخة ومنهارة تلك المرة لا تدري لما بالرغم من أن الحديث بينهما بدأ عتاب هادئ 



- كنت خايفة اقرب منك وأتجوزك يا مروان علشان مبقاش ضعيفة زيها ولا في يوم أوصل لدرجة أني اتخلي عن حاجة زي ما أتخلت هي عني  .. معرفتش أني أكرهها واكتر واحد السبب مكرهاش هو انتَ 

انتَ اللي خلتني اتوجع لو اللي بحبهم أتذوا 



أخذها في أحضانه بقوة شديدة مشددًا علي احتضانها وكأنه يدخلها الي ضلوعه يبث بها الأمان لدقائق طويلة وأرتخت أعصابها وأغلقت عيناها، وذهبت في النوم ليظل جالسًا بجانبها أخذًا أياها في أحضانه وكأنه يحميها من البشر أجمعين 



هي معشوقته التي لن يتحمل قلبه بأن ينظر لها شخص بنظرة قد تؤلمها بعد اليوم، هي كل شيء له ولم تفهم ذلك بعد 



_______ 



في المساء 



نهضت من الفراش حينما لم تجده بجانبها وأتصلت بوالدتها وتأكدت أنها بخير وتجلس مع أم اسماء وعند النوم ستذهب الي شقة العائلة فرفضت العودة فلتكون مع زوجها بحريتهما وإلا تقيدهما وأطمأنت كريمة حينما شعرت بتحسن الأمور بينها وبين زوجها. 



خرجت من الغرفة بعد أن انتهت من المكالمة وتوجهت الي المطبخ حينما سمعت صوته وهو يدندن كعادته ويبحث في الثلاجة عن شيء صالح أن يأكله فوجد الكثير من الأصناف والانواع ولاحظ استيقاظها فهتف وهو يعتدل في وقفته 



- مساء الخير  .. صح النوم 



ابتسمت تسنيم بهدوء شديد فاقتربت منه مُقبلة وجنتيه ليحاوط خصرها بدوره، ثواني أو دقيقة تقريبًا قد تاهت في بحر عيناه نظرات مليئة بالكثير من المشاعر والكلمات التي تعجز السنتهم علي قولها، فهتفت تسنيم بخفوت ونبرة عذبة وهي تعتذر منه  



- أسفة مرة تاني والله ما هتصرف تاني من دماغي متزعلش مني 



حاوطها بذراع واحد وذراعه الاخر رفعه ليمسح الدموع التي هبطت منها عنوة بأنامله برقة تتنافي مع أسلوبه عند الغضب، فهتف بمرح 



- مش هتتصرفي تاني طبعا علشان ساعتها هقتلك .. لازم تفهمي لما يكون عندي مشكلة أو انتِ عندك مشكلة في أي حاجة في الدنيا أحنا أكتر اتنين نساعد بعض 



أنهي كلماته بجدية وهو يتأمل عيناها التي تأسره دون جهد منها، فهتفت تسنيم 



- حاضر 



قالتها بنبرة هادئة فطبع قُبلة رقيقة علي جبهتها فهتفت تسنيم وهي لن تتجاهل ذلك القسم 



- هتأخد الفلوس أمته يا مروان 



- اهو مكملناش خمس دقايق وشغلتي دماغك تاني



قالها مروان بسخرية وهو يهز رأسه، فهتفت تسنيم بأصرار شديد متجاهلة سخريته ومرحه 



- مروان الموضوع مفيهوش نقاش فلوسك هتأخدها أنا مبهزرش 



- مش هاخدها 



قالها مروان ببساطة شديدة ؛ فصاحت تسنيم وهي تبتعد عن عنقه الذي كانت تحاوطه 



- لا هتاخدها يا مروان .. أنا عرفت أتصرف ومش هقبل تدفع مبلغ كبير زي ده لامي في حين أني معايا وعرفت أتصرف .. وأن انتَ معكش فلوس و.... 



قاطعها مروان بسخرية 



- هتذليني .. سرقتهم وجبتهم ليكي فيه 



أمسكت يده التي تحاوط خصرها لتبعدها عنها قائلة بحنق 



- هتاخدهم يا مروان الموضوع ده مفيهوش لا وأه هتاخدهم يعني هتاخدهم متصعبش الموضوع عليا 



- حطي فلوسك في البنك يا تسنيم وديعة تطلع فلوس أمك وأخواتك يصرفوا منها أنا مش هاخد منك جنية لو اتنططي كده قصادي وحكمتي رأيك مش هاخدهم برضو 



قال كلماته بهدوء لتكون بمثابه تحدي لها بل أنه أغضبها بالفعل فهتفت تسنيم بسُخط وقد احتدم غيظها 



- مروان كله كوم والموضوع ده كوم الفلوس هتاخدها يعني هتاخدها ملكش دعوة بأمي واخواتي 



- ناقص ترمي عليا اليمين لو ماخدهمش كمان 



قال مروان تلك الكلمات بسخرية لاذعة ثم هتف بنبرة هادئة مستكملًا حديثه 



- تسنيم مش هاخدهم والله العظيم .. خليهم معاكي انتِ 



- ايه اللي يغصبك تدفع مبلغ زي ده 



قالت تسنيم تلك الكلمات بملامح مبهمة وهي تعقد ساعديها فهتف مروان متصنع التفكير 



- يمكن لأنها أمك ؟!! 



أمي هي أمك ومتأكد لو أنا كنت مكانك أو واقع في ظرف أكيد مش هتبخلي عليا يا تسنيم أفهمي بقا أحنا واحد وأنا حلفت مش هاخد حاجة منك لو قلبتي قرد دي أقل حاجة ممكن أقدمها ليكي يا بقرة 



- أنا بقرة 



هز رأسه مؤكدًا وهو يخرج خارج المطبخ لتلحق به وهي مصممة علي رأيها وهو ليس بأقل منها في التصميم علي موقفه وبالنهاية كان مروان هو الفائز في فعل ما يريده فهذا أقل شيء من الممكن فعله فزواجهم به الكثير من النواقص لم تحصل عليها منه فهل هذا شيء يذكر؟!!!

____ 



في الصباح الباكر 



ذهب مروان الي الشقة القابعة في أحدي الاماكن العتيقة كمنازلها المليئة بالعروق والصدوع؛ فقد أخذ عنوان شقة جد تسنيم -والد والدتها- المتوفي منذ سنوات وقد أخذ العنوان من أمين وذهب في الصباح مباشرة دون أخبار تسنيم فقال لها بأنه ذاهب لرؤية المطعم والعاملين فكانت تسنيم لا تفهم كيف يقول بأنه لا يوجد معه نقود كافية لفتح ذلك الفرع وفي نفس الوقت قد دفع تلك الأموال لوالدتها ومستمر في تجهيز مطعمه وكلما تسأله يغير الموضوع 



دق الجرس وما هي إلا ثواني وفتحت له كريمة وتفاجأت من رؤيته ولكنها هتفت بترحاب جلي 



- اتفضل يا مروان يا ابني 



ابتسم مروان ثم هتف بخفوت 



- أنا جاي لوحدي أتكلم معاكي من غير ما تسنيم تعرف حاجة 



قال مروان تلك الكلمات ثم دلف الي الشقة وجلس علي الأريكة فهتفت كريمة بامتنان واحراج شديد واستغراب من الشيء الذي يريده منها 



- شكرا يا أبني علي اللي عملته معايا مش عارفة أقولك أيه 



قاطعها مروان قائلا برفق ونبرة مُهذبة 



- ده واجبي انتِ أم تسنيم مراتي .. أنا جاي أعرف انتِ ناوية ترجعي لل**** ده تاني 



أنهي كلماته الأخيرة والغضب يحتل ملامحه فهتفت كريمة برفض تام والاحراج يتملك منها 



- لا طبعا لو هموت ما أرجعله خلاص 



- حلو ده .. المهم لازم تعرفي أن تسنيم بنتك الكبيرة كل اللي حصل زمان خلاص راح المهم اللي جاي أنا مش عايز أشوف تسنيم زعلانة تاني .. وأكيد الظرف اللي حصل ده لو كان في حد لسه زعلان من حد فعرف قيمته .. أنا أبنك ولو عوزتي أي حاجة قوليلي وسيبك من تسنيم 



- ربنا يبارك فيك يا ابني تسلم البطن اللي خلفتك وربتك وخلتك راجل كده .. أوعدك يا ابني أني لاخر يوم في عمري هحاول أعوض تسنيم عن كل حاجة عملتها 



قالت كريمة تلك الكلمات والاسف والاحراج حليفها فقد هبطت دموعها فعلي ما يبدو هذا الشاب بمثابة تعويض لابنتها علي ما اقترفته في حقها، يا ليت الزمن يعود بها مرة أخري لم تكن لتفعل ذلك ولكن ما الفائدة لن يعود شيء ولكن المستقبل وحده من تستطيع التكفير عن خطئها 

______ 



في المساء 



كانت تجلس بجانبه علي الأريكة ويشاهدوا التلفاز، ولكن قاطعهم رنين هاتف مروان مكالمة من والده، فأخذ يتحدث معه، فكان والده يحثه علي العودة الي المنصورة، لحضور زفاف أحمد أو بالاصح ليس حفل زفاف بل سيكون أخذ الصور الفوتغرافية والذهاب الي شقتهم وحينما أغلق هتف مروان بعد أن انطلقت منه ضحكات خافته 



- لتاني مرة رايحين علشان فرح أحمد وهنادي 



ابتسمت تسنيم بخفوت شديد، فهتفت بنبرة هادئة 



- وبرضو في نفس الشقة الاختلاف أن اللي اتكلم في التليفون أبوك مش انتَ .. تصدق من سابع المستحيلات أني كنت اتخيل أني سواء هكمل معاك او لا أننا نعيش في الشقة دي في الآخر 



قالت تسنيم كلماتها وكأن معرفتها به وكل ما حدث معهما، يمر أمام عيناها أخذها مروان في أحضانه مُقبلا جبهتها بحنو شديد قائلا 



- ولا أنا والله بس يعدي سنة وله حاجة أو لما يبقي معايا فلوس نبقي نغير المكان ... 



قاطعته تسنيم 



- لا مش هنجيب هنفضل هنا أنا حبيتها تصدق رغم أني كنت مقضية أوحش ٣ شهور في حياتي هنا بس دلوقتي أنا حاسة أني مبسوطة جدا فيعا 



قالت تسنيم تلك الكلمات وهي تنظر له بحب وكأن عيناها كفيلة بأن تعلن عن مدي عشقها له متيقنة بأن لا يتواجد أمرأة في علي الكوكب أحبته أكثر منها، فهتف مروان وهو يغمز بعينه بخبث شديد 



- لا لا متقوليش علشان بقيت معاكي حبتيها 



- للأسف دي حقيقة لا يمكن أنكارها 



قالتها بمرح شديد فنهض من مكانه مائلا عليها تحت أستغرابها واضعًا يده خلف ظهرها واليد الآخري أسفل ركبتيها حاملًا أباها فصاحت تسنيم به 



- انتَ بتعمل أيه 



- رايح أتاكد من الحقائق كلها شدي حيلك معايا 



قال مروان تلك الكلمات وهو متوجهًا الي غرفة النوم تحت ضحكاتها التي لم تكتشفها جيدًا سوي معه فمتي ضحكت من قلبها إلا معه، ليقضوا ليلة من تلك الليالي التي تنسي وتمسح من ذاكرتهما كل ألم وكل شيء قد مروا به، فيتذوق كلاهما معني أن تجد روح ونفس تأنس بها وتشعر بذاتك في قُربها فقط 

_______ 



بعد مرور عدة أيام 



وصل مروان وتسنيم إلي المنصورة، في المساء كعادتهما فمروان يحب السفر أثناء الليل، فتح باب المنزل بأحدي المفاتيح الموجودة في ميداليته فهتف مروان حينما وجد الجميع يجلس علي السفرة فعلي ما يبدو يستعدوا لطعام العشاء 



- والله ما انتم متحركين أحنا جينا في وقتنا 



فهتف محسن بفرحة لرؤيتهما والسعادة تغمرهما فتستطيع أن تري ابتسامتها النابعة من قلبهما حينما دلفا



-  هو انتَ مش معروفلك أمته بتيجي وأمته بتمشي 



- عشان اوحشكم يا بابا 



قال مروان تلك الكلمات بمرح مقتربًا من والده مقبلًا رأسه وكذلك والدته و صافح أحمد وبارك له، بينما رباب لم ينسي (القفا) التي تعرفه جيدًا فهتفت رباب بنبرة مرحة 



- شوف مهما يعمل محبش إلا هو حبيبي حبيبي 



تعالت ضحكات الجميع لتنهض مريم لتجلب أطباق لهما فظل محسن يراقب تسنيم ومروان وتلك البسمة الجديدة التي حلت عليهما وأخذت تسنيم تصافحهما ورحبوا بها فهي منذ أن ذهبت الي الإسكندرية لم تأتي مرة أخري، كان أي شخص يستطيع رؤية نظراتهم لبعضهما وابتسامتهم النابعة من الداخل فهناك تغيير واضح كوضوح الشمس 



فذهب بعقله الي حديثه معها منذ أشهر 



<<فلاش باك>> 



- علشان تعرفي أن تصرفاتي كوني اب حكمت عليا افكر في عيالي قبل اي حاجة  



- بابا مات وانا صغيرة جدا وماما اتجوزت بعده تعرف ده ؟؟ 



أردف محسن قائلا بتلقائية فهو يعرف كل شيء عنها تقريبًا من قبل حتي رؤيتها .. 



- عارف 



أردفت تسنيم قائلة بحيرة فهي لا تعلم هل لديه حق في ذلك أم لا 



-  مجربتش فكرة خوف حد علي مصلحتي زي ما بتتكلم ولا جربت أكون مكانك علشان افهمك واقدر تصرفاتك صح وله لا، فهمت المغزي انتَ عايز تكلمني في موضوع الخلفة  



أردف محسن قائلا بعدم إكتراث 



- لا مش ده اللي عايز اقوله .. اللي عايز اقوله هو انتِ مستغربة يمكن أنا ليه مكلمتكيش في موضوع الخلفة كتير 



نظرت له تسنيم باستغراب من جراءته وأحاديثه التي ترعبها بالفعل، فهتفت تسنيم بصدق وجراءة أيضًا 



- ايوة اللي اعرفه أنك ساعة ملك مكنتش صابر يعني وبتلح 



- هو أنا هلح علي اتنين مش متجوزين أصلا أنهم مخلفوش ليه وعمالين يمثلوا علينا 



قالها محسن بمرح وهو يحتسي قهوته لتشعر بالخجل الشديد منه فكانت تظن أن زوجته من قالت له بالطبع ليستكمل محسن حديثه وكأنه يقرأ أفكارها 



- أي ناس معدية في الشارع تقدر تفهم ده .. ومحدش هيفهم عيالي أكتر مني .. عايزة تكملي مع مروان تبقي انتِ الكسبانة مش بقول كده علشان هو أبني لا أنا ربيت رجالة قليل لما تلاقيهم وبيحبوا بجد ولا فيهم حد بيدخن ولا حد قليل الأدب طول عمرهم متربين علي أنهم يحترموا الناس كلها ويحترموا أمهم واختهم ويحترموا اللي هيتجوزوهم 



- دي حقيقة انتَ فعلا ربيت رجالة 



قالتها تسنيم بتأكيد علي حديثه سواء كان مروان أو اشقاءه رأت بهم الأخلاق التي ظنت أنها قد فنت 



- الا صحيح بقا انتم اتخانقتم ليه مروان ساب البيت 



<<باك>> 



عاد محسن الي أرض الواقع ليراقب الانسجام البادي عليهما، وكأنهم قد انقلبوا مئة وثمانون درجة متأكدًا بأنهما قد وجدوا ضالتهم وراحتهما. 

______ 



بعد مرور أسبوعين 



صعدا الي غرفتهما بعد حفل زفاف شقيقه أحمد، كانت خلعت حذاءها بألم شديد في قدمها يا ليتها لم ترتدي ذلك الكعب 



فهتفت بخفوت حينما وجدته قد حاوط خصرها من الخلف قائلا بمرح بعدما أغلق الباب



- مش عارف ليه بحس أن أي فرح بنحضره قرفته حلوة كده علينا 



ابتسمت علي مرحه ودعابته وقد فهمت مقصده فورًا، لم يعجبه مروان وجومها فهو يشعر أن بها شيئا ما وأدركه علي الفور 



أدارها لتصبح في مواجهته ولا تحرمه من رؤية عيناها 



- خالتي بامبا مالك 



- ماليش يا مروان أنا كويسة 



قالت تسنيم تلك الكلمات بهدوء شديد مبتسمة في وجهه فهتف مروان بتخمين 



- بصي أنا الصراحة كنت ناوي أقل أدبي بس مبدهاش بقا 



- مش فهماك قصدك أيه 



- في قلة الادب وله التانية 



دفعته بخفة عنها وكانت علي وشك الذهاب الي المرحاض قائلة بعد ان أخذت ملابسها لتبدل فستانها وأزاله مساحيق التجميل الموجودة علي وجهها 



- مفيش فايدة فيك أبدا 



- يا بت استني رايحة فين هقولك كلمة 



قالها وهو يحاصرها بينه وبين الخزانة فهتفت وهي تضيق عيناها بشك 



- هتقول أيه انتَ .. أنا مبقلقش الا من كلامك انتَ 



داعب أنفها بمرح شديد قائلا بخفوت ونبرة هامسه



- النية عندك مش سالكة ولا هتسلك أبدا بس خليني أنا أحسن منك 



قال تلك الكلمات وهو يمد يده ويفتح خزانة الدولاب وأخرج منها جوازات السفر وبعض الأوراق مبتعدًا عنها ومتوجهًا إلي الفراش وجلس عليه لتضيق عيناها مقتربة منه 



- أيه اللي انتَ ماسكة ده 



أمسك يدها بعد أن قام بترك الاوراق، مُقبلًا كل يد منهما تحت دهشتها فتحدث بنبرة عذبة وخافتة 



- تسنيم .. مضايقة علشان الفرح 



كادت أن تقاطعه فنظر لها في عيناها بنظرة فهمتها جيدًا ليستكمل حديثه قائلا برفق



-  اسكتي أنا بس اللي هتكلم .. أنا عارف أن الموضوع يضايق أي بنت والا لو مكنتيش طبيعية بقا ومختلة عقليا وده شيء أنا متأكد منه 



قال كلماته الاخيرة بمرح لن يتخلي عنه لتنطلق ضحكاتها فأبتلع ريقه مستكملًا حديثه 



- يمكن جوازنا مكنش طبيعي .. ولا كان في حاجة محسوبة ولا حاجة اخترناها .. دلوقتي هنطلع عمرة أنا وأنتِ تعويضًا مني علي أني مختكيش من بيت أهلك بفستانك وطرحتك 



نظرت له تسنيم بعدم استيعاب ترقرقت الدموع في عيناها فهتفت بوهن



- مروان انتَ بتتكلم بجد 



- أه بجد .. وهنسافر نعمل العمرة وليكي في ذمتي عمرة تانية هتكون لباباكي مش انتِ بتقولي كان زمان نفسه يطلع أوي وبتحلمي بيها كتير ونفسك تعملي عمره ليه فليكي واحدة غير دي في ذمتي



قال مروان تلك الكلمات وهو ينظر لها ومازال علي وضعيته جالسًا علي طرف الفراش وهي تقف أمامه، فتذكر حينما سألها عن جواز سفرها وأخبرته بأنها فعلته مع أصدقائها دون سبب فذهبت مع ميرنا الذي كانت علي وشك السفر ووجدت بأنها تفعله لعلها يومًا تذهب الي الخارج 



احتضنته بعمق شديد وسيطرت عليها نوبة من البكاء غير طبيعية أختلطت بابتسامتها لا تدري هل كانت انسانه جيدة ليرزقها الله به جعلها تجلس بجانبه وظلت متشبسة به محتضنه أياه فهتف مروان بحنق



- هتفضلي تعيطي كده ههزقك .. أنا مش عايزك إلا أنك تفرحي .. انتِ تعرفي أني عمري ما فكرت في فكرة أني أسافر عمرة أو حجة الا بسببك 



- انتَ مش طبيعي بس بحبك 



قالت تسنيم تلك الكلمات بعدم ترتيب وتلعثم وتحدثت من وسط بكائها فقهقه مروان علي طريقتها التلقائية والعشوائية، فهتف مروان 



- ما تورينا بتحبيني أزاي كده 



رفعت رأسها يقوم بمسح دموعها هاتفًا 



- يلا بقا حبيني قبل ما أتوب ونسافر وأن شاء الله هرجع ولا نبص علي اكسات ولا لارجات نتقي الله بقا



حاوطت عنقه بعشق دفين لا تستطيع حتي رد ما يفعله معها، فهتفت بحب 



- أنتَ أحلي حاجة حصلت في حياتي يا مروان 



ابتسم لها فأستكملت تسنيم حديثها قائلة



- هو انتَ عملت كل ده أمته واخدت جواز السفر بتاعي أزاي من غير ما أحس 



هتف مروان بخبث ومكر شديد 



- أصل أيدي خفيفة ميتحاسش بيها كان جوايا مشروع صيدلي أو حرامي كده بس مكملتش بقا



بادلها حضنها الذي كفيل بأن يجعله يشعر بأنه يمتلك الدنيا بين أحضانه فهتفت وهي مازالت تحتضنه 



- مش عارفة أعمل أيه علشان أسعدك يا مروان 



- أخاف اقول لسمح اللي تفتكري أني قليل الأدب 



قال مروان تلك الكلمات بمرح  وكانت علي وشك عض عنقه فأبعدها قائلا 



- يا بت أهمدي بلاش فرهطة علي الفاضي .. عايزك تكوني بتضحكي اللي جاي أحلي بكتير من اللي فات 



هتفت تسنيم ولأول مرة تتفوه بمثل تلك الكلمات أو تتحدث في موضوع الخلفة عموما 



-  مروان أنا عايزة أخلف ولد شبهك مستفز شوية بس عسل



ابتسم لكلماتها فهل هو لا يريد بل يتتوق لذلك ويتمناها من قلبه فهتف بنبرة مرحة 



- ما نشوف العسل الكبير اللي هيجيب الصغير يا بقرة نروق الكبير الاول وبعدين أنا مستفز يا شيخة اتقي الله مش هرد عليكي انا قررت أتوب 



- بحبك برضو بكل حاجة فيك انتَ أحلي راجل في الدنيا 



- لا لا الوضع ده ميتسكتش عليه أبدا 



قال مروان تلك الكلمات قبل أن يلثم شفتيها مُقبلا أياها

بحب وعشق لم تتذوقه بعد



مبادلة أياه عشقه وشغفه أضعاف أضعاف كلًا منهما يعطي للآخر مشاعر تكفي لدهور 



___



توضيحات بسيطة



١. الفلاش يعود للفصل الثاني عشر حواره مكنش اكتمل للي نسي 🙈💜



٢. مروان كان دافع مهر ودافع كل حاجة وجايب شقة ايجار وكل حاجة زي عفش البيت علشان في ناس فاكرة أنه معملش ده 



اللي ناقص بس الفرح هو اللي مكنش أتعم




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close